5 أسباب أساسية تمنع عمل المرأة قاضية
آخر تحديث: الثلاثاء 28 يونيو 2011 2:12 م بتوقيت القاهرة
تعليقات: 15 شارك بتعليقك محمد بصل -
المنظمات الحقوقية تتظاهر أمام مجلس الدولة احتجاجاً علي القرار
تصوير: محمد حسن
Share68 اطبع الصفحة
حصلت «الشروق» على وثيقة فرض عليها مجلس الدولة سياجا قويا من السرية منذ شهر يوليو من العام الماضى وهى الوثيقة التى أدت إلى إلغاء فكرة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، وحسمت صراعا طويلا امتد لنحو 6 أشهر بين قضاة المجلس من جهة ونشطاء المجتمع المدنى من جهة أخرى حول صلاحية النساء للتعيين فى سلك القضاء الإدارى.
هذه الوثيقة هى تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة طبقا لقرار المجلس الخاص، أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة، لدراسة مسألة تعيين الإناث من دفعتى 2008 و2009 بدرجة مندوب مساعد بمجلس الدولة.
ترأس هذه اللجنة الثلاثية المستشار عادل فرغلى، الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإدارى، بعضوية المستشارين د.محمد عطية، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، وكمال اللمعى، رئيس محاكم القضاء الإدارى، ورفعت اللجنة تقريرها إلى المستشار محمد الحسينى، رئيس مجلس الدولة السابق، موصية بتأجيل النظر فى تعيين الإناث حتى تتحقق عدة شروط، وإلغاء إعلان قبول خريجات دفعتى 2008 و2009، وإعادة الإعلان عن قبول أوراق الخريجين الذكور فقط من الدفعتين.
أشار التقرير فى البداية إلى أن التجربة السابقة لتعيين المرأة فى القضاء العادى غير مرضية بناء على أقوال قاضية قررت أن «التجربة فاشلة ولا يمكن تعيين المرأة إلاّ فى النيابة الإدارية، ويكفى أن 4 قاضيات قد فشلن فى حياتهن الزوجية وانفصلن عن أزواجهن».
وذكرت اللجنة أن العمل فى مجلس الدولة محاط بمجموعة من القواعد والمبادئ التى باتت قيما لا يجوز التنازل عنها باعتبارها السياج المنيع لضمانات الحق والعدل بين المواطنين من ناحية، وتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين قضاة المجلس والارتفاع بهم عن مواقع الشك والشبهات من ناحية أخرى، وهذه القواعد هى:
● عدم توطين القاضى فى دائرة أو إقليم فترة زمنية طويلة والحرص على انتظام نقله بصفة دورية من موقع لآخر بما يعرف بتغريب القضاة.
● منع القاضى من الفصل فى المنازعات الخاصة بأبناء دائرته أو الإقليم الذى يقيم فيه ابتعادا به عن الحرج.
● الالتزام بنقل كل من يرقى إلى وظيفة مستشار مساعد إلى الأقاليم النائية والمحافظات لنقل الخدمات الاستشارية للجهات الحكومية بالمحافظات، وهو النظام المعروف بـ«مفوض الدولة» الذى يتحول من خلاله القاضى إلى «مجلس دولة متنقل» يقوم بجميع الخدمات والأعمال الاستشارية التى يقدمها المجلس للحكومة، فيتولى البت فى التظلمات من القرارات الإدارية، وإبداء الرأى فيما يطلبه منه محافظ الإقليم، ويحضر لجان البت فى العقود، ويتم توزيع القضاة على المحافظات بناء على معيار الأقدمية بشكل صارم طبقا لكشوف الترقية.
● التزام قضاة كل دائرة بمحاكم المجلس بالضمانات الأساسية الواردة فى قانون المرافعات، وأهمها أن يكون الأعضاء الذين سمعوا المرافعة هم من حضروا المداولة ويوقعون على مسودة الحكم، لتلافى أوجه البطلان.
● الوحدة الزمنية للعمل بمحاكم المجلس هى الأسبوع، وليس الشهر كما فى القضاء العادى، وفى كل أسبوع تعقد كل دائرة جلسة أو جلستين، بالإضافة إلى جلسة أسبوعية أخرى للتداول «يتحرر فيها القضاة من كل القيود الشكلية فيتخففون من ملابسهم ويصبحون أسرة واحدة تخلو إلى نفسها بغير رقيب عليها إلاّ الله، وينخرطون فى مناقشات عصيبة ليقرعوا الحجة بالحجة حتى يتقصد الحق».
وتشير اللجنة إلى أن هذه المبادئ الخمسة «تؤكد استحالة أن يرتب القاضى أوقات عمله ويحصرها، فكل قضية تفرض نفسها على قاضيها وتتسلط عليه حتى يتلبس بها ويعانى شخوصها ويستعيد فى ذهنه أفكارهم وأقوالهم ومستنداتهم، ولا ينفك هذا التسلط حتى تتم صياغة حيثيات الحكم»، كما تؤكد أن «القاضى يحرص دائما على حضور الجلسات المخصصة لدائرته مهما كانت الأسباب ومهما بلغ به المرض، لعلمه بما قد يترتب على غيابه من ضرورة إعادة الإجراءات».
وبسبب نظام تغريب القضاة يجب عليهم أن يتحملوا بصدر رحب كل الصعوبات ويتجاوزوا العقبات، فلا يجد القاضى حرجا أن يبيت مع أقرانه فى استراحات متهالكة ينام فيها أكثر من قاضٍ على سرير واحد.
ويكشف التقرير عن أن اللجنة أجرت استطلاعا لآراء عينة قوامها 310 سيدات من القاهرة الكبرى والإسكندرية حول قبولهن تعيين المرأة قاضية فى ظل ظروف مجلس الدولة، فاعترضت 254 سيدة مقابل موافقة 56 فقط، بل إن بعض الإعلاميات أكدن للجنة رفضهن لتولى المرأة مناصب قضائية رغم تصريحهن فى العلن بالعكس.
وبعد بيان هذه الظروف، تساءل التقرير: هل تستطيع المرأة إذا التحقت بالمجلس أن تقوم بالتزاماتها دون تفريط فى هذه المبادئ الخمسة، ودون أن يترتب على وجودها مع الرجل إخلال بالمساواة التامة فى العمل، دون تمييز لصالحها؟
وأكد التقرير أن طبيعة العمل تقتضى عدم تعيين المرأة قاضية فى محل إقامتها ونقلها دوريا من إقليم لآخر، وسوف يؤدى هذا حتما ــ وهى زوجة وأم ــ إلى عدم الامتثال بهذه القواعد ومحاولة الزيغ منها بكل الوسائل الاحتيالية الممكنة، بما لا يتفق مع أخلاق القضاة، ولعلها ستلتمس لنفسها الأعذار، لأن الرجل يمكنه الارتحال بأسرته إلى مقر عمله، لكن المرأة لا تستطيع ذلك، ومن ثم ستتوسل بكل الوسائل الممكنة والأعذار للتخلص أو التخفف من حمل العمل الثقيل، ومن الطبيعى أن يستجيب زملاؤها ورؤساؤها لها فيحاولون بعيدا عن الأنظار تخفيف أعباء عملها وانتقالها، وبذلك تبدأ مبادئ العمل فى الانهيار واحدا تلو الآخر.
وأوضح التقرير أن نظام «مفوض الدولة» بالمحافظات لا يناسب الأمهات لأنهن قد يضطررن لحمل أطفالهن الرضع إلى المحافظة التى تمثل مجلس الدولة فيها لمدد طويلة متتابعة تمتد لنحو الشهر، وإذا استطاعت أن تتحمل هذه المشاق، فلا توجد أى استراحات مستعدة لاستقبال قاضيات وأطفالهن حاليا، بل سيقتضى الأمر أن يجهز المجلس جناحا فى فندق فاخر للقاضية، مع التسليم باستحالة مشاركة القاضية زميلها الرجل فى الاستراحات أو المساكن المتواضعة بالمحافظات.
ثم تطرق التقرير إلى مسألة «النقاب» فأفرد لها قسما كبيرا من الدراسة، مؤكدا أن احتمال ارتداء المرأة القاضية للنقاب يزيد من احتمالات امتناعها عن مشاركة زملائها الرجال المداولة فى الغرف المغلقة، مشيرا إلى أن المنتقبات بتن يمثلن 18% من النساء المصريات بزيادة 16% على أواخر الثمانينيات، وأن المرأة قد تلتحق بمجلس الدولة وهى سافرة ثم تنتقب ولا تستطيع الإدارة القضائية أن تمنعها أو تفصلها، وأن ارتداء القاضية للنقاب يخل بمبدأ ضرورة تعرف المتقاضى على قاضيه الطبيعى، فإذا رفضت بطل الحكم.
وتساءل التقرير: «إلى أى مدى تستطيع المنتقبة التداخل مع زملائها فى نقاش صاخب أثناء المداولة؟ وإلى أى مدى تستطيع أن تمضى ساعات طويلة فى غرفة مغلقة يتخفف فيها زملاؤها من بعض ملابسهم ويخلعون أحذيتهم ويتناولون الطعام كأسرة واحدة؟ وهل يمكن اعتبار المرأة المنتقبة محايدة وموضوعية بالدرجة التى تنبغى للقاضى الإدارى؟»
وأوصى التقرير منظمات المجتمع المدنى ببحث ظاهرة النقاب وانتشارها وإقناع المرأة بالوسائل السلمية إلى الإقلاع عنه ومناقشته كقيمة دخيلة على المجتمع المصرى لا يمت للإسلام بصلة.
كما أوصى التقرير بتطوير الاستراحات الخاصة بمجلس الدولة بالمحافظات، لأنها فى حالة يتعذر معها استضافة رجال القضاء، فمعظمها وحدات سكنية فى المساكن الشعبية المؤجرة أو المخصصة للمجلس، وكذلك من بعض مبان قديمة تم الاستغناء عنها.
ساحة النقاش