المرأة المصرية الثائرة منذ ١٩١٩

  كتب   هبة شورى    ٢٩/ ٤/ ٢٠١١
 
مشهد من ثورة 1919

خَرَجَ الغوانى يحتججـن ورحت أرقب جمعهن.. فإذا بهن تخذن من سود الثياب شعارهن.. وأخذن يجتزن الطريقَ، ودار سعد قصدهن.. يمشين فى كنف الوقار وقد أبَنَّ شعورهن.. وإذا بجيش مقبل والخيلُ مطلقة الأعنة.. وإذا الجنود سيوفُها قد صُوّبتْ لنحورهن.

هذه الأبيات كتبها حافظ إبراهيم، شاعر النيل، فى منتصف شهر مارس ١٩١٩، يصف فيها دور المرأة المصرية فى ثورة ١٩١٩، حين تصدرت هدى هانم شعراوى، (زوجة على شعراوى باشا، ثالث الثلاثة الذين قابلوا المندوب السامى، مطالبين باستقلال وطنهم)، مظاهرة نسائية فى صباح العشرين من مارس، فى سياق الاحتجاج على اعتقال سعد زغلول باشا ومحمد محمود باشا وحمد الباسل باشا وإسماعيل صدقى باشا، ونفيهم إلى جزيرة مالطة.

كانت هذه المظاهرة هى الأولى التى سرعان ما لحقتها غيرها من مظاهرات نسائية، انتقلت عدواها من الطبقة الأرستقراطية إلى شرائح الطبقة الوسطى، ومنها إلى نساء الطبقة العاملة، التى سقط منهن شهيدات فى ثورة ١٩١٩.

بحسب رواية عبدالرحمن الرافعى، خرجت السيدات والآنسات فى مظاهرات حاشدة تعبيراً عن الاحتجاج على ما أصاب الأبرياء من القتل والتنكيل فى المظاهرات السابقة.

ووصف «الرافعى» مشهد المظاهرة النسائية قائلا: «خرجت المتظاهرات فى حشمة ووقار، وعددهن يربو على الثلاثمائة من كرام العائلات، وأعددن احتجاجاً مكتوباً ليقدمنه إلى معتمدى الدول، طالبن فيه بإبلاغ احتجاجهن على الأعمال الوحشية، التى قوبلت بها الأمة المصرية، ولكن الجنود الإنجليز لم يمكِّنوا موكبهن من العبور، فحين وصلت المتظاهرات إلى شارع سعد زغلول (ضريح سعد زغلول حالياً)، قاصدات بيت الأمة ضربوا نطاقا حولهن ومنعوهن من السير، وسددوا حرابهم إلى صدورهن، وبقين هكذا مدة ساعتين تحت وهج الشمس الحارقة، بل تقدمت هدى شعراوى وهى تحمل العلم المصرى إلى جندى، وقالت له بالإنجليزية «نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك إلى صدرى لتجعلنى مس كافيل أخرى»، فخجل الجندى، وتنحى للسيدات عن الطريق وجعلهن يعبرن.. و«مس كافيل» ممرضة إنجليزية، أسرها الألمان فى الحرب العالمية الأولى وأعدموها رمياً بالرصاص، وكان لمقتلها ضجة كبيرة فى العالم.
ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع فى ثورة ١٩١٩، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتين «حميدة خليل» و«شفيقة محمد». وفى عام ١٩٢٠ تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعرواى رئيساً لها.

ومن الأسماء التى وقّعت على أول بيان احتجاجى نسائى- بحسب ما ذكره «الرافعى» فى كتابه عن ثورة ١٩١٩- وفضلن الانتساب إلى الزوج أو الأب «الآنسة كريمة محمود سامى البارودى»، ابنة محمود سامى البارودى، باستثناء هدى شعراوى التى آثرت أن تذكر اسمها مقروناً بـ«حرم على شعراوى». أما صفية زغلول فوقعت باسم «حرم سعد زغلول باشا»، وكذلك «حرم قاسم أمين» و«جولييت صليب».

ويذكر لمعى المطيعى- فى بحثه الذى عنونه بـ«رؤية نقدية لشخصيات ثورة ١٩١٩»- أن السيدة صفية زغلول واحدة من أبرز الشخصيات، التى أسهمت إسهاماً عظيماً فى إشعال جذوة الثورة، فقد شاركت فى تكوين هيئة وفدية من النساء عام ١٩١٩، بهدف تحقيق المطالب القومية للمرأة المصرية. وفى ١٣ ديسمبر من نفس العام اجتمع عدد كبير من نساء مصر فى الكاتدرائية المرقصية، وقدمن احتجاجاً شديد اللهجة على ما يجرى من سلطات الاحتلال.

 وفى ٩ مارس ١٩٢٠ اجتمعت السيدات فى منزل سعد زغلول، وألهبت «أم المصريين»، صفية زغلول، حماسة السيدات، وأكدن مطالبهن القومية، التى كان على رأسها تعليم المرأة حتى مرحلة الجامعة، والسماح لها بالانخراط فى العمل السياسى، وتكوين الأحزاب، والإسهام فى دفع عملية التنمية والإصلاح.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 258 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,597,725