خذوا الدرس من اليابان!

  بقلم   سليمان جودة    ٢٧/ ٤/ ٢٠١١

الذين يتوقفون أمام محطة «C.N.N» التليفزيونية الأمريكية، لابد أنهم سوف يلاحظون أنها تعرض هذه الأيام شيئاً يدعو إلى الدهشة والإعجاب!

فما نعرفه، ويعرفه العالم كله، أن اليابان، كانت قد تعرضت لعاصفة من الـ«تسونامى» قبل نحو شهر، أو أكثر قليلاً، وأنه قد ترك وراءه ما يقرب من ٢٠ ألف قتيل، وما نعرفه أيضاً، أن الزلزال الذى صاحب هذا الـ«تسونامى» قد تسبب فى خسائر جعلت العالم يحبس أنفاسه وهو يتابع أحجامها المروعة!

وقتها، أى وقت الزلزال، مع عاصفة الـ«تسونامى»، بدا للذين كانوا يرقبون المشهد، من خارج اليابان، أن هذا البلد الذى يمثل الآن ثالث اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة والصين، قد عاد قروناً إلى الوراء، وأنه، بحجم الدمار الذى لحق به، ربما يتخلف اقتصادياً، كما لم يحدث له من قبل، وربما يسقط فى قاع لا ينهض منه إلا بعد سنين، ويكفى أن نعرف - على سبيل المثال - أن التقديرات المبدئية، لحجم الخسائر، كانت تصل إلى نحو ٥٠ مليار دولار، وأن إمبراطور اليابان، قد خرج من خلوته التعبدية الدائمة، ليرى حجم ما أصاب بلاده!

كانت مشاهد الدمار، على شاشات التليفزيون، أقرب ما تكون إلى أفلام الرعب، وكانت أمواج الـ«تسونامى»، وهى تجرف كل ما تقابله فى طريقها، أقرب إلى مشاهد يوم القيامة التى تتحدث عنها الكتب السماوية، وكان اليابانيون، وغيرهم، يقولون إن هذه أكبر كارثة تحل على البلاد، منذ تدمير مدينتى «هيروشيما» و«نجازاكى» بالقنبلة الذرية فى الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥.

باختصار، كان هذا كله، يرشح اقتصاد اليابان، بوصفه الثالث عالمياً، لأن يتأخر فى ترتيبه، ويتراجع فى ذيل قائمة اقتصادات الدول، ولم يكن أحد عندئذ، يمكن أن يلوم حكومة اليابان، أو أهل البلد، لأن ما حدث كان كارثة من صنع الطبيعة، ولم يكن لأحد منهم، يدٌ فيها، وكانت أمامهم فرصة، لأن يتخذوا مما جرى «شماعة» يعلقون عليها تخلف البلد، وتراجع ترتيب اقتصاده، وانحسار إنتاجيته عموماً!

غير أن القاموس اليابانى يبدو أنه يخلو من مثل هذه المعانى، والكلمات، والمصطلحات، ويبدو أيضاً أن هذا القاموس تتردد فيه كلمة «المعجزة» طويلاً وكثيراً.. وإلا.. فما معنى أن تعرض محطة «C.N.N» بين وقت وآخر، صوراً عن أن شركة «تويوتا» قد عادت إلى كامل إنتاجيتها، قبل الكارثة، وكذلك عادت معها شركة «نيسان» أيضاً، وكلتاهما، من أعمدة اقتصاد اليابان الراسخة!

ما معنى أن يفهم مشاهد المحطة أن إنتاجية الشركتين، التى كانت قد انخفضت مع الكارثة، إلى أقل من ٥٠٪ من معدلها الطبيعى، قد عادت إلى ١٠٠٪، خلال أقل من شهرين، وأن الشركتين تتعاملان، الآن، من حيث القدرة على الإنتاج، وكأن كارثة لم تقع، وكأن «تسونامى» لم يمر بهما، ولا ببلدهما، وكأن شيئاً لم يتعرض له البلد من أصله؟!

وإذا كان هناك شىء يخصنا فى هذا الموضوع، فهو أننا لا نطمح إلى أن تعود شركاتنا ومصانعنا إلى كامل إنتاجيتها، التى كانت عليها قبل ٢٥ يناير، وإنما نطمع فى ٥٠٪، فإذا تحققت هذه النسبة، غداً، وبسرعة، فسوف يكون من السهل أن يتحقق الباقى، وبالسرعة ذاتها، لأن ظروفنا لا تحتمل التأخر أكثر من هذا، على مستوى الاقتصاد، أو أى مستوى آخر، من الأمن، إلى الاستقرار النفسى، والمادى، إلى الهدوء بكل أنواعه.. إلى.. إلى.. إلى آخره!

خذوا الدرس من اليابان!

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 137 مشاهدة
نشرت فى 27 إبريل 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,739