الفساد.. والثوار الصامتون بقلم: د. جميل كمال جورجي دكتوراه في العلوم السياسية |
فيما يبدو انه بالفعل بعد تهدئة الأمور سوف نجد ان الكثير من هذه البلاغات التي يدفع بها البعض للنائب العام كما سبق وان أسلفنا سوف ترهق جهات التحقيق ويتضح انها في النهاية مجرد نوع من إثارة الغبار الكثيف أو حتي الوشاية والنكاية لتصفية حسابات ومواقف شخصية لايعلمها إلا اصحابها أو أطرافها وليس معني ذلك انه لم يكن هناك فساد ولكن هناك كما كبيرا جدا من الفساد لا يمكن أن ينكره أحد والمتابع لما يحدث الآن من تصريحات للكثير من رموز النظام السياسي الذين بدأت تطولهم البلاغات بتهم افساد الحياة السياسية والتستر علي الفساد وإهدار المال العام رأيناهم يسارعون بمحاولة قلب الموائد وإظهار انهم قد كانوا مجبرين علي ذلك وانهم لم يكن لهم أي رأي فيما يحدث أو يجري بداية من تلك التصريحات التي دارت حول نفوذ أحمد عز الذي عطل تمرير قانون الاحتكار وعندما احتكم للرئيس مبارك قال بما نشر بأنه معلهش ويمكن أن ينتظر ذلك للدورة البرلمانية القادمة وهذه الواقعة علي الرغم من انها تظهر مدي السيطرة والنفوذ اللذين يتمتع بهما احمد عز وذلك بحكم قربه من الدائرة الغنية جدا من النظام السياسي وهو علي حد تعبيرهم عائلة الرئيس مبارك وعلي نحو خاص نجل الرئيس مبارك جمال فإن الأمر علي ذلك النحو يعد بمثابة العذر الأقبح من الذنب وان مجرد السكوت علي ذلك دون ابداء الرأي والاكتفاء بالعودة إلي رأس النظام دون ممارسة مهام الوظيفة والدور المنوط بذلك الشخص أو ذاك فإن ذلك يعد تقصيرا كبيرا جدا بل وفي مثل هذه الحالة يكون ذلك الشخص بتوانيه وعدم اتخاذ موقف ايجابي أو ممارسة الاختصاصات المنوطة به وتراخيه في أداء واجبه يكون هو بمثابة المحرض علي شيوع الفساد وانتشاره بل وقد يكون طرفا رئيسيا في ذلك الفساد وان هذه التصريحات التي يدلون بها حتي وان لم تبرئ ساحة عائلة الرئيس ونفوذ نجله فهي علي الأقل تكون قد اسهمت علي نحو كبير في زيادة معدل ذلك الفساد بذلك الحجم الذي راعنا وهنا اذا ما سايرنا القاعدة القانونية التي تجعل عقوبة المحرض علي القتل كالقاتل ذاته فإن هؤلاء السادة الذين تفرد لهم الصحف القومية صفحات بأكملها يحاولون أو هكذا يعتقدون انهم من خلالها يمكن أن يبرئوا ساحتهم وليس ذلك فقط ولكن أن يظهروا علي انهم ابطال قد حاولوا مقاومة الفساد ولكنهم لم يكونوا يملكون من أمرهم شيئا وانهم كانوا مضطرين لذلك وانهم يكفيهم شرف المحاولة وكأننا أمام سيناريو لفيلم هندي فأين ذهبت سطوة هؤلاء الرجال بحكم مناصبهم سواء التشريعية أو التنفيذية وكيف انهم هم الذين كانوا يطلعون علينا بالحجج والتبريرات لكل ممارسات النظام أي انهم كانوا يقومون بعملية شرعنة هذه الممارسات التي يتنصلون منها الآن وينعتونها بالفساد ويحاولون الصاق ذلك برأس النظام وقد تناسوا ان الساكت عن الحق شيطان أخرس فهم بذلك قد قبلوا بتصنيف أنفسهم في قائمة الشياطين الخرساء مع ان الحقيقة انهم قد كانوا شياطين ولكن طليقي اللسان ولديهم من القناعات والفلسفات التي ان جاز لنا التعبير ومع احترامي للقارئ العزيز لأنني أعتبرها ابتذالا ولكنها تعبر عن الوضع وان كان في صورة ذلك المثل الشعبي انهم يجعلون الثور يدر حليبا أي يحلبونه وهم أيضا يحاولون أن يطبقوا ذلك المثل وهو ان جالك الطوفان ضع ولدك تحت قدميك.. أمور غريبة وعجيبة ولا تشرف من يدعونها من قريب او بعيد ولكنها تعبر عن تلك الحالة من التوتر وذلك الموقف الصعب الذي يجدون فيه أنفسهم.. من ضمن هذه التصريحات أيضا التي تصنف تحت هذه القائمة من الممارسات والتصرفات التي تحاول درء الاتهامات والصاقها بالآخرين أو اثبات انهم عندما ساهموا فيها فقد كانوا تحت إكراه مادي ومعنوي منها تلك التصريحات لأمين عام الحزب الوطني بجريدة الأخبار والذي فند فيها أسباب انهيار الحزب الوطني علي ذلك النحو السريع وذلك للأسباب التي طالما كانت مطلبا من جانبهم ولكن الحزب الوطني لم يستجب وهم قد قصدوا بالحزب الوطني أحمد عز وجمال مبارك أو ما أطلقوا عليه مجموعة جمال مبارك وقد وصف الحزب الوطني الذي كان هو أمينه أيا كانت الظروف المحيطة به وأيا كان موقفه فهو كان علي رأس ذلك الحزب وان القول بأنه قد كان شركة يديرها أحمد عز وان أحدا لم يجرؤ علي مناقشته وذلك بالنظر لقربه من جمال مبارك كلها حجج يمكن أن تكون سببا للادانة ان لم يكن علي المستوي المادي فهي لابد وأن تكون علي المستوي المعنوي والأدبي وان من كان لديه اعتراض أو يريد أن يبرئ ساحته فهو كان عليه أن يسلك ذلك الطريق المعروف وهو تقديم الاستقالة طالما انه قد وجد نفسه غير قادر علي ممارسة مهام منصبه وان هناك من المعوقات ما تحول دون ممارسة ذلك العمل ومن ثم فإننا لابد وان نكون موضوعيين في الحديث حتي لا نضع أنفسنا في موضع لا نقول الشبهات ولكن الاستخفاف وان علينا منذ البداية أن نقر بأن الكثيرين قد شاركوا في نمو ذلك الفساد واستفحاله من خلال لغة العجز والصمت أو علي الأقل المشاركة فيه وهناك من استطاعوا أن يبقوا في مراكزهم ولكنهم لم يسايروا الركب وفي ذات الوقت لم يصطدموا معه ولكنهم استطاعوا من خلال الحكمة ومن خلال طرح النموذج وتغيير اسلوب العمل أن يحدوا من الفساد وأن يقاوموه بطرق عدة ومختلفة في صمت ودون ضوضاء هؤلاء قد كانوا ثوريين حقيقيين عملوا في صمت وقد تحملوا تبعة ذلك سنوات كثيرة وعديدة وقد نكل بهم في بعض الأحيان وقد عزلوا من وظائفهم وعانوا من الاضطهاد ولكنهم في النهاية قد نالوا احترام خصومهم ولم يقدروا علي هزيمتهم وكيف انهم قد كانوا الصف الأول في مقاومة الفساد دون أن يثيروا ضجة أو صخبا أو يظهروا في الاعلام ولكنهم قد وضعوا مصلحة الوطن فوق كل شئ وحتي بعد هذه الثورة التي كانت بمثابة الفتح قد آثروا الصمت لأن ما فعلوه قد رأوا انه واجب عليهم وليس منة علي ذلك الوطن بل لأنهم قد وجدوا انه ذلك واجب مقدس لم يسعوا من ورائه إلا ابتغاء مرضاة الله هؤلاء هم الثوريون الصامتون الذين غيروا الواقع وبدأوا في تغييره وقد كانوا هم التمهيد والاعداد لهذه الثورة لقد عملوا في صمت وثاروا بقوة ولكن دون قعقعة ولم يكن لهم جلبة في تبرير نضالهم والافتخار بما عانوه وليس لتبرير أشياء قد كانوا لا نقول شركاء فيها ولكن علي الأقل أطرافا أو شاهدين عليها. |
نشرت فى 3 إبريل 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,794,113
ساحة النقاش