توريث الطغيان
بقلم: فاروق جويدة


لا أدري ما هو السبب في لغة التعالي والغرور التي يعامل بها الحكام العرب شعوبهم‏..‏

 


حين يتحدث الحاكم العربي إلي شعبه تشم روائح الغرور والشطط وكأنه يؤدي مهمة فرضتها عليه الظروف أنه في حالة سخط دائم وكراهية لكل شيء بما فيها وجوه هذا الشعب الذي يحكمه‏..‏ لقد شاهدت هذا المشهد الغريب في ملامح الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وهو يتحدث إلي شعبه قبل أن يرحل بساعات قليلة‏..‏ ثم شاهدت هذا المشهد مرة ثانية والرئيس مبارك يتعالي‏15‏ يوما في أن يقدم التعزية لشعبه في شهدائه من الشباب ثم شاهدت هذا المشهد مرة ثالثة والرئيس معمر القذافي يصطاد شباب وطنه في الشوارع ويستأجر المرتزقة الأفارقة ليقتل الأطفال الصغار‏..‏
دار هذا السؤال في رأسي وأنا أتابع أحداث الثورات الثلاث خلال شهرين فقط من الزمان‏..‏ نحن أمام‏60‏ يوما غيرت وجه الأرض والشعوب والحكام والتاريخ‏.‏ ثلاث ثورات في مكان واحد‏..‏ وتوقيت واحد‏..‏ وأحداث متشابهة‏..‏ عندما تشاهد حاكما أوروبيا يتحدث إلي شعبه تشعر أن الحاكم يقف بإحترام وعرفان أمام المسئولية لأنه يعرف أن هناك برلمانا يحاسب‏..‏ وأن هناك حزبا يختار‏..‏ وصحافة حرة وقبل هذا كله هناك شعب منحه أمانة المسئولية ويستطيع أن ينزعها منه‏..‏ وإذا تجاوز الحاكم في حواره أو خطبه أو مواقفه فلا شيء يرحمه‏..‏ إن له كل التقدير إذا أصاب وعليه كل اللعنات إذا أخطأ‏..‏ وهذا هو الفرق بين ما تكتبه الصحافة العالمية والإيطالية عن مغامرات ومراهقة برلسكوني رئيس الوزراء العجوز مع فتيات الليل‏..‏ وأخلاقيات والتزام الرئيس أوباما واحترامه لأسرته وبيته هذا هو الفرق بين بقاء الحاكم في العالم العربي عشرات السنين دون أن يحاسبه أحد‏,‏ وبين رئيس يحاكمه شعبه ويخلعه إذا أراد كما حدث مع الرئيس نيكسون في أمريكا‏..‏
إلا أننا في العالم العربي نفتقد هذا السلوكيات الرفيعة في العلاقة بين الحكام والشعوب‏..‏ تتسم سلوكيات الحكام عندنا بقدر كبير من الغرور والتعالي والاحتقار برغم أن الحاكم جاء من قاع المجتمع وكان فردا بسيطـا من افراده ولكن المنصب له كيمياء خاصة تتغير معها الوجوه والمشاعر حيث تنطلق شحنات التسلط التي تبثها كراسي السلطة وبعد سنوات قليلة تجد إنسانا آخر انفصل تماما عن واقعة وتاريخه وذكرياته‏..‏ أن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ليس هو الضابط البسيط الذي شق طريقة مثل كل رفاقه شابا فقيرا حملته الأقدار ليتزوج امرأة بسيطة فقيرة كانت في الأصل تعمل‏'‏ حلاقة‏'‏ ولكن كرسي السلطة غير الاثنين معا الضابط البسيط والحلاقة‏..‏ ومن يشاهد الخزائن السرية لأموال ومجوهرات بن علي في احد قصوره يتعجب من مسلسل النهب وسرقة أموال الشعب التونسي‏..‏
كان الرئيس معمر القذافي إنسانا آخر وهو يخاطب شعبه بالتهديد والوعيد والاتهامات بتعاطي المخدرات والأقراص لشباب جميل واعد يبحث عن حريته وكرامته أمام حاكم بسط جبروته وبطش أبناءه علي الشعب أربعين عاما‏..‏ تشعر أنك أمام تشكيل عصابي بين حاكم وأسرته يتبادلون المواقع والخطط وكأننا أمام معركة إرهابية وليس أمام شعب ثائر‏..‏ أن أسلوب الأب العجوز الذي كان يوما قائد ثورة هو نفس أسلوب الابن المغامر الذي يهدد الشعب بالدمار ولم يكتف الحكام بمحاولات ثوريث الحكم والسلطة ولكنهم يورثون أبناءهم الطغيان‏..‏
انتظر المصريون في الشوارع أسبوعين كاملين حتي يقدم الرئيس مبارك تعازيه لأسر الشهداء الذين قتلهم رجاله في مظاهرة حضارية سلمية في ميدان التحرير وفي تعزية متأخرة كثيرا جاءت علي استحياء وفي كلمات قليلة يوجه الرئيس التعزية إلي المواطنين في شهدائهم برغم أنهم شهداء الوطن كله‏..‏
وفي آخر خطاب للرئيس مبارك حاول أن يبدو وكأنه يحمل نفس العصا التي حكم بها ثلاثين عاما وخلفه نفس الوجوه الكريهة التي اعتدنا عليها حيث كانت تتعامل مع الشعب بصلف وغرور وكبرياء مزيف‏..‏ حدث هذا برغم أن المصريين شاركوه في كل ما مر به من محن‏..‏ في محاولة اغتياله في الحبشة‏..‏ وفي مرضه في ألمانيا‏..‏ وفي وفاة حفيدة‏..‏ لم يتذكر شيئا من ذلك كله وبعد كل هذا التعالي وجدنا أنفسنا أمام مستنقع من الجرائم للحاشية والعائلة ومواكب اللصوص والمستفيدين من عصور الفساد‏..‏
وفي تقديري أن هذا التعالي الذي اتسمت به سلوكيات الحكام طوال سنوات كانت له شواهد غير لغة الحوار والغرور واختيار المسئولين الذين يحملون كل هذه الأمراض الخبيثة‏..‏
‏<‏ إن هؤلاء الحكام حريصون علي ان يتركوا شعوبهم ضائعة في سراديب الجهل حيث مازالت نسب الأمية هي أعلي نسبة في العالم‏..‏ كل دول العالم احتفلت بوفاة آخر مواطن أمي فيها‏..‏ ونحن في مصر مازال بيننا أكثر من‏25‏ مليون مواطن لا يقرأون ولا يكتبون‏..‏ إن لدي الحاكم أحساسا مريضا بان قيادة شعب لا يقرأ ولا يكتب أسهل كثيرا من شعب مستنير متعلم وهذه حقيقة لأن المواطن المستنير المتعلم سوف يبحث عن حقوقه ويطالب بها وسوف يطالب بالحرية والحوار‏..‏ ولن يترك عصابة من اللصوص والمسئولين ورجال الأعمال تستبيح حقوقه‏..‏ ولهذا أطالب جيش مصر العظيم بأن يضع خطة خارج سياق كل الوزارات لمحو أمية هذا الشعب لأنها عار في رقابنا وذنب سوف نحاسب عليه أمام الله وأمام التاريخ‏..‏ حرام ونحن نعيش هذا العصرأن يكون بيننا‏25‏ مليون إنسان نصفهم من النساء الأمهات الواعدات لا يقرأون ولا يكتبون‏..‏ نريد شعبا واعيا متعلما لا يحتقره حكامه بسبب جهله‏..‏
إن الأمية في الشارع انتقلت في أحيان كثيرة إلي نوع آخر من الأمية بين أصحاب القرار وهي أمية المشاعر حين ينفصل صاحب القرار‏,‏ سواء كان كبيرا أو صغيرا‏,‏عن مشاكل وأزمات شعبه ويجد نفسه بعيدا وتتسع المسافة بينه وبين شعبه حتي لا يري كل منهما الآخر وتكون المأساة‏..‏
إن غياب الثقافة عن عقول أصحاب القرار نوع آخر من الأمية يختلف عن أمية القراءة والكتابة إنها تشبه الفرق بين فقد البصر وفقدان البصيرة وللأسف الشديد أن فقد البصر مرض واحد ومعروف ولكن فقدان البصيرة كارثة تجتاح كل شيء‏..‏
‏<‏ لاشك أن بقاء المسئول في منصبة فترات طويلة ينعكس بالضرورة علي رؤيته للأشياء والبشر‏..‏ لقد اعتاد علي السلطة ولم يعد يفرق بين الألوان لأن كل شيء حوله يتجسد في لون وردي واحد يرسمه المنافقون والكذابون الذين اعتاد عليهم‏,‏ أن صورته وحده تملأ كل الصفحات‏..‏ وأحاديثه وحده هي القرآن المنزل‏..‏ وحكاياته حتي ولو كانت مملة وساذجة وسخيفة هي الحكمة كلها‏..‏ ومع بقاء بطانة البلاط يتحول الكون إلي لوحة واحدة ووجه واحد وصوت واحد وهنا لا يري المسئول الكبير شيئا غير نفسه ويضيق الكون حوله ويصبح حجرة صغيرة كلما نظر في أركانها وجد صورته‏..‏ وهنا لا يسمع ولا يري الحاكم شعبه ويزداد احتقارا لكل ما حوله إلا هذه الوجوه التي تحاصره وهي الأحق والأجدر بالاحتقار‏..‏
‏<‏ حين يغيب دور الحوار ويختفي دور الفكر‏..‏ وتسيطر مواكب الهمجية والأمية والجهل تتقطع جسور التواصل ويجد صاحب القرار نفسه محاطا بمجموعة قليلة جدا من أصحاب المصالح الذين لا يفكرون إلا بلغة المال وكل شيء عندهم يرتبط بالصفقات والمزادات ويقسمون أنفسهم كل فريق يبحث عن مصالحة هذا فريق الخصخصة يشتري ويبيع أصول الدولة‏..‏ وهذا يتاجر في الديون أو السلاح أو الاراضي‏..‏ وبين هؤلاء جميعا تنمو طحالب وأعشاب تتسلق ما بين الحكومة والحزب والمؤسسات الرسمية وهنا يتم اختصار الشعب بكل ملايينه وأجياله وشبابه وشيوخه ونسائه في عدد قليل من الأشخاص يتربعون علي قمة المجتمع مثل القناصين تماما فإذا ظهرت موهبة أو قيمة أو موقف اتجهت رصاصات القناصين إليها‏..‏ وهنا أيضا تصاب المجتمعات بأسوأ أنواع العقم وتتجمد الأرحام ولا نجد أمامنا غير الأسوأ في كل شيء‏..‏ وفي ظل هذا المناخ يحاول هؤلاء تعويض جوانب القصور فيهم بالغرور والتعالي واحتقار الآخرين‏..‏
في أعنف المواجهات في ميدان التحرير بين الثوار والشرطة سمعت بوقا من الأبواق يتحدث في إحدي الفضائيات وهو يصيح‏..‏ لا أحد يعقب علي ما أقول‏..‏ يجب ان تدركوا من الذي يتكلم‏..‏ أنا لا أعقب علي أحد‏..‏ وغير مسموح أن يعقب أحد علي‏..‏ واختفي بعد ذلك ولم نسمع له صوتا فقد حمله الطوفان كما حمل الكثير من شوائب النيل‏..‏
‏<‏ حين تسود لغة التعالي والغرور واحتقار الشعوب يصبح البطش والاستبداد مصدر الحماية‏..‏ ويصبح القهر بديلا للتحضر‏..‏ ويصبح التعسف بديلا للعدالة‏..‏ والغوغائية بديلا للحوار‏..‏ والبلطجة بديلا للقانون‏..‏ ويصبح النفاق بديلا للكرامة وبدلا من أن تسود أصوات الحكمة تتفتح الأبواب للدجالين والمحتالين وأساتذة النفاق‏..‏ وهنا تكون النهاية‏..‏
ولم يكتف الطواغيت الكبار بتاريخ طويل من الاستبداد الذي اجتاح شعوبهم بل أنهم جعلوا من أبنائهم امتدادا لهذا الطغيان‏..‏ وهكذا سقطت شعوبنا فريسة لطغيان الأباء والأبناء معا حتي جاءت الثورة لتحمل كل هذا التراث الملوث وكل هذه الوجوه القبيحة‏..‏
‏<‏ نحلم بزمان آخر نحب فيه حكامنا لأنهم جزء منا لم ينقطع‏..‏ ونحلم بصاحب قرار يحترم أدميتنا ولا يسخر من حاجتنا‏..‏ ونحلم بوطن يجد الأمن في العدالة ويجد المساواة في الحق‏..‏ ويفتح الف باب للحوار وقبل هذا كله يعطي ثماره لكل أبنائه ويطارد الفئران الذين أكلوا كل ثمار الحديقة وكانوا أول الهاربين عندما جاء الطوفان‏..‏

‏..‏ويبقي الشعر
ز‏2007‏ ز
كم عشت أسأل‏:‏ أين وجــــــــه بــــلادي
أين النخيل وأيـن دفء الــوادي
لاشيء يبدو في السمـــاء أمـامنــــــــــا
غير الظـلام وصــورة الجــلاد
هو لا يغيب عن العيــــــــون كأنــــــــه
قدر‏..‏ كيوم البعــث والميـــــــــــلاد
قـد عشت أصــــرخ بينـكـم وأنــــــادي
أبني قـصورا من تـلال رمــــــــــاد
أهفــو لأرض لا تـســــاوم فـرحتـــــي
لا تـستبيح كـرامتي‏..‏ وعنــادي
أشتــاق أطـفــــــالا كـحبــات النـــــدي
يتـراقصون مـع الصباح النـادي
أهـــفـــــو لأيــام تــواري سحــرهـــــا
صخب الجـياد‏..‏ وفرحة الأعياد
‏<<<<‏
اشتـقـــــت يومـا أن تـعـــود بــــــلادي
غابت وغبنـا‏..‏ وانـتهت ببعادي
في كـل نجــم ضــل حلــــم ضائــــــع
وسحابــة لـبســت ثيـــاب حداد
وعلـي الـمدي أسـراب طـيــر راحــــل
نـسي الغناء فصار سـرب جراد
هذي بلاد تـاجـــرت فـــي عرضهـــــا
وتـفــرقـت شيعا بـكــــل مـــزاد
لـم يبق من صخب الـجياد سوي الأسي
تـاريخ هذي الأرض بعض جياد
في كـل ركـن من ربــــوع بــــــلادي
تـبدو أمامي صـورة الجــــــلاد
لـمحوه من زمن يضاجـــع أرضهـــا
حملـت سفـاحا فـاستباح الـوادي
لـم يبق غير صــراخ أمـــس راحــل
ومقـابـر سئمت مـــن الأجـــداد
وعصابة سرقـت نـزيــف عيــوننـــــا
بـالقـهر والتـدليـس‏..‏ والأحقـاد
ما عاد فيها ضوء نـجــــم شـــــــارد
ما عاد فيها صوت طـير شــــاد
تـمضي بـنـا الأحزان ساخــــرة بـنـــا
وتـزورنـا دومــا بــلا ميعـــــاد
شيء تـكـسر في عيونـــــي بعدمـــــا
ضاق الزمان بـثـورتي وعنادي
أحببتـها حتـي الثـمالــــــة بينـمـــــــا
باعت صباها الغـض للأوغـــاد
لـم يبق فيها غيـر صبــح كــــــــاذب
وصراخ أرض في لـظي استعباد
‏<<<<‏
لا تـسألونـي عن دمـوع بــــــــلادي
عن حزنها في لحظة استشهادي
في كـل شبر من ثـراهـا صــرخـــة
كـانـت تـهرول خـلـفـنـا وتـنادي
الأفـق يصغر‏..‏ والسمــاء كـئيبــة
خـلـف الغيوم أري جـبال سـواد
تـتـلاطـم الأمواج فـــوق رؤوسنـــــــا
والريح تـلـقي للصخور عتـادي
نامت علـي الأفـق البعيـــد ملامــــــح
وتـجمدت بين الصقيـع أيــــــاد
ورفـعت كـفـي قـد يرانـي عابـــــــــر
فرأيت أمي في ثيـــاب حــــــداد
أجسادنـا كـانـت تـعانــــق بعضهـــــا
كـوداع أحبــاب بــــلا ميعـــاد
البحر لـم يرحم بـراءة عمرنــــــــــا
تـتـزاحم الأجساد‏..‏ في الأجساد
حتـي الشهادة راوغـتـنــي لـحظـــة
واستيقـظـت فجرا أضاء فـؤادي
هذا قـميـصــــي فيه وجــــه بنـيتــي
ودعاء أمي‏..‏ كيس ملـح زادي
ردوا إلي أمي القـميـــص فـقــد رأت
مالا أري من غـربتي ومـرادي
وطـن بخيل باعنــي فـــــي غفلـــــة
حين اشترتـه عصابة الإفـســـاد
شاهدت من خـلـف الحدود مواكبـــا
للجوع تصرخ في حمي الأسياد
كـانـت حشود الموت تـمرح حولـنـا
والـعمر يبكي‏..‏ والـحنين ينادي
ما بين عمـــــر فـر منـي هاربــــــا
وحكاية يزهـــو بـهــــا أولادي
عن عاشق هجر البـلاد وأهلـهــــــــــا
ومضي وراء المال والأمجــــاد
كـل الحكـاية أنهــــــا ضاقـت بـنــــــا
واستـسلـمت للـــص والقــــواد‏!‏
في لـحظـة سكـن الوجود تـنـاثــــرت
حولي مرايا الموت والميــــلاد
قـد كـان آخر ما لـمحت عـلـي الـمـدي
والنبض يخبو‏..‏ صورة الجـلاد
قـد كـان يضحـك والعصابة حولـــــــه
وعلي امتداد النهر يبكي الوادي
وصرخت‏..‏ والـكـلمات تهرب من فـمي‏:‏
هذي بـلاد‏..‏ لم تـعـــد كـبـلادي
 

  [email protected]
 

 

المزيد من مقالات فاروق جويدة
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 126 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,791,814