عبير غانم
الاستماع الجيد هو أقصر طريق للفهم والاستيعاب, وفي وقتنا الحالي وما نمر به من أحداث أصبح الاستماع أو الانصات الجيد عملة نادرة, والمشكلة تكمن في أن الكثيرين منا لا تتوافر لديهم مهارة الاستماع الحسن.
ومن ثم فإنهم يخسرون كثيرا من النقاط والفوائد سواء في مجال العمل أو العلاقات الاجتماعية كالصداقة مثلا أو العلاقات العائلية, وفي الوقت الذي يجني فيه الكثير من المكاسب اولئك القلائل الذين يتمتعون بمهارة الاستماع.
هذه الظاهرة اهتم بها الباحثون, وكانت آخر تقاريرهم التي نشرتها مجلة علم نفس اليوم البريطانية دليلا واضحا علي أن معظم الناس يستخدمون فقط قرابة52% من قدرتهم الاستماعية, بمعني أنهم ينسون ثلاثة أرباع مايسمعون, ومعني ذلك ايضا اننا يمكن ان نصبح مستمعين افضل كلما وجهنا مزيدا من قدرتنا الاستماعية الي من يحدثوننا.
وأول مرحلة في تحسين استماعيتنا هي أن يتعرف كل منا علي نوعية استماعية الآخر, وهو ما لن يخرج عن الأصناف التالية: فإذا كنت واحدة من هؤلاء فمطلوب أن تبذلي جهدا استماعيا أكبر. ـ
> مستمع مشغول: هو الذي يستمر في عمل مايؤديه بينما الانسان الآخر يتحدث. وهذا النوع يقول لك: استمر في الحديث, فأنا منصت اليك ومعتاد علي العمل أثناء الاستماع.
< مستمع غائب: وهو الذي ينصرف تماما عما يقوله المتحدث لأن هناك شيئا منفرا فيه( كالصوت أو نبرة الكلام) يجعله يشرد بعيدا عنه.
> مستمع حالم: وطريقة استماعه تشبه طريقة الإنسان الذي يستغرق في الأحلام نهارا, فهو متوجه إلي المتحدث بوجهه وعينيه أما عقله فيتجول بين موضوعات أخري لا علاقة لها بالمحادثة الجارية.
> مستمع انتقائي: وهو النوع الذي كما يبدو من اسمه ـ يسمع فقط مايحب أن يستمع إليه وينتقية من بين كل الحديث.
هذه النوعيات حملناها الي د. فيفيان علي أخصائية علم النفس واقترحت بعض الطرق التي يمكنك بها تحسين نوعية استماعك بحيث تقودك في النهاية إلي أن تصبحي مستمعة أفضل:
< التركيز: ليس هناك استيعاب بدون تركيز ذهني, ومطلوب من المستمع الجيد أن يركز علي القضية الأساسية التي يقولها المتحدث.
> لغة الجسد: لاتكتفي فقط بالاستماع, وإنما انتبهي جيدا إلي لغة الجسد التي يمكن أن تقول بصراحة ووضوح للمتحدث انك تستمعين إليه جيدا. وان تحافظي علي الاتصال البصري بينكما طوال الحديث وألا تضعي حقيبتك فوق كفيك لأن ذلك وضع يساعد علي السرحان وان تهزي رأسك بين الحين والحين كعلامة اتفاق في الرأي, وان يرتفع حاجباك إلي أعلي تعبيرا عن الدهشة والتعجب مثلا.
وفي المقابل فلابد من أن تقرئي لغة جسد الإنسان الذي يحدثك وان تفهميها جيدا وتتصرفي وفقا لها.
> تحديد النية: تضيف د. فيفيان أنه مطلوب منك أن تقدحي ذكاءك وأن تحددي بالضبط ما هي نية المتحدث الذي أمامك, هل هو يبحث عن نصيحة أم أنه ينقل اليك معلومات أم أنه فقط يريد التنفيس عما في داخله من ضغوط, وهذا التحديد مهم جدا لأنه سوف يساعدك علي الاستجابة الي الحديث بالشكل المناسب لكل نية.
< عدم المقاطعة: توجد في أعماق كل منا رغبة في مقاطعة المتحدث, خصوصا اذا أطال الكلام, لكنه لابد لنا من ضبط هذه الرغبة بحيث لانستخدمها إلا اذا كان يتحدث بسرعة بالغة. وقد يحدث أحيانا أن تضطرك ظروف خارجة عن ارادتك الي قطع الحديث أو اختصاره وعندئد مطلوب منك أن تعتذري للمتحدث وأن تقترحي موعدا آخر لاستئناف الحديث, في هذه الحالة سيتلقي المتحدث رسالة منك تقول: أن حديثك مهم عندي.
<الصمت: وأخيرا تقدر د. فيفيان أهمية الصمت في وقته فلابد أن يترك الإنسان مكانا في الحوار للسكوت بحيث تكون هناك فترة مايتوقف فيها الحديث دون أن ينظر الي هذه الفترة علي أنها ثغرة في الحديث يتوجب حشوها بالكلام, وللعلم فان مثل هذا الصمت والسكوت خصوصا اذا جاء في موعده يمكن أن يعود بمردود مفيد.
ساحة النقاش