الخلل الاجتماعي .. أسبابه وعلاجه
بقلم : السيد حسين العزازي
وكيل وزارة بالكهرباء والطاقة سابقاً

- المجتمع وعاء الأمة وقوتها الفاعلة والمؤثرة وتلاحمه دليل علي سلامة مكوناته ومقوماته وتوحد قدراته وتفككه يحمل خطر الإنقسام وما يعترضه من مشاكل أو يسري في أوصاله من عوالم وهن وخمول أو مشاعر تمرد وفتور جدير بأن يلقي كل عناية ويحظي بكل رعاية وتلك مهمة يكلف بها المثقفون والدعاة والتنفيذيون ورجال الاعلام والتعليم وأن يؤخذ في الاعتبار أن الفقر وشيوع الاستثناء والسكوت علي الفساد والتشدد إلي حد التطرف مما يجرح المواطنة ويفت في عضدها ويكاد يقطع ساعدها.
- ولقد خفتت روح الانتماء بكل ما تعنيه من عطاء ووفاء وانحسرت الإرادة فغابت الشجاعة والمبادرة ولانت الهمم وتعطلت الذمم وسادت اللامبالاة وغفت اليقظة والانتباه وتعطل الابداع ومعه الابتكار والاختراع وتلك في عمومها أعراض أصابت المجتمع في شبابه وهو أعز ما يملك وانتابت قاعدته الفاعلة وهي الطبقة الوسطي التي تضم المثقفين والحالمين بالمستقبل والحاملين للثقافة والمعنيين بالتفكير والسياسة فأذابهم في خضم التحولات الهادرة معتلين إذ اعتصرتهم الأزمة وحاصرتهم المحنة وأوصدت دونهم أبواب الانطلاق لأفاق التجليات وصياغة المتغيرات التي تتكفل بالتطوير وتعجل بالتقدم ولذلك أسبابه ودواعيه ولا تبرأ العولمة وتوابعها من الانفتاح والخصخصة والزلزال الذي حركته ثورة المعلومات والاتصالات بحيث اهتزت رواسينا الثقافية وتعرضت قيمنا للانحراف بفعل رياح التأثير العاتية التي واتتنا علي غير استعداد دون تأهل أوإعداد. وإن ظل لدينا مع الوقت فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الأحداث ومعالجة أوجه القصور بفهم أعمق ودراسة أشمل وحلول أوقع للقضايا والأمور التي تمس معايشنا ومصائرنا ومصادر أرزاقنا ومناط رضانا وقبولنا في علاقاتنا ومعاملاتنا.
- ويتضح هذا الخلل في ظواهر ومظاهر من أبرزها ما أوجزه في عشر نقاط.
* العنف المجتمعي وما يرتبط به أو يتعلق بحدوثه نتيجة البطالة وعدم توفر فرص العمل المناسبة للشباب إلي جانب المبالغة في أنماط الاستهلاك والانفتاح علي العصر بعيون فاغرة وجيوب فارغة ربما فتح أبواب الجريمة علي مصراعيها من سرقة وتحايل وتزييف وإدمان للمخدرات أو الاتجار فيها كوسيلة للكسب السريع والإثراء المتاح.
* تآكل الطبقة الوسطي وإنزوائها وانطوائها بحيث فقدت تأثيرها وفاعليتها خاصة وقد تبدل الهيكل الاجتماعي ما بين أثرياء منعتهم الصدفة أو مهمشين يعانون الفقر وما بينهم طبقة وسطي لا تملك مقدرات الأغنياء فتجاريهم ولم تنشأ كالفقراء فتحاكيهم وقدر لها أن تتحمل تبعة الغلاء وارتفاع تكاليف الحياة واكتفت بأن يكون جهدها لأجل تدبير خبزها وليس لاطلاق فكرها والسعي بين الناس بوسائل الاصلاح الذي خنقه الانفتاح وغياب الدور الاقتصادي للدولة في تأمين أصحاب الدخول الصغيرة من خلال ما كان يعرف بالخدمات المجانية في مجال التعليم والعلاج أو المدعومة في مجال الغذاء والكساء والاسكان فقد ولي ذلك هباء.
* تراجع مستوي التعليم وهبوط مؤثر التربية نتيجة لقصور الاعلام عن تكريس ما يجب لدعم الشخصية المصرية وحفظ الهوية والتفريط في خصوصيتنا الثقافية والسماح باختراق الاسفاف والابتذال.
* تركيز الخطاب الديني علي الشكل دون المضمون واغفال الدعاة عن ممارسة دورهم في التنوير والتبصير وشحذ عزيمة الأمة وشحن إرادتها بالعمل الجاد وضمائرها بالمراقبة اليقظة وبحيث صار الخطاب تبريريا وتمريريا بلا عواقب للحساب والمؤاخذة تحت عباءة يمكن ويجوز ولا بأس وبحيث صار الفكر والاعتقاد رماديا مشوشا خاليا من الصراحة والصدق.
* ضعف الجهاز الاداري والمجتمع المدني ويكفي أن نصدم كل فترة بقرارات واجراءات تنسخ ما قبلها أو تتعارض مع غيرها لتؤدي للارتباك واستشعار الموطن بأنه متهم أو وافد بلا تصريح وكافة مؤسسات المجتمع المدني تضع علي رأس أولوياتها تحقيق المغنم وتلافي العزم والتحصيل بلا مردود أو توصيل وتحقيق منافع شخصية مغلفة بالشعارات والخدمات الوهمية.
* العشوائيات والتي تحولت بسببها المدن الي قري كبيرة متخمة بأمراض الفقر والجهل والعنف لا يربطها رابط ولا يحكمها ضابط من قانون أو تشريع يحد من انفلاتها بأعتي صور الاهمال وبما يشكل زعزعة للاستقرار ورغبة في الفرار أو التشرنق داخل أصداف العزلة أو الاستسلام للعبث وسلبية المواجهة.
* الهجرة خارج الوطن أملاً في الحصول علي فرصة عمل وكثيرا ما يتم ذلك بأسلوب هرولي يعرض صاحبه للخطر إلي حد الموت وأغلب من هاجروا يعانون الانفصام وعدم الانسجام ولا يستشعرون الرضا في الغربة ويصبون غضبهم علي الوطن الذي دفعهم لذلك.
* بطء عمليات التنمية وما يعنيه ذلك من استطالة المعاناة علي حساب الأمل المفقود والرجاء المنشود في تحسن الأحوال المعيشية.
* ضعف المشاركة السياسية وما يعنيه ذلك من حرمان المجتمع من جهود شرائح مؤثرة يمكنها الاسهام بالرأي والفعل لانجاز الكثير مما يفرزه الطرح أو ينجزه النقد وخلق جسور للتواصل بين مستويات القرار وبث روح المنافسة لدي القادرين وتحريك الحوار الوطني.
* المواطنة وهي المظلة الواقية التي يستظل بها جموع الشعب يجمعهم ويقربهم شعور يحفل بالرضا ويفضي للتكيف والاندماج ويوازيها العدالة الاجتماعية. والمواطن روح الديمقراطية ونحن في أمس الحاجة لممارسة ديمقراطية تتوافق مع القيم المجتمعية والكونية عملا علي تفعيل التنمية وتطبيقا لحقوق الانسان بلا كتب أو مصادرة وفي اتساق يقود لنجاح العلاقات وكفاءة التفاعلات ونمو المعاملات ووضوح الأهداف والغايات.
- ومن جملة ذلك يتبين أن العلاج في السياسات وتنشيط دور الادارة وممارسة التخطيط الموضوعي والتنظيم المدروس وفتح مجلات أرحب للعمل الوطني والمشروعات القومية وألا يكون المواطن وخاصة الشباب قبض الريح بلا اتجاه وأن يتسامي عن "الإعالة" التي توازي "الرذالة" وتجعل الرزق من أي عمل ما دام شريفا وحلالا والذين ينتصرون في هذا الموقف هم الأقوياء والأوفياء لأنفسهم وذويهم وصناع الحياة يقدسون العمل ولا يجدون غضاضة في التواضع والصبر والاحتمال. وبالمستطاع أن ينهض كل بدوره لنكون سندا وعضدا لشبابنا صونا لمستقبلنا وتأمينا لمصرنا.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 703 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,687,103