أين الحقيقة؟ بقلم: محمد التهامى يدور في هذه الأيام في العالم كله بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص أحداث خطيرة جدا بموازين العصر ويزيد من خطورتها وثبات وسائل الاتصال التي ألغت الأبعاد والمسافات. وخلطت المقاييس والموازين وضاعفت الفروق بين الشعوب المتقدمة والشعوب النامية وأصبح لزاما علي كل من يريد الحياة مجرد الحياة أن يلهث وراء الركب المنطلق ما استطاع إلي ذلك سبيلا. والمتأمل في أوضاع الناس في منطقة الشرق الأوسط يلاحظ أن الغرب يناوشهم من زوايا متعددة, فبعد أن سيطر عليهم اقتصاديا وجعلهم سوقا استهلاكية للمنتجات الغربية الزراعية والصناعية والتجارية أخذ يسيطر عليهم فكريا مستغلا الحالة الفكرية المتدنية التي يرزح تحتها هذا الشرق منذ زمن طويل إلي حد أن اختلطت المفاهيم وتناقضت معاني الكلمات واضطربت المسيرة التي اختلط فيها الحابل بالنابل. ومن الأمثلة علي ذلك كلمة( الإرهاب) التي وردت الإشارة إليها في القرآن الكريم وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم والمعني الظاهر والواضح غاية الوضوح من لفظ( ترهبون) هو منع عدوان الأعداء عليكم, وبذلك يكون( الإرهاب) كما نص عليه القرآن الكريم هو منع العدوان وليس العدوان, ولكن في ظل كل هذا الوضوح شاع في الرأي العام العالمي أن الإرهاب هو العدوان, والغريب أننا صدقنا نحن ذلك وأخذنا نردد هذا الخطأ وراءهم وأصبح الإرهاب علما علي الإسلام وشاع وذاع هذا الخطأ الشنيع وأصبح مبررا لغزو الشعوب الإسلامية المسالمة. ونسي العالم أو تناسي أننا شعوب ندين بالإسلام منذ نحو ألف وخمسمائة عام وأن عدد المسلمين في العالم المعاصر يتجاوز المليارين من البشر المسالمين وأن الدين الإسلامي الحنيف لم يكن ولن يكون إرهابا بأي حال من الأحوال ولكن الحقيقة المرة هي أن العلماء الإسلاميين المعاصرين علي كثرتهم ونبوغ الكثيرين منهم عجزوا عن أن يقنعوا الرأي العام العالمي بهذه الحقيقة التي لا يأتيها الباطل مهما كان. ثم كان الأمر الخطير جدا يتمثل في أن جاوز الخطأ في فهم الإسلام عوامل التاريخ القديم والحديث وخلط العاطل بالباطل وموه التاريخ في القرون الوسطي ومزجه خطأ بالتاريخ الحديث واعتدي علي الجغرافيا التي تنظم حياة البشر في كل مكان وحاول عبثا الربط بين تاريخ القرون الوسطي في العالم الغربي حين قام الصراع بين الكنيسة الحاكمة والطبقات المدنية المستنيرة التي ثارت علي الكنيسة وانطلقت إلي الحياة المدنية الحرة متمردة علي السلطة الدينية ومتخلصة منها وكانت منطقيا أن تكون هناك حكومة دينية مهزومة وحكومة مدنية منكسرة وهذا هو التاريخ الصحيح. ولكن الغريب جدا أن تختلط الأفكار إلي حد أن يتحدث المفكرون المسلمون المعاصرون عن حكومة دينية وحكومة مدنية في الإسلام مع أن حياتنا كلها بطبيعتها مدنية ترتكز علي أصول دينية ثابتة عامة تستهدف بإرادة الله الخير للإنسان والناس جميعا الذين يقيمون حياتهم بأيديهم علي هدي من الله الذي خلق الإنسان وأراد له الهداية ليكون بالنص الكريم خليفة لله في الكون كله ويعلم الله أن هذه القضية التي لا أساس لها تهدر القوي العاملة في مجال النهضة الإسلامية المعاصرة والله يهدي من يشاء إلي سواء السبيل. المزيد من مقالات محمد التهامى
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,830,263
ساحة النقاش