كتب : د. مصطفي عبدالغني
..كدت أعود للقضية التي طرحناها في المنتدي من قبل... عام2011 هل هوعام الكتاب الورقي أم عام الكتاب الرقمي؟...
لولا ان الواقع وممارسات أبنائنا والأجيال الجديدة من شبابنا خاصة كانت تدفعنا للعود الي الوراء; من البحث عن الثقافة بين( الفارة) أو الكتاب الرقمي إلي الثقافة التي كنا نعرفها جميعا باسم( التعليم) حين كنا نطلق علي وزارة( التربية والتعليم) فنسبق التربية بالتعليم أو نسبق الثقافة الواعية بالأداء العلمي الجاد..
حين يصبح الهدف من العلم وطلبه هو الوصول إلي الأدب والتربية... العلاقة عضوية لايجب الفصل بينهما
.. أقول, كدت أعود لهذه القضية التي تطرح اليوم هنا لولا أن غياب( التربية) أو حضور الأمية الحضارية تسود بيننا, ليس بين بيئاتنا الفقيرة وحوارينا البعيدة وحسب وإنما أيضا عبر الشبكات الثرية والمواقع الرقمية التي أصبح أبناؤنا يعيشون فيها سواء في( المولات) و(السيبرات) و(الكافيهات) الجديدة, وأيضا في شوارعنا وبيوتنا وجامعاتنا أمام هذا العنف التحريضي الإلكتروني الذي أصبح جزءا من وعينا وحاضرنا; فها نحن ندهش وهو ما أعلن ونشر أمس في صحفنا وجامعاتنا- علي سبيل المثال أن تقتحم طالبة جامعية بقسم اللغة الإنجليزية- لجنة امتحان بالجامعة لتدفع بطالبة أخري وتقول لجنة التحقيق والمشاهدون إنها..جذبتها من شعرها وصفعتها علي وجهها وسط ذهول الطلبة والاساتذة بلجنة الامتحان!!!
هل هذا معقول؟.
ولا يكون أمام عميد الكلية غير تحويل الطالبة الي التحقيق, وهو ما يعود بنا إلي غياب الحوار الإيجابي علي مستوي العنف اللفظي والتحريض ليس عبر الإنترنت وحسب وإنما داخل لجنة الجامعة.. والحرم الجامعي أيها السادة..
يمكننا أن نجد هذا العنف اللفظي في صفحات التويتر أو الفيس بوك( وتقول لنا الإحصاءات الإلكترونية اليوم- علي سبيل المثال- إن مصر تحتل المركز الأول في استخدامس س63% الذكور وان37% من الاناث)..
ومن السهل العود بعد أي حادث-كحادث القديسين- إلي مثل هذه الصفحات التي يشغل فيها أبناؤنا عمرهم لنري صورا محزنة لما يجري في هذه المواقع الاجتماعية من العنف والتحريض والشبكات المشبوهة والمداخلات التي تفتقد إلي صفة زس.. التعبير تتخذ شكل التحريض وراء الشاشة أو خروجا إلي الواقع كما رأينا الآن في احدي جامعاتنا الشهيرة.. وما يقال عما يحدث عقب حادث القديسين يقال الآن عبر العديد من الأحداث في المواقع الإخبارية والمباريات الكروية وعقب العديد من المنتديات والمواقع والتعليقات والمداخلات التي تعبر عن التخلف أو بشكل أدق- غياب قيمة( التربية) التي كنا نعرفها جميعا حين كنا نطلق علي وزارتنا الميمونة صفة( وزارة التربية والتعليم) وهو ما يسبق فيه صفة التربية بدلالاتها الكثيرة معني العلم بمعناه العميق..
** ذكر ت هذا كله وأنا أقترب من( ديوان) الأهرام الآن المجلة التي ترأس تحريرها الزميلة بهية حلاوة-.. حين قرأت في وصية أم الإمام هذه العبارة:
أقبل الشافعي ذات يوم لزيارة أمه وعندما طرق الباب عليها قالت له:
من أنت؟ فقال لها: محمد بن إدريس, ثم قالت له: وبم جئتني؟ فقال لها:
جئتك بالعلم والأدب. فقالت له: لست الشافعي. فحار من أمره ثم عاد إلي استاذه ومعلمه في دار الهجرة, وقص عليه أمره, فتبسم الإمام مالك وقال له: يا شافعي ارجع إلي أمك واطرق الباب عليها فإذا ما سألتك من أنت؟ فقل لها: محمد بن إدريس. فإذا ما قالت لك: وبم جئت؟ فقل لها: جئت بالأدب والعلم.
ففعل ذلك فقالت له الأم: الآن يا شافعي
الأدب والتربية كما أشارت رئيسة التحرير أن الأم ردته إلي شيخه ليحس ويتيقن الهدف من العلم وطلبه وهو الأدب والتربية وليس العلم الأجوف المزيف الذي يحمل المعني الحقيقي من تحصيله, وهو ما دفع الشافعي ليقول في هذه الشهادة عن الإمام الذي تعلم عنه تعلمت من مالك الأدب أضعاف ما تعلمت العلم..وهو ما يجعلنا نخرج من الديوان, ومن حضرة مالك والشافعي في العصور الزاهية إلي هذا التحريض الإلكتروني الذي لم ينتشر في صالوناتنا وكافيهاتنا وتجمعاتنا وحسب وإنما أيضا وصل إلي الجامعة أيها السادة..
إنها الفتنة التي لا تتوقف عند العنف اللفظي والفكري- التي أصبحت تسهم فيه الجهات الأجنبية أيضا-.. وإنما أيضا, هذا العنف الفعلي الذي نسهم فيه نحن بذواتنا في بيوتنا وفي جامعاتنا العلمية.. وهو ما يدفعنا لإعادة طرح السؤال علي قرائنا ومثقفينا ومتعلمينا في مقاهي المحروسة وجامعاتها.. ما هو الهدف الذي نعمل له أيها السادة الآن:
التربية أم التعليم أم- ايها السادة يرحمكم الله التسليم بالأمر الواقع؟
من يجيب.. ؟
ساحة النقاش