هكذا .. نقضي علي الفساد بقلم: منتصر أبوالحجاج الأقصري "كاتب وأديب" |
يخطئ من يعتقد ان محاربة الفساد تتطلب مجهودا حكوميا فقط لان الفساد مشكلة المجتمع كله ولا يمكن مواجهتها بغير المشاركة الحقيقية والالتزام من جانب غالبية الشعب وخاصة من يتسببون في الفساد بتقديم الرشاوي للحصول علي معاملة خاصة "مشروعة أو غير مشروعة" كما هو سائد في التعامل في مصر نتيجة التعقيدات الشديدة في المعاملات العادية. بل ان المواجهة الفعالة لبعض صور الفساد "مثل الرشاوي في المناقصات الدولية. وغسيل الأموال الناتجة عن أعمال إجرامية بتهريبها إلي دول أخري" تقتضي مجهودات علي المستوي الدولي وليس فقط داخل الدولة التي يقع الفساد فيها خاصة مع التقدم التكنولوجي الهائل والانفتاح المستمر في التعامل عبر الحدود. وكثيراً ما يرجع الفساد إلي عيوب في الطرق التي يتم بها تنفيذ القوانين والنظم وضعف الأجهزة المسئولة عن ذلك مما يدفع الناس إلي تفادي الانتظار الطويل واختصار الطريق بالرشاوي والوساطة وما إليها.. كما يرجع الفساد إلي الطريقة التي يتم بها الانفاق الحكومي وتخير أوجه هذا الانفاق. ويساعد علي الفساد الضعف الواضح في مرتبات الموظفين العموميين وقصورها عن تغطية المتطلبات الأساسية مما يورث اليأس لدي العاملين ويدفعهم إلي البحث عن دخول تكميلية. وكثيرا ما يشجع علي الفساد السلطات الواسعة التي يتمتع بها بعض المسئولين وغياب الضوابط التي تضمن الالتزام في ممارسة هذه السلطات بالصالح العام للمجتمع وشعور المسئولين بأن التجاوز والتعسف في استخدام السلطة لا يستتبع جزاء فعالا إما لضعف الرقابة والمحاسبة أو لعدم وجودهما أصلاً. فالسلطة كما يقول المثل الانجليزي تفسد من يتولونها. والسلطة المطلقة تفسدهم بصورة مطلقة!! وفي هذا الشأن يأتي الإصلاح القانوني للاهتمام بالقواعد القانونية حتي تضع الضوابط السليمة وتقتصر علي الحد الأدني من الموافقات والقيود التي تفرضها مصلحة عامة حقيقية. وللاهتمام بالإجراءات المتبعة في تنفيذ هذه القواعد بهدف تبسيطها وتخفيض الرسوم التي قد تصطحبها. وللاهتمام بالأجهزة المسئولة عن وضع القواعد وتنفيذها لضمان سلامة القواعد في مضمونها ولضمان تنفيذها في الواقع العملي. ومن قبيل الإصلاحات التشريعية والإدارية التي تستهدف الفساد بصورة خاصة إنشاء جهاز لمكافحة الفساد بشرط توافر القدرة الفنية والمالية اللازمة لنجاحه وعدم تعارض اختصاصاته مع الأجهزة القائمة "والتي يتعين إعادة النظر فيها بهدف توحيدها في جهاز تتوافر له الاستقلالية والقدرات المؤسسية اللازمة" ويجدر في هذه الحالة وضع الضمانات لحماية مثل هذا الجهاز نفسه من الفساد وتمكينه دائماً من أداء وظيفته باستقلال. ومن ذلك أيضاً فرض العقوبة الوجوبية علي من يقدم الرشوة أو يتلقاها "دون تمييز بينهما في الإثم" أياً كان مقدار الرشوة. أو اسمها. أو الهدف منها. أو مكان وقوعها داخل الدولة أو خارجها وسواء قدمت مباشرة أو عن طريق الوسطاء. علي أن تكون العقوبة في جميع الأحوال رادعة وكذلك جعل الفصل من الوظيفة العامة عقوبة إدارية وجوبية في جميع حالات الرشوة. إلي جانب أي عقوبة أخري ومن الخطأ الجسيم هنا إثارة اعتبارات الرحمة مع المفسدين والفاسدين. لأنها رحمة في غير موضعها واجازة لانتشار الفساد والتوسع فيه ومن الإجراءات المطلوبة أيضاً تجريم عملية غسيل الأموال. ليس فقط في التشريع المصري. وإنما أيضاً في معاهدات تدخل فيها مصر مع الدول الأخري التي تصل الأموال غير المشروعة منها أو إليها. |
نشرت فى 3 ديسمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,792,219
ساحة النقاش