التقرير الاستراتيجي القومي لإسرائيل2010
بقلم: د. طارق فهمي
أصدر مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب( جافي سنتر) تقديره الاستراتيجي السنوي تحت عنوان تقدير استراتيجي لإسرائيل2010 تطرق فيه كبار العسكريين والجنرالات في المركز إلي البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل وإلي التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية,
وخلص إلي أن العملية السياسية مع الفلسطينيين تقف في طريق مسدود بسبب تباين مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإيران في ذروة عملية استكمال برنامجها النووي العسكري.
يشير التقرير الاستراتيجي لإسرائيل2010 إلي أن إسرائيل أثبتت في السنوات الأخيرة قدرتها علي تمرير رسائل عسكرية رادعة, لكن هذا الانجاز كانت تداعياته مكلفة.
إن إسرائيل تقف أمام مرحلة سيتعين عليها فيها الحسم واتخاذ القرار في قضايا سياسية وأمنية جوهرية وسيكون لهذه القرارات الحاسمة تأثير مباشر علي الداخل السياسيه, فإسرائيل موجودة في وضع يمكن أن تتأثر فيه حيث تتزايد التهديدات الأمنية والسياسية المحيطة بها وفي ظل تدهور الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في الفترة الأخيرة حدث في جزء منه في اعقاب التطورات الحاسمة في الشرق الأوسط والساحة الدولية, وفي جزء آخر نتيجة غياب رد ملائم من المؤسسة السياسية في إسرائيل علي هذه التطورات فالحكومة الإسرائيلية الائتلافية امتنعت عن بلورة سياسة محددة ذات أهداف واضحة تتصل بواقع إسرائيل والمخاطر التي تحيط بها, وبدلا من ذلك اختارت تأجيل القرارات أو امتصاص الضغط الدولي الفوري عبر خطوات مرحلية ففي داخل الحكومة الإسرائيلية تتباين الآراء بشأن التعامل مع المفاوضات تمهيدا لحل وسط سياسي وإقليمي في الساحتين اللتين تمثلان المدخل لتحسين المكانة الإقليمية لإسرائيل. فأصحاب وجهة النظر الرافضة للسعي العملي لحل وسط ـ برأي معدي التقرير ـ غير مستعدين لدفع التكلفة التي تكمن في دفع الاتفاقات وبلورتها, وخاصة فيما يتعلق بالبعد الإقليمي, وينطلق هؤلاء المعارضون في موقفهم من أسباب عدة جزء منها أيديولوجي في أساسه, وأخري إلي فقدان الثقة باتجاهات الطرف الآخر وقدراته علي تأدية دوره في الاتفاقات, إذا ماتحققت.
في مقابل ذلك يري آخرون من داخل الحكومة أن السعي الي الاتفاقات هو مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولي. ويرتكز هذا الموقف علي تقدير مفاده أنه إذا لم تسع إسرائيل إلي دفع الاتفاقات في ساحتي النزاع( الفلسطيني والسوري), فستدفع ثمنا كبيرا, علي المدي القصير سيكون ثمنا سياسيا, سواء علي صعيد تدهور العلاقات مع لاعبين دوليين أساسيين, أو فيما يتعلق بمحاولات لنزع الشرعية عن إسرائيل إضافة الي أخطار أمنية جسيمة لكن تحديا آخر يفرض علي إسرائيل مواجهته كما يرون, هو أن يهدد إمكان انهيار المسار السياسي مكانة السلطة الفلسطينية وبقاءها بصيغتها الحالية, مماسيؤدي إلي وضع تذهب فيه انجازات بناء القوي الأمنية الجديدة للسلطة الفلسطينية بمساعدة الولايات المتحدة, والاتحاد الأوروبي والأردن أدراج الرياح. وتجاه العلاقات مع الولايات المتحدة يري الجنرالات أن إدارة أوباما أولوية منحت فرصة للسعي إلي الاتفاقات بين إسرائيل والفلسطينيين انطلاقا من فرضية أن تسوية النزاع, وعلي الأقل رسم مسار واضح له وملزم لتنفيذ فكرة الدولتين, سيسهل دفع جدول الأعمال الأمريكي في الشرق الأوسط المتعدد تجنيد دول عربية للجبهة ضد إيران, تثبيت الوضع الأمني والمؤسسة السياسية في العراق وكبح نفوذ الحركات الإسلامي في أفغانستان والعراق. ووفقا لذلك, بلورت الإدارة الأمريكية سياسة متداخلة من الضغط علي إسرائيل لدفع المفاوضات مع الفلسطينيين.
ويرصد التقرير وجود دلالات شديدة للعزلة المتزايدة لإسرائيل في الحلبة الإقليمية والحلبة الدولية ولاسيما ان هذه العزلة ستجعل من الصعب علي إسرائيل ان تتصدي وحدها, من دون تعاون وتنسيق دولي,للتحديات التي تواجهها. هذا الموضوع ذو صلة بصورة خاصة بالنسبة الي تحديين أمنيين مركزين تتصدي لهما إسرائيل: تحول إيران إلي قوة نووية والصراع غير المتماثل ليسوا دولا.
ويخلص التقدير أنه إذا فشلت المساعي لوقف المشروع النووي الإيراني, ستتزايد الحاجة إلي التعاون الدولي لاستيعاب التهديد الإيراني. ومن شأن إسرائيل أن تحتاج إلي ضمانات نووية من الولايات المتحدة لتعزيز ردعها ضد إيران. وستكون في حاجة الي ضمانات للحصول علي مساعدة من جانب الولايات المتحدة تقدم الي دول الخليج العربية.
وهناك تسليم بأنه أي هجوم من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة علي المنظومة النووية الإيرانية, يمكنه أن يفضي إلي حصول ضغط من جانب إيران علي حزب الله للمشاركة في المعركة وإشعال الحدود الشمالية لإسرائيل
وبشأن قدرات إسرائيل العسكرية2010 يشير التقرير إلي أن إسرائيل تبذل جهودا كبيرة في تطوير منظومات مضادة للصواريخ الباليستية والقصيرة المدي كما اشترت بطاريات حيتس إضافية زيادة علي البطاريتين الموجودتين في حوزتها ومنظومة حيتس تخضع لتطوير يتيح لها تسجيل نجاح أكبر في مواجهة تهديدالصواريخ البعيدة المدي. وتستثمر إسرائيل جهودا في منظومتين دفاعيتين إضافيتين من إنتاج محلي: منظومة مقلاع داوود لاعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المتوسطة المدي بين40 و200 كم, ومنظومة القبة الحديدية المخصصة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدي مثل القسام وجراد, ومن المتوقع ان تنتهي مرحلة التطوير في مقلاع داوود عام2012 فيما يتوقع ان تدخل القبة الحديدية حيز الخدمة نهاية عام2010
كما أطلقت إسرائيل قمر أفق7 الذي يفترض أن يستبدل أفق5 كما وضعت قمرا يتيح جمع معلومات استخبارية ليلا ونهارا في كل الأحوال الجوية كذلك أطلق قمر أفق9 في.2010 وقد أدخل سلاح الجو الإسرائيلي إلي الخدمة أخيرا طائرات من طراز شوفال وإيتان القادرة علي البقاء طويلا في الجو وعلي ارتفاعات عالية وكلتاهما مؤهلة لتنفيذ عمليات بعيدة المدي( أربعين ساعة أو أكثر) إضافة إلي مهمات جمع المعلومات.
ساحة النقاش