بلد المتناقضات

بلد المتناقضات
بقلم: محمد التهامى

كلما زاد تأثير الانسان إيجابيا في محيطه ارتفع مقداره بين الناس حوله وارتفع كذلك في نظر نفسه فضاعف جهده ليبلغ المزيد

وقد أدرك ذلك الشاعر الحكيم الذي قال
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
أذكر ذلك كثيرا كلما تأملت تحركات وتنقلات الرئيس مبارك هنا وهناك بما يكاد يجاوز طاقة البشر فهو يعمل ويحمل ما تنوء به العصبة أولو القوة‏.‏ وهنا أتمني ان يكون ذلك مثلا لكل صاحب منصب منا صغيرا أو كبيرا فلو حدث ذلك ولو علي مستوي متواضع لتبوأنا مكاننا الذي نستحق والذي يؤهلنا له التاريخ والجغرافيا ومستوانا البشري الرفيع‏.‏
والتأمل الدقيق في حياة الشعب المصري يكشف عن حقائق لامراء فيها ومنها ان المصريين القدماء منذ فجر التاريخ هم أول من بني الأهرامات في العالم كله ولايليق بأحد منا بعد هذا التقدم العلمي والاعلامي ان يتصور ان الاهرام كانت مجرد مقبرة لدفن الموتي وخاصة ان الدكتور زاهي حواس يشكو مر الشكوي من شدة تزاحم العلماء من أمريكا واليابان علي مدوامة الحفر والتنقيب والبحث في سراديب الهرم الأكبر بحثا عن الحقائق العلمية الغائبة في الهندسة والنحت والتحنيط‏...‏ الخ‏.‏
ولكيلا نشتط علي أنفسنا ونكلفها مالا تطيق سنقتصر مؤقتا علي النظرة إلي الهرم من الخارج من بعيد فنجد انه رمز علي التجمع المادي أولا والمعنوي ثانيا يضمن دوام البقاء والخلود حيث يقوم ويرتكز علي القاعدة الأصلية الواسعة العريضة ثم يرتفع رويدا علي اكتاف قواعد تتقلص رويدا حتي تبلغ القمة العالية الواحدة‏,‏ ويلاحظ ان هذا الترتيب يضمن المحافظة علي البقاء وفعالية عوامل التعرية‏.‏
ويلاحظ ان كل حجر من القاعدة العريضة الي القمة المدببة عليه واجب وله حق لا يضيره ذلك أيا كان وضعه ولا تثريب علينا إذا وثب بنا الخيال الي تصور المجتمع البشري في اي مكان في هذه الحياة الدنيا فقد تواضعت المجتمعات البشرية منذ الأزل علي ان ترتب تحركها الحياتي علي اساس هرمي وكلما استوت أوضاع الهرم استوت أوضاع الناس مع وجود الاخطاء البشرية التي هي من طبيعة الناس حتي شاع القول ـ ان الكمال لله وحده ـ والملاحظ انه كلما ارتفعت مكانة الانسان في الهرم زادت مسئولياته وزاد حرصه علي كرامته‏,‏ واصبح الكل يشكو من الكل واختلط الفاعل بالمفعول به وتعددت القضايا المبهمة مثل قضية لوحة الخشخاش‏,‏ حيث نزل الوزير بنفسه الي النيابة وواجه اتهامات المرءوسين بطريقة لا تحافظ علي هيبة المنصب مع أن هناك قضايا كان يمكن حسمها بقليل جدا من الوعي والدراية‏.‏

المزيد من مقالات محمد التهامى

المصدر: http://www.ahram.org.eg/331/2010/10/26/4/45396.aspx