تقرير حكومى يعترف: مصر تفتقد المعلومات والبيانات والإحصاءات فى جميع المجالات كتب نشوى الحوفى ٢٤/ ١٠/ ٢٠١٠ |
«الفجوات المعلوماتية فى الإحصاءات المصرية وجودة البيانات الأساسية»، هكذا جاء عنوان تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، والذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، ليكشف الفجوة الشاسعة فى الحقائق، التى يمكن الاعتماد عليها فى عملية اتخاذ القرار فى مصر فى جميع مجالات الحياة، فى الوقت الذى يحتفل فيه العالم باليوم العالمى للإحصاء فى إشارة لأهمية الأرقام والبيانات فى حياة الشعوب وتقدير مصائرها. رصد التقرير آراء ٥١ خبيرا فى الاقتصاد والإدارة والاجتماع والإحصاء من داخل الحكومة وخارجها، إلا أن أهم الحقائق، التى تضمنها التقرير يتعلق بمعاناة الكثير من الباحثين والمتخصصين عند التعامل مع الإحصاءات المنشورة وهو ما ينتج عنه عدم القدرة على تحليل العديد من الظواهر المرتبطة بهذه البيانات، بشكل يؤثر على صناعة القرار ووضع الخطط من قبل المسؤولين. وأوضح التقرير المجالات، التى تغيب فيها البيانات وفى مقدمتها الصحة، حيث أكد عدم توافر بيانات عن خريطة الأمراض فى مصر تتضمن نسب انتشار أمراض كالسرطان والتهاب الكبد الوبائى والسكر والقلب، وعدم توافر بيانات عن عوامل الخطورة الصحية مثل انتشار الإيدز، وتكاليف تقديم الخدمة الصحية ومدى جودتها، أو البيانات الخام بشأن وفيات الأمهات، التى تقوم وزارة الصحة بتجميعها لإجراء تحليلات أكثر عمقاً، بالإضافة إلى عدم توافر بيانات عن عدد سواقط القيد، أو بيانات الربط بين مستويات الدخل والحالة الصحية. أما فى الإحصاءات الاقتصادية، فذكر التقرير عدم إتاحة ملفات البيانات الخام لمسح القوى العاملة والدخل والإنفاق، وعدم توافر بيانات عن المشروعات الصغيرة، التى يعمل بها أقل من ١٠ عمال، بالرغم من أن تلك المشروعات باتت المسؤولة الأولى الآن عن توفير فرص العمل، وكذلك عدم توافر بيانات عن حجم القطاع غير الرسمى فى مصر، ومدى جودة العمل وهيكل ومتوسط الأجور. كما ذكر التقرير أن الكثير من السلع الاستراتيجية مثل الطاقة غير مصنفة فى الموازنة بشكل تفصيلى، إنما تظهر كرقم مجمع، ولا تتوافر بيانات تفصيلية عن النشاط الصناعى. كما أكد التقرير غياب أى تقديرات مستقبلية للكثير من المعدلات، خاصة المرتبطة بالرقم القياسى للأسعار أو الممارسات الاحتكارية، وغياب الإحصاءات الخاصة بجداول المدخلات والمخرجات على المستوى القومى والإقليمى. أما فى مجال الإحصاءات الخاصة بالهجرة، فقد أكد التقرير عدم توافر بيانات تفصيلية عن الهجرة الخارجية وأسبابها وأنماطها وتوزيعها وأعداد المهاجرين للخارج، سواء أكانت شرعية أو غير شرعية، وكذلك عدم توافر بيانات دقيقة عن الهجرة الداخلية وتوزيعها وعددها والمحافظات الطاردة والمحافظات الجاذبة وخصائص المهاجرين وتوجهاتهم أو عدد المغادرين. وعلى الرغم من أهمية القطاع السياحى، الذى يمثل أحد أهم مصادر الدخل القومى لمصر، فإن التقرير أكد وجود فجوة معلوماتية فيما يتعلق بعدم توافر بيانات عن الغرض من السياحة، طبقا للجنسية ومدى رضا السائحين عن فترة تواجدهم فى مصر. بالإضافة إلى قلة المعلومات المتعلقة بالسياحة الداخلية. وتناول التقرير غياب البيانات والإحصاءات الخاصة بالإعلام فى مصر ولجوء الباحثين للبيانات الدولية للحصول على معدلات مشاهدة التليفزيون فى الدول المختلفة ومن بينها مصر، وعدم توافر بيانات عن مبيعات الصحف وتمويل وسائل الإعلام والمدونات وحجم الإعلانات وعائداتها، وكذلك عدم توافر بيانات عن العاملين بالإعلام. وتتوالى المفاجآت المعلوماتية فى التقرير، الذى يؤكد غياب البيانات حتى فى مجال البيئة وعدم توافر أى بيانات عن الصناعات الملوثة ونسبة مساهمتها فى تلوث البيئة وتغير المناخ والتوقعات المستقبلية. أما فى البيانات الخاصة بالعدل والأمن، فقد أكد التقرير عدم توافر بيانات عن الجرائم وأنواعها وحجمها والتوزيع الجغرافى لها، أو بيانات عن الزواج العرفى وعدد أطفال الشوارع وخصائصهم، أو عدد حالات الانتحار وأسبابها. وفى المجال السياسى، تحدث التقرير عن غياب البيانات الخاصة ببعض الحوادث المتعلقة بالفتنة الطائفية وأماكن تركزها وكذلك غياب بيانات أعضاء الأحزاب وخصائصهم، وغياب المسوح القومية الخاصة بقياس حجم المشاركة السياسية وتوجهات المواطنين. أما الزراعة، التى تمثل جزءا من الأمن الغذائى، فقد ذكر التقرير عدم وجود بيانات فى كل ما يتعلق بها، مثل بيانات جودة الأرض الزراعية، وكيف أن آخر بيان عن هذا المجال تم جمعه فى السبعينيات، وعدم توافر بيانات عن إنتاج وبيع المحاصيل الزراعية ونسبة الإهدار فيها على مدار مراحل التجميع. وينطبق الحال على التعليم، الذى يعانى من عدم توافر بيانات تتعلق بأعداد الطلاب المقيدين فى الجامعات والمعاهد العليا وخصائصهم الاجتماعية، وحجم الاستثمارات فى الجامعات الخاصة وأرباحها، ومؤشرات ربط العملية التعليمية بسوق العمل، وبيانات المراكز البحثية وعدد العاملين بها. كما يؤكد التقرير غياب البيانات الخاصة بالتخطيط والعمران، فلا بيانات عن أسعار الأراضى فى المدن، أو شبكات المرافق الواجب تطويرها، أو آراء المواطنين فيما يتعلق بشكل الوحدات السكنية الملائمة لهم وأنظمة السداد، التى تلائمهم. ويمتد الأمر لإحصاءات السكان، فلا توجد قاعدة بيانات عن فئات السكان، الشباب والمسنين والنساء والأطفال، أو معدل الإنجاب الكلى على مستوى المحافظات. لم يكن غياب المعلومات المشكلة الوحيدة، التى تناولها التقرير، إذ تطرق إلى المشاكل المرتبطة بمنظومة الإحصاءات المصرية، وأجمع غالبية الخبراء، الذين أدلوا بآرائهم على صعوبة الحصول على البيانات بصفة عامة والبيانات التفصيلية بصفة خاصة، بدعوى سريتها أو عدم توافرها، أو طلب مقابل مادى كبير للحصول عليها. وذكر الخبراء أن بعض القوانين الحالية يعرقل عملية تداول المعلومات ومنها قانون «نظام العاملين المدنيين فى الدولة»، الذى ينص على عدم أحقية الموظف فى التصريح بأسرار وظيفته، وهى مادة يعتمد عليها كثير من الموظفين عند رفض منح المعلومة. كذلك غياب قانون لتداول المعلومات فى مصر. وأكد الخبراء أنهم يستعينون بوسائل للتغلب على تلك الفجوة المعلوماتية من بينها العلاقات الشخصية والمصادر الدولية للحصول على البيانات المحلية، مشيرين إلى أن غياب البيانات الدقيقة يؤثر على صورة مصر الدولية لأنه يضعها فى مصاف الدول المتدنية، خاصة مع وجود تضارب وعدم اتساق البيانات، سواء بين الجهات المحلية المتخصصة فى إعلان البيانات دون وجود تفسير لهذا الاختلاف، أو بين الجهات المحلية والجهات الدولية. كما أكد معظم الخبراء أن العديد من الإحصاءات المنشورة على المستوى القومى تنقصها الدقة ولا تعكس الواقع الفعلى ويشوبها العديد من الأخطاء، ومنها على سبيل المثال عدد سكان مصر، فلا يوجد إحصاء دقيق رسمى بعددهم، فجهات تقول ٨٠ مليونا وأخرى تتعامل على أنهم ٨٥ مليونا. وأرجع التقرير ذلك لعدة أسباب منها عدم وعى جامعى البيانات بأهميتها، ونقص كفاءتهم وعدم وجود إطار واضح لتقييم جودة المعلومة، بالإضافة للرغبة فى تجميل البيانات لإخفاء مشاكل المجتمع. |
ساحة النقاش