الفساد والاحتكار وغول الأسعار

  بقلم   د. صفوت قابل    ٢٠/ ١٠/ ٢٠١٠

من القضايا التى لاتزال تشغل الرأى العام قضية ارتفاع الأسعار وأسبابه وإلى أين تذهب هذه الارتفاعات، ومن البديهى أن علاج أى مشكلة يعتمد على التحديد السليم لأسبابها وكيف يمكن تلافى هذه الأسباب مستقبلا، ولكننا نلاحظ أن ما تفعله الحكومة هو محاولة تقديم المبررات للتنصل من أنها السبب الرئيسى لهذا الغلاء، وبالتالى تقدم مبررات غير سليمة وعندما تحاول التصدى للمشكلة تتزايد التصريحات عن النوايا الطيبة دون وضع سياسات متكاملة للعلاج.

ولقد تناولت سابقاً «المصرى اليوم» فى عدد يوم ١٣ أكتوبر، بعض الأخطاء فى التفسير الحكومى لارتفاع الأسعار وخلصت إلى أن السبب الرئيسى لارتفاع الأسعار هو وجود المحتكرين الكبار وليس جشع التجار الصغار، بالإضافة إلى الأخطاء فى السياسات الحكومية، واستكمالاً لما سبق نعرض للمحاصيل الزراعية التى ارتفعت أسعارها وكيف أن السياسات الحكومية هى المسؤولة الأساسية عن ذلك، وهى التى أدت إلى توحش الاحتكارات وعدم قدرة الحكومة أو عدم رغبتها فى مواجهتها.

يبلغ إنتاج الأرز حوالى ٥ ملايين طن بينما الاستهلاك المحلى لا يتجاوز ٣ ملايين طن فلماذا اختفى الأرز وارتفعت أسعاره، التبريرات الحكومية تدور حول أن مساحة الأرز المزروعة قد انخفضت من ٢ مليون فدان إلى ١.٣ مليون، ولكنها لا تكمل المعلومة بأننا كنا ننتج ضعف الاستهلاك المحلى وبالتالى الفارق يذهب إلى التصدير، والمشكلة أن كبار التجار المصدرين للأرز يقومون بتجميع الأرز من الفلاحين وتخزينه وبالتالى يقل العرض ويرتفع السعر،

وفى الوقت نفسه لا تستطيع هيئة السلع التموينية توفير احتياجات البطاقات من الأرز التموينى عن طريق المناقصات التى تعقدها مما زاد من حدة الأزمة، ورغم أن كبار المصدرين سبب الأزمة حاولوا الضغط على الحكومة لتتراجع عن قرارها مد حظر تصدير الأرز إلى أكتوبر ٢٠١١ فإن الحكومة لم ترغب فى التصدى لذلك وبدأت فى التمهيد للسماح للمصدرين بالتصدير من خلال اقتراح كبار التجار باستيراد طن ونصف الطن من الأرز اللازم لبطاقات التموين مقابل تصدير طن من الأرز المصرى،

وهذا صورة من صور الفساد ولكى يتضح مدى الفساد والاستغلال فى هذا الاقتراح علينا أن نتذكر أن الإنتاج المحلى من الأرز يكفى للاستهلاك ويزيد، وأن المشكلة تكمن فى تخزين التجار الكبار للأرز للضغط على الحكومة للسماح لهم بالتصدير، ولتمرير هذا القرار يعرضون استيراد طن ونصف الطن مقابل كل طن يصدرونه ثم يأخذون فى التغنى بما فعلوه من أجل مصر والمواطن الفقير، ويأخذ المسؤولون فى إطلاق التصريحات بالسماح باستيراد الأرز مراعاة لمحدودى الدخل، بينما الواقع أن الجميع «التجار والحكومة» يتلاعب باحتياجات الفقراء لجنى المزيد من الأرباح، وهو ما يتضح عندما نعرف أن طن الأرز الذى سيتم استيراده يبلغ سعره أقل من ٥٠٠ دولار بينما طن الأرز المصرى العريض يباع بأكثر من ١١٠٠ دولار،

وإذا أدخلنا فى الاعتبار التجارب السابقة والتى تتمثل فى أن التجار يستوردون أردأ الأنواع ما دام من يستهلكونها هم الفقراء أصحاب البطاقات التموينية، أليس فيما يحدث نوع من التواطؤ الخفى بين الحكومة والمحتكرين، وهل هذه هى السياسة التى يتغنون بها من أجل رفع المعاناة عن الفقراء أم للتلاعب بالفقراء من أجل المزيد من الأرباح للكبار؟!

[email protected]

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 20 أكتوبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,864