النص المسرحي مزدهر .. والعرض في أزمة الكتاب يقدمون إنتاجاً غزيراً .. ومؤسسات الإنتاج الثقافي منهارة الأدباء: تردي الواقع مادة خصبة للإبداع!! |
حزين عمر |
أكبر وعاء ثقافي تصب فيه كل صنوف الإبداع هو المسرح: يبدأ بالنص الأدبي الذي ظل شعراً علي مدي آلاف السنين. ثم تحول منذ حوالي قرنين إلي نثر. ولم ينقرض المسرح الشعري رغم غلبة المسرح النثري.. ومازال يقدم في العالم: شرقه وغربه إلا بلادنا العربية التي لم نتقرض فيها العمل المسرحي الشعري فقط. بل يكاد ينقرض فن المسرح كله!! هل يعني هذا ضمور موهبة الكتابة المسرحية لدي مبدعينا؟! هل يعجزون عن إبداع المسرح الشعري وكذلك النصوص المسرحية النثرية القوية البنيان والحبكة؟! الاجابة بالنفي طبعاً.. لان مئات النصوص طبعت ونشرت فعلاً باللغة العربية وباللهجة العامية: شعرا ونثرا. من خلال هيئة الكتاب ودور النشر الخاصة. وفي هيئة قصور الثقافة تصدر بانتظام سلسلة "نصوص مسرحية" وعلي رأسها كاتب مسرحي ودرامي كبير هو أبوالعلا السلاموني.. ونستطيع أن نضيف أسماء أخري كثيرة جداً من كل الأجيال تبدع النص المسرحي. منهم: محفوظ عبدالرحمن ويسري الجندي وعبدالغني داود والسيد حافظ وسمير عبدالباقي وهشام السلاموني وحسن سعد ومحمود نسيم وسعيد حجاج وهالة فهمي وناصر العزبي وفتحية العسال وجمال أبوضيف.. وغيرهم. ومازالت إصدارات المسرح الشعري تتوالي علي يد د. حسن فتح الباب ومهدي بندق ومحمد إبراهيم أبوسنة.. وغيرهم في معظم أقاليم مصر. وإذا كانت النصوص المسرحية كجنس أدبي متوافرة فهل تعود أزمة المسرح المستحكمة منذ سنين. والتي أدت حالياً إلي ما يشبه انهيار هذا الفن. فهل تعود المشكلة إلي سائر الفنون الأخري المشاركة في عملية العرض المسرحي. من ديكور كفن تشكيلي وموسيقي. وأشعار تغني. وأصوات. وأداء تمثيلي؟! لا نظن.. فكل هذه الأشكال الفنية تملأ الدنيا ولا شكوي من أي عجز فيها.. ما المشكلة إذن؟! بفعل فاعل!! هذا هو السؤال الذي طرحه. وحاول الاجابة عليه عدد من المبدعين والنقاد في ندوة أقامها نادي أدب الجيزة برئاسة الشاعرة نوال مهني. وشارك فيها عدد كبير من المتحدثين. منهم: محمد شرشر وعدنان برازي ويحيي أحمد ومحمود شحاتة وهالة فهمي وعبدالحميد غلوش ومحمد فايد عثمان ومديحة أبوزيد.. وقد تعددت الرؤي حول أزمة المسرح بين النص والعرض. وان اتضح ما يشبه الاتفاق بين المتحدثين علي أن "خراب" أبي الفنون يحدث في السنوات الأخيرة بفعل فاعل.. فبعد أن انحرف مسرح القطاع الخاص عن هدفه وسمته كفن جميل. وتحول إلي تهريج وسذاجة لإشباع طالبيه من مواطني الخليج في ربع القرن الأخير. سقط هذا القطاع الخاص وأغلقت مسارحه غالباً بعد انفضاض زواره عنه. وانصرافهم إلي وسائل أكثر لهوا وسطحية!! وكان منتظرا كما يؤكد الأدباء أن يتحمل ما يسمي بمسرح الدولة ومؤسسات الإنتاج الثقافي الرسمية عبء معالجة هذا السقوط. وإعادة المواطن المصري إلي المسارح كوسيلة الإشاعة الوعي والاستنارة والحوار الديمقراطي. لكن هذه المؤسسات قفز عليها بعض الأشخاص ممن لا يملكون أية رؤية أو مقومات لتحمل المسئولية. فاستمرت موجة الانهيارات وانتقلت من القطاع الخاص للقطاع العام.. وقامت أسوار عالية بين العقول التي تبدع النص المسرحي الراقي والأشخاص الذين ينفرون من الإبداع الحقيقي. وينتجون الأعمال السطحية الساذجة!! * في الندوة التي أدارتها نوال مهني قال محمد شرشر: منطقتنا العربية الآن مستهدفة. وأكثر ما يستهدف فيها هو "النص" بكل ظلاله الحضارية ومعانيه الواسعة. بصفته مرتكزا للحضارة العربية.. فالنص لدينا هو القرآن والسنة. والنص هو الشعر الحافظ لتاريخنا ولغتنا وذاكرتنا. والنص كذلك هو المسرح: أداة التحريك الجماهيري الكبري. والقضية تتجاوز أزمة النص أو العرض في ظل أعوام الرمادة التي نعيشها والواقع المترهل عقلا ووجدانا بل حتي علي المستوي الجسدي للأفراد. والحل هو تصدي المثقفين لهذا التردي. بدلا من تصارعهم علي جني المكاسب المادية واعتلاء المناصب الرسمية. * عدنان برازي: الأزمة كلها في الرءوس المسيطرة علي العملية الثقافية. وخاصة علي مستوي الإنتاج الجمعي المؤسسي الذي لا يستطيعه الأفراد. والناس الآن أصبحت تخشي دخول المسارح حتي لا يصدموا بكم البذاءات والجنس المكشوف غير الموظف فنيا علي خشبات دور العرض!! والأمر كله تحول إلي الهزل والتسطيح. وبدأ من مصر. ثم وصل إلينا في سوريا. ثم انتقل إلي سائر الأقطار العربية. والمشكلة مثلما بدأت من مصر لابد أن تصدر مصر حلولها إلي شقيقاتها العربيات. * محمود شحاتة: أنا مع مقولة النهوض من مصر. كما يبدأ التراجع من مصر.. ويستطيع المثقف المصري أن يجهز المتلقي العادي لاستقبال الفنون الراقية. وإخراجه من حالة الإسفاف التي وصل إليها الإبداع الفني حالياً. وخاصة في المسرح والغناء والموسيقي.. ولا أري مبررا لربط التدهور العام بتدهور النص المسرحي ولا الإنتاج الأدبي بعامة.. فالأدب قد يزدهر حتي في عصر الأزمات والتراجعات السياسية. * عبدالحميد غلوش: الأزمة تكمن في غياب المشروع الحضاري القومي.. والحركات الثورية التي شهدها المجتمع العربي في النصف الثاني من القرن الماضي كانت توهم المواطن بأنه سينال حريته. بينما ضاعت هذه الحرية. وانطفأ المشروع الحضاري رغم الخروج المباشر للمستعمر من بلادنا. |
المصدر: http://www.almessa.net.eg/
نشرت فى 11 أكتوبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,795,946
ساحة النقاش