(أسلوب النداء)
معناه ـ وأنواع أسلوبه وأغراضه ؛
وأدواته واستخداماتها
وأقسام المنادى ـ وإعراب كل نوع.
مفهوم النداء لغويا :
النِداءُ: هو الصوت، في معاجم اللغة.
وقد يُضَمُّ مثلَ : الدُعاءُ ،الذي بدأنا به حديثنا والرُغاءُ ؛ وهي لغة التفاهم بين أصناف من الخلق.
وجاء في ضبطها لغويا بقلة ( النَُُدَاءُ ) بضم النون وتشديدها سماعا.
.ونادَاهُ مُناداةً ونِداءً، أي صاح به.
وتَنادَوْا، أي نادَى بعضُهم بعضًا.
وأصلُ الهمزةِ في آخرها أنها منقلبة عن الواو .(ندو)
أنواع أسلوب النداء وأغراضه :
*أسلوب النداء :طلب الإقبال بالحرف ( يا ) أو أحد أخواته التي سنعرفها لاحقا إن شاء الله..
إقبالا حقيقيا ،كأن تنادي على غلامك فتقول : ياغلامُ
أو مجازيا ؛ أي يراد به الاستجابة كما في نحو : ياأللهُ
وقد يكون الغرض من النداء ؛
تأكيد المعنى وتقويته ، مثل قولنا لمن يستمع لحديثنا :
إن الأمر هو ما فصَّلته لكم يا إخوتي الكرام .
ويتكون الأسلوب من ( الأداة والمنادى والغرض )
*أسلوب (الندبة ):ومعنى المندوب : هو المتفجع عليه ، أو المتوجع منه. وهو لا يسمع النداء حقيقة بل مجازا. كأن تنوح المرأة على زوجها ؛ يا بعلي ، ياسبعي ، أو يشكو المرء من ألمه قائلا: وا ركبتاي.
*أسلوب (الاستغاثة) : والمستغاث فيه؛ هو من ينادى لِيُخَلِّصَ في شدِّةٍ ، أو يُسَاعِدَ في دَفْعِهَا. مثل : وا رباه
* والأصل أن يكون المنادى حقيقيا عاقلا ؛كي يكون في استدعائه وإسماعه فائدة ، ترجى من ندائه
*وقد ينادى على غير العاقل لداعٍ بلاغي :
مثل قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام:
( وقيل يا أرضُ أبلعي ماءك ، ويا سماءُ أقلعي )
وفي قوله مثلا في قصة داود عليه السلام: ( يا جبالُ أوبي معه )
وقول الشاعر :
يا ليلُ طُل ، يا نَومُ زل = يا صُبحُ قِفْ لاتَطْلُعِ
*وقد يدخل النداء على الحرف مثل :
( يا ليت لنا مثلما أوتي قارون ...) و ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )
وقول الشاعر :
فيا ربما بات الفتى وهو آمنٌ = وأصبح قد سُدَّتْ عليه المطالعُ
* أو على الفعل مثل :
كقول الشاعر:
يا حبَّذَا النيل على ضوء القمر= وحبذا الماء فيه والسحر
أدوات النداء :
ستة حروف وهي:
1- يا ؛ أم الباب ،
وفي ياء النِّداء لغات، وهي منجبات الياء من الأحرف الأخري للنداء ؛أو أخواتها في الباب ؛ تقول:
يا فلانُ
وقال الشاعر يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام :
كيف ترقى رُقِيَّك الأنبياءُ = يا سماءً ما طاولتها سماءُ؟!
أَيا فلانُ
آيا فلانُ
هَيا فلانُ،
الهاء مبدلة من الهمز في أَيا فلان،
أفلانُ
وربما قالوا فلانُ بلا حرف النداء ؛ أَي يا فلانُ.
قال ابن كيسان: في حروف النداء ثمانية أَوجه:
يا زَيْدُ
ووازَيْدُ
وأَزَيْدُ
وأَيا زَيْدُ
وهَيا زَيْدُ
وأَيْ زَيْدُ
وآيا زَيْدُ
وزَيْدُ؛
2- أي ؛
أَلمْ تَسْمَعي، أَيْ عَبْدُ، في رَوْنَقِ الضُّحى =غِناءَ حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيلُ؟!
3- هيا ؛
قال الشاعر:
هَيا أُمَّ عَمْرٍو، هل ليَ اليومَ عِنْدَكُمْ= بَغَيْبَةِ أَبْصارِ الوُشاةِ، رَسُولُ؟
4- الهمزة ؛
مثل قولنا للعميد:
أَشعبان ، مَأْواكُمْ لِمَنْ حَلَّ واسِع.
وقول الشاعر ينصح ابنه :
أأسيدُ إن مالا ملكـ = ت فسر به سيرا جميلا
5- أيا ؛
قال الشاعر :
أَيا ظَبْيةَ الوَعْساءِ بَيْنَ حُلاحِلٍ
(الأرض اللينة الرملية بين أسياد ذوي مروءة شجعان ) قال امرؤ القيس:
يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا= القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا وقال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛
6- ( وا ؛ وتستعمل لنداء المندوبِ ) أو المستغاثِ به؛
كقول الشاعر في الرثاء :
وا محسنا مَلَكَ النفوسَ بِسِّرِهِ = وجرى إلى الخيرات سبَّاق الخطا
والمندوب : هو المتفجع عليه ، أو المتوجع منه كما أوضحنا.
، وقد تستعمل فيه ( يا ) إذا امتنع اللبس ؛
مثل قول الله تعالى على لسان العاصي يوم القيامة:
(يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)
أو ما قاله الشاعر في رثاء عمر بن عبد العزيز :
حمُِلت أمرا عظيما فاصطبرت له= وقمت فيه بأمر الله يا عمرا .
فإذا التبس الأمر بين أن تكون ( يا ) للندبة أو الاستغاثة أو لا تكون ؛
وجب تركها واستخدام ( وا )
كقول المرأة التي استصرخت بالمعتصم مستغيثة ؛ لفجيعة أصابتها من الروم ( وا معتصماه )
وسئل أحدهم : مالك تضع يدك على كبدك؟
فردد قول الشاعر:
فوا كبدا من حُبِّ منْ لا يحبني = ومن عبراتٍ ما لهن فناء !!
واحر قلباه ممن قلبُه شبم= ومن بجسمي وحالي عنده عدم
ولكل من هذه الأدوات غرض عند استخدامها ؛
أ) فتستخدم ( يا ) للبعيد ، ماديا ، أو معنويا ؛ بارتفاع المكانة والمنزلة كما في ندائنا ( ياألله ) لعلو شأنه وتقديسه . أو في حكم البعيد ؛ كالنائم والغافل ، وكذا الحروف آ ، وأيا ، وهيا .)
ب) ويستخدم لنداء القريب المحبب إلى النفس أو القريب ماديا : ( الهمزة . وأي )، وأحيانا تحذف أداة النداء ، ويبقى المنادى بحكمه الإعرابي،
كما في قول الشاعر:
إنما الأرض والسماء كتابٌ= فاقرأوه معاشرَ الأذكياء
بمعنى ؛ يا معاشرَ الأذكياء.
للدلالة على القرب أيضا.
ج) وا ؛ وتستخدم للتحسر والتوجع والاستغاثة , ومعها ( يا ) إذا امتنع اللبس
ويجب عدم حذف ( يا ) في المواضع الآتية :
1*في النداء على المندوب ،
2*في المنادى البعيد
كقول الشاعر:
يا صادحا يشدو على فنن = رُحْمَاك ، قد هيَّجْتَ لي شَجَنِي
3*في المنادى النكرة غير المقصودة:
يا محسنًا لاتكدر إحسانك بالمَنِّ.
4*في المنادى المتعجب منه:
يا لفضل الوالدين على الإنسان. يالرحمة الله باليتيم.
5*في المنادى ضمير المخاطب عند من يجيزه:
يا أنت يا خير الدعاة للهدى= لبيك داعيا لنا ، وهاديا
حالات المنادى وأحكام إعرابه:
ولا يخلُو المنادى من أن يكون :
*مفردا
*أو مضافا
*أو شبيها بالمضاف
1- فإن كان المنادى مفردا ؛ فهو :
*إما أن يكون معرفة ، كمنى وسعيد وعبد الرحمن
*أو نكرة مقصودة، كما تنادي على نكرة بعينها مثل ( يا رجلُ ) ( يا ناجحان ) ( يا معلمات) (يا مسافرون)
أو غير مقصودة . مثل ياسائرا توقف ، يا سائرين)
*فالمفرد المعرفة أو النكرة المقصودة ، يبنيان على ما كانا يرفعا به ؛
مثل : يا زيدُ ، يارجلُ ، يا زيدان ، يا رجلان ، يا مهندسون ، يا معلماتُ ؛
ويكون المنادى في محل نصب على المفعولية ؛ لأن المنادى مفعول به في المعنى ، وناصبه فعل مضمر نابت ( يا ) أو حرف النداء منابه ،
والتقدير ( أدعو زيدا )
يقول مالك في ألفيته :
والمفرد المنكور والمضافا = وشبهه انصب عادما خلافا
2- والمنادى المفرد النكرة ؛ غير مقصودة
والمضاف؛
أوالشبيه به ينصبان ،
فمثال الأول المفرد النكرة غير المقصودة؛
قول الأعمى ( يا رَجُلا خُذْ بِيَدِي )
ومثال الثاني النكرة المضاف ؛
قول الشاعر:
يا ناشرَ العلمِ بهذي البلاد= وُفِّقْتَ ؛ نشرُ العلمِ مثلُ الجهادِ
وقولك ( ياغلامَ زيدٍ ، ويا ضاربَ عمرو )
ومثال الثالث الشبيه بالمضاف قولك؛
يا طالعًا جبَلا ، ويا حسنًا وجههُ ، ويا ثلاثةً وثلاثين
3- إذا كان المنادى مفردا علما ، ووصف بابن مضافة إلى علم ، ولم يفصل بين المنادى وبين ابن جاز لك في المنادى وجهان؛
*البناء على الضم ، نحو ( يا زيدُ بن عمرو )
*والفتح اتباعا على المحل ؛ نحو ( يازيدَ بن عمرو ) ويجب حذف ألف ابن بينهما إلا إذا جاءت أول السطر .
4- المنادى المضاف لياء المتكلم :
قال ابن مالك في ألفيته:
واجعل منادى صح إن يضف ليا = كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم؛
فإما أن يكون صحيحا، مثل (عبدي )
ففيه خمسة أوجه :
1-*حذف ياء المتكلم والاستغناء عنها بالكسرة نحو؛ ياعبدِ، وهذا هو الأكثر ومثل (قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَنِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)الأحقاف 15
2-*إثبات الياء ساكنة نحو ؛ يا عبدي، وهو دون الأولى في الكثرة
3-*قلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة نحو ، يا عبدَ
4-*قلبها ألفا وإبقاؤها وقلب الكسرة فتحة نحو، ياعبدا
5-*إثبات الياء محركة بالفتح نحو. ( قل ياعباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة ..)
أو معتلا ؛ حكمه: البناء على الفتح
فإن كان معتلا ؛ فحكمه كحكم ما كان يجري عليه قبل النداء مثل ، يا فتايَ أنت عوني في السراء والضراء، في المقصور،
وفي المنقوص كقول الشاعريصف حديقة :
خذا الزاد يا عينيَّ من حسن زهرها = فما لكما دون الأزاهر من متع
وفي جمع المذكر وشبهه تدغم ياؤه مع ياء المتكلم المبنية على الفتح
يا سابقيَّ إلى الغفران مكرمة = إن الكرام إلى الغفران تستبق
5- المنادى المحلى بأل :
نأتي قبله ب(أي) للمذكر ، و(أية) للمؤنث ، وتكون أي أو أية هي المنادى والمعرف بأل بعدهما هو صفة لأي أو أية مرفوعا على لفظ أيُّ أو أيةُّ ،
نقول: يا أيُّها الرجالُ أو أيُّها الرجلُ ، ويا أيتُّها النساءُ أو أيتُّها المرأةُ ، بذكر أداة النداء أو حذفها.
6- نداء الترخيم : وفيه المنادى المُرّخمَ لايكون إلا مفردا علما ،أو نكرة مقصودة ؛ مثل قول الشاعر :
أفاطمَ مهلا بعض هذا التدلل = وإن كنت قد أزمعت هجرا فأجملي
ومثل قول عنترة :
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قيل الفوارس ويك عنترَ أقدم
وقوله :
يا عبلَ لاأخشى الحمام ، وإنما = أخشى على عينيك وقت بكاك
وحكم الإعراب هنا :
إما أن نعتبر المحذوف كأنه موجود وتبقى حركة ما قبله ، ويكون مبنيا على الضم على الحرف المحذوف في محل نصب، وتسمى لغة من ينوي الحذف . لغة من ينتظر ؛ ويقع هذا في المرخم المختوم بتاء التأنيث ، لعدم اللبس ، كما لو كان في ترخيم ( عليَّة )
بحذف التاء منها ، فيلتبس الأمر مع المنادى ( يا عليّ ) للمذكر .
فإذا أمن اللبس ، جازت الطريقة الثانية وهي؛
أن : نراعي الأمر الواقع بعد الحذف : فنقول : أفاطمُ ، وعنترُ ، ياعبلُ
ومثل ( ترخيم ؛ سالِمُ ، مسافر ) فنقول فيهما : يا سالُ ويا مسافُ ؛ ويجوز فيهما استخدام الطريقة الأولى ( لغة من ينوي الحذف أو من ينتظر فنقول : يا سالِ ويا مسافِ ) .
فالمنادى مبني على الضم في محل نصب , لغة من لا ينوي الحذف أو من لاينتظر.
==============
مصادر المحاضرة :
حاشية الصبان في النحو
النحو الوافي : للأستاذ عباس حسن
فن الإعراب : الدكتور أحمد عبد الدايم
النحو الوافي للأستاذ أحمد أمين ، وعلي الجارم
معجم لسان العرب والمصباح المنير ومختار الصحاح
نشرت فى 8 أكتوبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,824,659
ساحة النقاش