أجري الحوار: حسـن فتحي
تذكروا جيدا اسم هذا العالم المصري, الذي يعرفه العالم ويجهله المصريون, رغم أن كثيرا من الأدوية التي يتناولونها, خاصة أدوية القلب, ربما كانت من اكتشافه أو تطويره.
الدكتور شاكر موسى
والذي تعرفه تماما كبريات شركات الدواء العالمية علي مدي17 عاما, ويرتبط اسمه بـ220 براءة اختراع, منها180 براءة لمصلحة هذه الشركات, ويتحكم حاليا في40 براءة اختراع, وكلها في اختراع وتطوير الأدوية باستخدام تقنيات النانو تكنولوجي والخلايا الجذعية, فضلا عما مايزيد علي ألف بحث علمي منشور في كبريات الدوريات العلمية العالمية..
إنه الدكتور شاكر موسي خريج جامعة الإسكندرية, وحاليا استاذ الصيدلة الأكلينيكية في كلية' ألباني' للصيدلة والعلوم الصحية بولاية نيويورك ورئيس الأبحاث بها والأستاذ بجامعة ولاية نيويورك وجامعة بنسلفانيا والعالم الزائر بجامعة جولز هبكنز وعضو الزمالة بالكلية الأمريكية لأمراض القلب وعضو الزمالة العالمية للوظائف الحيوية الطبية.. مرة أخري تذكروا جيدا اسم هذا العالم, لأنه من المنتظر أن تحدث علي يديه في خلال عامين أو ثلاثة أعوام طفرة في رفع كفاءة علاجات أمراض الكبد, ليس لمحاصرة الفيروس فقط, بل لاسترجاع التليف الذي أصاب الكبد... وتعد جامعة ولاية نيويورك عاصمة النانو تكنولوجي في العالم, حيث تقصدها كل الشركات العالمية التي ترغب في تطوير منتجاتها بتكنولوجيا النانو, حيث تضم نحو2500 عالم وباحث في هذا المجال.
ويتراس الدكتور شاكر مركزا مستقلا للأبحاث داخل الجامعة, يضم فريقا من45 باحثا من حملة الدكتوراه, بميزانية سنوية قدرها5 ملايين دولار, يعتمد علي استخدام تقنيات تكنولوجيا النانو والخلايا الجذعية في رفع كفاءة الأدوية المعروفة وتطوير واكتشاف أدوية أخري.
علاجات وأدوية عديدة ابتكرها الدكتور شاكر موسي مترأسا لفرق بحثية في العديد من جامعات العالم, أو طور استخدامات أخري لعقاقير متاحة أو وضعها في شكل صيدلي مبتكر, سواء لعلاج أمراض القلب أو السرطان أو العيون.. تطرقنا إليها في حوار علي غير رغبة منه في ذكر اسمه لحرصه علي تقديم فائدة للناس لايبتغي فيها إلا وجه الله..
في بداية الحوار, يبدي الدكتور موسي أسفه لتزايد حالات الإصابة بالفيروس سي في مصر, مستندا إلي إحصائية تقريبية ذكرها الدكتور جمال شيحة استاذ الكبد بطب المنصورة, بأن هناك حالة سرطان كبد جديدة في مصر كل45 دقيقة, ويري أهمية إطلاق حملات متواصلة للتوعية لوقف زحف هذا الوباء, ومن العلاجات التي ابتكرها, لكنها لم تنتج بعد كدواء, عقار طبيعي يتكون من المادة الفعالة المضادة للأكسدة والالتهابات في الشاي الأخضر والرمان في شكل كبسول مع مادة' كيتوزان' تم عزلها منshellfish, وتم تحميلها علي نانو حتي تزيد مدة بقائها في الدم لفترة طويلة, وكلها من مواد طبيعية تزيد من كفاءة جهاز المناعة, وقد ثبت نجاحها علي حيوانات التجارب في سرطان البروستاتا, وفي استعادة الأجزاء التي تليفت من الكبد وتحويلها إلي خلايا كبد عادية, أيضا علي حيوانات التجارب, ويعمل حاليا في امريكا علي تطوير طرق تضمن توجيه العلاج الكيماوي مباشرة إلي خلايا الكبد واستقرارها فيها لمدة30 دقيقة, فيما يعرف بالعلاج الموجه لأورام الكبد بتكنولوجيا النانو, ولدينا ـ كما يقول ـ بحثان مهمان سنجريهما بالتعاون مع جامعة المنصورة, منها مشروعان لتحويل العلاجات المتاحة إلي أقراص باستخدام تكنولوجيا النانو الموجهة إلي فيروس سي وإلي خلايا الكبد.
* ولكن هل تجرون تجارب لعمل لقاح ضد الفيروس سي؟
نجري تجارب بالفعل نحن وغيرنا في مواقع علمية أخري في العالم, وهي مهمة ليست سهلة, لأن هذا الفيروس يغير شكله باستمرار, علي عكس فيروس بي, والموجود له بالفعل لقاح, وقد استطعنا بتكنولوجيا النانو قصر الجرعة التي يتعاطاها الشخص من3 جرعات إلي جرعة واحدة فقط من لقاح فيروس بي.
* وماذا عن أدوية القلب؟
هناك أكثر من عقار, أولا نجحنا في مراحل التجارب الأولية في تحويل عقار الهيبارين والموجود منه12 دواء حاليا في الأسواق العالمية' وهي مادة طبيعية تستخرج حتي اليوم من أمعاء الخنزير' تستخدم أساسا لإذابة الجلطات في صورة حقن منذ أكثر من60 عاما, إلي أقراص وكبسولات, والهيبارين ليست مادة إذابة الجلطة فقط وعمل سيولة بالدم, بل اتضح من ابحاثنا في إحدي كبريات شركات الدواء العالمية أنها مفيدة لمرضي السرطان, إذ يمكن استغلالها لوقف نمو الخلايا السرطانية, وذلك بمنع تكون الأوعية الدموية التي تتغذي عليها الخلايا السرطانية وتنسجها من حولها وتسهم في انتشارها, حيث استطعنا بطريقة كيماوية وبتكنولوجيا النانو وبعد أبحاث استمرت7 سنوات استغلال الهيبارين كعلاج موجه لقتل الخلايا السرطانية ووقف نمو الأوعية الدموية حولها وإذابة مادة الفيبارين التي تنسجها حولها, وبالتالي خنقها والقضاء عليها, كما تأكد ذلك من خلال الأبحاث علي حيوانات التجارب, كما تمكنا بطرق كيميائية من الاستفادة بالهيبارين في وقف التحام الخلايا السرطانية بصفائح الدم لمنع انتشاره, وبالمناسبة سأشارك فريقا من20 عالما سنجتمع في باريس الشهر المقبل لوضع خطوط ارشادية لعلاج مرضي السرطان والجلطة. كما نجري أبحاثا حاليا مع فريق علمي من جامعة نورث كارولينا ومعهد رنسلير التكنولوجي لاستخلاص مادة الهيبارين بطرق التكنولوجيا الحيوية بدلا من أمعاء الخنزير, بطلب ودعم من الحكومة الامريكيةNTH'', وذلك بعد ثبوت وفاة أكثر من200 حالة في أمريكا بسبب تلقيهم الهيبارين الملوث المستخلص من أمعاء الخنزير الذي يتم جلبه من الصين, كما نجري أبحاثا بالاشتراك مع جامعة سعود بالسعودية لاستخلاص الهيبارين من الجمال, وتم وضع ميزانية أولية كبيرة لهذا الغرض. وقد كان طعام الجمال في بعض المناطق الصحراوية علي نبات يسمي' التفة' ولجوء بعض الناس إلي استخدامه كعشب في السعودية, سبيلا لاكتشاف علاج سيحدث ثورة مرتقبة في علاج الهشاشة, حيث ثبت من الأبحاث أن من يتناولون هذا العشب لا تصاب عظامهم بالهشاشة, ويتم استخلالص المادة الفعالة تمهيدا لتوفير هذا العقار في شكل صيدلي مناسب.
ومن أدوية القلب التي قدمها الدكتور شاكر موسي هو وفريقه البحثيEsmolol للتحكم في ضربات القلب أثناء التخدير والجراحة, لأن زيادة ضربات القلب في هذه الظروف كانت سببا في كثير من الوفيات, والأهم من ذلك أن تأثيرة يختفي تماما من الجسم بمجرد زوال المخدر, ومركبSestamibicardiolite لتشخيص نسبة انسداد شرايين القلب وقوة عضلات القلب في ضخ الدم, وظهر عام1992 بعد أبحاث دامت7 سنوات, ويحدد مدي الحاجة لعمل دعامات أو غيرها, وكعضو فريق البحث في شركات الأدوية قدم د. شاكر لمرضي القلب دواء لوسارتان لعلاج ضغط الدم المرتفع, كما قدم علاجا للمرضي الذين يعانون من صعوبة وصول الدم للمخ والقلب والساقين بسبب انسداد الشرايين, حيث يكونون معرضين للأزمات القلبية, حيث تم دمج الخلايا الجذعية مع النانو ومركبات أخري يكون هدفها تنشيط تكوين أوعية دموية جديدة لضمان وصول الدم للمخ والأطراف..
ومن ضمن اهتمامات العالم المصري استخدام وتخصيص العلاج لكل مريضpersonalizedmedicine, علي عكس ماهو عليه الحال الآن بان يأخذ المرضي نفس الجرعة من العلاج, وسيتم تخصيص العلاج لكل مريض بمساعدة تحليل عينة صغيرة جدا من الدم باستخدام شريحة نانوship لمعرفة نشاط الجينات والإنزيمات الهاضمة للدواء, ومن هنا يتم تحديد نوع الدواء والجرعة المناسبة لكل شخص, مما يزيد من فاعلية الدواء ويخفي تماما أعراضه الجانبية.
* علي ذكر الخلايا الجذعية, ماهو تقييمكم للأبحاث التي تجري بشأنها حاليا؟
لابد من وقفة جادة في أبحاث الخلايا الجذعية, والتي مازالت في مهدها وتجري فقط في العالم حتي اليوم علي حيوانات التجارب, وفي بعض الدول يساء استخدامها في الإنسان دون تحفظات, هذه الوقفة الجادة تتطلب توفير عدة ضمانات, منها أن تكون في موقعها المطلوب في الجسم, لأنها من الممكن أن تتحول إلي خلايا سرطانية في حال تسربها إلي أعضاء أخري غير المقصودة بأداء وظيفتها, ولابد أن يكون هناك فريق متخصص في كيفية استخدام هذه الخلايا وحفظها حتي يتم التأكد من تحولها وهي مازالت خارج الجسم, ويؤكد أن الفائدة من الخلايا الجذعية حتي اليوم مازالت محدودة لأنه يتم حقنها هي فقط دون أن نهيئ لها الجو المناسب للعمل بكفاءة, ويجب أن يعودها الفريق المختص علي الحياة في بيئة بها نسبة أوكسجين منخفض, حتي تؤتي ثمارها ولاتمني بالفشل والشلل, مثلما حدث مع العلاج الجيني, الذي انطلق بقوة قبل نحو20 عاما ثم ما لبث أن مني بالشلل بعد حدوث بعض الوفيات في الولايات المتحدة, لذا نسعي من خلال الأبحاث إلي أخذ الخلايا الجذعية وتنشيطها ووضعها علي نانو للمحافظة عليها ثم نحقنها في العضو المستهدف, ونحن نصنف عالميا بأننا أول مركز في العالم أجري أبحاثا وقائية باستخدام النانو تكنولوجي, ومركبات طبيعية لمنع سرطان البروستاتا وغيره من الأورام.
* وماذا عن أبحاثكم حول هرمون الغدة الدرقية واستغلاله لعلاج الأورام؟
بدأت هذه الدراسات بملحوظة أبداها رئيس جمعية أمراض الغدد المتخرج من جامعة هارفارد ويعمل بمركز أبحاثه الخاصة بألباني بولاية نيويورك بأن هرمون الغدة الدرقية يكون زائدا في مرضي السرطان, فدرسنا العلاقة وتساءلنا هل يتسبب هذا الهرمون في تنشيط الخلايا السرطانية والأوعية الدموية المحيطة بها, ولو كان الأمر كذلك فهل لدينا مضادات له توقف فاعليته, مع أهمية المحافظة علي حيوية هرمون الغدة الدرقية, وحتي اليوم سجلنا10 براءات اختراع, وخلاصة الأبحاث أننا أخذنا المضاد للهرمون ووضعناه علي سطح النانو, حيث يستطيع وقف نمو الخلايا السرطانية والأوعية الدموية المغذية لها, وحقق فائدة علاجية هائلة في الأورام التي تعتمد علي الأوعية الدموية, مثل سرطانات الغدة الدرقية والبروستاتا والثدي والبنكرياس والجلد, بل وأمراضا جلدية كثيرة.
وهناك علاجات أخري لوقف نمو الأوعية الدموية في العين وحجب القدرة علي الرؤية, ومضاعفات مرض السكر في العيون, وسرطان المخ, وقد دخل العلاج الخاص به طور التجارب الإكلينيكية.
* إذا كانت لديكم أبحاث كثيرة حول أمراض القلب والشرايين, هل تجرون أبحاثا خاصة بضبط الكولسترول؟
يبدو أن الدكتور شاكر موسي كان يدخر هذا الأمر لنختتم به حوارنا, حيث فجر مفاجأة أنه يجري أبحاثا لكيفية زيادة الكولسترول المفيدC ـHDL وقد خصصت لنا الحكومة الأمريكية ميزانية مبدئية للبحث في هذا الموضوع, ونقطة التفكير في هذا الاتجاه, بدأت بملاحظة أن سكان شمال إيطاليا وسويسرا ينقص لديهم إنزيم تكسير الكولسترول المفيد, الذي يتراوح بين120 ـ150mg/dl في حين لايتجاوز40 ـ45mg/dl بين سكان المنطقة العربية', وقد ثبت من الأبحاث أن هذا الإنزيم يوجد علي جدران الخلايا المبطنة للأوعية الدموية ويتولي مهمة تكسير إنزيم الكولسترول المفيد في الدم, لذا تتجه الأبحاث إلي عمل مركب كيماوي لخفض الإنزيم المثبط لنشاط إنزيم الكولسترول المفيدC ـHDL, مما يعمل علي رفعه وتلقائيا سينخفض الكولسترول الضارC ـLDL, ويبدي تفاؤله من أن هذا الأمر لن يستغرق وقتا طويلا, علما بأن45% من المصريين يعانون نقص الكولسترول المفيد, و42% من الوفيات تكون بسبب مضاعفاته..
ساحة النقاش