authentication required
إذا كــــان الحســـــم ممكنــــــاً‏..‏
بقلم: فاروق جويدة
إذا كانت الحكومة فى خمسة أيام قد اتخذت كل هذه الإجراءات من حيث تشكيل اللجنة واجتماعاتها ودراساتها‏، ‏ثم إصدار قراراتها وبعد ذلك اجتماع عاجل لمجلس الوزراء لإنهاء القضية كلها‏.

 

إذا كان ذلك ممكنا فلماذا تتقاعس نفس الحكومة في قضايا أخري ربما كانت أهم وأخطر‏..‏ إذا كان الحسم ممكنا بهذه الصورة السريعة والعاجلة فلماذا لا يكون ذلك أسلوب عمل في معالجة القضايا الأخري‏..‏
‏<‏ لماذا لا تتعامل الحكومة بهذا الحسم مع قضية الأسعار وهي تشاهد ملايين المواطنين الذين تحرقهم نيران الأسعار يوميا ويعانون شظف العيش وتلقي بهم الأسواق خارج أسوارها أمام ارتفاع مخيف في أسعار كل شيء‏..‏ إذا كانت الحكومة قادرة علي هذا الحسم فلماذا لا تفعل ذلك مع التجار والمهربين ومؤسساتها التي تتاجر في غذاء الشعب‏..‏ أين حملات التموين وأين أجهزة الرقابة وأين إنتاج مؤسسات الدولة‏,‏ إذا كانت مازالت تنتج شيئـا‏..‏ أين موقفها من مافيا الاستيراد والتوزيع والأسواق‏.‏ نحن أمام حكومة لا وجود لها علي الإطلاق في الشارع المصري باستثناء وجودها الأمني والضريبي فإذا كانت قادرة علي الحسم بهذه الصورة فما هي مبرراتها لتعذيب هذا الشعب الغلبان ما بين رغيف الخبز وأسعار اللحوم والكهرباء والخضراوات والفاكهة وماذا يفعل الفقراء في هذا الزمن الصعب‏..‏
‏<‏ إذا كان الحسم ممكنـا فلماذا تقاعست الحكومة في مشروع تنمية سيناء ثلاثين عاما كاملة‏..‏ إن مشروع مدينتي في النهاية مشروع سكني لا يتجاوز مجموعة فيلات سكنية وشقق ويقال انه تجاوز‏100‏ مليار جنيه في حين أن استثمارات سيناء في‏30‏ عاما لم تصل إلي‏15‏ مليار جنيه‏..‏ ولنا أن نتصور لو أن حكومتنا الرشيدة انفقت جزءا ضئيلا مما أنفقته في بناء المنتجعات لتنمية سيناء‏..‏ كان من الممكن أن تقام دولة جديدة في هذه القطعة العزيزة من الأرض المصرية‏..‏ مئات المليارات من الجنيهات ألقتها الحكومة في بلاعات ضواحي القاهرة وسيناء الخالية تغري كل مغامر بأن يقتطع منها شيئـا‏..‏ من كان أولي بهذه البلايين الحائرة بين الفيلات والشقق وأحكام القضاء وقرارات الحكومة الجاهزة سيناء أم منتجعات الصفوة‏..‏ ولماذا لم تتعامل الحكومة بهذا الحسم مع مشروع تنمية سيناء الذي ولد ومات في مكاتب الوزراء وكبار المسئولين في الدولة‏..‏
‏<‏ لماذا كان حرص الحكومة علي تنفيذ حكم الإدارية العليا في عقد مدينتي بصفة خاصة رغم أن أمام الحكومة نفسها آلاف الأحكام التي رفضت أن تنفذها وألقت بها جميعا في سلة المهملات الحكومية‏..‏ هناك آلاف الأحكام بتعويضات ملزمة‏..‏ وقرارات خاطئة ومواقف مريبة‏..‏ ومسئولون تجاوزوا حدود اختصاصاتهم وأدانتهم المحاكم‏..‏ في مجلس الشعب مئات الأحكام ضد عضوية العشرات من أعضاء المجلس سواء بتهمة التزوير أو عدم صحة العضوية‏..‏ ولم ينفذ منها حكم واحد‏..‏ هناك أحكام بتعويضات عن أراض صادرتها الحكومة للمنفعة العامة ولم تدفع مستحقات المواطنين عنها‏..‏ وأمام الحكومة أحكام لصالح حزب العمل وزعيمه الراحل إبراهيم شكري الذي مات كمدا‏..‏ وأحكام لجريدة الشعب لم تنفذ الحكومة حكما منها وأحكام بإنشاء أحزاب سياسية رفضتها الحكومة وأحكام بالإفراج عن معتقلين سياسيين مازالوا في السجون والمعتقلات‏..‏ وإذا كنا نتحدث عن مسلسل الجرائم في الأراضي فماذا عن عشرات المنتجعات المخالفة التي أقيمت في‏6‏ أكتوبر وعلي الطريق الصحراوي وفيها أيضا أحكام لم تنفذ‏..‏ لماذا سكتت الحكومة عن كل هذه التجاوزات وفي مقدمتها‏127‏ فدانـا ثمنها‏3‏ مليارات جنيه لجامعة النيل التي أقامتها جمعية أهلية يرأسها رئيس الحكومة شخصيا وأنفقت عليها الدولة مليار جنيه وهي لا تمتلك فيها شيئـا طبقـا للقانون‏..‏
‏<‏ إذا كانت الحكومة قادرة علي التعامل مع قضايا المجتمع بهذا الحسم وهذه السرعة لماذا تركت ضحايا المعاش المبكر وشركات الخصخصة التي باعتها ولم تحسم موقف العاملين فيها‏,‏ لماذا حاصرت قوات الأمن هؤلاء وهم يعتصمون أمام مجلس الشعب يطالبون بحقوقهم ولم يخرج لهم مسئول واحد‏..‏ هناك قضايا في المحاكم بين الحكومة وشركة عمر أفندي‏..‏ وقضايا مع شركات الغزل والنسيج‏..‏ ومصانع الزيوت والصابون في طنطا والقناطر الخيرية‏..‏ والمراجل البخارية وهناك أراض وزعتها الحكومة بآلاف الأفدنة ولم تسأل ماذا فعل المستثمرون بها‏..‏ أعطت للوليد بن طلال‏100‏ ألف فدان في توشكي بسعر‏50‏ جنيها للفدان استصلح منها‏1000‏ فدان فقط‏..‏ وأعطت للراجحي‏100‏ ألف فدان استصلح منها خمسة آلاف فدان في عشر سنوات‏..‏ وأعطت لخمسة من رجال الأعمال‏100‏ مليون متر في شرق التفريعة والعوينات منهم من باع ومنهم من يقوم بتسقيعها‏..‏ ماذا فعلت الحكومة في كل هذه التجاوزات‏..‏
ف إذا كان الحسم ممكنا فلماذا تركت الحكومة شباب الخريجين تائهين في الصحاري بلا ماء ولا زاد ولا حماية‏..‏ لقد تركتهم لبنك التسليف الزراعي يسجنهم حينا ويطاردهم أحيانـا‏..‏ ثم جاءت وزارة الزراعة لتجعل سعر فدان الأرض للخريج الغلبان‏22‏ ألف جنيه وهي التي باعته لأصحاب المنتجعات بمائتي جنيه للفدان ومن أين يأتي الخريج بهذا المبلغ وهو لا يملك شيئـا‏..‏
‏<‏ إذا كان الحسم ممكنا فلماذا تركت الحكومة جهابذة الحزب الوطني يحتكرون أسواق الحديد والأسمنت والأسمدة والكيماويات‏..‏ آنهم يحددون أسعار كل شيء في الأسواق حسب مصالحهم وأهوائهم ولا يحاسبهم أحد‏..‏ في يوم من الأيام اقترب سعر طن الحديد من عشرة آلاف جنيه ولم يتكلم أحد‏..‏ وارتفعت أسعار الأسمدة وترك الفلاحون الأرض وهربوا منها ولم يتكلم أحد‏..‏ وزادت أسعار الأسمنت والكيماويات ولم تحاول الحكومة أن توقف طوفان الاحتكارات الذي اجتاح أسواق مصر كلها وماذا عن المصانع التي اشتراها رجال الأعمال من الحكومة بأبخس الأسعار ثم باعوها بالمليارات وربحوا فيها‏..‏ أين حق الشعب في هذه الأرباح‏..‏ لقد تركت الحكومة اقتصاد الدولة المصرية في يد مجموعة أشخاص أصبحوا أوصياء علي كل شيء فيه في ظل غياب كامل للحكومة بكل مؤسساتها‏..‏
‏<‏ إذا كان الحسم ممكنا فلماذا لم تواجه الحكومة مأساة العشوائيات التي انتشرت كالألغام في ضواحي المدن‏..‏ لا أحد يعرف عدد العشوائيات في المحروسة حول القاهرة وحدها عشوائيات للخنازير وأخري للمخدرات وثالثة لأرباب السوابق والخارجين علي القانون‏...‏ ورغم هذا لا يراها أحد‏..‏ كانت الحكومة تستطيع إذا أرادت أن تفرض علي كل رجل أعمال أقام منتجعا وكسب فيه مئات الملايين أن ينقذ سكان معسكر واحد من عشوائيات الخنازير والكلاب والقطط ويوفر لهم شيئـا من الإنسانية ولكن حكومتنا الرشيدة تغمض عينها عادة عن هموم الغلابة لأنها لا تفكر فيهم‏..‏
‏<‏ إذا كانت الحكومة بالفعل جادة في أن تتخذ مواقف حاسمة فهناك ملفات كثيرة ليتها تتعامل معها بهذه الروح التي حسمت بها قضية أرض مدينتي‏..‏ ليتها تتعامل بنفس هذه الروح مع‏40%‏ من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر‏..‏ ليتها تتعامل بنفس الروح مع أبنائنا في المدارس الذين لا يجدون مكانـا يجلسون فيه أو كتابا يتعلمون منه‏..‏ ليتها تتعامل بهذه الروح مع قضية الأسعار التي أرهقت كل بيت في مصر‏,‏ ليتها تتعامل بهذه الروح مع‏20‏ مليون مصري لا يقرأون ولا يكتبون في مأساة عمرها خمسون عاما أسمها الأمية‏..‏ ليتها تتعامل بهذا الحسم في إجراء انتخابات برلمانية نزيهة ومحايدة بلا تزوير‏..‏
ملفات كثيرة في مصر تحتاج إلي حسم ولكن كلنا يؤذن في مالطة‏,‏ ويبدو أن الحكومة سمعت أذانا واحدا جاء من مدينتي وليت كل مشاكل مصر وأزماتها تحوز شيئـا من حظ مدينتي وتسمع الحكومة هذا الأذان‏..‏
 

 

المزيد من مقالات فاروق جويدة<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 1 أكتوبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,385