الحكومة فشلت في إنتاج اللحوم واعتمدت علي المستورد لسد العجز المتزايد سنوياً
تقرير ـ ماجدة صالح في الوقت الراهن أصبح الحصول علي قطعة لحم حلم الفقراء الذي يصعب تحقيقه خاصة في رمضان والأعياد، حيث يزداد الطلب بسبب التفاوت الكبير والارتفاع المستمر في أسعار اللحوم في مصر بالرغم من انخفاضها في العالم.. حقائق تكشفها الأرقام والإحصائيات عن قضية اللحوم في مصر والسياسات الفاشلة التي تتبعها الحكومة لتتفاقم المشكلة، هذا ما تكشفه دراسة حديثة للخبير الاقتصادي حسن هيكل، مقرر وحدة البحث الميداني بحركة مواطنون ضد الغلاء. في البداية تقول الدراسة: إنه في عام 1975 وما قبلها كان سعر كيلو اللحم الأحمر الطازج يباع بسعر 68 قرشاً للكيلو ونحن في عام 2010 قفز سعر الكيلو اللحم الأحمر إلي 100 جنيه للفلتو والعرض بالأحياء الراقية. الأسعار في العالم انخفضت وارتفعت في مصر تشير الدراسة إلي أنه علي مدار عام 2009 لم تشهد الأسواق العالمية أي ارتفاعات في أسعار اللحوم طبقاً للتقارير الصادرة من منظمة الأغذية والزراعة العالمية »الفاو« انخفاضاً خاصة في ظل انخفاض أسعار الأعلاف والحبوب إبان تداعيات الأزمة العالمية، بل أكدت مؤشرات أسعار المنظمة »فاو« خلال الأشهر العشرة الأولي من 2009 متوسطاً لأسعار اللحوم يقل بنسبة 8٪ عن مستواه لنفس الفترة من السنة الماضية، بينما سارع المستوردون المصريون، حيث ارتفعت قليلاً في عام 2010 إلي رفع الأسعار بمعدلات وصلت إلي 30٪ خلال أسبوع، بما يؤكد وجود شبهة الاستغلال للمستهلك المصري وكشفت الدراسة أن الفجوة بين إنتاج اللحوم الحمراء وبين الاستهلاك تتسع وتتزايد سنوياً والحكومة فشلت في تحقيق حتي خطتها الخمسية في مجال اللحوم فقد بلغ حجم الإنتاج المحلي من اللحوم في مصر في »2001« 615 ألف طن و2007 إلي 795 ألف طن و»2009« 670 ألف طن والاستهلاك تجاوز 1250 طن أي أن الفجوة وصلت 600 ألف طن وإذا أخذنا في الاعتبار أننا استوردنا عام 2009 أكثر من 350 ألف طن من اللحوم المجمدة تمثل 4.1٪ من حجم تجارة اللحوم العالمية و200 ألف رأس حية لسد العجز فإن هذا لم يوقف مسيرة ارتفاع الأسعار عام 2010 ليس فقط لاستمرار الفجوة واتساعها وإنما لأن باقي أطراف منظومة الإنتاج والتوزيع والاستيراد يسعون لتحقيق أكبر ربح ممكن واستغلال الظروف أكبر استغلال. مؤشرات فشل الحكومة في تحقيق الخطة تقول الدراسة: إنه بمقارنة حجم الإنتاج الفعلي مع حجم الإنتاج المستهدف للخطة المعلنة تكشف فشل الحكومة في تنفيذ تعهداتها وخطتها فالمقاصد والأرقام تؤكد أن حجم الإنتاج الفعلي انخفض في عام 2009 وفق أكثر البيانات الرسمية تفاؤلاً وهي بيانات البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة الذي قدره بـ670 ألف طن سنوياً بعد أن كان 855 ألف طن عام 2005، وأن مسلسل الانخفاض مستمر منذ العام 2005 ليصل إلي 795 ألف طن عام 2007 ثم 670 ألف طن عام 2009 فقد كان حجم الإنتاج المستهدف من اللحوم الحمراء سنة 2008 قدره 850 ألف طن عام 2011، وأن المستهدف تحقيقه هو 650 ألف طن فقط يستحيل تحقيقها خلال مرة تقل عن دورة تربية واحدة تفصل بيننا وبين هذا التاريخ. وتؤكد بيانات وزارة الدولة للتنمية الاقتصادية أن الدولة فشلت في تحقيق خطتها الخمسية تماماً فلم تصل إلي المستهدف الذي قطعته علي نفسها في أي سنة من سنوات الخطة وزاد العجز بين الإنتاج والاستهلاك ولم تحقق نسبة الـ77.9٪ التي وعدت الحكومة بتحقيقها ذاتياً في إنتاج اللحوم الحمراء حتي اقتربت الفجوة من 50٪ بين الإنتاج والاستهلاك. وتشير الدراسة إلي أن تقديرات حامد سماحة، الرئيس السابق للهيئة العامة للخدمات البيطرية، أننا ننتج 500 ألف طن سنوياً وأيدته في ذلك شعبة الجزارين بالغرفة التجارية بينما ارتبطت بيانات رابطة مستوردي اللحوم من بيانات مجلس البحوث الزراعية، حيث أعلنت أن مصر أنتجت 600 ألف طن عام 2009. وأكدت الدراسة أن الحكومة توقعت أن حجم الاستهلاك سيصل عام 2011 إلي مليون ومائتين وتسعة عشر ألف طن وأن الإنتاج سيصل إلي 950 ألف طن بينما في عام 2010 لم يتجاوز حجم الإنتاج 670 ألف طن فقط بفارق عن المستهدف 280 ألف طن، بالإضافة إلي العجز المتوقع عند استهداف الخطة التي عجزت الحكومة عن تحقيقها وقدرة 269 ألف طن أي أن جملة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ستتجاوز 550 ألف طن في عام 2010 وهو ما يؤكد الفشل في السياسة الحالية في مجال الإنتاج الحيواني بما يتطلب تغييراً جذرياً في تلك السياسات والقائمين عليها ممن فشلوا في الحفاظ علي الثروة الحيوانية المصرية. المواطن المصري أقل استهلاكاً للحوم أضافت الدراسة أن المواطن المصري أقل استهلاكاً للحوم علي المستوي العالمي، حيث تشير الإحصاءات إلي أن متوسط الاستهلاك السنوي للحوم الحمراء في مصر لا يتجاوز 14.9 كيلو جرام سنوياً عام 2006 وفي أمريكا يصل استهلاك الفرد إلي 100 كيلو جرام سنوياً، أما في دولة أفريقية مثل غانا وأن معدل استهلاك الفرد يصل إلي 17 كيلو جراماً سنوياً، وهو ما يعني فإن المواطن، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدم تساوي الريف مع الحضر في استهلاك اللحوم في مصر لاكتشفنا حجم النقص الخطير في البروتين الحيواني للكثير من المواطنين مما قد يعرضهم لمخاطر صحية. وذلك لأن دخول الأفراد التي ينفقونها علي الغذاء لا تسمح لهم بشراء اللحوم من البروتين الحيواني وعند شرائهم لها لا يشترونها بالكميات الكافية جميعاً لإمدادهم بالبروتين الحيواني اللازم للتغذية السليمة، حيث أكدت البيانات أن نسبة إنفاق الأسرة المصرية علي الطعام والشراب بلغ 43.6٪ في المتوسط وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2008 ـ 2009) وترتفع إلي 54٪ لدي الأسر الأكثر فقراً في تقديرات أخري. انخفاض إنتاج عدد رءوس الماشية أكدت الدراسة أنه بالرغم من انخفاض أسعار الأعلاف عالمياً إلا أنه قد انخفض إنتاج عدد رءوس الماشية في مصر وقد بلغ عدد الجاموس والأبقار في مصر عام 2006 إلي 8.55 مليون رأس بعد أن كان 6.90 مليون رأس عام 2000 إلا أن مصر فقدت خلال عام 2006 نحو 900 ألف رأس من الأبقار والجاموس بسبب انتشار الحمي القلاعية وسوء الرعاية البيطرية وعدم الكشف الطبي الدقيق علي الأبقار الحية المستوردة من بلدان موبوءة في أفريقيا. وفي عام 2008 حدثت مذبحة أخري للثروة الحيوانية في مصر، حيث تخلص الكثير من صغار المربين من العجول الصغيرة وبعضهم تخلص من الإناث أيضاً بسبب ارتفاع الأسعار للعلف والحبوب وكان ذلك بعدوي إغراق اللحوم المستوردة وارتفاع تكاليف التربية وصعوبة تسويق الرءوس بأسعار مجزية للمربين في ظل أزمات متتالية تعرض لها المربون والمنتجون كان آخرها الإحجام عن اللحوم حتي ما قبل شهر رمضان عام 2009 بعد ذبح الخنازير والخوف من اختلاط اللحوم في الأسواق بلحوم الخنازير. وتقول الدراسة: إن مصر استوردت 200 ألف رأس حية بخلاف 300 ألف طن من اللحوم المجمدة عام 2008 بعد أن كانت 250 ألف طن عام 2007 وكان من المبررات الدائمة لمربي ومنتجي اللحوم أن سبب ارتفاع الأسعار هو الأعلاف التي يتزايد سعرها عالمياً وكشفت الأزمة العالمية عن عدم مرونة هذه السلعة وأن هناك أسباباً أخري لعزوف المربين ترتبط بسياسات وزارة الزراعة تجاه الثروة الحيوانية لأن أسعار العلف انخفضت عالمياً، ورغم ذلك زادت أسعار اللحوم محلياً وانخفض عدد رءوس الماشية بدلاً من العكس وهذا يعني أن سياسات الحكومة الفاشلة يستغلها المربون والجزارون لتحقيق الربح في ظل غياب آليات التوازن والفوضي. أوضحت الدراسة أن إحياء مشروع البتلو بوضعه القديم هو أساس أي حل لمشكلة اللحوم في مصر، حيث إن أكثر من 10٪ من مربي رءوس الماشية هم من صغار المربين وأن فلسفة التربية لديهم للألبان ومنتجاتها ثم اللحوم ثانياً وفي هذا الشأن أوصت منظمة الفاو بدعم صغار المربين كي يصبحوا قادرين علي المنافسة في وجه أنظمة الإنتاج الكبري وأوصت بدعم هولاء الصغار من مربي الماشية بينما في مصر يتخلص صغار المربين من رءوسهم لعدم تقديم الدعم الطبي والتسويقي والأعلاف لصغار المربين (علي طريقة مشروع البتلو). وكشفت الدراسة عن المشكلات التي تعاني منها البنية التحتية لصناعة اللحوم أهمها عدم تحديث المجازر والثلاجات خاصة الموجودة في المحافظات التابعة للمحليات وعدم توافر منافذ للبيع من المربين إلي الجمهور عبر المنفذ مباشرة دون الدخول في أكثر من حلقة تسبب رفع الأسعار خاصة تجار المواشي وعدم توافر الأطباء البيطريين المدربين علي التعامل مع الأوبئة والأمراض بالأجهزة والمعدات الحديثة والأدوية وعدم توافر سياسات محلية لتنمية الثروة الحيوانية. اللحوم المجمدة أما بالنسبة للحوم المستوردة فقد تجاوز حجم الاستيراد 10 مليارات جنيه فإذا كان متوسط السعر العالمي للحوم يتراوح 3000 دولار للطن من اللحوم الهندية و3300 دولار للطن من اللحوم البرازيلية التي بدأت ترتفع قليلاً حتي وصلت بعض أصنافها الفاخرة إلي 3700 دولار ومصر تستورد 350 ألف طن خلال عام 2009 و200 ألف رأس ماشية بسعر تحويل للجنيه مقابل الدولار 5.54 جنيه وبعد إضافة تكاليف الشحن والتبريد والتوزيع وأهم مناشئ اللحوم المجمدة لمصر الهند والبرازيل تستحوذان90٪ من حجم صادرات اللحوم المجمدة. مخالفات اللحوم المستوردة في مصر بالجملة أشارت الدراسة إلي أن أهم مخالفات اللحوم المستوردة هي مخالفاتها للمواصفات كالإصابة بديدان الماركوسيسف أو السالمونيلا واستيراد منتجات محظورة فقد حاول أحد المصدرين إدخال حاوية من لحوم التريمنح أو الفلانكت وتباع لمصنعي اللانشون والسجق وتم ضبط الشحن وإيقاف الشركة المستوردة لمدة سنة مع المجزرالهندي وإحالة الأطباء البيطريين إدارياً، ومن ضمن المخالفات التي رصدتها الدراسة وجدت كراتين خاصة بإحدي الشركات المستوردة تحتوي علي كبدة بينما بياناتها الخارجية تشير إلي أنها لحوم وقامت إحدي الشركات بتصدير لحوم الخنازير إلي مصر علي أنها لحوم برازيلية مذبوحة وفقاً للشريعة الإسلامية وقررت الهيئة العامة للخدمات البيطرية وقف التعامل مع الشركة كذلك استيراد لحوم حمير من باراجواي بينما أعلنت الرقابة علي الصادرات والواردات أن الكميات التي دخلت البلاد من دولة باراجواي 811 طناً مع بداية العام الجاري في فبراير 2010 مقابل 3900 طن خلال العام الماضي. وتقول الدراسة: إن من المفارقات ذات الدلالة المؤسفة أن يعلن جهاز منع الممارسات الاحتكارية أنه حقق في هذا الملف من 2005 في ديسمبر 2007 ولم يتوصل إلي أي وجود ممارسات تضر بالمنافسة وعلي العكس من ذلك وجد في السوق 52 مستورداً للحوم المجمدة ودخلت الهند كسوق جديدة دون وجود عوائق في دخولها وتبين عدم توافر عناصر السيطرة لأي من الشركات العاملة في السوق، وأن مصر استوردت خلال فترة الدراسة من 12 دولة من أصل 18 دولة بها مجازر معتمدة من البرازيل فقدت جزءاً من حصتها السوقية لصالح الهند تتجه ارتفاع الأسعار فيها. كما أن مافيا اللحوم المستوردة تسببت في أزمة دبلوماسية مع إثيوبيا وأنها تلقت تحذيرات ورسائل مجهولة من مافيا اللحوم لوقف استيراد اللحوم من إثيوبيا وتحذير من المستوردين المحتكرين وممارستهم ضغوطاً علي الرأي العام واضطرت الحكومة إلي إيقاف الاستيراد منها لمدة ثلاث سنوات مما سببت أزمة مع الحكومة الإثيوبية. ووصفت الدراسة عدة توصيات أهمها إنشاء هيئة مستقلة لسلامة الغذاء تتبع رئيس الوزراء مباشرة أو رئيس الجمهورية تتمتع بصلاحيات أو إمكانيات واستغلال كامل لحماية المواطن وتقديم طعام سليم وصحي بعد فشل الصحة والتجارة والخدمات البيطرية في حمايتها، كذلك شطب المجازر المخالفة ومنعها من التصدير لمصر وشطب الشركات المخالفة للمواصفات ومنع التعامل نهائياً كذلك تحديث المجازروالثلاجات وتطويرها وضبط الأسواق والتجار المخالفين.
نشرت فى 14 سبتمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,796,071
ساحة النقاش