كتبت:راوية الصاوي:
\ حسب الصدق من العظمة والعلاء أن الله سبحانه وتعالي وصف به ذاته العليه في قوله: وإنا لصادقون وقوله: ومن اصدق من الله حديثا كما وصف الله تعالي به النبي صلي الله عليه وسلم ولما رأي المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما.
يوضح لنا الدكتور رشاد خليل أستاذ أصول الفقه ذلك فيقول لقد اجمع الذين عرفوا النبي صلي الله عليه وسلم وخالطوه منذ صباه علي انه صادق آمين لم يسمعوا من فمه أكذوبه قط, كما لم يشكوا في خبر من أخباره, أو يستريبوا في قول من أقواله. وإذا كانت قريش في بداية جهره بالدعوة كذبه بعضهم في دعوي النبوة فانه لم يجرؤ احد منهم علي وصفه بالكذب في سواها. فقد قال أبو جهل للنبي صلي الله عليه وسلم: أنا لا نكذبك وما أنت فينا بمكذب ولكن نكذب بما جئت به فأنزل الله تعالي فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون وعندما لقي الأخنس بن شريق أبا جهل يوم بدر فقال: يا أبا الحكم ليس هنا غيري وغيرك يسمع كلامنا. اخبرني عن محمد صادق أم كاذب فقال أبو جهل: والله أن محمدا لصادق وما كذب قط. ولما سأل هرقل إمبراطور الروم أبا سفيان في ركب من قريش بعد صلح الحديبية هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قال: لا. قال ما كان ليدع الكذب علي الناس ويكذب علي الله.
وتساوقا مع اصالة هذه النزعة في خلقه صلي الله عليه وسلم فقد روي عنه الكثير من الأحاديث في الأمر بالصدق وتزيينه وفي النهي عن الكذب وتقبيحه ومنها قوله صلي الله عليه وسلم: أن عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلي البر وان البر يهدي الجنه.. وان الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا, وان الكذب يهدي إلي الفجور وان الفجور يهدي إلي النار وان الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذاب كما قال: تحروا الصدق وان رأيتم منه الهلكة فان منه النجاة, وتجنبوا الكذب وان رأيتم فيه النجاة فان فيه الهلكة وقال عبد الله بن عامر جاء رسول الله إلي بيتنا وأنا صبي صغير فذهبت لألعب. فقالت أمي: تعال أعطيك فقال صلي الله عليه وسلم وما أردت أن تعطيه؟ قالت: تمرا. فقال: أما انك لولم تفعلي لكتبت عليك كذبة.
والصدق في الأقوال يتأدي بصاحبه إلي الصدق في الأعمال والصلاح في الأحوال, فان حرص الإنسان علي الالتزام بالحق فيما يتلفظ به يجعل ضياء الحق يسطع علي فعله ونكره وفي ذلك يقول الله تعالي:يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما فالعمل الصادق هو الذي لا ريبه منه لأنه وليد اليقين. ولا هوي معه لأنه قرين الإخلاص, ولا عوج عليه لأنه نبع من الحق, ونجاح الأمم في أداء رسالتها يعود إلي جميله ما يقدمه بنوها من أعمال صادقة, فان كانت ترونها من صدق العمل كبيرة, سبقت سبقا بعيدا, وتبوأت المكانة العالية والمنزلة السامية.
ساحة النقاش