د. مبروك عطية يكتب: حديث الصيام .. إن شئت فعين فى الجنة ٢٧/ ٨/ ٢٠١٠ |
عين بعين، حيث لا عمى ولا عور، فالعيون مبصرة فى وجوه ناضرة إلى ربها ناظرة، إنها عين فى الجنة تجرى، وأخرى تجرى، وثالثة ورابعة نضاختان، أما العين التى كانت السبب فى نيل هذا الجزاء العظيم فهى عين الوجه، التى أصيبت فى سبيل الله، إنها عين سعيد بن عقبة التى أصيبت يوم الطائف، فأتى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: «هذه عينى، أصيبت فى سبيل الله، فقال: إن شئت دعوت الله فرُدت عليك، وإن شئت فعين فى الجنة فقال سعيد بن عقبة: عين فى الجنة». كان مثله على يقين غير مجروح بأن الآخرة حق، وأن البعث حق، وأن الجزاء عدل، وأن المصير إما جنة وإما ناراً، لقد تراءت له عين الجنة، إن لم يرها بعينه الباقية فقد رآها بقلبه، محل الإيمان، واليقين، والنية، رآها تجرى من الآن، ورأى نفسه مقبلاً عليها لا محالة، وهو يصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم. ومن هذا المنطلق أقول: لقد قال الله ـ عز وجل: «فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين»، فما عسى أن يكون هذا الأجر الذى هو على الله إلا جنته بما فيها من عيون وظلال، ورضوان منه أكبر! وإذا كان سعيد بن عقبة قد رضى بوعد رسول الله أفلا يرضى الثائرون بوعد الله! من الذى يقال له: إن شئت جازيت السيئة بالسيئة وإن شئت فأجرك على الله، فرد بما رد به سعيد بن عقبة وقال: أجرى على الله، وهو راض سعيد مطمئن إلى وعد ربه، والله ـ عز وجل ـ لا يخلف الميعاد! إن من الناس من يأبى أن يعفو عن ولده الذى هو من صلبه، وقطعة من كبده، ويأبى أن يعفو عن زوجته التى اتصلت بأمها فى غيابه، ولم تستأذنه، ويعد ذلك من إحدى الكبر، ويأبى أن يعفو عن أخيه، شقيقه وردئه الذى يتقوى به، صارت صدور الناس ضيقة وأمامها اتساع كبير، هو وسع الله عز وجل، إن أحداً لو جازى مسيئاً على العدل أو حتى على الظلم فلن يرتاح له ضمير وبين جنبيه نفس أمارة بالسوء، لا يشبعها الانتقام وهى راغبة أبداً فى مزيد من الضربات لمن أساء، ومعظمنا يحمل أسى قديماً، يقول لك أحد الناس: فلان منذ ثلاثين عاماً ظلمنى، ولن أسامحه، ولن أنسى إساءته، ولن.. ولن، كل هذه المدة من الزمن، وبين ضلوعه سواد كبير، والعفو أقرب للتقوى، وأوسع للصدر، وأرحب للتعامل، وهو سنة الإسلام. |
ساحة النقاش