.د. مبروك عطية يكتب: حديث الصيام ٨- هل فى رمضان طلاق؟

قال لى: إنه ذهب لطلاق زوجته ثالث أيام رمضان؟ فقال لهما المأذون: لا يصح الطلاق فى رمضان، فعاد إلى بيته، وعادت هى إلى بيت أبيها، حتى ينتهى رمضان على خير، وسألنى: هل كان المأذون على صواب؟

والجواب: لا، فإن الزواج والطلاق يكونان فى رمضان ويصح الطلاق فى رمضان. كما يصح فى غيره من شهور السنة، لكن ربما كان قصد المأذون أن يردكما لتراجعا أنفسكما خصوصاً فى هذه الأيام المباركة، لأن الطلاق فك عروة الزوجية، وهى ميثاق غليظ، وهو فى شرع الله حلال إذا استحالت الحياة بين الزوجين، والحياة ممكنة غير مستحيلة بين كثير من الذين يطلقون، لكن المأساة فى التشخيص، بأن يقال: استحالت الحياة، وهى فى الحقيقة غير مستحيلة. بالغ الناس فى كثير من الأمور، حتى صار الممكن مستحيلاً، والجائز حراماً، والمباح محظوراً، لكن قصد المأذون الطيب لا ينبغى أن يكون على حساب شرع الله - تعالى - وأحكامه، فلو قال لهما: أنتما فى رمضان شهر الكرم، والإحسان، وتلك أيام طيبة، فيها مناخ جميل لتهدئة النفوس.

والنظر فى استمرار العشرة لكان ذلك أولى مما قاله من نسبة الحرام إلى رمضان، فالحرام فى رمضان انتهاك حرمته بالفطر عمداً، ومباشرة الزوجة، لكن الحرام فيه بوجه عام هو الحرام فى غيره من القتل والزنى وسائر الفواحش، وهى فى رمضان أعظم حرمة بلاشك، والمباح فيه هو المباح فى غيره من العمل، والتعاون على البر والتقوى، وسائر الخيرات الباقيات الصالحات، وهى فيه أوجه، لكن إذا استحالت الحياة بين الزوجين،

ووصلت إلى درجة التناحر والتنافر، ولم تعد وسيلة للإصلاح نافعة، فلا وعظ، ولا هجر، ولا حكمين ولم يكن من الطلاق بد، فإن رمضان ليس عائقاً يحول دون التطليق، ولو أن امرأة متضررة رفعت أمرها للقاضى وتبين له أنها بالفعل متضررة طلقها للضرر، سواء أكان ذلك فى رمضان أم فى غير رمضان، ولا يصح أن يؤجل الفصل فى قضيتها إلى ما بعد رمضان،

وقد يكون الطلاق فى رمضان فى بعض الحالات أنفع للمطلقين من تأجيله، حيث يتخلص كل منهما من حرب صاحبه، فتصفو نفسه لعبادة الله - عز وجل - فهذا خير من عبادة على شقاق وتنافر واعتزال فراش فضلاً عن السباب واللعان والقبح الذى يذهب ببركة الصيام، فإن كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية أسفر صفاء النفس فى رمضان عن ندم، ورجعة من شرطها أن يقيما حدود الله.