المصرى اليوم» تحصل على مستندات خطيرة عن تهجير «الفلاشا» ودفن النفايات وبيع الثروة.. فى عهد «نميرى»:الحلقة السادسة..السودان مقبرة لدفن نفايات العالم النووية
كتب عبدالناصر الزهيرى ٢٧/ ٧/ ٢٠١٠
حصلت «المصرى اليوم» على وثائق ومستندات سرية وخطيرة، تكشف العديد من الأسرار حول فساد نظام الرئيس السودانى الراحل جعفر نميرى ورجاله ودورهم فى عمليات تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل فى ثمانينيات القرن الماضى، وهى العمليات التى بسببها واجه الرئيس نميرى تهمة الخيانة، إلى جانب دفن النفايات الذرية فى الأراضى السودانية، وبيع ثروات السودان لرجل الأعمال عدنان خاشقوجى.. وغيرها من وقائع الفساد، التى شهدها البلد الشقيق خلال عهد الرئيس الراحل. وجاء الحصول على المستندات عن طريق مصدر مهم، قضى وقتاً من عمره فى السودان وتحديداً فى منطقة «القضارف» التى شهدت أهم مرحلة من مراحل ترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل، استطاع أن يحتفظ بهذا الملف أكثر من ربع قرن، لكنه طلب عدم الإشارة إليه من قريب أو بعيد، واستحلفنا بشرف المهنة وأمانتها أن نحافظ على سريته طوال الحياة، وأن نلتزم بضمير وشرف المهنة فى نشر الوثائق، دون زيادة أو اختصار فى المعلومات وهو ما التزمنا به فلم نضف إلى محتوى الوثائق شيئاً وفضلنا الابتعاد عن التفسير أو التحليل، رغم ما يحتويه من أسرار خطيرة، تزيح الستار عن فترة حكم رئيس بلد عربى، أثار الكثير من الجدل حوله، فهو أول رئيس يطبق الشريعة الإسلامية، وهو الرئيس المتهم بالمشاركة فى توطين اليهود فى أرض فلسطين. وقد يسأل البعض: ولماذا فتح هذا الملف الآن؟.. أو قد يتطوع البعض الآخر بالتحليل والتفسير، كلٌ حسب أهوائه وأغراضه، وقد يتساءل آخرون: ولماذا السودان ونميرى؟ ولماذا لا يكون هذا أو ذاك؟ ونرد بأن الحسابات السياسية والنظرة التآمرية لا مجال لها عند البحث فى مهنة الصحافة، والهدف وحده هو تقديم معلومات موثقة بمستندات رسمية عن فترة مهمة من تاريخ السودان، أثّرت بشكل مباشر فى مسيرة الأمة العربية والإسلامية كلها، لأنها تتعلق بالصراع العربى - الإسرائيلى، خاصة أن هذه المستندات هى نفسها التى استند إليها السودان عندما طلب من مصر تسليم الرئيس نميرى، لكن مصر رفضت. فى الحلقات الخمس السابقة، كشفنا بالوثائق كيف تورط نظام الرئيس السودانى الراحل جعفر نميرى فى عملية تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل، واليوم نبدأ فى كشف أخطر الجرائم، التى ارتكبها نظام نميرى فى حق شعبه وأبناء بلده، وتتمثل فى اتفاقه مع شركة ألمانية على دفن النفايات الذرية من جميع دول العالم فى منطقة وادى هور داخل الحدود السودانية المتاخمة للأراضى المصرية- الليبية، مقابل ٤ مليارات دولار، وهى الصفقة التى واجه نميرى بسببها تهمتى تقويض الدستور والخيانة العظمى، وكانت مواد الاتهام التى استند إليها النائب العام السودانى فى بلاغة المادتين ٦٩، ٧٩ من قانون العقوبات. وتكونت لجنة التحقيق فى القضية من القاضى أنور عزالدين رئيساً والمقدم شرطة صلاح الدين أمين أحمد عضواً وتم تكليفه بالتدوين، نيابة عن اللجنة، واستمعت اللجنة لأقوال شاهد الإثبات جون جندى بطرس هرمينا، «٥٤ سنة»، وكان يعمل مديراً لإدارة التخطيط بالهيئة القومية للكهرباء، بعد أن حصل على الدكتوراه فى الهندسة الكهربائية من براغ بتشيكوسلوفاكيا. اعترف الدكتور جون بأن الدكتور شريف التهامى، وزير الطاقة السودانى السابق، اتصل به، وطلب منه التحضير لاجتماع مع وفد ألمانى زائر لطرح مشروعات الطاقة اللازمة للتمويل مع التركيز على المشروعات الكبيرة المهمة، وحدد له موعد الاجتماع يوم ١٩ فبراير ١٩٨٥ وتقابل الدكتور جون مع الدكتور شريف التهامى يوم ٢١ يناير ٨٥ بمكتب الدكتور عمر الشيخ، مدير المؤسسة العامة للبترول ومقرها المركز التجارى الكويتى بالخرطوم. وأعد الدكتور جون للاجتماع، وأحضر معظم الدراسات الصادرة مثل مشروع الطاقة الرابع وتعلية خزان الدوميرص وإنشاء خزان «الحماداب»، يوم الاجتماع المحدد كان هناك اجتماعان سابقان لوزير الطاقة السابق د.شريف التهامى بالهيئة، الأول عقد الساعة الثامنة صباحاً بمكتب مدير الهيئة القومية للكهرباء مع لجنة الخطة القومية للطاقة، والثانى كان مع مهندس التخطيط والمشروعات، وكان الدكتور جون حاضراً فى الاجتماعين بصفته المسؤول الأول بالإنابة عن التخطيط والمشروعات، وذلك لسفر المسؤول الأول خارج البلاد. وعقد الاجتماع بين الوفدين السودانى والألمانى، بحضور رئيس الوفد الألمانى مستر فاتى وابنه وثلاثة من أورويبى الجنسية وعن الجانب السودانى د. شريف التهامى ود. عمر الشيخ ود. عمر جلال وشخص سودانى من جهة رسمية لم يكن د. جون على معرفة به من قبل. وعند دخول د. جون على المجتمعين سمعهم يتحدثون عن إمكانية مشاركة مجموعة F.D.GATTY فى إمداد السودان باحتياجاته البترولية، كخطة قصيرة المدى، وتحدثوا عن خطة بعيدة المدى فى استغلال مصادر البترول المكتشف والغاز الطبيعى لتغطية الاستهلاك الداخلى للبلاد. ويواصل الدكتور جون اعترافه قائلاً: بدخولى الاجتماع أشار لهم الدكتور شريف التهامى بأننى المختص عن الطاقة فأبدى مستر فاتى رغبته فى بدء الاجتماع فى مكتب آخر مجاور فذهبنا لهذا المكتب ومعه د. عمر بلال والشخص السودانى الآخر ومستر فاتى ومعه د.عمر بلال وقال: إن مستر فاتى أصله تشيكى، ويتحدث اللغة التشيكية ويمكن التحدث معه باللغة الإنجليزية أيضا، وبالمثل تحدث بلال لمستر فاتى عن شخصى، وتحدثت مع مستر فاتى باللغة التشيكية، وعرفت أنه من الجماعة التشيكية التى خرجت من البلاد، واستقروا فى إسبانيا ولا يريدون أن يعرف أصلهم أى شخص لأنهم يؤمنون بالاشتراكية. وبدأ الاجتماع وأعطيت مستر فاتى نبذة عن الهيئة ومشروعات الطاقة، وركزت على مشروع الطاقة الرابع، والمشروعات الكبيرة، والطاقة المائية المتوفرة فى شمال البلاد، حيث يمكن استنباط حوالى ألفى ميجاوات من الطاقة الكهربائية المائية الرخيصة من مجموعة خزانات تقام فى تلك المنطقة، لأنها مشروعات مجدية اقتصاديا، وأشرت إلى أن مصر لديها رغبة فى المساهمة واستغلال هذا المصدر وربط شبكة الكهرباء المصرية بالسودانية، حيث يمكن للبلدين الاستفادة الفورية والمستقبلية من الطاقة وركزت هنا على المشروع الخاص بخزان الحماداب، حيث تمت دراسة الجدوى المبدئية مع بيت خبرة سويدى وطرحت عليهم بعض المشروعات الأخرى، وفعلاً سلمت له الأوراق من دراسات وخلافه ووعد بدراسة باقى المشروعات، وقال لى إن مشكلة السودان التمويلية يمكن حلها بمشروع واحد مهم، وأخرج من حقيبته كتالوجين، وأشار لى حسب الصورة الموضحة فى الكتالوج الأول وهى توضح مصنع للنفايات النووية، فلم أفهمها فى البداية وتدخل الدكتور عمر بلال وشرح الموضوع قائلا: إنها تجهيز للنفايات النووية، ودفنها وقال د. فاتى: إن جميع الملابس والأدوات وبعض الأجهزة التى تصاب بالإشعاع النووية ومخلفات نووية تجمع وتجهز فى هذا المصنع للدفن ثم تطرق مستر فاتى لتفاصيل أكثر وشرح التكنولوجيا الخاصة بتشغيل المصنع مبتدئاً بالأزمة العالمية، وكيف أن هناك مشكلة عالمية فى التخلص من النفايات النووية، وفى صحراء نيفادا بأمريكا توجد حوالى خمسة آلاف حاوية ممتلئة بالنفايات النووية ويودون التخلص منها، وأن الحكومة السودانية وافقت على دفنها فى السودان، والمصنع الموجود بالكتالوج هو الموديل المكتمل للمصنع منذ عشر سنوات، ولم يتمكن من الحصول على موافقات لإقامته فى دول أوروبية أو دول أخرى طوال هذه الفترة لكن الرئيس السودانى جعفر نميرى وافق على إقامته فى الأراضى السودانية خلال نصف ساعة فقط، حيث قال له مستر فاتى: هذا المصنع سيدر عليكم دخلاً كبيراً يمكن من خلاله تمويل جميع مشاريعكم الكبيرة وحل مشاكلك المالية، خاصة أن الكثافة السكانية بالسودان ووضعه الجغرافى يسمع بذلك لأنه توجد مناطق غير مأهولة يمكن استغلالها لإقامة المصنع. وكشف د. فاتى أن التكنولوجيا الأمريكية المستخدمة فى الدفن عن طريق وضع النفايات فى قوالب خرسانية طريقة ضعيفة لأن الخرسانة ربما تتعرض للكسر أو التشقق، ثم شرح التكنولوجيا الألمانية المستخدمة فى ذلك عن طريق طحن النفايات النووية وعمل قشرة خرسانية عليها تشبه قشرة البيضة بينما النفايات تكون بداخلها مثل «الصفار» وهنا تكون احتمالات الكسر ضعيفة، والمصنع جاهز، ويمكن إعادة تركيبه فى السودان بعد إحضاره من ألمانيا. ويكمل د. جون: «بعد ذلك لم أدخل معه فى تفاصيل أخرى لكنه أعطانى الكتالوجين وقال إن هناك اجتماعات ستستمر مع اللجنة الاقتصادية العليا، وإنه سيغادر البلاد بعد يومين أو ثلاثة وسيعود مرة ثانية لتنفيذ المشروعات التى سيتفق مع الحكومة السودانية عليها». وكشف د. جون فى التحقيقات أنه أبلغ الدكتور على عوض يوسف، المسؤول بالمجلس القومى لبحوث الطاقة الذرية السودانية، وأعطاه التفاصيل الكاملة عن المشروع لخطورته الشديدة على البيئة وسرب بعض الأخبار عن الموضوع فى الأوساط السياسية، فى محاولة منه لخلق رأى عام، رافض لهذا المشروع الخطير، وأنه أبلغ الدكتور على عوض أيضا أن الاجتماع الذى تم مع مستر فاتى كان بعد اجتماع سابق فى المجلس الاقتصادى العالى للبلاد بحضور وزير الطاقة كوزير مختص ووزير كعضو ود. بلال المستشار الاقتصادى للرئيس النميرى، لأن المشروع الذى سيقام بالسودان، ومن المفترض أن تكون له جدوى فنية واقتصادية تسبق الموافقة والتصديق على قيام المشروع. كان د.فاتى أخبر الدكتور جون أثناء الاجتماع بأن نميرى طلب منه إقامة محطة طاقة نووية بالسودان، فرد عليه جون قائلاً: ليس لدينا خطة قومية لإدخال محطة نووية للطاقة بالسودان لعدة أسباب أهمها أن الحمولة القصوى للطاقة فى السودان حوالى ٣٠٠ ميجاوات، والسودان يمتلك طاقة مائية تقدر بحوالى ٣٥٠٠ ميجاوات والمستغل منه ٢٥٠ ميجاوات فقط، وحجم الوحدات النووية العاملة فى العالم ذات طاقة كبيرة أعلى من ٣٠٠ ميجاوات وهذا لا يتماشى مع نظام واحتياجات الطاقة فى السودان، وأن برنامج الطاقة يعتمد على الطاقة المائية، واكتشافات الغاز الطبيعى فى بورسودان وخام البترول المكتشف فى غرب وجنوب البلاد علاوة على الطاقات الجديدة والمتجددة والمتمثلة فى المخلفات الزراعية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وعندما سمع د. فاتى هذا الكلام من د. جون قال له: عندك حق.. وأكد «جون» فى التحقيقات أنه لا يعرف ما إذا كان الاتفاق الذى تم بين السودان والشركة الألمانية مكتوباً أم لا، وفهم د. جون من د. فاتى أن النفايات التى سيتم دفنها هى نفايات مستوردة من خارج السودان وهى مخلفات المحطات النووية المنتشرة فى أماكن كثيرة بدول العالم المختلفة، وكان غرض الشركة الألمانية تجميع هذه النفايات ودفنها فى الأراضى السودانية، وبالتالى تصبح السودان مقبرة النفايات الأهم والأكبر فى العالم. وكشف د. جون فى شهادته عن خطورة هذه العمليات الممنوعة دولياً، خاصة أن الإشعاعات النووية تظل كما هى لفترة طويلة جداً وتضر بصحة الإنسان والحيوان والنبات ويمتد تأثيرها لسنوات طويلة ولأجيال عديدة. وقال د. جون: فى رأيى أن مشروع دفن النفايات من الممكن أن يكون مصدراً لدخل ضخم جداً يستفيد منه السودان ولكن على حساب هذا الجيل والأجيال القادمة من الشعب السودانى فالغاية لا تبرر الوسيلة. وقال أيضاً: إن مستر فاتى ومن خلال حديثه ألمح إلى رغبة الأمريكان فى دفن ٥ آلاف حاوية نفايات ذرية فى الأراضى السودانية، لكنه لم يعرف إذا كانت دفنت بالفعل أم لا. وفهم جون من كلام مستر فاتى أنه متعجب من سرعة قرار نميرى وكانت آخر الملاحظات التى أبداها د. جون توقعه بوجود ثقة كبيرة فى شخصه من قبل مستر فاتى وأرجع هذه الثقة إلى ما قاله عنه د. بلال فى المقابلة التى جمعت بين الثلاثة، من أنه صديق وزميل وما أدخل الثقة فى نفس فاتى، تقديم الوزير شريف التهامى لـجون باعتباره المسؤول الأول عن الطاقة. واستدعت لجنة التحقيق شاهد الإثبات الثانى ويدعى د. سليم عيسى عبدالمسيح «٢٥ سنة» ويعمل محامياً ويقيم بحى المنشية بالخرطوم فقال: لقد كُلفت بالتحقيق فى مخالفات وزارة الطاقة والتعدين بالسودان عقب ثورة أبريل الشعبية بأمر تفويض من النائب العام وقمت بالتحقيق مع شريف التهامى وزير الطاقة والتعدين السابق، وأثناء التحقيق وصلت إلى معلومات عن دفن النفايات الذرية، حيث ذكر لى الدكتور جون جندى المهندس بالهيئة القومية للكهرباء أنه قابل مستر فاتى الألمانى الجنسية الذى أكد له أنه اتفق مع الرئيس السابق جعفر نميرى على دفن النفايات الذرية بالسودان فى جلسة استمرت نصف ساعة، فى الوقت الذى فشل فيه فى الاتفاق على دفنها فى أستراليا على مدار عشر سنوات وأعطانى الكتالوجات التى أعطاها له الألمانى المذكور. ويكمل د. سليم عبدالمسيح: حققت مع د. عمر بلال، الذى نفى علمه بدفن النفايات، ثم حصلت على مستند من مجلس الوزراء موضح فيه المشروعات التى نوقشت فى وجود الألمانى وهى فى مجموعها تتكلف بلايين الجنيهات إذا كانت ستنفذ فى السودان، وتحت الرقم «٩» يوجد بند طاقة نووية أو مشروع طاقة نووى، وبعد ذلك وصل خطاب للسيد وزير الطاقة من شركة O.K.A مؤرخ فى ٢ مايو ١٩٨٥ بعد الانتفاضة الشعبية لدفن عشرة آلاف برميل من المواد المشعة مقابل أربعة مليارات دولار، وهذا يدل على أن موضوع دفن النفايات الذرية فى السودان صار مطلوباً فى العالم. وأثناء رحلتى إلى باريس بعد أن أحال لى الطلب وزير الطاقة والتعدين حاولت الاتصال بهذه الشركة، لكن لم أتلق منها أى اتصال وحققت مع السيد محمد الحسن أحمد الحاج الذى وقع الاتفاقية مع مستر فاتى فى ٢٢ يناير ١٩٨٥ لبحث هذه المشاريع وتمويلها، ونفى علمه بموضوع دفن النفايات الذرية، وعند مواجهته بالبند التاسع، وهو مشروع محطة الطاقة النووية، وكيف ستدفن النفايات لم يستطع الإجابة، فأوضحت له أن أى مشروع نووى يجب أن يكون هناك تجهيز للطاقة ويجب أن يكون هناك دفن للطاقة المشعة وذكر لى أنهم لم يفكروا فى هذا المشروع إطلاقاً، وبعد ذلك كلفت بالسفر إلى فرنسا وإنجلترا وألمانيا وأوروبا لمتابعة التحقيق وكانت من ضمن المهام الاتصال بمستر فاتى وكان معى العقيد شرطة حسن عبدالرحمن وهو عضو لجنة التحقيق، وفعلاً عندما وصلنا إلى باريس فى سبتمبر ١٩٨٥، اتصلت ومعى العقيد حسن عجامى بشخص إنجليزى يدعى أندرو وكان يساعدنا هو ومحامية فرنسية تدعى باتيشيا للتحقيق مع بنك B.A.U فى المخالفات فى مجال البترول أو أى مخالفات أخرى. ويكمل د.سليم عيسى عبدالمسيح: كلفت أندرو بالاتصال بالمدعو فاتى لتحديد مواعيد معه لمد المدة المحددة فى الخطاب وكانت ستة أشهر وكيفية مناقشة هذه المشاريع وفعلاً اتصل به أندرو عن طريق التلكس وهاتفياً وحدد أسبوعاً لمقابلته فى باريس فى يوم ٢٥ سبتمبر١٩٨٥، وأن يتم الاجتماع فى السفارة السودانية بباريس وأفهمه أننى مفوض والعقيد حسن بالتوقيع على اتفاق بحث هذه المشاريع، ثم سافرنا فى اليوم التالى وقابلنا مستر بيلنج ومستر فاتى على باب الطائرة ونقلنا إلى غرفة كبار الزوار فى غرفة خاصة وأخذا منا جوازات السفر وإيصالات العفش وبعد ربع ساعة كانت كل أوراقنا وعفشنا جاهزة ثم أخذنا مباشرة إلى مقر عمله فى «أيزربورج» وعندما وصلنا هناك وجدنا معه وفداً بلغارياً يضم مجموعة من العلماء فى مشروعات الطاقة النووية واعتذر لنا بأنه مرتبط بمحادثات مع هذا الوفد وسيعرض لنا بعض الأفلام عن أعماله، واتضح لنا من خلالها أنه يعمل فى مسألة دفن النفايات الذرية بعد أن توضع فى كبسولات بحجم صغير وتغلف بقناع من الحجر وتوضع داخل حاويات من الصلب والحديد ثم بدأنا معه النقاش على أساس تمديد المدة الواردة فى الخطاب المؤرخ فى ٢٢ يناير ١٩٨٥ وذكرت له أننا نعلم أن البند التاسع يعنى دفن النفايات الذرية فى السودان مقابل أموال ستعطى لتمويل باقى المشاريع فلم ينكر هذه الحقيقة بل أكد لنا أنه أرسل للرئيس الحالى سوار الذهب برقية تهنئة، أشار فيها إلى التعاون مع حكومة السودان بعد الانتفاضة الشعبية. ويواصل د. سليم شهادته أمام لجنة التحقيق قائلاً: وبعد النقاش فيما يختص بالمشاريع أوضحت له أهمية البند الثامن الذى يتحدث عن البترول ومشاكله فذكر لى بأنه سيحضر دكتوراً ألمانياً متخصصاً فى موضوع البترول، وفى اليوم التالى حضر بالفعل وبعد نقاش مستفيض وقعنا معه اتفاقية تفاهم حول المشاريع بالحروف الأولى فوقعت أنا والعقيد حسن عن الجانب السودانى ووقع مستر بيهلنج ود.فاتى عن الجانب الألمانى وكان ذلك فى ٥ سبتمبر ١٩٨٥ على أساس أن يتم التوقيع بالحروف كاملة فى باريس يوم ٢٥ سبتمبر ١٩٨٥ وأثناء نقاشى معه ذكرنى فاتى بالحرف الواحد أن المشروع التاسع الخاص بالمشروعات النووية لم يكن يقصد به إلا دفن النفايات وذكرنى بأن هذا المشروع يعتبر مشكلة فى ألمانيا لأنهم يقومون بدفن النفايات فى الملح بينما الدفن فى الاتحاد السوفيتى سابقا فى الثلج وفى سويسرا داخل الجرانيت وهناك محاولات لدفنه فى أعماق البحار أو تعليقه فى الفضاء وفى أمريكا يدفن فى الصحارى وذكرنى بأنه اتفق مع الرئيس السودانى جعفر نميرى على الدفن فى وقت وجيز، بعد أن فشل فى ذلك مع أستراليا، وقال لى إن البند التاسع لم يكن يقصد به إلا التعبير عن دفن النفايات وذكرنى بأنه اتفق مع نميرى على ذلك مقابل أربعة مليارات دولار على مدى عشرين عاماً لتمويل بقية المشروعات وهى جاهزة لديه الآن فى البنك ويمكن الاستفادة بها فوراً فذكرت له أن الاتفاقية التى سنوقعها يجب أن نذكر المبلغ والمدة، فقال لى إن هذه الأمور ستخضع لاتفاقية أخرى لأنه ستكون هناك مصانع لعمل الكبسولات المستخدمة فى عملية الدفن، وأشير إلى أننا زرنا مصانع د. فاتى فى ألمانيا وأرانا نموذجاً مصغراً للمصانع التى ستبنى لدفن هذه النفايات وأعطانا كتالوجاً لتوضيح الأعمال وذكر لنا أنه سيوقع اتفاقيات مع الوفد البلغارى بخصوص المشاريع النووية. ويكمل د. سليم شهادته: رجعت من ألمانيا وحضر «د.فاتى» و«د.بيهلنج» فى يوم ٢٥ سبتمبر ١٩٨٥ فى السفارة السودانية بباريس ووقعا على الاتفاقية ووقع عن الجانب السودانى العقيد حسن عبدالرحمن وسفيرنا فى باريس يوسف مختار وعن الجانب الألمانى «د.فاتى» و«د.بيهلنج» وهى تقريباً نفس الاتفاقية التى وقعناها بالحروف الأولى وذكر فيها فى البند السادس انه اتفــق مــع الرئيــس الســابــــق جعـــفـــر نميرى على دفن النفايات الذريــــة فى السودان البنـــد التاســـع من الخطاب المعنـــون بــ«Messer F. J. Gattys» بتـــــاريخ ٢٢ يناير ١٩٨٥ والخاص بـ«Nuclear Power Plant» والذى وقعه أحمد الحسن محمد الحاج وزير شؤون الرئاسة ومقرر المجلس الاقتصادى القومى وذكر لى د. فاتى أن هذا رمز اتفق عليه مع جعفر نميرى لتغطية موضوع دفن النفايات وان هذا الاتفاق تم فى مقابلة خاصة وسألنى فاتى عن السبب فى أن نذكر هذه الواقعة أو الاتفاق مع نميرى فى الاتفاقية التى سنبرمها معه فقلت له: حتى نتمكن من تكملة الإجراءات فى السودان. |
ساحة النقاش