هَلْهَلَةُ الشِّعْرِ الْعَرَبيِّ الْقَديمِ جَزالَةٌ أَوْ رَكاكَةٌ - للدكتور محمد جمال صقر
مدرس بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة
مُقَدِّمَةٌ
هَلْهَلَةُ الشِّعْرِ
[1] عَديُّ ( مُهَلْهِلِ ) بنُ رَبيعةَ التَّغْلَبيُّ أخو وائل كُلَيْبٍ، شاعرٌ جاهلي قديم ، عاش آخرَ القرن الميلادي الخامس وأولَ السادس (1) ، وذَكَرَه بأوَّليَّةِ الشُّعراءِ ، لبيدُ بن ربيعة ، وحارثةُ بن بدر الغداني – وهما مخضرمان – وسراقةُ البارقي ، والفرزدقُ - وهما إسلاميان – من الشعراء ، وذكره بأولية المُقَصِّدين ابنُ سلام الجمحي ، وابنُ قتيبة ، وثعلبٌ ، وأبو حاتم الرازي ، والأصفهانيُّ ، وأبو هلال العسكري ، وابنُ رشيق القيرواني ، والقلقشنديُّ ، وأبو علي القالي ، من العلماء ، وخالفهم امرؤ القيس بن حجر الكندي – وهو ابن أخت مهلهل – من الشعراء ، ومحمدُ بن إسحاق ، ومصعبٌ الزبيري ، وأبو حاتم السجستاني ، وأبو زيد القرشي ، والآمديُّ ، وأبو أحمد العسكري ، والمرزبانيُّ ، وأبو عبيد البكري ، والميدانيُّ ، وابنُ سعيد الأندلسي ، وأبو عبد الله الشبلي ، وأبو بكر الحنبلي ، والسيوطيُّ ، من العلماء (2) .
بتلك الأولية تفاخرتِ العربُ ، فزَعَمَتْها لشعرائها القدماء ، قبائلُ منها مختلفة ؛ فلا عجب أن يختلف في مهلهل أخذًا عنهم العلماءُ والشعراء !
[2] ولكن " هناك ما يشبه الإجماع على أن الشعراء الأوائل جيلان : الجيل الأول يتقدم الثاني ، ولكن ممثليه لا يعدون ، في عرف بعض العلماء ، شعراء ، لأنهم لم يقولوا الشعر بعد الشعر ، ومنهم : خُزيمة بن نهد ، ودُويد بن زيد ، وأعْصُرُ بن سعد بن قيس عيلان ... إلخ ، أما الجيل الثاني فهو الذي قَصَّدَ القصيد ، وأبرز ممثليه : مهلهل ، وزهير بن جناب ، وعبيد بن الأبرص ، وأبو قِلابة الهذلي ، وسعد بن مالك ، والفِند الزِّمّاني ... إلخ . وهؤلاء متقاربون في أزمانهم ، لعل أقدمهم لا يسبق الهجرة النبوية الشريفة بمئة وخمسين سنة ، أو مئتي سنة في أبعد تقدير " (3) .
ولم يكن تَقْصيدُ القَصيدِ المجمع عليه فيما سبق ، لمهلهل وجيله ، إلا هذه الثلاثةَ جميعا معا : النظمَ مما يلائم غناءَ الرُّكْبانِ من العَروض ، والإطالةَ ، والإكثارَ - قياسًا إلى حالِ مَن قَبْلَهم (4) .
[3] ولكن من العلماء من نسب عديًّا إلى هَلْهَلَة الشِّعر رادًّا إليها لَقَبَه :
- قادِحًا :
" فإنما سُمّي مُهَلْهِلاً لأنه كان يُهَلْهِلُ الشِّعْرَ أي يُرَقِّقُهُ ولا يُحْكِمُهُ " ، كما قال الأصمعي الجليل ، وذكره ابنُ دريد العالمُ الشاعرُ (5) ، و" لِهَلْهَلَةِ شِعْرِهِ كَهَلْهَلَةِ الثَّوْبِ ، وَهُوَ اضطِّرابُهُ وَاخْتِلافُهُ " ، كما قال ابن سلام الجليل (6) ، ثم نقل المرزباني كلامه (7) ، و" لِرَداءَةِ شِعْرِهِ " ، كما روى ابن منظور (8) .
- أو مادِحًا :
فإنما " سُمِّيَ مُهَلْهِلاً ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ رَقَّقَ الشِّعْرَ ، وَتَجَنَّبَ الْكَلامَ الْغَريبَ الوَحْشيَّ " ، كما قال ابنُ الأعرابي الجليل ، وذكره المرزباني (9) ، و " لِأَنَّهُ هَلْهَلَ الشِّعْرَ ، أَيْ أَرَقَّهُ . وَكانَ فيهِ خُنْثٌ " ، كما قال ابن قتيبة الجليل (10) ، ثم نقل القالي ثم البغدادي كلامه (11) ، و " لِطيبِ شِعْرِهِ ، وَرِقَّتِهِ ، وَكانَ أَحَدَ مَنْ غَنّى مِنَ الْعَرَبِ في شِعْرِهِ (...) وَكانَ فيهِ خُنْثٌ وَلينٌ ، وَكانَ كَثيرَ الْمُحادَثَةِ لِلنِّساءِ ، فَكانَ كُلَيْبٌ يُسَمّيهِ ( زيرَ النِّساءِ ) " ، كما قال الأصفهاني (12) !
[4] ولقد انقسمت بينهم كلمات القدح والمدح على النحو العادل التالي في الجدول :
هَلْهَلَةُ الْقَدْحِ |
هَلْهَلَةُ الْمَدْحِ |
التَّرْقيقُ وَاطِّراحُ الْإِحْكامِ |
التَّرْقيقُ وَاطِّراحُ الْغَريبِ الْوَحْشيِّ |
إيقاعُ الِاضْطِرابِ وَالِاخْتِلافِ |
اَلْإِرْقاقُ |
اَلْإِرْداءُ |
اَلْإِطابَةُ وَالْإِرْقاقُ |
ليس العطف الوارد في خلال ذلك للمغايرة ، بل للتفصيل ؛ فليس اطراح الإحكام عند القادح ، ولا اطراح الغريب الوحشي عند المادح ، إلا الترقيق ، ولولا ذلك ما استقام بالكلمة نفسها القدحُ والمدحُ جميعا معا .
وليس معنى زيادة إفعال " الإرقاق " ، غير التعدية التي في زيادة تفعيل " الترقيق " ، قال ابن منظور : " أَرَقَّ الشَّيْءَ ورَقَقَّهُ : جعله رَقيقًا " (13) ، بل التعدية التي في باب " فَعَّلَ " ، محمولة على التي في باب " أَفْعَلَ " (14) - ومن ثم يوشك " إيقاع الاضطراب والاختلاف " في القدح ، ألا يجد في المدح ما يقابله ، إلا أن نستفيد من شَفْع الإرقاق بحديث الخُنْثِ الذي كان في عدي ، عند ابن قتيبة والأصفهاني كليهما . قال ابن منظور : " خَنِثَ الرجلُ خَنَثًا فهو خَنِثٌ ، وتَخَنَّثَ وانْخَنَثَ : تَثَنّى وتَكَسَّرَ (...) وخَنَّثْتُ الشيءَ فتَخَنَّثَ أَي عَطَّفْتُه فتَعَطَّفَ ، والمُخَنَّثُ من ذلك للِينهِ وتَكَسُّره ، وهو الانْخِناثُ ؛ والاسم الخُنْثُ
(...) وتَخَنَّثَ في كلامه " (15) .
ربما كان الإرقاق المقابل لإيقاع الاضطراب والاختلاف ، نمطا من ذلك التخنيث ، خرج به كلام عدي متثنيا متكسرا لينا على مثل كلام النساء من طول معاشرتهن ؛ فتعلق به بعض من يتعلق بهن ، كما تعلق ببعض شعر النابغة وابن قيس الرقيات !
وبفضل تأملٍ تبدو كلماتُ العلماء المتقابلةُ ، متناميةً معا يؤدي بعضها إلى بعض ؛ فاطراح الإحكام يوقع في الشعر الاضطراب والاختلاف ؛ فيرْدُؤُ - واطراح الغريب الوحشي يرق الشعر ويخنثه - إمّا قَبِلْنا - فَيَطيب .
[5] أتُرى بقيَتْ في أولئك العلماء أَثارةٌ من ذلك التفاخر القديم ؛ فقدح فيه بالهلهلة خُصومُه ؛ فمدحه بها هي نفسِها أصحابُه ، على طريقة من المناظرة عربية قديمة معروفة ، يفخر فيها الفاخر بخَصْلة ، فيُثبتها خَصمُه ثم يُوهِّمُ فَهمَه لها ، على مثل ما روى المرزباني من تقديم صاحبِ جَريرٍ له على الفرزدق ، بنجاته مما سقطَ فيه الفرزدق من التَّعْقيد ، وتَوْهيم صاحب الفرزدق له بقوله : " أنت ، يا أخي ، لا تعقل ؛ سَقَطُ الفرزدق شيءٌ يمتحن الرجالُ فيه عقولها حتى يستخرجوه ، وسَقَطََََََََََََََََََََََََََََََََََُ جريرٍ عِيٌّ " (16)- فأخَّرَ مهلهلاً خصمُه ، بهلهلته للشعر ، فأثْبَتَها صاحبُه ، ثم وَهَّمَ فهمَه لها ؟
ولقد يساعد كلا منهما أصلُ الهلهلة في اللغة ؛ فهذا ابن منظور يقول : " هَلْهَلَ النَّساجُ الثَّوبَ ، إذا أرقَّ نَسْجَه وخَفَّفَه . والهَلْهَلَةُ سُخْفُ النَّسْجِ (...) وثوبٌ هَلهَلٌ رَديءُ النَّسْجِ ، وفيه من اللُّغات جَميعُ ما تقدَّم في الرَّقيق ؛ قال النابغة :
أتاكَ بقولٍ هَلْهَلِ النَّسْجِ كاذبٍ ولمْ يأتِ بالحقِّ الذي هُوَ ناصِعُ
(...) والمهلهلة منَ الدُّروع أردؤها نسجًا (...) - قال بعضهم - : هي الحَسَنةُ النَسْجِ ليستْ بصَفيقةٍ " (17) ؛ فهلهلة أيِّ نسجٍ إِرْقاقُ تَخْفيفٍ - وقد عهدناه في الأثواب الفاخرة - أو إِرْقاقُ تَسْخيفٍ ، وقد عهدناه في الأثواب البالية .
فتكون هلهلةُ مهلهل للشعر عند خصمه ، إرقاق تسخيف ، وعند صاحبه إرقاق تخفيف ، دلالةً بدلالة ، والبادئُ أظلم ، مُحاجَّةً لا طائلَ وراءها ، ولا سيَّما أَلاّ بيانَ لأيٍّ من الدلالتين .
أمْ تُرى فَرَّقَ بين القادح والمادح ، شعرُه ، وأكثره منحول إليه محمول عليه ، كما قال الأصمعي (18) ؛ فقدح فيه من لم يُمَيِّزْ شعره من شعر غيره ، ومدحه من ميزه ؟
ولكن أبا حاتم سأل الأصمعيَّ عن مهلهلٍ مرةً ، فأجابه : " ليس بفَحْلٍ ، ولو قال مثل قوله :
أَلََيْلتَنا بذي حُسُمٍ أنيري ،
خمسَ قصائد ، لكان أفحلهم " (19) ؛ فدل على أنه ممن ميز شعره من شعر غيره ، وقد مَرَّ أنه من القادحين !
أم تُرى هذه آثار أوَّليَّةِ التَّقْصيدِ المُسَلَّمَةِ لمهلهل كما سبق : وُجوهٌ طبيعيةٌ من الضَّعْفِ ومن القُوَّة جميعًا معًا ، غَلَبَ عليها لدى القادح الضعفُ ، ولدى المادح القوةُ ؟
ولكن أين بيان ذلك ؟
كل أولئك وجوه من الظن لن تستولي على اليقين حتى يدركها البحث بسَبْرِ أَمْرِ الْهَلْهَلَةِ ، ثم فَرْقِ ما بين شعر مُهَلْهِلٍ وشعر غيره المحمول عليه المنحول إليه ، ثم فَرْقِ ما بين شعره وشعر من قبله وشعر من بعده .
اَلْهَلْهَلَةُ جَزالَةٌ أَوْ رَكاكَةٌ
[6] اختارَ أبو تمّامٍ لمهلهلٍ في " باب المَراثي " من " ديوان الحَماسة " ، قولَه في أخيه :
" نُبِّئْتُ أنَّ النارَ بَعْدَكَ أوقِدَتْ وَاسْتَبَّ بَعْدَكَ ياكُلَيْبُ المَجْلِسُ
وَتَكَلَّموا في أَمْرِ كُلِّ عَظيمَةٍ لَوْ كُنْتَ شاهِدَهُمْ بِها لَمْ يَنْبِسوا
وَإِذا تَشاءُ رَأَيْتَ وَجْهًا واضِحًا وَذِراعَ باكِيَةٍ عَلَيْها بُرْنُسُ
تَبْكي عَليْكَ وَلَسْتَ لائِمَ حُرَّةٍ تَأْسى عَليْكَ بِعَبْرَةٍ وتَنَفَّسُ " (20) .
وهي قطعة باقية من قصيدة غير التي أَكْبَرَها الأصمعي فيما سبق ، آثَرَها أبو تمام ، واقتصر عليها طلال حرب (21) ، وعَثَرَ لها أنطوان القوّال ، بزيادة هذين البيتين بعد الثاني ، في " مَجالسِ ثَعْلَبٍ " :
" أَبَني رَبيعَةَ مَنْ يَقومُ مَقامَهُ أَمْ مَنْ يَرُدُّ عَلى الضَّريكِ وَيَحْبِسُ
وَتَلََهَّفَ الصُّعْلوكُ بَعْدَكَ أُمَّهُ لَمّا اسْتَعالَ وَقالَ أَنّى الْمَجْلِسُ " (22) .
وما ديوانُ الحماسةِ إلا مختاراتُ أبي تمام من الشعر العربي القديم ، التي انتدَبَ أبو علي المرزوقيُّ إلى شرحها ، فاقتضتْه أن يُنبه من يشرحها له ، على العمود الذي به نَهَضَ ذلك الشعرُ من سائر الكلام واختيرت تلك المختاراتُ من سائر القصائد ، كالعمود الذي به تنهض الخيمة من سائر الأرض وتُؤْثَرُ من سائر المنازل ؛ فكانت " جَزالَةُ اللّفْظِ " شطرَ الباب الثاني من سبعة أبواب هي ذلك العمود (23) .
ولم يختصَّ المرزوقيُّ بذكر " جَزالَةِ اللَّفْظِ " ؛ فقد ذكرها قبله الجاحظ (24) ، وثعلب (25) ، و الأصفهاني (26) ، والآمدي (27) ، والمعتزلي (28) ، والعسكري (29) ، وغيرهم ، ولكنه اختص بإيرادها على النحو السابق ، في أبواب عمود الشعر العربي القديم .
[7] والإِجْزالُ في لغتنا عَكْسُ الإِرْكاكِ (30) الذي هو" إرقاقُ التسخيف " الذي هو أحد دَلالَتَيِ " الهَلْهَلَةِ " كما سبق : " رَكَّ الشيء أيْ رَقَّ وضَعُفَ ، ومنه قولهم : اقطعْهُ مِن حيثُ رَكَّ ، والعامة تقول : من حيث رَقَّ ، وثوبٌ ركيكُ النَّسْج " (31) ولولا قرابة " رَقَّ " من " رَكَّ " وَزْنًا ومَعْنًى ، والقاف من الكاف ، مخرجًا وصفة ، ما التبس الفعلان ، وهو ما يوحي بأن المعنى فيهما من جنس واحد ؛ فمن ثم يكون الإجزال هو" إرقاقَ التخفيف " الذي هو دَلالةُ الهلهلة الأخرى ، لا " الإِغْلاظَ " الذي هو عكسُ " الإِرْقاقِ " ؛ إذ هذا من القَدْح ، وذاك من المَدْح ، وقديما قال الجاحظ فَفَصَل :" منَ الكلامِ الجَزْلُ والسَّخيفُ " (32) .
من ثم تقع هلهلة مهلهل لشعره عند خصومه وأصحابه ، التي جنى عليه وحده فيها، لَقَبُه الذي اختص به من سائر الشعراء (33) - بين الإجزال والإركاك اللذين وقع بينهما عمل سائر الشعراء القدماء ؛ فمن قدح فيه بها فقد عدَّها من الإركاك ، ومن مدحه بها فقد عدَّها من الإجزال .
[8] وعلى رغم ذلك الإيراد الطريف ، ترك المرزوقي شرح " جزالة اللفظ " – ومثلها سائر أبواب العمود – إلى إيجاز قول فيما رآه عيار الباب ( معياره ) : " عيار اللفظ الطبع والرواية والاستعمال ؛ فما سلم مما يهجنه عند العرض عليها فهو المختار المستقيم . وهذا في مفرداته وجملته مراعى ، لأن اللفظة تستكرم بانفرادها ، فإذا ضامها ما لا يوافقها عادت الجملة هجينا " (34) ؛ فأضاف ما يحتاج إلى شرح آخر !
ولولا انصراف كلام الجرجاني إلى نقد مقالة المُعْتَزِليِّ وأستاذه أبي هاشم الجُبّائيِّ ، لجاز أن يكون أراد المرزوقيَّ بقوله : " لم نر العقلاء قد رضوا من أنفسهم في شيء من العلوم أن يحفظوا كلاما للأولين ويتدارسوه ، ويكلم به بعضهم بعضا ، من غير أن يعرفوا له معنى ، ويقفوا منه على غرض صحيح ، ويكون عندهم ، إن يسألوا عنه ، بيان وتفسير – إلا ( علم الفصاحة ) ؛ فإنك ترى طبقات من الناس يتداولون فيما بينهم ألفاظا للقدماء وعبارات ، من غير أن يعرفوا لها معنى أصلا ، أو يستطيعوا – إن يسألوا عنها – أن يذكروا لها تفسيرا يصح . فمن أقرب ذلك ، أنك تراهم يقولون إذا هم تكلموا في مزية كلام على كلام : ( إن ذلك يكون بجزالة اللفظ ) ... ثم لا تجدهم يفسرون الجزالة بشيء " (35) .
[9] لا مُشاحّة لدى الجرجاني في استعمال المحدثين لجزالة اللفظ ، مصطلحِ القدماء - وأولى منه ألا مشاحة لديه في استعمال الجزالة اصطلاحا ، جنسا لمَزيّة اللفظ (36)- ولكن المشاحة الشديدة لديه في ألا يتحمل المحدثون تكاليف استعمال مصطلح القدماء ، الثلاثة :
* عِلْمَ معناهُ أي حقيقتِهِ التي يُسْأَلُ عنها " بما ؟ " ،
* وعِلْمَ غَرَضِهِ أي عِلَّةِ حقيقته التي يسأل عنها " بلِمَ ؟ " ،
* وعِلْمَ تَفْسيرِهِ أي تمثيلِ حقيقته الذي يسأل عنه " بكَيْفَ ؟ " .
أي في أن يجهلوا أَمْرَ تلك المَزيَّةِ :
أَمْــــرُ الْجَــــــزالَـةِ |
||
علم معناها ( ما هي ؟ ) |
علم غرضها ( لم هي ؟ ) |
علم تفسيرها ( كيف هي ؟ ) |
وإلا وجب ألا يستعملوا مصطلحها ؛ فقد صار أحدَ الرموز إلى حياتنا الثقافية السابقة ، التي يؤدي فقهها إلى فقه مسيرتنا الثقافية إلى المستقبل (37) .
[10] لا ريب في حَداثَةِ القديم في زمانه ، وقَدامَةِ الحديث بعد زمانه . ولكن لا ريب أيضا ، في انضباط كل منهما بالآخر ؛ فعلماء القرنين الهجريين الرابع والخامس جميعا - ومنهم المعتزلي والمرزوقي كلاهما - قدماء لدينا أبناء القرنين الهجريين الرابع عشر والخامس عشر ، محدثون لدى الجرجاني ابن القرن الهجري الخامس ، وعلماء القرون الهجرية الأول والثاني والثالث ، قدماء لدى الجرجاني بعيدو القدم لدينا ، وعلماء القرنين الهجريين الرابع عشر والخامس عشر ، محدثون لدينا غائبون لدى الجرجاني .
من ثم ينبغي لنا في أمر الجزالة والركاكة :
أولا : أن نبحثه عند القدماء لدى الجرجاني البعيدي القدم لدينا ، ولاسيما ما استوعبه هو عنهم .
ثانيا : أن نبحثه عند من استوعبه من المحدثين لديه القدماء لدينا والمحدثين لدينا الغائبين لديه جميعا معا .
ثالثا : أن نبحثه عند من لم يستوعبه من المحدثين لديه القدماء لدينا والمحدثين لدينا الغائبين لديه جميعا معا .
حتى إذا ما انجلى أمرهما انجلى أمر الهلهلة .
الْجَزالَةُ وَالرَّكاكَةُ عِنْدَ الْقُدَماءِ
[11] مر في نقد الجرجاني لاستعمال المحدثين لمصطلح القدماء ، من دون أن يتحملوا تكاليفه ، أن " جزالة اللفظ " عنده ، من " علم الفصاحة " ، وهو قد كان قال هذه الكلمة العامة التي أراد بها أن يفرغ من أصلٍ عنده : " ليس لنا – إذا نحن تكلمنا في البلاغة والفصاحة – مع معاني الكلم المفردة شغل ، ولا هي منا بسبيل ، وإنما نعمد إلى الأحكام التي تحدث بالتأليف والتركيب " (38) ؛ فقد كان يرى علوم البلاغة علما واحدا ، وإن كان واضع نظريتي علمي المعاني والبيان (39) .
إن الجزالة والركاكة عند الجرجاني إذن ، من صفات النَّظْم الذي هو " أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه ( علم النَّحْوِ ) ، وتعمل على قوانينه وأصوله ، وتعرف مناهجه التي نُهِجَتْ ؛ فلا تزيغ عنها ، وتحفظ الرسوم التي رسمت ؛ فلا تخل بشيء منها " (40) ، وما الجزالة والركاكة إلا نمطان من صواب النظم ومن خطئه اللذين أشار إليهما بقوله : " لست بواجد شيئا يرجع صوابه – إن كان صوابا – وخطؤه – إن كان خطأ – إلى ( النظم ) ، ويدخل تحت هذا الاسم ، إلا وهو معنى من معاني النحو قد أصيب به موضعه ، ووضع في حقه ، أو عومل بخلاف هذه المعاملة ، فأزيل عن موضعه ، واستعمل في غير ما ينبغي له " (41) ، وليست الجزالة والركاكة نمطين من صواب الإعراب ومن خطئه اللذين أشار إليهما بقوله : " لسنا في ذكر تقويم اللسان والتحرز من اللحن وزيغ الإعراب ؛ فنعتد بمثل هذا الصواب . وإنما نحن في أمور تدرك بالفكر اللطيفة ، ودقائق يوصل إليها بثاقب الفهم ؛ فليس درك الصواب دركا حتى يشرف موضعه ، ويصعب الوصول إليه ، وكذلك لا يكون ترك الخطأ تركا حتى يحتاج في التحفظ منه إلى لطف نظر ، وفضل روية ، وقوة ذهن ، وشدة تيقظ " (42) .
وإن في استعماله مصطلحَ " الكلام " الخاصَّ ، بدلا من مصطلحِ " اللفظ " العامِّ الواقع في كلام المرزوقي وغيره ، لحرصًا على بيان انصراف صفات النظم ومنها الجزالة والركاكة ، إلى الكَلِم المجتمعة لا المنفردات ، ودرءًا لشبهة انفصال اللفظ من المعنى (43) ، ولا سيما أنني عثرت بمن وصف المعنى بالجزالة وبالركاكة ، كما وصف اللفظ (44) .
[12] نفى الجرجاني في أول كتابه أن يُكتفى في الفصاحة بأنها " خُصوصيّةٌ في النظم " (45) ؛ فدل على أنها - ومنها لديه الجزالة والركاكة - هي تلك .
إن الجزالة ، في أصل لغتنا ، القوة ، والجزل القوي ، وإن الركاكة الضعف ، والركيك الضعيف . وصفت العربُ بذلك العقلَ والرأيَ والجسمَ والكلامَ (46) ، بل وقع في نصوص من كلامها بحيث احتمل أن يكون وصفا لها كلها جميعا معا : " في حديث موعظة النساء : قالت امرأة منهن جَزْلَةٌ أي تامة الخَلق . قال : ويجوز أن تكون ذات كلام جَزْلٍ أي قوي شديد " (47) ، وفي أخبار وفود عبد الله بن أبي معقل على مصعب بن الزبير ، أن مصعبا لم يؤمِّره على غزوة زَرَنْجَ ( قصبة سجستان ) ، حتى " أعجَبَه قولُه وجزالتُه " (48) ، وليس يمتنع بل يحسن أن يكون أراد قوة عقله ورأيه وجسمه وكلامه جميعا معا ؛ فيكون خروجها كلها لديهم من أصل واحد .
من ثم تكون جزالةُ الكلام عند الجرجاني ، قوةَ نظمه ، وركاكتُه ضعفَه ، ثم هما حين تصيبان الكلام تصيبان عقل المتكلم ورأيه وجسمه جميعا معا ، ولكنَّ لهذا حديثا آخر.
ولقد فَصَّلَ الجرجاني أمر النظم عقب تعريفه السابق له ، بذكره أعمال الناظم قائلا : " لا نعلم شيئا يبتغيه الناظم بنظمه ، غير أن ينظر في وجوه كل باب وفروقه ؛ فينظر في ( الخبر ) إلى الوجوه التي تراها في قولك : ( زيد منطلق ) ، و( زيد ينطلق )، و( ينطلق زيد ) ، و( منطلق زيد ) ، و( زيد منطلق ) ، و( المنطلق زيد ) ، و( زيد هو المنطلق ) ، و( زيد هو منطلق ) ، وفي ( الشرط والجزاء ) (...) ، وفي الحال (...) ، وينظر في ( الحروف ) (...) ، وينظر في ( الجمل ) (...) ، ويتصرف في ( التعريف ) ، و( التنكير ) ، و( التقديم ) ، و( التأخير ) ، في الكلام كله ، وفي ( الحذف ) ، و( التكرار ) ، و( الإضمار ) ، و( الإظهار ) ؛ فيصيب بكل من ذلك مكانه ، ويستعمله على الصحة وعلى ما ينبغي له . هذا هو السبيل " (49) .
[13] إننا إذا اجتزأنا بالنظر فيما فصله ونقلناه من أعمال الناظم بباب ( الخبر ) ، وجدناها على أربعة أقسام متكاملة ، لا نستطيع أن نضبط زمان بدئه أيا منها ولا زمان ختمه ؛ إذ ربما تجمعت عليه هي كلها أو بعضها ، وربما تفرقت :
أولها الإبدال ؛ فليس إيثار الناظم في المسند أن يكون مفردا " منطلق " ، أو جملة " ينطلق ، هو ينطلق " ، ونكرة " منطلق " ، أو معرفة " المنطلق " - وفي الجملة أن تكون اسمية " زيد منطلق ، زيد ينطلق " ، أو فعلية " ينطلق زيد " ، إلا إبدال المناسب من غير المناسب .
وثانيها الترتيب ؛ فليس إيثار الناظم في المسند أن يتأخر عن المسند إليه " زيد منطلق ، زيد ينطلق " ، أو أن يتقدم عليه " منطلق زيد ، ينطلق زيد " ، إلا ترتيب موقع كل منهما المناسب ، من الآخر .
وثالثها الحذف ، وآخرها الإضافة ؛ فليس إيثار الناظم في المبتدأ والخبر المعرفتين ، أن يتصلا " زيد المنطلق " - وهو مفهوم من " المنطلق زيد " - أو أن ينفصلا " زيد هو المنطلق " ، إلا حذف الغير المناسب ، أو إضافة المناسب .
ولا يخفى التباس الإبدال بغيره من أقسام الأعمال ، في بعض ما فيها ؛ إذ كل تغيير على وجه العموم ، إبدال .
ثم إن في آخر نص الجرجاني السابق ، بيانا آخر ؛ فما إيثار التعريف أو التنكير والإضمار أو الإظهار ، إلا الإبدال ، ولا إيثار التقديم أو التأخير ، إلا الترتيب ، ولا إيثار التكرار من الحذف ، إلا الإضافة .
ولقد مضى يفسر أعمال الناظمين ، ويختبرها بموازنة كلامهم بعضه ببعض ، أو بتغيير نظم كلامهم ، وموازنة حاله الأخرى بحاله الأولى ، غير متحرج من كلام الله ؛ فله كان كتابه : " مما هو بتلك المنزلة في أنك تجد المعنى لا يستقيم إلا على ما جاء عليه من بناء الفعل على الاسم قوله - تعالى ! - : ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ) ، وقوله - تعالى ! -: ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) ، وقوله – تعالى ! - : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ) ؛ فإنه لا يخفى على من له ذوق أنه لو جيء في ذلك بالفعل غيرَ مبنيٍّ على الاسم ، فقيل : ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب ويتولى الصالحين ) ، و( اكتتبها فتملى عليه ) ، و( حشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فيوزعون ) ، لوجد اللفظ قد نبا عن المعنى ، والمعنى قد زال عن صورته والحال التي ينبغي أن يكون عليها " (50) ، ولم يكن العمل الذي اختبره ، إلا الترتيب .
[14] وعلى ذلك نفسه يجري أمرُ الجزالة والركاكة ، وأعمال المُجْزِلِ ( صاحب الجزالة ) والمُرِكِّ ( صاحب الركاكة ) ؛ إذ يُبْدِلانِ الكَلِمَ للجملة ، والجُمَلَ للفِقْرَةِ ، والفِقَرَ للنَّصِّ ، والنُّصوصَ لِلْكِتابِ ، ويُرَتِّبانِها ، ويَحْذِفانِ منها ، ويُضيفانِ إليها - وهو مراد الجرجاني من قوله فيما سبق : " في الكلام كله " – حتى يستفرغا وُسْعهما ، وينفُضا أيديَهما من الكلام كلِّه ، فإن خرج قويَّ النظم ، كالحبل المشدود ، لا يتيح لمستوعبه أن يقول : لو كان كذا مكان كذا لكان أفضل ، كان جزلا ، وإن خرج ضعيف النظم ، كالحبل المُرْخى ، يتيح لمستوعبه أن يقول ذلك ، كان رَكيكا ، وإن غالى المجزل عاظَلَ أي أدخل الكلام بعضه في بعضه (51) ، والمُعاظَلَةُ ركاكة ، وإن غالى المرك خَلَّعَ أي فك بعضه من بعضه (52) ، والتَّخْليعُ ركاكة (53)؛ فالمغالاةُ - مهما تكن - إفسادٌ ، وفيما يأتي في الفقرة الحادية والعشرين ، بيانٌ آخر .
وآية ذلك اختباره بما اختبر به الجرجاني أعمال الناظمين : موازنة نظمه بنظم كلام آخر مثله ، أو تغيير نظمه وموازنة حاله الأخرى بحاله الأولى ، والأوَّلُ أَوْلى وأَنْفَذُ اختبارا ؛ فلن يخلو الآخر من التكلف (54) .
ذلك أمر الجزالة والركاكة عند القدماء معنى وغرضا وتفسيرا ، كما أراد الجرجاني للمحدثين أن يعلموا : صفةٌ نحويةٌ تَسْتَبْهِمُ على من يستوضحها في غير نحو الكلام (55) ، تميز بها الشعر العربي القديم كما نبه المرزوقي فيما ذكره ولم يشرحه من أبواب عموده ، وما أشبه ذلك الشعر ، ولم يتميز بها سائر الكلام العربي ؛ " فمنَ الكَلامِ الجَزْلُ والسَّخيفُ ، والمَليحُ والحَسَنُ ، والقَبيحُ والسَّمْجُ ، والخَفيفُ والثَّقيلُ ، وكلُّهُ عَرَبيٌّ " (56) ؛ إذ من الكلام ما يخرجه الرَّيـْثُ والهَدْأَةُ والتَّهْذيبُ ، ككلام المكاتبة - وهي في شعراء العرب من قديم - ومنه ما تخرجه الْعَجَلَةُ والثَّوْرَةُ والإِهْمالُ ، ككلام المشافهة ، والجزالة أَعْلَقُ بالأوائل ، والركاكة أَعْلَقُ بالأواخر ، ولن يَتَساوى نظما الكلامَيْن ، ولا أعمالُ الناظمَيْن (57) .
[15] ولقد صارت منزلة الجزالة من الشعر العربي القديم ، وسيلة إلى تمييزه من غيره ، ومن المحمول عليه المنحول إليه . روى الأصفهاني عن ابن الكلبي عن بعض بني الحارث بن كعب ، خبرَ اجتماع يزيد بن عبد المدان وعامر بن الطفيل بأمية بن الأسكر وابنته في عكاظ قبيل الإسلام أو في أوله ، وفيه شعر ، ثم قال : " هذا الخبر مصنوع من مصنوعات ابن الكلبي ، والتوليد فيه بين ، وشعره شعر ركيك غث لا يشبه أشعار القوم ، وإنما ذكرته لئلا يخلو الكتاب من شيء قد روي " (58) ؛ فزيف الخبر بتزييف شعره بركاكته ، ونثره بتوليد أحداثه .
اَلجَزالَةُ وَالرَّكاكَةُ عِنْدَ الْمُحْدَثينَ الْمُسْتَوْعِبينَ
من المحدثين قِلَّةٌ استوعبت من أمر الجزالة عند القدماء ومَنْزِلَتِها من الشعر العربي القديم ، ما استوعبه عبد القاهر الجرجاني فيما سبق ، كالحسن بن رشيق القيرواني ، وحازم القرطاجني ، و الدكتور عبد العزيز الأهواني ، والدكتور محمد الهادي الطرابلسي .
[16] أما ابن رشيق فقد دل على ذلك قولُه : " العرب لا تنظر في أَعْطاف شعرها بأن تُجَنِّسَ أو تُطابِقَ أو تُقابِلَ ، فَتَتْرُكَ لفظة للفظة ، أو معنًى لمعنى ، كما يفعل المحدثون ، ولكن نظرها في فصاحة الكلام وجزالته ، وبسْط المعنى وإبرازه ، وإتقان بنية الشعر ، وإحكام عقد القوافي ، وتلاحم الكلام بعضه ببعض ، حتى عدوا من فضل صنعة الحطيئة ، حُسْنَ نَسْقِهِ الكلامَ بعضَه على بعض في قوله :
فلا وأبيك ما ظلمـتْ قريعٌ بأن يَبنوا المكارمَ حيث شاؤوا
ولا وأبيك ما ظلمتْ قريعٌ ولا بَرِموا لذاك ولا أساؤوا (...)
وكذلك قول أبي ذؤيب يصف حمر الوحش والصائد :
فوردْنَ والعَيّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضُّرباءِ خَلْفَ النَّجْمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَكَرَعْنَ في حجرات عذبٍ بارد حصبِ البِطاحِ تَغيبُ فيه الأَكْرُعُ (...)
فأنت ترى هذا النسق بالفاء كيف اطرد له ، ولم ينحل عقده ، ولا اختل بناؤه ، ولولا ثقافة الشاعر ومراعاته إياه لما تمكن له هذا التمكن "(59).
إنه عالم ناقد وفنان شاعر ، لم يغب عنه تمسك معاصريه بالبديع دون القدماء ، حتى ليتركون له قَصْدًا أعمالا من الجزالة ، وتمسك القدماء بالجزالة دون معاصريه ، حتى ليتركون له عفوًا أعمالا من البديع . ثم هو يخوض في القدماء لما كان في حديثهم ؛ فيذكر حسن عطف الحطيئة بالواو جُمَلَ البيت الثاني " ما ظلمت قريع " ، و " لا برموا لذاك " ، و " لا أساؤوا " ، على جملة البيت الأول " ما ظلمت قريع (...) شاؤوا " ، وحسن عطف أبي ذؤيب بالفاء جملة البيت الثاني ، على جملة البيت الأول ، وكلتاهما مبسوطتان على أرجاء بيتيهما ، بأجزاء مختلفة مؤتلفة معا ، دون أن يعبأ الأول بحذو أولى المعطوفات على المعطوفة عليها ، أو يتحرى الآخر قياس المعطوفة على المعطوفة عليها .
ولكنه يجد في معاصريه من يذهب إلى الجزالة مذهب القدماء ؛ فيتأمل شعرهم ؛ فيجده على ثلاثة أصناف :
صنف يتخذ للجزالة الألفاظ المَصونة ، في موقعها ، ومنه شعر بشار ، كـقوله :
" إذا ما غضبنا غضْبة مُضَريَّةً هَتَكْنا حِجابَ الشَّمْسِ أو قَطَرَتْ دَما
إذا ما أعرْنا سيِّدًا
ساحة النقاش