الإنسان‏..‏ والأخلاق‏..‏ والثقافة
بقلم : سمير خوري
في السبعينيات من القرن الماضي‏..‏ أصدرت منظمة اليونسكو أكثر من ستة عشر تعريفا للثقافة‏..‏ فهناك تعريف يقول بأن الثقافة هي معرفة شيء من كل شيء وآخر يقول بأن الثقافة هي الإطلاع علي تاريخ العالم‏,‏

 

 وهناك أيضا من يقول بأن اللباقة في الحديث وإجادة اللغات الاجنبية هي ثقافة‏..‏ وهكذا والمعني أن الثقافة مادة حيوية في المجتمعات الراقية‏,‏ لأن الثقافة رقي وحضارة وتقدم وازدهار‏,‏ وهناك الكثير من أنواع الثقافة في رأيي‏;‏ لأن الثقافة منظومة اجتماعية تؤدي إلي رقي الإنسان‏,‏ وذلك لإطلاعه علي ما لايدرسه في المدارس والجامعات‏,‏ وانتهازه كل فرصة متواضعة وبسيطة لزيادة جرعاته الثقافية بشتي الطرق‏..‏ وقد لاحظت في إحدي زياراتي لعاصمة الفن والجمال مدي اهتمام الشعب الفرنسي بالقراءة في وسائل المواصلات المختلفة‏,‏ ومدي اهتمام هذا الشعب بالتهافت علي المكتبات لشراء الكتب التي تساهم في رفع ثقافتهم وتعريفهم بالتطورات الثقافية المختلفة‏,‏ هذا بالطبع لايأتي بمحض المصادفة ولا يحدث عفوا‏,‏ فالثقافة نتعود عليها صغارا ونحرص علي تداولها في المجتمع منذ نعومة أظفارنا هذا اذا كان للأسرة أصلا اهتمام بالثقافة‏,‏ ثم إن الثقافة نهر طويل يروي كل المجتمعات بتدفق متنوع يرعي فيه كافة الشعوب علي اختلاف ألوانها وأجناسها
ولنا إذا ما خططنا جيدا أن ننمي هذا النهر ونروي منه أولادنا وشبابنا‏,‏ وذلك بهدف الارتقاء بفكر الانسان والذي يؤدي إلي ارتقاء طبقات المجتمع‏..‏ لكن هناك العديد من الثقافات التي يتطلع إليها الإنسان الباحث عن جوهر الفكر وأيضا الباحث عن الانفتاح الذهني وغذاء العقول ومعرفة العديد من تفاصيل حياة الشعوب ورموز هذه الشعوب والتي ساهمت بشكل فاعل في رفع المستوي الثقافي والاجتماعي والعلمي والفني لشعوبها‏,‏ فهناك الشخصيات التاريخية العظيمة وأيضا غير العظيمة فلا ينبغي أن نتعرف فقط علي الشخصيات التي كانت قدوة ومثلا يحتذي به فحسب‏,‏ فهذا أمر مفروغ منه ولكن أيضا الشخصيات التاريخية التي كانت مثلا سيئا لشعوبها وأطاحت بكل آمال مجتمعاته‏,‏ا لأن هذه الشخصيات كانت تفضل مصالحها الشخصية علي مصالح الوطن والشعب فقط ولم تخطط لإدارة أمور البلاد بنزاهة وموضوعية
وبالتالي نستفيد من أخطاء الغير ونتعلم من فشل هؤلاء قيمة النجاح‏,‏ وقيمة العدالة‏..‏ وهكذا‏,‏ ثم الثقافة ليست فقط الكتب المختلفة التي تتحدث عن الشخصيات التاريخية‏..‏ لكن هناك ايضا ثقافة الفنون الرفيعة علي اختلاف انواعها كالموسيقي العالمية التي ترتقي بالمشاعر الإنسانية أو تحاكي الوجدان‏,‏ والتي مازالت مهمشة تماما في بلادنا‏..‏ ربما لأننا ننظر إليها علي أنها غريبة علينا‏.‏ ولم نتعود بعد علي سماعها أو استساغتها رغم أنها تمثل قيمة ثقافية عالية المستوي في الأوساط المتحضرة‏..‏ لأنها ببساطة تدخل الفكر والقلب دون استئذان‏..‏ وتجعل الإنسان المتفهم للمعاني السامية لهذه النغمات الحالمة محلقا في طبقات السماء العليا‏..‏ شاعرا بهمسات غاية في الجمال والروعة‏,‏ وأيضا هناك الإبداع الأدبي والشعر والذي يشكل قمة من قمم الفنون التي تصور الإحساس بالجمال والمتعة ثم هناك الفنون التشكيلية بأنواعها والتي تجعل الإنسان صامتا أمام لوحة تتحدث عن نفسها بالألوان الطبيعية الخلابة وتجعل أيضا للصمت معني وللنظرة أكثر من معني‏,‏ لكن ربما نلاحظ ياعزيزي القارئ بأن عنوان اليوم هو الانسان والاخلاق والثقافة يعد شيئا من الغرابة‏..‏
نعم لعل هناك من يقول‏:‏ مادخل الاخلاق بالثقافة؟ أقول بصوت عال‏:‏ لقد تعمدت أن أقدم الأخلاق عن الثقافة لأننا لانستطيع التعامل مع شخص مثقف مهما تكن ثقافته وهو مجرد من الأخلاق كما أن الأخلاق هي مرآة الشعوب‏,‏ فحسن الأخلاق هو الجسر الذي يربط بين أفراد المجتمع بعضهم بعضا‏.‏ هو القيمة التي تجعل المعني أنه علينا كمجتمع أن نرعي ونراعي قيمة الأخلاق‏,‏ في أولادنا قبل العلم والثقافة‏,‏ هذا إذا كانت لنا أصلا اهتمامات ثقافية رفيعة‏,‏ فإنسان بلا أخلاق هو إنسان سطحي تافه يهرب منه المجتمع‏,‏ مهما تكن ثقافته وإمكاناته‏.‏

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 97 مشاهدة
نشرت فى 5 يوليو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,287