علم المعلومات الجغرافية ، الجغرافيا ،

الشكل و العمليات·

GIScience , Geography , Form , and Process

 

مايكل كود جايلد

Michael F. Goodchild , University of California

 

لقد تطورت الخارطة عبر القرون القليلة الماضية كطريقة أولية لخزن المعلومات والاتصال المعرفي عن سطح الأرض . فالخرائط الطبوغرافية ترسم الشكل العام لسطح الأرض ومظاهرة الطبيعية والحضارية ، والخرائط الموضوعية تعرض التباين في الخصائص التخصصية مثل أنواع الترب أو كثافة السكان ، والخرائط الباثيمترك و الرسوم البيانية تعرض سمات قاع البحر . وتعد الخرائط   مستودعا مهما للبيانات الأولية
ولنتائج التقصي الجغرافي ، وصناع الخرائط هم من ذوي الخبرة الجغرافية أو من مساعديهم . وللخارطة أهمية خاصة حيث لا يستغنى عنها في البحث الجغرافي لفهم عمل المعالجات البشرية والطبيعية وتفاعلها على سطح الأرض .

          وقد استحدثت النظم الجغرافية GIS في عقد الستينات لمعالجة الكمية الكبيرة من المعلومات التي تم الحصول عليها من خرائط كتطبيقات في الحاسب ، وحيثما تكون العمليات التي تجرى عليها مملة ، أو مكلفة أو غير دقيقة عندما تنجز يدويا . و قد عرف نظام المعلومات الكندي على نطاق واسع كأول نظام معلومات جغرافي ، وقد بني للقيام بعدد كبير من العمليات الحسابية عن (منطقة) و تقديم التقرير بالنتائج على شكل جداول. وعبر الزمن تنامى بصيغة أسية عدد الوظائف التي تنجزها نظم المعلومات الجغرافية ، واليوم من المعقول التفكير بأنها قادرة على إنجاز أية عملية مدركة لبيانات مأخوذة عن الخرائط . وقد تبنى الجغرافيون نظم المعلومات الجغرافية بحماس متطلعين إليها كأداة فاعلة لخزن ، وتحليل و عرض معلومات الخرائط بصريا ولذلك فإنها اكثر فاعلية من الخارطة الورقية .

          وخلال العقد الماضي صدرت العديد من الدوريات ، وعقدت مؤتمرات ، و استحدثت مواقع أكاديمية
و كتبت برمجيات  سمتها اشتراك كلمة (معلومات) فيها  مع (مكاني) أو (جغرافي) ، ومع (علم) أو (نظرية) . وسأستخدم مصطلح علم المعلومات الجغرافية GIScience  (اختصارا GISc) للتبسيط دون تقصي الفروقات الدقيقة بين المكاني والجغرافي ، مثل نظرية المعلومات المكانية و نظرية المعلومات الجغرافية . والجغرافيون يشتركون في العديد من هذه التغيرات (وفي العديد من الحالات هم في المواجهة) والعديد من البرامج الجديدة والمواضيع تأسست في أقسام الجغرافيا . ولكن هناك القليل نسبيا من التعليقات العامة على هذه الاتجاهات ، أو على ماذا تعني للجغرافيا بشكل إجمالي . وان المؤتمر المئوي الأول لجمعية الجغرافيين الأمريكان مناسبة جيدة لعرض طبيعة علم المعلومات الجغرافية و العلاقة ، إن وجدت ، مع علم الجغرافيا .

          سأبدأ بمناقشة طبيعة GISc وعلاقتها مع GIS وصلتها مع العلم التقليدي للمعلومات الجغرافية . ويقود هذا إلى مناقشة فيما إذا كان GISc علم طبيعي معني باكتشاف المبادئ التجريبية والنصوص الشبيهة بالقانون عن العالم ، أم انه علم تصميمي معني بتحديد المبادئ العملية لتحقيق الأهداف الإنسانية ، أم الاثنين مع بعض . وفي الجزء الثالث سأختبر كيف أن GISc قد وضع قياسا بالتوتر التاريخي في الجغرافيا بين الشكل والعمليات، وفيما إذا كان تنامي الاهتمامات في GISc تميل لصالح الشكل على حساب العمليات . ويختبر الجزء الأخير مستقبل GISc مع تركيز على العمليات ومناقشة الخطوات المطلوبة لجعل مثل هذا المستقبل ممكنا .

ما هو GISc

          إن الاتحاد المالي الجامعي لعلم المعلومات الجغرافية هو تعاون بين حوالي سبعين مؤسسة أكاديمية ، وشركات القطاع الخاص ، وكالات حكومية ، و واحد من ابرز التوضيحات لبروز GISc  في الولايات المتحدة هو أنه " مكرس لرفع مستوى استيعابنا  للعمليات الجغرافية والعلاقات المكانية من خلال نظريات متطورة ، ومناهج ، وتقنيات  و بيانات" http://www.ucgis.org . وموضوع (أدوات لخدمة العلم) قد كرره كلارك الذي عرف GISc بأنه "العلم الذي يستخدم نظم المعلومات الجغرافية كأداة لفهم العالم" . لذا فان خصائصه ليست اكثر ولا اقل من المتوقع من أي مشروع علمي : القدرة على التكرار ، الاستقلال عن المراقب و ما تم مراقبته ، مشتركا في مصطلحات معرفة بشكل جيد ، ومعني بالدقة . ويتوقع أن النتائج التي يتم الحصول عليها جراء استعمال GIS أن تكتب بتقارير بمستوى من الدقة والضبط ، و بتفاصيل كافية تسمح بالأخذ بها وتكرارها من قبل الآخرين ، كما يتوقع أن تكون إجراءات GIS موثقة بشكل كامل و بعناية .

          وقد عرف كود جايلد GISc  بأنه " العلم الذي يقف خلف النظم" معني بمجموعة من التساؤلات الجوهرية التي أثيرت من قبل أل GIS والتقنيات المصاحبة ، وقد علق مارك على التعاريف . في هذا التقديم ، فان GISc عدت مخزنا كبيرا للمعرفة التي تم تضمينها بال GIS ، والتي جعلت من أل GIS ممكنة . وقد تبحث عن مبادئ عامة ، مثل حساب العلاقات التوبولوجية الممكنة بين زوج من المظاهر . وقد تكتشف بسرعة الخوارزميات ، أو وضع فهارس تخطيطية اكثر فاعلية ، أو طرق جديدة لرؤية المعلومات الجغرافية . وقد حدد UCGIS  عشر " تحديات بحثية" http://www.ucgis.org  ، ممثلة إجماع على الأكثر أهمية العناصر الطويلة الأمد في البرنامج البحثي ل GISc .

          وبهذا المعنى للعلم وراء النظم فان GISc قد بني على تراكم نتائج تقصيات قرون عديدة في كيفية وصف و قياس وتمثيل سطح الأرض . وان التحول إلى التقنيات الرقمية قد ثور العلم القديم ل GISc في المساحة ، وتحليل الصور الجوية و علم الخرائط (كارتوكرافي) ، معطيا حوافز جديدة لأسئلة بحثية قديمة ومبرزا تساؤلات جديدة تتعلق بمرونة عالية و قدرة فائقة للتقنيات الرقمية . إضافة إلى ذلك ، لقد تطور العلم القديم ل GISc في عصر متميز فيه تقنيات النظائر analog  tech. ، وطالما أن الورقة والقلم في علم الخرائط لها نصيب ضئيل يشترك في أجهزة تحليل الصور الجوية (الستريوسكوب) أو أجهزة المساحة (ثيودولايت) ، لذلك هنالك كل الأسباب للتطور بمعزل و ببرنامج بحثي منفصل . ولكن اليوم فان الميادين الثلاثة مترابط بشكل كلي في التقنيات الرقمية . إنها تخدم تطبيقات متداخلة و تواجه مسائل التمثيل الخرائطي نفسها ، و تصميم قاعدة البيانات و الدقة والعرض المرأى .

          كذلك فان عالم المعلومات الجغرافية قد نمى بشكل اكثر تعقيدا جراء بروز تساؤلات جديدة تتطلب خبرات و مبادئ علوم أخرى . فالتحسس النائي ، العلم المعني بملاحظة الأرض اصبح الآن مصدرا مهما للمعلومات الجغرافية بمسائله و مبادئه . والمشاكل المتفردة للمعلومات المكانية بدأت تأسر علماء الحاسبات
وقواعد المعلومات المكانية ، والهندسة والفهرسة المكانية الآن أصبحت ميادين ثانوية في علم الحاسبات مع إشارة خاصة إلى GISc . وقد نظر إلى الإحصاءات المكانية والإحصاءات الجغرافية كميادين ثانوية في الإحصاء موفرة هياكل مهمة للدراسة الدقيقة و القلق في GISc ، ولتطوير طرائق متقدمة في التحليل المكاني والنمذجة والعرض المرأى .  إن GISc هو ميدان ثانوي من ميادين علم المعلومات وبجاذبية خاصة لعلماء المعلومات لآن طبيعة المعلومات الجغرافية معرفة بشكل جيد والحالة المتقدمة نسبيا للمعرفة عن هذا النوع من المعلومات . واخيرا ، فان البرنامج البحثي ل GISc يطرح أسئلة ضمن اهتمامات العلوم الادراكية منها : كيف تكتسب المعرفة الجغرافية والخبرات المطلوبة من قبل الدماغ البشري ، وكيف يمكن ل GISc أن يكون اكثر فهما واستخداما من قبل الإنسان ؟

هل GISc  اختباري ؟

          إن المقطع التاسع لآيكن هوفر و فرانسوزا هو عبارة عن استدلال نظري استخلص عن نتائج في الرياضيات ، عن جدال حول المبادئ الأولى وليس استنباطا من عمومية صادرة عن ملاحظات تجريبية . والعلوم الأخرى مثل الفيزياء أو الجغرافيا فإنها تبني المعرفة من خلال المزج بين الاستنباط والاستدلال ، واستخلاص العموميات من الملاحظات لتصاغ على شكل قوانين ، ومن الاستدلال أو مبادئ الفرضيات التي يمكن اختبارها مقابل الملاحظات . وقد يتساءل البعض فيما إذا كانت النصوص الشبيهة بالقانون ممكنة حول موضوعات أل GISc : هل تعرض المعلومات الجغرافية الخصائص التي يمكن الخروج منها بعمومية ؟ إن القيمة العملية لمثل هذه الخصائص ستكون لا حصر لها طالما أنها ستقود تصميم GIS ، وتقود إلى خيارات مؤثرة وفاعلة بين طرائق التمثيل و مشاريع الفهرسة و البرمجيات و التوقعات عن حجم المعلومات المفقودة جراء العمومية ، على سبيل المثال .

                   أشار انسيلن إلى انه في بيئة الإحصاءات المكانية فان البيانات الجغرافية تعرض خاصيتين عامتين ، وكلاهما يجب أن يتحدد عنوانهما في أي تحليل مكاني : الارتباط المكاني والتنوع المكاني . النوع الأول متأصل في قانون توبلر (القانون الأول في الجغرافيا) ، (جميع الأشياء مترابطة ببعض ، ولكن الأشياء القريبة هي الأكثر ارتباطا من البعيدة) . وليس عرضيا أن يتزايد الاهتمام بمبدأ توبلر في السنوات الراهنة مع تنامي GIS  و GISc وذلك لاستثمارها بطرق عديدة في تصميم أل GIS . وجميع تمثيلات ألGIS   سواء أكانت خطية أم مساحية فإنها تعتمد من اجل فاعليتها على التباين المتدرج للخصائص على سطح الأرض ، التي جعلتها غير ضرورية لتسجيل الخصائص متفردة بين فاصلة وأخرى ، وهذه مهمة مستحيلة ، خاصة عندما يكون عدد النقاط غير محدود . وقد استثمر قانون توبلر من قبل جميع الطرائق المعروفة للزيادة المكانية و اخذ العينات مكانيا . وكل خارطة عن الطقس ، على سبيل المثال ، قد عدت من عينات مأخوذة في عدد قليل من النقاط ، وخطوط التساوي فيها عممت باتباع مبدأ أن العينة القريبة توفر قياس افضل من القيم المفقودة ، افضل من تلك القياسات لعينات بعيدة .

          والمبدأ الثاني لانسيلن عن التنوع المكاني يقول بان التوقعات تتنوع عبر سطح الأرض وبنتيجة مهمة مفادها أن نتائج أي تحليل تعتمد بشكل صريح على حدود التحليل . إنها تستند على تنامي الاهتمام في الأعوام الراهنة على الأشكال المختلفة من التحليل المستند على المكان place-based analysis  الذي يسمح لتباين النتائج مكانيا دون البحث عن نتيجة واحدة عامة (عالمية) . وقد يعد البعض هذا موقفا وسطا في الجدال القديم في الجغرافيا بين العلم المستند على قانون nomothetic والعلم الذي يمثل الأشياء أو الأفكار برسوم رمزية idiographic science رافضين فكرة أن جميع الأماكن موحدة لصالح مبادئ عامة قياساتها متنوعة من مكان إلى آخر . وقد اختبر فوثرن كهام وزملاءه خط الانحدار جغرافيا بعد وزنه لمعرفة كيف تتباين جغرافيا مؤشرات نموذج الانحدار ، بينما اختبر انسيلن التباين المكاني في درجة التكتل clustering باعتماد مؤشرات محلية للاشتراك المكاني . وقد يظهر من يقول بان مبدأ التنوع المكاني يجب أن يكون القانون الأول وقانون توبلر في المرتبة الثانية وذلك لأن التنوع يعالج خصائص الأماكن في زمن واحد بينما الاعتماد المكاني يقارن الخصائص في زوج من الأماكن ، والفرق في جانب التحليل الإحصائي كبير first order و second order .

          إن مفاهيم انسيلن عن التنوع المكاني و القانون الأول لتوبلر مفيدان ، وخصائص المعلومات الجغرافية يقودان مباشرة نحو سؤالين مهمين ، لم تتم الإجابة عن (يبحث في) أي منهما بشكل شامل : إلى أي مستوى هما ينطبقان على جميع الأماكن ، وليس فقط المجال الجغرافي ، و هل هناك نصوص أخرى مشابهة للقانون بتعزيز اختباري مشابه و منفعة مشابهة لاستخدامها في GIS ؟ والان , أن هناك على الأقل حوالي سبع نصوص من هذا النوع ، بما فيها مبدأ التجزئة (جميع الظواهر الجغرافية توحي بتفاصيل اكثر بالمعالجات المكانية الصغيرة ، وبمستوى يمكن توقعه) ، ومبدأ الاضطراب (عدم الضمان) ( من المستحيل قياس موقع أو وصف ظاهرة جغرافية بالضبط) ، بينما منتيلو وزملاءه يرون أن القانون الأول للجغرافيا الادراكية Cognitive Geog.  (يعتقد الناس أن الأشياء القريبة هي اكثر تشابها) ، وهذا ما تم الاستفادة منه عند تصميم الوظائف البشرية في GIS وعرضها بصريا .

          إذا كانت هناك نصوصا شبيهة بالقوانين عن المعلومات المكانية ، فانه يحتمل أن تكتشف خصائص مشابهة في المعلومات المكانية- الزمنية spatiotemporal . فالعديد من طرائق تحليل البيانات المكانية- الزمنية تستخدم امتدادا بسيطا لقانون توبلر ، وتنحصر الحاجة في تعميم (المجاور) و (المسافة) لما يقابلها في المجال – الزمن . وتضمن عمليات الانتشار ، على سبيل المثال ، إن ما حدث في الموقع X في الوقت t و أن d و e  هما الإزاحة في المجال و الزمان يتطابقان مع نسبة الانتشار . ويبدو أن النصوص الشبيهة بالقانون في المنظور عند النظر إلى سلوك الكائن الحي organism في المجال – الزمان ، وطبعا مثل هذه النصوص هي ضمنية في نماذج العديد من الظواهر الطبيعية ، مثل الطقس ، أو التضاريس . وقد حاول منظرو النظم العامة في الستينات لإيجاد نصوص قانونية عامة جدا عن الديناميكية ، ومع هذا ولحد اليوم ليس هناك محاولات تنعش وتعزز GIS .

          باختصار ، يبدو أن النصوص الشبيهة بالقانون عن خصائص المعلومات الجغرافية هي ممكنة وأنها ستكون ذات فائدة كبيرة في تبرير القرارات السابقة عن تصميم أل GIS وتقود قرارات المستقبل . وبالتسلح بنصوص عن الخصائص العامة للمعلومات الجغرافية ، حينها من الممكن  استخدامها لاختبار البرمجيات الجديدة و تركيبة البيانات و فهرسة المشاريع . ومن الممكن تحفيز طرائق جديدة للعموميات تأخذ بنظر الاعتبار خصائص الأجزاء وتقدير حجم البيانات المطلوبة للعمومية اللاحقة .

 

الشكل و العمليات

          الخارطة الورقية هي بالضرورة مستقرة تعكس حالة المعرفة في الوقت الذي جمعت به المعلومات ورسمت الخارطة . وان اقتصاديات إنتاج الخارطة تقود بالضرورة إلى التأكيد على المعطيات المستقرة نسبيا على سطح الأرض ، مثل التضاريس . وفي الوقت الذي تكون فيه الخارطة الورقية محددة بالموضوع فان البيئة الرقمية لها فوائد جمة من تسهيلات لتحرير البيانات ، وتحديثها و إعادة توزيعها وبمعايير تصنيفية مختلفة . وقاعدة المعلومات في أل GIS يمكن استخدامها لخزن التغيرات المتكررة ، أو التحولات كالتي تحدث في شبكة الشوارع عندما تكون مزدحمة خلال اليوم . واليوم ، بالإمكان تحميل مثل هذه المعلومات عن الازدحام من مواقع في الشبكة بشكل خرائط دينامية تكون صلاحيتها فقط لدقائق معدودة ، والحصول على خارطة دينامية مشابهة لهزة أرضية راهنة أو ظروف الطقس . وبشكل متزايد فان مثل هذه الخدمات قد أصبحت متوفرة عبر المساعدات الرقمية و الهاتف النقال على الرغم من محدودية المنطقة المعروضة في مثل هذه الأجهزة .

          ولكن ، وعلى الرغم من أن هذه الإمكانات قد أصبحت شائعة إلا أن الخرائط التي تنتجها لازالت تمثل لقطات للعالم ببعدين في نقطة معينة من الزمن ، إنها تمثل العالم كما يبدو بشكل عابر . ونماذج بيانات أل GIS بالمثل معنية بتمثيل الشكل من خلال تسجيل خصائص المواقع الدقيقة للنقاط والخطوط أو المناطق . وهناك بعض النجاح لتوسيع هذه النماذج لتشمل بعدا مكانيا ثالثا ، لتمثل شكل الخصائص الجيولوجية ، أو عناصر الجو أو المحيط  مثلا . وهناك كتابات غنية ومطولة عن GISc  وعن محاولات لتوسيع نماذج بيانات ألGIS لتشمل الزمن وتمثيل المظاهر الدينامية . وحاليا ، هناك اهتمام متنامي  لامكانية تعقب البيانات ، أو القراءات عن حركة الأفراد و العجلات في المجال و الزمن ، وهذا ناتج عن توفر بيانات من GPS . وقد اكتشف Kwan طرائق بصرية لتعقب البيانات ، واستحدث ميلر بنى جديدة مهمة وطرائق تحليل توسع العمل الأول لهيكرستراند .

          وسواء أكانت الظاهرة المدروسة ساكنة أم دينامية إلا أن المحاولات ركزت بدرجة كبيرة على الشكل . ومن حيث المبدأ ، فان اونتولوجية (علم وجود) GISc تشمل " إجمالية المفاهيم الجغرافية ، والكارتوكرافية ، والعلاقات ، و العمليات" ، ولكن في الممارسة فان الاهتمام السائد في مثل هذه الأبحاث هو على الأشياء التي تشكل أساس الوصف الجغرافي وتمثيلها ، وليس على العمليات التي هي الهدف الأول لمشاريع الأبحاث الجغرافية . وإذا بقي الشكل form سائدا في الأبحاث التبولوجية فلربما تتولد حاجة لأبحاث مقابلة تركز على نظرية المعرفة epistemology مع الاهتمام بالعمليات .

          ومن المعطيات الأخرى لبرامج أبحاث GISc أنها هي الأخرى تركز على الشكل . وان مشكلة اللاضمان معنية بالدرجة التي تترك فيها محتويات قاعدة البيانات المستخدم غير ضامن تطابقها مع العالم ، في الشكل الهندسي ، والخصائص ، والعلاقات التبولوجية . إن التحليل المكاني والتنقيب عن البيانات معني باكتشاف الأنماط ، التكتلات ، والاتجاهات ، التي قد لا تكون واضحة للمستخدم . فالحاجة إلى ترجمة سهلة بين اسم المكان و الإحداثيات قد قادت إلى زيادة الاهتمام  بالفهارس الجغرافية الرقمية وعمليات تسمية الأماكن . وقد اقترح مارك و تورك ميدانا جديدا للتقصي ethnophysiology ، لعنونة الخصائص الجغرافية عبر مختلف الحضارات . وجميع هذه الاتجاهات لها معنى جيد في بيئة GISc باهتمامها بالعلم خلف GIS ، ولكن مساهماتهم كانت لفهم العمليات اقل وضوحا .

نحو التركيز على العمليات

          لقد قلت بان نمو GISc قاد إلى تعاظم الاهتمام بالشكل تاركا الاستدلال على العمليات خارج النظام . واقترح هنا طرقا تقلب الموازين قصد توفير تعزيز اكثر فاعلية لGIS خارج الدراسات التي تهدف استيعاب العمليات .

          أولا ، ولعله الأكثر بداهة ، وجود حاجة متنامية ومتسارعة لتمثيل الوقت في GIS وفي تطوير طرائق لتحليل البيانات المكانية – الزمنية . فالعمليات يكون سهلا الاستدلال عليها بتمثيلها من بيانات مطولة لتتابع الأحداث فيها بدلا من التحليل عبر البيانات cross-sectional data . وطبعا جرت محاولات جريئة لتعظيم إمكانات استخدام بيانات مقطعية C-S.D لكتابة فرضيات عن العمليات ، وحتى وان لم يكن ممكنا البرهنة عليها . ولكن لا تزال GIS تجهيزاتها غير كافية لمعالجة بيانات دينامية لأسباب متنوعة ، ليس جميعها تحت سيطرة علماء GISc . إن الإصرار على استخدام استعارات الخارطة لتحديد مفاهيم GIS يقود إلى التركيز على بيانات ثابتة . وفي الغالب فان سلاسل البيانات المطولة يصعب إنشائها ، خاصة في النطاقات التي تتغير عبر الزمن ، وأيضا عندما تتغير تعاريف المتغيرات ، كما هو حاصل في التعدادات السكانية كل عشر سنوات . إن لقطات التحسس النائي وفيرة ومصدر رخيص نسبيا للبيانات لGIS ولكن لها مشاكلها . ولعل المشكلة الأكثر صعوبة تجديد التوسعات لنماذج البيانات التي تتطلب تعديلات في أسس البرمجيات الجاهزة ، واقتصادياتها . وهناك شيء من التقدم المتحقق ، وهذا نتيجة التبني الواسع لنماذج بيانات موجهة نحو الشيء object-oriented data .

          ثانيا ، يجب أن يكون هناك تزاوج بين الفرضيات عن العمليات و طرائق التحليل والعرض المرئي التي تضمها GIS . وقد جعلت GIS العملية سهلة لمعالجة النطاقات المعتمدة من وكالات مثل دوائر الإحصاء لتراكم البيانات ، وقد عرض أوبن شو و تيلر محاولات متميزة لمعالجة النطاقات ، في مثالهما عن اقضية ولاية ايوا ونتائج تحليل بسيط للعلاقة بين العمر وسلوك التصويت في الانتخابات . المفقود هنا هي الفرضيات المعنية بالعمليات و عائدية الحدود الإدارية ، أو حدود أي نطاق جمعت عنه المعلومات . وحتى وان توفرت فرضية (مثلا ، إن سلوك التصويت للفرد مرتبط بعمره) فان اختبار الفرضية سيواجه عقبة عدم تناسب البيانات التراكمية . لقد جعلت ألGIS الأمر سهلا لتحليل محنك و معقد بدون ضمان ارتباطها بفرضيات مناسبة عن العمليات .

          وفي الحالات المشابهة لهذه ، فان طرائق التحليل طبقت على البيانات ولكنها تركت للباحث الحرية كاملة لصياغة الفرضيات و فهم ما يمكن أن يوحيه التحليل وهل أن الفرضية صحيحة أم لا . وهذه العملية العقلية قد تكون معقدة جدا ، خاصة عندما تكون يد الإنسان لها دور ، مثل الحدود الإدارية التي تشوش على المخرجات . إن النمذجة المستندة على (وكالات agent) والطرائق المشابهة لها في التجسيد توفر طريقا للخروج من هذه المعضلة ، وذلك بإمكانية قيام الباحث بتحليلين متوازيين : الأول على بيانات حقيقية ، والآخر عن العالم الذي يتم تجسيده حيث تكون الفرضية حقيقية ومطابقة لجميع المعطيات التي يمكن التحكم بها . ومن اجل أن يكون هذا ممكنا ، فمن الضروري للGIS أن يعزز مختلف أشكال التجسيد .

          واخيرا ، من الضروري الانتباه إلى أهمية التمثيل الرقمي للعمليات ، أو ما قد يعرف عمليات الأشياء process objects . إنها برامج تجسد أفعال actions العمليات الطبيعية والاجتماعية ، وإنها مثل البيانات رقمية ولكن تختلف عنها في انه يمكن تنفيذها executable وليست ساكنة . ولسوء الطالع فان مثل هذه البرمجيات موجود في صيغ عديدة ، ولكنها في الغالب غير معيارية standards . بعضها قائم بذاته كتبت بلغة البرمجة و يتم تنفيذها بنظم تشغيل معيارية . والبعض الآخر يضم نصوصا كتابية بلغة خاصة ببيئة التجسيد (مثال في بيئة الجغرافيا هو PCRaster الذي طور في جامعة النمسا و معتمدا لغة استحدثها van Deursen عام 1995) . وبالإمكان كتابة سلسلة من الايعازات لبرمجيات GIS المعيارية باعتماد لغة scripting تعتمدها النظم ولكن الإنجاز يبدو غير جيد لان مثل هذه البرمجيات غير مصممة للتجسيد .

          وفي الجوهر فان تجسيد الشيء يشكل معرفة عن العمليات ويسمح بان تكون جزء من البيئة الرقمية والإفادة من قابليتها في : التحرير ، القطع ، والحفظ الجيد ، تصويب الأخطاء عند التحويل ، واقتصاديات التوحيد التقني مع معايير عالمية . وعمليات الأشياء تقف اليوم في موضع مشابه بدرجة كبيرة لما واجهته بيانات الأشياء في الأيام الأولى من GIS . فليس هناك صيغة معيارية ، ولا أرشفة ، ولا ممارسات واسعة لطرائق الاشتراك في البيانات ، ولا معايير للوصف . عوضا عن ذاك ، معلومات عن العمليات محصورة في الدوريات والكتب ، الاشتراك كان في عمليات البرمجة غير الدقيقة . ولكن عندما وجدت في الصيغة الرقمية فقد تم ترميزها بكلمات وبرمجيات معالجة النصوص وليس ترميز برمجيات تنفيذ البرامج . ومع هذا فان معالجة الأشياء تمثل شكلا تجريديا عاليا للمعرفة المتقدمة ، وبقيمة عالية جدا لكل جزء bit وليس لسطر من البيانات .

          باختصار ، أقول إن GIS و GISc يقودان منطقيا لتجديد الاهتمام بالشكل form ولكن هذا قد نقل الميدان بعيدا عن صلب الاختصاص المعني بالعمليات . وقد اقترحت ثلاثة مسالك التي من خلالها تنغمس GIS في توفير تعزيز افضل عن العمليات ، وثلاثة موضوعات ذات علاقة ببحوث GISc  : تمثيل افضل للديناميات ، ويرافقه تحسين في توفير البيانات والطرائق ذات الصلة لتحليل و العرض المرئي ، وتزاوج التحليل ومفاهيم العمليات ، تسهيلات من طرائق متكاملة للتجسيد الكبير ، تطوير بنى تحتية للاشتراك في التمثيل الرقمي للعمليات . ولا يبدو أن أي من هذه صعبا ، ولكن عند النظر إليها مجتمعة فانه من الضروري ضمان ديمومة و تقوية العلاقة بين GISc والجغرافيا خلال العقود القادمة .

 

أ.د. مضر خليل عمر

 



· Annals of the Association of American Geographers , 94(4) , 2004 , pp. 709 - 714

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1256 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,604,998