نظرية برونر Jerome Bruner
بواسطة: المرشد
بتاريخ : الثلاثاء 04-05-2010 03:18 صباحا


السيرة الذاتية : جيروم برونر Jerome Bruner عالم نفس أمريكي، ولد في مدينة نيويورك في 1 أكتوبر 1915، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة ديوك حيث حصل على بكالوريوس في عام 1937،وحصل على الماجستير عام 1939،ومع بداية الحرب العالمية الثانية تحول اهتمامات برونر الى علم النفس الاجتماعي وكتب اطروحة الدكتوراه (جامعة هارفرد - عام 1941 ) في اساليب الاشاعات النازية بعنوان "التحليل النفسي للبث الإذاعي الدولي للأمم المتحاربة"، وعمل خبيراً في الإرشاد النفسي وشؤون الحرب النفسية في الجيش الأمريكي في مقر قيادة أيزنهاور ..
..، ثم التحق بجامعة هارفرد في عام 1945 وعمل أستاذاً لعلم النفس في جامعتي ديوك وهارفرد من عام 1952 حتى عام 1972، وأستاذاً لعلم النفس التجريبي في جامعة أوكسفورد في بريطانيا من عام 1972 إلى 1980 وعمل كذلك معاون مدير مركز الدراسات المعرفية منذ عام 1961، ودرّس في المدرسة الحديثة للدراسات الاجتماعية بجامعة هربرت ميد في نيويورك في المدة ذاتها .(الانترنت ،2010 ،61489; ) .

عمل مساعدا لشؤون الابحاث مع ( جوردون ألبورت ) في السنوات (1941 -1943 ) وعضوا في ندوة الدراسات العليا ، دخل برونر الجيش الولايات المتحدة في فيلق المخابرات حيث كان عمله يتركز على الدعاية (موضوع اطروحة دكتوراه) وكذلك الرأي العام في الولايات المتحدة ،وعمل رئيسا لتحرير صحيفة الرأي العام الفصلية (1943-1944).

وعاد برونر للتدريس في جامعة هارفارد في عام 1945 وسرعان ما ارتقى في صفوف من محاضر إلى أستاذ متفرغ (1952)، وانتخب رئيسا لرابطة الطب النفسي الامريكي خلال ( 1964-1965 ) و كان له دور فعال في تأسيس مركز الدراسات المعرفية الابداعية عام 1960 وشغل منصب مديرها عام 1972.

برونر أبحر عبر المحيط الأطلسي (هواية برونر هي الابحار) ( الانترنت ،2010 ، 61490;). 

التمهيد :
أشتهرت نظرية برونر في الولايات المتحدة الامريكية لآنه استخدم المصطلحات والطرق الاكثر تناسبا مع طريقة التفكير الامريكية من جهة ولانها ربطت التطور المعرفي لدى الاطفال بنظرية التعلم من جهة اخرى ( الداهري ، 2008 ، صـ 46 ) .

يسمى برونر نمط التعلم ( نمط أكتساب المفاهيم ) ، وهو نمط صمم بالدرجة الاولى للتعليل الاستقرائي ، ولتطوير المفاهيم وتحليلها ،ويقوم هذا النمط على التعلم الاستكشافي ،وأكد برونر ان مساعدة الطلاب او المتعلمين على تعليم المفاهيم بطريقة فعالة هو غاية اساسية من غايات التعليم المدرسي ، واساس عملية التفكير ،

ويرى انه الى وقت ما لم يكن المعلمون قادرين على التمييز بين تعلم المفاهيم وغيرها من انواع التعلم (ملحم ، 2006 ،صـ 387 ) .

يعتبر برونر أحد علماء النفس الذين اكدوا على فرضية الاعتماد على البيئة في التعلم ، وعلى الخبرات الموجهة لتنمية التفكير وتطويره ، ويقترن رأي برونر عادة بأراء بياجيه في معالجته لقضية النمو المعرفي ، خاصة وان برونر كان ممن تأثر ببياجيه تأثرا كبيرا ( العلوان ،2008 ، صـ138 ).
وكانت نظرة برونر متشابهة مع النظرة المعرفية للجشتالتين ،فكان برونر يصر على ان الهدف النهائي من التعلم هو تحسين الفهم العام لبنية الاشياء ، أي عندما يفهم الطالب تركيب الشيء ،يراه ككل متماسك ومترابط مع بعضه البعض ( القضاه و الترتوري ،2006 ، صـ142 ) .ويبدأ برونر حديثه في قضية الاستعداد للتعلم بالفرضية (( يمكن تعليم اي موضوع بفعالية ،وبشكل عقلي أمين ، لآي طفل في اي مرحلة من النمو )) ويرى برونر ان هذه الفرضية اساسية لدى التفكير في وضع المناهج وطبيعتها (توق واخرون ،2002 ،صـ 155 ) .
فقد وصى برونر عندما كان مديرا لمركز هارفارد للدراسات المعرفية في الستينات بأتباع أسلوب تطوير المعرفة ( cognitive development approach ) في تصميم المناهج ، وكان يرى ان الهدف الرئيسي للتربية ينبغي ان يكون المساعدة على تطوير العقلي وينبغي ان يدعم المنهاج تطوير مهارات حل المشكلات من خلال عمليات الاستقصاء والاكتشاف ( قطامي ، 2005 ، صـ 109 ) .التعلم بالاكتشاف :لم يكتشف برونر هذا النمط من التعلم ، لآن جذوره موجودة عند سقراط و روسو و الجشتالتيين وبياجيه وديوي ، ألا ان فضل برونر في تطويره وتأكيده على ان التعلم الافضل يأتي عن طريق تفاعل المتعلم نفسه مع الموقف واكتشاف المفاهيم والمبادىء.

ويعرف برونر " التعلم الاكتشافي " بأنه أعادة تنظيم أو تحويل الادلة ويحدث عندما يتجاوز الفرد المعلومات المعطاة الى استبصار وتعميمات جديدة ( الازيرجاوي ، 1991 ، صـ 334 ) .
أما في التدريس فالتعلم الاكتشافي هو " قدرة التلميذ على إدراك العلاقات بين عناصر الموضوع ، و الخروج بقوانين لمجموعة الأمثلة والحقائق التي يقدمها المدرس فيتحدد بذلك دور المدرس في تقديم المعلومات اللازمة التي تمكن التلميذ من القيام بعملية اكتشاف القوانين والقواعد جديدة ( القضاه و الترتوري ،2006 ، صـ143 ) .

ومن خلال الاطار النظري لنظرية برونر في التعلم يتضح ان التعلم الاكتشافي ، هو التعلم الذي يحدث عندما تقدم المادة التعليمية للطلاب في شكل ناقص غير مكمل ونشجعهم على تنظيمها أو اكمالها و اكتشاف العلاقات بين المعلومات ( قطامي ، 2005 ، صـ 110 ) .

وبذلك فالاكتشاف عند برونر لايعني بحث المتعلم عن مادة جديدة في مرجع او كتاب ، وانما أشبه باكتشاف معرفة جديدة ، حين يجد المتعلم ان المعلومات التي يمتلكها غير قابلة للتوافق مع المواقف الجديدة ، ولايمكن تمثيل الموقف الجديد في البنية المعرفية القديمة ، فيحدث التعلم داخل المتعلم خلال عمليتي استنتاج العلاقات الجديدة وابتكار الابنية الجديدة (توق واخرون ،2002 ،صـ 157 ) .

ولا يقول برونر ان الاستكشاف هو الطريقة الوحيدة للتعلم ولايقول ايضا ان على المتعلمين ان يكتشفوا بأنفسهم كل الامور في حقل معين ، هذا بالطبع كضيعة للوقت واحيانا يكون مستحيلا ، فلا يجب على كل جيل ان يعيد اكتشاف ما اكتشفه الاجيال السابقة ( القضاه و الترتوري ،2006 ، صـ146 ) .

وقد ركز في نظريته على البناء الذي يستقبل الطفل من خلاله الخبرة،وقد اطلق عليه مفهوم التمثيلات المعرفيةcognitive representation وهي الطرائق التي يتمثل فيها الطفل الخبرة التي يواجهها والطريقة التي يخزن بها المعرفة التي يتفاعل معها، ويقصد برونر بمفهوم التمثيلات بطريقة التي يترجم أو يرى فيها الفرد ما هو موجود حوله في البيئة ( السعدي، 2002،ص33) .

ويضع برونر بديلا لنظرية بياجية يتضمن ثلاث مراحل تختلف من حيث نوع العمليات التي يستخدمها الاطفال في تكوين تمثيلات عقلية للعالم (mental Representation ) ، ووصف انواع التفكير الثلاثة التي ترافق هذه المراحل بانها (النمط العمليEnactive Thinking ) ، و(النمط التصوريIconic Thinking)، و(النمط الرمزي Symbolic Thinking). (السلمان ،2000،ص18)

وفيما يلي تلخيص للانماط الثلاثة من التفكير عند برونر :
1 - التفكير العملي – التمثيل الملي الحركي : ((من الولادة - 1.))وهو اول نمط من التفكير يتطور عند الاطفال ، وتكون النشاط والفعل عملية بمعنى ان الطفل يتمثل عالمه الخارجي من خلال افعاله الحركية التي ينفذها في هذا العالم .فهو يعالج ما يصله من معلومات بحركات يمكن ملاحظتها .(الريماوي ،2003،ص93-94)
فالطفل يتعرف على الحوادث والاشياء عن طريق الافعال والحركات التي يقوم بها نحوها ، فالشي هو ما يفعله الطفل ، واي موضوع يكون حقيقيا اذا استطاع ان يتفاعل معه مباشرة (الخبرة المباشرة ). (الكناني و الكندري ،1998،ص366) .
2 - التفكير التصوري او التخيلي – التمثيل الايقوني : (( 3 -7 سنوات))هذا النوع من التفكير (التمثيل representation) اكثر تقدما وتعقيدا من الشكل الاول ، ويتضمن اشكالا متعددة من التمثيلات الحسية والصور البصرية، ويحدث التمثيل العقلي بالايقونات.(الريماوي 2003،ص94) وفي هذا التمثيل يعتمد الطفل في عرض المادة واستدعائها على التنظيم البصري وغيره من انواع التنظيم الحسي كما يعتمد على استخدام الصور التي تلخص الاشياء ، فالتمثيل يتم هنا من خلال الوسائط الادراكية، اذ تحل الصور محل الشيء الفعلي ويعتمد هذا النمط على مبادئ التنظيم الادراكي وهو اقرب في اطاره النظري الى سايكولوجية الجشتالت.( الازيرجاوي، 1991،ص332)
3-التفكير الرمزي – التمثيل الرمزي : ( 7 سنوات …….)وهي مرحلة تمثيل البيئة الخارجية للطفل وما يحدث حوله من اشياء من خلال الرموز، لذا فان هذا النوع من التمثيل يتزايد بتطور اللغة وتعقدها عند الطفل فالكلمات تحل تدريجيا محل الاشياء التي تمثلها التي لاتكون موجودة بالضرورة، ولما كانت كمية المعلومات التي يستطيع الانسان خزنها واسترجاعها هائلة فان الفرد يستطيع في هذه المرحلة ان يفكر بطرق متنوعة ومرنة اكثر من الفرد الذي مازال في احدى المرحلتين السابقتين من التطور المعرفي (السلمان ، 2000، ص30) .

ويعتقد برونر ان الطفل يتقدم في تطوره من النمط العملي الى التصوري ثم الى النمط الرمزي من التفكير والتمثيل.ولا يعني هذا ان الانماط البسيطة الاولى تنمحي وتمسح بعد توفر الانماط الاكثر تعقيدا، بل ان الطفل يستمر في النمو مع الانماط الثلاثة ( السعدي ،2002، ص34) .ومن خلال مقارنة هذه الانماط الثلاثة، يعتقد برونر ان الاطفال الاصغر سنا والذين يعتمدون على الممارسة (التمثيل بالفعل )في حل المشكلات يصرفون وقتا اطول من الاطفال الاكبر سنا الذين يعتمدون على الاسلوب التخيلي ،ذلك انهم عندما يخطئون فانهم يصلحون أخطاءهم عن طريق الفعل مما يؤدي الى اخطاء اخرى وهكذا…،وربما يعودون احيانا من البداية ،اما من هم اكبر سنا فانهم يستطيعون الاستمرار بعد اصلاح اخطائهم نتيجة لقدرتهم على تخيل الاحداث.(الريماوي ،1998،صــ 26).

وتعد نظرية التعلم بالاكتشاف امتدادا للتفكير المعرفي لمفهوم التعلم ، فطبق ( برونر ، 1966)

أسس التعلم المعرفي في مجال التعليم
حيث أنطلق من مبدأ أن (( الإنسان كائن فاعل ومتفاعل مع البيئة )) لذلك يجب أن تعكس مواقف التعلم جميعها هذا المفهوم ، فتتيح للفرد فرصة التعلم من خلال استثمار طاقاته العقلية ، وإبراز دوره الإيجابي في مواقف التعلم ، ولتحقيق ذلك يجب أن يتحول الموقف التعليمي من حشو ذهن التلميذ بالمعلومات والحقائق فقط إلى تقديم المعلومات بطريقة تمكنه من اكتشاف العلاقات بينها ، والوصول إلى القوانين والمبادئ التي تحكمها وبهذا يؤكد التعلم بالاكتشاف على عملية التعليم وليس علي نتائج التعليم ( العلوان ،2008 ، صـ138).

التعليم عند برونر :
يرى برونر ان التعلم يتضمن 3 عمليات ،ويعترف ان مواقف التعلم المختلفة قد تستلزم تاكيدا لهذه العمليات او الجوانب بدرجات مختلفة ،وهذه العمليات هي :
1- الاكتساب Acquisition : اي اكتساب المعلومات الجديدة ، التي تحل المعرفة السابقة ، او التي تصقلها او تعدلها ، وبذلك يرى برونر ان عملية التعلم عملية تدريجية .
2 – التحويل Transformation : وذلك ان التعلم يتضمن تحويل المعرفة بحيث تكون مفيدة للمتعلم ، وهو يقترح انه خلال عملية التحويل يتم تغيير المعلومات بطرق مختلفة ،بحيث نستطيع ان نمضي الى الحقائق التي تزودنا بها أصلا ،وهكذا نجد برونر ناقدا للحفظ الصمي السلبي .
3 – الاختبار او التقويم Evaluation : ويستهدف تحديدا ما طرأ على المعرفة الجديدة من تحول ، بحيث تناسب الاعمال التي يتصى لها الفرد وتصلح لها ، ويقوم بعملية التقويم هذه، المتعلم نفسه ،ووظيفة المعلم مهمة ،لانه يساعد المتعلم على تنمية مهاراته ليقوم بتقويم تقدمه التعليمي نفسه ( أبوجادو ،2008 ، ص120).

التسريع في النمو المعرفي :
ظهر اتجاه برونر المعرفي البيئي بوضوح في افتراضه الشهير والذي يسمى بالمقولة الامريكية وفحواها (انه يمكن تسريع النمو المعرفي ) اي ان الطفل يستطيع تعلم اي خبرة وفي اي موضوع دراسي وفي اي مرحلة من مراحل العمرية اذا توفرت له البيئة المناسبة ( الداهري ، 2008 ، ص 48 ).

ويرى برونر انه ليس هناك فترة حرجة لتعليم خبرة ما في عمر معين،وان الانتظار الى الاعمار المحددة حتى تتوافر فيها للطفل القدرة على التعلم تعتبر مضيعة لعمر الاطفال .وكان هذه نقطة التحول الذي اكد عليه برونر في اقتراحاته لتعديل المناهج الدراسية ،في ان يتم المؤامة بين طريقة تقديم المادة والطريقة التي يتعلم فيها الطفل ، فالطفل يتقدم في تفكيره من التمثيلات الحسية الى الصورية ومن ثم الى الرمزية ومن المفروض ان يكون ترتيب التعليم على هذا النسق ( العلوان ،2009 ،ص144 -145 ) .




المصدر /
الباحث : ديار الجباري‏
دكتوراه علم النفس التربوي
جامعة صلاح الدين - العراق
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 3641 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,593,423