السلسلة العلمية في علم النفس المعرفي ..

بسم الله الرحمن الرحيم ..

المقدمة..

نرى أن المعرفة وطبيعتها والعمليات العقلية والنشاط الذهني وأنشطة التفكير قد لفت إليه اهتمام البشرية من قبل ألفي عام . حيث ظهر ذلك في إسهامات الفلاسفة الأوائل ولا غرابه في ذلك.. كما أن الاهتمام بالمعرفة لا يقتصر على علم النفس المعرفي فقط .. بل تشارك فيه علم النفس العصبي والفسيولوجي والطب والبيولوجي وعلوم الاتصالات والحاسوب ولا تستغرب ذلك... لماذا؟؟؟

لأنها جميعا تتناول الأجهزة التي تتعامل مع المعلومات .وكل العلوم المذكورة سابقا تحاول الإجابة عن الأسئلة المتعلقة ببنية المعرفة ومكوناتها وعملياتها وتضميناتها وتطبيقاتها .

ملاحظه/

ويجب الإشارة إلى أن هناك فرق ما بين علم النفس المعرفي وعلم المعرفة ؟؟؟؟ علم المعرفة / هو العلم الذي يهتم بدراسة بنية العمليات العقلية الذكية وأنشطة التفكير والمعالجة المطلوبة فيها وإجراء العمليات المعرفية وتنفيذها...

 

 

علم النفس المعرفي /

هو العلم الذي يهتم بدراسة جميع العمليات التي يتم من خلالها نقل المدخلات الحسية وتحويلها واختصارها وتوضيحها وتخزينها واستعادتها واستعمالها ..... أي يشكل المصطلح جميع العمليات العقلية التي يمارسها الفرد سواء العليا أو غيرها !!! ولقد أشار ريد 1982م أن علم النفس المعرفي يعرف في كثير من الأحيان بأنه علم معالجة المعلومات..!

مواضيع علم النفس المعرفي /

لكل علم محتويات ومكونات يستقيم عليها المرتكز اللبي له . وأهم ما يحتويه هذا الحقل العلمي من مواضيع فهي كالآتي/

1/الادراك

أي عمليات الكشف عن المثيرات الحسية وتفسيرها . أى الكيفية التي تتم فيها تفسير الإشارات الحسية . والتي تنظم المدخلات بالطريقة التي تساعد الفرد في تكيفه الاستجابي وفهم المدخلات . 2/علوم الدماغ ان علماء علم النفس المعرفي يستعينون بالتفسيرات العصبية للنتائج التي يتوصل إليها علماء الأعصاب ,في اللحظة التي يعتمد علماء الأعصاب على علماء النفس المعرفي في توضيح ملاحظاتهم .

كيف ذلك؟؟؟؟

لأن جميع العمليات المعرفية يمكن تفسيرها بناء على العمليات الكهروكيميائية الدماغية وكذلك التي تحدث في الجهاز العصبي

3/التعرف على النمط لا يدرك المثير على انه حدث منفصل إلا نادرا . ولكن يدرك على انه جزء لا يتجزأ من نمط كلي وهذا ما أشار إليه الجشطالتيون , وما يبهرنا هو عندما نتخيل التفاعل المعقد بين الخلايا والممرات العصبية وبين العمليات المعرفية .

4/الانتباه

هو اللحظة الأولى للإدراك , والإنسان في الظروف الطبيعية انتقائي جدا في كمية ونوعية المعلومات التي ينتبه لها , أي أن الآلية التي يستخدمها الإنسان من اجل تعرضه لمشكلات العبء الزائد هي الانتباه , إذا هو يركز في هذه العملية على كميه محدودة ومعينه وينته لها .

5/الذاكرة

أي العمليات العقلية التي يتم من خلالها اكتساب المعلومات والاحتفاظ بها لغايات الاستعمال المستقبلي . وهناك ثلاثة أنواع من الذاكرة وهي الذاكرة طويلة المدى والذاكرة قصيرة المدى والذاكرة الحسية .

6/تمثيل المعرفة

أي عملية استخلاص المعلومات من الخبرات الحسية وترميزها وتنظيمها وضمها إلى ما هو مخزون في الذاكرة.

7/التخيل او التصور الذهني

أي تكوين الفرد صور ذهنية وخرائط معرفية التي يصادفها من المباني وشوارع وأحداث ومن خلالها يستطيع أن يستدعي معالم هامة ويضعها متسلسلة في ترتيب له معنى ويحولها إلى كلمات ومعلومات .

8/اللغة

وتتكون من الأسماء والأفعال والحروف ومقاطع وأصوات وقواعد تنظيميه ويتم اكتساب كل ذلك بما فيه الاتصال من خلال العملية النمائية التطورية المعرفية يتخللها التعلم

9/النمط المعرفي

أي التغيرات النمائية التي تطرأ على البناء المعرفي و العمليات المعرفية للفرد

. 10/الذكاء الإنساني

أي القدرة على التفكير المجرد والتعلم والاستفادة من الخبرات وهو القدرة على التكيف وحل المشكلات , ويعد توصيف وتفسير طبيعة الذكاء والعوامل المؤثرة فيه وآثاره و توزيعها احد مكونات علم النفس المعرفي ومواضيعه .

11/الذكاء الاصطناعي

هو تخصص علوم الكمبيوتر ويتعلق بتصميم البرامج الحاسوبية التي تشبه طبيعة عملها كيفية عمل العقل الإنساني ولكي يتسنى ذلك لابد من فهم العقل وكيفية عمله . وهذا ضمن تخصص علم النفس المعرفي وأحد مكوناته ..

3/ الجذور الفلسفية لعلم النفس المعرفي أن كتابات اليونانيين أمثال أرسطو وأفلاطون وسقراط هي الأسس الأولى الفلسفية لعلم النفس المعرفي كما أن هناك دورا بارزا لعلماء العصور الوسطي والحديثة فلنتطرق إلى أهمهم وما قدموه لنا في هذا المجال/

1/أرسطو...

يرى ان الملاحظة واستخدام الحواس هي السبيل للوصول إلى المعرفة ويركز أرسطو على دور البيئة وأهمية الخبرة في تطور العقل وزيادة محتوياته كما تشكل الملاحظة الحسيه في نظرة الأداة التي تستخدم في اكتساب المعرفة الصادقة وتطويرها ....

2/ أفلاطون...

له رأيه الخاص فهو يرى أن المعرفة فطرية وهي موجودة في العقل وليست مكتسبة ودور التعلم يكون في تسهيل ظهور هذه المعرفة والكشف عنها فقط والتفاعل مع البيئة يساعد العقل في توليد المعرفة الموجودة لديه . ولقد قدم أفلاطون نظرية في الذاكرة وسماها نظرية النسخ أو النظرية الشمعية ومضمونها هو أن العقل يكون انطباعات من المدركات التي يصادفها من خلال عمل نماذج أو نسخ لها وخلال القرن السابع والثامن والتاسع عشر زادت حدة الجدل بين الفلاسفة البيئيين والوراثيين. الوراثيون او العقلانيون / أمثال ( ديكارت _كانت) يرون أن الأطفال يولدون ولديهم الكثير من المعرفة الفطرية. إما البيئيون / أمثال (لوك _هيوم_مل) يرون أن المعرفة تتشكل من خلال الخبرة أي البيئة .

3/ جون لوك...

يرى أن الخبرة أساس المعرفة والعقل صفحه بيضاء عند الولادة والخبرة تتكون من أفكار منها المعقد ومنها البسيط وتكون الأفكار البسيطة بمثابة أساس المعرفة من هنا يمكن القول إن أفكار لوك وغيره مثل هوبز وهيوم الاتجاه الامبريقي الذي يركز على دور الملاحظة والخبرة ....

4/الفيلسوف ديكارت..

. قسم الأفكار إلى:

1/فطرية

 

2/مكتسبة عن طريق الخبرة وقال إن الخبرة تنشط عمل ما هو فطري لدى الإنسان وذكر أن بالإمكان فهم عمل العقل والجسم من خلال التحليل الميكانيكي وهذا ما مهد لظهور الأبحاث في علم الحاسوب لاحقا.....

5/كانت...

يرى أن خصائص العقل البشري هو مفتاح الاستفادة من الخبرة المتكونة من خلال عمل العقل وافترض كانت أن طاقات الفرد المتعلقة باإدراك الوحدة والمكان والزمان والسببية أمور غير ناتجة عن الخبرة إنما هي فطرية ويرى أن محتويات العقل الفطرية والمكتسبة تؤثر في سلوك الفرد وتوجهه.

نموذج معالجة المعلومات /

لا يمكن بآي حال من الأحوال الحديث عن علم النفس المعرفي دون التعرض إلى (نموذج معالجة المعلومات )فهو أحد النظريات المعرفية الحديثة .

ويرى هذا النموذج / أن السلوك ليس مجرد مجموعة استجابات ترتبط على نحو آلي بمثيرات ,إنما هو نتاج لسلسلة من العمليات المعرفية التي تتوسط بين المثير وإنتاج الاستجابة المناسبة له .

الافتراضات الرئيسية لنموذج معالجة المعلومات /

 

1/ إن الإنسان كائن نشط وفعال أثناء عملية التعلم فهو يسعى إلى البحث عن المعلومات ويعمل على معالجتها واستخلاص المناسب منها بعد إجراء العديد من المعالجات المعرفية .

2/التأكيد على العمليات المعرفية أكثر من الاستجابة بحد ذاتها .والاستجابة تعتبر نتاج لسلسلة العمليات و المعالجات المعرفية التي تتم عبر مراحل متسلسلة من المعالجة .

3/ تشتمل العمليات المعرفية على عدد من عمليات التحويل للمثيرات أو المعلومات والتي تتم وفق مراحل متسلسلة في كل منها يتم تحويل هذه المعلومات من شكل إلى آخر من اجل تحقيق هدف معين .

4/ تتألف العمليات المعرفية العليا مثل (المحاكمة العقلية _فهم وإنتاج اللغة_حل المشكلات)من عدد من العمليات المعرفية الفرعية البسيطة .

5/ يمتاز نظام معالجة المعلومات لدى الإنسان بسعته المحدودة على معالجة وتخزين المعلومات خلال مراحل المعالجة .

6/ تعتمد عمليات المعالجة التي تحدث على المعلومات عبر المراحل المتعددة على طبيعة وخصائص أنظمة الذاكرة الثلاث (الذاكرة الحسية_الذاكرة قصيرة المدى _الذاكرة طويلة المدى)

مما مضى نفهم أن فهم السلوك الإنساني وكيفية حدوثه يتطلب تحديد طبيعة العمليات التي تحدث على المعلومات والمثيرات أثناء مراحل معالجتها.

وظائف نظام معالجة المعلومات /

يرى أصحاب هذا النموذج أن دورة معالجة المعلومات المرتبطة بالمثيرات تمر في ثلاث مراحل . كما أن المعالجات خلال هذه المراحل تتطلب تنفيذ عدد من العمليات المعرفية بعضها يتم على نحو لا شعوري والبعض الآخر يتم على نحو شعوري .وتحديدا فان نظام معالجة المعلومات يضطلع بالوظائف التالية /

1/ مرحلة الاستقبال و الترميز/

أي استقبال المعلومات الخارجية أو المدخلات الحسية من العالم الخارجي عبر المستقبلات الحسية والعمل على تحويلها إلى تمثيلات معرفية معينة .

2/ مرحلة التخزين /

أي اتخاذ بعض القرارات حول مدى أهمية بعض المعلومات ومدى الحاجة إليها بحيث يتم الاحتفاظ بالبعض منها بعد أن يتم معالجتها وتحويلها إلى تمثيلات عقلية معينة يتم تخزينها في الذاكرة .

 

4/ مرحلة الاسترجاع /

أي التعرف على التمثيلات المعرفية واسترجاعها عند الحاجة إليها للاستفادة منها في التعامل مع المواقف والمثيرات المختلفة .

مكونات نموذج معالجة المعلومات /

يتألف نظام معالجة المعلومات من (الذاكرة الحسية_الذاكرة قصرة المدى_الذاكرة طويلة المدى)

وهذا لا يعنى وجود ثلاثة أنظمة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض.حيث يمكن النظر على أنها ثلاثة أنواع من التنشيط لنفس الموقع .لأنها مكونات افتراضية وليست مادية موقعية محددة مفصلة .أي الذاكرة البشرية مخزن كبير يضم ثلاثة أنواع من المستودعات اعتمادا على نوعية واستمرارية التنشيط المطلوب.

وتقع أشكال التنشيط في الأنواع الآتية /

1/التنشيط طويل المدى _ويشير إلى التغيير المستمر والدائم في الجهاز العصبي وهذا ما يحدث في الذاكرة طويلة المدى .

2/التنشيط المؤقت السريع _وهو الذي يدوم اقل من ثانية ويحدث في الذاكرة الحسية ويركز على الخصائص الفيزيائية للمثيرات .

3/التنشيط المؤقت القصير_وهو الذي يدوم لبضع ثوان ويحدث في الذاكرة العاملة ويركز على التمثيلات المعرفية وعمليات الترميز للمثيرات .

وفيما يتعلق بعمليات التحكم فيمكن النظر إليها على أنها استراتيجيات تنفيذية معرفية تكون عادة مخزنة في الذاكرة وتتحول إلى أنشطة عندما تقتضى الحاجة إليها في معالجة المعلومات .

أما مكونات نموذج معالجة المعلومات فهي كالآتي /

أولا /الذاكرة الحسية (sensory memory)

تمثل المستقبل الأول للمدخلات الحسية من العالم الخارجي ومن خلالها يتم استقبال مقدار كبير من المعلومات عن خصائص المثيرات التي تتفاعل معها وذلك عبر المستقبلات الحسية المختلفة(البصرية_السمعية_الشمية_الذوقية_اللمسية)وتتميز هذه المستقبلات الحسية بالآتي/

1_سرعتها الفائقة على نقل صورة العالم الخارجي وتكوين الصور النهائية لمثيراته .

2_القدرة الكبيرة على استقبال كميات هائلة من المدخلات الحسية في أي لحظة من اللحظات ورغم ذلك سرعان ما تتلاشى منها لان قدرتها محددة في الاحتفاظ .

أما أسباب صعوبة تفسير جميع المدخلات الحسية واستخلاص أية معان منها هي /

1_عدم القدرة على الانتباه لجميع المدخلات الحسية معا نظرا لكثرتها وزمن بقائها في هذه الذاكرة .

2_قد يبدو أن الكثير من المدخلات الحسية غير مهم بالنسبة للفرد مما يدفع بالفرد إلى تجاهلها وعدم الانتباه والاهتمام بها .

3_الغموض وعدم الوضوح لبعض المدخلات الحسية بالنسبة للفرد .

4_تعد هذه الذاكرة بمثابة محطة يتم فيها الاحتفاظ ببعض الانطباعات والمدخلات من خلال تركيز الانتباه عليها ريثما يتسنى ترميزها ومعالجتها في أنظمة الذاكرة الأخرى .

ويحدث النسيان في الذاكرة هذه بسبب عوامل الاضمحلال التلقائي والتداخل والإحلال .

ثانيا/الذاكرة قصيرة المدى (short _term memory)

وهي المحطة الثانية التي تستقر فيها بعض المعلومات التي يتم استقبالها من الذاكرة الحسية فهي تشكل مستودع مؤقت للتخزين ويتم فيها الاحتفاظ بالمعلومات لفترة تتراوح بين(5_30)ثانية.ويطلق على هذه الذاكرة(الذاكرة العاملة_والرئيسية_والفورية_والابتدائية)كونها تستقبل المعلومات التي يتم الانتباه إليها من الذاكرة الحسية وتقوم بترميزها ومعالجتها على نحو أولى وتعمل على اتخاذ بعض القرارات اتجاهها.

مميزات الذاكرة قصيرة المدى /

1_تستقبل المعلومات التي يتم الانتباه لها فقط .

2_قدرتها على الاستيعابية محدودة جدا حيث لا تستطيع الاحتفاظ بكم هائل من المعلومات وتتراوح سعتها ما بين (5_9)وحدات معرفية أي بمتوسط 7 وحدات .

3_تمثل الجانب الشعوري من النظام المعرفي .

4_تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات لفترة زمنية وجيزة لا تتجاوز (30 ثانية )وتتفاوت مدة الاحتفاظ تبعا لطبيعة المعلومة ومستوى التنشيط للعمليات المعرفية المطلوبة .

5_تشكل حلقة الوصل بين الذاكرة الحسية وطويلة المدى من حيث إنها تستقبل الانطباعات الحسية من الذاكرة الحسية وتعمل على استرجاع الخبرات المرتبطة بها في الذاكرة طويلة المدى لتعمل على ترميزها واستخلاص المعاني منها .

6_يتم ترميز المثيرات فيها على نحو مختلف عما هو عليه في الواقع الخارجي فالمثيرات يمكن أن تأخذ أشكالا متعددة من التمثيلات في هذه الذاكرة اعتمادا على الغرض من معالجتها وطبيعة عمليات التحكم المعرفية .

ويحدث النسيان في هذه الذاكرة بسبب الإهمال وعدم ممارسة المعلومات والخبرات وكذلك بسبب عملية التداخل أو الإحلال . ويمكن تعزيز قدرة هذه الذاكرة على الاحتفاظ بالمعلومات وزيادة سعتها على المعالجة من خلال استخدام بعض الاستراتيجيات مثل (التسميع_التجميع والتحزيم).

وهذه الذاكرة لها ثلاث مكونات رئيسية تشترك معا لإبقاء المعلومات والعمليات العقلية نشطة ريثما يتم تنفيذ المهمة المطلوبة وهي /

1_ذاكرة التنشيط اللفظي/وهي إحدى أدوات الحديث الداخلي ويعتمد مستوى التنشيط فيها على طبيعة المعلومات اللفظية وحجمها .

2_ذاكرة التنشيط البصري/وهي المسئولة عن ممارسة الانطباعات الحسية البصرية بحيث تعمل على الاحتفاظ بها ريثما يتم استخلاص المعاني منها .

3_الذاكرة التنفيذية المركزية/هي بمثابة مهارة أو عملية تتمثل في اتخاذ القرارات حول إي شكل من أشكال الذاكرة التي يجب تفعيله من اجل إنجاز مهمة ما . فهي التي تقرر متى يجب أن تنشط مجموعة معينة من العمليات المعرفية أو التي يجب أن تتوقف سواء كلها آو البعض منها .

 

 

ثالثا/الذاكرة طويلة المدى(long_term memory)

وهي المستودع الثالث في نظام معالجة المعلومات التي تستقر فيه الذكريات والخبرات بصورتها النهائية حيث يتم فيها تخزين المعلومات على شكل تمثيلات عقلية بصورة دائمة وذلك بعد ترميزها ومعالجتها في الذاكرة العاملة ومميزات هذه الذاكرة ترتكز في سعتها الهائلة على التخزين .

أشكال التمثيل المعرفي في الذاكرة طويلة المدى/

هناك جدلا لا زال دائرا لدى المهتمين بعلم النفس المعرفي حول الكيفية التي يتم من خلالها تمثيل المعلومات وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى وتمخض عن هذا الجدل بروز عددا من وجهات النظر في ذلك وأهمها وجهة النظر التوفيقية والتي حاولت أن تجمع بين وجهات النظر الأخرى حيث تنظر الى الذاكرة طويلة المدى على أنها بنية ثلاثية الأبعاد هي /

1_ذاكرة المعاني /ويخزن بها شبكات من المعاني التي ترتبط بالأفكار والحقائق والمفاهيم وتشمل (الافتراضات_الصور الذهنية_المخططات العقلية) .

2_ذاكرة الأحداث/وتسمى بالذاكرة التسلسلية لان الخبرات فيها يتم تخزينها وفق ترتيب متسلسل يشبه الرواية أو الفيلم السينمائي .

3_الذاكرة الإجرائية/وهي تشمل على الخبرات و المعلومات المرتبطة بكيفية تنفيذ الإجراءات أو القيام بالأشياء المهنية كالسباحة وهندسة السيارات وغير ذلك.

العمليات الأساسية لنظام معالجة المعلومات /

1_الاستقبال/

أي عمليات تسلم المنبهات الحسية المرتبطة بالعالم الخارجي من خلال الحواس المختلفة وهذه العملية تشكل الحلقة الأولى من معالجة المعلومات .

وتعتبر على غاية من الأهمية نظرا لأنها تزود النظام المعرفي بالمدخلات التي تشكل الوقود لهذا النظام .

2_الترميز/

أي عمليات تكوين آثار ذات مدلول معين للمدخلات الحسية في الذاكرة على نحو يساعد في الاحتفاظ بها ويسهل عملية معالجتها لاحقا أي هي بمثابة تغيير المدخلات الحسية وتحويلها من شكلها الطبيعي إلى أشكال أخرى من التمثيل المعرفي على نحو صوري أو رمزي أو سمعي .

وتشير الأدلة العلمية إلى أن المعلومات الحسية يتم تشفيرها إلى أنواع مختلفة من الآثار الذاكرية . ويمكن التمييز بين الأنواع التالية من عمليات الترميز وهي ....

1/الترميز البصري

وفيه يتم تشكيل آثار ذات مدلول معين لخصائص المدخلات الحسية البصرية كاللون والشكل والحجم والموقع والى غير ذلك .

2/الترميز السمعي

وفيه يتم تمثيل المعلومات على نحو سمعي من خلال تشكيل آثار للأصوات المسموعة وفقا لخصائص الصوت كالإيقاع والشدة ودرجة التردد.

3/الترميز اللمسي

وفيه يتم تمثيل المعلومات من خلال اللمس حيث يتم تشكيل آثار لملامس الأشياء كالنعومة والخشونة والصلابة ودرجة حرارتها .

4/الترميز الدلالي

وفيه يتم تمثيل المعلومات من خلال المعنى الذي يدل عليها وغالبا ما يرتبط هذا النوع من التمثيل بالترميز البصري والسمعي .

5/الترميز الحركي

وفيه يتم تمثيل للأفعال الحركية من حيث نتائجها وكيفية تنفيذها ويرتبط هذا النوع من التمثيل أيضا بالترميز البصري واللفظي .

وتجدر الإشارة هنا أنه ليس جميع المدخلات الحسية يتم ترميزها حيث إن حجم المدخلات قد تفوق سعة الذاكرة العاملة وقد يرجع عدم القدرة على الترميز إلى العديد من المدخلات الحسية من الفشل في الانتباه .

الانتباه الانتقائي

عملية اختيار بعض المثيرات أو خصائص معينة منها لتركيز عمليات المعالجة لها .وورد أن نظام معالجة المعلومات لا يستطيع تناول جميع المدخلات الحسية وهذا يمكن عزوه إلى /

1_أن حجم المدخلات الحسية التي نستقبلها عبر الأجهزة الحسية قد تكون كبيرة جدا من حيث لا يتوفر للنظام المعرفي آليات تمكن من إبقائها لفترة طويلة ريثما يتم معالجتها .وهذا بسبب زوالها بسرعة فائقة.

2_أن سعة الذاكرة العاملة التي يتم فيها ترميز المعلومات ومعالجتها محددة جدا .فالنظام المعرفي يعمل على نحو انتقائي في اختيار بعض المثيرات أو خصائص معينه منها لتوجيه الانتباه إليها وهو ما يعرف بآلية الانتباه الانتقائي .

وتشير الدراسات إلى أن الفرد لا يستطيع توجيه الانتباه إلى أكثر من مهمة في الوقت نفسه ونظرا لقدرة النظام المعرفي في تحويل المثيرات يبدو وكأننا نتعامل مع أكثر من مثير في نفس الوقت.

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1179 مشاهدة
نشرت فى 16 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,604,700