لكن الإنجليزية هي اللغة الدارجة
كما أن الإسبانية تستعمل أيضا في مدن كثيرة
الولايات الأمريكية المتحدة هى دولة في أمريكا الشمالية إلى الشمال من المكسيك وإلى الجنوب من كندا، هي ثالث دول العالم من حيث عدد السكان.
تاريخها
لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية أهمية خاصة سواء بالنسبة للعالم الجديد وأوروبا أو للشرق الأوسط والشرق الأقصى
وتتعرض هذه الأسطر للتاريخ الحديث للولايات المتحدة الأميركية من الكشوف الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر حتى الكساد الكبير في 1929. فتعرضت للظروف التي أدت إلى انتشار المستعمرات الأوروبية - وخاصة المستعمرات الإنجليزية وتفوق الإنجليز الحاسم في القرن السابع عشر على الاستعمار الفرنسي وتبلور ذلك في صلح باريس 1763، وتطور للعلاقات السياسية والاقتصادية بين أهل المستعمرات والحكومة الإنجليزية حتى تطورت إلى حرب استقلال وصدور دستور 1789، وكانت المشكلة الكبرى التي واجهت الولايات المتحدة بعد استقلالها هي الخلافات المتزايدة بين الشمال والجنوب حتى وقعت الحرب الأهلية، ومع أنها أرهقت البلاد إلا أن التقدم والتطور والتوسع كان طابع الفترة التالية.
وهذا التوسع كان أولاً في القارتين الأمريكيين ثم انتشر حتى بلغ الفيليبين في الشرق الأقصى في أواخر القرن التاسع عشر. وبعد أن أصحبت الولايات المتحدة الأمريكية دولة كبرى في مطلع القرن التاسع عشر أصبحت أمور أوروبا تعنيها ومع أن وودور ويلسون انتصر في انتخابات 1916 لأنه كان داعية للسلام العالمي ولتجنيب الولايات المتحدة الأمريكية التورط في الحرب العالمية إلا أنه هو نفسه الذي أعلن الحرب على الإمبراطوريتين الألمانية والنمساوية. وبينما كان ويلسون يعتقد أن مبادئه الأربعة عشر كفيلة بإعطاء العالم سلاماً رائعاً، اصطدم هو ومبادئه بمعارضة ومقاومة شديدة وسواء من جانب الدولتين الكبيرتين الأوروبيتين (فرنسا وبريطانيا) أو من جانب سياسيين الولايات المتحدة نفسها، الأمر الذي أدى إلى عزلة الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الأولى. ومع أن الولايات المتحدة كانت مزدهرة إلى حد كبير في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية أي أنها لم تلبث أن واجهت أزمة اقتصادية كبرى في 1929 كانت نتيجتها خطيرة ولكن اجتاز الشعب الأمريكي الأزمة ليصبح في الثلاثينات أكثر دول العالم رخاءً وقوة. تلك هي الموضوعات الرئيسية التي تعرض لها هذه الصفحات من كتاب "تاريخ الولايات المتحدة الأميركية الحديث".
قبل الاستعمار
عاش الهنود الأمريكيون في قارة أمريكا منذ 10000 سنة، وكوّنوا ثقافات وشعوب عديدة، فلاحون أو صيادون حسب المكان. لكن تاريخه.وصل كولمبس إلى جزر بهاما. كما ذكرنا، لم يكن أول إنسان يصل إلى أمريكا، ولا أول من وصل إليها عن طريق المحيط الأطلسي، فقد وصل الفايكينغ قبله إلى شاطئ كندا على الأقل. لكنه كان أول من أنشأ ارتباطات دائمة بين أمريكا والقارات الأخرى، فتبعه آلاف الأوربيين، جنود وتجار وأساقفة وأشخاص عاديون، حتى تغير شكل القارة كلها كما ساعدت الأمراض في الإنتصار على السكان الأصليين، فلم يكن لسكان أمريكا الأصليين أي مناعة ضد أمراض أوروبا العديدة.
مستعمرة فيرجينيا
في القرن السادس عشر لم يستعمر أي من الدول الأوربية شمال أمريكا بشكل كبير، بل سافر إلى هناك صيادو السمك من أجل الصيد فقط وليس للسكنى، إلا في فلوريدا، فقدأسس الإسبان بعض بروج فيها بعد عام 1513. وحاول البعض أن يأسسوا مدن جديدة في شمال أمريكا، لكن أول من نجح كان الإنجليز في تأسيس مسكن على شاطئ ولاية فرجينيا الحالية عام 1607، وسميت "جيمزتاون".
في أمريكا الجنوبية والوسطى، اكتشف الإسبان كميات ضخمة من الذهب،ولقد انتشر الخبر في كل أوروبا. فمعظم مستعمري جيمزتاون توقعوا الشيء نفسه وأخذوا يبحثون عن الذهب طوال اليوم وتوقفوا عن أي عمل آخر. شهد العام 1607 مجاعة عظيمة حتى عند الهنود الأمريكيين، فهلك ثلثهم، وعاش الآخرون بسبب قيادة شخص يسى جون سميث، أمرهم بالعمل الدائم وعاقب من لم يطعه، وحالف قبيلة الأمير الهندي الأمريكي "باوهاتان" فساعدوه في البحث عن المأكولات. وكان قوله المشهور: "من لا يعمل، لا يأكل"
لم يجدوا الذهب، لكن عام 1612 وجدوازراعة التبغ. التبغ نبتة أمريكية أصلا ،وكان الهنود الأمريكيون يدخنون منذ قرون. لكن التدخين انتشر في أوروبا بسرعة، و حقق المتاجرون به أرباحا كبيرة. لكن زراعة التبغ تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة، وكان عدد المستعمرين قليل، فبدأوا باستيراد العمال ومن ثم العبيد السود، مثل ما فعل ملتزمو بحر الكاريب.
كانت الأرض واسعة في فرجينيا، وزراعة التبغ تحتاج إلى مساحة كبيرة، فابتعد المستعمرون عن بعضهم البعض ، والواحد قد يسكن مع عبيده أو خدمه على بعد أميال من جاره. وفي المسكن الثاني في شمال امريكا، وهي نيو انغلاند، كان العكس تماما.
مستعمرة نيو إنغلاند
في القرن السادس عشر كانت هناك مشاكل كبيرة في انجلترا بين المتشددين وباقي الفئات، فأراد المتشددون أن يغيروا قانون الدولة لمنع كل مايخالف الدين ، ويبعد الكاثوليك عن الحكومة. وكانوا أيضا ضد الملك، أولا لأنه لم يكن متشددا وثانيا لأنهم اعتبروا كل المؤمنين المسيحيين متساوين أمام الله. وخسروا في نهاية الحرب الأهلية الإنجليزية، فقرر البعض أن يطبقو قانونهم الديني في بلاد بعيد، فذهبوا إلى أمريكا. أول من ذهب كانوا من طائفة "الحجاج" (Pilgrims)، ووصلوا إلى ولاية ماساشوسيتس عام 1620 وبنوا قرية "بليموث". ولم تكفيهم المأكولات التي أخذوها معهم، لكن ساعدهم الهنود الأمريكيون (وخاصة الرجل المسمى "سكوانتو")، فعاشوا، وفي الخريف وجدوا حصادهم كبيرا، فأقاموا عيدا مع الهنود الأمريكين ليشكروا الله على الحصاد، وكان هذا أصل العيد الأمريكي عيد الشكر (Thanksgiving، معناه تقديم الشكر.)
عوامل قيام الثورة الأمريكية
الضرائب: حيث شكلت الضرائب الفروضة على المستعمرات سبباً مباشراً لاشتعال الثورة الأمريكية،إذ تمسكت الحكومة الإنجليزية بحقها في فرض الضرائب على مستعمراتها بهدف زيادة دخل الخزينة،وأهم هذه الضرائب:ضريبة السكر،وضريبة الدمغة(الطوابع)،لأن الأمريكيين كانوا يرون أنهم غير ملزمين بدفع أية ضريبة لم يشاركوا في إقرارها عن طريق مجالسهم المنتخبة.
حرب السنين السبع بين بريطانيا وفرنسا(1756-1763م)
في عام 1765م أجاز البرلمان البريطاني قانون الطابع وفرض الضرائب الذي يلزم المستعمرات بشراء الطوابع لتكون ضريبة على المطبوعات. وقد قام أحد الرسامين في المستعمرات برسم جمجمة وعظمتين متقاطعتين رمز الموت، إلى اليمين، تعبيرًا عن احتجاجه على ذلك القانون. وأثارت هذه التغييرات ردود فعل غاضبة لدى المستعمرين الذين عارضوها بشدة ورددوا شعار "فرض الضرائب دون تمثيل يُعَدُّ طغيانًا"
حرب الاستقلال
ولم يستمر الوفاق بين الأمريكيين والبريطانيين طويلاً؛ فقد صدرت قوانين بريطانية جديدة تثير الغضب والاستياء لدى الامريكيين إلى درجة أن بريطانيا أرسلت قواتها إلى كل من بوسطن ونيويورك حيث قتلوا بعض المواطنين فيما سُمي بمذبحة بوسطن التي رد عليها الأمريكيون بالاحتجاج المعروف "ببوسطن تي بارتي". فعاقبت بريطانيا المتمردين بإغلاق ميناء بوسطن وزيادة سلطة الحاكم البريطاني، وإجبار المستعمرين على إيواء وإطعام البريطانيين. ورد المستعمرون بتشكيل المجلس القاري الأول بفيلادلفيا والذي يضم 12 مستعمرة والذي أجبر بريطانيا على سحب القوانين القسرية. وفي يوليو 1776م أعلن المجلس القاري الرابع الاستقلال عن بريطانيا مكونا الولايات المتحدة الأمريكية واستمرت بعد ذلك الحرب الطاحنة بين أمريكا وبريطانيا حتى انتصر الأمريكان في 1781م في معركة يوركتاون بفرجينيا. ثم وقَّع الطرفان معاهدة فرساي في 1783م وكانت بمثابة إعلان بنهاية الثورة الأمريكية. وفي عام 1787 وقع المندوبون من جميع الولايات المتحدة على اتفاقية دستور البلاد التي تم التصديق عليها في سنة 1788م.
صفقة شراء لويزيانا
في عام 1803 قامت الولايات المتحدة بشراء مقاطعة لويزيانا من فرنسا، وبلغت مساحة الاراضي المشتراة في تلك الصفقة حوالي 2,144,476 كلم مربع و بلغت تكلفة الصفقة 15 مليون دولار. او مايعادل في 390 بليون دولار في عام 2003. مقاطعة لويزيانا الفرنسية كانت اكبر بكثير من ولاية لويزيانا الحالية، الأراضي المشتراة تشمل على كل أو أجزاء أرض من الولايات التالية: أركنساس, ميسوري, ايوا, مينيسوتا, داكوتا الشمالية, داكوتا الجنوبية, نبراسكا, نيومكسيكو, تكساس, اوكلاهوما, كانساس, مونتانا, وايومنغ, و كولورادو. المساحة المشتراة تعادل 22.3% من مساحة الولايات المتحدة الحالية. كانت الصفقة حدثا مهما في حياة توماس جفرسون الرئاسية و كانت قد لقيت معارضة داخلية حيث اعتبرها البعض غير قانونية.
وقعت الاتفاقية في 30 ابريل 1803 وتمت المصادقة عليها في الولايات المتحدة في 20 اكتوبر من نفس العام. عند اكتمال الصفقة اصدر الكونجرس قوانين تسمح بمقتضاها للرئيس الامريكي بفرض الحكم العسكري على المقاطعة حتى يتم انشاء حكومة مدنية, واعطته الصلاحة لارسال بعثات لرسم الخرائط والاستكشاف مما ادى إلى ما صار يعرف لاحقا برحلة لويس وكلارك الاستكشافية.
بعد الشراء والتوسع غربا
بدأ الامريكيون في التوسع غربا واستكشاف مناطق جديدة وقد ساهم في ذلك الاعتقاد الشائع لدى المواطنين أن الجمهورية مقدر لها أن تتسع غربا وأن ذلك واجب وطني عليهم. هذا الاعتقاد وضع حد له في حرب عام 1812 غير أنه عاد وعزز بعد الانتصار في الحرب المكسيكية الامريكية في عام 1848. خلال عملية التوسع تلك، قامت الحكومة الفدرالية بتهجير وإعادة تسكين غالبية السكان من الهنود الامريكيين. في أثناء التوسع، كان النقاش محتدما حول ما إذا كان يجب السماح بالرق في المقاطعات الجديدة أم لا.
في منتصف القرن التاسع عشر، كانت الامة منقسمة حول حقوق الولايات و دور الحكومة الفدرالية و التوسع في الرق والعبودية كل ذلك أدى لاحقا إلى الحرب الاهلية الامريكية بعد انتخاب ابراهام لنكولن في 1860، أعلنت كارولاينا الجنوبية عن انسحابها من الاتحاد واستقلالها لتكون أول الولايات المنسحبة. لحقتها سابقا ست ولايات جنوبية اخرى. وأعلنوا في عام 1861 تكوين الولايات الامريكية الكونفدرالية. أيدت الولايات الجنوبية العبودية فيما طالبت الشمالية بإلغائها. وكان ذلك طبيعيا فاقتصاد الجنوب يعتمد اعتمادا كليا على العبودية لكونه زراعيا في الدرجة الاولى. في عام 1865 انتهت الحرب بانتصار الشمال، ليتم بذلك إلغاء العبودية رسميا و ليتم ايضا القضاء على اية فرصة او حق للولايات في الانسحاب من الاتحاد. وقد زاد الانتصار من قوة وسيطرة الحكومة الفدرالية.
الاقتصاد والأعمال
تمتلك الولايات المتحدة أقوى اقتصاد في العالم. وهي تعتمد على اقتصاد السوق المبني على الاستثمار الحر والمنافسة التجارية.
تمتلك الولايات المتحدة ثروات كبيرة من الموارد منجمية وطاقوية : البترول، الغاز الطبيعي، الفحم، واليورانيوم تمثل أهم منتجات البلاد. ورغم هذه الثروة فإن الولايات المتحدة هي أكثر البلدان استيرادا للمحروقات.
تمثل الولايات المتحدة الأمريكية أول قوة فلاحية على المستوى العالمي سواء من حيث إنتاجها أو صادراتها. زيادة على تمتع الفلاحة الأمريكية بأراضي خصبة ومناخ مناسب فإنها تتميز بتصنيع كبير. ومن أهم قطاعات الزراعة : تربية الأبقار، زراعة الحبوب(الذرة، القمح، الشعير، السوجا...)، النباتات الصناعية (القطن، الفول السوداني، التبغ...). كما أن الصيد البحري والتأجيم من أهم القطاعات النشطة.
تحظى الولايات المتحدة الأمريكية بأهم الإنتاجات الصناعية على المستوى العالمي. ويعود نحاح الصناعة الأمريكية إلى قدرتها على التجديد وصدارتها التكنولوجية وتنوع المنتجات ووجود اليد العاملة المؤهلة. والولايات المتحدة الأمريكية تحتل الصدارة في عدة ميادين : البترول، السيارات، صناعة الطيران والكهرباء، مواد الاستهلاك... لكن الصناعة الأمريكية تتقدم أكثر فأكثر نحو التخصص في قطاعات التكنولوجيا الدقيقة المتطورة (الطيران ، الفضاء، الإلكترونيك، التسلح، الكيمياء الدقيقة).
يهيمن قطاع الخدمات اليوم على الاقتصاد الأمريكي. فمن بين أهم الخدمات نجد : الإدارة، السياحة، الترفيه، البنوك.
الولايات المتحدة الأمريكية أكبر الدولة تصديرا واستيرادا ومع هذا تبقى ديونها أعلى الديون على المستوى العالمي.
القوة العسكرية
دستوريا، رئيس الولايات المتحدة (وهو مدني) القائد الأعلى للقوات المسلحة (Commander in chief). تتألف القوة العسكرية من 4 قطاعات:
الجيش (Army): وهو الأكبر من حيث عدد الأفراد
سلاح البحرية (Navy)
قوات المارينز (Marine Corps)
سلاح الجو
يشرف على كل قطاع قائد أعلى يرأسه مباشرة وزير الدفاع.
أسئلة تتردد كثيرا عن الولايات المتحدة
ما معنى وأهمية النجوم والخطوط في العَلَم الأميركي؟
الخطوط الـ 13 تمثل المستعمرات الثلاث عشرة الأصلية، وكل نجمة تمثل ولاية. ولذا تغير عدد النجوم وشكل العَلَم كلما أضيفت ولايات جديدة. أصبح في العلم 50 نجمة منذ انضمام ألاسكا وهاوائي إلى الاتحاد سنة 1959.
لماذا الألوان الوطنية الأميركية مؤلفة من الأحمر والأبيض والأزرق؟
عندما تمت الموافقة على الشعار، أي ختم الدولة الرسمي وشارتها سنة 1782، أعلن سكرتير الكونغرس القاري أن الأبيض يعني الطهارة والبراءة، والأحمر يرمز إلى الصلابة والشجاعة، والأزرق إلى اليقظة والمثابرة والعدل.
ما هي أكثر الكلمات التي يستشهد بها من إعلان الاستقلال ؟
"إننا نعتبر أن هذه الحقائق بديهية، وأن جميع الناس وُلدوا متساوين، وأن الخالق وهبهم حقوقاً معينة لا يمكن نكرانها، وأن من بين تلك الحقوق الحياة والحرية والسعي في سبيل السعادة".
ما هي كلمات أول مقطع من النشيد الوطني الأميركي "العلم المُرصّع بالنجوم" ?
هيا، قل هل تستطيع أن ترى مع نور الفجر المبكر
هذا الذي نحييه بكل اعتزاز عند آخر شعاع من الغروب ؟
لاحت خطوطه العريضة ونجومه البراقة خلال القتال المستعر،
أما شهدناها خفاقة جسورة فوق المتاريس بانسياب؟
وكشف وهج الصواريخ وتفجر القنابل الأحمر
في الليل المدلهم البرهان بأن علمنا مازال هناك.
هيا، قل هل لا يزال ذلك العلم المُرصّع بالنجوم يرفرف
على موطن الشجعان وأرض الأحرار
جولة سريعة عبر الولايات المتحدة
صحيح أن كثيرا من مظاهر الحياة الأميركية متشابه عبر الولايات الخمسين، لكن النظر إلى الفوارق الإقليمية يسلّط الضوء على بعض تعقيدات بلادنا الشاسعة. يعرض روبرت هاكابي، الموظف في السلك الخارجي الذي يُنسق المجلات الالكترونية لوزارة الخارجيةصورة لما هي عليه مختلف المناطق وكيف تختلف. هذا المقال مقتطف من أحاديث قدمها هاكابي لجماهير في فرنسا وكوريا الجنوبية، وكوسوفو.
هناك من يعتقد أنه لم يعد من المناسب التحدث عن فوراق إقليمية في الولايات المتحدة، وأن جميع الأميركيين انصهروا في ثقافة واحدة "موحدة متراصة" تتميّز بطريقة تفكير واحدة وطريقة واحدة في الأكل وأسلوب تحدّث واحد. صحيح أنه لم يبق في الولايات المتحدة سوى أماكن قليلة جداً لا يمكنك فيها تناول الطعام في ماكندولندز، أو برغير كينغ، أو بيتزا هت. وفي كل مكان تقريباً، يمكنك التسوق في متاجر والمارت أو ذي غاب أو فوت لوكرالموجودة ضمن مراكز التسوق الكبرى التي قلما يختلف اأحدها عن الآخر. والكل تقريباً يشاهد نفس البرامج والأفلام التلفزيونية، ومعظم الناس يستمعون إلى نفس موسيقى الأسواق الجماعية. لكن هل يعني هذا أن الفوارق الإقليمية هي وهم أكثر مما هي واقع؟ أنا لا أظن ذلك.
الثقافات المحلية الدائمة
دعونا نتحدث أولاً عن الطعام. صحيح أن معظم الطعام عبر البلاد موحد غالبا. فبإمكان المرء شراء نفس الأصناف من البيتزا (الفطائر) المجلدة في كل مكان في الولايات المتحدة. وعلى نفس المنوال، فالأطعمة المشتقة من الحبوب وأصابع الحلوى والعديد من السلع الأخرى كلها معبأة في علب وأوعية متماثلة امتدادا من ألاسكا في أقصى شمال البلاد إلى فلوريدا أقصى جنوبها. وبوجه عام، قلما تختلف أنواع ونوعيات الفاكهة والخضار الطازجة بين ولاية وأخرى. من جهة ثانية، لن تقدم لك عادة في مساشوتس أو إيلينوي وجبةً هش ببيز (نوع من خبز الذرة المقلي) أو الغريتس (الذرة المطحونة والمغلية المعدة بطرق متنوعة) ، لكن من الطبيعي أن تُقدم لك في جورجيا أو مناطق الجنوب الأخرى. وتتوفر الكوكا كولا والبيبسي كولا والسفن أب في كل مكان، لكن من المستحيل العثور على شراب الزنجبيل (جينجر إيل) من نوع بلنهايم خارج ساوث كارولينا. وبيتزا شيكاغو (ذات الطبق العميق جداً والعجينة السميكة) مختلفة تماماً عن بيتزا نيويورك. وقد تذوقت لحم التمساح المقلي بالزيت العميق في نيو أورلينز لكنني لم أشاهده في أي مكان آخر من البلاد. يأكل الناس الطعام المكسيكي في مطعم تاكو بل في كل مكان. لكن طعام تكس - مكس في تكساس مختلف تماماً عن الأنواع الأخرى المسماة طعاما مكسيكيا. كما أن العديد من المناطق لديها أنواع من الهوت دوغ أو النقانق الساخنة الخاصة بها.
لقد نشأت عند أطراف مرتفعات ساوث كارولينا الغربية. وكل وجبة في المنزل كانت تحتوي على نوع ما أو شكل من أشكال البطاطا والخبز. وعندما تخرجت من الجامعة، عملت أولاً في المناطق المنخف4ضة من ساوث كارولينا قريبا من الساحل. ودهشت فعلاً عندما لاحظت أن كل وجبة تقريباً تشتمل على الأرز في شكل ما. وتعلمت أيضاً أن الأرز كان يُطبخ بطريقة مختلفة تماماً، أي يُبخّر بدلاً من أن يُسلق فقط. وعندما انتقلت لاحقاً إلى منطقة بي دي، في الشمال الشرقي لساوث كارولينا، سمعت لأول مرة عن "بوغ" الدجاج (الدجاج المنقوع)، وهو طبق تطبخ فيه قطع صغيرة من الدجاج والفلفل الأسود الخشن مع الأرز. وهكذا نرى أن هناك دون شك فوارق إقليمية في الطعام، وليس فقط بين الأقاليم، بل حتى ضمن الولاية الصغيرة الواحدة.
هناك فارق آخر وهو في اللغة. ففي حين أن اللغة الإنكليزية الأميركية موحدة بشكل عام، فكثيراً ما تختلف طريقة الكلام الأميركي تبعا للجزء الذي يوجد فيه المرء من البلاد. أهالي الجنوب يميلون إلى التحدث ببطء أكثر في ما يسمّونه "اللكنة الممددة الجنوبية". وأهالي الغرب الأوسط يتلفظون بحرف الإي ((A بشكل مسطح، أما اللغة العامية في مدينة نيويورك فتحمل عدداً من كلمات لغة اليديش نتيجة لوجود أعداد كبيرة من اليهود بينسكان مدينة نيويورك. أي مثل كلمات "شليب" (يجرّ أو يسحب) أو "نوش" (وجبة خفيفة). سكان بوسطن أو البرونكس الأصليون يُعرفون بسرعة بسبب لكنتِهم المميزة، كما قد تعرفون "لكنة الوادي" (فالي توك)، نوع من لهجة المراهقين الدارجة في جنوب كاليفورنيا. وتأثير المهاجرين واضح أيضاً في أسماء الأماكن وفي بعض الكلمات المستخدمة في المناطق حيث الوجود المكثف لبعض المجموعات الإثنية المنوعة. تشمل الأمثلة منطقة لافاييت في ويسكونسن؛ وباتون روج في لويزيانا؛ ووندِد ني في ساوث داكوتا وسانتا كروز بكاليفورنيا.
المفردات اللغوية تختلف أيضاً بين منطقة وأخرى. في إحدى المرات، خلال دراساتي الجامعية العليا، ذكرت أن إحدى "العيون" في موقد الطهي لم تكن تعمل كما يجب، فلم يفهم زملائي من أنحاء البلاد الأخرى أنني كنت أتحدث عما يُسمّونه "حرّاق" موقد الطبخ. لغة الغرب تحتوي العديد من الكلمات الإسبانية الأصل (التي انتشر العديد منها في أرجاء البلاد)، وهناك أجزاء من الغرب الأوسط وبنسلفانيا لا تزال تُستخدم فيها كلمات ألمانية. لو شاهدتم فيلم "الشاهد" الذي أنتج سنة 1985 لرأيتم مثالاً عن ذلك.
الفوارق الإقليمية تظهر بطرق أقل وضوحا، كالاختلاف في المواقف والنظر إلى الأمور. مثال ذلك الاهتمام الذي تحظى به الأحداث الخارجية في الصحف. ففي الشرق، يتطلع الناس إلى ما وراء الأطلسي كما أن الصحف تميل إلى إظهار اهتمام أكبر بما يحدث في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. أما على الساحل الغربي فكثيراً ما يكون التركيز على الأحداث في شرق آسيا وأستراليا.
يشترك الأميركيون في العديد من الخصائص بما في ذلك الإيمان بأهمية الخصوصية والفردية والاستقلالية الشخصية. لكن كثيرين من الأميركيين يعتبرون أن لديهم أيضاً بعض الخصائص المرتبطة بمنطقتهم مثل الاعتماد على الذات في نيو إنغلاند، والضيافة الجنوبية، والاستقامة الخلقية في الغرب الأوسط، والنضوج في الغرب.
تعرض الأقسام التالية بعض الخصائص الجغرافية والتأثيرات التاريخية مثل أنماط الاستيطان التي ساهمت في هذه الفوارق الإقليمية.
لكن، قبل التركيز على المناطق في الولايات المتحدة، من المهم أن نستوعب بعض مزايا هذا البلد. فالولايات المتحدة ثالث بلد في العالم من حيث المساحة بعد روسيا وكندا. وهي من حيث عدد السكان أيضاً ثالث بلد، هذه المرة بعد الصين والهند. وللتمكن من تكوين فكرة عن مدى اتساع هذه البلاد، نذكر أن عبور الولايات المتحدة القارية بالسيارة يحتاج إلى خمسة أيام تقريباً، هذا باستثناء هاوائي أو الولاية الكبرى ألاسكا.
المناطق
هناك عدة أساليب ممكنة لتقسيم البلاد إلى مناطق. ففي هذا الشرح نستخدم أسلوبا تقليديا أساسيا لجمع الولايات في مناطق هي نيو إنغلاند وولايات الأطلسي الوسطى والجنوب ولغرب الأوسط والغرب. ونرجو أن تتذكروا أن هذه ليست تسميات أو تقسيمات رسمية. وهي أبعد ما تكون عن كونها مطلقة وكثيراً ما تتمازج الخصائص بين منطقة وأخرى كما هو مُبيّن في الخريطة المرفقة. أما قوائم الأشياء مثل المدن والشخصيات الأدبية ليست في أي حال شاملة وإنما يقتصر الغرض منها على تقديم لمحة عابرة. قائمة المراجع على الإنترنت في نهاية المجلة تؤمن الوصول إلى مزيد من المعلومات المفصلة.
طيف النسيج الثقافي الأميركي
من الضروري لفهم السلوك والسياسات العامة الأميركية، التعرّف على ثقافة الولايات المتحدة. والثقافة في العديد من اللغات غالبا ما تعني الفن، والموسيقى، والتاريخ، والأدب. أما في الولايات المتحدة فيُنظر إلى هذه الأمور كمنتجات أو مبتكرات فنية للثقافة. وتعريفنا للثقافة هنا في معظمه تعريف إنساني مرتبط بالبشر (أنثروبولوجي). ففي اللغة الإنكليزية الأميركية، تعني كلمة "ثقافة" ببساطة طريقة حياة مجموعة من الناس تنتقل من جيل لآخر عبر التعلّم. فهي تشمل المعتقدات الأساسية والقيم وأنماط التفكير ووجهات النظر حول العالم التي يتشاطرها معظم الأميركيين. وبمقدورنا أن ندرس هذه الملامح الخارجية للثقافة ونستنتج أنها تعكس قيمنا ومعتقداتنا ونظرتنا العالمية الداخلية. فما لم نفهم الثقافة الأميركية الداخلية، يكاد يستحيل تفسير السلوك الخارجي الظاهر، بما في ذلك سياساتنا العامة.
لو كان علينا أن نرسم صورة بيانية تمثل الثقافة الأميركية السائدة أو العامة، لوجب علينا أن نتصورها كجبل من الجليد. إذ المعروف أن معظم جبل الجليد يبقى مغمورا خافيا تحت الماء. والشيء ذاته يصدق بالنسبة للثقافة. فمعظمها داخلي أو في داخل عقولنا وأذهاننا، وتحت سطح مياه إدراكنا الواعي. وإذا كان الطرف الأعلى الظاهر قابلاً للتغير، كما يذوب الثلج بتأثير الشمس والمطر، فان القاعدة لا تتغير كثيراً بمرور الزمن. وعلى نفس المنوال، فإن المعتقدات الأساسية والقيم وطرق التفكير ووجهات نظر المرء حول العالم تتغير ببطء كبير.
هذا الجزء من الثقافة يتعلمه الإنسان عن غير وعي لمجرد النشوء في مجتمع معين أو عائلة معينة. فليس هناك أهل يجلسون إلى طاولة الفطور مع أطفالهم ليعلموهم دروساً في "القيم الثقافية". لأن القيم الثقافية يتعلمها الإنسان دون وعي لمجرد نشأته في أسرة معينة. ولهذا السبب نبقى غير مدركين نسبياً لقيمنا الثقافية حتى نغادر بلدناونتفاعل مع أناس من ثقافات أخرى.
التشديد على المنجزات الفردية
عندما وصل المهاجرون في البداية إلى أميركا، حملوا معهم معتقداتهم وقيمهم الأوروبية إلى "العالم الجديد". ونزلوا في ما بدا أرضاً لا حدود لمواردها الطبيعية وللفرص الهائلة للامتياز. بينما كان الإنسان في أوروبا إذا ولد فقيراً مات فقيراً. وخلق الجمع بين المعتقدات والقيم الأوروبية وبين توفر الموارد والفرص الوافرة مجموعة من القيم الثقافية التي نُسميها "أميركية".
وتعززت هذه المعتقدات والقيم الجديدة للمنجزات الفردية والانتقال الطبقي وكوفئت. إذ بدأ الأميركيون عندئذ يُعرفّون عن أنفسهم بالانتساب إلى ما يعملون ويفعلون. فإذا ما قابلت أميركياً في مناسبة اجتماعية فإنه غالبا ما يرحب بك بعبارة: "هالو، اسمي غاري ويفر. أنا أستاذ في الجامعة الأميركية. ما هو عملك؟"
إلا أن الناس من العديد من الثقافات الأخرى يُعرفّون عن أنفسهم بالنسبة لمن هم. فالأفريقي الغربي قد يحيّيك بقوله: "مرحبا، أنا بابا سيكا، ابن تمسير سيكا، من أعالي نهر باسى". المصدر الأول لهويته هو من هو، أي والده ومكان ولادته. أما وضعه ومكانته فيقومان على الأسرة والإرث وليس على ما يقوم به كفرد أو ما قد يفعله في المستقبل.
الارتياب من الحكومات المركزية القوية بإفراط
خلافا لما جرت عليه العادة في أوروبا، لم يرد المستوطنون الأوائل الذين وصلوا شواطئ أميركا أن يكون لهم ملك، أو ملكة، أو بابا. إذ كانوا يرتابون بالحكومات المركزية التي تتمتع بسلطات مفرطة القوة. فكما قال الفيلسوف الأميركي الكبير هنري ديفيد ثورو (1817-1862)، كانوا يعتقدون أن "الحكومة الأقل هي الحكومة الأفضل". لكنهم كانو يدركون بالطبع أن "عالمهم الجديد" بحاجة إلى حكومة قومية للتعاطي مع الشؤون الخارجية والتجارة الدولية، وهي أمور كانت تؤثر في الحياة اليومية للناس رؤي أنه ينبغي أن تعتبر من مسؤولية حكومة محلية.
لم يكن لأميركا أبداً قوات شرطة قومية (أي شرطة لجميع الولايات). فالشؤون الاجتماعية وأمور تطبيق القانون والقضاء المحلي والعناية بالمرضى وما شابه، كلها مسائل تخضع للإدارة والسلطة المحلية. وأما حريات أميركا المدنية كحرية التعبير وحرية الصحافة والحرية الدينية وغيرها فقد نص عليها الدستور وقانون الحقوق المدنية. وتحمي هاتان الوثيقتان الحريات الفردية وتمنع قيام حكومة قومية ذات سلطات مفرطة.
ليست بالضبط "بوتقة انصهار"
يعتقد الكثير من الناس أن الولايات المتحدة مزيج من عدة ثقافات مختلفة دون أن تكون لها ثقافة مسيطرة أو سائدة. وكثيرا ما تستخدم العبارة المجازية "بوتقة الانصهار" للتعبير عن هذا الاقتراض. يأتي الناس من كافة أرجاء الكرة الأرضية بثقافاتهم ثم يطرحونها في القدر أو البوتقة الأميركية، ويُحرِّك المزيج ويُسخّن إلى أن تختلط هذه الثقافات ببعضها البعض.
ثمة بعض الحقيقة في هذه الفكرة. فالولايات المتحدة، بكل تأكيد، مجتمع منوع ثقافياً. غير أن هناك ثقافة سائدة، وأصبح المهاجرون جزءاً من هذه الثقافة عن طريق التنازل عن العديد من فوارقهم لكي يتماشوا مع المجتمع السائد. قد يقول البعض إن للولايات المتحدة في الغالب أسلوب "قالب قطع الكعك" (الذي يقطع عجينة الكعك أو الكحك إلى أشكال وهيئات) وكان هذا القالب على مثال الرجل الأبيض الذكر الأنغلوسكسوني البروتستانتي. ولذا كان بوسع المهاجر الذكر الأبيض أن يتلاءم بسهولة مع هذا القالب عن طريق تبني اسم إنكليزي واعتناق المسيحية البروتستانتية والتحدث بالإنكليزية دون لكنة أجنبية. إلا أن قالب قطع الكعك لم يلائم الجميع. فلم يكن بإمكان بعض الناس تغيير جنسهم أو لون بشرتهم أو نوعية نسيح شعرهم. وكان بإمكان البعض الآخر أن ينصهر ويذوب بسهولة أكثر من الغير.
التحوّل إلى "فسيفساء" أو "منسوجة"
طبعاً، تغيّرت الولايات المتحدة. فمعظم الأميركيين لم يعودوا يقبلون عبارة ثقافة بوتقة الانصهار أو قالب قطع وتشكيل الكعك. والواقع أنه بات من المألوف وصف أميركا كفسيفساء أو منسوجة ملوّنة. فهذه المجازات الشعبية الآن توحي بأنه من المقبول أن يحافظ المرء على الفوارق وان يكون في نفس الوقت جزءاً من المجتمع العام. في الفسيفساء أو المنسوجة، يكون كل لون مميزا ويزيد من جمال القطعة. فإذا أزيلت قطعة من الفسيفساء أو سحب خيط من المنسوجة فذلك يعرضها للتلف. ولذا فمن السهل اليوم الحفاظ على الفوارق. فقد أصبحت الفوارق في الجنس والعرق والأصول القومية والإثنية والدين والميول الجنسية مقبولة، ولا داعي للتنازل أو التخلي عنها لكي يحظى الناس بالفرص المتساوية لتحقيق أهدافهم في الحياة.
"الأميركيون الموصولون" أي الناس الذين لهم هويتان، يعبرون عن الاعتقاد بان بإمكان المرء أن يحافظ على هويته الإثنية أو القومية أو الدينية أو العرقية وأن يكون في الوقت نفسه أميركياً. فالأميركيون المكسيكيون والأميركيون الأيرلنديون والأميركيون الأفارقة أو السود والأميركيون العرب والأميركيون المسلمون والأميركيون الهنود يعكسون جميعاً ممارسة كونهم أميركيين فعلا مع احتفاظهم في نفس الوقت بهويتين. إلا أن ما يُبقي على تماسك البلاد ووحدتها ليس مجرد مجموعة من القيم والمعتقدات المشتركة بل أيضاً اللغة الإنكليزية والتجارب المشتركة.
يشكل البيض من أصل غير إسباني أو أميركي لاتيني في أربع ولايات هي نيو مكسيكو وتكساس وكاليفورنيا وهاوائي، وفي مقاطعة كولومبيا أقليات سكانية. ويتفق معظم الخبراء في علم السكان أن البيض من غير العرق الإسباني أو اللاتيني الأميركي سيصبحون بحلول العام 2050 أقلية بالنسبة لإجمالي عدد سكان البلاد. لكن لا يبدو أن هذا الاتجاه يُهدد الأميركي العادي. فالواقع أن معظم الأميركيين يعتقدون أن التنوع يعزز الحلول الخلاقة للمشاكل ويزيد من الإنتاجية.
وهذا يعكس نموذجاً متعدد الثقافات يَفتَرض أن الفوارق لا تقابل بالترحاب فحسب، بل إنها تلقى التقدير وينظر إليها كعناصر قوة. وقليل جداً من الناس يرغب في العودة إلى الماضي عندما كان على الأقليات أن تتنازل عن فوارقها للانصهار في الثقافة السائدة. فالتنوع فرصة يجب التعلق بها وليست عقبة يلزم التغلب عليها.
والمشكلة التي تواجه أميركا اليوم ليست كيفية التخلص من الفوارق، بل كيفية إدارة مجتمع يتميز بهذا القدر من الفوارق. فقد كانت الولايات المتحدة دائماً متنوعة، لكن لم يعد الأمر مجرد الجمع بين قوميات أوروبية ومجموعات إثنية مختلفة. فالتنوع اليوم يعني جميع الأعراق والمجموعات الإثنية والقوميات المختلفة والرجال والنساء والمعوقين والموظفين من كل الأعمار وذوي التوجهات الجنسية المختلفة. وأمام واقع التغيرات الديموغرافية السكانية والتكافل العالمي المتزايد وفوائد التنوع الواضحة سيتكيف الأميركيون وسيعملون على تطوير المهارات اللازمة للتواصل والتفاهم والعمل مع الناس من كافة الخلفيات الثقافية.
التعدّدية والديمقراطية
كينيث جاندا أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورثوسترن في شيكاغو، بولاية إيلينوي
إن للولايات المتحدة هيكلا حكوميا لا مركزيا مختلفا كثيرا بالمقارنة مع الديمقراطيات الأخرى. فقد كان واضعو الدستور الأميركي مدركين جيداً للأخطار الكامنة في حصر السلطات في أي مؤسسة سياسية منفردة. ولذا تعمّدوا فصل السلطات وتوزيعها على فروع ومستويات حكومية مختلفة. ويختلف النظام الأميركي اللامركزي عن النموذج الديمقراطي المحدد القائم على مبدأ "الأكثرية" الذي ينص على أن الحكومة هي التي ينبغي لها أن تسن القوانين وتصدر التشريعات وأن تنتهج سياسات تلبي فورا ما تريده أغلبية الشعب.
ويتميز النموذج الأميركي للحكم الديمقراطي، وهو الحكم الديمقراطي التعددي، عن نظام الأكثرية بعدد من الفوائد. وتعبّر هذه الفوائد المتميزة عن رؤية مؤسسي أميركا. إذ يتطب نظام الديمقراطية التعدّدية توزيع سلطات الحكم وجعل الصلاحيات لا مركزية. وتنشأ الديمقراطية بموجب هذا النموذج عندما يتم تقاسم سلطات الحكم بين مراكز متعددة للسلطة تكون منفتحة لمصالح الجماعات المختلفة. من ذلك على سبيل المثال، العمال مقابل الإدارة والمزارعون مقابل محال بيع المأكولات وشركات الفحم الحجري مقابل أنصار البيئة. فهذه المجموعات تنافس بعضها البعض في المجتمع التعدّدي.
يحول توزيع الصلاحيات في النظرية التعدّدية دون اتخاذ الحكومة أعمالاً مُتسرعة وربما غير حكيمة، لكنه يمكن أن يحول أيضاً دون تنفيذ أي عمل أو فعل إذا اختلفت مراكز السلطة الهامة. وعلى الرغم من أن لا مركزية السلطة هي طابع الحكم الأميركي وميزته، فإن بعض الخصائص المؤسسية تميل إلى مركزة السلطات، مما يمكّن الحكومة من العمل حتى عندما تفتقر إلى الاتفاق عموما حول سياسة ما. يصف هذا المقال كيف تساهم الخصائص الأساسية للنظام السياسي الأميركي في تحقيق توازن بين لا مركزية ومركزية السلطة السياسية.
عدم الثقة بالسلطة المركزية
دأب سكان المستعمرات البريطانية الثلاث عشرة الأصلية ورعايا الملك جورج الثالث، على عدم الثقة بالحكومة المركزية القوية التي كانت تدير شؤون حياتهم من الخارج، فثاروا على الحكم البريطاني سنة 1775. واتهمت وثيقة إعلان الاستقلال الت أصدروها سنة 1776 الملك "بالاستبداد المطلق على الولايات". وفيما كان المستوطنون يخوضون حرب الاستقلال، شكلوا الولايات المتحدة الأميركية بموجب بنود الاتحاد الكونفدرالي، وهي الوثيقة التي حققت أكثر من مجرد تحالف بين الولايات الثائرة. انتصر ونال المستوطنون استقلهم في سنة 1781، وفي السنة نفسها تمّت المصادقة النهائية على وثيقة الاتحاد الكونفدرالي ودخلت حيّز التنفيذ.
إلا أن عيوب الحكومة الكونفدرالية بدأت تظهرً بعد أن انتهت الحرب، إذ كانت السلطات مُوزعة أكثر من اللزوم. فلم تكن للاتحاد الكونفدرالي أي سلطة على فرض الضرائب، ولم يكن للاتحاد أي زعيم يتمتع بسلطات تنفيذية، ولم يكن قادراً على تنظيم التجارة. وكان لا بد هناك من موافقة إجماعية على ضرورة تعديل الوثيقة. وفي سنة 1787، اجتمع المندوبون في فيلادلفيا لإعادة النظر في الأحكام لكنهم توصلوا إلى تحرير ميثاق جديد بالكامل هو دستور الولايات المتحدة الأميركية. غير أن الدستور لم ينص على خلق حكومة مركزة قوية ذات سلطات. بل سعى المندوبون إلى إقامة حكومة لامركزية، على أن تكون حكومة تملك سلطة أكبر للتنسيق المركزي مم منحتها أحكام الاتحاد الكونفدرالي. وأوجدت الهيكلية الحكومية الجديدة توازناً بين المركزية واللامركزية، الأمر الذي أسفر عن قيام حكم مستقر دائم استمر بنجاح لأكثر من 200 عام.
مزايا اللامركزية
هناك كثير من خصائص النظام السياسي الأميركي التي تعمل على إنجاح لامركزية الحكم. والمزايا الأربع الأهم المثبتة في الدستور هي: (1) الفدرالية، (2) فصل السلطات، (3) الكونغرس المؤلف من مجلسين لهما نفس الوزن، و(4) النظم الانتخابية، فهناك نظامان مختلفان.
(1) الفدرالية
استبدل واضعو الدستور نموذج الحكومة الكونفدرالية بنموذج النظام الفدرالي. ففي حين كانت أحكام الكونفدرالية تعد "باتحاد دائم" لولايات تحتفظ "بسيادتها وحريتها واستقلالها"، فإن الدستور الفدرالي لم يذكر السيادة أبداً. فهو يبدأ بالقول: "نحن شعب الولايات المتحدة"، مما يعني ضمناً أن الحكومة الجديدة تمثل الأفراد بدلاً من الولايات. فبموجب مفهوم الفدرالية، يمارس مستويان أو أكثر من الحكم السلطة والصلاحيات على نفس الشعب ونفس الأراضي. مثال ذلك أن الحكومة القومية توفر الدفاع ضد الأعداء الخارجيين في حين تمارس حكومات الولايات "سلطات الشرطة"، أي الحفاظ على صحة المواطنين وأخلاقهم وسلامتهم وخيرهم. ولا يحق للحكومة القومية أن تقوم بنشاط في هذه الميادين إلا بالتعاون مع الولايات. لكن بإمكان الحكومة القومية تمويل الطرق السريعة المبنية في الولايات حسب معايير قومية، أو منح الأموال للتعليم إذا ما أتبعت مدارس الولايات إجراءات مُعيّنة. ولأن سلطات الشرطة لامركزية موزعة على الولايات، وسلطة الحكومة القومية في بناء الطرقات الرئيسية السريعة محدودة، وكذلك بالنسبة لتحسين المدارس، أو تنظيم أمورالزواج والطلاق وفرض العقوبات الجنائية، ووهي كلها من جملة شؤون أخرى، تبقى سلطات لامركزية خاضعة لسيطرة الولايات.
(2) الفصل بين السلطات
أنشأ الدستور هيكلية تفصل السلطات السياسية ووزعها على ثلاثة فروع للحكومة. فقد أناط "جميع السلطات التشريعية" بالكونغرس، و"السلطة التنفيذية" بالرئيس، و"السلطة القضائية" بالمحكمة العليا وبالمحاكم الدنيا التي يشكّلها الكونغرس. علاوة على ذلك، ذهب الدستور إلى أبعد من ذلك في عدم مركزية السلطة محدداً الطرق التي يستطيع كل فرع فيها مراقبة الفروع الأخرى ومحاسبتها. فمثلاً، مُنح الكونغرس سلطة سنّ القوانين بينما أُعطي الرئيس حق نقض القوانين. لكن الكونغرس يستطيع إقرار القانون بأكثرية ثلثي الأصوات وتجاوز النقض الرئاسي. ومثال آخر هو أن الرئيس وحده المخوّل بالتفاوض بشأن المعاهدات، لكن المعاهدات لا تصبح سارية المفعول إلا إذا وافق عليها مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين. ثمة مثال آخر هو أنه في حين يحدد الكونغرس هيكل المحكمة العليا ويعين الرئيس أعضاء المحكمة، فإن بإمكان المحكمة العليا إفراغ قوانين الكونغرس والرئيس وإبطالها إذا رأت أنها تتنافى مع الدستور. لكنه من المهم أن نلاحظ بالنسبة للمثال الأخير الذي تقدم أن سلطة المحكمة في إبطال قوانين الكونغرس والرئيس لم ينص عليها الدستور تحديدا، فقد أصبحت عرفا مقبولا بعد القرار الشهير الذي أصدرته المحكمة العليا في قضية ماربوري ضد ماديسون سنة 1803.
فصل السلطات المُعقد هذا يخدم عدم مركزية السلطات الحكومية في الولايات المتحدة. فمن حق الرئيس اقتراح برنامج حكومي ما، لكن لكن تحويل ذلك البرنامج إلى قانون يطبّق لا بد له بصفة عامة من تشريع من الكونغرس. وحتى في هذه الحال، للمحكمة العليا سلطة ردّ القانون إذا ما رُفع إليها. فسَنّ القوانين والتشريعات الدائمة في الولايات المتحدة عملية معقدة. أما سَنّ القوانين في الدول ذات الأنظمة البرلمانية المعمول بها على نطاق واسع في الديمقراطيات في العالم فهو أسهل. فالحزب أو لائتلاف المسيطر في البرلمان يقرر عادة التشريعات التي يقترحها وزراء الحكومة، ولا يملك معظم المحاكم إلاّ سلطات محدودة لإبطال التشريعات.
(3) الكونغرس المؤلف من مجلسين
لامركزية السلطة في العملية التشريعية الأميركية يعززها أيضاً الكونغرس المؤلف من مجلسين. ولبلدان كثيرة أيضاً هيئات تشريعية مؤلفة من مجلسين (تُسمّى أحياناً كثيرة المجلس الأدنى والمجلس الأعلى)، لكن قليلة هي البلدان التي لها مجلسان متساويان بالسلطة والصلاحيات الفعليةً. فما يعرف بالمجلس الأدنى هو مجلس النواب لأن أعضاءه الذين يبلغ عددهم حالي 435 نائبا ينتخبون ممثلين للدوائر الانتخابية التي تُنشأ حسب عدد السكان. وأما ما يعرف بالمجلس الأعلى (أو الأعيان) فهو مجلس الشيوخ، وهو أصغر حجما يضما 100 عضو يعتبرون شيوخا لأن أعضاءه يجب أن يكونوا أكبر سِناً (30 سنة عند انتخابهم على الأقل مقابل 25 لمجلس النواب)، كما أنهم يُنتخبون لفترة أطول تبلغ مدتها ست سنوات بدلاً من سنتين للنواب. ومع أن أعضاء مجلس الشيوخ ينتخبون مباشرة من قبل الشعب، فإن اختيار الشيوخ يتم على مرحلتين زمنيتين. وتنتخب كل ولاية من الولايات الخمسين ممثلين اثنين عنها مهما كان عدد السكان.
ووفقاً للدستور، هناك فوارق بسيطة في سلطات المجلسين. جميع مشاريع القوانين الخاصة بالواردات يجب أن تبدأ في مجلس النواب، بينما مجلس الشيوخ وحده يوافق على المعاهدات والتعيينات التي يختارها الرئيس. وتتلاشى هذه الفوارق عند المقارنة بين سلطات المجلسين المتساوية في سن التشريعات والقوانين، فقبل أن يعرض أي مشروع قانون على الرئيس للتوقيع عليه، يجب أن يحظى بموافقة كل من المجلسين بنفس النص. ومحصّلة ذلك هي أن السلطة لا تكون محصورة في مجلس أكثر من الآخر (كما في معظم الدول) ولكنها موزعة بالتساوي بين كل من المجلسين.
(4) النظام الانتخابي
ليس لدى الولايات المتحدة نظام انتخابي واحد بل لها نظامان، هما نظام لانتخاب الرئيس وآخر لانتخاب أعضاء الكونغرس. ويساهم النظامان في لامركزية السلطة. لننظر أولاً في النظام الرئاسي. الانتخابات الرئاسية ليست من نوع الانتخابات "القومية" التي يفوز فيها المرشح الذي ينال أكثرية الأصوات الشعبية عبر البلاد. إنها انتخابات فدرالية تمنح الرئاسة للمرشح الذي يفوز بأكثرية "الكليات الانتخابية" (أي 270 كلية من أصل 538 كلية أوهيئة انتخابية) وهي مجموع عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالإضافة إلى ثلاثة أصوات تمثل مقاطعة كولومبيا. للولايات صوت انتخابي واحد لكل كلية أوهيئة ناخبين منتخبين تمثل الولاية. ولكل ولاية عدد من الأعضاء الناخبين في الكلية انتخابية مساو لعدد مقاعدها في الكونغرس، بمعنى أن أصغر الولايات عددا (التي لها عضو واحد في مجلس النواب وعضوان في مجلس الشيوخ) لها ثلاثة أصوات في هيئة الناخبين فقط. والولاية الأكبر (كاليفورنيا) لها 55 صوتاً. ويدلي الناخبون في الكلية الانتخابية بأصواتهم فعليا في كل ولاية لصالح البرامج الانتخابية لأحزابهم. وتجتمع كلية الناخبين بعد الانتخابات، كل في مقر مجلسها التشريعي (مبنى الكابيتول) لاختيار الرئيس. (هيئة الناخبين لا تجتمع مطلقاً ككل). المرشح الذي يفوز بأكثرية أصوات الولاية يفوز بجميع أصوات هيئة الناخبين في الولاية. لذلك، يشن المرشحون الرئيسيون حملاتهم الانتخابية بشكل غير مركزي إي يركزونها في الولايات، كل ولاية على حدة وليس على البلاد ككل.
ويشجع النظام الانتخابي للكونغرس أيضاً على اللامركزية. ففي معظم الديمقراطيات الأخرى يتم انتخاب المشرعين عن طريق استخدام الاقتراع النسبي المحصص. أي أن الناخبين يدلون بأصواتهم للأحزاب، وتخصص مقاعد المجالس التشريعية تبعا لنسبة نصيب الحزب من الأصوات التي يفوز بها في الانتخابات. أما في الولايات المتحدة فيتم انتخاب أعضاء الكونغرس على أساس نظام أكثرية الأصوات. إذ يتنافس عدة مرشحين على مقعد واحد يفوز به المرشح الذي ينال أكبر عدد من الأصوات. وبما أن المرشحين يفوزون بمقاعدهم في الكونغرس من خلال الفوز الفردي المباشر في الانتخابات، فإنهم يهتمون بخدمة ولاياتهم ومقاطعاتهم لكي يُعاد انتخابهم، الأمر الذي يشجعهم على خدمة المصالح المحلية في حال اختلفت هذه المصالح عن المصالح القومية.
خصائص المركزية
الفدرالية وفصل السلطات والكونغرس المُكّون من مجلسين والنظام الانتخابي، كلها تساهم في عدم مركزية السلطات في الولايات المتحدة، وكلّها تخدم نظام الديمقراطية التعددية. غير أن تقسيم السلطات والصلاحيات السياسية ينطوي على مخاطر. إذ ربما تصبح الحكومة مشلولة غير قادرة على العمل بسبب هذا التوزيع أو قد تعمل على خدمة مصالح الأقليات المنظمة بدلاً من خدمة أكثرية الشعب. فكما أشرنا سابقاً، كان الهاجس الأول لواضعي الدستور تقسيم السلطات وإخضاعها للمراقبة. لكن بمرور الزمن، جرت بعض التغيرات المؤسسية التي ربما فاتتهم، والتي ساهمت في مزيد من لامركزية الصلاحيات الحكومية.وهناك ثلاثة من هذه التغيرات المؤسسية تستحق إشارة خاصة هي: (1) الرئاسة، (2) نظام الحزبين، (3) المحكمة العليا.
(1) الرئاسة
كرّس واضعو الدستور أكثر من 2200 كلمة للفرع التشريعي في المادة الأولى منه. ولم يخصصوا لوصف الفرع التنفيذي سوى 1000 كلمة فقط في المادة الثانية. فقد نظر عدد من واضعي الدستور إلى الرئاسة كمجرد منصب تنفيذي ضروري لتطبيق القوانين التي يضعها ويقرها الكونغرس. لكن الرئاسة أصبحت مع مرور الزمن المحور المركزي في الحكومة الأميركية. فبات الرئيس الآن هو الذي يُحدد الرئيس الأهداف القومية ويقترح التشريعات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ويحيل على الكونغرس الميزانية لتمويل التشريعات ا
ساحة النقاش