بقلم: د. فتحي النادي
لم تعد مأساة البحث العلمي في مصر تقتصر علي الوضع المهين الذي يحتله في أولويات دولة حكم عليها بالتخلف وأغلق أمامها الباب الوحيد للتطور والتقدم، تجاوزت مصر مرحلة الخطر بكثير الي مرحلة الكارثة التي تهدد البقية الباقية لمستقبلها بعد أن تحول أمر البحث العلمي عندنا الي »قضية« تنظر أمام المحاكم يفصل في ملابساتها والجرائم التي ترتكب باسمها. ما يحدث الآن بين الوزير المختص الذي أسند اليه أخطر حقيبتين وزاريتين يتوقف عليهما مستقل أمة هما التعليم العالي والبحث العلمي وبين الرئيس السابق لمدينة الهدف من إنشائها بالقطع كان نبيلا وهادفا لو أنها حققت ما أنشئت لأجله فضيحة بكل المقاييس وجريمة عظمي تستوجب المساءلة والحساب بعد أن صارت التهم المتبادلة وكثير منها اتهام للذمم ونظافة اليد وبعضها يرقي الي مستوي الخيانة العظمي، موضوعات رئيسية للصحف وشاشات الفضائيات.. تكلم الصامتون لسنوات عن أشياء ـ لو صحت لكانت دليلا قاطعا علي فظاعة ما يرتكب في حق هذه الأمة بطريقة منظمة ممنهجة تستهدف تدمير كيانها من الأساس وترك مستقبلها في يد حفنة من الهواة والمستفيدين الذين يجعلون من كل منصب يتولونه »سبوبة« واسترزاقا تصب مزاياها في جيوبهم وجيوب أقربائهم ومريديهم ضاربين بمصلحة الأمة عرض الحائط ومبددين لمواردها فيما لا يفيد ولا ينفع.. هناك عناصر أساسية لما يحدث ينبغي التركيز عليها لفهم ماحدث ويحدث إذاكان هناك ثمة أمل في تدارك الأمر والتعلق بأهداب الأمل في أن يكون لدينا بحث علمي جاد وحقيقي يقدر العلماء ويوفر لهم الامكانات التي صنعت زويل ومجدي يعقوب وعشرات غيرهم ظهرت مواهبهم في »حضانات علمية« جعلت منهم علماء بارزين يشار اليهم بالبنان عالميا. < الوزير هو الذي رشح رئيس مدينة مبارك للعلوم لكي يتم تعيينه ويعامل ماليا بدرجة وزير ولابد أنه قد بني ترشيحه علي أسباب أقنعت رئيس الوزراءالذي أصدر القرار بسلامة وحسن الاختيار، وظل الرجل يمارس عمله لأكثر من أربع سنوات ملأ خلالها الدنيا ضجيجا بالإنجازات التي تمت بقيادته وفريق الباحثين لديه حتي أننا تخيلنا أن لدينا مركزا للتميز العلمي ينافس المراكز التي تنشئها كبري الجامعات العالمية ومعاهد البحوث.. ولكن الثابت أيضا أنه لم يتم تسجيل ولو براءة اختراع واحدة خلال تلك السنوات للتدليل علي جدية الأبحاث التي تمت ولا الميزانيات التي صرفت سواء من ميزانية الدولة التي قد تكون ضئيلة »نصر علي البحث العلمي في مصر أقل من 1٪ وهي نسبة مهينة وفضيحة تأبي علي الوصف« أو ما تقدمه الجهات المانحة من مساعدات فنية ومالية إذن الطنطنة الإعلامية لم يكن لديها ما يبررها.. ولقد تساءلنا مرارا علي صفحات »الوفد« وكتبت وكتب غيري عن حقيقة ما يدور ولم يلتفت أحد ولم يبادر أي مسئول بالمناقشة والتوضيح أو حتي طلب تقصي الحقائق. < الوزير قام بطرد رئيس المدينة في قرارات متلاحقة بدأت بطرده من جلسة استماع بمجلس الشعب ثم من مكتبه ثم من المنصب بقرار فوري في نفس اليوم بذلك يكون الوزير قد قام بتعيين موظف وليس عالم مؤهل لكي يتولي منصبا خطيرا مثل الذي تولاه.. والمبررات التي قيلت في حينها أن سلوكه قد اتسم بعدم اللياقة والخروج علي قواعد الذوق في التعامل مع سيادة الوزير، ولم يذكر في حينه أي اتهامات تمس النزاهة أو استغلال النفوذ أو التربح.. ذلك يعكس بكل الدقة منهج اختيار القيادات في مصر في ظل الحزب الحاكم: الولاء هو الأساس وليس الخبرة والكفاءة واللهاث وراء ولي النعم لحصد مزايا المنصب والتكويش علي المناصب التي لايستحقها الكثير ممن تولونها وتهميش الكفاءات والعلماء وتلك طامة كبري أوصلتنا لماوصلنا اليه. < وأخيرا في مقابل اتهامات رئيس المدينة السابق للوزير بالسماح باختراق إسرائيل لقاعدة البحث العلمي بالمدينة هناك اتهامات صرح بها مجموعة من العلماء العاملين بالمدينة وتداولتها أجهزة الإعلام تمس نزاهة وذمة وشفافية رئيس المدينة المقال بل وتشكك في أمانته العلمية وتلك اتهامات خطيرة لا يمكن السكوت عليها أو تجاهلها وتستدعي بلاغا من الوزير المختص للنائب العام لكي يقول القضاء كلمته فيها لا سيما أننا بصدد إساءة استخدام المال العام ولكن اللافت للنظر في كل ذلك أن أحدا لم يتقدم بشكوي رسمية ضد أي طرف من الأطراف ولم يطلب أحد التحقيق في كل تلك الاتهامات الفظيعة.. لم يحدث ذلك إلا بعد إقصاء رئيس المدينة فأين كان كل هؤلاء وعلي رأسهم الوزير؟ لعل القضاء المصري ينجح فيما لم نتمكن من تحقيقه بكشف كل الحقائق والتنبيه الي الحالة المتردية والمؤسفة للبحث العلمي في مصر والتغيير الجذري للقائمين عليه لكي ينهض وتنهض معه مصر من الإغماءة الطويلة التي تدمر حاضرها وتستهدف مستقبلها
نشرت فى 30 مايو 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,794,037
ساحة النقاش