الإسلام وعلاج العمى (٢٠) ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة

٢٨/ ٥/ ٢٠١٠

جمعت هذه الآية روح الإسلام من حيث هو دعوة إلى صلاح الدنيا والآخرة معاً، مثلما جمعت نصف آية الطب كله، وهو قول الله ربنا: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» وتلك عبقرية الدين، وغلبته لمن شاده أو حاول التأليف فيه داعياً إلى نزعة بعينها، أو مذهب بذاته، وهذه الآية من سورة البقرة، يقول الله عز وجل فيها: «ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».

وحسنة الدنيا ذهب إلى أنها الزوجة الصالحة بعض الناس، وجعلوها فيها دون غيرها، والحق أن حسنة الدنيا كل ما من شأنه أن يجعل الحياة حسنة من الحسن والجمال والطيب، ومن ذلك الزوجة الصالحة التى تعين زوجها على الحق، وتحقق له راحة نفسية وبدنية واستقراراً تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا سألها شيئاً، وتحفظه إذا غاب عنها، وهو كذلك بالنسبة إليها، إذ لا توجد للرجل ريشة فوق رأسه تحقق له حسنة دون المرأة، فالرجل يتطيب لزوجته ويتجمل مثلما يريدها له أن تكون ذات طيب فى الرائحة والخلق،

وقد جمع الله ربنا ذلك كله فى قوله عز وجل: «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف» ثم قال: «وللرجال عليهن درجة» ومن حصل على درجة كان عليه أن يؤدى مقتضاها، فرئيس القسم فى الجامعة ما حصل على تلك الدرجة من أجل أن يتعالى على زملائه ويتكبر، وإنما مقتضاها أن يخدمهم وأن ينظم عملهم، ويرعى مصالحهم، ويشرف على بحوثهم وينصح لهم، ويدرس أحوال القسم العلمية، ويجتمع معهم على التشاور لا على الأوامر.

وكذا الرجل فى بيته مسؤول بحكم هذه الدرجة عن فواتير البيت، وعن علاج أفراده، ونصحهم، ومتابعة أحوالهم، وهكذا.

ومن حسنة الدنيا صحة وعافية، إذ المرض علة تذهب ببهجة الدنيا وزينتها، ولا يشعر المريض حتى بنعيم شربة الماء القراح.

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

وينكر الفم طعم الماء من سقم

ومن الدعاء الوارد عن النبى -صلى الله عليه وسلم- «اللهم إنى أسألك العفو والعافية».

ومن حسنة الدنيا جار صالح، إذا مرضت زارك، وإذا احتجت أعانك، يتجاوز عن هفواتك، ولا يكتم حسناتك، ولله در القائل:

يلوموننى أن بعت بالرخص منزلى

ولم يعلموا جاراً هناك ينغص

فقلت لهم كفوا الملام فإنما

بجيرانها تغلو الديار وترخص

هذا فضلاً عن البيت الواسع، والذرية الصالحة، والدابة (السيارة) العفية المريحة، التى قال الله فيها: «وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم»، وكذا رفيق الوفاق الذى يعينك وينصح لك، ويقويك، ويصدقك، لا رفيق الشقاق الذى يفر منك، ويروغ كما يروغ الثعلب، وعندما يجد الجد يتركك فى مهب الريح.

وحسنة الدنيا أعلاها دخول الجنة التى تجرى من تحتها الأنهار، والنجاة من الفزع الأكبر، وبهذا تتحقق حسنة الدنيا التى تتطلب الجهد، وبذل أقصى الوسع فى تحقيقها، إذ على راغب الزواج أن يحسن اختيار زوجه، وعلى راغب السكنى أن يحسن اختيار جيرانه، وأن يتداوى المريض، وأن يسعى الفقير إلى تحسين دخله، والارتقاء بمستواه، وتتحقق حسنة الآخرة، وهى مبنية على حسنة الدنيا، لأن من كانت له حسنة فى الدنيا إنما اكتسبها وفق دين الله وكله حسن، فلم يسكن أرضاً مغتصبة، ولم يعاشر امرأة فى حرام، ولم يسرق مالاً يستمتع به،

فهو فى ذلك فى رضوان الله وفى سبيله، ومن كان كذلك كان إلى حسنة الآخرة سالكاً، ولها محصلاً، وهو راج بها رحمة ربه، يحسن باعتدال، ويقرض قرضاً حسناً، ويعامل الناس بخلق حسن، وأحسن الحسن كما روى الحسن عن أبى الحسن عن جد الحسن -صلى الله عليه وسلم- «الخلق الحسن» فيا ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 174 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,791,697