تحقيق:منال الغمري
لأول مرة في مصر تنامت الي أسماعنا أخبار وفاة بعض المواطنين بسبب الانخفاض أو الارتفاع الشديد والمفاجيء في درجات الحرارة, فالتغير المناخي في مصر أصبح له تأثيرات سلبية وأضرار ليس فقط في مجال الزراعة, وهلاك المحاصيل وتدهورها وإنما مخاطر جسيمة علي الموارد المائية وحياة الانسان.
المحاصيل الزراعية تصاب بأضرار سلبية نتيجة الارتفاع المفاجىء فى درجات الحرارة
ولخطورة المشكلة طالبت مصر الأمم المتحدة بتوفير الدعم لمواجهة التغير المناخي من أجل تنفيذ تدابير التأقلم مع نتائج التغيرات المناخية الواقعة علي المناخ المصري.
وهنا نتساءل: هل بالفعل أصبح التغير المناخي في مصر له تأثير سلبي ومدمر للحياة علي الأرض؟ وما المخاطر التي يتعرض لها صحة الانسان والحيوان والموارد المائية والزراعية؟ وكيف يتم التداخلات البيئية والسلوكية للتخفيف من هذه المخاطر والوقاية من الأمراض التي تهدد صحة الإنسان؟ وهل يمكن تحديد أنواع المحاصيل الزراعية الأكثر ملاءمة للمناخ في الحاضر والمستقبل من حيث مقاومة درجات الحرارة واستهلاك كميات أقل من المياه؟
يقول المهندس أحمد فاروق مدير مشروع التغير المناخي بمؤسسة الشرق الأدني مركز خدمات التنمية إن المؤسسة قامت بعمل مشروع التغير المناخي وعلاقته بالمياه والصحة بالتعاون مع تنمية بحيرة السد العالي واتخذت من منطقة غرب بحيرة ناصر بأسوان مكانا لتنفيذ المشروع بتمويل من مركز البحوث للتنمية الدولية منذ عام2008 وحتي الآن كامتداد لمشروع سابق عام2004, وقد وقع الاختيار علي ثلاث قري هي كلابشة وبشاير الخير وجرف حسين وهما غرب بحيرة السد العالي بأسوان.
ويعتبر هذا المشروع ـ كما يقول ـ أحد مشروعات البحوث التطبيقية والتنموية الرائدة في مصر التي تسعي الي الوصول لأساليب التكيف مع التغيرات المناخية المتوقعة في المستقبل.
الهدف.. والتكيف
يضيف مدير عام المشروع أن الهدف الأساسي من المشروع هو دراسة العلاقة بين التغيرات المناخية وإدارة المياه والصحة وزراعة المحاصيل الزراعية لصالح المواطنين الذين يعيشون في المجتمعات الجديدة بالمناطق المحيطة ببحيرة السد العالي للوصول الي سياسة تنفيذية مطلعة ومسئولة فيما يتعلق بالمجتمعات الجديدة علي المستوي القومي.
كما أن هناك أهدافا مرحلية للمشروع منها تقييم ومعرفة الآثار السلبية المحتملة للتغيرات المناخية علي صحة الانسان خاصة فيما يتعلق بالأمراض التي تصيبه عن طريق الماء وكذلك الأمراض المنقولة عن طريق ناقلات الأمراض, وتبني اساليب تكنولوجية حديثة للزراعة لتكون أكثر كفاءة واستدامة سواء في الري والتنوع المحصولي وادارة الأرض لرفع كفاءتها وزيادة إنتاجها في مجتمعات التوطين الجديدة للوصول الي نتائج بيئية وصحية إيجابية.
موقع.. واحترار
يري المهندس علاء صابر مدير مؤسسة الشرق الأدني أنه لتحقيق الهدف لمشروع التغير المناخي وأثره علي المياه والصحة في تطوير استراتيجيات التكيف والوقاية والتأقلم كان لابد من تنظيم ورش عمل مجتمعية بالمشاركة للفئات المستهدفة مثل جميع القطاعات وصانعي القرار والأفراد لتحقيق التعاون والتنسيق والشراكة والتكامل بين كل هذه المشروعات التنموية والبحثية المنفذة في بحيرة ناصر ومشاركة المعلومات والمعرفة الناتجة من هذه المشروعات واستخدامها والاستفادة منها ونشرها بين كل الفئات.
ويحذر سمير غبور رئيس اللجنة الوطنية المصرية في برنامج الانسان والمحيط الحيوي بمنطقة اليونسكو ورئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الافريقية من خطورة التغير المناخي في مصر والعالم كله.
ويؤكد الدكتور سمير أن هناك تغيرا مناخيا وايضا الاحترار العالمي والاحترار يعني ارتفاع درجة الحرارة تدريجيا علي مستوي العالم وما يحدث من تغير مناخي هو نتاج الاحترار الحراري, ولخطورة الموقف ركزت محطات الأرصاد علي منطقة بعينها ألا وهي مصر وإثيوبيا في الدراسات العلمية في الوقت الذي قام العالم المصري عطية طنطاوي بدراسة وجد فيها أن المدن المصرية المحاطة بالصحراء مثل اسوان زادت درجة الحرارة فيها درجتين والمدن التي وسط الزراعات مثل القاهرة والاسكندرية زادت درجة واحدة.
وترجع الدكتورة سامية عبد العزيز( مدرس بجامعة قناة السويس) ضرورة وضع الاستراتيجية للتأقلم بداية بأسوان لأسباب اهمها أن بحيرة ناصر تحتوي علي المخزون الرئيسي للمياه لكل انحاء مصر فتصل سعتها إلي نحو165 مليار متر مكعب وهو يمثل ثلاثة أضعاف حصة مصر من المياه طبقا لاتفاقية حوض النيل, ومع تزايد أعداد السكان وتبني الحكومة المصرية سياسة قومية لتوطين الناس في وادي النيل المكتظ بالسكان.
ومن أجل ذلك قامت مؤسسة الشرق الادني مركز خدمات التنمية بعمل مشروع التغير المناخي وأثره علي المياه والصحة بالتعاون مع جميع القطاعات المعنيه ووضعت استراتيجية لقطاع الصحة ولقطاع الزراعة وذلك لتجنب المخاطر الصحية وتوفير الوسائل والادوات اللازمة للوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الماء.
متاعب المنتفعين
علي الطبيعة داخل قري المشروع كلابشه وبشائر الخير وجرف حسين تقابلنا مع المزارع حربي حمدي رئيس جمعية المجتمع إذ يقول كنا من المزارعين الذين يطلق عليهم تحت الصفر فلا نملك قوت يومنا ولكن منذ نحو أربع سنوات وبالتحديد عقب زيارة الرئيس حسني مبارك لقرية كلابشة وبشائر الخير وجرف حسين تم توطيننا وامتلكنا الأرض من خلال مشروع العون الغذائي وأصبح لكل مزارع خمسة أفدنة واستقرينا مع أسرنا وأطفالنا حيث قام المشروع ببناء قري ثابتة فبعد ما كانت الزراعة شاطئية اصبحت دائمة بعيدة عن منسوب الغرق وتم تركيب شبكات ري حديثة غالية الثمن وتم التعاقد مع شركات كبري وجاء مشروع المؤسسة وأفدنا إفادة بالغة بمعلومات كثيرة عن تنوع المحاصيل وطرق الري وغيرها ولكن ينقصنا الكثير, وتواجهنا العديد من المشاكل الناتجة عن طبيعة المكان الذي يبعد عن أسوان بنحو155 كم تقريبا.
ويستكمل السباعي زيدان عبد الحميد مزارع من سوهاج ومستوطن في قرية بشائر الخير أنه من المنتفعين من مشروع العون الغذائي وكذلك مشروع التغير المناخي ولكن كيف يكون هناك رعاية صحية ويتواجد الطبيب والأدوية والأمصال في ظل عدم وجود الكهرباء في القرية التي تصل حرارة الجو بها50 درجة فأكثر, فنحن نعيش في ظلام دامس ونستخدم المولدات الكهربية التي تعمل بالسولار لتشغيلها لعدد ساعات قليلة تعد علي أصابع اليد الواحدة مقابل35 جنيها تسدد لهيئة تنمية السد العالي, ونحن نطالب المسئولين بتوصيل الكهرباء للقري الثلاث كلابشة وبشائر الخير وجرف حسين حتي نتمكن من الاستمرار في هذه القري.
ساحة النقاش