هل استوعبت نظريات التّعلّم(الاستقبال) ** (رجوع)
هل استوعبت نظريات التّعلّم
العمليّة التّعلّمية التّعليميّة ؟
تأليف غازي الزيش
متفقد أول المدارس الابتدائية بالمنستير2
للتعلم صور مختلفة يتداخل بعضها في بعض ويؤثر بعضها في بعض. فهل هي أنواع يختلف
بعضها عن الآخر اختلافا جوهريا بحيث يجب تفسير كل واحدة منها بنظرية خاصة، أم أنها
يمكن أن تردّ جميعها إلى نظرية واحدة مشتركة ؟
لقد أدى اختلاف العلماء في تفسير ظاهرة التّعلم إلى ظهور نظريات مختلفة للتّعلّم.
ومهما يكن من أمر هذا الاختلاف، فان كل نظرية تستهدف الكشف عن كيفية حدوث التعلم
وصوغ القوانين التي تهيمن عليه وكل نظرية تسهم في إثراء هذا الميدان وتفسح مجالا
أوسع وأرحب لفهم تشعب وتعقد ظاهرة التعلم... فهل يندرج إسهام البنائية البياجسيّة
في هذا السياق؟ وهل تمثل إسهامها فعلا في رفت جبرية النظريات الفطرية الجشطليّة
وخطر السلوكية الإيديولوجي؟ وهل سمحت للفرد بمرونة المواقف والتأويلات؟
بدءا، لنا أن نتساءل فنقول : فيما تمثلت جبرية الجشطلت وهل هي نظرية جبرية على
الدوام؟ وما مفاد الإيديولوجية السلوكية؟ وبالتالي ألا تتمتع ببعض الايجابيات؟
أليست البنائية البياجسية محل نقد؟
جملة من التساؤلات تدفعنا حتما إلى تحليل هذا الرأي القائل بمرونة البنائية
البياجسية ووقوفها حائلا بين جبرية الجشطلت وخطر السلوكية الإيديولوجي.
لقد ظهر علم نفس الجشطلت بألمانيا ورواده الأوائل هم ماكس فيرتهيمر، وكوهلر وكوفكا
وكيرت ليفين. وجاء اتجاههم مخالفا للسلوكيين الذين يعتبرون الكائنات الحية سلبية
ويرون أن التعلم يحدث كنتيجة ارتباط بين مثيرات واستجابات. لذلك خالفهم الجشطلتيون
الرأي ورأوا أن الكائنات الحية ايجابية بالفطرة في تفاعلها مع البيئة وان معظم
السـلوك ينتـج عن الـدوافع الداخـلية بدلا مـن المـثيرات الخارجية وان كل الإدراك
الحسّي ذاتي يـقول "ليبتتر Leibnitz: " بان العقل ليس سلبيا وليس صفحة بيضاء
ولكنه مدفوع ذاتيا وناشط في التعامل مع الأشياء التي يدركها والخبرات التي يمر بها
طبقا لطبيعته الكامنة فيه. ولذلك ينبغي ألا ننظر إلى الفرد على انه مجرد مجموعة أو
تشكيلة من الأفعال، ولكن على انه مصدر للأفعال وان الأنشطة التي يمارسها ليست مجرد
نتيجة لمثيرات ولكن على أنها أنشطة هادفة ".
لذلك قامت الجشطلتية في بدء أمرها كردّ فعل على المدرسة الارتباطية التي سادت مجال
علم النفس في القرن التاسع عشر هذه المدرسة التي غالت في نزعتها التحليلية
التجزيئية، وقد ركز الجشطلتيون اهتمامهم على الخبرة المباشرة منتهجين في ذلك منهج
التفكيري الظهوري لـ Edmund Hasserlواستقوا منه بالأساس مقولة التفاعل بين الذات
والموضوع وهي مقولة جدلية بوجه عام.
فالفلسفة الظهورية تسلّم بأنّ أصول المعرفة تكمن في العلاقة العيانية المعيشة
بالعالم، لذلك يعتبر أصحاب نظرية الجشطلت أن الشيء الواقعي يتمثّل دوما في ما تدركه
فقط. فإذا أعطى كل الناس الحكم الإدراكي نفسه فان هذا الحكم هو الواقعة الحقيقية.
وهنا تتجلّى جبريّة الجشطلت الفطرية إذ لا خيار للفرد في إدراكه إلا باتفاق
المجموعة حول المدرك أي أن الإدراك الذاتي المتميّز والمتفرّد لا قيمة له في غياب
الإجماع.
ويتّضح مما تقدم أن مجال الإدراك احتلّ موقعا مركزيا في النظرية الجشطلتية. والواقع
أن الدراسات في هذا المجال قدّمت نماذج لتفسير الكثير من الوقائع الأخرى كالذاكرة
والذكاء والابتكار والاستدلال والانفعال الخ... والذكاء على سبيل المثال يتحدّد عند
الجشطلت بالقابلية للتكيف وإمكانية الابتكار وحلّ المشكلات وانه لابدّ من وجود
مشكلة لدراسة الذكاء، ولا مشكلة حين تكفي استجابة غريزية أو عادة لإرضاء الحاجات.
وهكذا نرى أن الجشطلت يعتبرون التعلم منطويا على رؤية الأشياء وإدراكها كما هي على
حقيقتها. والتعلم عندهم في صورته النموذجية عملية انتقال من موقف غامض لا معنى له،
أو موقف لا ندري كنهه إلى حالة يصبح معها ما كان غير معروف أو غير مفهوم أمرا في
غاية الوضوح ويعبّر عن معنى ما يمكن فهمه والتّكيف معه في الحين.
هذه إذن لمحة عن الجبرية الفطرية الجشطلتية في أسسها الفلسفية وتصوّراتها للتّعلم،
وقد لاحظنا أن هذه النظرية نشأت كردّ فعل على النظريات السلوكية التي ركّزت على
تأثير البيئة في الكائن الحيّ. فما هي ملامح وأسس السلوكية وفيما يتمثل خطرها إن
كان لها خطر؟
يعتبر جون لوك Locke من أهم الفلاسفة الذين استندت إليهم الحركة السلوكية في
تصوّرها لطبيعة الإنسان. يقول لوك Locke :" إن عقل الطفل الوليد صفحة بيضاء خالية
من الأفكار والمعاني الأولية وان الأحاسيس والخبرات والارتباطات التي يتعرّض لها
الطفل تترك علاماتها على هذه الصفحة، وبالتالي فان البيئة هي القوة المحدّدة للنموّ
البشري وبالتالي فالإنسان سلبي ولا يصدر عنه ردّ فعل إلا إذا حرّكه مثير..."
من هنا كان التعلم عند السلوكيين تجميعا لارتباطات بين مثيرات واستجابات. وعموما
فإنهم يرون أن سلوك المتعلم يتكون من مجموعات أو تنظيمات من وحدات صغيرة، وكل وحدة
تتكون من مثير يرتبط باستجابة وترتبط هذه الوحدات ببعضها لتكوّن تنظيما معيّنا هو
العادة .
إن السلوكية ، حسب واطسون Watson، فرع من العلوم الطبيعية يتّخذ ميدانا خاصا له
الحقل الكامل للتكيفات الإنسانية. ولا تلجأ السلوكية إلا إلى طرائق العلوم
الموضوعية، أي طرائق القياس أو الملاحظة الخارجية. وتلعب عملية الاشراط دورا أساسيا
في اكتساب العادات، ومن هنا يبرز الخطر الإيديولوجي لهذه النظرية. فواطسون يقول :"
نحن نستطيع بوجه عام التنبؤ بما سيقوم به الآخر انطلاقا مما لدينا من حد أدنى من
المعلومات عنه وبدون ذلك تصبح الحياة الاجتماعية مستحيلة" .
واستجابة الكائن الحي ، حسب وجهة نظر السلوكيين ، دائما موجّهة ذلك أنها تؤدي بوجه
عام إلى التوافق أو التّكيف، وإذا لم يحصل التوافق فان مثيرات جديدة تتدخل... وهذا
ما يحدث في التعامل مع الذات البشرية داخل النظم المعتمدة على الإيديولوجيات
المتعلقة والمتحجّرة، والنازية في عنفوانها خير مثال ودليل على ما نقول ومما لا شك
فيه أن السلوكية تجد جذورها في النزعة النفعية التي سادت وما تزال المجتمعات
"الانجلوسكسونية " ولا سيّما في مستوى الفعالية والجدوى على الطريقة الأمريكية.
فإزاء فرد معيّن يتعيّن بصورة أساسية معرفة ما يقدر عليه هذا الفرد وما يمكن أن
يكون عليه مردوده. يقول واطسون :" يتمثّل هدفنا في معرفة ما هو حسن أو ما هو سيئ
بالنسبة للإنسان وفي معرفة كيف نوجّهه في الطريق السليم..." وهكذا نرى أن خطر
السلوكية يتمثل فعلا في توجيهها للسلوك الإنساني يستوي في ذلك بالنسبة إليها
الإنسان والحيوان.
لكن بين الجشطلت والسلوكية نجد نظرية تقف حائلا بين تطرّف هذا وذاك وتسمح للكائن
الحي بمرونة مرافقه ألا وهي النظرية البنائية. فما هي أسسها؟ وما هي أهدافها؟. صاحب
هذه النظرية هو جون بياجيه J. Piaget الذي تأخّر بكانط Kant محدّد قدرة الإنسان
بمعرفته للحقيقة وتأثير كانط على بياجيه واضح خاصة وان بياجيه اهتم بقضايا
ابستمولوجية (قضية المعرفة اكثر من قضية التعرف) ويتفق العالمان في كون التعلم
يتطلب معرفة سابقة لبعض المفاهيم الاساسية المتعلقة بالزمان والمكان ، لكن في حين
يعتبر كانط أن هذه المفاهيم لا يتعلّمها الإنسان كلها لأنها فطرية يذهب بياجيه إلى
أن الأطفال في نموهم المسترسل يقومون ببناء هذه المفاهيم تدريجيا من خلال عملية
الموازنة Equilibration .
إذن يرى بياجيه أن التعلم هو ما يفعله الإنسان بالمثيرات وليس ما تفعله المثيرات
به، أي أن التعلم عملية تنظيم ذاتية تؤدي إلى فهم العلاقات بين عناصر المفهوم
الواحد المحدد وفهم كيفية ارتباط هذا المفهوم بغيره من المفاهيم التي سبق تعلمها.
وبعبارة أوضح، فان التعلم عند البنائية هو ما نفعله وليس ما نراه أو نسمعه فقط. فلا
بد من ممارسة أنشطة وتمرينات على الأشياء المراد تعلمها ، وهذه الأنشطة تشمل
التعبير اللفظي والسلوكي وذلك حتى يتم اكتساب المعلومات في شكل بنيات مترابطة.
أما مجرد المشاهدة والاستماع فانه يقود إلى مجرد التعلم اللفظي.لذا يجب وضع الطفل
في بيئة تعلم نشيطة وفعالة وممارسة أساليب الاكتشاف الذاتي التي يركز عليها بياجيه.
والتعلم عند بياجيه أيضا حالة من حالات النـمو ويقـول في ذلك :" إن التطور الذهني
للفرد عملية بنائية مستمرة والتطور عملية تدريجية للتوازن وهو انتقال دائم من حالة
توازن دنيا إلى حالة توازن أرقى."
وتتمثل مرونة النظرية البياجسيّة في اعتبارها التعلم عملية تدريجية من عمليات إبعاد
الأخطاء عن طريقة إعادة التفكير في الأسباب التي أدت إلى الوقوع في تلك الأخطاء.
يقول بياجيه في هذا الشأن :"... وما دام التعلم حالة من حالات النمو وما دمنا نعترف
أن عجز الأطفال عن الفهم وحل المشاكل راجع لما يتطلبه الموقف من معرفة تفوق مرحلة
نموّهم وتطورهم الحالي، فإننا قد لا نعدل في حقهم عند اتهامهم بعدم الانتباه أو
بالتراخي وعدم الميل إلى التعلم وما شابه ذلك "
والحقيقة في نظر بياجيه. هي أن الطفل يخطئ لأنه لم يتمكن بعد من الموازنة التي تقوم
على التنظيم الذاتي وذلك لغياب خطة تمثلية تجعله غير قادر على فهم العلاقة بين عدة
أحداث رغم رؤيته لكل حادث على حدة، أو لعدم تمثله لسؤال هام يطرح عليه من قبل
المعلم يجعله يجيب عشوائيا.
وعندما نترك الطفل يبني أسئلته بنفسه وهو يمارس الوضعية، فان هذه الأسئلة، وحتى
التافهة منها، نابعة من قاعدة معرفية يعيها الطفل ويفهمها أما الأجوبة التي يأتي
بها فهي أيضا متأتية من نفس القاعدة المعرفية بحيث تكون متّسقة مع الأسئلة التي
بناها وتهدف إلى اختيار هذه الأسئلة .
وهكذا، تبنى أسئلة أخرى بصفة تدريجية تجد لها أجوبة جديدة يبتعد بها الطفل شيئا
فشيئا عن الأخطاء ويقترب من الصواب ويتم عندها القضاء نهائيا على الأخطاء عن طريق
الاستدلال ليصل الطفل إلى مرحلة الموازنة المنشودة.
لكن لسائل أن يسأل ويقول :أليست للجشطلت إضافات وللسلوكية إسهامات في ميدان التعلم
بقطع النظر عن سلبياتها ؟ أو ليس للبنائية نقائص وعيوب؟...
إن مزية الجشطلت تتمثل في رؤيتها الايجابية للتعلم على أنقاض السلوكية فهي ترى أن
التعلم ذو معنى وترثي بذلك حال وجهات النظر التي سبقتها والتي تعتبر عملية التعلم
عملية آلية ذاتية عمياء. فالتعلم الحقيقي عند الجشطلت ينطوي على الفهم وليس على
الاشراط وتكوين الارتباطات الاعتباطية وتولي هذه النظرية العوامل المعينة على
التعلم دورا هاما مثل نيّة التعلم والحد الأدنى من بروز وانتظام المواد المراد
تعلّمها. والتعلم أيضا رحلة استكشاف مثيرة تعتمد الاستبصار الذي يمكن المتعلم من
مواجهة المشاكل المتشابهة بسهولة لان ما يتعلمه في الحقيقة هو علاقة بين طرق وأهداف
ووسائل ومن هنا كان لزاما على المعلم أن يركز على الطريقة الموصلة إلى الإجابات
الصحيحة لا على الجواب ذاته، كما ينبغي عليه أن يرسم هدفا لأنشطته يتمثل في تنمية
الفهم وليس الترديد دون فهم للإجابات.
وتتمثل مزية الجشطلت أيضا في هجومها العنيف ورفضها القاطع للتمرينات الميكانكية
الآلية التي هاجمها "فرتهيمر" الذي رأى هذا النوع من التدريبات مشتقا من النظريات
الارتباطية حيث يكون التكرار الأعمى غير منتج وقدّم دليلا على ذلك بعدم قدرة
المتعلم على حل التباين في المشكل عندما يتم تعلم حل هذا المشكل عن طريق الحفظ
والمحاكاة بدل الاستبصار. إلا انه وافق على تعلم بعض المواد عن طريق الارتباط
المدعم بالتكرار كالتاريخ وغيره وإنما يكون ذلك لحد معين حتى لا يحصل العكس.
ولما يرى الجشطلتيون أن الكائن الحي ايجابي بالفطرة فان ذلك يعتبر إسهاما منهم في
التمهيد للنظريات العرفانية بتحكيمهم لمتغيرة هامة في الفعل التعلّمي إلا وهو
الكائن الحي نفسه الوسيط بين المثير والاستجابة حتى لا تظل العملية التعلّمية آلية
بحتة .
وإذا كانت هذه بعض ايجابيات الجشطلت فما هي تلك التي يمكن نسبتها إلى النظريات
السلوكية؟
لئن كان عيب السلوكية الصارخ عدم اهتمامها بالوعي والعمليات العقلية العليا
واقتصارها على دراسة السلوك البسيط في مستوى الشرطية، فان السلوكيين المجددين أمثال
Osgood و Hebb وBandura اهتموا بالمثيرات والاستجابات وبما يجري داخل العقل
المتدخل بين المثير والاستجابة بالنسبة إليهم. فالكائن الحي عندما يواجه بمثير ما
لا يعمل بطريقة آلية: بل يضع في اعتباره المثير على محكّ حاجته وخصائصه لتحصل
الاستجابة المناسبة. فالسلوكية الجديدة تهتم إذن بالعمليات العقلية العليا وتسمح
لنفسها بالتأمل فيما يحدث خلال الفترة الفاصلة بين تقديم المثير وحدوث الاستجابة.
ويبقى علم النفس المعاصر مدينا للسلوكية بالعديد من الأفكار، ومنها بوجه خاص الفكرة
القائلة بان كل ما يمكن أن نعرفه عن نفسانية الكائن الحي يستند إلى ما يمكن أن
نعرفه عن سلوكه. إلا أن نظرة هذه المدرسة للسلوك نظرة مفتقرة لثراء هذا السلوك وقد
تتناسب في وضعها هذا مع بعض أنماط السلوك الحيواني ومع الأفعال البسيطة المنعكسة
ولا تتلاءم مع الأنماط المعقدة للسلوك الإنساني فالكائن الإنساني المتوسط بين
المثير والاستجابة نشيط بطبعه وتجري داخله عمليات فيزيولوجية ونفسية قد لا تظهر على
مستوى الاستجابات الملموسة ورغم ما قيل أنفا تبقى بعض مبادئ السلوكية في التعلم
صالحة خصوصا في مستوى المواد التي لا تتطلب جهدا ذهنيا معقدا كالأسماء والتواريخ
وغير ذلك...
وإذا كان للجشطلت والسلوكية بعض الايجابيات إلى جانب السلبيات فهل للبنائية عيوب
وثغرات؟
إن أهم نقد وجه للنظرية البنائية البياجسية يتعلق بتجزئة مراحل النمو وفصلها عن
بعضها البعض في شكل فترات مستقلة تعتمد أساسا التحديد العمري مرورا بالخصائص
الذهنية لكل مرحلة وانتهاء بنواتجها المحتملة والمفترضة... وكان الفرد موضوع هذه
التجزئة ثابت لا يتغير مهما كانت الظروف المحيطة به : فبياجيه اعتبر تقسيمه العلمي
نموذجا قارا modèle standard يحتذى به والواقع يناقض توجهه. ذلك يمكن اعتبار
النظرية البياجسية مفتقرة إلى المرونة في هذا المستوى ولا تلائم كل الأوساط
الثقافية والاجتماعية وبالتالي لا يمكن اعتمادها في مجال التعلم الإنساني بمعناه
الكوني Universel. وفيما عدا ذلك تظل أعمال بياجيه ذات قيمة ثابتة في مجال التربية
والتعليم ومن يتصفح كتبه عن كيفية تعلم الطفل لمفهوم الزمن والحركة والمكان والمنطق
يتبيّن قيمة ما وفرته أعماله على مستوى صياغة البرامج التعليمية ومناهج التدريس وقد
لاحظ Challager في كتابه :"إدراك ما يمكن للطفل معرفته: " أننا أصبحنا في المرحلة
الثالثة من مراحل التطبيق التربوي لنظريات بياجيه وهي مرحلة تطبيق نظرية الموازنة
على عمليات التعلم" .
وكنتيجة لهذه الدراسة التحليلية بين الجشطلت والسلوكية والبنائية يتضح لنا أن مجال
التعلم ارحب من أن تستوعبه هذه النظريات الثلاث. فالإشكال يبقى دوما قائما
وماثلا... فهل تتعلم المادة والموضوع في أي شكل يعرض علينا أم في شكل يتناسب مع
مراحل النمو التي نمر بها ؟ أم أننا كمتعلمين مجرد جهاز استقبال للمؤثرات الخارجية
؟ أو أن الأمر خلاف ذلك حيث أن أقصى ما يمكن أن نصل إليه كامن فينا منذ البداية ؟
فما هي أهمية الدوافع والحوافز في عملية التعلم ؟ ما هي أهمية الثواب والعقاب ؟ ما
دور الفهم والتبصر في التعلم ؟ هل صحيح أن هناك أشياء نتعلمها بصورة آلية وأخرى
تتطلب جهدا لفهمها وتمثلها؟ هل أن تعلّم أمر يساعد على تعلم آخر ؟ وأسئلة عديدة تظل
عالقة بأذهاننا... إلا أن المؤكد هو انه ليس هناك نظرية شاملة للتعلم وذلك لان كل
سؤال يجد أهميته وجوابه في نظرية معينة ولان علم النفس معقد، الأمر الذي يجعل
متغيراته غير قابلة للحصر ويعود الأمر لذلك إلى طبيعة النشاط الذي نمارسه ذلك أن
لكل نشاط إطاره المرجعي. وباختلاف هذه الأطر تتولد التباينات ويبقى الهدف مختلفا
بالنسبة للمنظرين.
وسواء وقفت البنائية البياجسية موقفا وسطا مرنا بين الجبرية الفطرية الجشطلية وبين
الخطر الإيديولوجي للسلوكية فان ذلك لن يشفي الغليل ويظل السؤال المحوري مطروحا على
الدوام: هلا تجاوزنا تباين واختلافات نظريات التعلم وأسّسنا للتدريس انطلاقا من هذه
النظريات ؟
المراجع
1/ مراجع النظرية السلوكية
Watson (J) : Le béhaviorisme (traduction française = Simon Deflaudre)
C. E. P. L. les classiques de la psychologie 1972
Naville (P) : La psychologie du comportement - Gallimard coll. Idées
Tilquin (A) : Le béhaviorisme , origines et développement de la psychologie de
réaction en Amérique. Vrin.
Zazzo (R) : psychologies et psychologues d’Amérique – PUF.
2/ مراجع النظرية الجشطتية :
Guillaume (P) : psychologie de la forme – Flammarion.
Katz (D) : Introduction à la psychologie de l a forme – rivière
Köhler (W) : L’intelligence des signes supérieures – Payot.
Lewin (K) : psychologie dynamique - PUF
3/ مراجع النظرية البنائية :
Piaget (J) : Le structuralisme – PUF. Coll. Q-S-J.
: psychologie de l’enfant – PUF.
: Le psychologie de L’intelligence – Ed. Armand Colin
: psychologie et pédagogie – Paris – Denoël.
Bruner (J) : Le développement de l’enfant = savoir faire – savoir être - PUF
أعلى
ساحة النقاش