فيروس سي.. وباء علينا مواجهته بدعم دولي
حسـن فتحـي
غدا يصادف اليوم العالمي للتوعية ضد الفيروسات الكبدية, وهو اليوم الذي يستدعي منا في مصر وقفة من كافة أجهزة الدولة ورفع الراية الحمراء طلبا للعون الدولي.
بالنظر إلي حجم المشكلة التي تعانيها مصر, والتي ستتصدر قائمة المشهد الصحي في مصر لسنوات عديدة قادمة, حيث يبلغ متوسط الإصابة بالفيروس سي14% بنحو10 ملايين إصابة يضاف إليهم ربع مليون إصابة جديدة سنويا, والإصابة بالفيروس بي4%, والمؤكد أن مرحلة جني مضاعفات فيروس سي, والتي بدأناها حاليا, لن نستطيع محاصرتها بالجهود المبعثرة بل و'المتواضعة' التي تبذل حاليا, مالم يتم' تجييش' كل أجهزة الدولة واستغلال وضع هذه الفيروسات علي قائمة الأوبئة العالمية من خلال اجتماع الصحة العالمية في جنيف هذا الشهر للحصول علي الدعم الدولي لعلاج ومحاصرة المرض..
ويقول الدكتور رضا الوكيل أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب عين شمس ورئيس الجمعية البحثية المصرية لدراسة أمراض الكبد والجهاز الهضمي إن حجم المشكلة في مصر يظهر إذا قارناه بمعدل انتشار فيروس سي عالميا, فالإحصاءات بحسب وزارة الصحة تشير إلي أن متوسط النسبة تبلغ14%, وترتفع في بعض محافظات الدلتا وتقل في سيناء والوادي الجديد, لكن لو نظرنا عالميا نجد النسبة في بريطانيا0.5% والسويد0.3% وأمريكا2% ولاتتجاوز3% في بعض الدول العربية الشبيهة بظروفنا, ما يعني أن معدل الإصابة في مصر مرتفع جدا, والعبء الصحي للفيروس خطير, فإذا علمنا أن80% ممن يصابون بالفيروس يحدث لهم التهاب مزمن في الكبد في خلال20 ـ30 سنة, ونسبة20% منهم يحدث لهم مضاعفات في الكبد, منها سرطان الكبد الأولي, ورغم حدوث طفرات في وسائل علاجه كالكي الحراري أو الحقن الكيماوي بالقسطرة أو الاستئصال الجراحي أو الزرع, لكن نسبة كبيرة تصل للعلاج في مراحل متقدمة من المرض لايصلح معها العلاج بدرجة كبيرة. وقد أطلقت الجمعية حملتين, الأولي بعنوان' معا لحماية الكبد المصري' وتهدف إلي ضرورة التوعية ضد فيروسات بي و أ, لأن اجتماع فيروس بي مع سي يرفع فرصة الإصابة بسرطان الكبد والاستسقاء, وفيروس أ الذي ينتقل بطريق الطعام والشراب, اليوم أصبح يصيب حالات كثيرة في سن الشباب بسبب الوجبات غير الصحية التي يتم تناولها خارج المنزل, والمشكلة أن الإصابة بالفيروس أ في سن كبيرة تكون أشد, والحملة هدفها الدعوة لتناول التطعيم المضاد للفيروس بي وأ.
وأضاف الدكتور الوكيل أن هناك حملة أخري تم إطلاقها24 إبريل الماضي بعنوان' افحص كبدك' وتدعو كل فرد في المجتمع إلي معرفة موقف كبده من الصحة والمرض, لأن حالات كثيرة تكون مصابة دون أن تظهر عليها الأعراض, والحملة انطلقت من محافظة القليوبية وستنتقل إلي مختلف المحافظات تحت رعاية أكثر من20 أستاذا من أساتذة الكبد بكليات الطب, وهي تعد بمثابة دعوة للدولة لتبني مشروع كبير لمعرفة حجم المشكلة في مصر..
والمشكلة قومية, وفق رأي الدكتور حسني سلامة أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بطب القاهرة, ولايمكن حلها إلا من خلال تجنيد كل مؤسسات وأجهزة الدولة لحلها, مع ضرورة الاستعانة بالجهات الدولية, ويجب الإقرار والاعتراف بأن لدينا وباء, يجب مناشدة الجهات الدولية لمساعدتنا في حله, بتوفير الدواء للمرضي بالمجان لمحاصرة المرض, وعلينا أن نحذو حذو جنوب أفريقيا في تعاملها مع مشكلة الإيدز, ولكي نقدر حجم المأساة التي نحن مقبلون عليها بعد10 سنوات, تجدر الإشارة إلي حالة القلق التي تسود الجهات الصحية في أمريكا اليوم, إذ لديهم4 ملايين حالة فيروس سي تكلفهم3 مليارات دولار, سيرتفع هذا الرقم إلي13 مليارا بعد7 سنوات, فإن كانت أمريكا لديها هذه الحالة من القلق, فلماذا نظل نحن في حالة اطمئنان غير عادي, ولدينا10 ملايين حالة يضاف إليهم سنويا250 ألف حالة جديدة, في حين أن وزارة الصحة عبأت البلد كلها في مشكلة انفلونزا الخنازير, وثبت في النهاية أنها وهم كبير جري عالميا لصالح شركات الأدوية.
ومن أسيوط أعلن الدكتور أحمد مدحت نصر أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بطب أسيوط أن جامعة أسيوط ستتبني بالتعاون مع الجمعية المصرية للفيروسات الكبدية خطة طويلة المدي لمنع انتشار فيروس سي في صعيد مصر, سيتم خلالها التركيز علي أهم طرق انتقال العدوي, والتي تتم داخل المستشفيات, كما يحدث في كل دول العالم, وطرق التعقيم التي يجب أن نقر بأننا نعانيها في مصر, إضافة إلي التوعية داخل الأسرة الواحدة, خاصة في حال وجود إصابة داخل الأسرة, ويطالب الدكتور مدحت نصر بأن تتحول مراكز علاج فيروس سي التي أنشأتها وزارة الصحة إلي مراكز للعلاج والوقاية في نفس الوقت, وأن تكون التوعية جزءا مهما من دورها, إضافة إلي توفير التطعيمات ضد فيروسي بي وأ, لاستكمال منظومة الوقاية والعلاج ضد الفيروسات الكبدية.
ساحة النقاش