التربية على القيم الإسلامية ، وأثرها في مجال الإعلام
الرجوع إلى قائمة المقالات
التربية على القيم الإسلامية ، وأثرها في مجال الإعلام .
يستطيع الإعلام أن يخلق صورة سيئة عن إنسان ما ، أو شعب ما ، كما أن له قدرة على خلق صورة إيجابية ، وان لم تكن حقيقية عن إنسان آخر أو شعب آخر وعن طريق سلطة الإعلام ودورها في تكييف الإطار الفكري للإنسان، نخلص إلى أن الوسائل الإعلامية تلاحق الفرد في العصر الحديث أينما كان ، وبغض النظر عن مكونات العقلية المرجعية فإننا نجده مستعدا للتجاوب مع الخبر والصورة بشكل كبير ، ويبقى الصدق والكذب وقواعد الإعلام مثل "الخبر مقدس والتعليق حر "تخضع للنسبية المرتبطة بأخطبوط إعلامي موجه لخدمة أهداف معينة ، ليست بالضرورة في صالح المستمع بل توجيهه والتأثير عليه ، وقد أضحى الارتباط متينا بين المؤسسات السياسية والإعلامية ، ولم تعد الاستقلالية واردة على الإطلاق ، فلن يمكن بأي حال من أن تخرج توجهات محطات الإرسال التلفزيوني في الولايات المتحدة مثلا عما تخططه المؤسسة الحاكمة في إطار النظام العالمي الجديد ، وكم كان الإعلام الغربي مقدمة ممهدة لضربات عسكرية موجعة في عدة مناطق من العالم عن طريق استعداء العقلية الغربية باستعمال مصطلحات" الإرهاب "التطرف"الشرعية الدولية"التدخل لحماية حقوق الإنسان "إعادة الأمل"فيشعر الشارع الأوروبي إما بالتعاطف مع العمليات العسكرية أو بالخوف على المصالح الذاتية .
ولقد أصبح المسلمون اليوم بعد فترات الانحطاط يعتمدون على وسائل الإعلام الأجنبية. في مادتهم الإخبارية التي ترتبط في كثير من الأحيان بمركزية الغرب، وفي كثير من الأحيان الأخرى بالمؤسسات الصهيونية.التي تعمل عبر شركات دعاية إعلامية ترصدها الأموال الطائلة لصناعة أبطال مزيفين ، وتهميش كل من لا يدور في فلك هذه المؤسسات أو يعمل ضدها.
إننا نجد في الإسلام ضمانات الخبر الصادق واستقلال المؤسسة الإعلامية نظرا لتحملها المسؤولية في تحري الدقة، انطلاقا من قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "[1] وقوله تعالى: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"[2] وقوله (ص) : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"[3].
وقد صدر مقال للأستاذ محمد ادريس، من إسلام أباد في مجلة العالم اللندنية[4] يتحدث فيه عن قوانين الصحافة كما وضعها القرءان الكريم من خلال قصة النبي سليمان عليه السلام مع الهدهد في سورة النمل ومن الموازين الصحفية التي ذكرها :
• احتواء الخبر على الجديد بالنسبة للسامع ،وهذا واضح في قوله تعالى على لسان الهدهد : " أحطت بما لم تحط به"[5] .
• كون الخبر مؤكدا في قوله تعالى : " وجئتك من سبأ بنبا يقين "[6] فليست الصحافة الإسلامية صحافة تزييف وتزوير .
• تحديد الزمان والمكان ووصف الحالة وهذا وارد في ثنايا القصة.
•الصحافة الميدانية أرقى صور الإعلام المعاصر وهذا متوفر لأن الهدهد صحافي لم يعتمد تغطية الحدث من مكتبه وإنما زاره ميدانيا "وجئتك من سبأ بنبأ يقين"[7]
• تجرد الخبر عن أي مؤثرات ، وعدم استجابته لأي ضغوطات، فالهدهد نقل الخبر وانتقد الأخطاء دون أن يخشى ملكة سبأ.
إن ميدان الإعلام يحتاج إلى تربية وتكوين يضمنان تواجد أخلاق المهنة ويتحرر الإعلام ليصبح أداة ترشيد وتثقيف عوض أداة ضغط وتزييف. وذلك عن طريق تطعيم برامج التدريب بالبعد الأخلاقي سواء في المناهج أو المواد الدراسية لأن الواقع الحالي يتحدث عن ضعف الحس إعلامي القيمي والأخلاقي عند كثير من معدي البرامج عموما، أو عن خبرة ضعيفة عند معدي البرامج الدينية خصوصا فلا هذا ولا ذاك نريد، إنما نريد إعلاما متطورا منضبطا إلى التوجهات التربوية الإسلامية وأساسيات الإعلام الحر النزيه.
[1] الحجرات، الآية 5
[2] سورة ق، الآية 18.
[3] رواه البخاري
[4] مجلة العلم اللندنية ع.24، 1986.
[5] النمل الآية 21.
[6] النمل الآية 21.
[7] النمل الآية 21
ساحة النقاش