الامم المتحدة بكل منظماتها, والجمعيات الأهلية بجميع متطوعيها, وكل الدول والحكومات في العالم دون أي استثناء لاتستطيع القضاء علي الفقر. ولا حتي تستطيع أن تعد بذلك, فالفقر أمر واقع طالما علي الأرض حياة, لكن القضاء علي الجوع ممكن حيث اثبتت الدراسات في انحاء العالم أن ظاهرة الجوع في دولة ما, ليست انعكاسا بالضرورة لضعف النظام الاقتصادي بقدر ماهي انعكاس لضعف التكافل الاجتماعي بين الناس, وليست نقصا في الموارد بقدر ماهي نقص في الدين والاخلاق! في جدول( مؤشر الجوع العالمي) يقع اسم مصر في موقع افضل حالا من دول أخري منها الصين والسعودية وإيران والجزائر والأردن والبرازيل لكن الجدول ذاته يؤكد أن الجوع في مصر الآن وصل الي مستوي يجب الانتباه إليه والحذر من خطورته, وصارت معدلاته تتفوق بفارق ملحوظ علي معدلات الجوع في شيلي وكوبا والارجنتين وليبيا وسوريا ولبنان!! ورغم ان الدراسة الميدانية المحايدة التي أجراها بنك الطعام المصري ذاته, تكشف عن3 ملايين جائع في مصر, دون عائل وليس لديهم أي قدرة علي العمل أو كسب العيش, لكن الخير والامل والرحمة لم تنفد من القلوب مثلما ينفد الخبز من الافران قبل أن تطوله يد المحتاجين, لذا استطاع بنك الطعام ان يصل بامداداته الي الجوعي في القري والنجوع وبيوت المساجين والمحتاجين في الواحات والعشوائيات وعبر الحدود ويغيث المتضررين من السيول ويصل للتلاميذ الفقراء في المدارس ويطعم أفواها لم تذق طعاما جيدا منذ شهور وسنوات. وحده( بنك الطعام) الذي وعد بالقضاء علي الجوع ومحو آثاره من مصر بحلول2025, وفق خطة علمية تطبق من الآن, بميزانية وصلت الي أكثر من3 مليارات جنيه, كلها عائد مشروعات وتبرعات مصرية100%, جعلت قناة الـCNN الامريكية, تلقي الضوء عليه وتتحدث عنه كأهم منظمة أهلية ذات مواصفات دولية في منطقة الشرق الأوسط والعالم النامي! (هنية) تلميذة في أولي ابتدائي ـ مدرسة الشهيد حمدي ـ قرية ابو الريش ــ اسوان. يوم الخميس الماضي تغير جدول الحصص في فصلها, ودخل فصلها مجموعة من الشباب, قال المدرس انهم قافلة بنك الطعام, لكن هنية لم تفهم الا بعد أن وجدت في يديها الصغيرتين لفة كبيرة, عرفت انها هديتها من بنك الطعام, وابتسمت حين ادركت أن الهدية كراسات واقلام ملونة وفوطة وصابون لتغسل يدها ووجهها كل يوم وتتقي الأمراض, وكانت هذه الهدية الخاصة وحدها كفيلة بان تشعر هنية بسعادة بالغة, فهي هدية جاءت من مصر( كما يطلقون علي القاهرة في اسوان) خصيصا لها, وعليها( رسمة) هي شعار بنك الطعام الذي صار معروفا عند اهل القرية منذ اطاحت السيول ببيوتهم وشردت كثيرا منهم, فعاشوا في الخيام, تأتيهم كل اسبوع كرتونة بنك الطعام ممتلئة بالفصوليا والمكرونة والسكر والشاي ومعلبات البامية والسبانخ واللحوم والفراخ أو السمك. ـ سألت هنية:( عايزة تطلعي ايه لما تكبري؟) ـ اجابت بابتسامة حب عريضة: عايزة اطلع شاطرة(!) ـ قلت لها: أقصد ماذا تحب أن تعملي عندما تكبرين؟ ـ قالت: عايزة ابقي مدرسة وأعلم العيال (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به) (حب لأخيك ماتحبه لنفسك) (بالعمل والتعاون نبني المستقبل) علي جدران الفصول وجميع حوائط المدرسة المتهالكة تقريبا, عبارات كهذه العبارات الداعية إلي الحب والتعاون والعمل.. وللأمل وجود محسوس في المكان رغم الفقر والامكانات الضعيفة جدا.. التلاميذ بسطاء طيبون, والبسمة دائما أقرب ماتكون للوجه الاسواني الأسمر, طموح التلاميذ بسيط للغاية وكذلك المدرسون. يقول الدكتور رضا سكر مدير بنك الطعام: ان البنك يتكفل بمساعدة اصحاب المشاريع الصغيرة في مرحلة البداية, وحتي يستقر مشروع كل منهم ويسدد اقساط القرض, نتكفل من جانبنا بتوصيل كرتونة بنك الطعام لأسرته كل شهر ليتفرغ هو للعمل ونمو مشروعه ونجاحه, وحين يقف المشروع علي اقدام ثابته نترك له مهمة تدبير تكاليف معيشة اسرته. ويكمل د. رضا: نجاح تجربة بنك الطعام المصري, جعلته الآن يخرج للتعاون عربيا مع مؤسسة محمد بن راشد في الامارات و(تكية أم علي) في الأردن مع دعمنا بالخبرة والتعاون لمؤسسات لها نفس التوجه في السودان وسوريا وفلسطين والسعودية, تحت ما اسميناه( التحالف العربي ضد الجوع). نجح بنك الطعام أن يثبت ان في مصر احلاما عظيمة قابلة للتحقق, ليس هذا فحسب بل إننا علي حد قول معز الشهدي ـ عضو مجلس ادارة البنك ـ يجب ان نتجرأ علي الاحلام اكثر مما نفعل بكثير. لقد بدأ بنك الطعام( فكرة) وانتهي الي كيان إداري ضخم كأي بنك اقتصادي استثماري, ومشاريع ودورة عمل انتاج تبدو كما لو انها تنمو بمتوالية هندسية, حتي وصل رأس مالها الي اكثر من3 مليارات جنيه مصري. في أحد فنادق الخمس نجوم, الأكثر فخامة وشهرة بالقاهرة, أقمت حفل زفاف ابني وبلغ عدد المدعوين1200 شخص, لكن سعادتي كانت اكبر حين علمت ان الفائض من( البوفيه المفتوح), كان يكفي4600 وجبة من الطعام الجيد الذي لم تمسه يد, واستطاع بنك الطعام ان يوصله الي المحتاجين في بيوتهم, بسيارات مجهزة لحفظ الأغذية, فكأنما احتفلنا بالفرح مع5800 مدعو معا! هكذا عبر احد رجال الاعمال عن تجربته مع بنك الطعام المصري, الذي استطاع بعد اقل من5 سنوات هي كل عمره منذ انشائه, ان ينال ثقة جهات دولية ومنشآت سياحية عديدة, جعلت عشرات المطاعم والفنادق السياحية الكبري, بالعاصمة والمحافظات, تتبرع له بكل ما زاد من طعام الحفلات والولائم والمناسبات, كجزء من دورها الاجتماعي, وهي علي ثقة أن الطعام سيصل لكل جائع مستحق علي الشكل والمستوي الامثل.
|
ساحة النقاش