اللغة العربية شعار الإسلام وإتقانها دين |
عمرعبدالجواد |
أكد المفكر الإسلامي د. عبدالحليم عويس أن اللغة العربية تواجه أزمة حقيقية ملموسة وللأسف مسكوت عنها في ذات الوقت نتيجة أن اغلب الجيل الجديد يتجهون لدراسة الإنجليزية والفرنسية. بدافع من أولياء أمورهم لزيادة حظوظ أبنائهم في فرص العمل مستقبلاً. لاعتقادهم أن تعلم العربية شئ غير منطقي. ولا يمت للواقع العملي بصلة. نتيجة قلة الاستثمارات العربية في التعليم. وبالتالي أصبح المجال مفتوحا للمدارس الأجنبية التي جاءت للدول العربية بأجندة هدفها القضاء علي الهوية الثقافية. وخلق جيل من الشباب لديهم إيمان كامل بالمبادئ والأخلاقيات الغربية التي لا تتفق والأصول الإسلامية. وقد نشر قريبا تقرير صحفي في أبوظبي يقول: إن عدد المنتمين لقسم اللغة العربية بجامعة الإمارات خلال العام الحالي بلغ خمسة أشخاص. وهو الرقم الأقل في تاريخ الجامعات ووصف التقرير بأنه يعكس واحداً من أهم المخاوف التي تعيشها الأمة. مما يؤكد أننا في أزمة فعلية فاللغة العربية أداة مرتبطة بالثقافة وبيئة المنطقة. فإذا كانت الاداة غير فعالة. كيف يمكننا أن نقدم شيئاً ذا قيمة. وفي كردستان بالعراق يتم منع تدريس اللغة العربية. وقد يصل الأمر إلي فرض عقوبات علي من ينطق بها. وتنتشر الانجليزية والفرنسية في لبنان بقوة. وفي مصر تنتشر الدعوات لاستخدام اللغة المصرية العامية. بينما تهيمن اللغة الفرنسية علي السنة سكان المغرب العربي. أضاف: أن اللغة العربية شعار الإسلام كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" باعتبار أن اللغة العربية لا تنفصل عن الدين ولا ينفصل عنها. فقد نزل بها القرآن الكريم المشتمل علي بيان الواجبات والحقوق. مما يجعل تعلمها واتقانها ومعرفة قواعدها وأسرارها فرضاً واجباً. لأن فهم الكتاب والسنة ومعرفة أحكام الدين من الأمور المعينة علي المسلم وهذا لا يتم إلا بفهم اللغة العربية لغة القرآن والدين والتراث. حتي أن ابن تيمية جعل الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام مكروهاً فاعتياد لغة العربية يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيراً قوياً بيناً. وبناء علي ذلك يعد تعلم اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرضاً واجباً. ففهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية. وما لا يتم الواجب إلا به. فهو واجب. ثم منها ما هو واجب علي الأعيان ومنها ما هو واجب علي الكفاية فقد كتب سيدنا عمر بن الخطاب إلي أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قائلا: "أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي "وفي وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم" وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية. وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه. لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال. ففقه العربية هو الطريق إلي فقه أقواله. وفقه السنة هو الطريق الي فقه أعماله ولكن للأسف نري اليوم أناسا يتصدرون للدعوة وتتنافس القنوات الفضائية في استضافتهم وهم ليسوا من أهل هذا الشأن لا يكادون يقيمون جملة واحدة صحيحة من العربية وقد كان الإمام مالك رحمه الله يتوعد من يفسر القرآن وهو يجهل لغات العرب قائلا: "لا أوتي برجل يفسر كتاب الله غير عالم بلغات العرب إلا جعلته نكالا "وكان الأصمعي وهو إمام في اللغة يتهيب تفسير القرآن الكريم حتي أنه سئل مرة عن قوله تعالي "شغفها حبا" فسكت وقال: هذا في القرآن ثم ذكر قولا لبعض العربي في جارية لقوم أرادوا بيعها وهي لكم شغاف؟ ولم يزد علي ذلك. أشار د. عبدالحليم عويس: إلي أن خطر اللغات الواردة علي العربية يتمثل في ضعف الارتباط بهوية الأمة وهو ما أدركه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليوجه المسلمين حين انفتحت الأمة المسلمة علي ثقافات الأمم الأخري بعد الفتوحات الإسلامية قائلا لهم: "إياكم ورطانة الأعاجم". وهو ما دفع المسلمين في العصر الأول لترجمة العلوم الأجنبية التي احتاجوا إليها من لغاتها الأصلية إلي اللغة العربية. لتكون العربية لغة المنهج ولسان التعامل بين المسلمين. وهو ذات المعني الذي دفع بعض دول أوروبا للحصول علي حق الإقامة بأراضيها للمهاجرين الأجانب اشتراط تعلم لغاتها القومية. فالتجربة التاريخية تقضي بأن اللغة قابلة للنمو والاتساع. وفقاً لنمو الأمة والاهتمام الذي تحظي به من أهلها والرعاية التي تلقاها منهم فمنذ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تبنيها لغة رسمية لها عملت علي نشرها وربطها بالعلوم والمعارف. فالتاريخ يقول إن المتحدثين بالانجليزية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي واحد وعشرون مليوناً فقط. وأصبحوا في بداية القرن العشرين مائة وخمسة وعشرين مليوناً والآن تضاعفوا بأعداد كبيرة. ومن يتحدثون بها من غير أبنائها خلق كثير لا يحصي. ولا تزال في اتساع وانتشار مستمر خاصة في زمن العولمة. لنصل إلي الإحصائية الصادمة الصادرة عام 1992 بأن الذين يتحدثون بلغاتهم الأصلية لا يزيدون عن 7.6% من سكان العالم وذلك يؤكد نجاح العولمة في نشر اللغة الواحدة. وجعلها لغة العالم الأولي. وايهام البشر بأن العلم والمعرفة والابداع والاختراع والخير والحضارة والسبق لا يكون إلا لمن أتقن اللغة الإنجليزية ودرس العلوم والاختراعات بلغتها دون سواها. ولقد أثبتت الدول المعتزة بلغاتها وقومياتها نجاحاً في تعلم جميع العلوم الأجنبية المستوردة بلغة البلد القومية. من خلال تنشيط عملية الترجمة. فنجحت الي حد كبير مثل: فرنسا وروسيا. وكذلك الصين واليابان وفيتنام رغم الصعوبة الشديدة التي تكتنف طبيعة لغاتهم. بل وحتي الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين. الذي استمات في المحافظة علي لغته العبرية. فقد نجح - هو الآخر - إلي حد كبير في إحياء لغته من خلال التوسع في استخدامها. وتدريسها في جميع المراحل التعليمية. وترجمة العلوم والمعارف إليها. وتقريبها من مراكز الحضارة والمدنية. بعد أن كادت تصنف ضمن اللغات التاريخية المتحفية. فأصبح يدرس بها العلوم والمعارف. وصارت لغة الشارع العام في الأرض المحتلة. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي عهد حكم محمد علي. قرر المصريون التدريس باللغة اليابانية. وترجمة العلوم والمعارف الاجنبية إليها. فلم يأت عام 1907م حتي كان 97% من الشعب الياباني متعلماً وتتابعت انجازاتهم العلمية مقابل اخفاق عربي عام في جميع الميادين العلمية وانحدار واضح في نسب المتعلمين. |
نشرت فى 6 مايو 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,794,162
ساحة النقاش