واصبح العديد من الدول الافريقية الفقيرة, تري ان الغاية تبرر الوسيلة بل وتساندها لمواجهة التحولات الحادة في العلاقات الاقتصادية العالمية لذلك فإن السياسة المصرية تجاه افريقيا ودول حوض النيل علي الاخص, يجب ان تتغير ويجب أن تتسع افاقها لتشمل القارة كلها, كما ان حفاظنا علي حقوقنا التاريخية في مياه االنيل يجب ان يكون هو منتهي غايتنا وكل همنا لان حفاظنا علي حقوقنا يجب ان تواكبه سياسة حكيمة لديها رؤية واضحة لمستقبل التنمية لكل دول الحوض, ولديها القدرة علي لعب دورا مصريا قويا وفاعلا في سرعة جذب وتوجيه الاستثمارات والمشروعات الاقتصادية المصرية والعربية والعالمية القادرة علي رفع معدلات النمو لتلك المجموعة التي تستحق ذلك بكل تأكيد ومساندتها علي تصحيح اوضاعالتوازن في علاقتها الاقتصادية بالعالم الخارجي. وعقدة العقد الأفريقية التي يجب أن تحتل مساحة واسعة من الأهتمام المصري والتحرك الفعال والعاجل ترتبط بالدافع الاقتصادي الصعب للتنمية في أفريقيا في ظل أعتمادها الملحوظ علي تصديرالمواد الاولية باسعار رخيصة للدول الصناعة, بينما تستورد احتياجاتها باسعار مرتفعة, لقد حققت الدول الكبري ثروتها من استغلال الموارد الافريقية, وبقيت افريقيا المعاصرة رهينة الحصول علي المساعدات التي لا تحقق لها الاستفادة المرجوة. ويوضح الدكتور وجية دكروري الخبير الاقتصادي والاستراتيجيي ان الشراكة مع افريقيا يجب ان تؤدي في نهاية المطاف الي تدفقات للاستثمارات المباشرة الاجنبية الانتاجية, من اجل ارساء نمو مستدام يقوم علي اقتصادات متنوعة تقلص الاعتماد المفرط للبلدان الافريقية علي تصدير المواد الاولية, ويقيها من الازمات القوية للاسواق العالمية التي تفسر دوما باعتبارات اقتصادية حيث تؤكد كل التقارير الدولية ان افريقيا تحوي ثروات طبيعية بلا حدود, فقد وصل انتاج النفط الخام في القارة الي حوالي10 ملايين برميل يوميا ممثلا قرابة12% من اجمالي الانتاج اليومي للنفط في العالم, ويتوقع الخبراء ان ترتفع نسبة اجمالي انتاج النفط الخام الي اجمالي انتاج النفط الخام العالمي الي20% في عام2010 كما ان افريقيا غنية بالمعادن, اذا تتقدم علي غيرها في احتياطي المعادن بما فيها البوكسيت والفروكروم والكويلت والماس والذهب والمنجنيز والفوسفات والمعادن البلاتينية التيتانيوم والفاناديوم, ووفقا للاحصاء الوارد من مديرية الاستكشاف الجيولوجي الامريكية, تكمن في افريقيا91% من الفروكروم, و88% من البلاتين, و83% من المنجنيز, و60% من الالماس, و50% من الذهب, و49% من الفوسفات, و41% من الكوبلت اضافة الي ذلك فإن احتياطي معادن النحاس والحديد والنيوبيوم والرصاص والزنك والانتيمون كبير ايضا في افريقيا والجدير بالاهمية ان الدول الافريقية ادخلت الكثير من التعديلات علي سياستها حول الموارد المعدنية تدريجيا عن طريق اصلاح قانون المعادن, كما انها تنفذ سياسة الافضلية في استئجار الاراضي واستئجار حقوق المعادن ومبيعات المنتجات المعدنية والرسوم الجمركية لتشجيع وجذب الاسثتمارات الاجنبية في تنقيب واستغلال الموارد المعدنية, ذلك اضافة الي, استغلال الزراعة والسياحة والاوراق المالية ومجالات ناشئة اخري. وينبه الخبير الاقتصادي الي المطامع الاسرائيلية الضخمة في القارة الافريقية وتحديدا في مياه النيل حيث تحلم بأطماع لا حدود لها في الحصول علي حصة من مياه النيل, وهي لا تترك مناسبة الا وطرحت موضوع المياه, ففي عام1974 طرحت مشروعا يقضي بنقل مياه النيل الي اسرائيل, ونشر المشروع تحت عنوان مياه السلام والذي يتخلص في توسيع ترعة الاسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها, وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة اسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع وقدمت المشروع كمقترح ضمن التسوية الشاملة علي الارض العربية والمياه وقامت مصر برفض هذا المقترح ولقد كان المبرر الرئيسي للرفض المصري انها مرتبطة باتفاق ملزم مع دول حوض النيل بعدم نقل المياه الي اي دولة خارج دول الحوض. وفي عام1994 تم طرح مشروع اخر يهدف الي نقل مياه النيل الي اسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هذا المشروع نقل1 مليار متر مكعب, لري صحراء النقب, منها150 مليون متر مكعب لقطاع غزة, وكان ذلك بعد اتفاق اوسلو مع الفلسطينيين في عام1994, ورفضت مصر اي طرح لمشروعات تخص مياه النيل كما تري اسرائيل ان بامكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد فيها المخزون المائي الجوفي بسيناء صوب اتجاه صحراء النقب, وقد كشفت ندوة لمهندسين مصريين ان اسرائيل تقوم بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلي عمق800 متر من سطح الارض, وكشف تقرير اعدته لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو1991 ان اسرائيل تعمدت سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار ارتوازية قادرة علي سحب المياه المصرية, وذلك باستخدام آليات حديثة. التوغل الأسرائيلي بدول الحوض للأضرار بحقوق مصر وحول المخططات الاسرائيلية للاضرار بالمصالح المصرية يشير خبير الشئون الاستراتيجية الي انه في نطاق التواجد المكثف في الدول الموثرة علي مياه النيل, سعت اسرائيل الي طرح مشاريع انمائية, ففي اوائل عام2009, قدمت اسرائيل الي كل من الكونغو الديموقراطية ورواندا من دول المنبع دراسات تفصيلية لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف اسرائيل من خلاله الي التمهيد لمجموعة كبيرة من المشروعات المائية في هذه الدول ولا سيما رواندا, حيث يتوجه الاهتمام الاسراذيلي بوجه خاص الي نهركاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي لاقامة اكثر من سد عليه اما في اوغندا, فلا تزال اسرائيل تقوم بتفعيل اتفاقية وقعتها في مارس2000 وتنص علي تنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات متضررة من الجفاف, وايفاد بعثة او غندية الي اسرائيل لاستكمال دراسة المشاريع التي يقع معظمها في مقاطعات شمال اوغندا بالقرب من الحدود الاوغندية المشتركة مع السودان وكينيا, ويجري استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فيكتوريا لاقامة هذه المشاريع, وهو ما يؤدي الي نقص المياه الواردة الي النيل الابيض, احد اهم الروافد المغذية لنهر النيل في مصر. كما ابدت اسرائيل بشكل خاص اهتمامها باقامة مشاريع للري في مقاطعة كاراموجا الاوغندية قرب السودان, بهدف زراعة247 الف هكتار من الاراضي الاوغندية عبر استغلال2.5 مليار متر كعب سنويا. وفي اثيوبيا تقوم اسرائيل بتنفيذ مشروع مشترك بمساعدة المانية يهدف لتنمية الزراعة في اثيوبيا, وتقدر تكلفة هذا المشروع بنحو15 مليون يورو والهدف منه تطوير نشاطات. تنمية الري الصغيرة في أنحاء أثيوبيا, كما أن هذه المشروعات ستمكن من تحسين عملية إدارة المصادر المائية والانتاج الزراعي بالاستفادة من الري وكذلك الاستفادة من المصادر المائية غير المستعملة لأغراض الشرب بخلاف السدود التي تقام بتمويل البنك الدولي والصين وأوروبا. وفي شهر سبتمبر2009, بدأ وزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان جولة إفريقية شملت بعض دول منابع النيل, بدأها بإثيوبيا ثم أوغندا ثم كينيا علاوة علي نيجيريا وغانا من غير دول حوض النيل وذلك بهدف إنعاش العلاقات الاقتصادية والسياسية, ورافقه فيها عدد من كبار ممثلي قطاع الأعمال الاسرائيلي, كما حضر ليبرمان منتدي اقتصاديا علي هامش الزيارة, وضم عددا من كبار ممثلي قطاع الأعمال الاسرائيلي المرافقين له ورجال أعمال إثيوبيين بارزين. ولقد وصف دبلوماسيون أفارقة جولة ليبرمان في بعض دول منابع النيل بالغامضة من حيث التوقيت والأهداف. كما أكد الخبراء أن توقيت الزيارة يؤكد وجود مساع اسرائيلية لإجهاض المفاوضات التي تجريها مصر مع هذه الدول للحفاظ علي حصتها من مياه النيل.وهو ما يؤكد فشل اجتماعات دول حوض نهر النيل في شرم الشيخ مؤخرا والتصريحات المستفذة الصادرة عن المسئولين في اثيوبيا وغيرها من دول الحوض. وحول محاولات التأثير علي حصة مصر في مياه النيل يؤكد انه لا شك أن اسرائيل بمشاركة أمريكية غربية مباشرة لن تكف عن أطماعها في مياه النيل, وهي تلجأ في ذلك إلي التأثير علي حصة المياه الواردة لمصر, وذلك كورقة ضغط مؤثرة. ولقد بدأت ذلك بالترويج لإدعاء يقول أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة, وذلك لأنها تقررت في وقت سابق علي إستقلالهم, وأن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها, وأن هناك حاجة لدي بعض هذه الدول خصوصا كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة, ولقد لوحظ أن هذه النبرة المتزايدة للمطالبة بتغيير حصص مياه النيل تزامنت في وقت واحد مع تزايد التقارب الاسرائيلي مع دول حوض النيل وتنامي العلاقات الافريقية مع إسرائيل. ولقد واكب ذلك ظهور المناوشات بين دول حوض النيل خاصة بين مصر وتنزانيا, وانضمت إلي هذا التيار أوغندا وكينيا وطلبت الدول الثلاثة من مصر التفاوض معها حول الموضوع, ومنذ فترة أعلنت كينيا رفضها وتنديدها بالاتفاقيات القديمة لمياه النيل لأسباب جغرافية واقتصادية, وأبدت رغبتها في تنفيذ مشروع إستصلاح زراعي, وبناء عدد من السدود لحجز المياه في داخل حدودها. ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي إتفاقية نهر كاجيرا عام1977 التي تتضمن بدورها عدم الاعتراف بإتفاقات1929. تم تلي ذلك إعلان إثيوبيا رفضها لاتفاقية1929 وإتفاقية1959 علي أمتداد جميع عهودها السياسية منذ حكم الامبراطور ثم النظام الماركسي منجستو وحتي النظام الحالي, بل وسعت عام1981 لاستصلاح227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوي عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخري, كما قامت بالفعل عام1984 بتنفيذ مشروع سد يشا ـ أحد روافد النيل الأزرق ـ بتمويل من بنك التنمية الافريقي, وهو مشروع يؤثر علي حصة مصر من مياه النيل بحوالي نصف مليار متر مكعب, وتدرس الآن ثلاثة مشروعات أخري يفترض أنها سوف تؤثر علي حصة مصر بمقدار7 مليارات متر مكعب سنويا. وتفسيرا لتحول الاوضاع في السودان من القلق إلي الخطر يؤكد الدكتور وجيه دكروري أن التدخلات الخارجية, وخاصة الأمريكية والاسرائيلية وأطماعهم في ثرواته أدت الي أن يصبح السودان علي موعد مع الانقسام إلي دولتين خلال أقل من عام وبذلك سوف تصبح المصالح المصرية السودانية علي حافة الهاوية بعد هذا الانقسام لو حدث, والجدير بالذكر أن العديد من المصادر تؤكد أن شحنات من السلاح بدأت تتدفق علي الجنوب إستعدادا لأي مواجهة مع الخرطوم عام2011 الذي هو موعد الاستفتاء وعلي الجانب الاقتصادي وألماني, فإن الدولة الجديدة التي سوف تنشأ علي حوض النيل لا تخفي نواياها تجاه حصة مصر التي تبلغ55.5 مليار متر مكعب سنويا مقابل18 مليار للسودان, وهو الأمر الذي ترفضه الحركة في جنوب السودان, حيث تري أن حصة مصر كبيرة وتطالب بإتفاق جديد, وذلك بجانب العديد من التصريحات بأنها تنوي بيع مياه النيل والاستفادة منها كما تفعل تركيا. وما يثير القلق ما أكده الخبراء من أن أزمة مصر مع السودان حول مياه النيل قائمة في الحالتين سواء بقي السودان موحدا أم جري تقسيمه, ففي الحالة الأولي سوف تسعي السلطة الجديدة إلي اقامة المزيد من السدود علي مجري النيل لتأمين متطلبات السودان المتزايدة من الطاقة الكهربائية مما يهدد حصة مصر من المياه. وأما في الحالة الثانية فسوف تتطلع دولة جنوب السودان وبمساعدة دعم إسرائيلي إلي اقامة السدود لتعويض إهمال الجنوب طوال سنوات الاحتلال البريطاني أو خلال عهد الاستقلال. وما يزيد الأمر خطورة, ما كشفه تقرير حديث لمركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري بأن احتياجات مصر من المياه ستفوق مواردها بحلول عام2017, نظرا لاستمرار النمو السكاني السريع, حيث تحتاج الي86.2 مليار متر مكعب من المياه في حين أن كل مواردها لن تتجاوز71.4 مليار متر مكعب. تاريخ قديم من العلاقات القوية مع دول الحوض إن تاريخ مصر يؤكد اهتمامها القديم بإفريقيا وبالأخص دول حوض النيل, فلقد لعب البنك الأهلي المصري دورا تاريخيا مهما في دعم تطور العلاقات المصرية الإثيوبية منذ بدايات القرن الماضي, حيث أقام البنك الأهلي أول نظام مصرفي اقتصادي ومالي حديث في إثيوبيا بإنشائه بنك الحبشة في عام1905, حيث تولي مسئولية سك العملة, وطبع الأوراق المالية, والتبادل الحر في الذهب والفضة, وتخزين البضائع, واستثمار المال العام حيث كان بمثابة البنك المركزي والتجاري الوحيد في إثيوبيا, وقد قامت مصر بتسليم هذا البنك في عام1931 إلي الحكومة الإثيوبية. إن الواقع يؤكد أن مصر عندما ركزت اهتماماتها بعد يونيو1967 نحو الدائرة العربية شرقا, إدارت ظهرها إلي الدائرة الافريقية جنوبا وذلك علي الرغم من أهمية وخطورة الدائرتين معا. إن أصوات شركائنا في مجموعة دول حوض النيل المطالبة بحقهم في التنمية الاقتصادية وصلت إلي قوي خارجية قبل أن تصل إلينا,, ولامست أطماعا صهيونية وغربية, دون أن تثير انتباهنا, كما أن القرب الجغرافي والنهر العظيم لم يشفع لهم لدينا. فمن كان يتصور أن ينشأ خلاف بين مصر وأشقائها علي طول مجري النيل وهم الذين حملوا تقديرا واحتراما وتأييدا دائما لمصر لدورها في حركات تحررهم خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين. إن الحكمة تقتضي أن لا تكون هنا أي شبهة لخصومة علي امتداد مجري النيل. ومما لاشك فيه, أن استثمارات الشركات المصرية في إفريقيا, خصوصا في السودان وإثيوبيا تأخرت كثيرا, حيث إن هذه الأسواق مازالت بكرا وتتوافر فيها جميع مقومات النجاح, بداية من الأيدي العاملة إلي ارتفاع نسبة الاستهلاك العام لكل السلع الأساسية, إضافة إلي تعطشها إلي الاستثمار للقضاء علي نسب البطالة العالية. والجدير بالاهتمام أن هذه الدول أن تقدم تسهيلات غير مسبوقة مقارنة بدول أخري, حيث تتوافر بها مواد خام عالية القيمة في السوق العالمية مثل الذهب, النفط, الأخشاب, الإسمنت, والحديد وغيرها. إن إحتياجات الأمن الغذائي في مصر, تتطلب وضع خطط للإنتاج الزراعي والغذائي مع الدول الإفريقية, علي أن تكون الأولوية خلال الفترة المقبلة لدول حوض النيل, ثم تبادل هذه السلع بين الدول الافريقية الأخري من خلال رفع كفاءة وسائل المواصلات بينها, كما أن مبادرة مجموعة الدول الثماني للأمن الغذائي والتي تسعي إلي تقديم المساعدات للإنتاج الزراعي والتصنيع الزراعي لسد جزء من فجوة الغذاء. إن السوق الإفريقية هي السوق الطبيعية للاستثمارات المصرية, حيث يمكن أن تكون كل من الخرطوم وأديس أبابا, الملاذ الآمن للصادرات المصرية في ظل وصول الأسواق الخارجية إلي حالة التشبع, ووجود المنافسة الشرسة بها, خصوصا من الشركت الأوروبية والأمريكية والصينية, التي اصبحت ـ عملاق الاقتصاد الآسيوي ـ بلا منازع. وإذا كان نهر النيل قد يسر لنا ازدهار الزراعة علي امتداد المجري العظيم, فإن البحر الأحمر بدوره هو الذي يجب أن ييسر لنا ازدهار التجارة. لذلك, فإن الاهتمام الحادث الآن بتنمية الموانيء المصرية علي البحر الأحمر يجب أن يتبعه الاهتمام بتيسير الخطوط الملاحية المنتظمة من مصر وحتي الجنوب الإفريقي. لذلك, استطيع أن أقول أن مصالح مصر الاقتصادية في إفريقيا تبدأ بتنمية البحر الأحمر لفتح شرايين التجارة بين مصر وإفريقيا. *** إن اهتمام مصر بالقارة الإفريقية أصبح اليوم ضرورة أمنية وحتمية اقتصادية, لا مجال للتأجل أو التراخي فيها, وأصبح من المحتم أن يأتي علي أولويات جهودنا. إن إفريقيا وإن كانت هي أفقر قارات العالم حاليا, إلا أنها هي الواعد مستقبلا اذا ما أحسن استغلال ثرواتها ونشأت بها صناعات المستقبل التي يمكن أن تنقلها نقلة نوعية عظيمة, وهذا يستلزم جهودا كبيرة ومنظمة من القطاع الخاص بدول القارة. ومصر بكل مقوماتها هي الدولة الرائدة والمؤهلة لقيادة حركة التنمية في إفريقيا تاريخيا وجغرافيا, ويجب ألا تتخلي عنها تحت أي ظرف من الظروف. فإفريقيا هي العمق الاقتصادي الاسترتيجي لمصر, حيث يجب أن تأتي من ثرواتها مدخلات إنتاجنا, وتذهب إلي أسواقها منتجاتنا في حركة طبيعية تفرضها ظروف الجغرافيا والروابط التاريخية والمصالح المشتركة. إن السماح بإسناد قيادة التنمية إلي قوي خارجية هو تهديد للأمن القومي والمصالح العليا المشروعة والمحتمة وجريمة في حق مصر؟! وراء الاحداثفي مؤتمر لجمعية رجال أعمال إسكندرية مناقشة أهمية الصناعات متناهية الصغر في مصر ووسائل تشجيعها ودعمها عقد بالإسكندرية علي مدي اليومين الماضيين مؤتمر الصناعات متناهية الصغر ما بعد الإقراض الذي نظمته جمعية رجال أعمال إسكندرية من خلال مشروع تنمية المنشآت الصغيرة والحرفية, وقد كشفت أوراق العمل والمناقشات عن الأهمية الكبيرة للصناعات متناهية الصغر في التنمية الاقتصادية والبشرية بالدول النامية, ودورها الحيوي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي, وتخفيف مشكلات البطالة وتأثيراتها الايجابية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, إضافة إلي قدرتها علي استيعاب وتنمية المهارات والكوادر البشرية وتحويلها لقوة عمل فاعلة ومؤثرة في العملية الانتاجية. وقد حرص المؤتمر علي عرض التجارب العالمية الرائدة في الدول النامية وإمكانيات الاستفادة منها في الواقع المصري, وتركزت أولي التجارب علي خبرات بنجلاديش في التمويل المتناهي الصغر بصورته الحديثة المستدامة علي امتداد العقود الأربع الماضية ونجاح البرامج في جذب200 مليون عميل مما أعطي هذه التجربة الريادة في الانتشار والتأثير الايجابي في حياة عشرات الملايين من الفقراء وهو ما لا يقتصر فقط علي نشاط وتجربة الجرامين بنك بنك الفلاحين والذي يطلق عليه عالميا بنك الفقراء وكذلك نشاط وتجربة مؤسسة براك وما حققته من نجاح واسع النطاق في توفير التمويل اللازم للمشروعات متناهية الصغر وتوفير الدعم والمساندة المطلوبة لنجاح هذه الأنشطة واستمرارها وتوسعها وتوفير خبرات العمل اللازمة لمعالجة المشكلات ودعم قدرة المشروعات علي الاستمرار وتحقيق الأرباح. وناقش المؤتمر خدمات التأمين لعملاء التمويل متناهي الصغر بما يتلاءم مع ظروفهم وأوضاعهم, ويضمن تجاوز الفكر التقليدي للتأمين التجاري والوصول إلي إتاحة منظومة تأمينية متكاملة ترتبط بتغطية كاملة للعملاء مما يعزز دور التأمين في توفير الضمان الاجتماعي اللازم بأساليب مبتكرة لقاعدة عريضة من المواطنين غير القادرين عند ارتباطهم بالأعمال والأنشطة المختلفة متناهية الصغر ودخولهم في علاقات تمويلية منتظمة مع جهات الاقراض المختلفة, وذلك في ضوء الخبرات العالمية المطبقة, كما تمت مناقشة دور القطاع المصرفي في دعم الصناعات الصغيرة واستخدام التكنولوجيا المتقدمة في عمليات التمويل متناهي الصغر في ضوء خبرات التطور الضخم وتطبيقاتها في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لرفع الكفاءة التنظيمية للمشروعات وضمان التواصل مع العملاء علي نطاق واسع. وناقش المؤتمر الاطار القانوني التشريعي الذي تمارس, مؤسسات التمويل متناهي الصغر نشاطها من خلاله والتعديلات التشريعية اللازمة لتحسين بيئة التمويل وأنشطته, وكذلك تمت مناقشة القوانين القائمة والجديدة التي أتاحت الفرصة لمؤسسات ربحية للدخول في نشاط التمويل ومدي تأثيرها علي الأعمال والأنشطة وكفاءة الأداء. وقد شارك في المؤتمر الدكتور محمد بهاء الدين غتوري رئيس جمعية رجال أعمال اسكندرية والمهندس محمد صبري نائب رئيس الجمعية والخبراء والمختصون, وتم عرض مفصل لتجربة التمويل متناهي الصغر في مصر وما حققته خلال السنوات الماضية ودور منظمات المجتمع المدني وجمعيات رجال الأعمال والصندوق الاجتماعي ووزارة التنمية المحلية وغيرها من الجهات لتوسيع نطاق التجربة وزيادة عدد المستفيدين منها بصورة فعالة وناجحة للاستفادة من نتائجها الإيجابية في توفير فرص العمل وزيادة الإنتاج الوطني ومساندة جهود السياسية الاجتماعية للدولة لمواجهة ظاهرة الفقر ورفع مستويات المعيشة للقاعدة العريضة من المواطنين.
|
ساحة النقاش