انتشار السرطان...والتدمير المنهجي لصحة المصريين
منذ أكثر من 10 سنوات وأساتذة علاج الأورام يحذرون من الانفجار فى معدلات الإصابة بالأورام فى مصر وتزايد الاصابة بأورام بعينها كانت تمثل حالات نادرة فى الماضى .
ويضيف التقرير الذي أعده الزميل حسن فتحي في الأهرام أن من أبرزها سرطان الكبد الذي انتقل من المرتبة الثانية عشرة بين الأورام التي تصيب المصريين إلي صدر قائمة السرطانات بين الرجال بسبب فيروسات الكبد والمبيدات المسرطنة, حتي اننا سنواجه بعد10 سنوات من الآن بنحو400 ألف حالة إصابة سنويا, بعدما كان الكشف عن حالة منها في مستشفياتنا قبل25 عاما حالة نادرة يجتمع حولها كل الفريق الطبي بقصر العيني وغيره من المستشفيات الجامعية في مصر, كما تزايدت معدلات الاصابة بأورام الشرج والقولون بصورة لايمكن إنكار مسئولية تلوث نهر النيل بمخلفات المصانع ومياه الصرف الصحي, ففي حين تبلغ نسبة الاصابة في أسوان6% للمرضي أقل من45 عاما, ترتفع إلي40% في دمياط!!
فالعلاقة بين التلوث وتزايد معدلات الاصابة بالأورام السرطانية في مصر علاقة مؤكدة بالأرقام, بسبب تلوث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحي وما ينجم عنها من مشكلات صحية حقيقة لايمكن تجاهلها, ومخلفات مصانع السيراميك والأسمنت المنتشرة في المعصرة وحلوان, تعد سببا رئيسيا للإصابة بسرطان الغشاء البلوري.
أورام الكبد والمبيدات
وفي الوقت الذي أوقف فيه العالم كله صناعة الاسبستس والسيراميك مازالت قائمة في مصر, إذ يؤكد الدكتور مصطفي منيع أستاذ جراحة الأورام ورئيس الجمعية المصرية لجراحة الأورام, ان ملوثات المياه والقمامة تعد سببا في انتشار الفيروسات وتؤدي في النهاية لأورام الكبد, التي تتزايد حاليا بدرجة واضحة, وبعد ان كانت في المرتبة الـ12 قبل نحو20 عاما, اليوم تتصدر قائمة أورام الرجال, ويري ان ذلك مرتبط ارتباطا وثيقا ببدء استخدام الأسمدة المسرطنة في مصر خلال15 ــ20 عاما الماضية, مؤكدا اننا سنظل نعاني من تزايد هذه الأورام لعقود طويلة قادمة لأن هذه المبيدات تظل لسنوات طويلة جدا في التربة, ويضرب مثلا علي تزايد معدلات الاصابة بالسرطان, بقوله إن حالات سرطان المستقيم كانت تحتاج إلي10 أو20 أو50 عاما لحدوث هذا النوع من الأورام, لكنها اليوم تحدث بين الشباب في سن مبكرة, وهنا يكون التلوث في الماء والغذاء هو السبب الأول وراء ذلك.
أورام الشرج وملوثات النيل
ويسوق الدكتور مدحت خفاجي أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام مثالا علي مسئولية أطنان الملوثات من مخلفات المصانع ومياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي التي تلقي في مياه النيل, والتي يحصرها تحديدا في367 مصدرا ـ عن تزايد معدلات الإصابة بأورام الشرج والقولون, ففي حين تبلغ النسبة في أسوان6% للمرضي أقل من45 عاما, ترتفع إلي40% في دمياط, وتشكل نسبتها إجمالا30% من معدلات الأورام بين المصريين, ويدعو إلي تحليل مياه النيل أمام السد العالي للكشف عن معدلات المعادن الثقيلة والبكتيريا فيها, مقارنة بقياسات علمية دقيقة مماثلة في دمياط ورشيد, وينوه إلي علاقة سرطان الرئة بعادم السيارات, إذ لايوجد لدينا كود لكمية العادم ونوعيته في السيارات التي تدخل مصر, لذا نجد انه تم إغراق شوارعنا بالسيارات الصينية, في الوقت الذي يتم منعها من دخول أسواق أوروبا وأمريكا لأن موتوراتها لا تلتزم بالمواصفات القياسية للعادم في هذه البلدان, ثانيا: لاتوجد لدينا معايير لعادم السيارات قبل إعادة الترخيص, كما نعاني من زيادة نسبة الرصاص في البنزين, وقد أكد بنفسه هذه النتائج بتحليل للبنزين في معامل التحاليل الدقيقة في كلية العلوم جامعة القاهرة.
أورام كانت نادرة!
ويحذر الدكتور خفاجي من اننا سيكون لدينا بعد10 سنوات400 ألف حالة سرطان كبد سنويا, حيث تشير الإحصاءات إلي اصابة3 ـ5% كل سنة بسرطان الكبد من المرضي المصابين بالفيروس سي, وهي كارثة ستكلف مصر المليارات, ما لم يتم التحرك من الآن, علي الأقل للوقاية من تزايد الإصابات بفيروسات الكبد.
ويسوق الدكتور منير أبوالعلا أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام دليلا علي تزايد معدل سرطان الكبد اليوم, بأننا كأطباء قبل25 عاما, كنا نشاهد حالة كل عدة أشهر, اليوم يمكن بسهولة حصر100 حالة جديدة كل شهر في العيادات الخارجية لمعهد الأورام فقط, وهو في سبيله لتجاوز سرطان الرئة, ويضيف انه من كل100 حالة سرطان كبد جديدة في المعهد استبعاد فرص العلاج نهائيا لنحو30% و5% فقط من هذا العدد يتم الاستئصال الجراحي لهم بهدف الشفاء, لكن لايشفي منهم أكثر من1 ــ2% فقط, مما يعني أن الحالات غالبا تأتي في مرحلة متأخرة من المرض.
وسرطان الثدي الذي يصيب غالبا المصريات في العقد الرابع من العمر, يتأخر10 سنوات عن هذه السن بين النساء في الخارج, وفقا لما ذكره الدكتور منير أبوالعلا, كما أن30% من حالات سرطان الشرج والقولون تحدث بين المصريين في سن أقل من45 عاما, في حين أن الاصابة بهذا النوع من الأوارم في هذه السن لاتتجاوز6% في دول الغرب, بسبب تلوث الغذاء, كما أن لدينا أكبر نسبة إصابة بأورام الكبد في العالم بين الرجال بالنسبة لعدد السكان ومعدلات الإصابة, يليه سرطان المثانة, الذي تراجعت معدلاته ونوعيته بسبب حملات التوعية بالبلهارسيا, فهناك نوعان من المسببات لسرطان المثانة, كانت البلهارسيا تمثل80% منها, والـ20% الباقية لأسباب لا علاقة لها بالبلهارسيا, وهي السبب الغالب في دول الغرب, أما اليوم وبعد20 عاما من حملات التوعية أصبحت البلهارسيا لا تمثل أكثر من25% من أسباب سرطان المثانة, في حين تشكل الأسباب الأخري نسبة65 ــ70% من الأسباب.
نوع آخر من السرطانات يضاف إلي القائمة السوداء, إذ يحذر الدكتور محمد جميل وكيل معهد الأورام القومي لشئون البيئة من حدوث طفرة في معدلات الإصابة بسرطان البنكرياس في مصر في السنوات الأخيرة, موضحا ان ذلك له علاقة بتلازم التدخين مع شرب القهوة!!
حلول عاجلة وآجلة
ولكن ما هو الحل؟
يطرح أساتذة علاج الأورام حلولا عاجلة وأخري آجلة, ومن الحلول العاجلة انه يجب عمل تحليل دم بطريقة عشوائية بين الأطفال الذين يخضعون لحملات تطعيم في المدارس, لرصد نسب الإصابة بفيروسات الكبد بينهم, ثانيا وضع مواصفات قياسية لعادم السيارات يكون مطابقا للمواصفات الأمريكية والأوروبية, والتوقف نهائيا عن الصرف الصحي ومخلفات المصانع في مياه النيل وتحويلها بطرق علمية حديثة إلي الصحاري.
ومن الحلول العاجلة توعية الناس بتعديل عاداتهم الغذائية, وهنا يحذر الدكتور خفاجي ــ علي مسئوليته ــ من خطورة تناول أسماك بحيرة قارون ويراها مسببة للسرطان لأن بها نسبة عالية من المعادن الثقيلة بسبب التلوث.
أما الحلول الآجلة, فيراها خبراء علاج الأورام في أهمية تخصيص مبالغ للأبحاث العلمية من
ميزانية صندوق التنمية العلمية والتكنولوجية التابع لوزارة البحث العلمي, وذلك لتحليل اللحوم والخضراوات والفاكهة كمنتج نهائي عند الباعة,
وتحليل الزيوت المستخدمة في مطاعم الفول والطعمية لقياس نسبة مركبات الدايوكسين المسرطنة بها, ورصد الافلاتوكسينات المسرطنة بسبب التخزين الخاطئ للحبوب والبقوليات والفول السوداني وزيوت القلي والامتناع نهائيا عن شراء أقماح ملوثة بها.
ساحة النقاش