مجموعة من الاحتفالات الفنية والأدبية والموسيقية واللقاءات الفكرية والندوات الثقافية ومعارض للكتب الفرنسية وأتيحت للجمهور المصري خلال ثلاثة أسابيع فرصة اكتشاف ثراء وتنوع العالم الفرنكوفوني. أنشئت منظمة الفرنكوفونية عام1970 وفي قمة كوتونو بدولة بنين عام1995 أسس رؤساء الدول الناطقة بالفرنسية ما يسمي اليوم بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية والتي يبلغ عدد الدول الأعضاء بها56 دولة, وكان لمصر شرف تولي الدكتور بطرس بطرس غالي منصب أول أمين عام للمنظمة مباشرة, عقب انتهاء فترة عمله كأمين عام للأمم المتحدة, أما الآن فيشغل هذا المنصب السيد عبده ضيوف الرئيس السابق لدولة السنغال. وتشرف المنظمة علي هيئات ووكالات دولية, من بينها جامعة سينجور بالإسكندرية. وتقوم المنظمة بمجموعة نشاطات لترويج اللغة الفرنسية ولكن دورها لا يقتصر علي نشر اللغة فحسب بل تشارك من خلال مؤسساتها في المؤتمرات الدولية في كافة المجالات وبخاصة في التنمية البشرية وتفعيل دور المرأة ومشاركتها في الحياة العملية والسياسية وخاصة في الدول الافريقية, وهي أكثر الدول الأعضاء في المنظمة حيث تلعب اللغة الفرنسية دورا مهما كونها لغة تواصل حتي وإن لم تتجاوز هذه الدول. علاقة مصر باللغة الفرنسية تعود إلي أكثر من قرنين من الزمان بدأت منذ الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت عام1798, وتواصلت بعد ذلك حتي ازدهرت أثناء حكم الخديوي إسماعيل, ففي عهده بدأت حركة البعثات الخارجية إلي فرنسا, وكان علي مبارك أبرز هؤلاء المبعوثين, وفي عهده أيضا تم تنفيذ مشروع المهندس الفرنسي فرديناند دي ليسبس لحفر قناة السويس. ومن أهم الانجازات التي ترجمت حضارة مصر الفرعونية هو تمكن عالم الآثار الفرنسي جان فرانسوا شامبليون من فك شفرة الكتابة الهيروغليفية, وبرغم خضوع مصر للانتداب الانجليزي عام1882 إلا أن المدارس الفرنسية كانت أكثر عددا وأوسع انتشارا في جميع أنحاء مصر, وتواصلت رسالة المبعوثين الفرنسيين إلي مصر لنشر التعليم في المدارس الفرنسية. ظل التبادل الثقافي والعلمي ممتدا خلال القرن الماضي, وكانت الجامعات الفرنسية وبالأخص جامعة السوربون حلما لكل طالب عالم يتطلع إلي المعرفة وإلي العودة لخدمة الوطن ومن أبرزهم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي, ودخلت مادة اللغة الفرنسية كأحد المقررات المدرسية في المدارس الحكومية وأصبح في مصر اليوم ملايين من الشباب والطلبة الذين لامست أيديهم كتبا فرنسية, وتطورت علاقة مصر بفرنسا في الثلاثين عاما الماضية علي كافة المستويات السياسية والتجارية والثقافية والسياحية, فهناك أكثر من نصف مليون سائح فرنسي يزورون مصر كل عام ولا ننسي المشروع العملاق لمترو الانفاق الذي يعد الأول في الشرق الأوسط وإفريقيا وفي مصر اليوم أكثر من خمسين ألفا يتقنون التحدث والكتابة بالفرنسية, وهؤلاء هم الذين يستمتعون بقراءة شعر شارل بودلير, وروايات فيكتور هوجو والنقد اللاذع للشاعر لافونتين. أما الموسيقي الفرنسية وهي أحد أهم عناصر الثقافة الفرنكوفونية فيغلب عليها الطابع الرومانسي, وكان حضور نجوم الغناء الفرنسي إلي مصر في السنوات الماضية ـ أمثال شارل أزنافور وإنريكو ماسياس, وأخيرا فريد يريك فرنسوا ـ خير دليل علي أن الفرنكوفونية هي واقع ملموس في مجتمعنا وبذلك تستحق مصر أن تكون عضوا بارزا لتشارك العالم في أن تصبح الفرنكوفونية نمط تفكير وسلوك حياة, ومكانا للتلاقي بين البشر وتبادل المعلومات وتناقل المعرفة وتقاسم الثقافة في اطار من التعاون المثمر لتقدير الحياة بالمعني الإنساني.
|
ساحة النقاش