أتقن توزيع مساحات الصمت والكلام وأوانِ اللعثمة والطلاقة
كتبت: مي أبوزيد
ناقشت كلية الآداب بجامعة القاهرة مساء الاثنين الماضي أولي الرسائل الأكاديمية باللغة العربية التي تدرس البلاغة السياسية لرئيس مصري، وهي رسالة " البلاغة السياسية: دراسة في خطب الرئيس السادات في الفترة من 1970- 1981" التي تقدم بها عماد عبداللطيف، المدرس المساعد بقسم اللغة العربية بالكلية لنيل درجة الدكتوراه.
وقد حصل عبداللطيف علي مرتبة الشرف الأولي، مع التوصية بطبع الرسالة علي نفقة الجامعة وتبادلها مع الجامعات، وقد شارك في المناقشة الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة، والدكتور عبدالناصر حسن، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، وإشراف الدكتور عبدالحكيم راضي.
وفي عرضه لنتائج البحث أكد عبداللطيف أن الخطاب الديني بذخيرته الخطابية من نصوص مقدسة وتراث شعبي ديني ونسق كامل من الرموز والعلامات الدينية كان مكونًا أساسيا من مكونات لغة السادات السياسية، وقد تم توظيفه توظيفًا نفعيا، فوضِعت قوته التأثيرية في خدمة أغراض سياسية، واستخدمت نصوصه المقدسة لتنجز أفعالاً سياسية؛ فحل التأثير الديني محل الحجاج العقلي، واشلخطاب الفئوي محل الخطاب الجماهيري، والصمت المذعن محل النقد المباح. كما ذكر أن خطب السادات كانت دومًا في متناول المواطن العادي؛ سواء من حيث لغتها ومعجمها وتراكيبها أو من حيث طرق أدائها، حيث استمد خطبه العامية من نفس الذخيرة الخطابية التي يستخدمها هذا المواطن.فجاءت حافلة بالمفردات التي تنتمي إلي قلب الريف المصري والتراكيبِ التي تتسم بالبساطة المتناهية، والأمثالِ الشعبيةِ الدارجة والعباراتِ المألوفة والاستعاراتِ المتداولة والسخريةِ التي تكاد تتحول إلي تنكيت.
إضافةً إلي إتقان السادات البديع لتوزيع مساحات الصمت والكلام وأوانِ اللعثمة والطلاقة، والتمكنِ من تطويع نبرات الصوت وحركة الجسد، مستلهمًا الأداء الشعبي لفعل الحكي والكلام،وأكد عبداللطيف أن هذه العناصر أسهمت جميعًا في أن تتغلغل الخطب في الطبقات والفئات الشعبية المصرية، وأن تقيم جسورًا من الألفة والحميمية معهم.
كما أشار إلي أنه بواسطة لغة الخطب أُنجزت أفعال الوعد والتهديد والإغراء والإقصاء والتمييز والإدماج، وكانت اللغة لدي السادات في كثيرٍ من الظروف السياسية هي العُدَّة والعتاد، حيث أنجز بالإقناع ما لم يكن من الممكن أن ينجزَ بالقمع.
والرسالة كما ذكر عبداللطيف، جاءت لتجيب عن أسئلة: ما الذي يفعله السياسيون لكي تصبح خطبهم أكثر تأثيرا في الجماهير التي تسمعها؟، إلي أي حد يمكن للخطابة السياسية أن تكون أداة للتأثير والسيطرة علي الجماهير؟، كيف يمكن دعم أو إعادة توجيه أو مقاومة التأثير الذي تقوم به الخطب التضليلية أو المخادعة؟، ما طبيعة البلاغة السياسية للسادات؟ وما دورها في الحياة السياسية المصرية والعربية في تلك الفترة؟ وكيف يساعدنا علم البلاغة وتحليل الخطاب في فهم طرق إنتاجها وتأثيرها؟.
وكان عبداللطيف قد أوصي بأهمية إحداث قطيعة معرفية مع التراث العربي البلاغي الذي لا يزال مهيمنا علي الدراسات البلاغية المعاصرة درسا وتدريسا، تقليدا ومحاكاة، شرحا وتلخيصا وليس نقدا ومساءلة. ويرتبط بذلك الانفتاح علي الدرس البلاغي المعاصر، خاصة في الأكاديميات الغربية التي قطعت شوطا كبيرا في طريق تطوير علم البلاغة، وهي التوصية التي انتقدها كل من الدكتور جابر عصفور والدكتور عبدالناصر حسن.
وقد أكد عصفور علي أهمية أن يخلص الدارس للمنظور البلاغي في تحليل الخطاب السياسي، كما أشار إلي أهمية دراسة البلاغة الشفاهية في خطب الرئيس وكذلك لغة الجسد، كما نفي عصفور ان تكون الرسالة بينية، مشيرا إلي أنها دراسة بلاغية متطورة تستفيد من الدراسات المعاصرة.
أما الدكتور عبدالناصر حسن فقد انتقد غلبة الجانب التنظيري علي الرسالة ووقوع المؤلف تحت غواية بعض المفردات <
المصدر: جريدة البديل
نشرت فى 2 مارس 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,794,579
ساحة النقاش