من أجل تربية وتعليم صحيحين بقلم: جيهان الشعراوي منذ سنوات طويلة‏,‏ لانعرف عددها‏,‏ ولكن يمكن تحديدها ببداية وعينا في الحياة‏,‏ ونحن نسمع ونلمس مشكلات التعليم في مصر الذي تحول الي نظام سيئ السمعة‏.‏ بعد أن نصبه عميد الأدب العربي طه حسين مكانة ضمن أولويات الحياة للإنسان. حين قال التعليم كالماء والهواء‏,‏ وكان معه كل الحق في مقولته‏,‏ فإذا كان بقاء الانسان علي قيد الحياة أمرا مرهونا بالماء الذي جعل منه كل شيئ حي‏,‏ والهواء الذي يضمن للانسان عملية التنفس التي تغذي الجسد بالاوكسجين وهو العنصر الأهم لضمان قيام الجسم بوظائفه خاصة القلب والرئتين‏,‏ فإن التعليم هو الرافد أو العنصر الثالث الذي يضمن حياة الانسان‏,‏ ولكنه يضمن له حياة راقية كإنسان كرمه الله سبحانه وتعالي عن سائر المخلوقات التي تتنفس الهواء وتشرب الماء أيضا‏,‏ واختاره لحمل الامانة وخلافته في الأرض‏,‏ ولم يكن للإنسان تأدية الأمانة التي رفضت الجبال حملها لولا أن منحه الله العقل‏..‏ وهو العضو المعني بعملية التعليم‏,‏ فالتعليم ماهو إلا عملية ارتقاء بالعقل بمنحه الكم المناسب لقدراته من المعلومات‏,‏ والتي لابد للعقل من التعامل معها من أجل انتاج معارف أخري‏,‏ وإبداعات أخري وعلوم أخري‏,‏ استكمالا لمشوار طويل يمتد بطول عمر الانسان علي الارض‏,‏ فالعلم أو التعليم الذي علينا تحصيله الآن بلاشك هو أوسع كثيرا من العلوم التي استوعبها السابقون‏,‏ وماوصلنا له من علم الآن ماهو إلانتاج تراكم خبرات وتجارب وعلوم السابقين‏,‏ وبدراستنا لها يصبح علينا أن نبدأ من حيث انتهي السابقون‏,‏ بمعني أن التعليم هدفه الأول‏,‏ هو دفع الانسان إلي الامام متقدما في مسار التاريخ الانساني‏,‏ ولكن‏..‏ ما الذي يفعله التعليم في مصر مع المصريين الآن‏..‏ وعلي مدي سنوات مضت؟‏.‏ الغريب أن مشكلةالتعليم في مصر حظيت باهتمام كل فئات المجتمع المصري‏,‏ بأطفاله‏,‏ وشبابه‏,‏ وآباء وأمهات‏,‏ ومسئولين وغير مسئولين‏,‏ وعلي مدي عشرات السنوات وتولي عدد لابأس به من الوزراء لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي‏,‏ كانت السمة الاساسية لسياسات هؤلاء الوزراء هي التخبط الواضح‏,‏ وفيما يبدو أن كل وزير كان يحاول بنية طيبة أن يجد حلا لمشكلة التعليم‏,‏ ولكن لأن المشكلة أكبر من أن تحل بالنوايا الطيبة‏,‏ ولا بالآراء الشخصية والأفكار العشوائية التي تقترح حذف سنة ستة ابتدائي‏,‏ ثم إعادتها بعد إثبات فشل التجربة‏,‏ ثم تقسيم الثانوية العامة علي مرحلتين سواء كانت علي عامين أو علي فصلين دراسيين ترمين‏,‏ وكلها محاولات بدائية كان من الطبيعي أن تكون نتيجتها الفشل الذريع والمتوقع حتي من قبل تطبيقها‏,‏ وحين يسقط في يد البعض‏,‏ يقترحون استيراد مناهج دراسية من الخارج لتطبيقها علي التلميذ المصري‏,‏ وكأننا ـ بما تضمه المتاحف الكثيرة لدينا من شواهد الحضارة ذات السبعة آلاف عام مضت ـ افتقدنا حتي القدرة علي وضع منهج تعليمي للمرحلة الابتدائية‏,‏ وتأتي المبادرة الأخيرة لوزير التعليم السابق بطرح مناقصات لدور النشر الخاصة لتصميم مناهج للتعليم وطباعة الكتب المدرسية‏.‏ ولا أدري حتي الآن ماهو الدور الذي كانت ستقوم به وزارة التربية والتعليم عندما تتولي دور النشر هذه المهمة‏,‏ ولاأنكر أني فكرت في أن الحكومة ربما تتجه لإلغاء هذه الوزارة أصلا بهذه الخطوة‏.‏ لقد قام كل الوزراء السابقين بتطبيق الكثير من الأساليب الاجتهادية من أجل تطوير أو إنقاذ التعليم المصري‏,‏ وجربوا كل الطرق إلا طريقة واحدة فقط‏,‏ وهي اتباع المنهج العلمي المدروس‏,‏ والذي يقوم علي التجريب والاختبار‏,‏ وتحديد عناصر المشكلة وأطرافها‏,‏ ودراسة العلاقات بين هذه العناصر‏,‏ وكيفية التعامل معها‏..‏ ففي مجال العلوم الطبيعية مثل الفيزياء والكيمياء يقوم العالم باتباع منهج علمي استقرائي‏,‏ حيث يضع فرضيه ماء أو مجموعة فرضيات ويسعي اثبات صحتها أو خطئها من خلال التجربة العلمية‏,‏ وفي مجال الطب وصناعة الأدوية تتشكل مجموعات من المتطوعين ليخضعوا لتجربة الدواء عليهم مقارنة بمجموعات أخري تتلقي أدوية عادية سابقة الاختبار‏,‏ وأخري لاتتلقي أية أدوية من نفس النوعية‏,‏ ويقوم العلماء بتدوين ورصد التغيرات التي تحدث لكل مجموعة‏,‏ ثم يلجأ في النهاية لمقارنة هذه النتائج‏,‏ واستخلاص مدي صلاحية الدواء الذي تم تجريبه‏,‏ ومدي فاعليته في التخلص من المرض‏.‏ فما المانع من تطبيق هذا الاسلوب في التعليم باختيار عينات تخضع لنظم مقترحة؟ وتحديد أي من هذه النظم حقق نجاحا مع التلميذ المصري ليتم تطويره وتعميمه دون اللجوء لاستيراد مناهج من الخارج؟‏.‏

المصدر: مؤسسة الأهرام
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,792,487