الضمير المصري في محنة! بقلم: فاروق جويدة موقف يثير الحزن والأسي أن يطلب د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب من السيد حبيب العادلي وزير الداخلية أن تجري وزارة الداخلية التحريات الأمنية اللازمة لكشف التجاوزات في عمليات العلاج علي نفقة الدولة بعد كل ما أثير حول تورط عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب في الحصول علي عشرات الملايين من الجنيهات تحت ستار العلاج عل نفقة الدولة.. علي جانب آخر أكد السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري وأمين عام الحزب الوطني أن الحساب سوف يكون عسيرا لكل من تورط في هذه الأخطاء.. من هنا ينبغي كشف الحقائق بسرعة أمام الرأي العام لأنها تمس موقف مجلس الشعب ونواب الحزب الوطني وحتي لا تسيء أخطاء عدد من الأعضاء إلي المجلس كله.. أن الكشوف التي نشرتها الصحف والمبالغ التي تقررت لعلاج المواطنين والتي وصلت إلي أرقام خيالية لحساب أعضاء مجلس الشعب تفتح أمامنا أبوابا كثيرة وتضع علامات استفهام لا حدود لها حول ما وصلت إليه أحوالنا شعبا وحكومة ونوابا في السلوك والأخلاق والضمائر.. أن أبسط شروط العلاج علي نفقة الدولة.. أن المواطن الذي يذهب إلي الحكومة طالبا العلاج علي نفقتها ينبغي أن يكون بالفعل مريضا وأن يكون محتاجا وغير قادر علي تحمل أعباء علاجه.. هذا العلاج الذي توفره الدولة للفقراء من أبناء المجتمع ينبغي أن ينفق في مكانه وأن يذهب إلي مستحقيه.. ولكن الواضح لنا الآن ومن خلال هذه القضية المخجلة أن الملايين تتدفق بين أيدي بعض أعضاء مجلس الشعب تحت ستار العلاج علي نفقة الدولة.. وراء هذا العلاج مستشفيات خاصة تتربح وتجمع الملايين بالباطل في عمليات جراحية مزيفة وأوراق كاذبة وتوقيعات مضللة وقرارات مضروبة.. وراء هذا العلاج كتيبة من السماسرة الذين يبيعون هذه القرارات ومعها يبيعون الأدوية والأجزاء التعويضية والكراسي الطبية.. باختصار شديد نحن أمام عملية نصب وتحايل كاملة العناصر وينبغي أن تأخذ طريقها إلي مكتب المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ليقول فيها القضاء كلمته.. حتي ولو كان النواب يتمتعون بالحصانة.. ولهذا لم يكن غريبا أمام أساليب التحايل أن ترتفع نفقات العلاج إلي3.8 مليار جنيه سنويا في حين أن الميزانية المقررة لهذا البند هي1.4 مليار جنيه.. أي أننا أمام2.4 مليار جنيه زيادة.. أن الكشوف التي تم تداولها ونشرتها الصحف تكشف عن جريمة وفضيحة من الوزن الثقيل.. إذا كانت هذه المليارات قد تسربت إلي جيوب البعض ولم تذهب إلي أصحابها الحقيقيين من الفقراء, فيجب أن يكون هناك حساب عسير لكل من شارك فيها.. من أعضاء مجلس الشعب أو المسئولين في الكومسيون الطبي بوزارة الصحة أن الأمر لا يتطلب فقط تحريات من وزارة الداخلية ولكنه يتطلب أيضا موقفـا حاسما من د. حاتم الجبلي وزير الصحة عن أخطاء وتجاوزات حدثت في وزارته.. إن الأخطر من ذلك كله أن هذه البلايين التي تسربت إلي أماكن مجهولة كانت تكفي لإقامة عدد من المستشفيات أو إصلاح وتجديد عدد آخر من المستشفيات القائمة.. ولكن يبدو أن الدولة لا تريد إنشاء المستشفيات حتي تبقي مثل هذه العمليات التي تمثل موارد ثابتة للمسئولين وأعضاء مجلس الشعب.. إذا كانت الحكومة قد أنفقت هذه البلايين في عام واحد فكم كانت هذه الأرقام تبني من المستشفيات في أعوام سبقت.. إن هذا يعني أن الحكومة تتنكر لمسئولياتها الحقيقية وتتحايل علي علاج المواطنين.. عندما يقرأ الأطباء الشبان الذين لا تصل مرتباتهم إلي500 جنيه شهريا عن هذه المليارات, وهم يطالبون بزيادة مرتباتهم كل يوم وتدعي الحكومة الفقر وعجز الموارد ثم يجدون هذه البلايين التي تتسرب إلي جيوب المسئولين والنواب ماذا يقول هؤلاء الأطباء وكيف نطالبهم بالعمل والإنتاج والانتماء؟!.. عندما يقرأ عمال شركة زيوت طنطا هذه الأرقام وهم يجلسون في العراء أمام مجلس الوزراء منذ أسابيع ولم يصرفوا مرتباتهم منذ شهور لأن الحكومة باعت مصانعهم وتركتهم للضياع.. ماذا يقول هؤلاء.. عندما يقف الآن ألاف المواطنين أمام مكاتب الضريبة العقارية وهم يعلمون أن أربعة بلايين جنيه من ضرائبهم التي دفعوها تسربت إلي جيوب نواب الشعب.. ماذا يقولون؟!.. عندما يقف الفلاح المسكين أمام مستوصف لا دواء فيه ولا علاج ويسمع عن عضو مجلس الشعب الذي حصل علي قرارات علاج بمبلغ24 مليون جنيه في أسبوع واحد.. وآخر حصل علي240 مليون جنيه في أربع سنوات.. ماذا يقول الغلابة عن ذلك كله؟!.. وعندما كان المواطنون يتساءلون عن علاج أنفلونزا الخنازير والحكومة تقول لهم إنها غير قادرة علي استيراد احتياجات80 مليون مواطن من التامفلو.. بل أنها رفضت توفير500 مليون جنيه لهذا الغرض.. كيف أنفقت3.8 مليار جنيه في صورة توقيعات مضروبة لأعضاء مجلس الشعب في عام واحد, ومن أي بند في الميزانية صرفت هذا المبلغ.. عندما يقف ضحايا السيول في العريش وسيناء وأسوان ويسمعون هذه الأرقام أمام حكومة تركتهم في العراء يواجهون مصيرهم المؤلم.. ماذا يقولون؟!.. عندما يقرأ هذه الأرقام ملايين الشباب العاطل علي الأرصفة وهم يسألون كم فرصة عمل كان من الممكن أن توفرها هذه البلايين.. مائة ألف فرصة عمل.. نصف مليون فرصة عمل.. كم مسكنا تبني هذه البلايين لسكان العشوائيات.. وكم بيتا تضيء في ظلام الريف.. وكم قرية توفر لها مياه الشرب النظيفة,وكم رغيفـا تطعم بها ملايين الأطفال الجائعين.. وكيف نصدق رئيس الحكومة وهو يتحدث عن الدعم ومشاكل الدعم وأعباء الدعم ومستقبل الدعم وضحاياه.. هذه البلايين التي تسربت إلي أعضاء مجلس الشعب كانت تكفي لإقامة عشرات المدارس وآلاف البيوت لضحايا السيول.. ومئات المستوصفات الصحية في القري والمدن التي تعالج الناس كل الناس.. نحن أمام جريمة كبري لأن المتورطين فيها من ممثلي الأمة ونواب الشعب, وأغلبهم من حزب الأغلبية الحزب الوطني الحاكم, ولابد أن تكون للحزب وقفة حاسمة أمام الأعضاء المتورطين فيها لأننا علي أبواب انتخابات قادمة.. نحن أمام جريمة تتعلق بصحة المواطنين وبعد ذلك نقول إن الأمراض تنتشر, وأن الأوبئة في كل مكان, بينما تتسرب هذه الملايين إلي جيوب المسئولين ولا يجد المواطن دواء ولا علاجا ولا رحمة.. نحن أمام جريمة من الجرائم المخلة بالشرف.. والمفروض أن هناك قوانين تمنع استمرار عضو مجلس الشعب في موقعه أمام مثل هذه الجرائم.. وقبل هذا كله نحن أمام جريمة تؤكد أن الضمير المصري يعيش محنة حقيقية.. حين يتاجر البعض منا في ألآم الآخرين.. وحين نستبيح الأموال المخصصة لعلاج الفقراء. وحين نحرم المريض من الدواء أمام النصب والتحايل, فإن ذلك يمثل أسوأ مظاهر الانحطاط في السلوك والأخلاق.. كنا نتغاضي في أحيان كثيرة عن جرائم أخري حدثت في مجلس الشعب مثل التجارة في تأشيرات الحج والعمرة, أو تجارة حصص الحديد والأسمنت والأسمدة.. أو الحصول بدون وجه حق علي مساحات من الأراضي, أو بيع شقق إسكان الشباب والاتجار فيها أو الشتائم ولغة الحوار الهابط واستخدام الأحذية.. كنا نتغاضي عن الزواج الباطل بين رجال الأعمال والسلطة في الحزب الوطني, ولكن كيف يمكن التغاضي عن هؤلاء الذين أخذوا أموال الغلابة والفقراء وتركوهم يموتون في الشوارع بلا علاج أو دواء, إن الاتجار في صحة المواطنين خطيئة.. لا تغتفر.. وبعد ذلك كله نتحدث عن سياسات جديدة للتأمين الصحي وعلاج الفقراء, واستخدام أساليب حضارية للمحافظة علي صحة المواطنين.. كيف يتوفر لنا ذلك في ظل هذا المناخ الغريب الذي استباح كل شيء ؟!.. إذا كانت الميزانية تتحمل سنويا3.8 مليار جنيه للعلاج علي نفقة الدولة فهذا يعني أن ننفق في عشر سنوات أكثر من38 مليار جنيه تدفعها الحكومة للمستشفيات الخاصة, وهذه البلايين تكفي لإقامة عشرات المستشفيات المصرية للفقراء في كل محافظات مصر.. لن نسأل الحكومة عن بلايين الجنيهات التي أنفقتها في بلاعات الصرف الصحي, ولم يرها أحد, أو مشروعات المياه التي أقيمت علي الورق أو مشروعات إسكان الشباب الوهمية التي تم توزيعها علي أعضاء الحزب الوطني.. أو البلايين التي حصل عليها رجال الأعمال تحت بند دعم الصادرات.. لن نسألها عن سيارات السادة الوزراء أو تجديد مكاتبهم أو رحلاتهم الخارجية.. لن نسأل الحكومة عن المؤتمرات والمهرجانات والأفراح والليالي الملاح.. ولكن السؤال كيف تم صرف ما يقرب من أربعة بلايين جنيه لقرارات علاج مضروبة لم تصل إلي مستحقيها من الفقراء والبسطاء والغلابة؟!.. إذا كانت هذه الجريمة قد حدثت في شريحة بسيطة وقطاع صغير في إحدي وزارات الدولة وتكلفت أربعة بلايين جنيه في عام واحد, فماذا عن البلاعات الأخري التي تسربت فيها ثروة هذا الشعب الغلبان.. بقي عندي سؤال أخير.. أين الجهاز المركزي للمحاسبات وأين الرقابة الإدارية وأين أجهزة الرقابة في الدولة المصرية من كل هذه الخطايا والكوارث.. إذا كانت وزارة الداخلية تعتقل الخارجين علي القانون والمهربين وتجار المخدارت.. والخارجين علي الشرعية والخارجين علي شعارات الحزب الوطني, فماذا ستفعل مع الذين ارتكبوا هذه الجريمة.. لابد من الحساب.. الضمير المصري في محنة.. وهذه هي المأساة الحقيقية.. .. ويبقي الشعر لا تـسألي العين الحزينة كـيف أدمتـها المقـل.. لا تـسألي النـجم البعيد بأي سر قد أفـل مهما تـواري الحلم في عيني وأرقني الأجل مازلت المح في رماد العمر شيئـا من أمل فـغدا ستنـبـت في جبين الأفـق نجمات جديده وغدا ستـورق في لـيالي الحزن أيام سعيدة وغدا أراك علي المدي شمسا تـضيء ظلام أيامي وإن كـانت بعيده لو أنـنـا لـم نـفترق حملتـك في ضجر الشـوارع فـرحتي.. والخوف يلقيني علي الطـرقات تتمايل الأحلام بين عيوننـا وتـغيب في صمت اللـــقا نبضاتي واللـيل سكـير يعانق كأسه ويطوف منـتـشيا علي الحانـات والضوء يسكب في العيون بريقـه ويهيم في خجل علي الشرفـات.. كـنـا نـصلـي في الطـريق وحولـنا يتندر الكـهان بالضحكـات كـنـا نـعانق في الظـلام دموعنا والدرب منفطـر من العبرات وتوقـف الزمن المسافر في دمي وتـعثـرت في لـوعة خطواتي والوقت يرتـع والدقائق تـختـفي فنـطـارد اللـحظـات.. باللـحظـات.. ما كـنت أعرف والرحيل يشدنا أنـي أودع مهجتي وحياتي.. ما كان خوفي من وداع قد مضي بل كان خوفي من فراق آتي لم يبق شيء منذ كان وداعنا غير الجراح تئن في كلماتي لو أنـنـا لـم نـفترق لبقيت في زمن الخطيئـة تـوبتي وجعلت وجهك قبلـتي.. وصلاتي من قصيدة لو أننا لم نفترق سنة1998 المزيد من مقالات فاروق جويدة
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,794,715
ساحة النقاش