% من الشباب يعرفون عدد الأحزاب و7% أعضاء بها غياب "الهوية السياسية" .. أزمة مواطنة الخبراء : البرامج الحزبية "علي الورق" .. وانشغال الناس "بلقمة العيش" السبب |
تحقيق محمد عبدالحميد- أحمد توفيق |
1% "فقط لا غير" من الشباب يعرفون عدد الأحزاب السياسية في مصر.. ونسبة من ينتمون من بينهم الأحزاب لا تتعدي 7%.. وفي الوقت الذي تجتذب فيه عضوية "الوطني" غالبيتهم يوجد نحو 61% آخرين غير منتمين لأي من الأحزابپوليس لديهم حتي الاستعداد من الأصل للانضمام لحزب سياسي..!! الأغرب أن النسب والأرقام السابقة التي أظهرها استطلاع رأي حديث أجراه مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء لم تمثل لدي أساتذة العلوم السياسية والمشتغلين بالسياسة ورؤساء الأحزاب أنفسهم أية علامات استفهام تدعو للدهشة.. مؤكدين أن السبب في ظاهرة افتقاد الهوية السياسية لقطاعات عريضة من المجتمع يكمن في ضعف الأحزاب وعزلتها بعيداً عن هموم وقضايا الشارع المصري وعدم قدرتها علي أداء دورها في نشر الوعي السياسي ببرامجها وأهدافها بين الناس الذين شغلتهم "لقمة العيش". سطور هذا التحقيق فتحت من جديد صفحات ملف الهوية السياسية وناقشت القضية مع كل الأطراف. التقينا في البداية بعدد من المواطنين لمعرفة أسباب احجامهم عن الانتماء للأحزاب.. والمشاركة الايجابية في الحياة السياسية. يقول عمرو محمد "محامي" لا أعرف شيئاً عن أغلب الأحزاب ولم أجد لها أي نشاط في الشارع حتي اتفاعل معها أو أفكر في الانتماء لها. فهي بعيدة عن مشاكل وهموم الناس. ويري محمد أحمد "بكالوريوس تجارة" أن مشكلة البطالة وهموم المعيشة لا تترك للكثيرين وقتاً للتفكير في السياسة أو المشاركة الايجابية فيها من خلال الانضمام لأي من الأحزاب.. متسائلاً: هل أبحث عن وظيفة تعينني علي متطلبات الحياة أم اتفرغ للمفاضلة بين البرامج المختلفة للأحزاب والانتماء لأحدها؟! رفاهية !! يتفق معه عبدالمعز أحمد "طالب" نافياً جدوي انضمامه لأي حزب سياسي طالما لن يضف له ذلك شيئاً في تحسين مستوي معيشته.. فالسياسة كما يصفها رفاهية ليست من حق الغلابة الذين يقفون بالساعات في "طوابير العيش"!! ويؤكد بدر عبدالرؤوف "موظف" أنه لا يعرف شيئاً عن برامج وأهداف الأحزاب الموجودة علي الساحة السياسية في مصر.. فلم يجد حزباً يسعي للوصول للمواطنين واعلامهم ببرنامجه واقناعهم بمبادئه.. بل يكتفي القائمون عليها بالعيش في أبراج عاجية بمعزل عن هموم وقضايا الناس..!! ويقول صبحي عبدالمطلب "موظف بالتموين": لم أتعلم طوال حياتي أي شيء عن السياسة.. فكيف سأعرف العمل الحزبي وأسعي للانتماء لأحد الأحزاب.. مطالباً بنشر الوعي السياسي بين البسطاء لتأهيل وتحفيز المواطنين علي المشاركة الايجابية في هذا الشأن. ويوضح محمد حسين "مهندس زراعي" والذي انتمي لأحد الأحزاب لفترة طويلة أن عدم وجود نشاط حقيقي للحزب جعله يتركه دون التفكير في الانتماء لآخر بديل ليقينه بأنه سيكون كسابقه مجرد حزب "ورقي" بلا أجندة سياسية تخاطب الواقع وتقترب من قضايا الجماهير الملحة. أما سيد أبو العينين "صراف بأحد البنوك" فيقول: أتمني الانتماء لحزب لممارسة أي نشاط سياسي أو اجتماعي بدلاً من إضاعة معظم أوقات فراغ في أمور تافهة ولكن حال الأحزاب لا يشجع علي ذلك ولا أثق بوجود دور حقيقي لها. بينما يشير محمود صلاح "موظف" وعضو بالحزب الوطني إلي أن حبه للعمل السياسي والاجتماعي حفزه علي الانضمام للحزب الذي يتمتع بالأغلبية بنشاطاته الواسعة بين الجماهير وتواجده القوي علي الساحة السياسية. ويؤيد كلامه عطية أحمد "أعمال حرة" وعضو بالحزب الوطني هو الآخر.. موضحاً أن خلو الساحة السياسية من أحزاب قوية وفعالة جعله ينضم للوطني ليكون بوابة لممارسة العمل السياسي والمشاركة الايجابية في القضايا القومية. علي الجانب الآخر لفت الدكتور محمد نصر مهنا أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط إلي أن الأحزاب السياسية للأسف لا تسعي لنشر الوعي السياسي في الشارع المصري من خلال عرض برامجها المختلفة وأهدافها السياسية.. وهو ما أدي إلي حدوث فجوة كبيرة بين المواطنين والأحزاب وساعد علي ذلك الظروف المعيشية الصعبة التي تعصف بالغالبية.. ولم تترك لهم هامشاً للتحرك خارج دائرة البحث عن لقمة العيش وتلبية احتياجاتهم الأساسية. "الاتحاد الاشتراكي" السبب وأضاف أن قصر الساحة السياسية في فترة الستينات علي الاتحاد الاشتراكي وحده أدي إلي ترسيخ ثقافة العزوف عن الانتماء للأحزاب.. مشدداً علي أهمية بذل الدولة دوراً أكبر في نشر الوعي السياسي بين المواطنين وتوفير تربة خصبة لاستقطاب الشباب للانتماء للأحزاب المختلفة مع ضرورة وجود تنافسية حقيقية بين تلك الأحزاب تعتمد علي الجدارة والكفاءة والقدرة علي تحقيق مصالح المواطنين. ويؤكد كلامه الدكتور عبدالله هدية أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس لافتاً إلي أن نسبة المنتمين للأحزاب في مصر لا تتعدي 2% وهي ضئيلة جداً مقارنة بمعظم بلدان العالم فقد بلغت هذه النسبة في فترة ما قبل ثورة يوليو نحو 80% ولكن قرار إلغاء الأحزاب في عام 1952م كان له أثار سلبية وخيمة علي الحياة السياسية وأدي إلي جمودها. ويري أن العديد من الأحزاب يتم تأسيسها للأسف سعياً لتحقيق مصالح شخصية وهو ما يجعلها أحزاباً هشة لا تلبي مطالب الشارع المصري.. موضحاً أهمية تكاتف القوي المجتمعية لإثراء الحياة السياسية فلن نمضي قدماً علي طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي دون وجود إرادة شعبية قوية ومشاركة ايجابية فاعلة علي المستوي السياسي من قبل مختلف الفئات الاجتماعية. بينما ارجع من جهته أحمد عبدالهادي رئيس حزب شباب مصر عدم اهتمام القاعدة العريضة من الشعب المصري بالانضمام للأحزاب السياسية إلي فشل تلك الأحزاب علي مدار ال 30 عاماً الماضية في أداء دورها المنوط بها علي الوجه الأمثل وابتعادها عن القضايا الأساسية للمواطن المصري.. مشيراً إلي أن الرئيس مبارك طالب أكثر من مرة الأحزاب بالاقتراب بشكل أكبر من قضايا البسطاء وتبني القضايا الحقيقية للمجتمع ولكن دون جدوي..!! وأضاف: الملاحظ للأسف أن الشغل الأساسي لأغلب الأحزاب السياسية تحدد في البحث عن موارد للتمويل في الوقت الذي جاء فيه المجتمع البند الأخير في أجندتها السياسية.. رغم أن المواطن المصري لديه استعداد واضح للعمل العام والعمل الحزبي تحديداً شريطة التواجد الفعلي للأحزاب داخل الشارع المصري وتبنيها لقضاياه الأساسية وتفاعلها مع همومه ومعاناته علي أرض الواقع. ولفت إلي أن المشكلة الأكبر في هذا الشأن تكمن في تقوقع الدور الحزبي خاصة علي جبهة المعارضة داخل العاصمة وحدها سعياً وراء الإعلام المتركز في القاهرة.. فيما تحصل علي درجة صفر "بجدارة" فيما يتعلق بدورها السياسي والحزبي في الأقاليم وداخل القري والنجوع بين البسطاء والعامة.. مؤكداً أن مايقال حول أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو ضعف تمويلها مبرر غير صحيح فلم يكن التمويل يوماً هو القضية الأساسية لكن المطلوب فقط الرغبة الحقيقية في التواجد بين الناس وتوعيتهم ببرنامج الحزب وأهم مبادئه وربطها بالقضايا الجماهيرية. وأوضح عبدالهادي أن الخطوات الأولي علي طريق البحث عن الهوية السياسية المفقودة لدي غالبية المجتمع المصري تبدأ بإيمان الأحزاب نفسها بأن لها دورا لا ينبغي الإهمال في أدائه.. وهو ما يتطلب خروج قياداتها من المكاتب المكيفة ونزولهم إلي الشارع والاحتكاك الفعلي عن قرب بأهل القري وأبناء المحافظات والأقاليم البعيدة.. منوهاً إلي أن اهتمام الحزب الوطني بذلك أعطاه قدراً من المصداقية لدي المواطنين وهو مازاد بشكل أكبر مؤخراً عقب نزول جمال مبارك أمين عام السياسات بالحزب إلي القري الأكثر فقراً ومتابعة معاناة ساكنيها عن قرب والعمل علي حلها علي أرض الواقع. وتابع: المطلوب الآن من أحزاب المعارضة أن تحذو حذو الحزب الوطني في هذا الاتجاه.. بالإضافة إلي تحرك الجمعيات الأهلية فيما يخص نشر الوعي بأهمية الانتماء السياسي للأفراد حسب قناعاتهم.. فليس هناك فاصل بين القضايا الاجتماعية والسياسية. فرغيف الخبز وأزمة أنبوبة البوتاجاز والبطالة والعنوسة وهموم محدودي الدخل كلها سياسة.. كما أن العمل المجتمعي والسياسة وجهان لعملة واحدة وهدفهما المشترك هو الارتقاء بالمستوي المعيشي الذي يرتبط بشكل ما أو بآخر بالإصلاح الديمقراطي. الدكتور حسام عبدالرحمن رئيس الحزب الجمهوري الحر يري علي الجانب المقابل أن السبب وراء افتقاد الهوية السياسية لدي معظم الشعب المصري ينقسم إلي شقين أولهما اقتصادي يؤيده ما يلاحظ علي مستوي العالم من عدم اهتمام أبناء الدول الفقيرة بالبرامج الحزبية أوالمشاركة في الحياة السياسية لأن مايشغلهم هو لقمة العيش بينما يرون الانشغال بما يجري علي المستوي السياسي مجرد رفاهية لا تعنيهم وليس لديهم وقت لها. ولا يمكن كذلك والكلام مازال له اغفال ثقافة المجتمع في هذا الشأن فالتربية السياسية ينبغي أن تبدأ في المراحل الأولي من عمر الطفل وإرشاده إلي أن له حقوقاً وعليه واجبات.. مشيراً إلي أن تدرج الوعي السياسي في المراحل الدراسية اللاحقة من المفترض أن يصل إلي ذروته ببلوغ الفرد التعليم الجامعي حين تتشكل اتجاهاته وثقافته وقناعاته السياسية وعندها يتم انضمامه للحزب الذي يتوافق مع ميوله السياسية. وأكد أن افتقاد الثقاقة السياسية لدي معظم فئات المجتمع يعوق توسع الأحزاب في عقد وتنظيم المؤتمرات والندوات بهدف التواجد الملموس بين الجماهير واستعراض برامجها ومبادئها ومشاريعها السياسية المستقبلية.. واضعاً السياسة في مصر بأنها أشبه بمسرحية تعرض بدون جمهور وتلعب فيها أحزاب المعارضة دور "الكومبارس"..!! ضعف التمويل ونوه عبدالرحمن إلي أن ضعف التمويل الخاص بالأحزاب هو ما همش دورها في الحياة السياسية المصرية.. مبيناً أن التمويل الحكومي الذي يحصل عليه كل حزب سنوياً لا يتعدي 100 ألف جنيه تكفي بالكاد ايجار المقر الرئيسي ورواتب الموظفين ومصاريف عقد مؤتمرين علي الأكثر حيث لا يمثل هذا المبلغ سوي 20% فقط من احتياجات حزبه الذي اكتفي ب 14 مقراً لعدم قدرتهم علي افتتاح مقرات جديدة اضافية والإنفاق علي متطلباتها. وتابع: وفقاً للدستور والقانون يحظر علي الأحزاب السياسية القيام بأية أعمال تجارية حتي لا تتحول إلي كيانات ربحية بعيداً عن مهمتها الأساسية التي أنشئت من أجلها.. لافتاً إلي أنه رغم اقتناعه ككثيرين بذلك إلا أنه لا ينبغي اغفال أهمية البحث عن صيغة مناسبة توفر للأحزاب السياسية أوجها مشروعة للتمويل تعفيها من التخاذل السياسي بسبب ضعف قدراتها المالية لاعتمادها فقط علي الدعم الحكومي الذي لا يكفيها لأداء دورها علي الوجه المطلوب. |
المصدر: الجمهورية
نشرت فى 14 فبراير 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,796,815
ساحة النقاش