جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
العولمة وأثرها علي تطور الجريمة |
|
بقلم: إيهاب السقا شهد النظام العالمي المعاصر الكثير من المتغيرات في شتي المجالات، وكثير من ذلك يرجع إلي الثورة التي حدثت في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكل ذلك فرض عدة متغيرات في كثير من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية حول العالم، منها بزوغ جملة من المتغيرات جراء خروج العالم من مرحلة التحديث الاجتماعي إلي عصر الانفتاح الحر، وكان نتيجة ذلك دخول معظم دول العالم في اتفاقيات دولية لزيادة التعاون والتبادل بينهم، وهو ما سمي بظاهرة العولمة globalization، وهي ظاهرة تتداخل فيها وتتشابك أمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والسلوك، ويكون الانتماء فيها للماديات والمصالح، مما يؤثر علي حياة وسلوك الإنسان في أي مجتمع. لذا برزت وجوه سلبية عدة للعولمة أبرزها القيم المادية علي حساب القيم الأخلاقية، علي اعتبار ارتباط العولمة بشيوع الليبرالية المتوحشة، والتي تقوم علي تكريس مفاهيم اقتصاد السوق، وهو ما يعني إقصاء الطرف الضعيف وعدم الاهتمام بثقافته وبيئته الاجتماعية وفرض ثقافة الأقوي من جميع نواحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما أحدث نوعاً من الارتباك المجتمعي للدول النامية. فمع تطبيق الدول النامية النظام الرأسمالي الحر والدخول في اتفاقات دولية بهدف تنشيط الاقتصاد القومي، تأثرت طبقات عدة في المجتمع نتيجة رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، واستفادت طبقات أخري في المجتمع من هذا النظام، مما أدي إلي سوء توزيع الثروة في المجتمع، وبرزت فئة مستفيدة من ذلك مرتفعة الدخل والثراء، يقابلها في ذلك فئات تعاني العجز عن إشباع الاحتياجات الأساسية لها، مما أدي إلي توليد الشعور بالحرمان المادي والاجتماعي، وهو شعور صاحبة نوع من الحقد والاستفزاز والإحباط لدي هذه الفئة. ومما زاد من تغليظ هذا الشعور تزاوج السلطة مع الثروة وتشابك المنافع المادية بين المسئولين ورجال الأعمال، مما أحدث نوعاً من الفساد والتنافس علي السلطة وإساءة استخدام سلاح المال فيما يفيد تنمية المجتمع ودفعه للأمام، وأصبحت المصالح الشخصية هي الاعتبار الأول في العمل، ثم تأتي المصالح العامة في الاعتبار الثاني ما لم تتعارض مع المصلحة الأولي، لذا نجد شباب المجتمع في حيرة دائمة بين ما تفرضه الالتزامات الدينية والأخلاقية، وما يشاهده من بروز بعض الفئات واعتلائها قمة المجتمع دون أن تكون مؤهلة علمياً أو اجتماعياً لشغل هذه المواقع، وبذلك نجد أن البعض يضع الثروة هدفاً له لتحقيقها دون النظر لأي اعتبارات مشروعة لذلك، وهو ما نجده من ظهور صور وأشكال جديدة من الجرائم في مجتمعنا من فساد إداري وجرائم إلكترونية والاتجار في الآثار وغسل الأموال، مما أحدث تطوراً في نوعية وكيفية ارتكاب الجريمة في المجتمع، لذلك نحن جميعاً مسئولون عن الوقوف أمام هذه المتغيرات التي تحدث في مجتمعنا، حتي تستطيع إحداث نوع من التوازن الاجتماعي أمام المتغيرات المالية العالمية التي لا تعرف الرحمة، عن طريق التنمية الشاملة للمجتمع، من خلال التعليم وإعادة تطويره بما يؤدي إلي تعليم حقيقي يهدف إلي الإبداع والابتكار والاختراع وتحويل المجتمع من مستهلك إلي مجتمع منتج حقيقي يستطيع مواجهة الآثار السلبية للعولمة. |
|
|
المصدر: الوفد
مع أطيب الأمنيات بالتوفيق
الدكتورة/سلوى عزازي
ساحة النقاش