تربية النشء في الإسلام
إعداد الدكتورة/سلوى عزازي
]وقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلَى والِدَيَّ وأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)[ وأصلي وأسلم على خير هاد الذي علمه ربه فعلم وعلم، وعلى آله وصحبه وسلم0
أما بعد
لا يخفى على أحد ما يعانيه المجتمع من مشكلات تصل إلى الحد الذي يجعل الابن يطرد أمه من المنزل، والأب يغتصب ابنته، ويقتل أولاده، والأم تترك أولادها في قارعة الطريق، إضافة إلى وجود التيارات التشكيكية الموجهة ضد ديننا وعقيدتنا، وفي هذا يحضرني قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم فَأَقِـم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا
لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن هَمِّ الحَـياةِ وَخَلَّـفاهُ ذَلـيلا
إِنَّ اليَتيـمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ أُمّاً تَخَـلَّت أَو أَباً مَشغولا
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكن معالجة هذه المشكلات ؟
والإجابة من خلال تربية النشء تربية إسلامية، فبداية الحل من وجهة نظري هي العودة إلى ديننا الحنيف، الذي يدعو إلى بناء شخصية مسلمة متوازنة فدعا إلى الوسطية ]وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ومَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَتِي كُنتَ عَلَيْهَا إلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وإن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إلاَّ عَلَى الَذِينَ هَدَى اللَّهُ ومَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ إنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143) [ [البقرة: 143]، وممارسة العمل والكسب الحلال]فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وأُوذُوا فِي سَبِيلِي وقَاتَلُوا وقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ولأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّنْ عِندِ اللَّهِ واللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) [ [آل عمران: 195 ]، والجنس الحلال من خلال الزواج الشرعي] وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21) [[ الروم: 21]، والراحة والنوم ] فَالِقُ الإصْبَاحِ وجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً والشَّمْسَ والْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ (96) [[ الأنعام: 96]،ودعا إلى الإيثار وهو تفضيل مصلحة الآخرين على المصلحة الشخصية] والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ (9) [[الحشر: 9 ]، والرحمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا؛ فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم، ومن خلاله تكون الأسرة التي هي نواة المجتمع0وكما هو متعارف عليه: إن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، ومن ثم إذا استطعنا تربية النشء تربية إسلامية تجعل من مبادئ الإسلام قواعد يسير عليها الطفل في حياته، فسوف يكون ذلك باعثا على نجاحه في الدنيا ورضا الله عنه في الأخرة0
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: متى تبدأ تربية الطفل؟
والإجابة أن تربية الطفل تبدأ قبل الميلاد، بل تبدأ قبل زواج الوالدين، بحسن اختيار كل من الزوجين للآخر، فمن حق الطفل أن يجد والديه على الصورة التي يفخر بها أمام رفاقه، ويجد منهم الرعاية والتربية الصالحة، لذلك يقول معروف الرصافي:
ربّوا البنين مع التعليم تربية يُمسي بها ناقص الأخلاق مُكتَمِلا
وثقّفوهم بتدريب وتبصِرة ثقافـة تجـعل المُعـوَجّ معتدلا
لذلك قال رسول الله r في اختيار الزوجة: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"[رواه البخاري]، وفي هذا الحديث عدد رسول الله r أسباب اختيار الرجل للمرأة التي يرغب في زواجها، وحث على اختيار ذات الدين لأنها أفضلهن، وكذلك قال في اختيار المرأة للرجل: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه, إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" 0
والسؤال الآن: وماذا بعد اختيار الأزواج؟
والإجابة: المعاملة الحسنة بينهما أثناء فترة الحمل حتى لا تصاب الأم بأمراض مثل تسمم الحمل، وغيره مما يؤثر بطريقة أو بأخرى على الجنين، وكثرة قراءة الأم في فترة الحمل، فقد تعجبت كثيرا حينما أخبرني أحد الزملاء أن هناك أبحاثا علمية أثبتت أن كثرة قراءة الأم أثناء فترة الحمل تؤثر إيجابا على ذكاء الطفل0
والسؤال التالي: ماذا بعد الولادة؟
والإجابة: يُستحب بعد الولادة القيام بما يلي:
1. أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليُمنى ويُقيم في اليسرى، وأن ترضعة والدته لأن الأبحاث أثبتت أن لبن الأم يقي من أمراض كثيرة] والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نُفْسٌ إلاَّ وسْعَهَا لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِهَا ولا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وإنْ أَرَدْتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)[ [ البقرة: 233 ]
2. اختيار الاسم الحسن للمولود، لأن هناك اعتقاد عند بعض الناس أن اختيار الاسم القبيح خاصة للمولود الذكر يقي شر العين؛ لذلك يختارون أسماء قبيحة مثل: خيشة، والشحات، فيكون صاحب الاسم بعد ذلك مجالا لسخرية المجتمع، والإسلام حريص على تكريم بني آدم] ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ والْبَحْرِ ورَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)[[الإسراء: 70]
3. توفير الطعام الحلال للطفل، قام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله, ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة, فقال "يا سعد أطب مطعمك, تكن مستجاب الدعوة, والذي نفس محمد بيده, إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً, وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به" .
4. ختان المولود : هو ما يعرف الآن بالطهور .
هذا بالنسبة للطفل حديث الولادة، وهو في مرحلة النمو الأولى، وهو يخطو خطواته الأولى، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ماذا يجب علينا كآباء تجاه الطفل في بداية مرحلة تعرفه للأشياء؟ والإجابة تتضح بالنظر إلى الأساليب التي اتخذها الإسلام في التربية، فقد اتخذ الإسلام أساليب متعددة لتربية وتعليم النشء منها:
1ـ التربية بالقصة: لأن الأطفال يميلون إلى القصص، فالقصة والشعر والمقالة، وغيرها من الأصناف الأدبية تحمل مضامين مجسدة، ولهذا كان تأثيرها في الناس كبيرا ، والقرآن الكريم مليء بالقصص، والأمهات في مصر بارعات في قص القصص من خلال حكايات ما قبل النوم0
3ـ التربية بالموعظة:يلجأ الإنسان إلى الموعظة، وهي نقل خلاصة تجاربه للآخرين، وتعد الموعظة من الأساليب المباشرة في التربية، إلا أنها في بعض الأحيان لا تجد استحسانا من الشخص الموعوظ، لذلك ينبغي اختيار الوقت المناسب، والشخص المناسب لوعظه، يقول تعالى:] ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)[ [النحل: 125]، وممن اشتهروا بالموعظة في القرآن الكريم لقمان الحكيم، الذي وعظ ابنه مجموعة مواعظ لو التزم بها كل فرد لصلح حال المجتمع] وإذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) ووَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْناً عَلَى وهْنٍ وفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ إلَيَّ المَصِيرُ (14) وإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً واتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيَّ ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إنَّهَا إن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنكَرِ واصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (17) ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ولا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ (19) [ [لقمان: 13: 19]، وفي هذا الحديث دعوة إلى أدبيات إسلامية تصلح حال المجتمع منها:
أ- الدعوة إلى توحيد الله عز وجل0
ب- الدعوة إلى بر الوالدين، وهي ملاصقة للدعوة بتوحيد الله عز وجل مما يدل على أهمية احترام الوالدين، والبعد عن عقوقهما0
ت- احترام الوالدين حتى في دعوتهما للشرك بالله وهو أكبر المعاصي، يجب عدم طاعتهما، مع مصاحبتهما بالمعروف0
ث- ترك من يدعو إلى معصية الله تعالى بالمعروف، وإتباع من يدعو إلى طاعة الله0
ج- الدعوة إلى إقامة الصلاة0
ح- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر0
خ- الصبر في الشدائد0
د- الأمر بالاعتزاز بالنفس، وعدم وضعها في مواقف مهينة0
ذ- النهي عن التكبر والاختيال بالنفس لأن الغرور يؤدي إلى الفشل0
ر- الأمر بالاعتدال في المشي بالاتجاه نحو الهدف مباشرة0
ز- الأمر بخفض الصوت عند الكلام0
5ـ التربية بالعادة: تكرار السلوك يؤدي إلى التعود عليه، وللسلوك المعتاد تأثير قوي على النفس البشرية، فإذا عود المرء على الفضائل فإنها تنقاد له، وإذا تهاون في ذلك فقد تصبح مستعصية كما قال الشاعر :
والنفس كالطفل إن ترضعه شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم .
2ـ التربية بالقدوة: القدوة هي المثال الذي يحتذي، والإنسان يميل بطبيعته إلى احتذاء حذو مثله الأعلى، لذلك ينبغي على الآباء ورموز المجتمع أن يكونوا قدوة في تصرفاتهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا قولاً وأنت من الرشاد عديم
أبدًا بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يسمع ما تقول ويشتفي بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
4ـ التربية بالترغيب والترهيب: يلجأ المربي لترغيب الطفل في السلوك الحسن حتى يسعى إلى التوصل إليه، والترهيب من السلوك السيئ حتى يبتعد عنه.
6ـ التربية بالعقوبة: في بعض الأحيان يلجأ المربي إلى عقوبة الطفل من خلال حرمانه من شيء يحبه إذا أخطأ، وأحيانا يلجأ إلى الضرب الخفيف، وفي ذلك يقول الشاعر:
واشهر عصا التأديب لا تضرب بها غضباً فكم لم يهد ضالّاً من ضرب
7- التربية بالسؤال والحوار: السؤال والحوار من الأساليب المباشرة التي تؤتي ثمارا طيبة إذا أدير الحوار بأسلوب تربوي جذاب0
8- التربية باستغلال المواقف الطبيعية مثل الرحلات، وذلك يظهر واضحا في الرحلة التي اصطحب فيها الخضر موسى عليهما السلام ] قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (67) وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً ولا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قَالَ فَإنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70) فَانطَلَقَا حَتَّى إذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (72) قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ولا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً (74) قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (75) قَالَ إن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً (76) فَانطَلَقَا حَتَّى إذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وكَانَ ورَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (79) وأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وأَقْرَبَ رُحْماً (81) وأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا ويَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ومَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً (82) [ [الكهف: 82 ] فكان من الممكن الاكتفاء بإخبار موسى عليه السلام بنتائج الرحلة، ولكن معايشة الأحداث على الطبيعة رغم ما فيها من المصاعب لها وقع في النفس يثبت المعلومة0
9- المحاولة والخطأ: ومن الأساليب التربوية التربية ترك الطفل يتعلم عن طريق المحاولة والخطأ عن طريق إعطاء الطفل الحرية في محاولة الوصول لما يرنو إليه، وتركه يخطئ تحت الملاحظة، وحينما يكتشف الخطأ، ويندم عليه تكون مهمة المعلم في توضيح أسباب الخطأ وكيفية تفاديها في المرات القادمة، وهي ما يطلق عليه" التربية بالملاحظة" : تعد هذه التربية أساساً جسَّده النبي _صلى الله عليه وسلم_ في ملاحظته لأفراد المجتمع تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد0
والسؤال هنا: ما الذي نرغب في تعليمه للنشء من خلال التربية؟
والإجابة أن كل مجتمع يحدد أهدافا يسير عليها في تربية أبنائه حسب طبيعة المجتمع، واحتياجاته، وبالنسبة لنا كمجتمع إسلامي ينبغي علينا تدريب الطفل على أمور كثيرة منها ما يلي:
1. أمور الدين: و الدليل على ذلك قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ نَاراً وقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)[. [سورة التحريم الآية 6]ومنها قراءة القرآن وحفظة، وأداء الفرائض وإتباع السنن، و تقوى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه0
2. النظافة الظاهرة والباطنة0
3. اختيار الأصدقاء: قال رسول r: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة" متفق عليه، وقال رسول الله r: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أحمد" و قال سيدنا علي كرم الله وجهه:
وصاحب تقيا عالما تنتفع به *** فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب
وإيـاك والفساد لا تصحبنهم *** فصحبتهـم تعدي وذاك مُجَـرب
4. حضور الأنشطةٍ الاجتماعيةٍ كالندوات ومجالس العلم
5. حفظِ الأسرار وفي ذلك يقول الشاعر:
إذا شئت أن تحيا ودينك سالمٌ**وحظُّك موفورٌ وعرضُكَ صَيِّنُ
لسانَك لا تذكر به عورة امرئ**فعندك عورات وللناسِ ألسنُ
وعينك إن أبدت إليك معايباً**لقوم فقل : يا عينُ للناس أعينُ
6. المشاركةَ في أعمال المنزل، وحل مشكلاته وخاصة الاقتصادية، والاعتماد على النفس0
7. الشجاعة والإخلاص في العمل قال رسول الله r: "المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف"، وقال عمر بن الخطاب y: "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"، وكان النبي rيتعلم السباحة في "بئر بنى النجار"، وهو طفل صغير عندما ذهب لزيارة المدينة المنورة مع أمه، وكان ينظم سباق الخيل الذي يبدأ من مسجد "سَبَق" بالمناخة، بجوار مسجده r إلى الغابة في أقصى شمال المدينة "يوم السبت" وسمي المسجد بهذا الاسم نسبة إلى السبق الذي كان ينظمه الرسول r0
8. القناعة بالرزق الحلال؛ لأن عدم القناعة يفضي إلى سلوكيات غير مرغوب فيها مثل الغش والسرقة، وعدم الرضا بقضاء الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول r قال:" قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه"[رواه مسلم]
9. طريقة التفكير السليمة، بتدريب الطفل على عكس الحقائة، واستبدال الأماكن، واستنتاج النتائج، وكيفية التعامل مع البدائل المختلفة0
10. تنظيم الوقت واستغلال ساعات الفراغ في ممارسة هوايات مفيدة كالرياضة والقراءة0
11. إبداء الرأي فعند مرور عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالسوق هرب الأطفال ما عدا طفل واحد، وعندما سأله عمر عن سبب عدم هروبه قال: لم أكن مخطئًا فأهرب، ولم تكن الطريق ضيقةً فأفسحها لك، فهذه حريةٌ في إبداءِ الرأي.
12. تعلم اللغات الأجنبية: على أن يكون ذلك بعد تعلم اللغة الأم( العربية) حتى لا يحدث خلط واضطراب للطفل في التمييز بين اللغتين"من تعلم لغة قوم أمن مكرهم"0
13. الاستعداد المادي والمعنوي للدفاع عن الوطن ضد العدو، ووضع خطط الحرب، وتقدير كل الاحتمالات، والفهم السليم لموقف الوطن وموقف العدو، ]مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ ورِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ومَثَلُهُمْ فِي الإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً (29)[ [الفتح: 29]0
14. احترام الكبير والرفق بالصغير عن أنسt عن النبي rأنه قال" ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا"[رواه الترمذي]، ويكون ذلك لضعفهما0
15. تعويد الطفل التسمية قبل كل شيء عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح, وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها, ورجمت الشياطين من السماء, وحلف الله تعالى بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه .
16. تعليم الطفل آداب الاستئذان في دخول الأماكن حيث جاء في القرآن الكريم، أنه لا يجوز دخول بيوت الآخرين إلا بعد الاستئذان والسلام على أهلها، حتى لا تخدش حرمة البيوت، حيث قال تعالى:]يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) [[ النور: 27 ]، وكذلك ينبغي على الأطفال وهم صغار أن يستأذنوا آباءهم عند الدخول عليهم في أوقات النوم: قبل صلاة الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد صلاة العشاء، قال الله تعالى:] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ ومِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ ولا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) [ [ النور:57:58 ] وفي تربية الأولاد على هذه الآداب تعويد لهم على غض البصر عن العورات، وحفظ لهم من الأسباب التي قد تسبب لهم بعض الأضرار النفسية والاجتماعية والخلقية
17. مراعاة العدل بين الأولاد حتى لا تنشأ بينهم العداوة والبغضاء عن نعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما أنه قال: أعطاني أبي عطية؛ فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول r ؛ فأتى رسول الله r، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية؛ فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع فرد عطيته"[ رواه البخاري]0
والله ولي التوفيق] رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ (8) [، والسلام عليكم ورحمة الله0
الدكتورة: سلوى عزازي
نشرت فى 8 فبراير 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,791,937
ساحة النقاش