authentication required

كان يا مكان في قديم الزمان في إحدى القرى الخضراء, ولدت فتاة عيناها زرقاء كزرقة البحر, ولا يوجد ابتسامة تشبه ابتسامتها فقاموا بتسميتها بسمة ؛لأنها تزين البيت بضحكاتها ولأنه كانت تزينها ابتسامتها وتسحر الناظر بجمالها  ونظراتها البريئة فعاشت مع أمها بدون أبيها ؛لأنه كان مسافراً إلى خارج البلاد يعمل لكي يجني المال؛ لأنهم كانت حالتهم يرثى عليها , فقد كانوا يعيشون في بيت صغير , و كانت أمها  تخيط الملابس للناس؛ لأنها لا تعرف الكتابة ولا القراءة ,وكان لدى بسمة قطة صغيرة اسمها نجمة تلعب وتجري بين الحقول معها, وبعد مرور ست سنوات كبرت بسمة  وأصبح يضرب المثل في أخلاقها وذكائها الخارق و ها قد أصبحت بسمة في سن الذهاب إلى المدرسة , فخاطت لها أمها ملابس المدرسة , واشترت لها دفاتر وأقلام فقالت لها أمها ذات يوم : يا ابنتي لقد أصبح عمرك ست سنوات , وحان وقت ذهابك إلى المدرسة يا عزيزتي وأريدك أن تصبحي أكثر الطالبات علماً وحباً لطلب العلم, وأريدك أن تحققي الحلم الذي لم أستطع تحقيقه لأنني أمية ولا أجيد الكتابة ولا القراءة , وأريد أن أتعلم على يدك وهذه هي أغراضك . ابتسمت بسمة واحتضنت أمها وقبلتها قائلة : أمي أحبك جداً واعتبـرِ كلامك هذا قد نُفِذ. في صباح اليوم التالي ذهبت بسمة وأمها إلى المدرسة, ودخلت بسمة إلى صفها وجلست ،ثم دخلت إلى الصف المعلمة ,وكانت يبدو أنها سريعة الغضب , فقد كانوا يسمعون عنها أنها شريرة .سكت الجميع وهبط عليهم هدوء تخالطه نظرات خوف بعدما كان يملئ الصف صوت الضحك ، وبدأت تنظر إلى وجوههم وقالت:أنا المعلمة سميرة، وبدأت تحكي لهم عن نفسها وعن قصص خوف الطالبات منها وتضحكهن بكلامها الجميل وتبدل مكان الخوف والرعب شعور السعادة والفرح ,وبدا على الجميع أنهن قد أحباها ، وتعرفت  عليهن وعندما عادت بسمة  بدأت تحكي لأمها ما حدث معها في المدرسة ابتسمت أمها وذهب التعب عنها. كتبت بسمة في مذكرتها مقولة : " المعلم يترك أثرًا فينا لا يوصف ولا يعرف إلى أي حد يصل تأثيره".

في اليوم التالي ذهبت الأم لتوصل ابنتها بسمة إلى المدرسة مشياً على الأقدام , وفي الطريق رأت زميلاتها يركبن سيارات آباءهن الفخمة فسألت بسمة أمها : لماذا لا نملك سيارة يا أمي ؟ فأجابتها: ليس كل البشر يملكون المال لشراء ما يردون.  قالت بسمة: أمي عندما أكبر سأشتري قصراً جميلاً يطل على البحر نعيش فيه مع بعضنا البعض. دخلت بسمة إلى المدرسة وجاءت إليها  لينا قائلة : هل هذه والدتك يا فتاة ؟ بسمة: نعم.  لينا :كنت أظن أنها أحدى المتسولات, أحست بسمة بالحزن , فجاءت قمر ولكن أمها  يحبها الجميع ويحترمها  فالمال لا يغير شيء , ذهبت لينا وهي غاضبة . قالت قمر لبسمة : يجب أن تنتبهي لكلامك ولا تنزلي رأسك أبداً وإلا سوف يأكلونك بكلامهن القاصي , وعلى مر الزمان أصبحت قمر أعز صديقات بسمة وتزوران بعضهما دائماً , وعند نهاية الدوام في أحدى الأيام قالت قمر لسائقها: اذهب سأكمل الطريق مع صديقتي . وصلت بسمة إلى منزلها وقالت : تفضلي إلى منزلي لنلعب مع بعضنا. دخلت قمر إلى المنزل ولعبتا قليلاً ثم خطرت على بال قمر فكرة: ما رأيك أن نرسم رسومات ونصنع الزينة ونعلقها على الجدار ليصبح أجمل ؟ وافقت بسمة على فكرة قمر وأصبحت غرفة بسمة جميلة جداً وفي وسط الغرفة لوحة كبيرة فيها صورة بسمة وقمر وهما تمسكان أيدي بعضهما وكتبت عليها (صديقات إلى الأبد) ودخلت الأم وهي تحمل بعض الكعك فاندهشت من جمال الغرفة وزينتها  وقالت قمر : يا لله ما أجمل غرفتك يا بسمة! يبدو أنني سأعيش هنا ,  وبعد قليل ذهبت قمر إلى منزلها ،وفتحت بسمة مذكرتها وكتبت فيها : "لا يوجد شيء صغير أرى ذلك عندما أفكر في النتائج التي تأتي من وراء أشياء بسيطة ". في ذات يوم لاحظت بسمة أن قمر أصبحت قليلاً ما تضحك وكثيرة الشرود فسألتها بسمة : ما بالك يا قمر لماذا أنت حزينة ؟ أجابتها قمر: بالأمس تعبت أمي فأخذناها إلى الطبيب فأخبرتنا بأنها مريضة جداً, ويجب أن تبقى تحت المراقبة . جلست بسمة تواسيها وتساندها وتزرع فيها الأمل حتى تحسنت حالها و عندما أخبرت بسمة أمها بما حصل لأم قمر قالت الأم:

 

"اللهم اشفيها ".سوف نذهب لزيارتها هيا وذهبتا إليها وفي الطريق سألت بسمة أمها : ما الفائدة من زيارة المرضى ومواساتهم ؟ فأجابتها أمها: تزيد الأمل وتخفف المعاناة وتقسم الحزن يعنى وكأنك تقول له أنت تهمني قالت بسمة في نفسها : "ما أجمل أن تكون سببا في إحياء شيء جميل في نفوس الناس كأنك تكون قد قطعت خطوة نحو بقاء ذكرك في عقولهم"  وعندما وصلتا  جلست الوالدتان تتحدثان مع بعضهما البعض وقد أصبحتا صديقتان مقربتان  حتى نست أم قمر تعبها وألمها و بعد قليل عادت بسمة وأمها إلى المنزل 0 وفي صباح اليوم التالي كانت بسمة ذاهبة إلى المدرسة وفي طريقها رأت سيارة تقف أمام البيت الذي بجوارهم و نزلت منها سيدة عجوز كان يبدو عليها الغنى فرأت بسمة وقالت لها العجوز: ما اسمك يا ابنتي الجميلة ؟ ردت بسمة: أنا بسمة 0 قالت لها العجوز : اسمك جميل هل تعيشين في هذا البيت يا عزيزتي ؟ بسمة : نعم  العجوز:أنا جديدة هنا اعتبرِ هذه السكاكر هدية  من جدتك، وأصبحت تلك العجوز تحب بسمة كثيرا  وفي مرة من المرات ذهبت بسمة إلى بيتها لتعطيها الثوب الذي طلبته من أمها فطرقت بسمة الباب وفتحت لها الباب وقالت لها :شكرا يا صغيرتي تفضلي بالدخول  وعندما دخلت بسمة رأت صورة لطفلة صغيرة   فسألت بسمة: من هذه الطفلة الصغيرة يا جدتي؟ فأجابتها و في عينيها الحزن: هذه أصغر أبنائي وابنتي الوحيدة لو كانت الآن حية لكانت بعمرك كل مرة انظر إليك أتذكرها يا ليتها لم تمت كم أتمنى أنني التي مت وليست هي ، وبدأت بالبكاء 0فقالت لها بسمة : لا تحزني يا جدتي هذا قدرها و لعله الخير 0 فقالت العجوز : أين الخير في موت أعز الناس إليك ؟ فقالت لها بسمة : لا تعلمين ففي قديم الزمان كان هناك ملك و وزير وكان الوزير دائما يردد جملة " كله خير" وفي ذات يوم بسبب  خطأ في التصويب قطع أصبع الملك فقال له الوزير: كله خير0 فغضب الملك غضبا شديدا فقال:أين الخير في قطع أصبعي ،فأمر الحراس بسجن الوزير وقال الوزير : كله خير0 وكان هذا الملك يتمشى في الغابة مع وزيره ولكن بما أن الوزير مسجون فقد ذهب الملك لوحده وفي الطريق مر بقوم كافرين يعبدون الأصنام فأمسكوا به ليقدموه قربانا لصنمهم وعندما كانوا سوف يذبحونه وجود أصبعه مقطوعا أطلقوا سراحه لأنه شخص ناقص لا يليق بصنمهم ، فذهب الملك سعيدا يحمد الله فتوجه إلى وزيره وحكى له القصة  وقال لها: إذا كان قطع أصبعي أنجاني من الموت فما الخير الذي وراء سجنك 0قال الوزير : لو كنت معك لأخذوني مكانك وذبحوني 0 وعندما انتهت بسمة من سرد الحكاية قالت الجدة : أتعرفين يا بسمة كلامك أكبر منك من يسمعك يظن أنك ابنة عالم ولا يظنك ابنة أم أمية ولا أب لم يكمل دراسته الإعدادية أنت فتاة معجزة يا بسمة 0 وعندما عادت كتبت كل ما حصل في مذكرتها 0 اليوم التالي في المدرسة قالت المعلمة: في هذا الأسبوع سوف تبدأ اختبارات نهاية العام أتمنى لكم التوفيق 0 وبعد انتهاء فترة الاختبارات فتحت بسمة مذكراتها وبدأت تقرأ ما كتبته " في اليوم الأول تعرفت على المعلمة سميرة (فابتسمت بسمة) وفي منتصف العام أهانتني لينا( فحزنت بسمة )لكن قمر دافعت عني ورسمنا لوحات جميلة في غرفتي وأصبحت لينا صديقتي أيضا (فابتسم بسمة) و في اختبار الرياضيات حصلت على علامة جيد جدا (فحزنت بسمة) ولكن قمر حصلت على علامة ممتاز (فابتسمت بسمة) وعندما حصلت على علامة متدنية في اللغة الإنجليزية (حزنت بسمة) وأسعدتها وساعدتها في هذه المادة (ابتسمت بسمة)الصفحة الأخيرة كتبت "عجبا للدنيا أحيانا تضحكنا وأحيانا تبكينا ولكن الناس الذين نلقاهم ينسوننا آلامنا ويجب أن أتذكر أن أجمل صنيع يمكن أن تسديه لنفسك هو أن تصنع شيء جميلا من أجل شخص أخر فالإنسان يعبر الحياة مرة واحدة وكن سعيدا بما تملك بينما تسعى لامتلاك ما تريده و أغلقت مذكرتها وأغلقت معها عينيها الجميلتين وخلدت إلى النوم 0 وفي اليوم التالي فتحت عينيها فوجدت لينا وقمر يحاولان إيقاظها فقالت لينا :هيا استيقظي يا بسمة لقد تأخرنا 0 فقالت بسمة: على ماذا تأخرنا؟ فقالت قمر : اليوم حفلة نهاية العام 0 فقفزت بسمة بسرعة قالت :حقا !لقد نسيت تماما هيا لنذهب 0 قالت لينا : بالتأكيد لن تذهبي بملابس النوم لقد أحضرنا لكي فستانا أزرق بزرقة عينييكِ 0فارتدته بسمة  ،فقالت قمر: يبدوا جميلا عليكِ وقالت لينا :السيارة في انتظارنا 0 وعندما خرجن مع بعضهن تذكرت بسمة أمها قائلة :انتظرنني هنا0 ورأت أمها تفتح صندوق صغير كان في داخله عقد جميل فألبسته لبسمة وقالت : هذا العقد أعطتني إياه أمي والآن أنا أعطيكِ إياه والآن اذهبي وارفعي رأسي 0 فنادتها قمر قائلة : هيا يا بسمة اسرعي0 فقالت بسمة :أنا قادم .فقبلت أمها وركبت السيارة وذهبت إلى الحفلة وبدأت بسمة وصديقاتها ينشدن أنشودة جميلة ولكن مع كل كلمة كانت تقولها بسمة تتردد كلمات أمها الأخيرة وبدأ قلبها يخفق بسرعة ولم تكن تحس باطمئنان وكانت ترتعش وحتى نسيت كلمات الأنشودة وقالت في نفسها : يا إلهي  ما الذي يجري لي ؟يا رب قدم لي الخير  وعندما حان تكريم المراكز الأولى  ونادت مقدمة الإذاعة أسماء طلاب  المركز الخامس والرابع والثالث والثاني وفجأة قالت:  المركز الأول وصاحبته هي بسمة صفق الجميع تصفيقا حارا لكن لم تظهر بسمة ألتفت الجميع حولهم فلم يجدوها وأعادت مقدمة الحفل أسمها لكن لم تصعد بسمة إلى المنصة وبدأت قمر تبحث عنها ولينا تنادي قائلة : بسمة ...بسمة .. أين أنت ؟ ولكن بسمة لم تكن هنا ولا هناك ،بسمة كانت في بيتها تبكي فلقد وجدت البيت يحترق وكانت تحاول الدخول إليه والناس يمنعونها ويحاولون إخماد النار التي تأكل البيت وبسمة تصرخ بأعلى صوتها: أمي..أرجوكم أمي في الداخل . وكانت تنوح حينا وتصرخ حينا وبعد وقت من الزمن خرج شرطيان يحملان بيدهما نقالة فيها أم بسمة فرمت بسمة نفسها على أمها تقول لها : أمي ردي..أمي..أرجوك لا تتركيني . فأخذوها بسيارة الإسعاف إلى المستشفى في الحال وعندما وصلوا وضعوها في الغرفة وتجمع حولها الأطباء وبسمة تنظر من الزجاج وفجأة نطقت الأم ولكن بصعوبة : بسمة..أحضروا بسمة . فجاءت بسمة وأمسكت يدا أمها وصوت بكاءها يملئ الغرفة فمسحت الأم بيدها على رأس ابنتها  فقالت: بسمة لا تبكي فأنا أحبك ولن أتركك .فازداد بكاء بسمة وفجأة جاءت لحظة سكوت غريب فابتسمت الأم ونطقت الشهادة و أغمضت عينيها وتوقفت نبضات قلبها فازداد بكاء بسمة ونواحها وها قد أغمضت الأم عينيها التي لن تفتح مرة أخرى ولم تترك أي ذكرى إلا تلك الفتاة البريئة و وتركتها تحارب الدنيا ومشاكلها لوحدها . وبعد مرور أسبوع من وفاتها تذكرت بسمة الصندوق الذي كانت تخفيه أمها فبحثت عنه فوجدته بين الرماد ولم يتغير شكله رغم الحريق فقالت بسمة في نفسها: امرأة مثل الجبل بسبب هذا الحريق اختفت وهذا الصندوق الصغير لم يصبه شيء. ففتحته فوجدت 3صور لأمها وأبيها وبعض الكتب الصغيرة كتب عليها كنت أود أن اقرأها ولكن لم استطع فأخذت بسمة الصندوق وذهبت إلى قبر والدتها وزرعت الورد حوله وكانت تحاول إخفاء دموعها وقالت :أغمضي عينيك ونامي في سلام وارتاحي في قبرك اطمئن فلقد عاد أبي وساعدنا الجيران في إصلاح المنزل وأصبحت أخيط الملابس مثلما كنت تفعلين ولكن ليس مثلما كنت تجعلينها جميلة برائحتك وبذوقك . وأصبحت الأعوام تتوالى حتى كبرت بسمة وأصبح لديها عائلة وأصبحت كاتبة شهيرة ومازلت تزور قبر أمها. هناك نعم كثير من حولنا لا نقدرها ولا نحس بقيمتها إلا وقت فقدانها فقبل أن تطلب المفقود أنظر إلى الموجود ،كم من إنسان، طوى الزمان صفحته ، ومضى به قطار الحياة ، فودعنا ورحل ، ولم يبقي لنا إلا الذكريات ، فا بالآخرة لنا لقاء .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 8 مارس 2017 بواسطة alnoorbasic

مدرسة النور للتعليم الاساسي بنات 5-10

alnoorbasic
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,223