سؤال وجواب

edit


أركان الإسلام
التوحيد
وعيد المفسدين والمجرمين والفاسقين

1-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [البقرة 11]
(وإذا قيل لهم) أي لهؤلاء (لا تفسدوا في الأرض) بالكفر والتعويق عن الإيمان (قالوا إنما نحن مصلحون) وليس ما نحن فيه بفساد.
2-أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ [البقرة 12]
قال الله تعالى رداً عليهم : (ألا) للتنبيه (إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) بذلك
3-إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ [البقرة 26]
(إن الله لا يستحيي أن يضرب) يجعل (مثلاً) مفعول أول (ما) نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني (بعوضةً) مفرد البعوض وهو صغار البق (فما فوقها) أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه) أي المثل (الحق) الثابت الواقع موقعه (من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا) تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم (يضل به) أي بهذا المثل (كثيرا) عن الحق لكفرهم به (ويهدي به كثيرا) من المؤمنين لتصديقهم به (وما يضل به إلا الفاسقين) الخارجين عن طاعته
4-الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة 27]
(الذين) نعت (ينقضون عهد الله) ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم (من بعد ميثاقه) توكيده عليهم (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به (ويفسدون في الأرض) بالمعاصي والتعويق عن الإيمان (أولئك) الموصوفون بما ذكر (هم الخاسرون) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
5-وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ [البقرة 99]
(ولقد أنزلنا إليك) يا محمد (آيات بينات) أي واضحات حال ، رد لقول ابن صوريا للنبي ما جئتنا بشيء (وما يكفر بها إلا الفاسقون) كفروا بها
6-وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة 204]
(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) ولا يعجبك في الآخرة لمخالفته لاعتقاده (ويشهد الله على ما في قلبه) أنه موافق لقوله (وهو ألد الخصام) شديد الخصومة لك ولأتباعك لعداوته لك وهو الأخنس بن شريق كان منافقاً حلوَ الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم يحلف أنه مؤمن ومحب له فيدنى مجلسَه فأكذبه الله في ذلك ومرَّ بزرعٍ وحُمُرٍ لبعض المسلمين فأحرقه وعقرها ليلاً كما قال تعالى:
7-وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ [البقرة 205]
(وإذا تولى) انصرف عنك (سعى) مشى (في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) من جملة الفساد (والله لا يحب الفساد) أي لا يرضى به
8-وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة 206]
(وإذا قيل له اتق الله) في فعلك (أخذته العزة) حملته الأنفة والحمية على العمل (بالإثم) الذي أمر باتقائه (فحسبه) كافيه (جهنم ولبئس المهاد) الفراش هي
9-فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ [أل عمران 63]
(فإن تولوا) أعرضوا عن الإيمان (فإن الله عليم بالمفسدين) فيجازيهم وفيه وضع الظاهر موضع المضمر
10-فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [أل عمران 82]
(فمن تولى) أعرض (بعد ذلك) الميثاق (فأولئك هم الفاسقون)
11-كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [أل عمران 110]
(كنتم) يا أمة محمد في علم الله تعالى (خير أمة أخرجت) أظهرت (للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان) الإيمان (خيراً لهم منهم المؤمنون) كعبد الله بن سلام رضي الله عنه وأصحابه (وأكثرهم الفاسقون) الكافرون
12-يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة 67]
(يا أيها الرسول بلغ) جميع (ما أنزل إليك من ربك) ولا تكتم شيئا منه خوفا أن تنال بمكروه (وإن لم تفعل) أي لم تبلغ جميع ما أنزل إليك (فما بلغت رسالته) بالإفراد والجمع لأن كتمان بعضها ككتمان كلها (والله يعصمك من الناس) أن يقتلوك وكان صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت فقال: "انصرفوا فقد عصمني الله" رواه الحاكم (إن الله لا يهدي القوم الكافرين)
13-وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [المائدة 86]
(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم)
14-وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ [الانعام 49]
(والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون) يخرجون عن الطاعة
15-إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف 40]
(إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا) تكبروا (عنها) فلم يؤمنوا بها (لا تفتح لهم أبواب السماء) إذا عرج بأرواحهم إليها بعد الموت فيهبط بها إلى سجِّين بخلاف المؤمن فتفتح له ويصعد بروحه إلى السماء السابعة كما ورد في حديث (ولا يدخلون الجنة حتى يلج) يدخل (الجمل في سمّ الخياط) ثقب الإبرة وهو غير ممكن فكذا دخولهم (وكذلك) الجزاء (نجزي المجرمين) بالكفر
16-وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف 56]
(ولا تفسدوا في الأرض) بالشرك والمعاصي (بعد إصلاحها) ببعث الرسل (وادعوه خوفا) من عقابه (وطمعا) في رحمته (إن رحمة الله قريب من المحسنين) المطيعين ، وتذكير قريب المخبر به عن رحمة لإضافتها إلى الله
17-وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الأعراف 84]
(وأمطرنا عليهم مطراً) هو حجارة السجيل فأهلكتهم (فانظر كيف كان عاقبة المجرمين)
18-قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة 24]
(قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم) أقرباؤكم وفي قراءة {عشيراتكم} (وأموال اقترفتموها) اكتسبتموها (وتجارة تخشون كسادها) عدم نفاذها (ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله) فقعدتم لأجله عن الهجرة والجهاد (فتربصوا) انتظروا (حتى يأتي الله بأمره) تهديد لهم (والله لا يهدي القوم الفاسقين)
19-كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ [يونس 33]
(كذلك) كما صرف هؤلاء عن الإيمان (حقت كلمة ربك على الذين فسقوا) كفروا ، وهي {لأملأن جهنم} الآية ، أو هي (أنهم لا يؤمنون)
20-وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص 77]
(وابتغ) اطلب (فيما آتاك الله) من المال (الدار الآخرة) بأن تنفقه في طاعة الله (ولا تنس) تترك (نصيبك من الدنيا) أي أن تعمل فيها للآخرة (وأحسن) للناس بالصدقة (كما أحسن الله إليك ولا تبغ) تطلب (الفساد في الأرض) بعمل المعاصي (إن الله لا يحب المفسدين) بمعنى أنه يعاقبهم
21-تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص 83]
(تلك الدار الآخرة) الجنة (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض) بالبغي (ولا فسادا) بعمل المعاصي (والعاقبة) المحمودة (للمتقين) عقاب الله بعمل الطاعات
22-وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ [الروم 12]
(ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) يسكت المشركون لانقطاع حجتهم
23-وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ [الروم 13]
(ولم يكن) لا يكون (لهم من شركائهم) ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم (شفعاء وكانوا) أي يكونون (بشركائهم كافرين) أي متبرئين منهم
24-وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ [الروم 55]
(ويوم تقوم الساعة يقسم) يحلف (المجرمون) الكافرون (ما لبثوا) في القبور (غير ساعة) قال تعالى (كذلك كانوا يؤفكون) يصرفون عن الحق البعث كما صرفوا عن الحق الصدق في مدة اللبث
25-وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [السجدة 20]
(وأما الذين فسقوا) بالكفر والتكذيب (فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون)
26-وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [السجدة 21]
(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) عذاب الدنيا بالقتل والأسر والجدب سنين والأمراض (دون) قبل (العذاب الأكبر) عذاب الآخرة (لعلهم) أي من بقي منهم (يرجعون) إلى الأيمان
27-وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر 19]
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله) تركوا طاعته (فأنساهم أنفسهم) أن يقدموا لها خيرا (أولئك هم الفاسقون)

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 224 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed


أركان الإسلام
التوحيد
الملحدون المنكرون ليوم البعث

1-وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ [الانعام 29]
(وقالوا) أي منكر والبعث (إن) ما (هي) أي الحياة (إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين)
2-إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ [يونس 7]
(إن الذين لا يرجون لقاءنا) بالبعث (ورضوا بالحياة الدنيا) بدل الآخرة لإنكارهم لها (واطمأنوا بها) سكنوا إليها (والذين هم عن آياتنا) دلائل وحدانيتنا (غافلون) تاركون النظر فيها
3-وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [يونس 15]
(وإذا تتلى عليهم آياتنا) القرآن (بيناتٍ) ظاهراتٍ حال (قال الذين لا يرجون لقاءنا) لا يخافون البعث (ائت بقرآن غير هذا) ليس فيه عيب آلهتنا (أو بدِّله) من تلقاء نفسك (قل) لهم (ما يكون) ينبغي (لي أن أبدله من تلقاء) قبل (نفسي إن) ما (أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي) بتبديله (عذاب يوم عظيم) هو يوم القيامة
4-وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس 18]
(ويعبدون من دون الله) أي غيره (ما لا يضرهم) إن لم يعبدوه (ولا ينفعهم) إن عبدوه وهو الأصنام (ويقولون) عنها (هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل) لهم (أتنبئون الله) تخبرونه (بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) استفهام إنكار إذ لو كان له شريك لعلمه إذ لا يخفي عليه شيء (سبحانه) تنزيهاً له (وتعالى عما يشركونـ) ـه معه
5-وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ [يونس 45]
(ويوم يحشرهم كأن) أي كأنهم (لم يلبثوا) في الدنيا أو القبور (إلا ساعةً من النهار) لهول ما رأوا ، وجملة التشبيه حال من الضمير (يتعارفون بينهم) يعرف بعضهم بعضاً إذا بعثوا ثم ينقطع التعارف لشدة الأحوال والجملة حال مقدرة أو متعلق الظرف (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) بالبعث (وما كانوا مهتدين)
6-وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [هود 7]
(وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) أولها الأحد وآخرها الجمعة (وكان عرشه) قبل خلقها (على الماء) وهو على متن الريح (ليبلوكم) متعلق بخلق ، أي خلقهما وما فيهما من منافع لكم ومصالح ليختبركم (أيكم أحسن عملاً) أي أطوع لله (ولئن قلت) يا محمد لهم (إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن) ما (هذا) القرآن الناطق بالبعث والذي تقوله (إلا سحر مبين) بين ، وفي قراءة {ساحر} ، والمشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم
7-وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ [الرعد 5]
(وإن تعجب) يا محمد من تكذيب الكفار لك (فعجبٌ) حقيق بالعجب (قولهم) منكرين للبعث (أئذا كنا تراباً أئنا لفي خلق جديد) لان القادر على إنشاء الخلق وما تقدم على غير مثال قادر على إعادتهم وفي الهمزتين في الموضعين التحقيق وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركها ، وفي قراءة بالاستفهام في الأول والخبر في الثاني وأخرى وعكسه (أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
8-وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ [الرعد 6]
ونزل في استعجالهم العذاب استهزاء (ويستعجلونك بالسيئة) العذاب (قبل الحسنة) الرحمة (وقد خلت من قبلهم المثلات) جمع المَثُلة بوزن السمرة أي عقوبات أمثالهم من المكذبين أفلا يعتبرون بها ؟ (وإن ربك لذو مغفرة للناس على) مع (ظلمهم) وإلا لم يترك على ظهرها دابة (وإن ربك لشديد العقاب) لمن عصاه
9-وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد 7]
(ويقول الذين كفروا لولا) هلا (أنزل عليه) على محمد (آية من ربه) كالعصا واليد والناقة ، قال تعالى : (إنما أنت منذر) مخوف الكافرين وليس عليك إتيان الآيات (ولكل قوم هاد) نبي يدعوهم إلى ربهم بما يعطيه من الآيات لا بما يقترحون
10-إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ [النحل 22]
(إلهكم) المستحق للعبادة منكم (إله واحد) لا نظير له في ذاته ولا في صفاته وهو الله تعالى (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة) جاحدة للوحدانية (وهم مستكبرون) متكبرون عن الإيمان بها
11-لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النحل 23]
(لا جرم) حقا (أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) فيجازيهم بذلك (إنه لا يحب المستكبرين) بمعنى أنه يعاقبهم
12-وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ [النحل 24]
ونزل في النضر بن الحرث (وإذا قيل لهم ماذا) استفهامية موصولة (أنزل ربكم) على محمد (قالوا) هو (أساطير) أكاذيب (الأولين) إضلالا للناس
13-لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ [النحل 25]
(ليحملوا) في عاقبة الأمر (أوزارهم) ذنوبهم (كاملة) لم يكفر منها شيء (يوم القيامة ومن) بعض (أوزار الذين يضلونهم بغير علم) لأنهم دعوهم إلى الضلال فاتبعوهم فاشتركوا في الإثم (ألا ساء) بئس (ما يزرون) يحملونه حملهم هذا
14-وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [النحل 38]
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) أي غاية اجتهادهم فيها (لا يبعث الله من يموت) قال تعالى (بلى) يبعثهم (وعدا عليه حقا) مصدران مؤكدان منصوبان بفعلهما المقدر أي وعد ذلك وحقه حقا (ولكن أكثر الناس) أي أهل مكة (لا يعلمون) ذلك
15-لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ [النحل 39]
(ليبين) متعلق بيبعثهم المقدر (لهم الذي يختلفون) مع المؤمنين (فيه) من أمر الدين بتعذيبهم وإثابة المؤمنين (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) في إنكار البعث
16-وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً [الإسراء 49]
(وقالوا) منكرين للبعث (أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا)
17-قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً [الإسراء 50]
(قل) لهم (كونوا حجارة أو حديدا)
18-أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً [الإسراء 51]
(أو خلقا مما يكبر في صدوركم) يعظم عن قبول الحياة فضلا عن العظام والرفات فلا بد من إيجاد الروح فيكم (فسيقولون من يعيدنا) إلى الحياة (قل الذي فطركم) خلقكم (أول مرة) ولم تكونوا شيئا لان القادر على البدء قادر على الإعادة بل هي أهون (فسينغضون) يحركون (إليك رؤوسهم) تعجبا (ويقولون) استهزاء (متى هو) أي البعث (قل عسى أن يكون قريبا)
19-يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء 52]
(يوم يدعوكم) يناديكم من القبور على لسان إسرافيل (فتستجيبون) فتجيبون دعوته من القبور (بحمده) بأمره وقيل وله الحمد (وتظنون إن) ما (لبثتم) في الدنيا (إلا قليلا) لهول ما ترون
20-ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً [الإسراء 98]
(ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا) منكرين للبعث (أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا)
21-وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً [الكهف 48]
(وعرضوا على ربك صفا) حال أي مصطفين كل امة صف ويقال لهم (لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة) أي فرادى حفاة عراة عزلا ويقال لمنكري البعث (بل زعمتم) أن مخففة من الثقيلة أي أنه (ألن نجعل لكم موعدا) للبعث
22-يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً [مريم 44]
(يا أبت لا تعبد الشيطان) بطاعتك إياه في عبادة الأصنام (إن الشيطان كان للرحمن عصيا) كثير العصيان
23-يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً [مريم 45]
(يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن) إن لم تتب (فتكون للشيطان وليا) ناصرا وقرينا في النار
24-قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً [مريم 46]
(قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) فتعيبها (لئن لم تنته) عن التعرض لها (لأرجمنك) بالحجارة أو بالكلام القبيح فاحذرني (واهجرني مليا) دهرا طويلا
25-قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً [مريم 47]
(قال سلام عليك) مني أي لا أصيبك بمكروه (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) من حفي أي بارا فيجيب دعائي وقد وفى بوعده المذكور في الشعراء واغفر لابي وهذا قبل أن يتبين له أنه عدو لله كما ذكره في براءة
26-وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً [مريم 48]
(وأعتزلكم وما تدعون) تعبدون (من دون الله وأدعوا) أعبد (ربي عسى) أن (ألا أكون بدعاء ربي) بعبادته (شقيا) كما شقيتم بعبادة الأصنام
27-فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً [مريم 49]
(فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله) بأن ذهب الى الأرض المقدسة (وهبنا له) ابنين يأنس بهما (إسحاق ويعقوب وكلا) منهما (جعلنا نبيا)
28-وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً [مريم 50]
(ووهبنا لهم) للثلاثة (من رحمتنا) المال والولد (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) رفيعا هو الثناء الحسن في جميع أهل الأديان
29-وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً [مريم 51]
(واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا) بكسر اللام وفتحها من أخلص في عبادته وخلصه الله من الدنس (وكان رسولا نبيا)
30-وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً [مريم 52]
(وناديناه) بقول يا موسى إني انا الله (من جانب الطور) اسم الجبل (الأيمن) أي الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين (وقربناه نجيا) مناجيا بأن أسمعه الله تعالى كلامه
31-وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً [مريم 53]
(ووهبنا له من رحمتنا) نعمتنا (أخاه هارون) بدل أو عطف بيان (نبيا) حال هي المقصودة بالهبة إجابة لسؤاله أن يرسل أخاه معه وكان أسن منه
32-وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً [مريم 54]
(واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد) لم يعد شيئا إلا وفى به وانتظر من وعد ثلاثة أيام أو حولا حتى رجع إليه في مكانه (وكان رسولا) إلى جرهم (نبيا)
33-وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم 55]
(وكان يأمر أهله) أي قومه (بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) اصله مرضو وأقبلت الواوان ياءين والضمة كسرة
34-وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً [مريم 56]
(واذكر في الكتاب إدريس) هو جد أبي نوح (إنه كان صديقا نبيا)
35-وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً [مريم 57]
(ورفعناه مكانا عليا) هو حي في السماء الرابعة أو السادسة أو السابعة أو في الجنة ادخلها بعد أن اذيق الموت واحيي ولم يخرج منها
36-أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم 58]
(أولئك) مبتدأ (الذين أنعم الله عليهم) صفة له (من النبيين) بيان له وهو في معنى الصفة وما بعده الى جملة الشرط صفة للنبيين فقوله (من ذرية آدم) أي إدريس (وممن حملنا مع نوح) في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام (ومن ذرية إبراهيم) أي إسمعيل وإسحق ويعقوب ومن ذرية (وإسرائيل) وهو يعقوب أي موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى (وممن هدينا واجتبينا) أي من جملتهم وخبر اولئك (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم وأصل بكي بكوي قلبت الواو ياء والضمة كسرة
37-فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم 59]
(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة) بتركها كاليهود والنصارى (واتبعوا الشهوات) من المعاصي (فسوف يلقون غيا) وهو واد في جهنم أي يقعون فيه
38-إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً [مريم 60]
(إلا) لكن (من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون) ينقصون (شيئا) من ثوابهم
39-جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً [مريم 61]
(جنات عدن) إقامة بدل من الجنة (التي وعد الرحمن عباده بالغيب) حال أي غائبين عنها (إنه كان وعده) أي موعوده (مأتيا) بمعنى آتيا وأصله مأتوي أو موعوده هنا الجنة يأتيه أهله
40-لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً [مريم 62]
(لا يسمعون فيها لغوا) من الكلام (إلا) لكن يسمعون (سلاما) من الملائكة عليهم أو من بعضهم على بعض (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) أي على قدرهما في الدنيا وليس في الجنة نهار ولا ليل بل ضوء ونور أبدا
41-تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً [مريم 63]
(تلك الجنة التي نورث) نعطي وننزل (من عبادنا من كان تقيا) بطاعته ونزل لما تأخر الوحي أياما وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا
42-وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً [مريم 64]
(وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا) أي أمامنا من أمور الآخرة (وما خلفنا) من امور الدنيا (وما بين ذلك) أي ما يكون في هذا الوقت إلى قيام الساعة أي له علم ذلك جميعه (وما كان ربك نسيا) بمعنى ناسيا أي تاركا لك بتأخير الوحي عنك
43-رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً [مريم 65]
هو (رب) مالك (السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته) أي اصبر عليها (هل تعلم له سميا) أي مسمى بذلك لا
44-وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً [مريم 66]
(ويقول الإنسان) المنكر للبعث ابي بن خلف أو الوليد بن المغيرة النازل فيه الآية (أئذا) بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال الألف بينهما بوجهيها وبين الأخرى (ما مت لسوف أخرج حيا) من القبر كما يقول محمد فالاستفهام بمعنى النفي أي لا أحيا بعد الموت وما زائدة للتأكيد وكذا اللام ورد عليه بقوله تعالى
45-أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً [مريم 67]
(أولا يذكر الإنسان أنا) أصله يتذكر أبدلت التاء ذالا وادغمت في الذال وفي قراءة تركها وسكون الذال وضم الكاف (خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك) فيستدل بالابتداء على الإعادة
46-فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً [مريم 68]
(فوربك لنحشرنهم) أي المنكرين للبعث (والشياطين) أي نجمع كلا منهم وشيطانه في سلسلة (ثم لنحضرنهم حول جهنم) من خارجها (جثيا) على الركب جمع جاث وأصله جثوو أو جثوي من جثا يجثو أو يجثي لغتان
47-ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً [مريم 69]
(ثم لننزعن من كل شيعة) فرقة منهم (أيهم أشد على الرحمن عتيا) جراءة
48-ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً [مريم 70]
(ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها) أحق بجهنم الأشد وغيره منهم (صليا) دخولا واحتراقا فتبدأ بهم وأصله صلوي من صلي بكسر اللام وفتحها
49-يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج 5]
(يا أيها الناس) أي أهل مكة (إن كنتم في ريب) شك (من البعث فإنا خلقناكم) أي أصلكم آدم (من تراب ثم) خلقنا ذريته (من نطفة) مني (ثم من علقة) وهي الدم الجامد (ثم من مضغة) وهي لحمة قدر ما يمضغ (مخلقة) مصورة تامة الخلق (وغير مخلقة) أي غير تامة الخلقة (لنبين لكم) كمال قدرتنا لتستدلوا بها في ابتداء الخلق على إعادته (ونقر) مستأنف (في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) وقت خروجه (ثم نخرجكم) من بطون أمهاتكم (طفلا) بمعنى أطفالا (ثم) نعمركم (لتبلغوا أشدكم) أي الكمال والقوة وهو بين الثلاثين إلى الأربعين سنة (ومنكم من يتوفى) يموت قبل بلوغ الأشد (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أخسه من الهرم والخرف (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) قال عكرمة من قرأ القرآن لم يصر بهذه الحالة (وترى الأرض هامدة) يابسة (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت) تحركت (وربت) ارتفعت وزادت (وأنبتت من) زائدة (كل زوج) صنف (بهيج) حسن
50-ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الحج 6]
(ذلك) المذكور من بدء خلق الإنسان الى آخر إحياء الأرض (بأن) بسبب أن (الله هو الحق) الثابت الدائم (وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير)
51-وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ [الحج 7]
(وأن الساعة آتية لا ريب) شك (فيها وأن الله يبعث من في القبور) ونزل في أبي جهل
52-وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [المؤمنون 74]
(وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة) بالبعث والثواب والعقاب (عن الصراط) الطريق (لناكبون) عادلون
53-بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ [المؤمنون 81]
(بل قالوا مثل ما قال الأولون)
54-قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [المؤمنون 82]
(قالوا) الأولون (أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون) لا وفي الهمزتين في الموضعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين
55-لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [المؤمنون 83]
(لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) البعث بعد الموت (من قبل إن) ما (هذا إلا أساطير) أكاذيب (الأولين) كالأضاحيك والأعاجيب جمع أسطورة بالضم
56-قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون 84]
(قل) لهم (لمن الأرض ومن فيها) من الخلق (إن كنتم تعلمون) خالقها ومالكها
57-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [المؤمنون 85]
(سيقولون لله قل) لهم (أفلا تذكرون) بإدغام التاء الثانية في الذال تتعظون فتعلموا أن القادر على الخلق ابتداء قادر على الإحياء بعد الموت
58-قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [المؤمنون 86]
(قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم) الكرسي
59-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [المؤمنون 87]
(سيقولون لله قل أفلا تتقون) تحذرون عبادة غيره
60-قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون 88]
(قل من بيده ملكوت) ملك (كل شيء) والتاء للمبالغة (وهو يجير ولا يجار عليه) يحمي ولا يحمى عليه (إن كنتم تعلمون)
61-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون 89]
(سيقولون لله) وفي قراءة لله بلام الجر في الموضعين نظرا إلى أن المعنى من له ما ذكر (قل فأنى تسحرون) تخدعون وتصرفون عن الحق عبادة الله وحده أي كيف تخيل لكم أنه باطل
62-أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [المؤمنون 115]
(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) لا لحكمة (وأنكم إلينا لا ترجعون) بالبناء للفاعل وللمفعول لا بل لنتعبدكم بالأمر والنهي وترجعون إلينا ونجازي على ذلك وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
63-بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً [الفرقان 11]
(بل كذبوا بالساعة) القيامة (وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) نارا مسعرة أي مشتدة
64-إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ [النمل 4]
(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم) القبيحة بتركيب الشهوة حتى رأوها حسنة (فهم يعمهون) يتحيرون فيها لقبحها عندنا
65-أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ [النمل 5]
(أولئك الذين لهم سوء العذاب) أشده في الدنيا القتل والأسر (وهم في الآخرة هم الأخسرون) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
66-قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل 65]
(قل لا يعلم من في السماوات والأرض) من الملائكة والناس (الغيب) ما غاب عنهم (إلا) لكن (الله) يعلمه (وما يشعرون) كفار مكة كغيرهم (أيان) وقت (يبعثون)
67-بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ [النمل 66]
(بل) بمعنى هل (ادارك) وزن أكرم وفي قراءة أخرى ادارك بتشديد الدال وأصله تدارك أبدلت التاء دالا وأدغمت في الدال واجتلبت همزة الوصل أي بلغ ولحق أو تتابع وتلاحق (علمهم في الآخرة) بها حتى سألوا عن وقت مجيئها ليس الأمر كذلك (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) من عمى القلب وهو أبلغ مما قبله والأصل عميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الميم بعد حذف كسرتها
68-وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ [النمل 67]
(وقال الذين كفروا) أيضا في إنكار البعث (أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون) من القبور
69-لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النمل 68]
(لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن) ما (هذا إلا أساطير الأولين) جمع أسطورة بالضم ما سطر من الكذب
70-وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [العنكبوت 23]
(والذين كفروا بآيات الله ولقائه) أي القرآن والبعث (أولئك يئسوا من رحمتي) جنتي (وأولئك لهم عذاب أليم) مؤلم
71-وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ [الروم 16]
(وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا) القرآن (ولقاء الآخرة) البعث وغيره (فأولئك في العذاب محضرون)
72-وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان 32]
(وإذا غشيهم) أي علا الكفار (موج كالظلل) كالجبال التي تظل من تحتها (دعوا الله مخلصين له الدين) الدعاء بأن يجنبهم أي لا يدعون معه غيره (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد) متوسط بين الكفر والإيمان ومنهم باق على كفره (وما يجحد بآياتنا) ومنها الإنجاء من الموج (إلا كل ختار) غدار (كفور) لنعم الله تعالى
73-وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ [السجدة 10]
(وقالوا) منكر والبعث (أئذا ضللنا في الأرض) غبنا فيها بأن صرنا ترابا مختلطا بترابها (أئنا لفي خلق جديد) استفهام إنكار بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين قال تعالى (بل هم بلقاء ربهم) بالبعث (كافرون)
74-قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة 11]
(قل) لهم (يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) أي يقبض أرواحكم (ثم إلى ربكم ترجعون) أحياء فيجازيكم بأعمالكم
75-وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [سبأ 3]
(وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة) القيامة (قل) لهم (بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب) بالجر صفة والرفع خبر مبتدأ وعلام بالجر (لا يعزب) يغيب (عنه مثقال) وزن (ذرة) أصغر نملة (في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) بين هو اللوح المحفوظ
76-وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [سبأ 7]
(وقال الذين كفروا) أي قال بعضهم على جهة التعجيب لبعض (هل ندلكم على رجل) هو محمد (ينبئكم) يخبركم أنكم (إذا مزقتم) قطعتم (كل ممزق) بمعنى تمزيق (إنكم لفي خلق جديد)
77-أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ [سبأ 8]
(أفترى) بفتح الهمزة للاستفهام واستغني بها عن همزة الوصل (على الله كذبا) في ذلك (أم به جنة) جنون تخيل به ذلك قال تعالى (بل الذين لا يؤمنون بالآخرة) المشتملة على البعث والعذاب (في العذاب) فيها (والضلال البعيد) عن الحق في الدنيا
78-أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ [سبأ 9]
(أفلم يروا) ينظروا (إلى ما بين أيديهم وما خلفهم) ما فوقهم وما تحتهم (من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا) بسكون السين وفتحها قطعة (من السماء) وفي قراءة في الأفعال الثلاثة بالياء (إن في ذلك) المرئي (لآية لكل عبد منيب) راجع إلى ربه تدل على قدرة الله على البعث وما يشاء
79-وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس 78]
(وضرب لنا مثلا) في ذلك (ونسي خلقه) من المني وهو أغرب من مثله (قال من يحيي العظام وهي رميم) أي بالية ولم يقل رميمة بالتاء لأنه اسم لا صفة وروي أنه أخذ عظما رميما ففتته وقال للنبي صلى الله عليه وسلم أترى بحيي الله هذا بعد ما بلي ورم فقال صلى الله عليه وسلم نعم ويدخلك النار
80-وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ [الصافات 15]
(وقالوا) فيها (إن) ما (هذا إلا سحر مبين) بين وقالوا منكرين للبعث
81-أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصافات 16]
(أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون) في الهمزتين في الموضعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين
82-أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ [الصافات 17]
(أو آباؤنا الأولون) بسكون الواو عطفا بأو وبفتحها والهمزة للاستفهام والعطف بالواو والمعطوف عليه محل إن واسمها أو الضمير في لمبعوثون والفاصل همزة استفهام
83-قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ [الصافات 18]
(قل نعم) تبعثون (وأنتم داخرون) صاغرون
84-فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ [الصافات 19]
(فإنما هي) ضمير مبهم يفسره (زجرة) صيحة (واحدة فإذا هم) الخلائق أحياء (ينظرون) ما يفعل بهم
85-فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ [الصافات 50]
(فأقبل بعضهم) بعض أهل الجنة (على بعض يتساءلون) عما مر في الدنيا
86-قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ [الصافات 51]
(قال قائل منهم إني كان لي قرين) صاحب ينكر البعث
87-يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ [الصافات 52]
(يقول) لي تبكيتا (أئنك لمن المصدقين) بالبعث
88-أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات 53]
(أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا) في الهمزتين في الثلاثة مواضع ما تقدم (لمدينون) مجزيون ومحاسبون أنكر ذلك أيضا
89-قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ [الصافات 54]
(قال) ذلك القائل لإخوانه (هل أنتم مطلعون) معب إلى النار لننظر حاله فيقولون لا
90-فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ [الصافات 55]
(فاطلع) ذلك القائل من بعض كوى الجنة (فرآه) أي رأى قرينه (في سواء الجحيم) في وسط النار
91-قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ [الصافات 56]
(قال) له شماتة (تالله إن) إن مخففة من الثقيلة (كدت) قاربت (لتردين) لتهلكني بإغوائك
92-وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [الصافات 57]
(ولولا نعمة ربي) علي بالإيمان (لكنت من المحضرين) معك في النار وتقول أهل الجنة
93-أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ [الصافات 58]
(أفما نحن بميتين)
94-قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ [فصلت 6]
(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه) بالإيمان والطاعة (واستغفروه وويل) كلمة عذاب (للمشركين)
95-الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت 7]
(الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم) تأكيد (كافرون)
96-أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ [فصلت 54]
(ألا إنهم في مرية) شك (من لقاء ربهم) لانكارهم البعث (ألا إنه) تعالى (بكل شيء محيط) علما وقدرة فيجازيهم بكفرهم
97-إِنَّ هَؤُلَاء لَيَقُولُونَ [الدخان 34]
(إن هؤلاء) أي كفار مكة (ليقولون)
98-إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ [الدخان 35]
(إن هي) ما الموتة التي بعدها الحياة (إلا موتتنا الأولى) أي وهم نطف (وما نحن بمنشرين) بمبعوثين أحياء بعد الثانية
99-فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الدخان 36]
(فأتوا بآبائنا) أحياء (إن كنتم صادقين) أنا نبعث بعد موتنا أي نحيا
100-أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [الدخان 37]
قال تعالى (أهم خير أم قوم تبع) هو نبي أو رجل صالح (والذين من قبلهم) من الأمم (أهلكناهم) بكفرهم والمعنى ليسوا أقوى منهم وأهلكوا (إنهم كانوا مجرمين)
101-وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية 24]
(وقالوا) أي منكروا البعث (ما هي) أي الحياة (إلا حياتنا) التي في (الدنيا نموت ونحيا) أي يموت بعض ويحيا بعض بأن يولدوا (وما يهلكنا إلا الدهر) مرور الزمان قال تعالى (وما لهم بذلك) المقول (من علم إن) ما (هم إلا يظنون)
102-وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الجاثية 25]
(وإذا تتلى عليهم آياتنا) من القرآن الدالة على قدرتنا على البعث (بينات) واضحات حال (ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا) أحياء (إن كنتم صادقين) أنا نبعث
103-قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الجاثية 26]
(قل الله يحييكم) حين كنتم نطفا (ثم يميتكم ثم يجمعكم) أحياء (إلى يوم القيامة لا ريب) لا شك (فيه ولكن أكثر الناس) وهم القائلون ما ذكر (لا يعلمون)
104-وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية 32]
(وإذا قيل) لكم أيها الكفار (إن وعد الله) بالبعث (حق والساعة) بالرفع والنصب (لا ريب) لا شك (فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن) ما (نظن إلا ظنا) قال المبرد أصله إن نحن إلا نظن ظنا (وما نحن بمستيقنين) أنها آتية
105-وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأحقاف 17]
(والذي قال لوالديه) وفي قراءة بالإدغام أريد به الجنس (أف) بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتنا وقبحا (لكما) أتضجر منكما (أتعدانني) وفي قراءة بالإدغام (أن أخرج) من القبر (وقد خلت القرون) الأمم (من قبلي) ولم تخرج من القبور (وهما يستغيثان الله) يسألانه الغوث برجوعه ويقولان إن لم ترجع (ويلك) أي هلاكك بمعنى هلكت (آمن) بالبعث (إن وعد الله حق فيقول ما هذا) أي القول بالبعث (إلا أساطير الأولين) أكاذيبهم
106-أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ [الأحقاف 18]
(أولئك الذين حق) وجب (عليهم القول) بالعذاب (في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)
107-أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأحقاف 33]
(أولم يروا أن) يعلموا أي منكرو البعث (الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر) لم يعجز عنه (على) خبر أن وزيدت الباء فيه لأن الكلام في قوة أليس الله بقادر (أن يحيي الموتى بلى إنه) هو قادر على إحياء الموتى (على كل شيء قدير ويوم)
108-أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق 3]
(أئذا) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين (متنا وكنا ترابا) نرجع (ذلك رجع بعيد) غاية البعد
109-رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [ق 11]
(رزقا للعباد) مفعول له (وأحيينا به بلدة ميتا) يستوي فيه المذكر والمؤنث (كذلك) مثل هذا الاحياء (الخروج) من القبور فكيف تنكرونه والاستفهام للتقرير والمعنى أنهم نظروا وعلموا ماذكر
110-أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق 15]
(أفعيينا بالخلق الأول) أي لم نعي به فلا نعيا بالإعادة (بل هم في لبس) شك (من خلق جديد) وهو البعث
111-إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ [الذاريات 8]
(إنكم) يا أهل مكة في شأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن (لفي قول مختلف) قيل شاعر ساحر كاهن شعر سحر كهانة
112-وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة 47]
(وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون) في الهمزتين في الموضعين للتحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين
113-أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ [الواقعة 48]
(أو آباؤنا الأولون) بفتح الواو للعطف والهمزة للاستفهام ، وهو في ذلك وفيما قبله للاستبعاد وفي قراءة بسكون الواو عطفا بأو والمعطوف عليه محل إن واسمها
114-قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ [الواقعة 49]
(قل إن الأولين والآخرين)
115-لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ [الواقعة 50]
(لمجموعون إلى ميقات) لوقت (يوم معلوم) أي يوم القيامة
116-ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة 51]
(ثم إنكم أيها الضالون المكذبون)
117-لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ [الواقعة 52]
(لآكلون من شجر من زقوم) بيان للشجر
118-فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الواقعة 53]
(فمالئون منها) من الشجر (البطون)
119-فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ [الواقعة 54]
(فشاربون عليه) أي الزقوم المأكول (من الحميم)
120-فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [الواقعة 55]
(فشاربون شَرب) بفتح الشين وضمها مصدر (الهيم) الإبل العطاش ، جمع هَيمان الذكر وهيمى للأنثى ، كعطشان وعطشى
121-هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة 56]
(هذا نزلهم) ما أعد لهم (يوم الدين) يوم القيامة
122-حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر 47]
(حتى أتانا اليقين) الموت
123-كَلَّا بَل لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ [المدثر 53]
(كلا) ردع عما أرادوه (بل لا يخافون الآخرة) أي عذابها
124-انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [المرسلات 29]
(انطلقوا إلى ما كنتم به) من العذاب (تكذبون)
125-انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ [المرسلات 30]
(انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب) هو دخان جهنم إذا ارتفع افترق ثلاث فرق لعظمه
126-لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [المرسلات 31]
(لا ظليل) كنين يظلهم من حر ذلك اليوم (ولا يغني) يرد عنهم شيئا (من اللهب) النار
127-إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ [المرسلات 32]
(إنها) أي النار (ترمي بشرر) هو ما تطاير منها (كالقصر) من البناء في عظمه وارتفاعه
128-كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ [المرسلات 33]
(كأنه جمالة) جمع جمالة جمع جمل وفي قراءة جمالة (صفر) في هيئتها ولونها وفي الحديث شرار النار أسود كالقير والعرب تسمي سود الإبل صفرا لشوب سوادها بصفرة فقيل صفر في الآية بمعنى سود لما ذكر وقيل لا والشرر جمع شرارة والقير القار
129-وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات 34]
(ويل يومئذ للمكذبين)
130-يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ [النازعات 10]
(يقولون) أي أرباب القلوب والأبصار استهزاء وإنكارا للبعث (أئنا) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين (لمردودون في الحافرة) أي أنرد بعد الموت إلى الحياة والحافرة اسم لأول الأمر ومنه رجع فلان حافرته والحافرة إذا رجع من حيث جاء
131-أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً [النازعات 11]
(أئذا كنا عظاما نخرة) وفي قراءة ناخرة بالية متفتتة نحيا
132-قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ [النازعات 12]
(قالوا تلك) أي رجعتنا إلى الحياة (إذا) إن صحت (كرة) رجعة (خاسرة) ذات خسران
133-فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ [النازعات 13]
(فإنما هي) أي الرادفة التي يعقبها البعث (زجرة) نفخة (واحدة) فاذا نفخت
134-فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ [النازعات 14]
(فإذا هم) أي كل الخلائق (بالساهرة) بوجه الأرض أحياء بعد ما كانوا ببطنها أمواتا
135-كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ [الإنفطار 9]
(كلا) ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى (بل تكذبون) ياكفار مكة (بالدين) بالجزاء على الأعمال
136-وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ [المطففين 10]
(ويل يومئذ للمكذبين)
137-الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المطففين 11]
(الذين يكذبون بيوم الدين) الجزاء بدل أو بيان للمكذبين
138-وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ [المطففين 12]
(وما يكذب به إلا كل معتد) متجاوز الحد (أثيم) صيغة مبالغة
139-إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [المطففين 13]
(إذا تتلى عليه آياتنا) القرآن (قال أساطير الأولين) الحكايات التي سطرت قديما جمع أسطورة بالضم أو إسطارة بالكسر
140-كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين 14]
(كلا) ردع وزجر لقولهم ذلك (بل ران) غلب (على قلوبهم) فغشيها (ما كانوا يكسبون) من المعاصي فهو كالصدإ
141-كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ [المطففين 15]
(كلا) حقا (إنهم عن ربهم يومئذ) يوم القيامة (لمحجوبون) فلا يرونه
142-ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ [المطففين 16]
(ثم إنهم لصالوا الجحيم) لداخلو النار المحرقة
143-ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [المطففين 17]
(ثم يقال) لهم (هذا) أي العذاب (الذي كنتم به تكذبون)
144-إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ [الإنشقاق 14]
(إنه ظن أن) م�

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 324 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed


أركان الإسلام
التوحيد
عقوبة المرتدين

1-يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة 217]
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أول سراياه وعليها عبد الله بن جحش فقاتلوا المشركين وقتلوا ابن الحضرمي آخر يوم من جمادى الآخرة والتبس عليهم برجب فعيرهم الكفار باستحلاله فنزل: (يسألونك عن الشهر الحرام) المُحرَّم (قتال فيه) بدل اشتمال (قل) لهم (قتال فيه كبير) عظيم وزرا مبتدأ وخبر (وصد) مبتدأ منع للناس (عن سبيل الله) دينه (وكفر به) بالله (و) صد عن (المسجد الحرام) أي مكة (وإخراج أهله منه) وهم النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وخبر المبتدأ (أكبر) أعظم وزرا (عند الله) من القتال فيه (والفتنة) الشرك منكم (أكبر من القتل) لكم فيه (ولا يزالون) أي الكفار (يقاتلونكم) أيها المؤمنون (حتى) كي (يردوكم عن دينكم) إلى الكفر (إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت) بطلت (أعمالهم) الصالحة (في الدنيا والآخرة) فلا اعتداد بها ولا ثواب عليها والتقيد بالموت عليه يفيد أنه لو رجع إلى الإسلام لم يبطل عمله فيثاب عليه ولا يعيده كالحج مثلا وعليه الشافعي (وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
2-إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً [النساء 137]
(إن الذين آمنوا) بموسى وهم اليهود (ثم كفروا) بعبادتهم العجل (ثم آمنوا) بعده (ثم كفروا) بعيسى (ثم ازدادوا كفرا) بمحمد (لم يكن الله ليغفر لهم) ما أقاموا عليه (ولا ليهديهم سبيلا) طريقا إلى الحق
3-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة 54]
(يا أيها الذين آمنوا من يرتدد) بالفك والإدغام ، يرجع (منكم عن دينه) إلى الكفر إخبار بما علم الله وقوعه وقد ارتد جماعة بعد موت النبي صلى الله عليه (فسوف يأتي الله) بدلهم (بقوم يحبهم ويحبونه) قال صلى الله عليه وسلم: "هم قوم هذا وأشار إلى أبي موسى الأشعري" رواه الحاكم في صحيحه (أذلة) عاطفين (على المؤمنين أعزة) أشداء (على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) فيه كما يخاف المنافقون لوم الكفار (ذلك) المذكور من الأوصاف (فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع) كثير الفضل (عليم) بمن هو أهله
4-وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل 112]
(وضرب الله مثلا) ويبدل منه (قرية) هي مكة والمراد اهلها (كانت آمنة) من الغارات لا تهاج (مطمئنة) لا يحتاج إلى الانتقال عنها لضيق أو خوف (يأتيها رزقها رغدا) واسعا (من كل مكان فكفرت بأنعم الله) بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم (فأذاقها الله لباس الجوع) فقحطوا سبع سنين (والخوف) بسرايا النبي صلى الله عليه وسلم (بما كانوا يصنعون)
5-إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ [محمد 25]
(إن الذين ارتدوا) بالنفاق (على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول) أي زين (لهم وأملى لهم) بضم أوله وبفتحه واللام والمملي الشيطان بإرادته تعالى فهو المضل لهم
6-ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ [محمد 26]
(ذلك) أي إضلالهم (بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) أي للمشركين (سنطيعكم في بعض الأمر) أي المعاونة على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيط الناس عن الجهاد معه قالوا ذلك سرا فأظهره الله تعالى (والله يعلم إسرارهم) بفتح الهمزة جمع سر وبكسرها مصدر
7-فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ [محمد 27]
(فكيف) حالهم (إذا توفتهم الملائكة يضربون) حال من الملائكة (وجوههم وأدبارهم) ظهورهم بمقامع من حديد
8-ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد 28]
(ذلك) التوفي على الحالة المذكورة (بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه) أي العمل بما يرضيه (فأحبط أعمالهم)
9-أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ [محمد 29]
(أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) يظهر أحقادهم على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين
10-وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ [محمد 30]
(ولو نشاء لأريناكهم) عرفناكم وكررت اللام في (فلعرفتهم بسيماهم) علامتهم (ولتعرفنهم) الواو لقسم محذوف وما بعدها جوابه (في لحن القول) أي معناه إذا تكلموا عندك بأن يعرضوا بما فيه تهجين أمر المسلمين (والله يعلم أعمالكم)
11-وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد 31]
(ولنبلونكم) نختبركم بالجهاد وغيره (حتى نعلم) علم ظهور (المجاهدين منكم والصابرين) في الجهاد وغيره (ونبلوا) نظهر (أخباركم) من طاعتكم وعصيانكم في الجهاد وغيره بالياء والنون في الافعال الثلاثة
12-إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [محمد 32]
(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) طريق الحق (وشاقوا الرسول) خالفوه (من بعد ما تبين لهم الهدى) هو معنى سبيل الله (لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم) يبطلها من صدقة ونحوها فلا يرون لها في الآخرة ثوابا نزلت في المطمعين من أصحاب بدر أو في قريظة والنضير

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 219 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed


أركان الإسلام
الزكاة والصدقات

1-وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة 43]
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) صلّوا مع المصلين محمد وأصحابه ، ونزل في علمائهم وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين اثبتوا على دين محمد فإنه حق
2-وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة 83]
(و) اذكر (إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل) في التوراة وقلنا (لا تعبدون) بالتاء والياء (إلا الله) خبر بمعنى النهي ، وقرئ: {لا تعبدوا} (و) أحسنوا (بالوالدين إحسانا) برا (وذي القربى) القرابة عطف على الوالدين (واليتامى والمساكين وقولوا للناس) قولاً (حَسَنا) من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في شأن محمد والرفق بهم ، وفي قراءة بضم الحاء وسكون السين مصدر وصف فيه مبالغة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فقبلتم ذلك (ثم توليتم) أعرضتم عن الوفاء به ، فيه التفات عن الغيبة والمراد آباؤهم (إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) عنه كآبائكم
3-وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة 110]
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير) طاعة كصلة وصدقة (تجدوه) أي ثوابه (عند الله إن الله بما تعملون بصير) فيجازيكم به
4-لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة 177]
(ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم) في الصلاة (قبل المشرق والمغرب) نزل رداً على اليهود والنصارى حيث زعموا ذلك (ولكن البرَّ) أي ذا البر وقرئ بفتح الباء أي البار (من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب) أي الكتب (والنبيين وآتى المال على) مع (حبه) له (ذوي القربى) القرابة (واليتامى والمساكين وابن السبيل) المسافر (والسائلين) الطالبين (وفي) فك (الرقاب) المكاتبين والأسرى (وأقام الصلاة وآتى الزكاة) المفروضة وما قبله في التطوع (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) الله أو الناس (والصابرين) نصب على المدح (في البأساء) شدة الفقر (والضراء) المرض (وحين البأس) وقت شدة القتال في سبيل الله (أولئك) الموصوفون بما ذكر (الذين صدقوا) في إيمانهم أو ادعاء البر (وأولئك هم المتقون) الله
5-يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة 215]
(يسألونك) يا محمد (ماذا ينفقون) أي الذي ينفقونه ، والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخا ذا مال فسأل صلى الله عليه وسلم عما ينفق وعلى من ينفق (قل) لهم (ما أنفقتم من خير) بيانٌ لما شامل للقليل والكثير وفيه بيان المنفق الذي هو أحد شقي السؤال وأجاب عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله: (فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل) أي هم أولى به (وما تفعلوا من خير) إنفاق أو غيره (فإن الله به عليم) فمجاز عليه
6-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة 254]
(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) زكاته (من قبل أن يأتي يوم لا بيعَ) فداء (فيه ولا خُلَّةَ) صداقة تنفع (ولا شفاعةَ) بغير إذنه وهو يوم القيامة ، وفي قراءة برفع الثلاثة (والكافرون) بالله أو بما فرض عليهم (هم الظالمون) لوضعهم أمر الله في غير محله
7-قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [البقرة 263]
(قول معروف) كلام حسن ورد على السائل جميل (ومغفرة) له في إلحاحه (خير من صدقة يتبعها أذى) بالمن وتعيير له بالسؤال (والله غني) عن صدقة العباد (حليم) بتأخير العقوبة عن المان والمؤذي
8-وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة 265]
(ومثل) نفقات (الذين ينفقون أموالهم ابتغاء) طلب (مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم) أي تحقيقا للثواب عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجونه لإنكارهم له ومن ابتدائية (كمثل جنة) بستان (برُبوة) بضم الراء وفتحها مكان مرتفع مستو (أصابها وابل) [مطر غزير] (فآتت) أعطت (أكْلها) بضم الكاف وسكونها ثمرها (ضعفين) مثلي ما يثمر غيرها (فإن لم يصبها وابل فطلٌّ) مطر خفيف يصيبها ويكفيها لارتفاعها ، المعنى: تثمر وتزكو كثر المطر أم قل فكذلك نفقات من ذكر تزكو عند الله كثرت أم قلت (والله بما تعملون بصير) فيجازيكم به
9-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة 267]
(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا) أي زكوا (من طيبات) جياد (ما كسبتم) من المال (ومـ) ـن طيبات (ما أخرجنا لكم من الأرض) من الحبوب والثمار (ولا تيمموا) تقصدوا (الخبيث) الرديء (منه) أي المذكور (تنفقونـ) ـه في الزكاة ، حال من ضمير تيمموا (ولستم بآخذيه) أي الخبيث لو أعطيتموه في حقوقكم (إلا أن تغمضوا فيه) بالتساهل وغض البصر فكيف تؤدون منه حق الله (واعلموا أن الله غني) عن نفقاتكم (حميد) محمود على كل حال
10-وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [البقرة 270]
(وما أنفقتم من نفقة) أديتم من زكاة أو صدقة (أو نذرتم من نذر) فوفيتم به (فإن الله يعلمه) فيجازيكم عليه (وما للظالمين) بمنع الزكاة والنذر أو بوضع الإنفاق في غير محله من معاصي الله (من أنصار) مانعين لهم من عذابه
11-إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة 271]
(إن تبدوا) تظهروا (الصدقات) أي النوافل (فنعمَّا هي) أي نعم شيئا إبداؤها (وإن تخفوها) تسروها (وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) من إبدائها وإيتائها الأغنياء أما صدقة الفرض فالأفضل إظهارها ليقتدى به ولئلا يتهم وإيتاؤها الفقراء متعين (ويُكَفِّرْ) بالياء والنون مجزوما بالعطف على محل فهو ومرفوعا على الاستئناف (عنكم من) بعض (سيئاتكم والله بما تعملون خبير) عالم بباطنه كظاهره لا يخفى عليه شيء منه
12-لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ [البقرة 272]
ولما منع صلى الله عليه وسلم من التصدق على المشركين ليسلموا نزل: (ليس عليك هداهم) أي الناس إلى الدخول في الإسلام إنما عليك البلاغ (ولكن الله يهدي من يشاء) هدايته إلى الدخول فيه (وما تنفقوا من خير) مال (فلأنفسكم) لأن ثوابه لها (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) أي ثوابه لا غيره من أعراض الدنيا خبر بمعنى النهي (وما تنفقوا من خير يوف إليكم) جزاؤه (وأنتم لا تظلمون) تنقصون منه شيئا والجملتان تأكيد للأولى
13-لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة 273]
(للفقراء) خبر مبتدأ محذوف أي الصدقات (الذين أحصروا في سبيل الله) أي حبسوا أنفسهم على الجهاد ، نزلت في أهل الصفة وهم أربعمائة من المهاجرين أرصدوا لتعلم القرآن والخروج مع السرايا (لا يستطيعون ضربا) سفراً (في الأرض) للتجارة والمعاش لشغلهم عنه بالجهاد (يحسبهم الجاهل) بحالهم (أغنياء من التعفف) أي لتعففهم عن السؤال وتركه (تعرفهم) يا مخاطب (بسيماهم) علامتهم من التواضع وأثر الجهد (لا يسألون الناس) شيئاً فيلحفون (إلحافا) أي لا سؤال لهم أصلا فلا يقع منهم إلحاف وهو الإلحاح (وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) فمجاز عليه
14-الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة 274]
(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
15-إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة 277]
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
16-لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [أل عمران 92]
(لن تنالوا البر) أي ثوابه وهو الجنة (حتى تنفقوا) تَصَّدَّقوا (مما تحبون) من أموالكم (وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم) فيجازي عليه
17-الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [أل عمران 134]
(الذين ينفقون) في طاعة الله (في السراء والضراء) اليسر والعسر (والكاظمين الغيظ) الكافين عن إمضائه مع القدرة (والعافين عن الناس) ممن ظلمهم أي التاركين عقوبتهم (والله يحب المحسنين) بهذه الأفعال ، أي يثيبهم
18-وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً [النساء 38]
(والذين) عطف على الذين قبله (ينفقون أموالهم رئاء الناس) مرائين لهم (ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) كالمنافقين وأهل مكة (ومن يكن الشيطان له قرينا) صاحبا يعمل بأمره كهؤلاء (فساء) بئس (قرينا) هو
19-أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء 77]
(ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) عن قتال الكفار لما طلبوه بمكة لأذى الكفار لهم وهم جماعة من الصحابة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب) فرض (عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون) يخافون (الناس) الكفار أي عذابهم بالقتل (كخشية) هم عذاب (الله أو أشد خشية) من خشيتهم له ، ونصب أشد على الحال وجواب (لما) دل عليه إذا وما بعدها أي فاجأتهم الخشية (وقالوا) جزعا من الموت (ربنا لم كتبت علينا القتال لولا) هلا (أخرتنا إلى أجل قريب قل) لهم (متاع الدنيا) ما يتمتع به فيها أو الاستمتاع بها (قليل) آيل إلى الفناء (والآخرة) أي الجنة (خير لمن اتقى) عقاب الله بترك معصيته (ولا تظلمون) بالتاء والياء ، تنقصون من أعمالكم (فتيلا) قدر قشرة النواة فجاهدوا
20-لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً [النساء 162]
(لكن الراسخون) الثابتون (في العلم منهم) كعبد الله بن سلام (والمؤمنون) المهاجرون والأنصار (يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) من الكتب (والمقيمين الصلاة) نصب على المدح وقرئ بالرفع (والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم) بالنون والياء (أجرا عظيما) هو الجنة
21-وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة 12]
(ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) بما يذكر بعد (وبعثنا) فيه التفات عن الغيبة أقمنا (منهم اثني عشر نقيباً) من كل سبط نقيب يكون كفيلا على قومه بالوفاء بالعهد توثقة عليهم (وقال) لهم (الله إني معكم) بالعون والنصرة (لئن) لام قسم (أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزَّرْتموهم) نصرتموهم (وأقرضتم الله قرضاً حسناً) بالإنفاق في سبيله (لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك) الميثاق (منكم فقد ضلَّ سواء السبيل) أخطأ طريق الحق والسواء في الأصل الوسط
22-إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة 55]
ونزل لما قال ابن سلام يا رسول الله إن قومنا هجرونا: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) خاشعون أو يصلون صلاة التطوع
23-وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الانعام 141]
(وهو الذي أنشأ) خلق (جنات) بساتين (معروشات) مبسوطات على الأرض كالبطيخ (وغير معروشات) بأن ارتفعت على ساق كالنخل (و) أنشأ (النخل والزرع مختلفا أكله) ثمره وحبه في الهيئة والطعم (والزيتون والرمان متشابهاً) ورقُهُما ، حال (وغير متشابه) طعمهما (كلوا من ثمره إذا أثمر) قبل النضج (وآتوا حقه) زكاته (يوم حصاده) بالفتح والكسر من العشر أو نصفه (ولا تسرفوا) بإعطاء كله فلا يبقى لعيالكم شيء (إنه لا يحب المسرفين) المتجاوزين ما حد لهم
24-وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف 156]
(واكتب) أوجب (لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة) حسنة (إنا هدنا) تبنا (إليك قال) تعالى (عذابي أصيب به من أشاء) تعذيبه (ورحمتي وسعت) عمَّت (كل شيء) في الدنيا (فسأكتبها) في الآخرة (للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون)
25-الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [الأنفال 3]
(الذين يقيمون الصلاة) يأتون بها بحقوقها (ومما رزقناهم) أعطيناهم (ينفقون) في طاعة الله
26-فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة 5]
(فإذا انسلخ) خرج (الأشهر الحرم) وهي آخر مدة التأجيل (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) في حل أو حرم (وخذوهم) بالأسر (واحصروهم) في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى القتل أو الإسلام (واقعدوا لهم كل مرصد) طريق يسلكونه ونصب كل على نزع الخافض (فإن تابوا) من الكفر (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) ولا تتعرضوا لهم (إن الله غفور رحيم) لمن تاب
27-فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة 11]
(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم) أي فهم إخوانكم (في الدين ونفصِّل) نبين (الآيات لقوم يعلمون) يتدبرون
28-إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة 18]
(إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش) أحداً (إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)
29-وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة 58]
(ومنهم من يلمزك) يعيبك (في) قسم (الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)
30-إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة 60]
(إنما الصدقات) الزكوات مصروفة (للفقراء) الذين لا يجدون ما يقع موقعاً من كفايتهم (والمساكين) الذين لا يجدون ما يكفيهم (والعاملين عليها) أي الصدقات من جاب وقاسم وكاتب وحاشر (والمؤلفة قلوبهم) ليسلموا أو يثبت إسلامهم أو يسلم نظراؤهم أو يذبوا عن المسلمين أقسام الأول والأخير لا يعطيان اليوم عند الشافعي رضي الله تعالى عنه لعز الإسلام بخلاف الآخرين فيعطيان على الأصح (وفي) فك (الرقاب) أي المكاتبين (والغارمين) أهل الدَّين إن استدانوا لغير معصية أو تابوا وليس لهم وفاء أو لإصلاح ذات البين ولو أغنياء (وفي سبيل الله) أي القائمين بالجهاد ممن لا فيء لهم ولو أغنياء (وابن السبيل) المنقطع في سفره (فريضة) نصب بفعله المقدر (من الله والله عليم) بخلقه (حكيم) في صنعه فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء ولا منع صنف منهم إذا وجد فيقسمها الإمام عليهم السواء وله تفضيل بعض آحاد الصنف على بعض وأفادت اللام وجوب استغراق أفراده لكن لا يجب على صاحب المال إذا قسم لعسره بل يكفي إعطاء ثلاثة من كل صنف ولا يكفي دونها كما أفادته صيغة الجمع وبينت السنة أن شرط المعطى منها الإسلام وأن لا يكون هاشمياً ولا مطلبياً
31-الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة 67]
(المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) أي متشابهون في الدين كأبعاض الشيء الواحد (يأمرون بالمنكر) الكفر والمعاصي (وينهون عن المعروف) الإيمان والطاعة (ويقبضون أيديهم) عن الإنفاق في الطاعة (نسوا الله) تركوا طاعته (فنسيهم) تركهم من لطفه (إن المنافقين هم الفاسقون)
32-وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة 71]
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز) لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده (حكيم) لا يضع شيئا إلا في محله
33-وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة 75]
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصَّدَّقن) فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد (ولنكوننَّ من الصالحين) وهو ثعلبة بن حاطب ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له أن يرزقه الله مالا ويؤدي منه إلى كل ذي حق حقه فدعا له فوسع عليه فانقطع عن الجمعة والجماعة ومنع الزكاة كما قال تعالى :
34-الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة 79]
(الذين) مبتدأ (يلمزون) يعيبون (المطوعين) المتنفلين (من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم) طاقتهم فيأتون به (فيسخرون منهم) والخبر (سخر الله منهم) جازاهم على سخريتهم (ولهم عذاب أليم)
35-وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة 99]
(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) كجهينة ومزينة (ويتخذ ما ينفق) في سبيل الله (قربات) تقربه (عند الله و) وسيلة إلى (صلوات) دعوات (الرسول) له (ألا إنها) أي نفقتهم (قُرُبة) بضم الراء وسكونها (لهم) عنده (سيدخلهم الله في رحمته) جنته (إن الله غفور) لأهل طاعته (رحيم) بهم
36-خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة 103]
(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) من ذنوبهم فأخذ ثلث أموالهم وتصدق بها (وصل عليهم) أي ادع لهم (إن صلاتك سكن) رحمة (لهم) وقيل طمأنينة بقبول توبتهم (والله سميع عليم)
37-أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة 104]
(ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ) يقبل (الصدقات وأن الله هو التواب) على عباده بقبول توبتهم (الرحيم) بهم ، والاستفهام للتقرير والقصد به هو تهييجهم إلى التوبة والصدقة
38-وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد 22]
(والذين صبروا) على الطاعة والبلاء وعن المعصية (ابتغاء) طلب (وجه ربهم) لا غيره من أعراض الدنيا (وأقاموا الصلاة وأنفقوا) في الطاعة (مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرؤون) يدفعون (بالحسنة السيئة) كالجهل بالحلم والأذى بالصبر (أولئك لهم عقبى الدار) أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة هي
39-جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ [الرعد 23]
(جنات عدن) إقامة (يدخلونها) هم (ومن صلح) آمن (من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) وإن لم يعملوا بعملهم يكونون في درجاتهم تكرمة لهم (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) من أبواب الجنة أو القصور أول دخولهم للتهنئة
40-قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ [ابراهيم 31]
(قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع) فداء (فيه ولا خلال) مخالة أي صداقة تنفع هو يوم القيامة
41-وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً [الإسراء 28]
(وإما تعرضن عنهم) أي المذكورين من ذي القربى وما بعدهم فلم تعطهم (ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) أي لطلب رزق تنتظره يأتيك فتعطيهم منه (فقل لهم قولا ميسورا) لينا سهلا بأن تعدهم بالإعطاء عند مجيء الرزق
42-فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف 81]
(فأردنا أن يبدلهما) بالتشديد والتخفيف (ربهما خيرا منه زكاة) أي صلاحا وتقى (وأقرب) منه (رحما) بسكون الحاء وضمها رحمة وهي البر بوالديه فأبدلهما تعالى جارية تزوجت نبيا فولدت نبيا فهدى الله تعالى به أمة
43-وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً [مريم 13]
(وحنانا) رحمة للناس (من لدنا) من عندنا (وزكاة) صدقة عليهم (وكان تقيا) روي أنه لم يعمل خطيئة ولم يهم بها
44-وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً [مريم 31]
(وجعلني مباركا أين ما كنت) أي نفاعا للناس إخبار ما كتب له (وأوصاني بالصلاة والزكاة) أمرني بهما (ما دمت حيا)
45-وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم 55]
(وكان يأمر أهله) أي قومه (بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) اصله مرضو وأقبلت الواوان ياءين والضمة كسرة
46-وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء 73]
(وجعلناهم أئمة) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير (يهدون) الناس (بأمرنا) إلى ديننا (وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) أي أن تفعل وتقام وتؤتى منهم ومن أتباعهم وحذف هاء إقامة تخفيف (وكانوا لنا عابدين)
47-الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [الحج 35]
(الذين إذا ذكر الله وجلت) خافت (قلوبهم والصابرين على ما أصابهم) من البلايا (والمقيمي الصلاة) في أوقاتها (ومما رزقناهم ينفقون) يتصدقون
48-الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج 41]
(الذين إن مكناهم في الأرض) بنصرهم على عدوهم (أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) جواب الشرط وهو جوابه صلة الموصول ويقدر قبله هم مبتدأ (ولله عاقبة الأمور) أي إليه مرجعها في الآخرة
49-وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج 78]
(وجاهدوا في الله) لإقامة دينه (حق جهاده) باستفراغ الطاقة فيه ونصب حق على المصدر (هو اجتباكم) اختاركم لدينه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي ضيق بأن سهله عند الضرورات كالقصر والتيمم وأكل الميتة والفطر للمرض والسفر (ملة أبيكم) منصوب بنزع الخافض الكاف (إبراهيم) عطف بيان (هو) أي الله (سماكم المسلمين من قبل) أي قبل هذا الكتاب (وفي هذا) أي القرآن (ليكون الرسول شهيدا عليكم) يوم القيامة أنه بلغكم (وتكونوا) أنتم (شهداء على الناس) أن رسلهم بلغوهم (فأقيموا الصلاة) داوموا عليها (وآتوا الزكاة واعتصموا بالله) ثقوا به (هو مولاكم) ناصركم ومتولي أموركم (فنعم المولى) هو (ونعم النصير) أي الناصر لكم
50-وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون 4]
(والذين هم للزكاة فاعلون) مؤدون
51-رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور 37]
(رجال) فاعل يسبح بكسر الباء وعلى فتحها نائب الفاعل له ورجال فاعل فعل مقدر جواب سؤال مقدر كأنه قيل من يسبحه (لا تلهيهم تجارة) شراء (ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة) حذف هاء إقامة تخفيف (وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب) تضطرب (فيه القلوب والأبصار) من الخوف القلوب بين النجاة والهلاك والأبصار بين ناحيتي اليمين والشمال هو يوم القيامة
52-وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور 56]
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) رجاء الرحمة
53-وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً [الفرقان 67]
(والذين إذا أنفقوا) على عيالهم (لم يسرفوا ولم يقتروا) بفتح أوله وضمه أي يضيقوا (وكان) إنفاقهم (بين ذلك) الإسراف والإقتار (قواما) وسطا
54-الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [النمل 3]
(الذين يقيمون الصلاة) يأتون بها على وجهها (ويؤتون) يعطون (الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون) يعلمونها بالاستدلال وأعيد هم لما فصل بينه وبين الخبر
55-وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم 39]
(وما آتيتم من ربا) بأن يعطي شيئا هبة أو هدية ليطلب أكثر منه فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة (ليربوا في أموال الناس) المعطين أي يزيد (فلا يربوا) يزكو (عند الله) لا ثواب فيه للمعطين (وما آتيتم من زكاة) صدقة (تريدون) بها (وجه الله فأولئك هم المضعفون) ثوابهم بما أرادوه فيه التفات عن الخطاب
56-تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة 16]
(تتجافى جنوبهم) ترتفع (عن المضاجع) مواضع الاضطجاع بفرشها لصلاتهم بالليل تهجدا (يدعون ربهم خوفا) من عقابه (وطمعا) في رحمته (ومما رزقناهم ينفقون) يتصدقون
57-وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب 33]
(وقرن) بكسر الكاف وفتحها (في بيوتكن) من القرار وأصله أقررن بكسر الراء وفتحها من قررت بفتح الراء وكسرها نقلت حركة الراء إلى القاف وحذفت مع همزة الوصل (ولا تبرجن) بترك إحدى التاءين من أصله (تبرج الجاهلية الأولى) أي ما قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهن للرجال والإظهار بعد الإسلام مذكور في آية ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الإثم يا (أهل البيت) نساء النبي صلى الله عليه وسلم (ويطهركم) منه (تطهيرا)
58-قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ 39]
(قل إن ربي يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء من عباده) امتحانا (ويقدر) يضيقه (له) بعد البسط أو لمن يشاء ابتلاءه (وما أنفقتم من شيء) في الخير (فهو يخلفه وهو خير الرازقين) يقال كل إنسان يروق عائلته أي برزق الله
59-إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ [فاطر 29]
(إن الذين يتلون) يقرؤون (كتاب الله وأقاموا الصلاة) أداموها (وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) زكاة وغيرها (يرجون تجارة لن تبور) تهلك
60-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ [يس 47]
(وإذا قيل) أي قال فقراء الصحابة (لهم أنفقوا) علينا (مما رزقكم الله) الأموال (قال الذين كفروا للذين آمنوا) استهزاء بهم (أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) في معتقدكم هذا (إن) ما (أنتم) في قولكم لنا ذلك مع معتقدكم هذا (إلا في ضلال مبين) بين وللتصريح بكفرهم موقع عظيم
61-بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [فصلت 4]
(بشيرا) صفة قرآنا (ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون) سماع قبول
62-الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت 7]
(الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم) تأكيد (كافرون)
63-وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات 19]
(وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) الذي لا يسأل لتعففه
64-آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد 7]
(آمنوا) داوموا على الإيمان (بالله ورسوله وأنفقوا) في سبيل الله (مما جعلكم مستخلفين فيه) من مال من تقدمكم وسيخلفكم فيه من بعدكم نزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك (فالذين آمنوا منكم وأنفقوا) إشارة إلى عثمان رضي الله عنه (لهم أجر كبير)
65-إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد 18]
(إن المصدقين) من التصدق أدغمت التاء في الصاد أي الذين تصدقوا (والمصدقات) اللاتي تصدقن وفي قراءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق الإيمان (وأقرضوا الله قرضا حسنا) راجع إلى الذكور والاناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لأنه فيها حل محل الفعل وذكر القرض بوصفه بعد التصديق تقييد له (يضاعف) وفي قراءة يضعف بالتشديد أي قرضهم (لهم ولهم أجر كريم)
66-أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة 13]
(أأشفقتم) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه أي خفتم من (أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) لفقر (فإذ لم تفعلوا) الصدقة (وتاب الله عليكم) رجع بكم عنها (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله) أي دوموا على ذلك (والله خبير بما تعملون)
67-وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون 10]
(وأنفقوا) في الزكاة (مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا) بمعنى هلا أو لا زائدة ولو للتمني (أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) بإدغام التاء في الأصل في الصاد أتصدق بالزكاة (وأكن من الصالحين) بأن أحج قال ابن عباس رضي الله عنهما ما قصر أحد من الزكاة والحج إلا سأل الرجعة عند الموت
68-وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون 11]
(ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) بالتاء والياء
69-فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن 16]
(فاتقوا الله ما استطعتم) ناسخة لقوله اتقوا الله حق تقاته (واسمعوا) ما أمرتم به سماع قبول (وأطيعوا) الله (وأنفقوا) في الطاعة (خيرا لأنفسكم) خبر يكن مقدرة جواب الأمر (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الفائزون
70-إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ [التغابن 17]
(إن تقرضوا الله قرضا حسنا) بأن تتصدقوا عن طيب قلب (يضاعفه لكم) وفي قراءة يضعفه بالتشديد بالواحدة عشرا إلى سبعمائة وأكثر (ويغفر لكم) ما يشاء (والله شكور) مجاز على الطاعة (حليم) في العقاب على المعصية
71-عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [التغابن 18]
(عالم الغيب) السر (والشهادة) العلانية (العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه
72-خُذُوهُ فَغُلُّوهُ [الحاقة 30]
(خذوه) خطاب لخزنة جهنم (فغلوه) اجمعوا يديه إلى عنقه في الغل
73-ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ [الحاقة 31]
(ثم الجحيم) النار المحرقة (صلوه) ادخلوه
74-ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ [الحاقة 32]
(ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) بذراع الملك (فاسلكوه) ادخلوه فيها بعد إدخاله النار ولم تمنع الفاء من تعلق الفعل بالظرف المتقدم
75-إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ [الحاقة 33]
(إنه كان لا يؤمن بالله العظيم)
76-وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [الحاقة 34]
(ولا يحض على طعام المسكين)
77-وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ [المعارج 24]
(والذين في أموالهم حق معلوم) هو الزكاة
78-لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج 25]
(للسائل والمحروم) المتعفف عن السؤال فيحرم
79-إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المزمل 20]
(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى) أقل (من ثلثي الليل ونصفه وثلثه) بالجر عطف على ثلثي وبالنصب عطف على أدنى وقيامه كذلك نحو ما أمر به أول السورة (وطائفة من الذين معك) عطف على ضمير تقوم وجاز من غير تأكيد للفصل وقيام طائفة من أصحابه كذلك للتأسي به ومنهم من كان لا يدري كم صلى من الليل وكم بقي منه فكان يقوم الليل كله احتياطا فقاموا حتى انتفخت أقدامهم سنة أو أكثر فخفف عنهم قال تعالى (والله يقدر) يحصي (الليل والنهار علم أن) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي انه (لن تحصوه) أي الليل لتقوموا فيما يجب القيام فيه إلا بقيام جميعه وذلك يشق عليكم (فتاب عليكم) رجع بكم إلى التخفيف (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن) مخففة من الثقيلة أي أنه (سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض) يسافرون (يبتغون من فضل الله) يطلبون من رزقه بالتجارة وغيرها (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) وكل من الفرق الثلاثة يشق عليهم ما ذكر في قيام الليل فخفف عنهم بقيام ما تيسر منه ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس (فاقرؤوا ما تيسر منه) كما تقدم (وأقيموا الصلاة) المفروضة (وآتوا الزكاة وأقرضوا الله) بأن تنفقوا ما سوى المفروض من المال في سبيل الخير (قرضا حسنا) عن طيب قلب (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا) مما خلفتم وهو فضل وما بعده وإن لم يكن معرفة يشبهها لامتناعه من التعريف (وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) للمؤمنين
80-وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ [الضحى 10]
(وأما السائل فلا تنهر) تزجره لفقره
81-وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ [الضحى 10]
(وأما السائل فلا تنهر) تزجره لفقره
82-وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى 11]
(وأما بنعمة ربك) عليك بالنبوة وغيرها (فحدث) أخبر ، وحُذف ضميره صلى الله عليه وسلم في بعض الأفعال رعاية للفواصل
83-وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى 11]
(وأما بنعمة ربك) عليك بالنبوة وغيرها (فحدث) أخبر ، وحُذف ضميره صلى الله عليه وسلم في بعض الأفعال رعاية للفواصل
84-وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة 5]
(وما أمروا) في كتابيهم التوراة والانجيل (إلا ليعبدوا الله) أي أن يعبدوه فحذفت أن وزيدت اللام (مخلصين له الدين) من الشرك (حنفاء) مستتقيمين على دين إبراهيم ودين محمد إذا جاء فكيف كفروا به (ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين) الملة (القيمة) المستقيمة
85-وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون 7]
(ويمنعون الماعون) كالأبرة والفأس والقدر والقصعة

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 236 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الايمان وأكبر أوصله وأجل قواعده بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين كما أن التصديق أصل كل قول من أقوال الإيمان والدين فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة إما عن محبة محمودة او عن محبة مذمومة كما قد بسطنا ذلك في قاعدة المحبة من القواعد الكبار فجميع الأعمال الايمانية الدينية لا تصدر إلا عن المحبة المحمودة وأصل المحبة المحمودة هي محبة الله سبحانه وتعالى إذ العمل الصادر عن محبة مذمومة عند الله لا يكون عملا صالحا بل جميع الأعمال الإيمانية الدينية لا تصدر إلا عن محبة الله فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا فأشرك فيه غيري فأنا منه برئ وهو كله للذي أشرك وثبت في الصحيح حديث الثلاثة الذين هم اول من تسعر بهم النار القارئ المرائي والمجاهد المرائي والمتصدق المرائي بل إخلاص الدين لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه فهو الذي بعث به الأولين والآخرين من الرسل وانزل به جميع الكتب واتفق عليه أئمة أهل الإيمان وهذا هو خلاصة الدعوة النبوية وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه قال تعالى أول الزمر وأول غافر وأول الجاثية وأول الحقاف تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم أول الزمر إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص والسورة كلها عمتها في هذا المعنى من قوله الزمر قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين إلى قوله الزمر قل الله أعبد مخلصا له ديني إلى قوله أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه

إلى قوله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره الآية إلى قوله الزمر أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون إلى قوله قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون إلى قوله بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وقال تعالى فيما قصه من قصة آدم وإبليس أنه قال ص فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين وقال تعالى الحجر إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وقال النحل إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون فبين أن سلطان الشيطان وإغواءه إنما هو لغير الملخصين ولهذا قال في قصة يوسف وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين وأتباع الشيطان هم أصحاب النار كما قال تعالى ص لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين وقد قال سبحانه و النساء إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهذه الآية في حق من لم يتب ولهذا خصص الشرك وقبل ما سواه بالمشيئة فإنه لا يغفر الشرك لمن لم يتب منه وما دونه يغفره لمن يشاء وأما قوله الزمر قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا فتلك في حق التائبين ولهذا عمم وأطلق وسياق الآية يبين ذلك مع سبب نزولها وقد أخبر سبحانه أن الأولين والآخرين إنما أمروا بذلك في غير موضع كالسورة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره أن يقرأ عليه قراءة إبلاغ وإسماع بخصوصه فقال البينة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء الآية وهذا حقيقة قول لا إله إلا الله وبذلك بعث جميع الرسل قال الله تعالى الأنبياء وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وقال الزخرف واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى النحل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وجميع الرسل افتتحوا دعوتهم بهذا الأصل كما قال نوح عليه السلام الأعراف اعبدوا الله ما لكم من إله غيره وكذلك هود هود وصالح هود وشعيب هود عليهم السلام وغيرهم كل يقول اعبدوا الله ما لكم من إله غيره لا سيما أفضلا الرسل اللذين اتخذ الله كلاهما خليلا إبراهيم ومحمدا عليهما السلام فإن هذا الأصل بينه الله بهما وأيدهما فيه ونشره بهما فإبراهيم هو الإمام الذي قال الله فيه البقرة إني جاعلك للناس إماما وفي ذريته جعل النبوة والكتاب والرسل فأهل هذه النبوة والرسالة هم من آله الذين بارك الله عليهم قال سبحانه الزخرف وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون فهذه الكلمة هي كلمة الإخلاص لله وهي البراءة من كل معبود إلا من الخالق الذي فطرنا كما قال صاحب ياسين ياسين ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون وقال تعالى في قصته بعد أن ذكر ما يبين ضلال من اتخذ بعض الكواكب ربا يعبده من دون الله قال الأنعام فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إلى قوله ولا تخالفون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا وقال إبراهيم الخليل عليه السلام الشعراء أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين وقوله تعالى الممتحنة قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم الآية ونبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي أقام الله به الدين الخالص لله دين التوحيد وقمع به المشركين من كان مشركا من الأصل ومن الذين كفروا من أهل الكتب وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وغيره بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف امري ومن تشبه بقوم فهو منهم وقد تقدم بعض ما أنزل الله عليه من الآيات المتضمنة للتوحيد فقال تعالى والصافات صفا إلى قوله إن إلهكم لواحد إلى قوله إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين إلى قوله أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون إلى ما ذكره من قصص الأنبياء في التوحيد وإخلاص الدين لله إلى قوله سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين وقال تعالى النساء إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتمصوا بالله وأخلصوا دينهم لله وفي الجملة فهذا الأصل في سورة الأنعام والأعراف والنور وطسم وحم وسور المفصل وغير ذلك من السور المكية ومواضع من السور المدنية كثير ظاهر فهو اصل الأصول وقاعدة الدين حتى في سورتي الإخلاص قل يا ايها الكافرون وقل هو الله أحد وهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في صلاة التطوع كركعتي الطواف وسنة الفجر وهما متضمنتان للتوحيد فأما قل يا أيها الكافرون فهي متضمنة للتوحيد العملي الإرادي وهو إخلاص الدين لله بالقصد والإرادة وهو الذي يتكلم به مشايخ التصوف غالبا وأما سورة قل هو الله أحد فمتضمنة للتوحيد القولي العملي كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رجلا كان يقرأ قل هو الله أحد في صلاته فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلوه لم يفعل ذلك فقال لأنها صفة الرحمن فأنا أحبها فقال أخبروه أن الله يحبه ولهذا تضمنت هذه السورة من وصف الله سبحانه وتعالى الذي ينفى قول أهل التعطيل وقول أهل التمثيل ما صارت به هي الأصل المعتمد في مسائل الذات كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع وذكرنا اعتماد الأئمة عليها مع ما تضمنته في تفسير الأحد كما جاء تفسيره عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وما دل على ذلك من الدلائل لكن المقصود هنا هو التوحيد العملي وهو إخلاص الدين لله وإن كان أحد النوعين مرتبطا بالآخر فلا يوجد أحد من اهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة إلا وفيه نوع من الشرك العملي إذ أصل قولهم فيه شرك وتسوية بين الله وبين خلقه أو بينه وبين المعدومات كما يسوى المعطلة بينه وبين المعدومات في الصفات السلبية التي لا تستلزم مدحا ولا ثبوت كمال أو يسوون بينه وبين الناقص من الموجودات في صفات النقص وكما يسوون إذ أثبتوا هم ومن ضاهاهم من الممثلة مساواة بينه وبين المخلوقات في حقائقها حتى قد يعبدونها فيعدلون بربهم ويجعلون له أندادا ويشبهون الملخوق برب العالمين واليهود كثيرا ما يعدلون الخالق بالملخوق ويمثلونه به حتى يصفوا الله بالعجز والفقر والبخل ونحو ذلك من النقائص التي يجب تنزيهه عنها وهي من صفات خلقه والنصارى يعدلون المخلوق بالخالق حتى يجعلوا في المخلوق من نعوت الربوبية وصفات الإلهية ويجوزون له مالا يصلح إلا للخالق سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا والله سبحانه وتعالى قد امرنا أن نسأله الهداية بقوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون وفي هذ الأمة من هؤلاء وهؤلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن والحديث في الصحيحين فإذا كان أصل العمل الديني هو إخلاص الدين لله وحده فالشيء المراد لنفسه هو المحبوب لذاته وهذا كمال المحبة لكن أكثر ما جاء المطلوب مسمى باسم العبادة كقوله الذاريات وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقوله البقرة يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم وأمثال هذا والعبادة تتضمن كمال الحب ونهايته وكمال الذل ونهايته فالمحبوب الذي لا يعظم ولا يذل له لا يكون معبودا والمعظم الذي لا يحب لا يكون معبودا ولهذا قال تعالى البقرة ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله فبين سبحانه ان المشركين الذين يتخذون من دون ألله أندادا وإن كانوا يحبونهم كما يحبون الله فالذين آمنوا أشد حبا لله منهم لله ولأوثانهم لأن المؤمنين أعلم بالله والحب يتبع العلم ولأن المؤمنين جعلوا جميع حبهم لله وحده وأولئك جعلوا بعض حبهم له وأشركوا بينه وبين الأنداد في الحب ومعلوم أن ذلك افضل قال الله تعالى الزمر ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الآية واسم المحبة فيه إطلاق وعموم فإن المؤمن يحب الله ويحب رسله وأنبياءه وعباده المؤمنين وإن كان ذلك من محبة الله وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره فلهذا جاءت محبة الله مذكورة بما يختص به سبحانه من العبادة والإنابة إليه والتبتل له ونحو ذلك فكل هذه الأسماء تتضمن محبة الله سبحانه وتعالى ثم إنه كان بين أن محبته أصل الدين فقد بين أن كمال الدين بكمالها ونقصه بنقصها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله فأخبر أن الجهاد ذورة سنام العمل وهو أعلاه وأشرفه وقد قال تعالى التوبة أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله إلى قوله أجر عظيم والنصوص في فضائل الجهاد وأهله كثيرة وقد ثبت أنه أفضل ما تطوع به العبد والجهاد دليل المحبة الكاملة قال تعالى التوبة قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم الآية وقال تعالى في صفة المحبين المحبوبين المائدة يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم فإن المحبة مستلزمة للجهاد ولأن المحب يحب ما يحب محبوبه ويبغض ما يبغض محبوبه ويوالي من يوالي محبوبه ويعادي من يعاديه ويرض لرضاه ويغضب لغضبه ويأمر بما يأمر به وينهى عما نهى عنه فهو موافق في ذلك وهؤلاء هم الذين يرضى الرب لرضاهم ويغضب لغضبهم إذ هم إنما يرضون لرضاه ويغضبون لما يغضب له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في طائفة فيهم صهيب وبلال لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فقال لهم يا إخوتي هل أغضبتكم قالوا لا يغفر الله لك يا أبا بكر وكان قد مر بهم أبو سفيان بن حرب فقالوا ما أخذت السيوف مأخذها فقال لهم أبو بكر أتقولون هذا لسيد قريش وذكر أبو بكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما تقدم لان أولئك إنما قالوا ذلك غضبا لله لكمال ما عندهم من الموالاة لله ورسوله والمعاداة لأعدائهما ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيما يروى عن ربه لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ولا بد له منه فبين أنه يتردد لأن التردد تعارض إرادتين وهو سبحانه يحب ما يحب عبده ويكره ما يكرهه وهو يكره الموت فهو يكرهه كما قال وأنا أكره مساءته وهو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد أن يموت فسمى ذلك ترددا ثم بين أنه لا بد من وقوع ذلك وهذا اتحاد في المحبوب المرضي المأمور به والمبغض المكروه المنهي عنه وقد يقال له اتحاد نوعي وصفي وليس ذلك اتحاد الذاتين فإن ذلك ممتنع والقائل به كافر وهو قول النصارى والغالية من الرافضة والنساك كالحلاجية ونحوهم وهو الاتحاد المقيد في شيء بعينه وأما الاتحاد المطلق الذي هو قول أهل وحدة الوجود الذين يزعمون أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق فهذا تعطيل للصانع وجحود له وهو جامع لكل شرك فكما أن الاتحاد نوعان فكذلك الحلول نوعان قوم يقولون بالحلول المقيد في بعض الأشخاص وقوم يقولون بحلوله في كل شيء وهم الجهمية الذين يقولون إن ذات الله في كل مكان وقد يقع لبعض المصطلمين من أهل الفناء في المحبة أنه يغيب بمحبوبه عن نفسه وحبه ويغيب بمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته وبموجوده عن وجوده حتى لا يشهد إلا محبوبه فيظن في زوال تمييزه ونقص عقله وسكره أنه هو محبوبه كما قيل إن محبوبا وقع في اليم فألقى المحب نفسه خلفه فقال أنا وقعت فأنت ما الذي أوقعك فقال غبت بك عني فظننت أنك أنا فلا ريب أن هذا خطأ وضلال لكن إن كان هذا لقاء المحبة والذكر من غير أن يحصل عن سبب محظور زال به عقله كان معذورا في زواله فلا يكون مؤاخذا بما يصدر منه من الكلام في هذه الحال التي زال فيها عقله بغير سبب محظور كما قيل في عقلاء المجانين أنهم قوم آتاهم الله عقولا وأحوالا فسلب عقولهم وأبقى أحوالهم وأسقط ما فرض بما سلب وأما إذا كان السبب الذي به زوال العقل محظورا لم يكن السكران معذورا وإن كان لا يحكم بكفره في اصح القولين كما لا يقع طلاقه في أصح القولين وإن كان النزاع فيه مشهورا وقد بسطنا الكلام في هذا وفيمن يسلم له حاله ومن لا يسلم في قاعدة ذلك وبكل حال فالفناء الذي يفضي بصاحبه إلى مثل هذا حال نقاص وإن كان صاحبه غير مكلف ولهذا لم يرد مثل هذا عن الصحابة الذين هم افضل الأمة ولا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان لهؤلاء في صعق موسى نوع تعلق وإنما حدث زوال العقل عند الواردات الإلهية على بعض التابعين ومن بعدهم وإن كانت المحبة التامة مستلزمة لموافقة المحبوب في محبوبه ومكروهه وولايته وعداوته فمن المعلوم أن من أحب الله المحبة الواجبة فلا بد أن يبغض أعداءه ولا بد أن يحب ما يحبه من جهادهم كما قال تعالى الصف إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص والمحب التام لا يؤثر فيه لوم اللائم وعذل العاذل بل ذلك يغريه بملازمة المحبة كما قد اكثر الشعراء في ذلك وهؤلاء هم أهل الملام المحمود وهم الذين لا يخافون من يلومهم على ما يحب الله ويرضاه من جهاد أعدائه فإن الملام على ذلك كثير وأما الملام على فعل ما يكرهه الله أو ترك ما أحبه فهو لوم بحق وليس من ذلك المحمود الصبر على هذا الملام بل الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وبهذا يحصل الفرق بين الملامية الذين يفعلون ما يحبه الله ورسوله ولا يخافون لومة لائم في ذلك وبين الملامية الذين يفعلون ما يبغضه الله ورسوله ويصبرون على الملام في ذلك فصل وإذا كانت المحبة أصل كل عمل ديني فالخوف والرجاء وغيرهما يستلزم المحبة ويرجع إليها فإن الراجي الطامع إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه والخائف يفر من الخوف لينال المحبوب قال تعالى الإسراء أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه الآية وقال البقرة إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ورحمته اسم جامع لكل خير وعذابه اسم لكل شر ودار الرحمة الخالصة هي الجنة ودار العذاب الخالص هي النار وأما الدنيا فدار استدارج فالرجاء وإن تعلق بدخول الجنة فالجنة اسم جامع لكل نعيم وأعلاه النظر إلى وجه الله كما في صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا اهل الجنة إن لكم عند الله موعد يريد أن ينجزكموهن فيقولون ما هو ألم يبيض وجوها ألم يثقل موازيننا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهو الزيادة ومن هنا يتبين زوال الاشتباه في قول من قال ما عبدتك شوقا إلى جنتك ولا خوفا من نارك وإنما عبدتك شوقا إلى رؤيتك فإن هذا القائل ظن هو ومن تابعه أن الجنة لا يدخل في مسماها إلا الأكل والشرب واللباس والنكاح والسماع ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات كما يوافق على ذلك من ينكر رؤية الله من الجهمية أو من يقر بها ويزعم أنه لا تمتع في نفس رؤية الله كما يقوله طائفة من المتفقهة فهؤلاء متفقون على أن مسمى الجنة والآخرة لا يدخل فيه إلا التمتع بالمخلوقات ولهذا قال بعض من غلط من المشايخ لما سمع قوله آل عمران منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة قال فأين من يريد الله وقال آخر التوبة إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة قال إذا كانت النفوس والأموال بالجنة فأين النظر إليه وكل هذا لظنهم أن الجنة لا يدخل فيها النظر والتحقيق أن الجنة هي الدار الجامعة لكل نعيم وأعلى ما فيها النظر إلى وجه الله وهو من النعيم الذي ينالونه في الجنة كما أخبرت به النصوص وكذلك اهل النار فإنهم محجوبون عن ربهم يدخلون النار مع أن قائل هذا القول إذا كان عارفا بما يقول فإنما قصده إنك لو لم تخلق نارا ولو لم تخلق جنة لكان يجب أن تعبد ويجب التقرب إليك والنظر إليك كما قال عمر رضي الله عنه نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه أي هو لم يعصه ولو لم يخفه فإن إجلاله وإكرامه لله يمنعه من معصيته والراجي الخائف إذا تعلق خوفه ورجاؤه بالتعذب باحتجاب الرب عنه والتنعم بتجلية فمعلوم أن هذا من توابع محبته له فالمحبة هي أوجبت محبة التجلي والخوف من الاحتجاب وإن تعلق خوفه ورجاؤه بالتعذب بمخلوق والتنعم به فهذا إنما يطلب ذلك بعبادة الله المستلزمة محبته لله وهي أحلى من كل محبة ولهذا يكون اشتغال أهل الجنة بذلك أعظم من كل شيء كما في الحديث إن اهل الجنة يلهمون التسبيح كما تلهمون وهو يبين غاية تنعمهم بذكر الله ومحبته فالخوف من التعذب بمخلوق والرجاء له يسوقه إلى محبة الله التي هي الأصل وهذا كله ينبني على أصل المحبة فيقال قد نطق الكتاب والسنة بمحبة العباد المؤمنين لله كما في قوله البقرة والذين آمنوا أشد حبا لله وقوله المائدة يحبهم ويحبونه وقوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار بل محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت لمحبة الله كما في قوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وكما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال والله لأنت أحب إلي من نفسي وكذلك محبة صحابته وقرابته كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار وقال لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر وقال علي رضي الله عنه إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وفي السنن أنه قال للعباس والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبونكم لله ولقرابتي يعني بني هاشم وقد روى حديث عن ابن عباس مرفوعا أنه قال أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي لأجلي وأما محبة الرب لعبده فقال تعالى النساءواتخذ الله إبراهيم خليلا وقال تعالى المائدة يحبهم ويحبونه وقال البقرة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين الحجرات وأقسطوا إن الله يحب المقسطين التوبة فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين التوبة فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين الصف إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص آل عمران بلى من أوفى بعهده وأتقى فإن الله يحب المتقين وأما الأعمال التي يحبها الله من الواجبات والمستحبات الظاهرة والباطنة فكثيرة معروفة وكذلك حبه لأهلها وهم المؤمنون أولياء الله المتقون وهذه المحبة حق كما نطق بها الكتاب والسنة والذي عليه سلف الأمة وأئمتها وأهل السنة والحديث وجميع مشايخ الدين وأئمة التصوف أن الله محبوب لذاته محبة حقيقة بل هي أكمل محبة فإنها كما قال تعالى البقرة والذين آمنوا أشد حبا لله وكذلك هو سبحانه يحب ما يحب عباده المؤمنون وما هو في الله محبة حقيقية وأنكر الجهمية حقيقة المحبة من الطرفين زعما منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب محبته وقاسوا به المحبة وكان أول من أحدث هذا في الإسلام الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية فضحى به خالد ابن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق بواسط خطب الناس يوم الأضحى فقال أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم أنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه فكأنه قد أخذ هذا المذهب عنه الجهم بن صفوان فأظهره عليه وإليه أضيف قول الجهمية فقتله سلم ابن أحوز أمير خراسان بها ثم نقل ذلك إلى المعتزلة أتباع عمرو ابن عبيد وأظهر قولهم في زمن الخليفة المأمون حتى امتحن أئمة الإسلام ودعوا إلى الموافقة لهم عن ذلك وأصل هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة من البراهمة والمتفسلفة ومبتدعة أهل الكتاب الذين يزعمون أن الرب ليس له صفات ثبوتية أصلا وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل عليه السلام وهم يعبدون الكواكب ويبنون الهياكل للعقول والنجوم وغيرهما وهم ينكرون في الحقيقة أن يكون إبراهيم خليلا وموسى كليما وأن الخلة هي كمال المحبة المستغرقة للحب كما قيل قد تخللت مسلك الروح مني وبذا سمى الخليل خليلا ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله يعني نفسه وفي رواية إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذ من أهل الأرض خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا وفي رواية إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلح له أن يتخذ من المخلوقين خليلا وأنه لو يكون ذلك لكان احق الناس بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع أنه صلى الله عليه وسلم قد وصف نفسه بأنه يحب أشخاصا كما قال معاذ والله إني لأحبك وكذلك قوله للأنصار وكان زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ابنه أسامة حبه وأمثال ذلك وقال له عمرو بن العاص أي الناس أحب إليك قال عائشة قال فمن الرجال قال أبوها وقال لفاطمة رضي الله عنها ألا تحبين ما أحب قالت بلى قال فأحبي عائشة وقال للحسن اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه وأمثال هذا كثير فوصف نفسه بمحبة الأشخاص وقال إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فعلم أن الخلة أخص من مطلق المحبة بحيث هي من كمالها وتخللها الحب حتى يكون المحبوب بها محبوبا لذاته لا لشيء آخر إذ المحبوب لشيء غيره هو مؤخر في المحبة عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة والمزاحمة لتخللها الحب ففيها كمال التوحيد وكمال الحب وإن الخلة أيضا تنافي المزاحمة وتقدم الغير بحيث يكون المحبوب محبوبا لذاته لا يزاحمه فيها غيره وهذه محبة لا تصلح إلا لله فلا يجوز أن يشركه غيره فيما يستحقه وهو محبوب لذاته وكل ما يحب غيره إذا كان محبوبا بحق فإنما يحب لأجله وكل ما أحب لغيره فمحبته باطلة في الدنيا والدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله تعالى فإذا كانت الخلة كذلك فمن المعلوم أن من أنكر أن يكون الله محبوبا لذاته ينكر مخاللته وكذلك أيضا إن أنكر محبته لأحد من عباده فقد انكر أن يتخذه خليلا بحيث يحب الرب ويحبه العبد على أكمل ما يصلح للعبادة وكذلك تكليمه لموسى أنكروه لإنكارهم أن يقوم به صفة من الصفات أو فعل من الأفعال فكما ينكرون أن يتصف بحياة أو قدرة أو علم أو أن يستوى أو أن يجيء فكذلك ينكرون أن يتكلم أو يكلم فهذا حقيقة قولهم البقرة كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم لكن لما كان الإسلام ظاهرا والقرآن متلوا لا يمكن جحده لمن أظهر الإسلام أخذوا يلحدون في أسماء الله ويحرفون الكلم عن مواضعه فتأولوا محبة العباد له بمجرد محبتهم لطاعته والتقرب إليه وهذا جهل عظيم فإن محبة المتقرب إلى المتقرب إليه تابع لمحبته وفرع عليه فمن لا يحب الشيء لا يمكن أن يحب التقرب إليه إذ التقرب وسيلة ومحبة الوسيلة تبع لمحبة المقصود فيمتنع أن تكون الوسيلة إلى الشيء المحبوب هي المحبوب دون الشيء المقصود بالوسيلة وكذلك العبادة والطاعة إذا قيل في المطاع المعبود إن هذا يحب طاعته وعبادته فإن محبة ذلك تبع لمحبته وإلا فمن لا يحبه لا يحب طاعته وعبادته ومن كان لا يعمل لغيره إلا لعوض يناله منه أو لدفع عقوبة فإنه يكون معارضا له أو مفتديا منه لا يكون محبا له ولا يقال إن هذا يحبه ويفسر ذلك بمحبة طاعته وعبادته فإن محبة المقصود وإن استلزمت محبة الوسيلة أو غير محبة الوسيلة فإن ذلك يقتضي أن يعبر بلفظين محبة العوض والسلامة عن محبة العمل أما محبة الله فلا تعلق لها بمجرد محبة العوض ألا ترى أن من استأجر أجيرا بعضو لا يقال إن الأجير يحبه بمجرد ذلك بل قد يستأجر الرجل من لا يحبه بحال بل من يبغضه وكذلك من افتدى نفسه بعمل من عذاب معذب لا يقال إنه يحبه بل يكون مبغضا له فعلم أن ما وصف الله به عباده المؤمنين من أنهم يحبونه يمتنع أن يكون معناه مجرد محبة العمل الذي ينالون به بعض الأغراض المحبوبة من غير أن يكون ربهم محبوبا أصلا وأيضا فلفظ العبادة متضمن للمحبة مع الذل كما تقدم ولهذا كانت محبة القلب للبشر على طبقات أحدها العلاقة فهو تعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة وهو انصباب القلب إليه ثم الغرام وهو الحب اللازم ثم العشق وآخر المراتب هو التتيم وهو التعبد للمحبوب والمتيم المعبود وتيم الله عبد الله فإن المحب يبقى ذاكرا معبدا مذللا لمحبوبه وأيضا فاسم الانابة إليه يقتضي المحبة أيضا وما أشبه ذلك من الأسماء كما تقدم وأيضا فلو كان الذي قالوه حقا من كون ذلك مجازا لما فيه من الحذف والاضمار فالمجاز لا يطلق إلا بقرينة تبين المراد ومعلوم أن ليس في كتاب الله وسنة رسوله ما ينفي أن يكون الله محبوبا وأن لا يكون المحبوب إلا الأعمال لا في الدلالة المتصلة ولا المنفصلة بل ولا في العقل أيضا فمن علامات المجاز صحة إطلاق نفيه فيجب أن يصح إطلاق القول بان الله لا يحب ولا يحب كما أطلق إمامهم الجعد بن درهم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ومعلوم أن هذا ممتنع بإجماع المسلمين فعلم دلالة الإجماع على أن هذا ليس مجازا بل هي حقيقة وأيضا فقد فرق بين محبته ومحبة العمل له في قوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله كما فرق بين محبته ومحبة رسوله في قوله أحب إليكم من الله ورسوله فلو كان المراد بمحبته ليس إلا محبة العمل لكان هذا تكريرا أو من باب عطف الخاص على العام وكلاهما على خلاف ظاهر الكلام الذي لا يجوز المصير إليه إلا بدلالة تبين المراد وكما أن محبته لا يجوز أن تفسر بمجرد محبة رسوله فكذلك لا يجوز تفسيرها بمجرد محبة العمل وإن كانت محبته تستلزم محبة رسوله ومحبة العمل له وأيضا فالتعبير بمحبة الشيء عن مجرد محبة طاعته لا عن محبة نفسه أمر لا يعرف في اللغة لا حقيقة ولا مجازا فحمل الكلام عليه تحريف محض وقد قررنا في مواضع من القواعد الكبار أنه لا يجوز أن يكون غير الله محبوبا مرادا لذاته كما لا يجوز أن يكون غير الله موجودا بذاته بل لا رب إلا الله ولا إله غيره والإله هو المعبود الذي يستحق أن يحب لذاته ويعظم لذاته كمال المحبة والتعظيم وكل مولود يولد على الفطرة فإنه سبحانه فطر القلوب على أنه ليس في محبوباتها ومراداتها ما تطمئن إليه إلا الله وحده وإن كل ما أحبه المحبوب من مطعوم وملبوس ومنظور وملموس يجد من نفسه وإن قلبه يطلب شيئا سواه ويحب أمرا غيره يتألهه ويصمد إليه ويطمئن إليه ويرى ما يشبهه من هذه الاجناس ولهذا قال الله تعالى في كتابه الرعد ألا بذكر الله تطمئن القلوب وفي الصحيح عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله قال إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما احللت لهم وأمرتهم ان يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا كما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما نتنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة اقرءوا إن شئتم الروم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبيدل لخلق الله ذلك الدين القيم وأيضا فكل ما فطرت القلوب على محبته من نعوت الكمال فالله هو المستحق له على الكمال وكل ما في غيره من محبوب فهو منه سبحانه وتعالى فهو المستحق لأن يحب على الحقيقة والكمال وإنكار محبة العبد لربه هو في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبودا كما أن إنكار محبته لعبده يستلزم إنكار مشيئته وهو يستلزم إنكار كونه ربا خالقا فصار إنكارها مستلزما لإنكار كونه رب العالمين ولكونه إله العالمين وهذا هو قول أهل التعطيل والجحود ولهذا اتفقت الأمتان قبلنا على ما عندهم من مأثور وحكم عن موسى وعيسى أن أعظم الوصايا أن تحب الله بكل قلبك وعقلك وقصدك وهذا هو حقيقة الحنيفية ملة إبراهيم التي هي اصل شريعة التوراة والإنجيل والقرآن وإنكار ذلك هو مأخوذ من مقال الصابئين أعداء إبراهيم الخليل ومن وافقهم على ذلك من متفلسف أو متكلم أو متفقه أخذه عن هؤلاء وظهر ذلك في القرامطة الباطنية من الاسماعيلية ولهذا قال الخليل إمام الحنفاء الشعراء أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين وقال أيضا الأنعام لا احب الآفلين وقال تعالى الشعراء يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وهو السليم من الشرك وأما قولهم إنه لا مناسبة بين المحدث والقديم توجب محبته له وتمتعه بالنظر إليه فهذا الكلام مجمل فإن ارادوا بالمناسبة أنه ليس بوالد فهذا حق وإن أرادوا أنه ليس بينهما من المناسبة ما بين الناكح والمنكوح والآكل والمأكول ونحو ذلك فهذا أيضا حق وإن أرادوا أنه لا مناسبة بينهما توجب أن يكون أحدهما محبا عابدا والاخر معبودا محبوبا فهذا هو رأس المسألة والاحتجاج به مصادرة على المطلوب ويكفي في ذلك المنع ثم يقال بل لا مناسبة تقتضي المحبة الكاملة إلا المناسبة التي بين المخلوق والخالق الذي لا إله غيره الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وحقيقة قول هؤلاء أنهم جحدوا كون الله معبودا في الحقيقة ولهذا وافق على هذه المسألة طوائف من الصوفية المتكلمين الذين ينكرون أن يكون الله محبا في الحقيقة فأقروا بكونه محبوبا ومنعوا كونه محبا لأنهم تصوفوا مع ما كانوا عليه من قول أولئك المتكلمة فأخذوا عن الصوفية مذهبهم في المحبة وإن كانوا قد يخلطون فيه وأصل إنكارها إنما هو قول المعتزلة ونحوهم من الجهمية فأما محبة الرب عبده فهم لها أشد إنكارا ومنكروها قسمان قسم يتأولونها بنفس المفعولات التي يحبها العبد فيجعلون محبته نفس خلقه وقسم يجعلونها نفس إرادته لتلك المفعولات وقد بسطنا الكلام في ذلك في قواعد الصفات والقدر وليس هذا هو موضعها ومن المعلوم أنه قد دل الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة على أن الله يحب ويرضى ما أمر بفعله من واجب ومستحب وإن لم يكن ذلك موجودا وعلى أنه قد يريد وجود أمور يبغضها ويسخطها من الأعيان والأفعال كالفسق والكفر وقد قال الله تعالى البقرة والله لا يحب الفساد وقال تعالى الزمر ولا يرضى لعباده الكفر والمقصود هنا إنما هو في ذكر محبة العباد لله وقد تبين أن ذلك هو أصل أعمال الإيمان ولم يتبين بين أحد من سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان نزاع في ذلك وكانوا يحركون هذه المحبة بما شرع الله أن تحرك به من أنواع العبادات الشرعية كالعرفان الإيماني والسماع الفرقاني قال تعالى الشورى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان إلى آخر السورة ثم أنه لما طال الأمد صار في طائف المتكلمة من المعتزلة وغيرهم من ينكر هذه المحبة وصار في بعض المتصوفة من يطلب تحريكها بأنواع من سماع الحديث كالتغيير وسماع المكاء والتصدية فيسمعون من الأقوال والأشعار ما فيه تحريك جنس الحب الذي يحرك من كل قلب ما فيه من الحب بحيث يصلح لمحب الأوتار والصلبان والاخوان والأوطان والمردان والنسوان كما يصلح لمحب الرحمن ولكن كان الذين يحضرونه من الشيوخ يشترطون له المكان والإمكان والخلان وربما اشترطوا له الشيخ الذي يحرس من الشيطان ثم توسع في ذلك غيرهم حتى خرجوا في ذلك إلى أنواع من المعاصي بل إلى نوعم الفسوق بل خرج فيه طوائف إلى الكفر الصريح بحيث يتواجدون على أنواع من الأشعار التي فيها الكفر والإلحاد مما هو من أعظم أنواع الفساد وينتج ذلك لهم من الأحوال بحسبه كما تنتج لعباد المشركين وأهل الكتاب عباداتهم بحسبها والذي عليه محققوا المشايخ أنه كما قال الجنيد رحمه الله من تكلف السماع فتن به ومن صادفه استراح به ومعنى ذلك أنه لا يشرع الاجتماع لهذا السماع المحدث ولا يؤمر به ولا يتخذ دينا وقربة وأن القرب والعبادات إنما تؤخذ عن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله فإنه لا دين إلا ما شرعه الله قال الله تعلى الشورى أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ولهذا قال آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فجعل محبتهم لله موجبة لمتابعة رسوله وجعل متابعة رسوله موجبة لمحبة الله لهم قال أبي بن كعب رضي الله عنه عليكم بالسبيل والسنة فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة وما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من مخافة الله إلا لم تمسه النار أبدا وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة فاحرصوا أن تكون أعمالكم اقتصادا واجتهادا على منهاج الأنبياء وسنتهم وهذا مبسوط في غير هذا الموضع فلو كان هذا مما يؤمر به ويستحب وتصلح به القلوب للمعبود المحبوب لكان ذلك مما دلت الأدلة الشرعية عليه ومن المعلوم أنه لم يكن في القرون الثلاثة المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن ولا في العراق ولا في مصر ولا في خراسان أحد من أهل الخير والدين يجتمع على السماع المبتدع لصلاح القلوب ولهذا كرهه الأئمة كالإمام احمد وغيره وعده الشافعي من إحداث الزنادقة حين قال خلفت ببغداد شيئا أحدثه الزنادقة يسموه التغيير يصدون به الناس عن القرآن وأما مالا يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهى ولا ذم باتفاق الآئمة ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا على السماع فالمستمع للقرآن يثاب عليه والسامع له من غير قصد لا يثاب على ذلك إذ الأعمال بالنيات وكذلك ما ينهى عن استماعه من الملاهي لو سمعه السامع بدون قصد لم يضره ذلك فلو استمع السامع بيتا يناسب بعض حاله تحرك ساكنه المحمود وأزعج قاطنه المحبوب أو تمثل بذلك ونحو ذلك لم يكن ذلك مما ينهى عنه وإن كان المحمود الحسن حركة قلبه التي يحبها الله ورسوله أو التي تتضمن فعل ما يحبه الله وترك ما يكرهه كالذي اجتاز ببيت فسمع قائلا يقول كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل فأخذ منه إشارة تناسب حاله فإن الاشارة من باب القياس والاعتبار وضرب الأمثال ومسألة السماع كبيرة منتشرة قد تكلمنا عليها في غير هذا الموضع والمقصود ههنا أن المقاصد المطلوبة للمريدين تحصل بالسماع الايماني القرآني النبوي الديني الشرعي الذي هو سماع النبيين وسماع العالمين وسماع العارفين وسماع المؤمنين قال الله تعالى مريم أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم إلى قوله إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا وقال تعالى الإسراء إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله ويزيدهم خشوعا وقال تعالى المائدة وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق وقال تعالى الأنفال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا الآية وقال تعالى الزمر الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم الآية وكما مدح المقبلين على هذا السماع فقد ذم المعرضين عنه في مثل قوله لقمان ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا إلى قوله وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها الآية وقال تعالى الفرقان والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا وقال تعالى الأنفال ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم الآية وقال تعالى فصلت وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون وقال تعالى المدثر فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ومثل هذا كثير في القرآن وهذا كان سماع سلف الأمة وأكابر مشايخها وأئمتها كالصحابة والتابعين ومن بعدهم من المشايخ كإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي سليمان الدراراني ومعروف الكرخي ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشي وامثال هؤلاء وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى الأشعري يا ابا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يسمعون ويبكون وكان أصحاب محمد إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ القرآن والباقي يستمعون وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فجعل يستمع لقراءته وقال لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود وقال مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا أي لحسنته لك تحسينا وقال زينوا القرآن بأصواتكم وقال الله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته أذنا أي استماعا كقوله الانشقاق وأذنت لربها وحقت أي استمعت وقال صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به وقال ليس منا من لم يتغن بالقرآن ولهذا السماع من المواجيد العظيمة والأذواق الكريمة ومزيد المعارف والأحوال الجسيمة مالا يسعه خطاب ولا يحويه كتاب كما أن في تدبر القرآن وتفهمه من مزيد العلم والإيمان مالا يحيط به بيان ومما ينبغي التفطن له أن الله سبحانه قال في كتابه آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال طائفة من السلف أدعى قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الاية قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الآية فبين سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول وأن ابتاع الرسول يوجب محبة الله للعبد وهذه محبة امتحن الله بها أهل دعوى محبة الله فإن هذا الباب يكثر فيه الدعاوى والاشتباه ولهذا يروى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده فقال اسكتوا عن هذه المحبة لا تسمعها النفوس فتدعيها وقال بعضهم من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجيء ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد وذلك لأن الحب المجرد تتبسط النفوس فيه حتى تتسع في أهوائها إذا لم يزعها وازع الخشية لله حتى قالت اليهود والنصارى المائدة نحن أبناء الله وأحباؤه ويوجد في مدعى المحبة من مخالفة الشريعة مالا يوجد في أهل الخشية ولهذا قرن والخشية بها في قوله ق هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود وكان المشايخ المصنفون في السنة يذكرون في عقائدهم مجانبة من يكثر دعوى المحبة والخوض فيها من غير خشية لما في ذلك من الفساد الذي وقع فيه طوائف من المتصوفة وما وقع في هؤلاء من فساد الاعتقاد والأعمال أوجب إنكار طوائف لأصل طريقة المتوصفة بالكلية حتى صار المنحرفون صنفين صنف يقر بحقها وباطلها وصنف ينكر حقها وباطلها كما عليه طوائف من أهل الكلام والفقه والصواب إنما هو الإقرار بما فيه وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة والإنكار لما فيها وفي غيرها من مخالفة الكتاب والسنة وقال تعالى آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فاتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع شريعته باطنا وظاهرا هي موجب محبة الله كما أن الجهاد في سبيله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه هو حقيقتها كما في الحديث أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله وفي الحديث من أحب لله وابغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل المحبة وكثير ممن يدعى المحبة هو أبعد من غيره عن ابتاع السنة وعن الأمر بالمعروف وعن النهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ويدعى مع هذا أن ذلك أكمل لطريق المحبة من غيره لزعمه أن طريق المحبة لله ليس فيه غيرة ولا غضب لله وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة ولهذا في الحديث المأثور يقول الله تعالى يوم القيامة اين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي فقوله أين المتحابون بجلال الله تنبيه على ما في قلوبهم من إجلال الله وتعظيمه والتحاب فيه وبذلك يكونون حافظين لحدوده دون الذين لا يحفظون حدوده لضعف الإيمان في قلوبهم وهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتجالسين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتابذلين في والأحاديث في المتحابين لله كثيرة وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه ورجلان تحابا في الله واجتمعا وتفرقا عليه ورجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لاتعلم شماله ما أنفقت يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات نسب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين وأصل المحبة هو معرفة الله سبحانه وتعالى ولها أصلان أحدهما وهو الذي يقال له محبة العامة لأجل إحسانه إلى عباده وهذه المحبة على هذا الأصل لا ينكرها أحد فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وبغض من اساء إليها والله سب

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 353 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

فصل ومن أمراض القلوب الحسد كما قال بعضهم في حده إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الاغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا لأن الفاضل يجرى على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس إنه تمنى زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها وقد يحصل نظير تلك النعمة ما أنعم به على النوع ولهذا قال من قال إنه تمنى زوال النعمة فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها و النوع الثاني أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق هذا لفظ ابن مسعود ولفظ ابن عمر رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه

في الحق آناء الليل والنهار ورواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه لا حسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه الليل والنهار فسمعه رجل فقال يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه فإن قيل إذا لم سمي حسدا وإنما أحب أن ينعم الله عليه قيل مبدأ هذا الحب هونظره إلى إنعامه على الغير وكراهته أن يفضل عليه ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك فلما كان مبدأ ذلك كراهته أن يفضل عليه الغير كان حسدا لأنه كراهة تتبعها محبة وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني وقد يسمى المنافسة فيتنافس الإثنان في الأمر المحبوب المطلوب كلاهما يطلب أن يأخذه وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر والتنافس ليس مذموما مطلقا بل هو محمود في الخير قال تعالى المطففين إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوهم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون فأمر المنافس أن ينافس في هذا النعيم لا ينافس في نعيم الدنيا الزائل وهذا موافق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه نهى عن الحسد إلا فيمن أوتي العلم فهو يعمل به ويعلمه ومن أوتى المال فهو ينفقه فأما من أوتي علما ولم يعمل به ولم يعلمه أو أوتي مالا ولم ينفقه في طاعة الله فهذا لا يحسد ولا يتمنى مثل حاله فإنه ليس في خير يرغب فيه بل هو معرض للعذاب ومن ولي ولاية فيأتيها بعلم وعدل وأدى الأمانات إلى أهلها وحكم بين الناس بالكتاب والسنة فهذا درجته عظيمة لكن هذا في جهاد عظيم كذلك المجاهد في سبيل الله والنفوس لا تحسد من هو في تعب عظيم فلهذا لم يذكره وإن كان المجاهد في سبيل الله أفضل من الذي ينفق المال بخلاف المنفق والمعلم فإن هذين ليس لهما في العادة عدو من خارج فإن قدر أنهما لهما عدو يجاهدانه فذلك أفضل لدرجتهما وكذلك لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المصلى والصائم والحاج لأن هذه الأعمال لا يحصل منها في العادة من نفع الناس الذي يعظمون به الشخص ويسودونه ما يحصل بالتعليم والإنفاق والحسد في الأصل إنما يقع لما يحصل للغير من السؤدد والرياسة وإلا فالعامل لا يحسد في العادة ولو كان تنعمه بالأكل والشرب والنكاح أكثر من غيره بخلاف هذين النوعين فإنهما يحسدان كثيرا ولهذا يوجد بين أهل العلم الذين لهم اتباع من الحسد مالا يوجد فيمن ليس كذلك وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله فهذا ينفع الناس بقوت القلوب وهذا ينفعهم بقوت الأبدان والناس كلهم محتاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا ولهذا ضرب الله سبحانه مثلين مثلا بهذا فقال النحل ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم والمثلان ضربهما الله سبحانه لنفسه المقدسة ولما يعبد من دونه فإن الأوثان لا تقدر لا على عمل ينفع ولا على كلام ينفع فإذا قدر عبد مملوك لا يقدر على شيء وآخر قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوي هذا المملوك العاجز عن الإحسان وهذا القادر على الاحسان المحسن إلى الناس سرا وجهرا وهو سبحانه قادر على الإحسان إلى عباده وهو محسن إليهم دائما فكيف يشبه به العاجز المملوك الذي لا يقدر على شيء حتى يشرك به معه وهذا مثل الذي اعطاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل والنهار والمثل الثاني إذا قدر شخصان أحدهما أبكم لا يعقل ولا يتكلم ولا يقدر على شيء وهو مع هذا كل علىمولاه أينما يوجهه لا يأت بخير فليس فيه من نفع قط بل هو كل على من يتولى أمره وآخر عالم عادل يأمر بالعدل ويعمل بالعدل فهو على صراط مستقيم وهذا نظير الذي أعطاه الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها للناس وقد ضرب ذلك مثلا لنفسه فإنه سبحانه عالم عادل قادر يأمر بالعدل وهو قائم بالقسط على صراط مستقيم كما قال تعالى آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وقال هود هود إن ربي على صراط مستقيم ولهذا كان الناس يعظمون دار العباس كان عبد الله يعلم الناس وأخوه يطعم الناس فكانوا يعظمون على ذلك ورأى معاوية الناس يسألون ابن عمر عن المناسك وهو يفتيهم فقال هذا والله الشرف أو نحو ذلك هذا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نافس أبا بكر رضي الله عنه الإنفاق كما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا فكان ما فعله عمر من المنافسة والغبطة المباحة لكن حال الصديق رضي الله عنه أفضل منه وهو خال من المنافسة مطلقا لا ينظر إلى حال غيره وكذلك موسى صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج حصل له منافسة وغبطة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى لما تجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له ما يبكيك فقال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي أخرجاه في الصحيحين وروى في بعض الألفاظ المروية غير الصحيح مررنا على رجل وهو يقول ويرفع صوته أكرمته وفضلته قال فرفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام فقال من هذا معك يا جبريل قال هذا أحمد قال مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته قال ثم اندفعنا فقلت من هذا يا جبريل قال هذا موسى بن عمران قلت ومن يعاتب قال يعاتب ربه فيك قلت ويرفع صوته على ربه قال إن الله عز وجل قد عرف صدقه وعمر رضي الله عنه كان مشبها بموسى ونبينا حاله أفضل من حال موسى فإنه لم يكن عنده شيء من ذلك وكذلك كان في الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ونحوه كانوا سالمين من جميع هذه الأمور فكانوا أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة وإن كان ذلك مباحا ولهذا استحق أبو عبيدة رضي الله عنه أن يكون أمين هذه الأمة فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه مزاحمة على شيء مما ائتمن عليه كان أحق بالأمانة ممن يخاف مزاحمته ولهذا يؤتمن على النساء والصبيان الخصيان ويؤتمن على الولاية الصغرى من يعرف أنه لا يزاحم على الكبرى ويؤتمن على المال من يعرف أنه ليس له غرض في أخذ شيء منه وإذا ائتمن من في نفسه خيانة شبه بالذئب المؤتمن على الغنم فلا يقدر أن يؤدي الأمانة في ذلك لما في نفسه من الطلب لما ائمتن عليه وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال كنا يوما جلسوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة قال فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوء قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه و مقالته فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت قال نعم قال أنس رضي الله عنه فكان عبد الله يحدث أنه بات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئا غير انه إذا تعار وانقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم إلى صلاة الفجر فقال عبد الله غير أني لم اسمعه يقول إلا خيرا فلما فرغنا من الثلاث وكدت أن أحقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث المرات فأردت أن آوى إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بذلك فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما هو إلا ما رأيت غير أنني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسدا على خير أعطاه الله إياه قال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق فقول عبد الله بن عمرو له هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال الحشر ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون قال المفسرون لا يجدون في صدروهم حاجة أي حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون ثم قال بعضهم من مال الفيء وقيل من الفضل والتقدم فهم لا يجدون حاجة مما أوتوا من المال ولا من الجاه والحسد يقع على هذا وكان بين الأوس والخزرج منافسة على الدين فكان هؤلاء إذا فعلوا ما يفضلون به عند الله ورسوله أحب الآخرون ان يفعلوا نظير ذلك فهو منافسة فيما يقربهم إلى الله كما قال المطففين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وأما الحسد المذموم كله فقد قال تعالى في حق اليهود البقرة ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق يودون أي يتمنون أرتدادكم حسدا فجعل الحسد هو الموجب لذلك الود من بعد ما تبين لهم الحق لأنهم لما رأوا أنكم قد حصل لكم من النعمة ما حصل بل مالم يحصل لهم مثله حسدوكم وكذلك في الآية الأخرى النساء أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقت ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد وقد ذكر طائفة من المفسرين أنها نزلت بسب حسد اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم حتى سحروه سحره لبيد بن الأعصم اليهودي فالحاسد المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه بها ظالم معتد والكاره لتفضيله المحب لمماثلته منهي عن ذلك إلا فيما يقربه إلى الله فإذا أحب أن يعطى مثل ما أعطى مما يقربه إلى الله فهذا لا بأس به وإعراض قلبه عن هذا بحيث لا ينظر إلى حال الغير أفضل ثم هذا الحسد إن عمل بموجبه صاحبه كان ظالما معتديا مستحقا للعقوبة إلا أن يتوب وكان المحسود مظلوما مأمورا بالصبر والتقوى فيصبر على أذى الحاسد ويعفو ويصفح عنه كما قال تعالى البقرة ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصحفوا حتى يأتي الله بأمره وقد ابتلى يوسف بحسد إخوة له حيث قالوا يوسف ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين فحسدوهما على تفضيل الأب لهما ولهذا قال يعقوب ليوسف يوسف لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ثم إنهم ظلموه بتكلمهم في قتله وإلقائه في الجب وبيعه رقيقا لمن ذهب به إلى بلاد الكفر فصار مملوكا لقوم كفار ثم إن يوسف ابتلى بعد أن ظلم بمن يدعوه إلى الفاحشة ويراوده عليها ويستعين عليه بمن يعينه على ذلك فاستعصم واختار السجن على الفاحشة وآثر عذاب الدنيا على سخط الله فكان مظلوما من جهة من أحبه لهواه وغرضه مفاسد فهذه المحبة أحبته لهوى محبوبها شفاؤها وشقاؤها إن وافقها وأولئك المبغضون ابغضوه بغضة أوجبت أن يصير ملقى في الجب ثم أسيرا مملوكا بغير اختياره فأولئك أخرجوه من انطلاق الحرية إلى رق العبودية الباطلة بغير اختياره وهذه ألجأته إلى أن اختار أن يكون محبوسا مسجونا باختياره فكانت هذه أعظم في محنته وكان صبره هنا اختياريا اقترن به التقوى بخلاف صبره على ظلمهم فإن ذلك كان من باب المصائب التي من لم يصبر عليها صبر الكرام سلا سلو البهائم والصبر الثاني أفضل الصبرين ولهذا قال يوسف إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وهكذا إذا أوذي المؤمن على إيمانه وطلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان وإن لم يفعل أوذي وعوقب فاختار الأذى والعقوبة على فراق دينه إما الحبس وإما الخروج من بلده كما جرى للمهاجرين حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين وكانوا يعذبون يؤذون وقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع من الأذى فكان يصبر عليها صبرا اختياريا فإنه إنما يؤذي لئلا يفعل ما يفعله باختياره وكان هذا أعظم من صبر يوسف لأن يوسف إنما طلب منه الفاحشة وإنما عوقب إذا لم يفعل بالحبس والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طلب منهم الكفر وإذا لم يفعلوا طلبت عقوبتهم بالقتل فما دونه وأهون ما عوقب به الحبس فإن المشركين حبسوه وبني هاشم بالشعب مدة ثم لما مات أبو طالب اشتدوا عليه فلما بايعت الأنصار وعرفوا بذلك صاروا يقصدون منعه من الخروج ويحبسونه هو وأصحابه عن ذلك ولم يكن احد يهاجر إلا سرا إلا عمر بن الخطاب ونحوه فكانوا قد الجأوهم إلى الخروج من ديارهم ومع هذا منعوا من منعوه منهم عن ذلك وحبسوه فكان ما حصل للمؤمنين من الأذى والمصائب هو باختيارهم طاعة لله ورسوله لم يكن من المصائب السماوية التي تجري بدون اختيار العبد من جنس حبس يوسف لا من جنس التفريق بينه وبين أبيه وهذا أشرف النوعين وأهلها اعظم بدرجة وإن كان صاحب المصائب يثاب على صبره ورضاه وتكفر عنه الذنوب بمصائبه فإن هذا أصيب وأوذي باختياره طاعة لله يثاب على نفس المصائب ويكتب له بها عمل صالح قال تعالى التوبة ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين بخلاف المصائب التي تجري بلا اختيار العبد كالمرض وموت العزيز عليه وأخذ اللصوص ماله فإن تلك إنما يثاب على الصبر عليها لا على نفس ما يحدث من المصيبة وما يتولد عنها والذين يؤذون على الايمان وطاعة الله ورسوله ويحدث لهم بسبب ذلك حرج أو مرض أو حبس أو فراق وطن وذهاب مال وأهل أو ضرب أو شتم أو نقص رياسة ومال وهم في ذلك على طريقة الأنبياء وأتابعهم كالمهاجرين الأولين فهؤلاء يثابون على ما يؤذون به ويكتب لهم به عمل صالح كما يثاب المجاهد على ما يصيبه من الجوع والعطش والتعب وعلى غيظة الكفار وإن كانت هذه الآثار ليست عملا فعله يوقوم به لكنها متسببة عن عفله الاختياري وهي التي يقال لها متولدة وقد اختلف الناس هل يقال أنها فعل فاعل السبب أو لله أو لا فاعل لها والصحيح أنها مشتركة بين فاعل السبب وسائر الأسباب ولهذا كتب له بها عمل صالح والمقصود أن الحسد مرض من أمراض النفس وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ولهذا يقال ما خلا جسد من حسد لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه وقد قيل للحسن البصري ايحسد المؤمن فقال ما أنساك أخوة يوسف لا أبا لك ولكن عمه في صدرك فإنه لا يضرك ما لم تعد به يدا ولسانا فمن وجد في نفسه حسدا لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه وكثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود فلا يعينون من ظلمه ولكنهم أيضا لا يقومون بما يجب من حقه بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ولا يذكرون محامده وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك لا معتدون عليه وجزاؤهم أنهم يبخسون حقوقهم فلا ينصفون أيضا في مواضع ولا ينصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب ومن اتقى الله وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه كما جرى لزينب بنت جحش رضي الله عنها فإنها كانت هي التي تسامى عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وحسد النساء بعضهن لبعض كثير غالب لا سيما المتزوجات بزوج واحد فإن المرأة تغار على زوجها لحظها منه فإنه بسبب المشاركة يفوت بعض حظها وهكذا الحسد يقع كثيرا بين المتشاركين في رئاسة أو مال إذا أخذ بعضهم قسطا من ذلك وفات الآخر ويكون بين النظراء لكراهة أحدهم أن يفضل الآخر عليه كحسد إخوة يوسف وكحسد ابني آدم أحدهما لأخيه فإنه حسده لكون أن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربان هذا فحسده على ما فضله الله من الايمان والتقوى كحسد اليهود للمسلمين وقتله على ذلك ولهذا قيل أول ذنب عصى الله به ثلاثة الحرص والكبر والحسد فالحرص من آدم والكبر من إبليس والحسد من قابيل حيث قتل هابيل وفي الحديث ثلاث لا ينجو منهن احد الحسد والظن والطيرة وسأحدثكم بما يخرج من ذلك إذا حسدت فلا تبغض وإذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فامض رواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين فسماه داء كما سمى البخل داء في قوله وأي داء أدوأ من البخل فعلم أن هذا مرض وقد جاء في حديث آخر أعوذ بك من منكرات الخلاق والأهواء والأدواء فعطف الأدواء على الاخلاق والأهواء فإن الخلق ما صار عادة للنفس وسجية قال تعالى القلم وإنك لعلى خلق عظيم قال ابن عباس وابن عيينة وأحمد ابن حنبل رضي الله عنهم على دين عظيم وفي لفظ عن ابن عباس على دين الإسلام وكذلك قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن وكذلك قال الحسن البصري ادب القرآن هو الخلق العظيم وأما الهوى فقد يكون عارضا والداء هو المرض وهو تألم القلب والفساد فيه وقرن في الحديث الأول الحسد بالبغضاء لأن الحاسد يكره أولا فضل الله على ذلك الغير ثم ينتقل إلى بغضه فإن بغض اللازم يقتضي بغض الملزوم فإن نعمة الله إذا كانت لازمة وهو يحب زوالها وهي لا تزول إلا بزواله أبغضه واحب عدمه والحسد يوجب البغي كما أخبر الله تعالى عمن قبلنا آل عمران أنهم اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم فلم يكن اختلافهم لعدم العلم بل علموا الحق ولكن بغى بعضهم على بعض كما يبغي ا الحاسد على المحسود وفي الصحيحين عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته من رواية أنس أيضا والذي نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقد قال تعالى النساء وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما فهؤلاء المبطئون لم يحبوا لإخوانهم المؤمنين ما يحبون لأنفسهم بل إن أصابتهم مصيبة فرحوا باختصاصهم وإن أصابتهم نعمة لم يفرحوا لهم بها بل أحبوا أن يكون لهم منها حظ فهم لا يفرحون إلا بدنيا تحصل لهم أو شر دنيوي ينصرف عنهم إذ كانوا لا يحبون الله ورسوله والدار الآخرة ولو كانوا كذلك لأحبوا إخوانهم وأحبوا ما وصل إليهم من فضله وتألموا بما يصيبهم من المصيبة ومن لم يسره ما يسر المؤمنين ويسوؤه ما يسوء المؤمنين فليس منهم ففي الصحيحين عن عامر الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه و الشح مرض و البخل مرض والحسد شر من البخل كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار وذلك أن البخيل يمنع نفسه والحسود يكره نعمة الله على عباده وقد يكون في الرجل إعطاء لمن يعينه على أغراضه وحسد لنظرائه وقد يكون فيه بخل بلا حسد لغيره والشح أصل ذلك قال تعالى الحشر و التغابن ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وكان عبد الرحمن بن عوف يكثر من الدعاء في طوافه يقول اللهم قني شح نفسي فقال له رجل ما أكثر ما تدعو بهذا فقال إذا وقيت شح نفسي وقيت الشح والظلم والقطيعة والحسد يوجب الظلم فصل فالبخل والحسد مرض يوجب بغض النفس لما ينفعها بل وحبها لما يضرها ولهذا يقرن الحسد بالحقد والغضب وأما مرض الشهوة والعشق فهو حب النفس لما يضرها وقد يفترن به بغضها لما ينفعها والعشق مرض نفساني وإذا قوى أثر في البدن فصار مرضا في الجسم إما من أمراض الدماغ كالماليخوليا ولذلك قيل فيه هو مرض وسواسي شبيه بالماليخوليا وإما من أمراض البدن كالضعف والنحول ونحو ذلك والمقصود هنا مرض القلب فإنه أصل محبة النفس لما يضرها كمريض البدن الذي يشتهى ما يضره وإذا لم يطعم ذلك تألم وإن أطعم قوى به المرض وزاد كذلك العاشق يضره اتصاله بالمعشوق مشاهدة وملامسة وسماعا بل ويضره التفكر فيه والتخيل له وهو يشتهى ذلك فإن منع من مشتهاه تألم وتعذب وإن أعطى مشتهاه قوى مرضه وكان سببا لزيادة الألم وفي الحديث إن الله يحمى عبده المؤمن الدنيا كما يحمى احدكم مريضه الطعام والشراب وفي مناجاة موسى المأثروة عن وهب التي رواها الإمام احمد في كتاب الزهد يقول الله تعالى إني لأذود أوليائي عن نعيم الدنيا ورخائها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مراتع الهلكة وإني لأجنبهم سكونها وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذلك لهوانهم على ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطفئه الهوى وإنما شفاء المريض بزوال مرضه بل بزوال ذلك الحب المذموم من قلبه والناس في العشق على قولين قيل إنه من باب الإرادات وهذا هو المشهور قيل من باب التصورات وإنه فساد في ا لتخييل حيث يتصور المعشوق على غير ما هو به قال هؤلاء ولهذا لا يوصف الله بالعشق ولا أنه يعشق لأنه منزه عن ذلك ولا يحمد من يتخيل فيه خيالا فاسدا وأما الأولون فمنهم من قال يوصف بالعشق فإنه المحبة التامة والله يحب ويحب وروى في أثر عن عبد الواحد بن زيد أنه قال لا يزال عبدي يتقرب إلى يعشقني وأعشقه وهذا قول بعض الصوفية والجمهور لا يطلقون هذا اللفظ في حق الله لأن العشق هو المحبة المفرطة الزائدة على الحد الذي ينبغي والله تعالى محبته لا نهاية لها فليست تنتهي إلى حد لا تنبغي مجاوزته قال هؤلاء والعشق مذموم مطلقا لا يمدح في محبة اخلالق ولا المخلوق لأنه المحبة المفرطة الزائدة على الحد المحدود وأيضا فإن لفظ العشق إنما يستعمل في العرف في محبة الإنسان لامرأة أو صبي لا يستعمل في محبة كمحبة الأهل والمال والجاه ومحبة الأنبياء والصالحين وهو مقرون كثيرا بالفعل المحرم إما بمحبة امرأة أجنبية أو صبي يقترن به النظر المحرم واللمس المحرم وغير ذلك من الأفعال المحرمة وأما محبة الرجل لامرأته أو سريته محبة تخرجه عن العدل بحيث يفعل لأجلها ما لا يحل ويترك ما يجب كما هو الواقع كثيرا حتى يظلم ابنه من امرأته العتيقة لمحبته الجديدة وحتى يفعل من مطالبها المذمومة ما يضره في دينه ودنياه مثل أن يخصها بميراث لا تستحقه أو يعطى أهلها من الولاية والمال ما يتعدى به حدود الله أو يسرف في الإنفاق عليها أو يمكنها من أمور محرمة تضره في دينه ودنياه وهذا في عشق من يباح له وطؤها فكيف عشق الأجنبية والذكران من العالمين ففيه من الفساد مالا يحصيه إلا رب العباد وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها وعرضه ثم قد تفسد عقله ثم جسمه قال تعالى الأحزاب فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ومن في قلبه مرض الشهوة وإرادة الصورة متى خضع المطلوب طمع المريض والطمع يقوى الإرادة والطلب يقوي المرض بذلك بخلاف ما إذا كان آيسا من المطلوب فإن اليأس يزيل الطمع فتضعف الإرادة فيضعف الحب فإن الإنسان لا يريد أن يطلب ما هو آيس منه فلا يكون مع الإرادة عمل أصلا بل يكون حديث نفس إلا أن يقترن بذلك كلام او نظر ونحو ذلك فأما إذا ابتلى بالعشق وعف وصبر فإنه يثاب على تقواه لله وقد روى في الحديث أن من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات كان شهيدا وهو معروف من رواية يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا وفيه نظر ولا يحتج بهذا لكن من المعلوم بأدلة الشرع أنه إذا عف عن المحرمات نظرا وقولا وعملا وكتم ذلك فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلام محرم اما شكوى إلى المخلوق وإما إظهار فاحشة وإما نوع طلب للمعشوق وصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلىما في قلبه من ألم العشق كما يصبر المصاب عن ألم المصيبة فإن هذا يكون ممن اتقى الله وصبر و من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين يوسف وهكذا مرض الحسد وغيره من أمراض النفوس وإذا كانت النفس تطلب ما يبغضه الله فينهاها خشية من الله كان ممن دخل في قوله النازعات وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى فالنفس إذا أحبت شيئا سعت في حصوله بما يمكن حتى تسعى في أمور كثيرة تكون كلها مقامات لتلك الغاية فمن احب محبة مذمومة أو أبغض بغضا مذموما وفعل ذلك كان آثما مثل أن يبغض شخصا لحسده له فيؤذي من له به تعلق إما بمنع حقوقه أو بعدوان عليهم او لمحبة له لهواه معه فيفعل لأجله ما هو محرم أو ما هو مأمور به لله فيفعله لأجل هواه لا لله وهذه أمراض كثيرة في النفوس والإنسان قد يبغض شيئا فيبغض لأجله أمورا كثيرة بمجرد الوهم والخيال وكذلك يحب شيئا فيحب لأجله أمورا كثيرة لأجل الوهم والخيال كما قال شاعرهم أحب لحبها السودان حتى أحب لحبها سود الكلاب فقد أحسب سوداء فأحب جنس السواد حتى في الكلاب وهذا كله مرض في القلب في تصوره وإرادته فنسأل الله ان يعافى قلوبنا من كل داء ونعوذ بالله من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء والقلب إنما خلق لأجل حب الله تعالى وهذه الفطرة التي فطر الله عليها عباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه اقرءوا إن شئتم الروم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله أخرجه البخاري ومسلم فالله سبحانه فطر عباده على محبته وعبادته وحده فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفا بالله محبا له وحده لكن تفسد فطرته من مرضه كأبويه يهودانه أو ينصرانه وهذه كلها تغير فطرته التي فطره الله عليها وإن كانت بقضاء الله وقدره كما يغير البدن بالجدع ثم قد يعود إلى الفطرة إذا يسر الله تعالى لها من يسعى في إعادتها إلى الفطرة والرسل صلى الله عليهم وسلم بعثوا لتقرير الفطرة وتكميلها لا لتغيير الفطرة وتحويلها وإذا كان القلب محبا لله وحده مخلصا له الدين لم يبتل بحب غيره فضلا أن يبتلى بالعشق وحيث ابتلى بالعشق فلنقص محبته لله وحده ولهذا لما كان يوسف محبا لله مخلصا له الدين لم يبتل بذلك بل قال تعالى يوسف كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها فلذلك ابتليت بالعشق وما يبتلى بالعشق أحد إلا لنقص توحيده وإيمانه وإلا فالقلب المنيب إلى الله الخائف منه فيه صار فإن يصرفانه عن العشق أحدهما إنابته إلى الله ومحبته له فإن ذلك ألذ وأطيب من كل شيء فلا تبقى مع محبة الله محبة مخلوق تزاحمه والثاني خوفه من الله فإن الخوف المضاد للعشق يصرفه وكل من احب شيئا بعشق أو بغير عشق فإنه يصرف عن محبته بمحبة ما هو احب إليه منه إذا كان يزاحمه وينصرف عن محبته بخوف حصول ضرر يكون ابغض إليه من ترك ذاك الحب فإذا كان الله احب إلى العبد من كل شيء وأخوف عنده من كل شيء لم يحصل معه عشق ولا مزاحمة إلا عند غفلة أو عند ضعف هذا الحب والخوف بترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات فإن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فكلما فعل العبد الطاعة محبة لله وخوفا منه وترك المعصية حبا له وخوفا منه قوى حبه له وخوفه منه فيزيل ما في القلب من محبة غيره ومخافة غيره وهكذا أمراض الأبدان فإن الصحة تحفظ بالمثل والمرض يدفع بالضد فصحة القلب بالإيمان تحفظ بالمثل وهو ما يورث القلب إيمانا من العلم النافع والعلم الصالح فتلك أغذية له كما في حديث ابن مسعود مرفوعا وموقوفا إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن والآدب المضيف فهو ضيافة الله لعباده آخر الليل وأوقات الأذان والإقامة وفي سجوده وفي أدبار الصلوات ويضم إلى ذلك الاستغفار فإنه من استغفر الله ثم تاب إليه متعه متاعا حسنا إلى اجل مسمى وليتخذ وردا من الأذكار في النهار ووقت النوم وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف فإنه لا يلبث أن يؤيده الله بروح منه ويكتب الإيمان في قلبه وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس باطنة وظاهرة فإنها عمود الدين وليكن هجيراه لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها بها تحمل الأثقال وتكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال ولا يسأم من الدعاء والطلب فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل فيقول قد دعوت ودعوت فلم يستجب لي وليعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا ولم ينل أحد شيئا من ختم الخير نبي فمن دونه إلا بالصبر والحمد لله رب العالمين وله الحمد والمنة على الاسلام والسنة حمدا يكافئ نعمه الظاهرة والباطنة وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه امهات المؤمنين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا بسم الله الرحمن الرحيم ومما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله في أمراض القلوب وشفائها الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم قد ذكرنا في غير موضع أن صلاح حال الإنسان في العدل كما ان فساده في الظلم وأن الله سبحانه عدله وسواه لما خلقه وصحة جسمه وعافيته من اعتدال اخلاطه واعضائه ومرض ذلك الانحراف والميل وكذلك استقامة القلب واعتداله واقتصاده وصحته وعافيته وصلاحه متلازمة وقد ذكر الله مرض القلوب وشفاءها في مواضع من كتابه وجاء ذلك في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى عن المنافقين البقرة في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وقال فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم وقال تعالى التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم وقال يونس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وقال تعالى الإسراء وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وقال تعالى فصلت قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء وقال تعالى الأحزاب ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقال الحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم وقال الأحزاب وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرروا وقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا سألوا إذ لم يعلموا فإن شفاء العي السؤال وقال الرشيد الان شفيتني يا مالك وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود أن أحدا لا يزال بخير ما اتقى الله وإذا شك في تفسير شيء سأل رجلا فشفاه وأوشك أن لا يجده والذي لا إله إلا هو وما ذكر الله من مرض القلوب وشفائها بمنزلة ما ذكر من موتها وحياتها وسمعها وبصرها وعقلها وصممها وبكمها وعماها لكن المقصود مرض القلب فنقول المرض نوعان فساد الحس وفساد الحركة الطبيعية وما يتصل بها من الإرادية وكل منهما يحصل بفقده ألم وعذاب فكما أنه مع صحة الحس والحركة الإرادية والطبيعية تحصل اللذة والنعمة فكذلك بفسادها يحصل الألم والعذاب ولهذا كانت النعمة من النعيم وهو ما ينعم الله به على عباده مما يكون فيه لذة ونعيم وقال التكاثر لتسألن يومئذ عن النعيم أي عن شكره فسبب اللذة إحساس الملائم وسبب الألم إحساس المنافي ليس اللذة والألم نفس الإحساس والإدراك وإنما هونتيجته وثمرته ومقصوده وغايته فالمرض فيه ألم لا بد منه وإن كان قد يسكن احيانا لمعارض راجح فالمقتضى له قائم يهيج بأدنى سبب فلا بد في المرض من وجود سبب الألم وإنما يزول الألم بوجود المعارض والراجح ولذة القلب وألمه أعظم من لذة الجسم وألمه أعني ألمه ولذته النفسانيين وإن كان قد يحصل فيه من الألم من جنس ما يحصل في سائر البدن بسبب مرض الجسم فذلك شيء آخر فلذلك كان مرض القلب وشفاؤه اعظم من مرض الجسم وشفائه فتارة يكون من جملة الشبهات كما قال الأحزاب فيطمع الذي في قلبه مرض وكما صنف الخرائطي كتاب اعتلال القلوب بالأهواء ففي قلوب المنافقين المرض من هذا الوجه من جهة فساد الاعتقادات وفساد الإرادات والمظلوم في قلبه مرض وهو الألم الحاصل بسبب ظلم الغير له فإذا استوفى حقه اشتفى قلبه كما قال تعالى التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم فإن ذهاب غيظ القلب إنما هو لدفع الأذى والألم عنه فإذا اندفع عنه الأذى واستوفى حقه زال غيظه فكما أن الإنسان إذا صار لا يسمع بأذنه ولا يبصر بعينه كان ذلك مرضا مؤلما له بما يفوته من المصالح ويحصل له من المضار فكذلك إذا لم يسمع ولم يبصر ولم يعلم بقلبه الحق من الباطل ولم يميز بين الخير والشر والعي والرشاد كان ذلك من أعظم أمراض قلبه وألمه وكما أنه إذا اشتهى ما يضره مثل الطعام الكثير في الشهوة الكلية ومثل أكل الطين ونحوه كان ذلك مرضا فإنه يتألم حتى يزول ألمه بهذا الأكل الذي يوجد ألما أكثر من الأول فهو يتألم إن أكل ويتألم إن لم يأكل فكذلك إذا بلى بحب من لا ينفعه بعشق ونحوه سواء كان لصورة او لرياسة أو لمال ونحو ذلك فإن لم يحصل على محبوبه ومطلوبه فهو متألم ومريض سقيم وإن حصل محبوبة فهو اشد مرضا وألما وسقما كما أن المريض إذا كان يبغض ما يحتاج إليه من الطعام والشراب كان ذلك الألم حاصلا وكان دوامه على ذلك يوجب من الألم اكثر من ذلك حتى يقتله أو يزول ما يوجب بغضه لما ينفعه ويحتاج إليه فهو متألم في الحال وتألمه فيما بعد إن لم يعافه الله اعظم وأكبر فبغض الحاسد لنعمة الله على المحسود كبغض المريض لأكل الأصحاء لأطعمتهم وأشربتهم حتى لا يقدر أن يراهم يأكلون ونفرته عن أن يقوم بحقه كنفرة المريض عما يصلح له من طعام وشراب فالحب والبغض الخارج عن الاعتدال والصحة في النفس كالشهوة والنفرة الخارجة عن الاعتدال والصحة في الجسم وعمى القلب وبكمه عن أن يبصر الحقائق ويميز بين ما ينفعه ويسره كعمى الجسم وخرسه عن أن يبصر الأمور المرئية ويتكلم بها ويميز بين ما ينفعه ويضره وكما أن الضرير إذا أبصر وجد من الراحة والعافية والسرور أمرا عظيما فبصر القلب ورؤيته الحقائق بينه وبين بصر الراس من التفاوت مالا يحصيه إلا الله وإنما الغرض هنا تشبيه أحد المرضين بالآخر فطب الأديان يحتذي حذو طب الأبدان وقد كتب سلمان إلى أبي الدرداء أما بعد فقد بلغني أنك قعدت طبيبا فإياك أن تقتل والله أنزل كتابه شفاء لما في الصدور وقال تعالى الإسراء وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ذلك أن الشفاء إنما يحصل لمن يتعمد الدواء وهم المؤمنون وضعوا دواء القرآن على داء قلوبهم فمرض الجسم يكون بخروج الشهوة والنفرة الطبيعية عن الاعتدال إما بشهوة مالا يحصل أو يفقد الشهوة النافعة وينفر به عما يصلح ويفقد النفرة عما يضر ويكون بضعف قوة الإدراك والحركة كذلك مرض القلب يكون بالحب والبغض الخارجين عن الاعتدال وهي الأهواء التي قال الله فيها القصص ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله وقال الروم بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم كما يكون الجسد خارجا عن الاعتدال إذا فعل ما يشتهيه الجسم بلا قول الطبيب ويكون لضعف إدراك القلب وقوته حتى لا يستطيع أن يعلم ويريد ما ينفعه ويصلح له وكما أن المرضى الجهال قد يتناولون ما يشتهون فلا يحتمون ولا يصبرون على الأدوية الكريهة لما في ذلك من تعجيل نوع من الراحة واللذة ولكن ذلك يعقبهم من الآلام ما يعظم قدره او يعجل الهلاك فكذلك بنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته ويترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات إما في الدنيا وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب والهلاك الأعظم و التقوى هي الاحتماء عما يضره بفعل ما ينفعه فإن الاحتماء عن الضار يستلزم استعمال النافع وأما استعمال النافع فقد يكون معه أيضا استعمال الضار فلا يكون صاحبه من المتقين وأما ترك استعمال الضار والنافع فهذا لا يكون فإن العبد إذا عجز عن تناول الغذاء كان مغتذيا بما معه من المواد التي تضره حتى يهلك ولهذا كانت العاقبة للتقوى وللمتقين لأنهم المحتمون عما يضرهم فعاقبتهم الإسلام والكرامة وإن وجدوا ألما في الابتداء لتناول الدواء والإحتماء كفعل الأعمال الصالحة المكروهة كما قال تعالى البقرة كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ولكثرة الأعمال الباطلة المشتهاة قال تعالى النازعات وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى وكما قال الانفال وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم فأما من لم يحتم فإن ذلك سبب لضرره في العاقبة ومن تناول ما ينفعه مع يسير من التخليط فهو أصلح ممن احتمى حمية كاملة ولم يتناول إلا شيئا يسيرا فإن الحمية التامة بلا اغتذاء تمرض فهكذا من ترك السيئات ولم يفعل الحسنات وقد قدمنا في قاعدة كبيرة أن جنس الحسنات أنفع من جنس ترك السيئات كما أن جنس الاغتذاء من جنس الاحتماء وبينا أن هذا مقصود لنفسه وذلك مقصود لغيره بالانضمام إلى غيره وكما أن الواجب الاحتماء عن سبب المرض قبل حصوله وإزالته بعد حصوله فهكذا أمراض القلب يحتاج فيها إلى حفظ الصحة ابتداء وإلى إعادتها إن عرض له المرض دواما والصحة تحفظ بالمثل والمرض يزول بالضد فصحة القلب تحفظ باستعمال أمثال ما فيها وهو ما يقوى العلم والايمان من الذكر والتفكر والعبادات المشروعة وتزول بالضد فتزال الشبهات بالبينات وتزال محبة الباطل ببغضه ومحبة الحق ولهذا قال يحيى بن عمار العلوم خمسة فعلم هو حياة الدين وهو علم التوحيد وعلم هو غذاء الدين وهو علم التذكر بمعاني القرآن والحديث وعلم هو دواء الدين وهو علم الفتوى إذا نزل بالعبد نازلة احتاج إلى من يشفيه منها كما قال ابن مسعود وعلم هو داء الدين وهو الكلام المحدث وعلم هو هلال الدين وهو علم السحر ونحوه فحفظ الصحة بالمثل وإزالة المرض بالضد في مرض الجسم الطبيعي ومرض القلب النفساني الديني الشرعي قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة اقرءوا إن شئتم الروم فطرة الله التي فطر الناس عليها أخرجاه في الصحيحين قال تعالى الروم وله من في السموات والأرض كل له قانتون وهو الذي يبدئ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض إلى قوله بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم إلى قوله فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون فأخبر الله أنه فطر عباده على إقامة الوجه حنيفا وهو عبادة الله وحده لا شريك له فهذه من الحركة الفطرية الطبيعية المستقيمة المعتدلة للقلب وتركها ظلم عظيم اتبع اهله اهواءهم بغير علم ولا بد لهذه الفطرة والخلقة وهي صحة الخلقة من قوت وغذاء يمدها بنظير ما فيها مما فطرت عليه علما وعملا ولهذا كان تمام الدين بالفطرة المكملة بالشريعة المنزلة وهي مأدبة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن ومثله كماء أنزله الله من السماء كما جرى تمثيله بذلك في الكتاب والسنة والمحرفون للفطرة المغيرون للقلب عن استقامته هم ممرضون للقلوب مسقمون لها وقد أنزل الله كتابه شفاء لما في الصدور وما يصيب المؤمن في الدنيا من المصائب بمنزلة ما يصيب الجسم من الألم يصح به الجسم وتزول أخلاطه الفاسدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه وذلك تحقيق لقوله النساء من يعمل سوءا يجز به ومن لم يطهر في هذه الدنيا من هذه الأمراض فيئوب صحيحا وإلا احتاج إلى أن يطهر منها في الآخرة فيعذبه الله كالذي اجتمعت فيه أخلاطه ولم يستعمل الأدوية لتخفيفها عنه فتجتمع حتى يكون هلاكه بها ولهذا جاء في الأثر إذا قالوا للمريض اللهم ارحمه يقول الله كيف أرحمه من شيء به أرحمه وقال النبي صلى الله عليه وسلم المرض حطة يحط الخطايا عن صاحبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها وكما أن من أمراض الجسم ما إذا مات الإنسان منه كان شهيدا كالمطعون والمبطون وصاحب ذات الجنب وكذلك الميت بغرق او حرق او هدم فمن أمراض النفس ما إذا اتقى العبد ربه فيه وصبر عليه حتى مات كان شهيدا كالجبان الذي يتقى الله ويصبر للقتال حتى يقتل فإن البخل والجبن من أمراض النفوس إن أطاعه أوجب له الألم وإن عصاه تألم كأمراض الجسم وكذلك العشق فقد روى من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات مات شهيدا فإنه مرض في النفس يدعو إلى ما يضر النفس كما يدعو المريض إلى تناول ما يضر فإن أطاع هواه عظم عذابه في الآخرة وفي الدنيا أيضا وإن عصى الهوى بالعفة والكتمان صار في نفسه من الألم والسقم ما فيها فإذا مات من ذلك المرض كان شهيدأن هذا يدعوه إلى النار فيمنعه كالجبان تمنعه نفسه عن الجنة فيقدمها فهذه الأمراض إذا كان معها إيمان وتقوى كانت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين فهرس أمراض القلوب وشفاؤها التحفة العراقية في الاعمال القلبية تأليف شيخ الاسلام تقي الدين أحمد بن تيمية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد فهذه كلمات مختصرة في أعمال القلوب التي تسمى المقامات والأحوال وهي من أصول الايمان وقواعد الدين مثل محبة الله ورسوله والتوكل على الله وإخلاص الدين له والشكر له والصبر على حكمه والخوف منه والرجاء له وما يتبع ذلك اقتضى ذلك بعض من أوجب الله حقه من أهل الإيمان واستكتبها وكل منا عجلان فأقول هذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق المأمورين في الأصل باتفاق أئمة الدين والناس في

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 321 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

قال الله تعالى عن المنافقين البقرة في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وقال تعالى الحج ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وقال الأحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا وقال المدثر ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا اراد الله بهذا مثلا وقال تعالى يونس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وقال الإسراء وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا وقال التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم و مرض البدن خلال صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه كما يدرك الحلو مرا وكما يخيل إليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج وأما فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الاشياء التي تضره ويحصل له من الالام بحسب ذلك ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك بل فيه نوع قوة على إدراك الحركة الارادية في الجملة فيتولد من ذلك ألم يحصل في البدن إما بسبب فساد الكمية أو الكيفية فالأول إما لنقص المادة فيحتاج إلى غذاء وإما بسب زيادتها فيحتاج إلى استفراغ والثاني كقوة في الحرارة والبرودة خارج عن الاعتدال فيداوى وكذلك مرض القلب هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب كما فسر مجاهد وقتادة قوله البقرة في قلوبهم مرض أي شك وارة يفسر بشوة الزنا كما فسر به قوله الأحزاب فيطمع الذي في قلبه مرض في قلبه مرض ولهذا صنف الخرائطي كتاب اعتلال القلوب أي مرضها وأراد به مرضها بالشهوة والمريض يؤذيه مالا يؤذي الصحيح فيضره يسير الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض والمرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته ضعيفة لا تطيق ما يطيقه القوى والصحة تحفظ بالمثل وتزال بالضد والمرض يقوى بمثل سببه ويزول بضده فإذا حصل للمريض مثل سبب مرضه زاد مرضه وزاد ضعف قوته حتى ربما يهلك وإن حصل له ما يقوى القوة ويزيل المرض كان بالعكس و مرض القلب ألم يحصل في القلب كالغيظ من عدو استولى عليك فإن ذلك يؤلم القلب قال الله تعالى التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم فشفاؤهم بزوال ما حصل في قلوبهم من الالم ويقال فلان شفى غيظه وفي القود استشفاء أولياء المقتول ونحو ذلك فهذا شفاء من الغم والغيظ والحزن وكل هذه آلام تحصل في النفس وكذلك الشك والجهل يؤلم القلب قال النبي صلى الله عليه وسلم هلا سألوا إذا لم يعلموا فإن شفاء العي السؤال والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين ويقال للعالم الذي اجاب بما يبين الحق قد شفاني بالجواب و المرض دون الموت فالقلب يموت بالجهل المطلق ويمرض بنوع من الجهل فله موت ومرض وحياة وشفاء وحياته وموته ومرضه وشفاؤه أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه فلهذا مرض القلب إذا ورد عليه شبهة أو شهوة قوت مرضه وإن حصلت له حكمة وموعظة كانت من أسباب صلاحه وشفاءه قال تعالى الحج ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض لأن ذلك أورث شبهة عندهم والقاسية قلوبهم ليبسها فأولئك قلوبهم ضعيفة بالمرض فصار ما ألقى الشيطان فتنة لهم وهؤلاء كانت قلوبهم قاسية عن الايمان فصار فتنة لهم وقال الأحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة كما قال المدثر وليقول الذين في قلوبهم مرض لم تمت قلوبهم كموت قلوب الكفار والمنافقين وليست صحيحة صالحة كصالح قلوب المؤمنين بل فيهامرض شبهة وشهوات وكذلك الأحزاب فيطمع الذي في قلبه مرض وهو مرض الشهوة فإن القلبالصحيح لو تعرضت له المرأة لم يلتفت إليها بخلاف القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلىما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه فإذا خضعن بالقول طمع الذي في قلبه مرض و القرآن شفاء لما في الصدور ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل فيزيل أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والادراك بحيث يرى الاشياء على ما هي عليه وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب فيرغب القلب فيما ينفعه ويرغب عما يضره فيبقى القلب محبا للرشاد مبغضا للغي بعد أن كان مريدا للغي مبغضا للرشاد فالقرآن مزيل للأمراض الموجبة للإرادات الفاسدة حتى يصلح القلب فتصلح إرادته ويعود إلى فطرته التي فطر عليها كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي ويغتذي القلب من الايمان والقرآن بما يزكيه ويؤيده كماي يتغذى البدن بما ينميه ويوقمه فإن زكاة القلب مثل نماء البدن و الزكاة في اللغة النماء والزيادة في الصلاح يقال زكا الشيء إذا نما في الصلاح فالقلب يحتاج ان يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح كما يحتاج البدن أن يربى بالأغذية المصلحة له ولا بد مع ذلك من منع ما يضره فلا ينمو البدن إلا باعطاء ما ينفعه ومنع ما يضره وكذلك القلب لا يزكو فينمو ويتم صلاحه إلا بحصول ما ينفعه ودفع ما يضره وكذلك الزرع لا يزكو إلا بهذا و الصدقة لما كانت تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار صار القلب يزكو بها وزكاته معنى زائد على طهارته من الذنب قال الله تعالى التوبة خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وكذلك ترك الفواحش يزكو به القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الاخلاط الرديئة في البدن ومثل الدغل في الزرع فإذا استفرغ البدن من الاخلاط الرديئة كاستخراج الدم الزائد تخلصت القوة الطبيعية واستراحت فينمو البدن وكذلك القلب إذاتاب من الذنوب كان استفراغا من تخليطاته حيث خلط عملا صالحا وآخر شيئا فإذا تاب من الذنوب تخلصت قوة القلب وإراداته للأعمال الصالحة واستراح القلب من تلك الحوادث الفاسدة التي كانت فيه فزكاة القلب بحيث ينمو ويكمل قال تعالى النور ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا وقال تعالى النور وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم وقال النور قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما ينصعون وقال تعالى الاعلى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وقال تعالى الشمس قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها وقال تعالى عبس وما يدريك لعله يزكى وقال تعالى النازعات فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فالتزكية وإن كان أصلها النماء والبركة وزيادة الخير فإنما تحصل بإزالة الشر فلهذا صار التزكي يجمع هذا وهذا وقال فصلت وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهي التوحيد والإيمان الذي به يزكو القلب فإنه يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب وإثبات إليهة الحق في القلب وهو حقيقة لا إله إلا الله وهذا أصل ما تزكو به القلوب و التزكية جعل الشيء زكيا إما في ذاته وإما في الاعتقاد والخبر كما يقال عدلته إذا جعلته عدلا في نفسه أو في اعتقاد الناس قال تعالى النجم فلا تزكوا أنفسكم أي تخبروا بزكاتها وهذا غير قوله الشمس قد افلح من زكاها ولهذا قال النجم هو أعلم بمن اتقى وكان اسم زينب برة فقيل تزكى نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأما قوله النساء ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء أي يجعله زاكيا ويخبر بزكاته كما يزكى المزكي الشهود بعدلهم و العدل هو الاعتدال والاعتدال هو صلاح القلب كما أن الظلم فساده ولهذا جميع الذنوب يكون الرجل فيها ظالما لنفسه والظلم خلاف العدل فلم يعدل على نفسه بل ظلمها فصلاح القلب في العدل وفساده في الظلم وإذا ظلم العبد نفسه فهو الظالم وهو المظلوم كذلك إذا عدل فهو العادل والمعدول عليه فمنه العمل وعليه تعود ثمرة العمل من خير وشر قال تعالى البقرة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت و العمل له أثر في القلب من نفع وضر وصلاح قبل أثره في الخارج فصلاحها عدل لها وفسادها ظلم لها قال تعالى فصلت من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وقال تعالى الإسراء إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها قال بعض السلف إن للحسنة لنورا في القلب وقوة في البدن وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة لظلمة في القلب وسوادا في الوجه ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق وقال تعالى الطور كل امرئ بما كسب رهين وقال تعالى المدثر كل نفس بما كسبت رهينة وقال الأنعام وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا و تبسل أي ترتهن وتحبس وتؤسر كما أن الجسد إذا صح من مرضه قيل قد اعتدل مزاجه والمرض إنما هو انحراف المزاج مع أن الاعتدال المحض السالم من الأخلاط لا سبيل إليه ولكن الأمثل فالأمثل فهكذا صحة القلب وصلاحه في العدل ومرضه من الزيغ والظلم والانحراف والعدل المحض في كل شيء متعذر علما وعملا ولكن الأمثل فالأمثل ولهذا يقال هذا أمثل ويقال للطريقة السلفية الطريقة المثلى وقال تعالى النساء ولن تستعطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم وقال تعالى الأنعام وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها والله تعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس بالقسط وأعظم القسط عبادة الله وحده لا شريك له ثم العدل على الناس في حقوقهم ثم العدل على النفس و الظلم ثلاثة أنواع والظلم كله من أمراض القلوب والعدل صحتها وصلاحها قال أحمد بن حنبل لبعض الناس لو صححت لم تخف أحدا أي خوفك من المخلوق هو من مرض فيك كمرض الشرك والذنوب وأصل صلاح القلب هو حياته واستنارته قال تعالى الأنعام أو من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها لذلك ذكر الله حياة القلوب ونورها وموتها وظلمتها في غير موضع كقوله ياسين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين وقوله تعالى الأنفال يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ثم قال واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون وقال تعالى الروم يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن أنواعه أن يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن وفي الحديث الصحيح مثل البيت يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت وفي الصحيح أيضا اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذها قبورا وقد قال تعالى الأنعام والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات وذكر سبحانه آية النور وآية الظلمة فقال النور الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور فهذا مثل نور الايمان في قلوب المؤمنين ثم قال النور والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده وفوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فالأول مثل الاعتقادات الفاسدة والأعمال التابعة لها يحسبها صاحبها شيئا ينفعه فإذا جاءها لم يجدها شيئا ينفعه فوفاه الله حسابه على تلك الأعمال والثاني مثل للجهل البسيط وعدم الايمان والعلم فإن صاحبها في ظلمات بعضها فوق بعض لا يبصر شيئا فإن البصر إنما هو بنور الإيمان والعلم قال تعالى الأعراف إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وقال تعالى يوسف ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وهو برهان الإيمان الذي حصل في قلبه فصرف الله به ما كان هم به وكتب له حسنة كاملة ولم يكتب عليه خطيئة إذ فعل خيرا ولم يفعل سيئة وقال تعالى إبراهيم لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وقال البقرة الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات وقال الحديد يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ولهذا ضرب الله للإيمان مثلين مثلا بالماء الذي به الحياة وما يتقرن به من الزبد ومثلا بالنار التي بها النور وما يقترن بما يوقد عليه من الزبد وكذلك ضرب الله للنفاق مثلين قال تعالى الرعد أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا وممما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال وقال تعالى في المنافقين البقرة مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير فضرب لهم مثلا بالذي أوقد النار كلما أضاءت أطفاها الله والمثل المائي كالماء النازل من السماء وفيه ظلمات ورعد وبرق ولبسط الكلام في هذه الأمثال موضع آخر وإنما المقصود هنا ذكر حياة القلوب وإنارتها وفي الدعاء المأثور اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا والربيع هو المطر الذي ينزل من السماء فينبت به النبات قال النبي صلى الله عليه وسلم إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم والفصل الذي ينزل فيه أول المطر تمسيه العرب الربيع لنزول المطر الذي ينبت الربيع فيه وغيرهم يسمى الربيع الفصل الذي يلي الشتاء فإن منه تخرج الأزهار التي تخلق منها الثمار وتنبت الاوراق على الاشجار و القلب الحي المنور فإنه لما فيه من النور يسمع ويبصر ويعقل والقلب الميت فإنه لا يسمع ولا يبصر قال تعالى البقرة ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمالا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون وقال تعالى يونس ومنهم من يستعمون إليكم أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ومنهم من ينظر إليكم أفأنت تهدي العمى ولو كانوا لا يبصرون وقال تعالى الأنعام ومنهم من يستمع إليكم وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين الآيات فأخبر أنهم لا يفقهون بقلوبهم ولا يسمعون بآذانهم ولا يؤمنون بما رأوه من النار كما أخبر عنهم حيث قالوا فصلت قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فذكروا الموانع على القلوب والسمع والأبصار وأبدانهم حية تسمع الأصواب وترى الأشخاص لكن حياة البدن بدون حياة القلب من جنس حياة البهائم لها سمع وبصر وهي تأكل وتشرب وتنكح ولهذا قال تعالى البقرة ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء فشبههم بالغنم التي ينعق بها الراعي وهي لا تسمع إلا نداء كما قال في الآية الأخرى الفرقان أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا وقال تعالى الأعراف ولقد ذرأنا لجنهم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل فطائفة من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله يونس وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه وأمثالها مما ذكر الله في عيوب الإنسان وذمها فيقول هؤلاء هذه الاية في الكفار والمراد بالإنسان هنا الكافر فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن يظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب بل يذهب وهمه إلى من كان مظهرا للشرك من العرب او إلى من يعرفهم من مظهري الكفر كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند ونحو ذلك فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها الله ليهتدي بها عباده فيقال أولا المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق والمنافقون كثيرون في كل زمان والمنافقون في الدرك الأسفل من النار ويقال ثانيا الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية وأبو ذر رضي الله عنه من أصدق الناس إيمانا وقال في الحديث الصحيح أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم وقال في الحديث الصحيح لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن وقال أيضا في الحديث الصحيح لتأخذن أمتي ما أخذت الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع قالوا فارس والروم قال ومن اناس إلا هؤلاء وقال ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النافق على نفسه وعن علي أو حذيفة رضي الله عنهما قال القلوب أربعة قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذاك قلب الكافر وقلب منكوس فذاك قلب المنافق وقلب فيه مادتان مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك قوم خطلوا عملا صالحا وآخر سيئا وإذا عرف هذا علم أن كل عبد ينتفع بما ذكر الله في الايمان من مدح شعب الايمان وذم شعب الكفر وهذا كما يقول بعضهم في قوله اهدنا الصراط المستقيم فيقولون المؤمن قد هدى إلى الصراط المستقيم فأي فائدة في طلب الهدى ثم يجيب بعضهم بأن المراد ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للنائم نم حتى آتيك أو يقول بعضهم ألزم قلوبنا الهدى فحذف الملزوم ويقول بعضهم زدني هدى وإنما يوردون هذا السؤال لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه فإن المراد به العمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه في جميع الأمور والإنسان وإن كان أقر بأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق على سبيل الإجمال فأكثر ما يحتاج إليه من العلم بما ينفعه ويضره وما أمر به وما نهى عنه في تفاصيل الأمور وجزئياتها لم يعرفه وما عرفه فكثير منه لم يعمله ولو قدر أنه بلغه كل امر ونهى في القرآن والسنة فالقرآن والسنة إنما تذكر فيهما الأمور العامة الكلية لا يمكن غير ذلك لا يذكر مايخص به كل عبد ولهذا أمر الإنسان في مثل ذلك بسؤال الهدى إلى الصراط المستقيم والهدى إلى الصراط المستقيم يتناول هذا كله يتناول التعريف بما جاء به الرسول مفصلا ويتناول التعريف بما يدخل في أوامره الكليات ويتناول الهام العمل بعلمه فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه ولهذا قال لنبيه بعد صلح الحديبية أول سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وقال في حق موسى وهارون الصافات وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية والعلمية الاعتقادية والعملية مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدا حق والقرآن حق فلو حصل لك منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه و لا يحتذون حذوه فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الاعمال لفعلوا ما أمروا به وتركوا ما نهوا عنه والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من اعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائما في أن يهديهم الصراط المستقيم فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله المتقين قال سهل بن عبد الله التستري ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار وما حصل فيه الهدى في الماضي فهو محتاج إلى حصول الهدى فيه في المستقبل وهذا حقيقة قول من يقول ثبتنا واهدنا لزوم الصراط وقول من قال زدنا هدى يتناول ما تقدم لكن هذا كله هدى منه في المستقبل إلى الصراط المستقيم فإن العمل في المستقبل بالعلم لم يحصل بعد ولا يكون مهتديا حتى يعمل في المستقبل بالعلم وقد لا يحصل العلم في المستقبل بل يزول عن القلب وإن حصل فقد لا يحصل العمل فالناس كلهم متضطرون إلى هذا الدعاء ولهذا فرضه الله عليهم في كل صلاة فليسوا إلى شيء من الدعاء أحوج منهم إليه وإذا حصل الهدى إلى الصراط المستقيم حصل النصر والرزق وسائر ما تطلب النفوس من السعادة والله أعلم وأعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم الله وقدرته كأبي الحسين البصري قالوا إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر بل الحياة صفة قائمة بالموصوف وهي شرط في العلم والارادة والقدرة على الأفعال الاختيارية وهي أيضا مستلزمة لذلك فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة وكل ماله علم وإرادة وعمل اختياري فهو حي و الحياء مشتق من الحياة فإن القلب الحي يكون صاحبه حيا فيه حياء يمنعه عن القبائح فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان وقال الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق فإن الحي يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يسمى وقحا والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف الرطوبة الحياة فإذا كان وقحا يابسا صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه وامتناعه من القبح كالأرض اليابسة لا يؤثر فيه وطء الأقدام بخلاف الأرض الخضر ولهذا كان الحيي يظهر عليه التأثر بالقبح وله إرادة تمنعه عن فعل القبيح بخلاف الوقح والذي ليس بحيي فإنه لا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك فالقلب إذا كان حيا فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها ولهذا قال تعالى البقرة ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء وقال تعالى آل عمران ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء مع أنهم موتى داخلون في قوله آل عمران كل نفس ذائقة الموت وفي قوله الزمر إنك ميت وإنهم ميتون وقوله الحج وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم فالموت المثبت غير الموت المنفي المثبت هو فراق الروح البدن والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن وهذا كما أن النوم أخو الموت فيسمى وفاة ويسمى موتا وكانت الحياة موجودة فيهما قال تعالى الزمر الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول الحمد الله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور وفي حديث آخر الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا وإذا أوى إلى فراشه يقول اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ويقول باسمك اللهم أموت وأحيا

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 256 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

3 دعاء لبس الثوب الجديد

6- "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوتَنِيه،أسْألك مِنْ خَيرِهِ وخَيْرَ ما صُنع لَهُ،وأعُوذُ بِكَ مِنْ شرِّه وشَرَّ ما صُنِعَ لَهُ "[1] .

4- الدعاء لمن لبس ثوباً جديداً 

7- "إلبِسْ جَدِيداً وعِشْ حميداً ومُتْ شهيداً"[2].

8- "تُبْلي ويَخْلِفُ الله تعالي"[3].

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

5- ما يقول إذا وضع الثوب

9- سِتْرُ ما بَيْنَ أعْيُن الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَني آدَمَ إذا وَضَعَ أحدُهُمْ ثَوْبَهُ أنْ يقول: "بِسم الله"[1].

 
akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 188 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

<!--<!--<!--

  أذكار الاستيقاظ من النوم:

1- "الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَمَا أمَاتَنَا* وإلَيْهِ النَشُور* "[1]

2- "الحَمْدُ لله الذِي عَافَانِي في جَسَدِي ورَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وأَذِنَ لي بِذِكْرهِ"[2].

3- مَنْ تَعَارَ مِنَ اللَّيْل*  فقال:"لا إلَهَ إلاَّ الله وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ على كلِّ شيءٍ قَدير، الحَمْدُ لله وسُبْحانَ الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حَولَ ولا قُوةَ إلا بالله" ثم قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي"، أو دعى استُجيبَ لهُ، فإن توَضأَ وصَلّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ.[3]

4- {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ*رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ *رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ *فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ

<!--<!--<!--

وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ *لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ *مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ *لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ * وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[1]

   

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2012 بواسطة akramalsayed


قال الله تعالى:{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ } وقال صلى الله عليه وسلم :" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت "  وقال صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم ،وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟" قالوا بلى .قال : "ذكر الله تعالى " وقال صلى الله عليه وسلم :" يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرتهُ في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ،وإن تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ،وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيتهُ هرولة " .وعن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنهُ أن رجلاً قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيءٍ أتشبث به. قال :" لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله " وقال صلى الله عليه وسلم:" من قرأ حرفاً من كتاب الله به حسنة ،والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول : {الم } حرف؛ ولكن : ألف حرف ،ولام حرف ،وميم حرف ". وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال :" أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم ؟" فقلنا : يا رسول الله نحب ذلك . قال :" أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم ، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين ، وثلاث خير لهُ من ثلاث ٍ، وأربع خير لهُ من أربع ، ومن أعدادهن من الإبل" وقال صلى الله عليه وسلم:" من قعد مقعداً لك يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ومن اضطجع مضجعاً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة" .

وقال صلى الله عليه وسلم : " ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم " .

وقال صلى الله عليه وسلم :" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة ".

 

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 192 مشاهدة
نشرت فى 1 يناير 2012 بواسطة akramalsayed

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فإن خلق الصدق من أعظم مقومات الدين والدنيا فلا تصلح دنيا ولا يقوم دين على الكذب والخيانة والغش.
والصدق والتصديق هو الرباط الوثيق بين الرسل ومن آمن بهم، قال تعالى: { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جزَاءُ الْمُحْسِنِينَ }.
وقال في الكذب والتكذيب : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ }
ولمكانة الصدق والتصديق بالحق عند الله وفي الإسلام ولدى العقلاء وذوي الفطر السليمة وآثارهما الطيبة ولخطورة الكذب والتكذيب بالحق أحببت أن أزجي هذا المقال المستمد من كتاب الله ومن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سيرة وواقع بعض الصادقين المصدقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أسأل أن يعينني ويوفقني للنهوض بكل ما أستطيع من اسداء للنصح والبيان لإخواني المسلمين وأسأله أن يجعلنا جميعاً من الصادقين الحريصين على التمسك به والثبات عليه وأن يجعلنا جميعاً من المبحبين للحق والمتحرين لاتباعه والمصدقين به.
ولعظمة الصدق ومكانته عند الله وعند المسلمين وعقلاء البشر، وصف الله نفسه بالصدق فقال: { قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } .
فهذا ثناء من الله على نفسه بهذا الوصف العظيم فهو صادق في أخباره كلها وفي كلامه كله وفي تشريعاته وفيما قصّه عن الأنبياء وأممهم وفيما قصّه عن بني إسرائيل أنبيائهم ومؤمنيهم وفاسقيهم ومن كفر منهم، وعن تحريفهم لكتاب الله: التوراة والإنجيل واتخاذهم الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله.
وقال تعالى: { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا } .
وقال تعالى: { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً } .
وقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ * ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ } .
وقال تعالى: { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } .
هكذا وصف الله نفسه بهذا الوصف العظيم، الصدق في الأقوال والصدق في الأفعال والصدق في الوعد والصدق في الوعيد.
والصدق في الأخبار عن أنبيائه وأوليائه المؤمنين.
والصدق في الأخبار عن أعدائه الكافرين.
ولقد وصف الله أنبياءه بالصدق، وأيّدهم بالمعجزات والآيات العظيمة برهنة على كمال صدقهم ودحضاً لافتراءات وتكذيب أعدائهم.
ومن أعظم ما أيدهم به إهلاك أعدائهم بالطوفان وبعضهم بالريح الصرصر وبعضهم بالصيحة والرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالغرق، مع إنجاء الأنبياء وأتباعهم فكل هذا من رب العالمين شهادة بصدق أنبيائه وأنهم رسله حقاً، وإهانة لأعدائه وأعدائهم.
وممن وصفهم في القرآن بهذا الوصف: إبراهيم وإسماعيل وإدريس – عليهم الصلاة والسلام -.
قال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } .
وقال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا } .
وقال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } .
فالوصف بالصديقيّة بيان لتمكنهم من هذا الوصف وهو الصدق، وأن أقوالهم وأفعالهم ووعودهم وعهودهم قائمة على الصدق.
وكل آية في القرآن الكريم المعجز الذي تحدى به الجنّ والإنس على أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا عن ذلك أعظم برهان على صدق محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنه رسول الله حقاً وخاتم النبيين، وشهادة الله له بأنه خاتم النبيين معجزة عظمى ودلالة كبرى على صدقه – صلوات الله وسلامه عليه -؛ إذ ما ادعى النبوة أحد بعده إلا وفضحه الله وأخزاه وكشف عواره وكذبه.
بل ما كذب عليه أحد في قول نسبه إلى رسالته إلا وفضحه الله وأخزاه ببيان أتباع رسالته الصادقين من محدثين وغيرهم.
قال تعالى – في الثناء عليه وعلى ما جاء به من الحق والصدق- :
{ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } .
فهذه أعظم منزلة أوتيها عبد الله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم -.
وقد وصف الله عباده المؤمنين الذين صدقوا في إيمانهم وأعمالهم وجهادهم وعهودهم:
{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }.
وقال تعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } .
وقال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } .
وقال تعالى – في مدح فقراء المهاجرين وكل أصحاب محمد صادقون لا فرق بين مهاجر وأنصاري- :
{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } .

لقد زكى الله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهم كثيراً في محكم كتابه وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم عاطر الثناء في أحاديث كثيرة.
ومن أبرز وأجلى صفاتهم التي وصفوا بها الصدق الذي لا يقوم دين ولا تستقيم دنيا إلا به فنقل إلينا هؤلاء الصادقون ووراثهم بكل صدق وأمانة كتاب الله المتواتر وسنة رسوله متواترها وآحادها الصحيحة الثابتة بما في ذلك سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهاده وغزواته.
والكتب الصحاح والمصنفات والجوامع والمعاجم وكتب العقائد وغيرها تزخر بهذه النقول، قد ميّز فيها أئمة الجرح والتعديل الصحيحَ منها من السقيم حتى تكون الأمّة على صراط مستقيم ومنهج قويم وحياة واعية راشدة.
ونقلوا لنا سير الصحابة الكرام ومناقبهم ومحاسنهم التي برزوا فيها على سائر أمم الأنبياء فكانوا بها خير أمة أخرجت للناس، وكتب فضائل الصحابة ومناقبهم وسائر دواوين السنَّة تزخر بذلك.
وقد مرّ بنا في هذا المقال ثناء الله العام عليهم بصفات جليلة ومنها الصدق، ومقالي هذا لا يتسع لذكر الأخبار الصحيحة بوقائع صدقهم غير أني سأضرب مثلاً بثلاثة منهم تجمعهم حادثة واحدة، وأبرز هؤلاء الثلاثة ذلكم الصحابي الجليل كعب بن مالك، ذلكم الرجل الذي نجاه الله من النار والنفاق ومن سخط الله وسخط رسوله بالصدق وقصته شهيرة وحديثه مشهور وطويل لا يتسع المقام لسرده هنا لكني سأختار منه مقاطع تدل على منزلة هذا الصحابي وأخوانه في هذه الواقعة ويأخذ المسلم منها العبرة والأسوة بهؤلاء الصادقين.

1) (( عن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال كعب بن مالك: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحداً تخلف عنه إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً واستقبل عدواً كثيراً فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد بذلك الديوان قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئاً وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى اللهم عليه وسلم غادياً والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء)).
ففي هذا المقطع إشادة ببيعة العقبة ومنزلتها في نفسه؛ لأنها بما فيها من معان كبيرة تمثل القاعدة المكينة التي قامت عليها هجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية وقام عليها نصرة الأنصار وعليها قامت دولة الإسلام وعلى أساسها قام الجهاد وقوة الإسلام والمسلمين ومنها وعنها انبثقت الغزوات والسرايا ثم القضاء على الردّة وانطلاق جيوش الإسلام إلى العالم لتفتح القلوب بنور الإيمان والإسلام وتخرجهم من الظلمات إلى النور فمن هنا أدرك هذا الصحابي الجليل مكانة بيعة العقبة فكان لا يرضى بها بديلاً فهو كما قال: (( وما أحب أن لي بها مشهد بدر )).
تحدث عما اكتنف تخلفه عن غزوة تبوك بشجاعة الصادقين بأسلوب واضح مشرق يفيض بالصدق من قلب امتلأ بالإيمان وروح ومشاعر تتدفق بالنزاهة والصدق الذي لا يعرف مثله لتائب في مثل ذلك الموقف الرهيب الذي ارتكس فيه الجبناء المنافقون فلجأوا إلى الكذب والتمويه بانتحال الأعذار الكاذبة التي سرعان ما فضحهم الله وأخزاهم وأحلهم به دار البوار.
(1) لقد صرّح بأنه لم يكن تخلفه ناشئاً عن فقر وعسر ولا عن عجز وضعف فقد كان يشارك فيما سبق غزوة تبوك من غزوات وهو في حال دون حاله في هذه الغزوة قال:
(( وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزوة)).
(2) صرح بالأسباب التي نالت من عزيمته في الجهاد وهي الحر الشديد والسفر البعيد والمفاوز العريضة المهلكة بين المدينة وتبوك والعدد الكثير من روم وعرب يشايعون الروم.
وذكر أن رسول الله جلا للناس أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم.
(3) وصرح بما لعله أهم أسباب تخلفه وهو طيب الثمار والظلال، ثم قال مصرّحاً بما قد يسعه أخفاؤه ولكن نفسه الصادقة أبت إلا أن يصدع به : (( فأنا إليه أصعر )) أي: أن نفسه مالت إليه ، وهذه منزلة عظيمة في الصدق قل جدّاً من يرقى إليها.
(4) وذكر منازعة نفسه وتردده بين اللحاق بركب رسول الله r وأخوانه المجاهدين وبين قعوده تحت الظلال الوارفة والثمار الطيبة.
(5) وذكر ما كان يصيبه في هذا التخلف من آلام الحسرة والحزن بسبب أنه لا يرى له أسوة في التخلف إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء، وهذا من أدلة حياة قلبه وصدق إيمانه.

2) (( فقال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غداً وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبداً فأجمعت صدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلاً فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله حتى جئت فلما سلمت تَبَسَّم تَبَسُّم المغضب ثم قال: تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي: ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك قال: قلت: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلاً ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك فقمت)).
وفي هذا المقطع يذكر لنا وضعه الجديد حيث قفل رسول الله r وقد ظفروا بالعزّة والنصر والأجر فماذا استفاد من هذا التخلف ولو كان من أسبابه طيب الظلال والثمار ومن هم أسوته سوى المغموص عليهم في النفاق والضعفاء والمعذورون.
فيعتصر قلبه الحي من قسوة الألم والأسى.
وفي الوقت نفسه يذكره الشيطان ويملي عليه أنواعاً من الكذب لكن ظلمات الكذب والباطل قد انزاحت عنه بفضل الله عليه وحسن رعايته له بسبب صدق إيمانه وإخلاصه لله رب العالمين فوفقه لأعظم أسباب النجاة بعد الإيمان وهو الصدق ولا سيما عند الأخطار والأحداث المدلهمّة.
قال: ((فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبداً فأجمعت صدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً)).
وذكر تلك السنَّة العظيمة التي تكاد تنسى أو نسيت عند كثير من المسلمين ألا وهي صلاة ركعتين في المسجد عند قدوم المسلم من سفر.
وذكر موقف المعذرين أي المنافقين أنه الكذب والتمويه الباطل مؤكدين كذبهم بالحلف فما يسع رسول الله إلا أن يقبل علاينتهم ويكل سرائرهم إلى الله علام الغيوب الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لكن كعباً – رضي الله عنه – بفقهه وعقله أدرك أن الكذب على رسول الله ولو أكد بالأيمان المغلظة لن ينجيه من سخط الله ثم من سخط رسوله أدرك ذلك ببصيرته النيّرة وعقله الثاقب بعد توفيق الله له فأبى إلا أن يجهر بالحقيقة الناصعة.

3) قال (( فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر قال: فخررت ساجداً وعرفت أن قد جاء فرج قال: فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا فذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرساً وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور ويقول: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال: فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله فقال: لا بل من عند الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر قال وكنا نعرف ذلك قال: فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك بعض مالك فهو خير لك قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر)).
لقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ليكذبه في العذر ولكن ليقول الحقيقة بملئ فيه؛لأنّه قد زاح عنه الباطل واستقر الحق في أعماق نفسه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماخلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ أي قد اشتريت راحلة الجهاد وأعددت العدة لذلك.
فقال كعب: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلاً ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله ، والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك.
واعتذر أخوانه مرارة بن الربيع وهلال بن أميّة بمثل عذره الصادق، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قال لكعب.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع المسلم بمقاطعتهم وهجرانهم فنفذوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدقّة بما فيهم أقرب الأقربين إليهم طاعة لله ولرسوله r ويستلبث الوحي وتستمر المقاطعة ويتمادى الابتلاء والإختبار الصعب لمدة خمسين يوماً.
وتترامى الأنباء إلى ملك غسان النصراني فيجد في ظنّه فرصة إلى استمالة كعب ودعوته إلى اللحاق به ليكرمه في زعمه ويواسيه فيأبى إيمان كعب بالله ورسوله وتأبى نفسه الأبية من الاستجابة لهذه المحالة الشيطانية ويدرك بأن هذا أيضاًَ من الابتلاء فيسجر برسالة هذا الكافر التنور كما قال – رضي الله عنه – وجاءهم الفرج صباح خمسين ليلة بتوبة الله عليهم وهم كما قال كعب – رضي الله عنه - على الحال التي ذكر الله تعالى قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت وامتلأ أصحاب محمد r بشرى وسروراً بما أفاض الله على إخوانهم من توبة الله عليهم ورضى الله ورسوله عنهم وتسابق المبشرون، منهم من يمشي على رجليه فيستبطئ فيعلو جبل سلع ويرفع صوته مدوى فيسبق صوته راكب الفرس المنافس له الحريص على سبقه فيذهب كعب إلى رسول الله r وفي طريقه يستقبله أصحاب رسول الله فوجاً فوجاً يهنئونه بتوبة الله عليه.
ويجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه كالقمر تبرق أساريره من السرور، فيقول له: أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك.
وكيف لا يكون ذلك وقد أنقذه الله بالصدق من هلاك ماحق وقع في أتونه من لاذوا بالكذب والأيمان الفاجرة وقلب الحقائق، الله أكبر إن هذا اليوم خير له من بيعته على الإسلام والنصرة في بيعة العقبة تلك البيعة التي يراها أحب إليه من المشاركة في وقعة بدر.
لشدة فرحه بهذه التوبة وشعوره بهذه التوبة وشعوره العميق بهذه النعمة أكّد ذلك بموقف الشاكر لنعمة الله عليه فقال:
(( يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله )).
ذلك المال المغري الذي كان من أسباب تخلفه عن الجهاد، هذا دليل آخر منه على صدق توبته وجدّه في ذلك.
فيقول له رسول الله الرؤوف الرحيم أمسك عليك بعض مالك فماذا صنع؟ لقد انخلع من ماله بالمدينة الذي حبسه عن الغزو في سبيل الله وأبقى سهمه بخيبر ذلك المال البعيد الذي لعله لا دخل له في حبسه.
ويدلي بالسبب القوي في نجاته بل هو في نظره السبب الوحيد في إنقاذه من الهلاك الماحق فقال: (( يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت )).
ويوفقه الله للوفاء بما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما يراه هو من أركان توبته.
قال: (( فوالله ما علمت أن أحداً من المسلمين أبلاه الله أي أنعم عليه في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله r إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله r إلى يومي هذا)).
ما أروع الصدق وما أنبل الصادقين وبعداً وسحقاً للكاذبين في أي زمان ومكان كيف لا وهو من أعظم دعائم الكفر والنفاق وأضعف أحواله أن يكون من ركائز النفاق عياذاً بالله منه ومن كل ما يسخط الله تبارك وتعالى ثم يقول متحدثاً عن هذه النعمة التي منّ الله بها عليه.

4) ((قال: وقلت: يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت قال: فوالله ما علمت أن أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي قال: فأنزل الله عز وجل { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ } حتى بلغ { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال كعب والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد وقال الله { سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } )).
فهذه عاقبة الأفاكين ولو كان إفكهم تملقاً واعتذاراً ولم يغن عنهم استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً في حياتهم ولا بعد مماتهم قال تعالى: { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم } { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }.
وفي هذا عبرة عظيمة للذين لا يزكون أنفسهم بالتوحيد والإيمان والصدق والأعمال الصالحة وقد يكون في هؤلاء الكذابين المخادعين من يعتقد أن توصله بالكذب والخداع إلى تسامح الرسول عنه والاستغفار له ينجي من بطش الله وإهانة الله له في الدنيا والآخرة، فخيب الله آمالهم وأخزاهم في الدنيا والآخرة.
ولم يغن عنهم استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً.
هذه حقيقة وضحها القرآن في سورة التوبة وغيرها وأكدها رسول الله بقوله لقريش بطناً بطناً ولأفراد أسرته: (( اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً )) فليحذر الكذابون في أي زمان ومكان في إيمانهم وعقائدهم وأقوالهم وشهاداتهم أن يفضي بهم هذا الكذب إلى هوّة الهلاك التي تردى فيها هؤلاء الكذابون.
وفيه عبرة وبشرى للصادقين في إيمانهم وإسلامهم وأعمالهم الصالحة وأقوالهم وشهاداتهم بالنجاة من الهلاك كما نجى كعب وأصحابه – رضي الله عنهم – بالصدق في ظرف يدعو فيه الحال ضعاف الإيمان وضعفاء النفوس إلى الكذب قال تعالى: { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

من ثمار الصدق

وفي الصحيحين عن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرهن قال لا إلا أن تطوع وصيام شهر رمضان فقال: هل علي غيره؟ فقال: لا إلا أن تطوع وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق )).
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك قال: صدق قال فمن خلق السماء قال الله قال: فمن خلق الأرض قال الله قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً. قال: صدق. قال: ثم ولى. قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن. فقال النبي صلى اللهم عليه وسلم: (( لئن صدق ليدخلن الجنة )).
هذان سائلان عاقلان أنعم الله عليهما بنعمة العقل والفطنة وحسن السؤال ولا سيما الآخر منهما، وقد قيل إنه ضمام بن ثعلبة الهذلي فالأول منهما سأل رسول الله عن شرائع الإسلام فأجابه الرسول بما فرضه الله على العباد من أركان هذا الدين بعد الشهادتين، لأن السائل فيما يبدو كان مسلما فأجابه بأن الإسلام هذه المكتوبات.
والسائل يقر بذلك ويلتزمه لأنه يريد أن يعلم هل هناك شيء يجب عليه زائد عما ذكره من هذه الأركان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول له لا إلا أن تطوع، فلما فرق له رسول الله بين الواجبات والتطوعات أقسم بالله أنه لا يزيد على تلك الواجبات ولا ينقص منهن فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم - مبشراً له وللأمة بالجزاء العظيم لمن يقوم بهذه الواجبات حق القيام - : (( أفلح إن صدق ))، أي: طابق فعله قوله، وذلك هو الصدق ففلاحه مترتب على صدقه في المقال والفعال وأنعم بذلك.
وأما السائل الثاني فكان سؤاله أعمق وأبعد مدى من الأول، قال صاحب التحرير وهو محمد بن إسماعيل الأصفهاني السلفي:
(( هذا من حسن سؤال هذا الرجل وملاحة سياقته وترتيبه فإنه سأله أولاً متأكداً من صدق الرسول الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لدعوتهم إلى الإسلام هل هو صادق أنك مرسل من الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق، ثم سأله عن خالق السماء والأرض ومن نصب هذه الجبال لأنه كسائر العرب كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية.
فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: الله، الله، الله، في كل ذلك.
ثم استثبت من كل ما بلغه رسولُ رسولِ الله إليهم من شرائع الإسلام: الصلاة والزكاة والصيام والرسول يقول: صدق صدق إلخ.
فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإجابة عن أسئلته قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن شيئاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن صدق ليدخلن الجنَّة.
فيا لها من ثمرة عظيمة للصدق، الصدق في الاعتقاد والصدق في القول والصدق في التطبيق بالعمل المشروع المتلقى عن الله ورسوله.
فهذه بعض ثمار الصدق يهدون في الحياة الدنيا إلى البر وهو الجامع لكل خصال الخير ويفوزون بالمنازل العالية عند الله تبارك وتعالى ، خالدين في جنات تجري من تحتها الأنهار قد نالوا أعظم مطلوب ، وهو فوق هذه المنازل ألا وهو رضى الله تعالى عنهم
ومن ثماره الهداية إلى البر ثم إلى الجنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر ليهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً .
ومن ثماره الفوز برضى الله ثم الفوز بجنات تجري من تحتها الأنهار ويظهر ويتجلى فيه نفعه، قال تعالى { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم } .
وقي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا *
فهنيئا للصادقين هذا الفوز العظيم والنعيم المقيم والرضى الأبدي والخلود السرمدي.
جعلنا الله منهم بمنه وفضله ورحمته إنه رؤوف رحيم جواد كريم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه الفقير إلى عفو الله ومغفرته ربيع بن هادي عمير المدخلي

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 432 مشاهدة
نشرت فى 1 يناير 2012 بواسطة akramalsayed


أول ليلة في القبر


بسم الله الرحمن الرحيم

أول ليلة في القبر.

فضيلة الشيخ / عائض بن عبد الله القرني.

………………………………………

الحمد لله رب العالمين.

( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)

(الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير).

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.

بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين.

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

فارقتُ موضعَ مرقدي يوماً ففارقني السكون…….القبرُ أولُ ليلةٍ بالله قلي ما يكون

ليلتانِ اثنتان يجعلها كلُ مسلمٍ في مخيلته.

ليلةٌ وهو في بيته مع أطفاله وأهله.

منعما سعيدا، في عيشٍ رغيد في صحة وعافية، يضاحكُ أطفاله ويضاحكونه.

والليلةُ التي تليها مباشرةً ليلةٌ أتاه الموت فوضع في القبر، أي ليلتين ؟

ليلةٌ ثانيةٌ وضع في القبر لأولِ مرة، وذاك الشاعرُ العربيُ يقول:

فارقتُ موضعَ مرقدي يوماً ففارقني السكون، يقول:

انتقلتُ من مكانٍ إلى مكان، وذهبتُ من موضع نومي في بيتي إلى بيتٍ آخر فما أتاني النوم.

فبالله كيف تكونُ الليلةُ الأولى في القبر ؟

يومَ يوضعُ الإنسانَ فريداً وحيداً مملقاً إلا من العمل، لا زوج ولا أطفال ولا أنيس:

(ثم ردو إلى اللهِ مولاهم الحق، ألا لهُ الحكمُ وهو أسرع الحاسبين).

أولُ ليلةٍ في القبر بكاء منها العلماء، وشكاء منها الحكماء، ورثاء إليها الشعراء، وصنفت فيها المصنفات.

أولُ ليلةٍ في القبر.

أُتيَ بأحد الصالحين وهو في سكراتِ الموت لدغته حيه.

وكان في سفر، نسي أن يودع أمه وأباه وأطفالهُ وإخوانه، فقال قصيدةً يلفظُها مع أنفاسه هيَ أم المراثي العربيةِ في الشعر العربي. يقولُ وهو يُزحفُ إلى القبر:

فلله دري يوم اُتركُ طائـعاً ……… بنيَ بأعلى الرقمتينِ وداريا

يقولون لا تبعد وهم يدفنونني …….و أين مكانُ البعد إلا مكانيا

يقول كيف أفارقُ أطفالي في لحظة ؟

لماذا لا أستأذنُ أبوي ؟

أهكذا تُختلسُ الحياة، اهكذا أذهب ؟

أهكذا أفقدُ كل ممتلكاتي ومقدراتي في لحظة ؟

ويقولُ عن نفسه:

يقولُ لي أصحابي واللذينَ يتولونَ دفني، لا تبعد أي لا أبعدك الله.

وأين مكانُ البعد إلا هذا المكان ؟

وأين الوحشةُ إلا هذا المنقلب ؟

وأين المكان المظلم إلا هذا المكان ؟

فهل تصورَ متصورٌ هذا.

(حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا في ماتركت، كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).

كلا‍، آلان تراجع حساب ‍‍‍‍‍‍‍‍، آلان تتوب، آلان تنتهي عن المعاصي.

يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة.

يا معرضا عن القرآن، يا متهتكا في حدود الله.

يا ناشئا في معاصي الله.

يا مقتحما لأسوار حرمها الله.

آلان تتوب، أين أنت قبل ذلك ؟

أو ليلية في القبر.

قال مؤرخوا الإسلام:

مات الحسنُ ابن الحسنِ من أولادِ علي ابنَ أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه.

كان عنده زوجةٌ و أطفال وكان في الشباب،

والموتُ لا يستأذنُ شاباً ولا غنياً ولا فقيراً ولا أميراً ولا ملكاً ولا وزيراً ولا سلطانا،

الموتُ يقصمُ الظهور ويخرجُ الناسَ الدور وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور بلا استئذان.

الحسن ابنُ الحسن مات فجأة، نقلوه إلى المقبرةِ.

فوجدت علية امرأتُه وحزِنت حزناً لا يعلمه إلا الله.

أخذت أطفالها وضربت خيمةًَ حول القبر.

( وهذا ليس من عمل الإسلام ولولا أن مؤرخو الإسلام ذكروه ما ذكرته).

ضربت خيمةً حول القبر وأقسمت بالله لتبكينا هي و أطفالها على زوجِها سنةً كاملة.

هلعٌ عظيم وحزنٌ بائس.

وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت إطناب الخيمةِ وحملتها و أخذت أطفالها في الليل.

فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل:

هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟

فردَ عليه هاتفٌ أخر قال :

لا، بل يئِسوا فانقلبوا.

ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضعيتهم، ولا وديعتهم:

كنزُ بحلاون عند الله نطلبُه…..خير الودائعِ من خير المؤدينا

(قال لا، بل يئِسوا فانقلبوا).

ما كلمَهم من القبر، ما خرج إليهم ولو في ليلةٍ واحدة، ما قبل أطفاله، ما راى فتاته، لا.

ولذلك هذه هي أولُ ليلةٍ ولكن لها لياليٍ أخرى إذا احسن العمل.

قل الله، جل الله :

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ).

أتى أبو العتاهية يقول لسلطانٍ من السلاطينِ غرتُه قصوره، وما تذكرَ أولَ ليلةٍ ينزل فيها القبر.

ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر، متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟

هذا السلطان بناء قصوراً في بغداد، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له:

عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقةِ القصور

عش ما بدا لك سالماً عش ألف سنه، عش مليون سنه سالماً معافاً مشافا.

يجري عليكَ بما أردتَ مع الغدوِ مع البكور

ما تريدُ من طعام، ما تريدُ من شراب هو عندك، ولكن أسمع ماذا يقول:

فإذا النفوسُ تغرغرت بزفيرِ حشرجةِ الصدور…….. فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور

فبكى السلطان حتى أغمي عليه: فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور.

أولُ ليلةٍ في القبر.

وأنا أطالبُ نفسي و إياكم آيامعاشر المسلمين أن نهياء لنا نوراً في القبر أولُ ليلة.

و ولله لا ينورُ لنا القبر إلا العملُ الصالحِ بعد الإيمان.

لنقدمَ لنا ما يؤنسُنا في القبر يوم ننقطعُ عن الأهل المال الولد والأصحاب.

خرج عليه الصلاة والسلام إلى تبوك:

وفي ليلةٍ من الليالي نامَ هوَ الصحابة، وكانوا في غزوةٍ في سبيل الله.

قال ابنُ مسعود رضي الله عنه و أرضاه:

قمتُ أخرَ الليل فنظرتُ إلى فراش الرسولِ (ص) فلم أجده في فراشه.

فوضعتُ كفي على فراشهِ فإذا هوَ بارد.

وذهبتُ إلى فراشِ أبي بكر فلم أجده على فراشه.

فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته،

قال وإذا بنورٍ في أخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبتُ إلى ذلك النور ونظرتُ.

فإذا قبرٌ محفور، والرسولُ عليه الصلاة والسلام قد نزلَ في القبر.

وإذا جنازةٌ معروضةٌ، وإذا ميتُ قد سجي في الأكفان.

وأبو بكرٍ وعمر حول الجنازة، والرسولُ(ص) يقول لأبي بكر وعمرَ دليا لي صاحَبكما.

فلما أنزلاهُ، نزلهُ (ص) في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم التفتَ إلى القبلةِ ورفع يديه وقال:

( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)، ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)،

قال: قلت من هذا ؟

قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أولِ الليل.

قال ابنُ مسعود فوددت واللهِ أني أنا الميت : ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه).

وإذا رضي اللهُ عن العبدِ أسعده.

وإنما هي مسألةٌ لمن نسيَ اللهَ و أوامرَ الله وانتهكَ حدودَ الله.

نقولُ له هل تذكرتَ يا أخي أولُ ليلةٍ في القبر ؟

كان عمر بن عبد العزيز أميراَ من أمراء الدولةِ الأموية، يغيرُ الثوبَ من حرير في اليومِ اكثرَ من مرة، الذهبُ والفضةُ عنده.

الخدم القصور، المطاعم المشارب كلَ ما اشتهى وكل ما طلبَ وكلَ ما تمنى.

ولما تولى الخلافة، مُلك الأمة الإسلامية انسلخَ من ذلك كلِه لأنه تذكرَ أولَ ليلةِ في القبر.

وقف على المنبرِ يوم الجمعةِ فبكى وقد بايعتهُ الأمة.

وحولَه الأمراء الوزراء والشعراء والعلماء وقوادَ الجيش، فقال:

خذوا بيعتَكم.

قالوا ما نريدُ إلا أنت.

فتولاها فما مرَ عليه أسبوعٌ أو أقل إلا وقد هزُل، وضعف وتغير لونه ما عنده إلا ثوبٌ واحد.

قالوا لزوجتهِ مالِ عمرَ تغير ؟

قالت واللهِ ما ينامُ الليل، والله إنه يأوي إلى فراشه فيتقلبُ كأنه ينامُ على الجمر ويقول:

آه توليت أمر أمةِ محمد، يسألني يوم القيامةِ الفقير والمسكين والطفلُ والأرملة.

يقولُ له أحد العلماء يا أمير المؤمنين:

رأيناك قبل أن تتولى الملك وأنت في مكة في نعمةٍ وفي صحة وفي عافيه، فمالك تغيرت؟

فبكى رضي الله عنه حتى كادت أضلاعَه تختلف، ثم قال للعالم وهو أبن زياد:

كيف بك يا ابن زياد لو رأيتني في القبرِ بعد ثلاثةِ أيام.

يومَ اجرد عن الثياب، و أوسد التراب، وأفارقُ الأحباب وأترك الأصحاب.

كيف لو لرأيتني بعد ثلاث والله لرأيت منظراً يسوءك.

فنسأل اللهَ حسن العمل.

والله، والله لو عاش الفتى في عمرهِ …. أسمع

والله لو عاش الفتى في عمرهِ …….ألفاً من الأعوامِ مالكَ أمره

متنعماً فيها بكلِ لذيذةٍ ………….متلذذاً فيها بسكناَ قصره

لا يعتريه الهمُ طول حياته ………. كلا ولا تردٌ الهمومُ بصدره

ما كان ذلك كلُه في أن يفي……. فيها بأولِ ليلةٍ في قبره

واللهِ لو عاش ألف سنه، وما طرقَه همٌ ولا غم ولا حزن.

واللهِ لا يفي بأولِ ليلةٍ في القبر.

و واللهِ لننزلنَها جميعاً، أولُ ليله.

فيا عباد الله، أسألُ الله لي ولكم الثبات، ما ذا أعددنا لضيافةِ تلك الليلة ؟

يقول رسولُنا (ص) :

( القبرُ روضةٌ من رياض الجنةِ أو حفرةٌ من حُفرُ النا).

كان عثمانُ بنُ عفانُ الخليفةَ رضي الله عنه إذا شيعَ جنازةٍ بكى حتى يغمى عليه فيحملونَه إلى بيتهِ كالجنازة إلى بيته. قالوا مالك ؟ قال سمعتُ الرسولَ (ص):

( يقول القبرُ أولُ منازلِ الآخرة فإذا نجا العبدُ فيه أفلح وسعُد، وإذا خسرَ والعياذُ بالله خسرَ أخرتَه كلها).

والقبرُ روضةٌ من الجنانِ ………..أو حفرةٌ من حُفر النيرانِ

إن يكو خيراً فالذي من بعده…. أفضلُ عند ربنا لعبده

وإن يكن شراً فما بعدُ أشد………….. ويلٌ لعبدٍ عن سبيلِ اللهِ صد.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين.

فأستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

……………………………………………


لحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدونا إلا على الظالمين.

والصلاة والسلام عل إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أتيتُ القبورَ فناديتُها ….. أين المعظمُ والمحتقر ؟

أتيتُ القبور. قبور الرؤساءِ و المرؤوسين.

قبور الملوك والمملوكين

قبور الأغنياءِ والفقراء فناديتُها أين المعظمُ والمحتقر ؟

تفانوا جميعاً فما مخبرٌ.. وماتُوا جميعاً ومات الخبر

فيا سائلي عن أناسٍ مضوا.. أما لك في ما مضى معتبر

تروحُ وتغدو بناتُ الثرى….. فتمحو محاسنَ تلك الصور.

أريت قبراً ميز عن قبر ؟

أ أنزل الملكُ في قبرٍ من ذهبٍ أو فضه ؟

والله لقد ترك ملكَهُ وقصوره وجيشهُ وكلَ ما يملك، ولبسَ قطعةً من القماش كما نلبس واُنزل التراب.

ولدتك أمك باكيا مستصرخا…….والناس حولك يضحكون سرورا

فأعما لنفسك أن تكون إذا بكوا…….في يوم موتك ضاحكا مسرورا

لكن كثيرا من الناس علموا بالقبر، وأول ليلة في القبر فأحسنوا العمل، ولذلك متهيئون دائما.

يريدون الله والدار الآخرة، ثبتهم الله في الليلِ والنهار.

يترقبون الموت كل طرفة عين.

خرج رجلُ من الصالحين وشيخُ من المشائخ أعرفه من مدينة الرياض.

خرج بزوجته وكانت صائمة قائمة وليّة من ولياء الله، خرج يريد العمرة، والغريب في تلك السفرة أنها ودعت أطفالها، وكتبت وصيتها، وقبلت أطفالها وهي تبكي. كأنها ألقي في خلدها أنها سوف تموت.

(ثم ردوا إلى لله مولاهم الحق، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين).

ذهب وأعتمر بزوجته وهو وإياها في بيت أسس على التقوى، إيمان وقرآن وذكر وصيام وقيام وعبادة.

لا يعرفون الغيبة ولا الفاحشة ولا المعاصي.

عاد معها فلما كان في الطريق إلى الرياض، أتى الأجل المحتوم إلى زوجته.

(وعد الله الذي لا يخلف الله وعده، ولكن كثر الناس لا يعلمون…)

(.. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون).

ذهب إطار السيارة فأنقلبت ووقعت المرأة على رأسها، لكنها إن شاء الله شهيدة.

(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون).

خرج زوجها من الباب الآخر، ووقف عليها وهي في سكرات الموت تقول:

لا إله إلا الله محمد رسول الله، الله، الله، الله.

وتقول لزوجها: عفى الله عنك، اللقاء في الجنة، بلغ أهلي السلام.

(والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امريء بما كسب رهين). إي والله.

أسأل الله أن يجمع تلك الأسرة في الجنة، وأن يجمعنا وأحبابنا وأقاربنا في الجنة.

بنتم وبنا فما أبتلت جوانحنا….…شوقا إليكم ولا جفت ماقينا

تكادُ حين تناجيكم ضمائنا………....يقضي علينا الأسى لولا تأسينا

إن كان عز في الدنياء اللقاء ففي…..مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا

عاد الرجل إلى الرياض و دفن زوجته، دخل بيته وحده بلا زوجة، دخل بيته واستقبله الأطفال، لكن حياة سهلة وبسيطة.، ولكن الموقف المرعب أن واحدة من الطفلات بنت، قامت تقول أين أمي؟

قال سوف تأتي.

قالت لا والله لا بد أن أرى أمي.

وإنهار الرجل.

ونقول لتلك الطفلة سوف ترينها بأذن الله في جنة عرضها السماوات والأرض.

يعمل لها العاملون، ليست كدنيانا الحقيرة، السخيفة التي يعمل لها الذين لا يريدون الله والدارالآخرة.

( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الساوات والأرض أعدت للمتقين).

فاعمل لدار غدا رضوان خازنها……..الجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك طينتها……والزعفران حشيش نابت فيها

يا أخوتي في الله:

يا شيخاً كبيراً احدودب ظهرُه ودنى أجلُه، هل أعدت لأولِ ليله ؟

يا شاباً مصطحاً متنعماً غره الشباب والمالُ والفراغ هل أعدت لأولِ ليله ؟

إنها أولُ الليالي:

و إنها إما أولُ ليلةٍ من ليالي الجنةِ.

أو أولُ ليلةٍ من ليالي النار.


عباد الله:

صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.

وصلوا على أصحابه، وترضوا على أحبابه.

أسأل الله لي ولكم الضوان، والسعادة في الدنيا والآخرة.

أسال الله أن يصلح ولاة الأمر، وأن يهديهم سواء السبيل.

أسأل الله أن يصلح شباب الإسلام، وأن يخرجهم من الضلمات إلى النور، وأن يكفر عنهم سأيتهم.

وأن يهيئهم بعمل صالحا لأول ليلة من ليالي القبر

أسأل أن يثبتَنا و إياكم بالقول الثابت.

وولا يظلم ابصارنا وبصائرنا.

ولا يجعلنا قوماً انحرفوا عن منهجِ الله و اشتروا معاصِ الله، وغفلوا عن آياتِ الله، فعموا وصَموا وضلوا و ابتعدوا.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

………………………………………………

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 208 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed


لماذا يقسم الله تعالى في القرآن ببعض مخلوقاته ؟


السؤال : ترى المسيحية أن الله تعالى لا يحتاج أن يقسم بنفسه ولا بشيء من خلقه ، إلا أنه قد جاء مقسما بخلق من خلقه في القرآن ؛ فهل يمكن توضيح تلك النقطة ؟


الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟ وإنما الواجب عليه أن يفعل ما يأمره الله به ، ولما اعترض إبليس على ربه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال : ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) الإسراء/ 61 طرده من رحمته .
قال القرطبي رحمه الله :
" لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد ، وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (19 /237)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا من فعل الله ، والله لا يسأل عما يفعل ، وله أن يقسم سبحانه بما شاء من خلقه ، وهو سائل غير مسئول ، وحاكم غير محكوم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /797)
ثانيا :
هذه الأشياء التي أقسم الله بها ، من آياته وأدلة توحيده ، وبراهين قدرته ، وبعثه الأموات ، وإقسامُه بها تعظيم له سبحانه ، وتنبيه للناس إلى ما تدل عليه من أدلة وحدانيته ، وآياته الدالة على عظيم قدرته ، وتمام ربوبيته ، وهذا من تمام إقامة الحجة على عباده ؛ حيث أقسم لهم بتلك المخلوقات العظيمة ليلتفتوا إلى جلال المقسم عليه ، وكون المقسم به دليلا على المقسم عليه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا يُقْسِمُ بِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِأَنَّهَا آيَاتُهُ وَمَخْلُوقَاتُهُ . فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَظْمَتِهِ وَعِزَّتِهِ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقْسِمُ بِهَا ؛ لِأَنَّ إقْسَامَهُ بِهَا تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ . وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1 /290)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قسم الله بهذه الآيات دليل على عظمته وكمال قدرته وحكمته ، فيكون القسم به الدال على تعظيمها ورفع شأنها متضمنا للثناء على الله عز وجل ، بما تقتضيه من الدلالة على عظمته . وأما نحن ، فلا نقسم بغير الله أو صفاته ؛ لأننا منهيون عن ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /798)

وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الحكمة في قسم الله بمخلوقاته بقوله :
" فإن قيل : ما الفائدة من إقسامه سبحانه مع أنه صادق بلا قسم ؛ لأن القسم إن كان لقوم يؤمنون به ويصدقون كلامه فلا حاجة إليه ، وإن كان لقوم لا يؤمنون به فلا فائدة منه ، قال تعالى : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) البقرة / 145 .
أجيب : أن فائدة القسم من وجوه :
الأول : أن هذا أسلوب عربي لتأكيد الأشياء بالقسم ، وإن كانت معلومة عند الجميع ، أو كانت منكرة عند المخاطب ، والقرآن نزل بلسان عربي مبين .
الثاني : أن المؤمن يزداد يقينا من ذلك ، ولا مانع من زيادة المؤكدات التي تزيد في يقين العبد ، قال تعالى عن إبراهيم : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) البقرة / 260
الثالث : أن الله يقسم بأمور عظيمة دالة على كمال قدرته وعظمته وعلمه ، فكأنه يقيم في هذا المقسم به البراهين على صحة ما أقسم عليه بواسطة عظم ما أقسم به .
الرابع : التنويه بحال المقسم به ؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم ، وهذان الوجهان لا يعودان إلى تصديق الخبر ، بل إلى ذكر الآيات التي أقسم بها تنويها له بها وتنبيها على عظمها .
الخامس : الاهتمام بالمقسم عليه ، وأنه جدير بالعناية والإثبات " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /612-613) .
ثانيا :
أما دعوى النصارى أن ديانتهم "المسيحية" لا ترى حاجة إلى القسم ، وإثارتهم بذلك الشبهة على المسلمين ؛ فقد قلنا من قبل : إن لله الأمر من قبل ومن بعد ، وله سبحانه أن يقسم بما شاء ، ويفعل ما يشاء : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) .
لكن مع ذلك ، لا يحق للنصراني أن يعترض هنا ، ويتحدث عن أمر في دينهم ، وفي كتبهم المقدسة عندهم ، وليس صحيحا أن الله لم يقسم في كتبهم بشيء من مخلوقاته .
فلنقرأ ذلك :
( قَدْ أَقْسَمَ الرَّبُّ بِفَخْرِ يَعْقُوبَ : إِنِّي لَنْ أَنْسَى إِلَى الأَبَدِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ ) عاموس 8 : 7
وفي الترجمة المشتركة بين الطوائف المسيحية لنفس الفقرة :
( بجاهِ يَعقوبَ أقسمَ الرّبُّ : لا أنسى عمَلاً مِنْ أعمالِهِم إلى الأبدِ ) .

وهكذا يكون إله البايبل قد أقسم بالسارق والغشاش والزاني ! .. لأن يعقوب سرق النبوة من أخيه "عيسو" (سفر التكوين الإصحاح 27) .. وغش خاله "لابان" في الغنم (سفر تكوين الإصحاح 30 الأعداد [32-43]).. كما أنه كان متزوجا بأكثر من امرأة هما "راحيل" و"ليئة" (وهما أختان !) .. ودخل على جاريتين كانتا لزوجتيه راحيل وليئة وهما "بلهة" و"زلفة" (سفر التكوين الإصحاح 30 العدد 4) و (سفر التكوين الإصحاح 3 الأعداد 9-10) فيعتبر بذلك زانيا بمقياس النصارى ؟!
ونحن المسلمين نجل نبي الله الكريم ، يعقوب عليه السلام ، من إفك الأفاكين ، وكذب الكذابين ، لكننا نقول للقوم :
يرى أحدكم القذاة في عين أخيه ، ولا يرى الجذع في عينه !!
" لا تَدينوا لكي لا تُدانوا ؛ لأنكم بالدينونة التي بها تَدينون : تُدانون ، وبالكيل الذي به تَكيلون : يُكال لكم . ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك ، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟!! أم كيف تقول لأخيك : دعني أخرج القذى من عينك ، وها الخشبة في عينك ؟!!
يا مرائي ؛ أخرج أولا الخشبةَ من عينك ، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك!! " [ إنجيل متى 7/1-5] .

هذا إذا كانت في عين أخيك قذاة ؛ فكيف إذا كانت القذاة في عينك أنت ، فتوهمت ـ لملازمتها لك ـ أن في كل شيء تراه قذاة ؟!!
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا

والله تعالى أعلم .

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 198 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

الهداية أربعة أنواع

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعُ الْفَوَائِدِ‏:‏ الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ‏:‏ أَحَدُهَا‏:‏ الْهِدَايَةُ الْعَامَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْخَلْقِ الْمَذْكُورَةُ فِي قوله تعالى ‏ "‏الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى‏ " ‏ أَيْ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ صُورَتَهُ الَّتِي لَا يَشْتَبِهُ فِيهَا بِغَيْرِهِ، وَأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ شَكْلَهُ وَهَيْئَتَهُ، وَأَعْطَى كُلَّ مَوْجُودٌ خَلْقَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ ثُمَّ هُدَاهُ لِمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ ‏.

قَالَ وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ تَعُمُّ الْحَيَوَانَ الْمُتَحَرِّكَ بِإِرَادَتِهِ إلَى جَلْبِ مَا يَنْفَعُهُ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ ‏.

قَالَ وَلِلْجَمَادِ أَيْضًا هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ، كَمَا أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ هِدَايَةً تَلِيقُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَصُوَرُهَا، وَكَذَلِكَ لِكُلِّ عُضْوٍ هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ، فَهُدَى الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ، وَاللِّسَانِ لِلْكَلَامِ، وَالْعَيْنِ لِكَشْفِ الْمَرْئِيَّاتِ، وَهَلُمَّ جَرًّا ‏.

وَكَذَلِكَ هَدَى الزَّوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ إلَى الِازْدِوَاجِ وَالتَّنَاسُلِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، وَالْوَلَدِ إلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ عِنْدَ وَضْعِهِ، وَمَرَاتِبُ هِدَايَتِهِ سُبْحَانَهُ لَا يُحْصِيهَا إلَّا هُوَ ‏.

الثَّانِي‏:‏ هِدَايَةُ الْبَيَانِ وَالدَّلَالَةِ وَالتَّعْرِيفِ لِنَجْدَيْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَطَرِيقَيْ النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ ‏.

وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْهُدَى التَّامَّ فَإِنَّهَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ، وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْهُدَى مَعَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ‏ "‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏ " ‏ أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ وَأَرْشَدْنَاهُمْ وَدَلَلْنَاهُمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا ‏.

وَمِنْهَا قوله تعالى ‏ "‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏ " ‏
الثَّالِثُ‏:‏ هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلِاهْتِدَاءِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قوله تعالى ‏ "‏يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء‏ " ‏ وَفِي قوله تعالى ‏ "‏إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ‏ " ‏ وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ‏ " ‏ وَفِي قوله تعالى ‏ "‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء‏ " ‏ فَنَفَى عَنْهُ هَذِهِ الْهِدَايَةَ وَأَثْبَتَ لَهُ هِدَايَةَ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ ‏ "‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏ " ‏ ‏.

الرَّابِعُ‏:‏ غَايَةُ هَذِهِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ الْهِدَايَةُ إلَى الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ إذَا سِيقَ أَهْلُهُمَا إلَيْهِمَا ‏.

1‏.
‏ قَالَ تَعَالَى ‏ "‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم‏ " ‏ وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا ‏ "‏الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ‏ " ‏ وَقَالَ فِي حَقِّ أَهْلِ النَّارِ ‏ "‏احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ‏ " ‏
انْتَهَى
كَلَامُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ‏:‏ الْهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بِلُطْفٍ، وَلِذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ ‏.

وَقَوْلُهُ ‏ "‏فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم‏ " ‏ عَلَى التَّهَكُّمِ ‏.

ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدٌّ، لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ‏:‏ الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمُؤْمِنُ الِاهْتِدَاءَ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ ‏.

وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ حَيْثُ قَالَ ‏ "‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ‏ " ‏ وَقَالَ ‏ "‏فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏ " ‏ وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِيَّاهَا عَنَى بِقَوْلِهِ ‏ "‏وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا‏ " ‏ وَقَوْلِهِ ‏ "‏إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ‏ " ‏ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ وَالْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ، وَهَذَا قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِنَيْلِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ ‏ "‏أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ‏ " ‏ وَقَوْلِهِ ‏ "‏وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا‏ " ‏
انْتَهَى
فَالصَّحَابَةُ رضي الله عنهم هُدَاةٌ مَهْدِيُّونَ ‏.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه مَرْفُوعًا ‏ "‏ النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْت أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَتْ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ ‏ " ‏ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ رضي الله عنهم مَرْفُوعًا ‏ "‏ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ ‏ " ‏ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ ‏.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ‏ " ‏ وَالنَّصِيفُ أَحَدُ اللُّغَاتِ الْأَرْبَعِ فِي النِّصْفِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ نِصْفٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا وَنَصِيفٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالْمَعْنَى لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ نَفَقَةَ أَصْحَابِي مُدًّا وَلَا نِصْفَ مَدٍّ لِأَنَّ إنْفَاقَهُمْ كَانَ فِي نُصْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَحِمَايَتِهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ بَعْدَهُ، فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّتَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا، وَأَنَّ فَضِيلَةَ نَفَقَتِهِمْ عَلَى نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ بِاعْتِبَارِ فَضِيلَةِ ذَوَاتِهِمْ، وَفَضْلُ الصَّحَابَةِ مَشْهُورٌ، وَسَعْيُهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَذْلُهُمْ أَنْفُسَهُمْ النَّفِيسَةَ مَأْثُورٌ، وَصِدْقُهُمْ وَمُوَاسَاتُهُمْ وَحُسْنُ صُحْبَتِهِمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَشْكُورٌ

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 419 مشاهدة
نشرت فى 25 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الإيمان متفق عليه
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء لا يأتي إلا بخير متفق عليه وفي رواية لمسلم الحياء خير كله أو قال الحياء كله خير
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان متفق عليه البضع بكسر الباء ويجوز فتحها وهو من الثلاثة إلى العشرة والشعبة القطعة والحضلة والإماطة الإزالة والأذى ما يؤذي كحجر وشوك وطين ورماد وقذر ونحو ذلك
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه متفق عليه قال العلماء حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق وروينا عن أبي القاسم الجنيد رحمه الله قال الحياء رؤية الآلاء أي النعم ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى حياء

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 163 مشاهدة
نشرت فى 23 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed


ذكرت في السؤال رقم 6453 حول العلاقة بين الجنسين ما نصه : " فالمحادثة - بالصوت أو الكتابة - بين الرجل والمرأة في حدِّ ذاته من المباحات ، لكن قد تكون طريقاً للوقوع في حبائل الشيطان  . ومَن علم مِن نفسه ضعفاً ،  وخاف على نفسه الوقوع في مصائد الشيطان ، وجب عليه الكف عن المحادثة ، وإنقاذ نفسه  .ومن ظنَّ في نفسه الثبات واليقين ، فإننا نرى جواز هذا الأمر في حقِّه لكن بشروط " والحمد لله فقد فهمت المقصود إلى هذا الجزء ، لكن أشكل علي الجزء الآخر "1-يجب ألا يسمح بالخروج كثيراً عن الموضوع مثار النقاش ، أو أن يكون لغرض الدعوة إلى الإسلام " .
وسؤالي هو : حسب الشريعة ما هي الأمور التي تعتبر من المواضيع التي يباح الحديث حولها في المقام الأول ؟ مثلاً : نحن نعلم أن الإسلام هو موضوع يجوز الحديث حوله ، لكن ما هي الأمور الأخرى التي يمكننا تناولها في النقاش - إن وُجدت - ؟.


الجواب:

الحمد لله

قد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (1497) ، ومما جاء فيه :

" فالكلام مع المرأة الأجنبية إنما يكون لحاجة ، كاستفتاء وبيع وشراء أو سؤال عن صاحب البيت ونحو ذلك وأن يكون مختصرا دون ريبة لا في موضوعه ولا في أسلوبه .

أمّا حصر الكلام مع المرأة الأجنبية في الأمور الخمسة الواردة في السؤال - وهي : أن يسأل عن حال أسرتها ، والأغراض الطبية ، وفي البيع والشراء ، ولسؤالها للتعرف عليها عند الزواج ، وللدعوة إلى الإسلام - ففيه نظر إذ إنّها قد تصلح للمثال لا للحصر ، بالإضافة إلى الالتزام بالشروط الشرعية في الكلام معها حتى فيما تدعو الحاجة إليه من الدّعوة أو الفتوى أو البيع أو الشراء وغيرها . والله تعالى أعلم "

وفي جواب السؤال رقم ( 1121 ) :

" والمرأة غير ممنوعة من الكلام مع الأجنبي عند الحاجة ، كأن تباشر معه البيع وسائر المعاملات المالية لأنها تستلزم الكلام من الجانبين ، كما أن المرأة قد تسأل العالم عن مسألة شرعية أو يسألها الرجل كما هو ثابت ذلك بالنصوص من القرآن والسنة ، وبهذه الضوابط السابقة يكون كلامها لا حرج فيه مع الرجل الأجنبي . وكذلك يجوز تسليم الرجل على النساء ، والنساء على الرجال على الراجح ، ولكن ينبغي أن يكون هذا السلام خالياً مما يطمع فيه مرضى القلوب ، بشرط أَمن الفتنة ، وملاحظة ما تقدّم من الضوابط .

أما إذا خيفت الفتنة من جرّاء السلام فيحظر سلام المرأة ابتداءً ، وردها للسلام ، لأن دفع الفتنة بترك التسليم دفع للمفسدة ، ودفع المفاسد أولى من جلب المنافع .

يراجع " المفصل في أحكام المرأة " عبد الكريم زيدان ( 3 / 276 ) . والله أعلم

وبهذا يُعلم أننا لا نقصد الكلام العام من غير حاجة ، ولا الإكثار من الكلام الخاص ، بل يكون ذلك بقدر الحاجة للجواب .

والتفصيل في الكلام المباح أو في المسائل الشرعية دون حاجة يؤدي إلى إزالة أو إذابة الحواجز بين الطرفين ، ويجرِّئ كل واحد منهما على الآخر ، وقد يؤدي ذلك إلى ما لا تُحْمَد عقباه .

والله تعالى أعلم .


الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 149 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed



بعض العصاة إذا أنكرنا عليه معصيته قال (أنا حر في تصرفاتي) ؟ فهل هذه الكلمة صحيحة ؟.


الجواب:

الحمد لله

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله ، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدَّعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى . "


مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/81 . (www.islam-qa.com)

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed



ما حكم من يقول : الحكم للشعب والمال للشعب ؟.


الجواب:

الحمد لله

هذه كلمات مخترعة ، ومخترعوها كاذبون في زعمهم ، لا يطبقون ذلك في أنفسهم ، فيتنازلوا للشعب ولا عن رأي واحد من آرائهم ، بل هي نغمة تغرير لإلهاء الشعوب التي تحب التنفس من حكمها الأول لتنخدع بالحكم الثاني ، الذي هو أشقى وأضل سبيلاً .

والحق ؛ أن الشعوب البشرية يجب أن تكون مصونة الكرامة ، نائلة للعدل والحرمة الصحيحة ، لا تساق كالأنعام ، ولكن لا يجوز إطلاق هذه الكلمات على عواهنها ، فالحكم لله الذي يجب أن يكون توجيه الشعب على نور وحيه وحكمه على وفق شريعته ، قال الله تعالى: ( إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) الأنعام/57 . وقال : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50 . لا أن يقول : ( الحكم للشعب ) مَنْ يوجه الشعوب نحو رغباته هو من أصحاب المذاهب المادية والمبادئ الوثنية المخالفة لما أنزل الله ، ويفرض سلطته عليها قهراً تحت شعارات دجلية ماكرة .

كذلك ( مال الله ) يجب صرفه في المصالح العامة ، وحفظ ثغور المسلمين ، والدفاع عن جميع قضاياهم في مشارق الأرض ومغاربها فوق كل شيء ، والقيام بالدعوة إلى الله ، والاستعداد بكل قوة لقمع المفتري عليه أو المعتدي على بعض المسلمين ، وسد حاجة ذوي الحاجات المذكورين في سورة الحشر في قوله تعالى : ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/8-10 .

ويقدم في صرفه ما تدعو الحاجة الضرورية إليه من ذلك ، هكذا يعمل بمال الله ، لا يجوز أن ينتهبه ذو الأنانية ، ولا أن يصرف في البذخ والميوعة والتبذير ، فضلاً عن الفسق والفجور والمسارح والبلاجات الخليعة .

ولا يجوز قطعاً أن يقال ( مال الشعب ) لأنه إذا سُلِّم هذا كان لهم أن يفعلوا ذلك ، وأن يبددوا قسماً كبيراً منه على حفظ سلطانهم والتجسس وشراء الضمائر هذا من جهة – ومن جهة أخرى – فإن الشعب يختلف في القوة والضعف والغنى والفقر والجهل والصلاح والحزم والخمول ، فكيف يكون المال ملكاً للمستغني عنه بثروته أو بقوته أو بعلمه وفنه أو من يجب حرمانه منه لفساده وخبثه ، وما إلى ذلك ؟!

وصدق الله العظيم إذ يقول : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ ) يونس/32 . ولكن راجت هذه الأكاذيب لتعطيل الحكم بالشريعة .

انظر : "الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" ص (55-56) بتصرف يسير .

لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله .

فلا يجوز أن يقال المال مال الشعب ، لأن ذلك معناه أن للشعب أن يتصرف في المال حسب ما يشتهي .

والحق ؛ أن المال مال الله ، وعلى جميع الناس أن ينفقوه كما أمر الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (10/281) عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" بَلْ الْمَالُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ كُلُّهُ هُوَ مَالُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي طَاعَتِهِ ، فَتَجِبُ طَاعَتُهُ فِي قِسْمِهِ كَمَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي سَائِرِ مَا يَأْمُرُ بِهِ ; فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُبَلِّغٌ عَنْ اللَّهِ" اهـ .

وقال عن الأموال التي يأخذها الجنود من بيت المال (25/26) :

" وَأَيْضًا فَهَؤُلاءِ الْجُنْدُ إِنَّمَا هُمْ جُنْدُ اللَّهِ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِبَادَهُ ، وَيَأْخُذُونَ هَذِهِ الأَرْزَاقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى الْجِهَادِ ، وَمَا يَأْخُذُونَهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلسُّلْطَانِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ اللَّهِ يُقَسِّمُهُ وَلِيُّ الأَمْرِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ" اهـ .

وقال أيضاً (28/268) :

" وَلَيْسَ لِوُلاةِ الأُمُورِ أَنْ يَقْسِمُوهَا (يعني أموال بيت المال) بِحَسَبِ أَهْوَائِهِمْ ، كَمَا يَقْسِمُ الْمَالِكُ مِلْكَهُ ; فَإِنَّمَا هُمْ أُمَنَاءُ وَنُوَّابٌ وَوُكَلاءُ لَيْسُوا مُلاكًا ; كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إنِّي - وَاَللَّهِ - لا أُعْطِي أَحَدًا وَلا أَمْنَعُ أَحَدًا ; وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْت) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَنْعُ وَالْعَطَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَالِكُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ ، وَكَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَنْ أَحَبُّوا وَيَمْنَعُونَ مَنْ أَبْغَضُوا ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْسِمُ الْمَالَ بِأَمْرِهِ فَيَضَعُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى" اهـ.


الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed


ما الحكم في أن يقول الزوج لزوجته : يا ماما ؟ هل هذا حرام أو هل يجعل الزوجة محرمة عليه ؟.


الجواب:

الحمد لله

أولاً :

قول الرجل لزوجته أنت أمي أو أختي أو يا ماما يحتمل أن يكون ظهارا ، وألا يكون ، بحسب نيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه .

والغالب أن الزوج يقول مثل هذه الكلمات على سبيل التلطف والتوقير ، فلا يكون ظهارا ، ولا تحرم الزوجة بذلك على زوجها .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/6) : " وإن قال : أنت علي كأمي . أو : مثل أمي . ونوى به الظهار , فهو ظهار , في قول عامة العلماء ، وإن نوى به الكرامة والتوقير فليس بظهار . . .

وهكذا لو قال : أنت أمي , أو : امرأتي أمي " انتهى باختصار .

وسئلت "اللجنة الدائمة" : يقول بعض الناس لزوجته : أنا أخوك وأنت أختي ، فما الحكم ؟

فأجابت : " إذا قال الزوج لزوجته : أنا أخوك أو أنت أختي ، أو أنت أمي أو كأمي ، أو أنت مني كأمي أو كأختي ، فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار ، فليس ما حصل منه ظهارا ، ولا يلزمه شيء .

وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها ، فهي ظهار ، وهو محرم ، وتلزمه التوبة وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/274).

ثانياً :

كره بعض العلماء أن يقول الرجل لامرأته : يا أمي أو يا أختي ، لما روى أبو داود (2210) أَنَّ رَجُلا قَالَ لامْرَأَتِهِ : يَا أُخَيَّةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُخْتُكَ هِيَ ! فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ ) .

والصواب : أنه لا كراهة في ذلك ، وهذا الحديث لا يصح ، فقد ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للرجل أن يقول لزوجته يا أختي بقصد المحبة فقط , أو يا أمي بقصد المحبة فقط .

فأجاب :

" نعم , يجوز له أن يقول لها يا أختي , أو يا أمي , وما أشبه ذلك من الكلمات التي توجب المودة والمحبة , وإن كان بعض أهل العلم كره أن يخاطب الرجل زوجته بمثل هذه العبارات , ولكن لا وجه للكراهة , وذلك لأن الأعمال بالنيات , وهذا الرجل لم ينو بهذه الكلمات أنها أخته بالتحريم والمحرمية , وإنما أراد أن يتودد إليها ويتحبب إليها , وكل شيء يكون سبباً للمودة بين الزوجين , سواء كان من الزوج أو الزوجة فإنه أمر مطلوب " انتهى .

"فتاوى برنامج نور على الدرب" .

والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 343 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed



هل من السنة إذا أراد شخص أن يعمل عملا أو يحدث بكلام وعندما أراد ذلك سبقه غيره فيقال له : عمره أطول من عمرك أي عمر الذي سبق بالكلام أطول من عمر الذي أراد التكلم به فهل هذه المقولة من السنة ؟


الجواب:

الحمد لله

هذا الكلام لا أصل له من السنة فيما نعلم . وكون المقالة أو الخاطرة ترد على ذهن اثنين أو أكثر ، أمر لا غرابة فيه ، ومن تكلم بها أولاً لم يكن هذا دليلا على طول عمره أو قصره .

والله أعلم .

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 150 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

903,873