جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الايمان وأكبر أوصله وأجل قواعده بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين كما أن التصديق أصل كل قول من أقوال الإيمان والدين فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة إما عن محبة محمودة او عن محبة مذمومة كما قد بسطنا ذلك في قاعدة المحبة من القواعد الكبار فجميع الأعمال الايمانية الدينية لا تصدر إلا عن المحبة المحمودة وأصل المحبة المحمودة هي محبة الله سبحانه وتعالى إذ العمل الصادر عن محبة مذمومة عند الله لا يكون عملا صالحا بل جميع الأعمال الإيمانية الدينية لا تصدر إلا عن محبة الله فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا فأشرك فيه غيري فأنا منه برئ وهو كله للذي أشرك وثبت في الصحيح حديث الثلاثة الذين هم اول من تسعر بهم النار القارئ المرائي والمجاهد المرائي والمتصدق المرائي بل إخلاص الدين لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه فهو الذي بعث به الأولين والآخرين من الرسل وانزل به جميع الكتب واتفق عليه أئمة أهل الإيمان وهذا هو خلاصة الدعوة النبوية وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه قال تعالى أول الزمر وأول غافر وأول الجاثية وأول الحقاف تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم أول الزمر إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص والسورة كلها عمتها في هذا المعنى من قوله الزمر قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين إلى قوله الزمر قل الله أعبد مخلصا له ديني إلى قوله أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه
إلى قوله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره الآية إلى قوله الزمر أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون إلى قوله قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون إلى قوله بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وقال تعالى فيما قصه من قصة آدم وإبليس أنه قال ص فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين وقال تعالى الحجر إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وقال النحل إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون فبين أن سلطان الشيطان وإغواءه إنما هو لغير الملخصين ولهذا قال في قصة يوسف وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين وأتباع الشيطان هم أصحاب النار كما قال تعالى ص لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين وقد قال سبحانه و النساء إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهذه الآية في حق من لم يتب ولهذا خصص الشرك وقبل ما سواه بالمشيئة فإنه لا يغفر الشرك لمن لم يتب منه وما دونه يغفره لمن يشاء وأما قوله الزمر قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا فتلك في حق التائبين ولهذا عمم وأطلق وسياق الآية يبين ذلك مع سبب نزولها وقد أخبر سبحانه أن الأولين والآخرين إنما أمروا بذلك في غير موضع كالسورة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره أن يقرأ عليه قراءة إبلاغ وإسماع بخصوصه فقال البينة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء الآية وهذا حقيقة قول لا إله إلا الله وبذلك بعث جميع الرسل قال الله تعالى الأنبياء وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وقال الزخرف واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى النحل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وجميع الرسل افتتحوا دعوتهم بهذا الأصل كما قال نوح عليه السلام الأعراف اعبدوا الله ما لكم من إله غيره وكذلك هود هود وصالح هود وشعيب هود عليهم السلام وغيرهم كل يقول اعبدوا الله ما لكم من إله غيره لا سيما أفضلا الرسل اللذين اتخذ الله كلاهما خليلا إبراهيم ومحمدا عليهما السلام فإن هذا الأصل بينه الله بهما وأيدهما فيه ونشره بهما فإبراهيم هو الإمام الذي قال الله فيه البقرة إني جاعلك للناس إماما وفي ذريته جعل النبوة والكتاب والرسل فأهل هذه النبوة والرسالة هم من آله الذين بارك الله عليهم قال سبحانه الزخرف وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون فهذه الكلمة هي كلمة الإخلاص لله وهي البراءة من كل معبود إلا من الخالق الذي فطرنا كما قال صاحب ياسين ياسين ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون وقال تعالى في قصته بعد أن ذكر ما يبين ضلال من اتخذ بعض الكواكب ربا يعبده من دون الله قال الأنعام فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إلى قوله ولا تخالفون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا وقال إبراهيم الخليل عليه السلام الشعراء أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين وقوله تعالى الممتحنة قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم الآية ونبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي أقام الله به الدين الخالص لله دين التوحيد وقمع به المشركين من كان مشركا من الأصل ومن الذين كفروا من أهل الكتب وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وغيره بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف امري ومن تشبه بقوم فهو منهم وقد تقدم بعض ما أنزل الله عليه من الآيات المتضمنة للتوحيد فقال تعالى والصافات صفا إلى قوله إن إلهكم لواحد إلى قوله إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين إلى قوله أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون إلى ما ذكره من قصص الأنبياء في التوحيد وإخلاص الدين لله إلى قوله سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين وقال تعالى النساء إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتمصوا بالله وأخلصوا دينهم لله وفي الجملة فهذا الأصل في سورة الأنعام والأعراف والنور وطسم وحم وسور المفصل وغير ذلك من السور المكية ومواضع من السور المدنية كثير ظاهر فهو اصل الأصول وقاعدة الدين حتى في سورتي الإخلاص قل يا ايها الكافرون وقل هو الله أحد وهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في صلاة التطوع كركعتي الطواف وسنة الفجر وهما متضمنتان للتوحيد فأما قل يا أيها الكافرون فهي متضمنة للتوحيد العملي الإرادي وهو إخلاص الدين لله بالقصد والإرادة وهو الذي يتكلم به مشايخ التصوف غالبا وأما سورة قل هو الله أحد فمتضمنة للتوحيد القولي العملي كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رجلا كان يقرأ قل هو الله أحد في صلاته فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلوه لم يفعل ذلك فقال لأنها صفة الرحمن فأنا أحبها فقال أخبروه أن الله يحبه ولهذا تضمنت هذه السورة من وصف الله سبحانه وتعالى الذي ينفى قول أهل التعطيل وقول أهل التمثيل ما صارت به هي الأصل المعتمد في مسائل الذات كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع وذكرنا اعتماد الأئمة عليها مع ما تضمنته في تفسير الأحد كما جاء تفسيره عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وما دل على ذلك من الدلائل لكن المقصود هنا هو التوحيد العملي وهو إخلاص الدين لله وإن كان أحد النوعين مرتبطا بالآخر فلا يوجد أحد من اهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة إلا وفيه نوع من الشرك العملي إذ أصل قولهم فيه شرك وتسوية بين الله وبين خلقه أو بينه وبين المعدومات كما يسوى المعطلة بينه وبين المعدومات في الصفات السلبية التي لا تستلزم مدحا ولا ثبوت كمال أو يسوون بينه وبين الناقص من الموجودات في صفات النقص وكما يسوون إذ أثبتوا هم ومن ضاهاهم من الممثلة مساواة بينه وبين المخلوقات في حقائقها حتى قد يعبدونها فيعدلون بربهم ويجعلون له أندادا ويشبهون الملخوق برب العالمين واليهود كثيرا ما يعدلون الخالق بالملخوق ويمثلونه به حتى يصفوا الله بالعجز والفقر والبخل ونحو ذلك من النقائص التي يجب تنزيهه عنها وهي من صفات خلقه والنصارى يعدلون المخلوق بالخالق حتى يجعلوا في المخلوق من نعوت الربوبية وصفات الإلهية ويجوزون له مالا يصلح إلا للخالق سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا والله سبحانه وتعالى قد امرنا أن نسأله الهداية بقوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون وفي هذ الأمة من هؤلاء وهؤلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن والحديث في الصحيحين فإذا كان أصل العمل الديني هو إخلاص الدين لله وحده فالشيء المراد لنفسه هو المحبوب لذاته وهذا كمال المحبة لكن أكثر ما جاء المطلوب مسمى باسم العبادة كقوله الذاريات وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقوله البقرة يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم وأمثال هذا والعبادة تتضمن كمال الحب ونهايته وكمال الذل ونهايته فالمحبوب الذي لا يعظم ولا يذل له لا يكون معبودا والمعظم الذي لا يحب لا يكون معبودا ولهذا قال تعالى البقرة ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله فبين سبحانه ان المشركين الذين يتخذون من دون ألله أندادا وإن كانوا يحبونهم كما يحبون الله فالذين آمنوا أشد حبا لله منهم لله ولأوثانهم لأن المؤمنين أعلم بالله والحب يتبع العلم ولأن المؤمنين جعلوا جميع حبهم لله وحده وأولئك جعلوا بعض حبهم له وأشركوا بينه وبين الأنداد في الحب ومعلوم أن ذلك افضل قال الله تعالى الزمر ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الآية واسم المحبة فيه إطلاق وعموم فإن المؤمن يحب الله ويحب رسله وأنبياءه وعباده المؤمنين وإن كان ذلك من محبة الله وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره فلهذا جاءت محبة الله مذكورة بما يختص به سبحانه من العبادة والإنابة إليه والتبتل له ونحو ذلك فكل هذه الأسماء تتضمن محبة الله سبحانه وتعالى ثم إنه كان بين أن محبته أصل الدين فقد بين أن كمال الدين بكمالها ونقصه بنقصها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله فأخبر أن الجهاد ذورة سنام العمل وهو أعلاه وأشرفه وقد قال تعالى التوبة أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله إلى قوله أجر عظيم والنصوص في فضائل الجهاد وأهله كثيرة وقد ثبت أنه أفضل ما تطوع به العبد والجهاد دليل المحبة الكاملة قال تعالى التوبة قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم الآية وقال تعالى في صفة المحبين المحبوبين المائدة يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم فإن المحبة مستلزمة للجهاد ولأن المحب يحب ما يحب محبوبه ويبغض ما يبغض محبوبه ويوالي من يوالي محبوبه ويعادي من يعاديه ويرض لرضاه ويغضب لغضبه ويأمر بما يأمر به وينهى عما نهى عنه فهو موافق في ذلك وهؤلاء هم الذين يرضى الرب لرضاهم ويغضب لغضبهم إذ هم إنما يرضون لرضاه ويغضبون لما يغضب له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في طائفة فيهم صهيب وبلال لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فقال لهم يا إخوتي هل أغضبتكم قالوا لا يغفر الله لك يا أبا بكر وكان قد مر بهم أبو سفيان بن حرب فقالوا ما أخذت السيوف مأخذها فقال لهم أبو بكر أتقولون هذا لسيد قريش وذكر أبو بكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما تقدم لان أولئك إنما قالوا ذلك غضبا لله لكمال ما عندهم من الموالاة لله ورسوله والمعاداة لأعدائهما ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيما يروى عن ربه لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ولا بد له منه فبين أنه يتردد لأن التردد تعارض إرادتين وهو سبحانه يحب ما يحب عبده ويكره ما يكرهه وهو يكره الموت فهو يكرهه كما قال وأنا أكره مساءته وهو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد أن يموت فسمى ذلك ترددا ثم بين أنه لا بد من وقوع ذلك وهذا اتحاد في المحبوب المرضي المأمور به والمبغض المكروه المنهي عنه وقد يقال له اتحاد نوعي وصفي وليس ذلك اتحاد الذاتين فإن ذلك ممتنع والقائل به كافر وهو قول النصارى والغالية من الرافضة والنساك كالحلاجية ونحوهم وهو الاتحاد المقيد في شيء بعينه وأما الاتحاد المطلق الذي هو قول أهل وحدة الوجود الذين يزعمون أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق فهذا تعطيل للصانع وجحود له وهو جامع لكل شرك فكما أن الاتحاد نوعان فكذلك الحلول نوعان قوم يقولون بالحلول المقيد في بعض الأشخاص وقوم يقولون بحلوله في كل شيء وهم الجهمية الذين يقولون إن ذات الله في كل مكان وقد يقع لبعض المصطلمين من أهل الفناء في المحبة أنه يغيب بمحبوبه عن نفسه وحبه ويغيب بمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته وبموجوده عن وجوده حتى لا يشهد إلا محبوبه فيظن في زوال تمييزه ونقص عقله وسكره أنه هو محبوبه كما قيل إن محبوبا وقع في اليم فألقى المحب نفسه خلفه فقال أنا وقعت فأنت ما الذي أوقعك فقال غبت بك عني فظننت أنك أنا فلا ريب أن هذا خطأ وضلال لكن إن كان هذا لقاء المحبة والذكر من غير أن يحصل عن سبب محظور زال به عقله كان معذورا في زواله فلا يكون مؤاخذا بما يصدر منه من الكلام في هذه الحال التي زال فيها عقله بغير سبب محظور كما قيل في عقلاء المجانين أنهم قوم آتاهم الله عقولا وأحوالا فسلب عقولهم وأبقى أحوالهم وأسقط ما فرض بما سلب وأما إذا كان السبب الذي به زوال العقل محظورا لم يكن السكران معذورا وإن كان لا يحكم بكفره في اصح القولين كما لا يقع طلاقه في أصح القولين وإن كان النزاع فيه مشهورا وقد بسطنا الكلام في هذا وفيمن يسلم له حاله ومن لا يسلم في قاعدة ذلك وبكل حال فالفناء الذي يفضي بصاحبه إلى مثل هذا حال نقاص وإن كان صاحبه غير مكلف ولهذا لم يرد مثل هذا عن الصحابة الذين هم افضل الأمة ولا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان لهؤلاء في صعق موسى نوع تعلق وإنما حدث زوال العقل عند الواردات الإلهية على بعض التابعين ومن بعدهم وإن كانت المحبة التامة مستلزمة لموافقة المحبوب في محبوبه ومكروهه وولايته وعداوته فمن المعلوم أن من أحب الله المحبة الواجبة فلا بد أن يبغض أعداءه ولا بد أن يحب ما يحبه من جهادهم كما قال تعالى الصف إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص والمحب التام لا يؤثر فيه لوم اللائم وعذل العاذل بل ذلك يغريه بملازمة المحبة كما قد اكثر الشعراء في ذلك وهؤلاء هم أهل الملام المحمود وهم الذين لا يخافون من يلومهم على ما يحب الله ويرضاه من جهاد أعدائه فإن الملام على ذلك كثير وأما الملام على فعل ما يكرهه الله أو ترك ما أحبه فهو لوم بحق وليس من ذلك المحمود الصبر على هذا الملام بل الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وبهذا يحصل الفرق بين الملامية الذين يفعلون ما يحبه الله ورسوله ولا يخافون لومة لائم في ذلك وبين الملامية الذين يفعلون ما يبغضه الله ورسوله ويصبرون على الملام في ذلك فصل وإذا كانت المحبة أصل كل عمل ديني فالخوف والرجاء وغيرهما يستلزم المحبة ويرجع إليها فإن الراجي الطامع إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه والخائف يفر من الخوف لينال المحبوب قال تعالى الإسراء أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه الآية وقال البقرة إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ورحمته اسم جامع لكل خير وعذابه اسم لكل شر ودار الرحمة الخالصة هي الجنة ودار العذاب الخالص هي النار وأما الدنيا فدار استدارج فالرجاء وإن تعلق بدخول الجنة فالجنة اسم جامع لكل نعيم وأعلاه النظر إلى وجه الله كما في صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا اهل الجنة إن لكم عند الله موعد يريد أن ينجزكموهن فيقولون ما هو ألم يبيض وجوها ألم يثقل موازيننا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهو الزيادة ومن هنا يتبين زوال الاشتباه في قول من قال ما عبدتك شوقا إلى جنتك ولا خوفا من نارك وإنما عبدتك شوقا إلى رؤيتك فإن هذا القائل ظن هو ومن تابعه أن الجنة لا يدخل في مسماها إلا الأكل والشرب واللباس والنكاح والسماع ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات كما يوافق على ذلك من ينكر رؤية الله من الجهمية أو من يقر بها ويزعم أنه لا تمتع في نفس رؤية الله كما يقوله طائفة من المتفقهة فهؤلاء متفقون على أن مسمى الجنة والآخرة لا يدخل فيه إلا التمتع بالمخلوقات ولهذا قال بعض من غلط من المشايخ لما سمع قوله آل عمران منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة قال فأين من يريد الله وقال آخر التوبة إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة قال إذا كانت النفوس والأموال بالجنة فأين النظر إليه وكل هذا لظنهم أن الجنة لا يدخل فيها النظر والتحقيق أن الجنة هي الدار الجامعة لكل نعيم وأعلى ما فيها النظر إلى وجه الله وهو من النعيم الذي ينالونه في الجنة كما أخبرت به النصوص وكذلك اهل النار فإنهم محجوبون عن ربهم يدخلون النار مع أن قائل هذا القول إذا كان عارفا بما يقول فإنما قصده إنك لو لم تخلق نارا ولو لم تخلق جنة لكان يجب أن تعبد ويجب التقرب إليك والنظر إليك كما قال عمر رضي الله عنه نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه أي هو لم يعصه ولو لم يخفه فإن إجلاله وإكرامه لله يمنعه من معصيته والراجي الخائف إذا تعلق خوفه ورجاؤه بالتعذب باحتجاب الرب عنه والتنعم بتجلية فمعلوم أن هذا من توابع محبته له فالمحبة هي أوجبت محبة التجلي والخوف من الاحتجاب وإن تعلق خوفه ورجاؤه بالتعذب بمخلوق والتنعم به فهذا إنما يطلب ذلك بعبادة الله المستلزمة محبته لله وهي أحلى من كل محبة ولهذا يكون اشتغال أهل الجنة بذلك أعظم من كل شيء كما في الحديث إن اهل الجنة يلهمون التسبيح كما تلهمون وهو يبين غاية تنعمهم بذكر الله ومحبته فالخوف من التعذب بمخلوق والرجاء له يسوقه إلى محبة الله التي هي الأصل وهذا كله ينبني على أصل المحبة فيقال قد نطق الكتاب والسنة بمحبة العباد المؤمنين لله كما في قوله البقرة والذين آمنوا أشد حبا لله وقوله المائدة يحبهم ويحبونه وقوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار بل محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت لمحبة الله كما في قوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وكما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال والله لأنت أحب إلي من نفسي وكذلك محبة صحابته وقرابته كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار وقال لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر وقال علي رضي الله عنه إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وفي السنن أنه قال للعباس والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبونكم لله ولقرابتي يعني بني هاشم وقد روى حديث عن ابن عباس مرفوعا أنه قال أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي لأجلي وأما محبة الرب لعبده فقال تعالى النساءواتخذ الله إبراهيم خليلا وقال تعالى المائدة يحبهم ويحبونه وقال البقرة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين الحجرات وأقسطوا إن الله يحب المقسطين التوبة فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين التوبة فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين الصف إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص آل عمران بلى من أوفى بعهده وأتقى فإن الله يحب المتقين وأما الأعمال التي يحبها الله من الواجبات والمستحبات الظاهرة والباطنة فكثيرة معروفة وكذلك حبه لأهلها وهم المؤمنون أولياء الله المتقون وهذه المحبة حق كما نطق بها الكتاب والسنة والذي عليه سلف الأمة وأئمتها وأهل السنة والحديث وجميع مشايخ الدين وأئمة التصوف أن الله محبوب لذاته محبة حقيقة بل هي أكمل محبة فإنها كما قال تعالى البقرة والذين آمنوا أشد حبا لله وكذلك هو سبحانه يحب ما يحب عباده المؤمنون وما هو في الله محبة حقيقية وأنكر الجهمية حقيقة المحبة من الطرفين زعما منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب محبته وقاسوا به المحبة وكان أول من أحدث هذا في الإسلام الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية فضحى به خالد ابن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق بواسط خطب الناس يوم الأضحى فقال أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم أنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه فكأنه قد أخذ هذا المذهب عنه الجهم بن صفوان فأظهره عليه وإليه أضيف قول الجهمية فقتله سلم ابن أحوز أمير خراسان بها ثم نقل ذلك إلى المعتزلة أتباع عمرو ابن عبيد وأظهر قولهم في زمن الخليفة المأمون حتى امتحن أئمة الإسلام ودعوا إلى الموافقة لهم عن ذلك وأصل هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة من البراهمة والمتفسلفة ومبتدعة أهل الكتاب الذين يزعمون أن الرب ليس له صفات ثبوتية أصلا وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل عليه السلام وهم يعبدون الكواكب ويبنون الهياكل للعقول والنجوم وغيرهما وهم ينكرون في الحقيقة أن يكون إبراهيم خليلا وموسى كليما وأن الخلة هي كمال المحبة المستغرقة للحب كما قيل قد تخللت مسلك الروح مني وبذا سمى الخليل خليلا ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله يعني نفسه وفي رواية إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذ من أهل الأرض خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا وفي رواية إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلح له أن يتخذ من المخلوقين خليلا وأنه لو يكون ذلك لكان احق الناس بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع أنه صلى الله عليه وسلم قد وصف نفسه بأنه يحب أشخاصا كما قال معاذ والله إني لأحبك وكذلك قوله للأنصار وكان زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ابنه أسامة حبه وأمثال ذلك وقال له عمرو بن العاص أي الناس أحب إليك قال عائشة قال فمن الرجال قال أبوها وقال لفاطمة رضي الله عنها ألا تحبين ما أحب قالت بلى قال فأحبي عائشة وقال للحسن اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه وأمثال هذا كثير فوصف نفسه بمحبة الأشخاص وقال إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فعلم أن الخلة أخص من مطلق المحبة بحيث هي من كمالها وتخللها الحب حتى يكون المحبوب بها محبوبا لذاته لا لشيء آخر إذ المحبوب لشيء غيره هو مؤخر في المحبة عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة والمزاحمة لتخللها الحب ففيها كمال التوحيد وكمال الحب وإن الخلة أيضا تنافي المزاحمة وتقدم الغير بحيث يكون المحبوب محبوبا لذاته لا يزاحمه فيها غيره وهذه محبة لا تصلح إلا لله فلا يجوز أن يشركه غيره فيما يستحقه وهو محبوب لذاته وكل ما يحب غيره إذا كان محبوبا بحق فإنما يحب لأجله وكل ما أحب لغيره فمحبته باطلة في الدنيا والدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله تعالى فإذا كانت الخلة كذلك فمن المعلوم أن من أنكر أن يكون الله محبوبا لذاته ينكر مخاللته وكذلك أيضا إن أنكر محبته لأحد من عباده فقد انكر أن يتخذه خليلا بحيث يحب الرب ويحبه العبد على أكمل ما يصلح للعبادة وكذلك تكليمه لموسى أنكروه لإنكارهم أن يقوم به صفة من الصفات أو فعل من الأفعال فكما ينكرون أن يتصف بحياة أو قدرة أو علم أو أن يستوى أو أن يجيء فكذلك ينكرون أن يتكلم أو يكلم فهذا حقيقة قولهم البقرة كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم لكن لما كان الإسلام ظاهرا والقرآن متلوا لا يمكن جحده لمن أظهر الإسلام أخذوا يلحدون في أسماء الله ويحرفون الكلم عن مواضعه فتأولوا محبة العباد له بمجرد محبتهم لطاعته والتقرب إليه وهذا جهل عظيم فإن محبة المتقرب إلى المتقرب إليه تابع لمحبته وفرع عليه فمن لا يحب الشيء لا يمكن أن يحب التقرب إليه إذ التقرب وسيلة ومحبة الوسيلة تبع لمحبة المقصود فيمتنع أن تكون الوسيلة إلى الشيء المحبوب هي المحبوب دون الشيء المقصود بالوسيلة وكذلك العبادة والطاعة إذا قيل في المطاع المعبود إن هذا يحب طاعته وعبادته فإن محبة ذلك تبع لمحبته وإلا فمن لا يحبه لا يحب طاعته وعبادته ومن كان لا يعمل لغيره إلا لعوض يناله منه أو لدفع عقوبة فإنه يكون معارضا له أو مفتديا منه لا يكون محبا له ولا يقال إن هذا يحبه ويفسر ذلك بمحبة طاعته وعبادته فإن محبة المقصود وإن استلزمت محبة الوسيلة أو غير محبة الوسيلة فإن ذلك يقتضي أن يعبر بلفظين محبة العوض والسلامة عن محبة العمل أما محبة الله فلا تعلق لها بمجرد محبة العوض ألا ترى أن من استأجر أجيرا بعضو لا يقال إن الأجير يحبه بمجرد ذلك بل قد يستأجر الرجل من لا يحبه بحال بل من يبغضه وكذلك من افتدى نفسه بعمل من عذاب معذب لا يقال إنه يحبه بل يكون مبغضا له فعلم أن ما وصف الله به عباده المؤمنين من أنهم يحبونه يمتنع أن يكون معناه مجرد محبة العمل الذي ينالون به بعض الأغراض المحبوبة من غير أن يكون ربهم محبوبا أصلا وأيضا فلفظ العبادة متضمن للمحبة مع الذل كما تقدم ولهذا كانت محبة القلب للبشر على طبقات أحدها العلاقة فهو تعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة وهو انصباب القلب إليه ثم الغرام وهو الحب اللازم ثم العشق وآخر المراتب هو التتيم وهو التعبد للمحبوب والمتيم المعبود وتيم الله عبد الله فإن المحب يبقى ذاكرا معبدا مذللا لمحبوبه وأيضا فاسم الانابة إليه يقتضي المحبة أيضا وما أشبه ذلك من الأسماء كما تقدم وأيضا فلو كان الذي قالوه حقا من كون ذلك مجازا لما فيه من الحذف والاضمار فالمجاز لا يطلق إلا بقرينة تبين المراد ومعلوم أن ليس في كتاب الله وسنة رسوله ما ينفي أن يكون الله محبوبا وأن لا يكون المحبوب إلا الأعمال لا في الدلالة المتصلة ولا المنفصلة بل ولا في العقل أيضا فمن علامات المجاز صحة إطلاق نفيه فيجب أن يصح إطلاق القول بان الله لا يحب ولا يحب كما أطلق إمامهم الجعد بن درهم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ومعلوم أن هذا ممتنع بإجماع المسلمين فعلم دلالة الإجماع على أن هذا ليس مجازا بل هي حقيقة وأيضا فقد فرق بين محبته ومحبة العمل له في قوله التوبة أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله كما فرق بين محبته ومحبة رسوله في قوله أحب إليكم من الله ورسوله فلو كان المراد بمحبته ليس إلا محبة العمل لكان هذا تكريرا أو من باب عطف الخاص على العام وكلاهما على خلاف ظاهر الكلام الذي لا يجوز المصير إليه إلا بدلالة تبين المراد وكما أن محبته لا يجوز أن تفسر بمجرد محبة رسوله فكذلك لا يجوز تفسيرها بمجرد محبة العمل وإن كانت محبته تستلزم محبة رسوله ومحبة العمل له وأيضا فالتعبير بمحبة الشيء عن مجرد محبة طاعته لا عن محبة نفسه أمر لا يعرف في اللغة لا حقيقة ولا مجازا فحمل الكلام عليه تحريف محض وقد قررنا في مواضع من القواعد الكبار أنه لا يجوز أن يكون غير الله محبوبا مرادا لذاته كما لا يجوز أن يكون غير الله موجودا بذاته بل لا رب إلا الله ولا إله غيره والإله هو المعبود الذي يستحق أن يحب لذاته ويعظم لذاته كمال المحبة والتعظيم وكل مولود يولد على الفطرة فإنه سبحانه فطر القلوب على أنه ليس في محبوباتها ومراداتها ما تطمئن إليه إلا الله وحده وإن كل ما أحبه المحبوب من مطعوم وملبوس ومنظور وملموس يجد من نفسه وإن قلبه يطلب شيئا سواه ويحب أمرا غيره يتألهه ويصمد إليه ويطمئن إليه ويرى ما يشبهه من هذه الاجناس ولهذا قال الله تعالى في كتابه الرعد ألا بذكر الله تطمئن القلوب وفي الصحيح عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله قال إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما احللت لهم وأمرتهم ان يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا كما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما نتنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة اقرءوا إن شئتم الروم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبيدل لخلق الله ذلك الدين القيم وأيضا فكل ما فطرت القلوب على محبته من نعوت الكمال فالله هو المستحق له على الكمال وكل ما في غيره من محبوب فهو منه سبحانه وتعالى فهو المستحق لأن يحب على الحقيقة والكمال وإنكار محبة العبد لربه هو في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبودا كما أن إنكار محبته لعبده يستلزم إنكار مشيئته وهو يستلزم إنكار كونه ربا خالقا فصار إنكارها مستلزما لإنكار كونه رب العالمين ولكونه إله العالمين وهذا هو قول أهل التعطيل والجحود ولهذا اتفقت الأمتان قبلنا على ما عندهم من مأثور وحكم عن موسى وعيسى أن أعظم الوصايا أن تحب الله بكل قلبك وعقلك وقصدك وهذا هو حقيقة الحنيفية ملة إبراهيم التي هي اصل شريعة التوراة والإنجيل والقرآن وإنكار ذلك هو مأخوذ من مقال الصابئين أعداء إبراهيم الخليل ومن وافقهم على ذلك من متفلسف أو متكلم أو متفقه أخذه عن هؤلاء وظهر ذلك في القرامطة الباطنية من الاسماعيلية ولهذا قال الخليل إمام الحنفاء الشعراء أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين وقال أيضا الأنعام لا احب الآفلين وقال تعالى الشعراء يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وهو السليم من الشرك وأما قولهم إنه لا مناسبة بين المحدث والقديم توجب محبته له وتمتعه بالنظر إليه فهذا الكلام مجمل فإن ارادوا بالمناسبة أنه ليس بوالد فهذا حق وإن أرادوا أنه ليس بينهما من المناسبة ما بين الناكح والمنكوح والآكل والمأكول ونحو ذلك فهذا أيضا حق وإن أرادوا أنه لا مناسبة بينهما توجب أن يكون أحدهما محبا عابدا والاخر معبودا محبوبا فهذا هو رأس المسألة والاحتجاج به مصادرة على المطلوب ويكفي في ذلك المنع ثم يقال بل لا مناسبة تقتضي المحبة الكاملة إلا المناسبة التي بين المخلوق والخالق الذي لا إله غيره الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وحقيقة قول هؤلاء أنهم جحدوا كون الله معبودا في الحقيقة ولهذا وافق على هذه المسألة طوائف من الصوفية المتكلمين الذين ينكرون أن يكون الله محبا في الحقيقة فأقروا بكونه محبوبا ومنعوا كونه محبا لأنهم تصوفوا مع ما كانوا عليه من قول أولئك المتكلمة فأخذوا عن الصوفية مذهبهم في المحبة وإن كانوا قد يخلطون فيه وأصل إنكارها إنما هو قول المعتزلة ونحوهم من الجهمية فأما محبة الرب عبده فهم لها أشد إنكارا ومنكروها قسمان قسم يتأولونها بنفس المفعولات التي يحبها العبد فيجعلون محبته نفس خلقه وقسم يجعلونها نفس إرادته لتلك المفعولات وقد بسطنا الكلام في ذلك في قواعد الصفات والقدر وليس هذا هو موضعها ومن المعلوم أنه قد دل الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة على أن الله يحب ويرضى ما أمر بفعله من واجب ومستحب وإن لم يكن ذلك موجودا وعلى أنه قد يريد وجود أمور يبغضها ويسخطها من الأعيان والأفعال كالفسق والكفر وقد قال الله تعالى البقرة والله لا يحب الفساد وقال تعالى الزمر ولا يرضى لعباده الكفر والمقصود هنا إنما هو في ذكر محبة العباد لله وقد تبين أن ذلك هو أصل أعمال الإيمان ولم يتبين بين أحد من سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان نزاع في ذلك وكانوا يحركون هذه المحبة بما شرع الله أن تحرك به من أنواع العبادات الشرعية كالعرفان الإيماني والسماع الفرقاني قال تعالى الشورى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان إلى آخر السورة ثم أنه لما طال الأمد صار في طائف المتكلمة من المعتزلة وغيرهم من ينكر هذه المحبة وصار في بعض المتصوفة من يطلب تحريكها بأنواع من سماع الحديث كالتغيير وسماع المكاء والتصدية فيسمعون من الأقوال والأشعار ما فيه تحريك جنس الحب الذي يحرك من كل قلب ما فيه من الحب بحيث يصلح لمحب الأوتار والصلبان والاخوان والأوطان والمردان والنسوان كما يصلح لمحب الرحمن ولكن كان الذين يحضرونه من الشيوخ يشترطون له المكان والإمكان والخلان وربما اشترطوا له الشيخ الذي يحرس من الشيطان ثم توسع في ذلك غيرهم حتى خرجوا في ذلك إلى أنواع من المعاصي بل إلى نوعم الفسوق بل خرج فيه طوائف إلى الكفر الصريح بحيث يتواجدون على أنواع من الأشعار التي فيها الكفر والإلحاد مما هو من أعظم أنواع الفساد وينتج ذلك لهم من الأحوال بحسبه كما تنتج لعباد المشركين وأهل الكتاب عباداتهم بحسبها والذي عليه محققوا المشايخ أنه كما قال الجنيد رحمه الله من تكلف السماع فتن به ومن صادفه استراح به ومعنى ذلك أنه لا يشرع الاجتماع لهذا السماع المحدث ولا يؤمر به ولا يتخذ دينا وقربة وأن القرب والعبادات إنما تؤخذ عن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله فإنه لا دين إلا ما شرعه الله قال الله تعلى الشورى أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ولهذا قال آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فجعل محبتهم لله موجبة لمتابعة رسوله وجعل متابعة رسوله موجبة لمحبة الله لهم قال أبي بن كعب رضي الله عنه عليكم بالسبيل والسنة فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة وما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من مخافة الله إلا لم تمسه النار أبدا وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة فاحرصوا أن تكون أعمالكم اقتصادا واجتهادا على منهاج الأنبياء وسنتهم وهذا مبسوط في غير هذا الموضع فلو كان هذا مما يؤمر به ويستحب وتصلح به القلوب للمعبود المحبوب لكان ذلك مما دلت الأدلة الشرعية عليه ومن المعلوم أنه لم يكن في القرون الثلاثة المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن ولا في العراق ولا في مصر ولا في خراسان أحد من أهل الخير والدين يجتمع على السماع المبتدع لصلاح القلوب ولهذا كرهه الأئمة كالإمام احمد وغيره وعده الشافعي من إحداث الزنادقة حين قال خلفت ببغداد شيئا أحدثه الزنادقة يسموه التغيير يصدون به الناس عن القرآن وأما مالا يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهى ولا ذم باتفاق الآئمة ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا على السماع فالمستمع للقرآن يثاب عليه والسامع له من غير قصد لا يثاب على ذلك إذ الأعمال بالنيات وكذلك ما ينهى عن استماعه من الملاهي لو سمعه السامع بدون قصد لم يضره ذلك فلو استمع السامع بيتا يناسب بعض حاله تحرك ساكنه المحمود وأزعج قاطنه المحبوب أو تمثل بذلك ونحو ذلك لم يكن ذلك مما ينهى عنه وإن كان المحمود الحسن حركة قلبه التي يحبها الله ورسوله أو التي تتضمن فعل ما يحبه الله وترك ما يكرهه كالذي اجتاز ببيت فسمع قائلا يقول كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل فأخذ منه إشارة تناسب حاله فإن الاشارة من باب القياس والاعتبار وضرب الأمثال ومسألة السماع كبيرة منتشرة قد تكلمنا عليها في غير هذا الموضع والمقصود ههنا أن المقاصد المطلوبة للمريدين تحصل بالسماع الايماني القرآني النبوي الديني الشرعي الذي هو سماع النبيين وسماع العالمين وسماع العارفين وسماع المؤمنين قال الله تعالى مريم أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم إلى قوله إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا وقال تعالى الإسراء إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله ويزيدهم خشوعا وقال تعالى المائدة وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق وقال تعالى الأنفال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا الآية وقال تعالى الزمر الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم الآية وكما مدح المقبلين على هذا السماع فقد ذم المعرضين عنه في مثل قوله لقمان ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا إلى قوله وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها الآية وقال تعالى الفرقان والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا وقال تعالى الأنفال ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم الآية وقال تعالى فصلت وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون وقال تعالى المدثر فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ومثل هذا كثير في القرآن وهذا كان سماع سلف الأمة وأكابر مشايخها وأئمتها كالصحابة والتابعين ومن بعدهم من المشايخ كإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي سليمان الدراراني ومعروف الكرخي ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشي وامثال هؤلاء وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى الأشعري يا ابا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يسمعون ويبكون وكان أصحاب محمد إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ القرآن والباقي يستمعون وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فجعل يستمع لقراءته وقال لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود وقال مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا أي لحسنته لك تحسينا وقال زينوا القرآن بأصواتكم وقال الله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته أذنا أي استماعا كقوله الانشقاق وأذنت لربها وحقت أي استمعت وقال صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به وقال ليس منا من لم يتغن بالقرآن ولهذا السماع من المواجيد العظيمة والأذواق الكريمة ومزيد المعارف والأحوال الجسيمة مالا يسعه خطاب ولا يحويه كتاب كما أن في تدبر القرآن وتفهمه من مزيد العلم والإيمان مالا يحيط به بيان ومما ينبغي التفطن له أن الله سبحانه قال في كتابه آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال طائفة من السلف أدعى قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الاية قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الآية فبين سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول وأن ابتاع الرسول يوجب محبة الله للعبد وهذه محبة امتحن الله بها أهل دعوى محبة الله فإن هذا الباب يكثر فيه الدعاوى والاشتباه ولهذا يروى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده فقال اسكتوا عن هذه المحبة لا تسمعها النفوس فتدعيها وقال بعضهم من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجيء ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد وذلك لأن الحب المجرد تتبسط النفوس فيه حتى تتسع في أهوائها إذا لم يزعها وازع الخشية لله حتى قالت اليهود والنصارى المائدة نحن أبناء الله وأحباؤه ويوجد في مدعى المحبة من مخالفة الشريعة مالا يوجد في أهل الخشية ولهذا قرن والخشية بها في قوله ق هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود وكان المشايخ المصنفون في السنة يذكرون في عقائدهم مجانبة من يكثر دعوى المحبة والخوض فيها من غير خشية لما في ذلك من الفساد الذي وقع فيه طوائف من المتصوفة وما وقع في هؤلاء من فساد الاعتقاد والأعمال أوجب إنكار طوائف لأصل طريقة المتوصفة بالكلية حتى صار المنحرفون صنفين صنف يقر بحقها وباطلها وصنف ينكر حقها وباطلها كما عليه طوائف من أهل الكلام والفقه والصواب إنما هو الإقرار بما فيه وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة والإنكار لما فيها وفي غيرها من مخالفة الكتاب والسنة وقال تعالى آل عمران قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فاتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع شريعته باطنا وظاهرا هي موجب محبة الله كما أن الجهاد في سبيله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه هو حقيقتها كما في الحديث أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله وفي الحديث من أحب لله وابغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل المحبة وكثير ممن يدعى المحبة هو أبعد من غيره عن ابتاع السنة وعن الأمر بالمعروف وعن النهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ويدعى مع هذا أن ذلك أكمل لطريق المحبة من غيره لزعمه أن طريق المحبة لله ليس فيه غيرة ولا غضب لله وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة ولهذا في الحديث المأثور يقول الله تعالى يوم القيامة اين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي فقوله أين المتحابون بجلال الله تنبيه على ما في قلوبهم من إجلال الله وتعظيمه والتحاب فيه وبذلك يكونون حافظين لحدوده دون الذين لا يحفظون حدوده لضعف الإيمان في قلوبهم وهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتجالسين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتابذلين في والأحاديث في المتحابين لله كثيرة وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه ورجلان تحابا في الله واجتمعا وتفرقا عليه ورجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لاتعلم شماله ما أنفقت يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات نسب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين وأصل المحبة هو معرفة الله سبحانه وتعالى ولها أصلان أحدهما وهو الذي يقال له محبة العامة لأجل إحسانه إلى عباده وهذه المحبة على هذا الأصل لا ينكرها أحد فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وبغض من اساء إليها والله سب
مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك
الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب
ساحة النقاش