إعداد
أحمد السيد كردي
2017م
شاركنا برأيك
تنمية السياحة العربية البينية.
إن عدد السائحين القادمين إلى الدول العربية في تزايد مستمر، وهذا بسبب اتجاه العديد من الدول العربية إلى الاهتمام بقطاع السياحة كأحد بدائل التنمية الاقتصادية، لذا تم تخصيص موارد مالية لتطوير المطارات والموانئ والبنى التحتية لوسائل النقل والفنادق، وصيانة المواقع السياحية، والاهتمام بالأمن والنظافة، وقد شهد قطاع السياحة في الدول العربية نمواً متواصلاً وسريعاً لتستحوذ على حصص متنامية من السياحة الوافدة والإيرادات السياحية. (<!--)
لذا فقد أدركت الدول العربية أهمية الصناعة السياحية وضرورة التعاون المشترك فيها، فأسست "منظمة السياحة العربية" ووقّعت اتفاقيات مشتركة، ووضعت خططاً واستراتيجيات لتنشيط السياحة البينية العربية بما يخدم المصالح المشتركة لكل الدول العربية. (<!--)
هذا, وتمتلك الدول العربية مقومات عدة، تضمن لها في حالة حسن استغلالها تنشيط قطاع السياحة العربية وتنميته، ومن أهم مقومات الوطن العربي قرب المسافة بين الدول العربية، إضافة إلى اللغة الموحدة، وتشابه الخصوصيات والرغبات والأذواق السياحية العربية.(<!--)
(1) مبررات ودوافع تنمية السياحة العربية البينية:
إن من المتطلبات الأساسية والشروط الضرورية لإنجاح السياحة البينية العربية وتنشيطها، مع المحافظة على مصالح كل دولة عربية, ما يلي: (<!--)
<!--وجود إطار قانوني: كي ينجح أي تعاون سياحي عربي لابدّ من أن يكون هناك إطار قانوني يحدد حقوق الدول وواجباتها، ويبين كيفية التعامل مع المستجدات التي قد تطرأ في المستقبل. فلا يمكن أن يبنى التعاون العربي في السياحة على اتفاقيات شفهية أو أعراف قومية. ويشتمل الإطار القانوني على عدد من العناصر، منها: وجود اتفاقيات جماعية، ومواثيق عمل، وتشريعات مشتركة، ومخططات عمل مشتركة.
<!--توافر إطار مؤسسي: إن وجود إطار قانوني بين الدول العربية ووزارات السياحة فيها، لتنمية السياحة البينية العربية وتفعيلها، مهم لتوفير المرجعية القانونية لأي خلاف في الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية، فلذلك توجد هناك حاجة ماسّة إلى إنشاء مؤسسات واتحادات قومية تشرف على تطبيق الاتفاقيات، وتسن تشريعات جديدة، وتعمل على حل الخلافات البينية، وتحفظ لكل دولة حقوقها.
<!--تنمية الاستثمارات المشتركة: المقصود بالاستثمارات المشتركة إقامة مشروعات استثمارية سياحية برؤوس أموال مشتركة من قبل مستثمرين ينتمون إلى الدول العربية. ونجاح التعاون العربي في قطاع السياحة يتوقف على الإنجازات الفعلية ولا يعتمد على الجوانب القانونية والمؤسسية المذكورة أعلاه فقط. فالتعاون السياحي يتطلب وجود استثمارات مشتركة داخل الدول العربية، ولا يتم ذلك إلا من خلال بذل الجهود لتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص على المبادرة في الاستثمار في الفنادق والمنتجعات السياحية والحدائق والمتنزهات العامة.
<!--تفعيل التجارة البينية: إن العنصر المهم في النجاح هو مدى وجود تجارة بينية بين الدول الأعضاء، وهو ما يعكس درجة اعتماد الدول العربية على بعضها بعضاً في توفير ما تحتاج إليه من منتجات وخدمات سياحية، ويتطلب ذلك تسهيل حركة الاستثمارات السياحية المشتركة، وتأسيس المعاهد والكليات الفندقية والسياحية، وتنظيم الدورات التدريبية للعاملين في القطاع السياحي.
<!--تحسين البنية التحتية لأي دولة تتكون من مجموعة من المرافق العامة كالطرق، والمطارات، والموانئ، وشبكات الكهرباء والماء، والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية. وتعدّ البنية التحتية ضرورية جداً بالنسبة إلى المستثمرين نظراً إلى اعتمادهم عليها في عمليات الإنتاج والتصدير والاستيراد.
<!--البيئة التكنولوجية: تتمثل البيئة التكنولوجية في الوسائل الحديثة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتشمل خدمات الهاتف الثابت والنقال، وخدمات الإنترنت. وأهمية البيئة التكنولوجية تزداد يوماً بعد يوم نظراً إلى سرعة انتشارها وإقبال الناس عليها بمختلف أعمارهم وفئاتهم. كام أن القطاع السياحي ليس في غنى عن استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، فاليوم أصبحت الحجوزات ودفع قيمة تذاكر الطائرات والفنادق، تتم عن طريق الإنترنت، وبالتالي فهي جزء مهم لتنمية القطاع السياحي.
<!--القطاع المالي: ويشمل قطاع الخدمات المالية، ولاسيما المصارف، وشركات صرافة العملات الأجنبية. ولا تقل البنية المالية أهمية عن البنية التحتية والبنية التكنولوجية، فالقطاع المالي يعدّ إحدى ركائز تقدم الدول، فسهولة نقل الأموال وحريتها، ووجود شبكات الصراف الآلي في الأماكن العامة والمتنزهات والمطارات، كلها عوامل مساعدة على جذب السياح.
<!--المورد البشري: يُعدّ أهم عنصر في القطاع السياحي؛ لأن عامل الفندق، وموظفي الاستقبال، والمرشد السياحي، أقرب الناس إلى السائح الأجنبي، خلال مدة إقامته في الدولة المستضيفة. فمن الضروري وجود عدد كافٍ من العمالة المؤهلة والمدربة لتنظيم حركة السياح واستقبالهم على المستويات كافة، ويعدّ المورد البشري من أهم العناصر التي يبني عليها المستثمرون قراراتهم، ويختارون الدول التي يمارسون فيها أعمالهم.
(2) اتفاقيات السياحة العربية البينية.
تتعدد صور التعاون العربي في قطاع السياحة حيث بدأت صور التعاون في المجال السياحي بانتشار الاتفاقيات السياحية الثنائية بين عدد كبير من الدول العربية، تحولت بعد ذلك إلى تعاون متعدد الأطراف في إطار جامعة الدول العربية. وفيما يلي نعرض ما تم تحقيقه في جوانب التعاون العربي في قطاع السياحة من أجل دعم السياحة العربية:
تم عقد اجتماعات عربية عدة وتوقيع أكثر من 40 اتفاقية سياحية في إطار ثنائي أو ثلاثي، كان النصيب الأكبر منها لمصر التي عقدت 11 اتفاقية ثنائية مع دول عربية مختلفة. وتعلقت أغلب موضوعاتها بالاستثمار والتعليم والتدريب وتسهيل الإجراءات السياحية والترويج السياحي،... إلخ. (<!--)
كما نظم الاتحاد الدولي للسياحة الإلكترونية EUOTI بالتعاون مع المنظمة العربية للسياحة، والاتحاد الدولي لتكنولوجيا المعلومات للسياحة والسفر IFITT، مؤتمراً دولياً عن السياحة الإلكترونية، ويعتبر أول مؤتمر ينعقد في دولة عربية هي مصر. وقد اهتم المؤتمر بمحاور متعددة، أهمها: تصميم المواقع الإلكترونية وتطويرها، والتسويق السياحي الإلكتروني، ووسائل الدفع عبر الإنترنت، وكيفية زيادة الطلب على المنتجات السياحية عبر الإنترنت، والحكومة الإلكترونية ودورها في تنشيط السياحة. (<!--)
ومن المقررات التي اتخذتها لجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في اجتماعها التاسع والثلاثين بالقاهرة في مصر عام 2014م, ما يلي:
1. في مجال السلامة والأمن: تعزيز التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية والسياحية لحماية القطاع من الأعمال الإرهابية، والاستفادة من الخبرات الإقليمية والعالمية من خلال ورشات عمل وبرامج تدريبية.
2. في مجال تشجيع السياحة العربية البينية: تحديد معوقات النمو والعمل على تذليلها، تعزيز الربط الجوي بين أسواق المصدر والمقاصد، تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات من خلال التنسيق بين الأجهزة المعنية والعمل بنظام النافذة الواحدة، تطوير وتنويع المنتجات السياحية وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز الحملات الإعلامية والترويجية.
3. وفي مجال التسويق: تحديث المواقع الإلكترونية لإدارات السياحة ومحتوياتها بما يتناسب مع متطلبات الأسواق، وتطوير أنشطة التسويق الالكتروني، واستهداف الأسواق الصاعدة، وتبادل الخبرات بين الدول العربية. وبناء عليه تم إطلاق الموقع الإلكتروني للترويج للسياحة المصرية في يونيو 2016 والذي يعمل بـ14 لغة ويتضمن عرض 250 منطقة جذب سياحي في مصر.
(3) تطور حركة السياحة العربية البينية:
في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية في الدول العربية، برزت الحاجة إلى تعزيز السياحة البينية العربية لتبلغ مستويات تقارب نسب السياحة الإقليمية في مختلف مناطق العالم. وقد بذلت هيئات السياحة العربية جهوداً من أجل تنمية القطاع، كما ساعدت الأزمة المالية العالمية على تحول نظرة جزء من السياح العرب إلى الوجهة العربية كبديل أو منافس للسوق السياحية الدولية. والجدول التالي يبين تطور حركة السياحة البينية العربية خلال الفترة 2005-2015م, كما يلي:
الجدول رقم (1):
تطور حركة السياحة البينية العربية خلال الفترة 2005-2011م (الوحدة بالألف)
الـدولة |
2005 |
2007 |
2009 |
2011 |
الأردن |
1847 |
2140 |
2003 |
2027 |
البحرين |
4716 |
3661 |
ــــــــــــــ |
4702 |
تونس |
2366 |
2630 |
2985 |
2501 |
الجزائر |
151 |
172 |
273 |
580 |
سوريا |
2509 |
3600 |
6020 |
ــــــــــــــ |
عمان |
613 |
861 |
307 |
256 |
قطر |
365 |
398 |
ــــــــــــــ |
394 |
لبنان |
437 |
404 |
992 |
804 |
مصر |
1625 |
1960 |
2109 |
2017 |
المغرب |
75 |
90 |
364 |
447 |
السعودية |
5843 |
7526 |
10126 |
14715 |
اليمن |
242 |
260 |
311 |
527 |
المصدر: الدول العربية مؤشرات وأرقام, إدارة الإحصاء وقواعد المعلومات, جامعة الدول العربية, 2005-2011م.
من خلال الجدول أعلاه، يتبين لنا زيادة نسبة السياح العرب، وهذا يدل على تحسن في السياحة البينية، خلال الفترة (2005-2011م) إلا في بعض الفترات التي شهدت فيها بعض الدول أزمات سياسية، كما أن تأثر السياحة البينية العربية بالأزمة المالية لا يبدو واضحاً، فأثرها غير ملموس من خلال عدد السائحين العرب ونسبتهم إلى نسبة السائحين الإجمالية.
نلاحظ أن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد السائحين العرب، إذ بلغ عددهم عام 2011م، ما يفوق 14 مليون سائح عربي، بنسبة مئوية تعادل 70 %. والسبب الأول هو السياحة الدينية، للقيام بالعمرة وزيارة الأماكن المقدسة، والقيام بفريضة الحج. وجاءت البحرين في المرتبة الثانية من حيث عدد السائحين العرب بواقع 4 ملايين سائح عربي عام 2011م، بنسبة تقترب من 75 %. ولعل أكثرهم من السعودية بحكم وجود الطريق الرابط بينهما لتسهيل الحركة والتنقل. بينما لم يتم ترتيب الإمارات ضمن المراتب الأولى لأن أغلب السياح الزائرين للإمارات من دول وجنسيات مختلفة، ولا يقتصرون على العرب فقط.
وتعدّ عمان وقطر والمغرب من أقل الوجهات السياحية العربية، حيث بلغ عدد السائحين العرب 256 ألفاً، و 394 ألفاً، و 447 ألف سائح على التوالي. وهذا ربما لأسباب عدة، منها: عدم معرفة السائح العربي بما تتوافر عليه هذه الدول من خدمات ومنتجات سياحية، إضافة إلى ضعف عمل الهيئات السياحية المحلية لتنشيط السياحة بني الدول العربية، كام أن توجه المغرب منفتح بالدرجة الأولى على أوروبا أكثر من العالم العربي.
وبالنسبة لمصر فهي تتميز بعدد سياح معتبر، إلا أن أغلبهم ليسوا عرباً، فنسبة السائحين العرب في مصر تبقى ضعيفة مقارنة بالسعودية أو البحرين. حيث تبلغ نسبة السياحة البينية العربية في مصر ما يقارب 20% من إجمالي السياح، مقابل نسبة 18 % عام 2007م، وتقوم الحكومة المصرية بجهود ترويجية عدة، كما تعمل على تخفيض أسعار رحلات شركة الخطوط الجوية المصرية، أضافة إلى ذلك انخفاض تكاليف الإقامة والمعيشة في مصر. (<!--)
<!--[if !supportFootnotes]-->
<!--[endif]-->
(<!--) فيصل شياد, "تنمية السياحة العربية البينية: العقبات والحلول", مجلة رؤى استراتيجية, المجلد الثاني, العدد السادس, 2014م, ص 58.
(<!--) مروة عبد التواب محمود, وسوزان بكري حسن, ومصطفي محمود أبو حمد, "تأثير الاستثمار السياحي العربي على حجم السياحة العربية البينية إلى مصر", مجلة كلية السياحة والفنادق, المجلد العاشر, العدد الأول, 2016م, ص 220.
(<!--) فيصل شياد, مرجع سابق, ص 69.
(<!--) فيصل شياد, مرجع سابق, ص 61-63.
(<!--) صندوق النقد العربي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد , أبوظبي, سبتمبر 2008م، ص 229.
(<!--) إبراهيم بختي، "دور تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تنمية قطاع السياحة والفندقة"، مجلة الباحث، جامعة ورقلة، العدد السابع, الجزائر, 2009م، ص 281 .